وقال (عليه السلام): إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى أحَد أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ عَنْهُ سَلَبَتْهُ مَحَاسِنَ نَفْسِهِ .                
وقال (عليه السلام): الرِّزْقُ رِزْقَانِ: طَالِبٌ، وَمَطْلُوبٌ، فَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا طَلَبَهُ الْمَوْتُ حَتَّى يُخْرِجَهُ عَنْهَا،مَنْ طَلَبَ الاْخِرَةَ طَلَبَتْهُ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رِزْقَهُ مِنْهَا.                
وقال (عليه السلام): مَا أَخَذَ اللهُ عَلَى أَهْلِ الْجَهْلِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا حَتَّى أَخَذَ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُعَلِّمُوا.                
وقال (عليه السلام) : مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ .                
وقال (عليه السلام): أَشَدُّ الذُّنُوبِ مَا اسْتَخَفَّ بِهِ صَاحِبُهُ.                
وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                
وقال (عليه السلام): عَلامةُ الاِْيمَانِ أَنْ تُؤثِرَ الصِّدْقَ حَيْثُ يَضُرُّكَ عَلَى الْكَذِبِ حَيْثُ يَنْفَعُكَ،أَنْ يَكُونَ فِي حَديِثِكَ فَضْلٌ عَنْ عِلْمِكَ، وَأَنْ تَتَّقِيَ اللهَ فِي حَدِيثِ غَيْرِكَ.                

Search form

إرسال الی صدیق
إستخدامات كان في نهج البلاغة

علي حسين الخباز

يرتكز النص الخطابي على الواقع للتعبيرعن المكونات الفكرية كقول الامام علي عليه السلام ( أن أفضل الناس عند الله من كان العمل بحق أحب اليه وإن نقصه وكرثه ) وكرثه اشتد عليه الغم بحكم الحق فأن الحزن بالحق مسرة لديه والمسرة بالباطل زهرة ثمرها الغم الدائم وقوله من الباطل متعلق باحب ..... يتمحور الخطاب داخل فحوى الذات باتجاهات موضوعية وليست مشاعر وأحاسيس فقط بل هي رؤى فكرية كقوله عليه السلام ( فأن كان له معنى فيه وإن كان عليه وقف عنه فإن العامل بغير علم كالسائر على غير طريق ) .
ومنها رؤىً شعورية ومبينات إيمانية ترتكز على آيات قرانية وأحاديث نبوية شريفة ومناجاة وحدانية كقوله عليه السلام (فكنت الرجاء للمبتئس والبلاغ للملتمس ندعوك حين قنط الأنام ومنع الغمام وهلك السوام) .
فالمبتئس الذي مسته البأساء والضراء. والبلاغ الكناية. والسوام البهائم.
وعملية سرد الواقع ونقله إلى حيز النص الابداعي يكون لنا اشتغالات ذات حساسية تحمل ارتباطين أولهما: المحتوى الذاتي المتعلق برؤية المبدع وتكوينه كقوله عليه السلام ( فإن أطعتموني فأني حاملكم إن شاء الله على سبيل الجنة وإن كان ذا مشقة شديدة ومذاقة مريرة ) وتمنح مثل هذه الصيرورة فعالية نقل أحداث ماضية إلى معنى الحادث باستخدامات مختلفة ومنها ما هو سلبي وثانيا: العرض الموضوعي للأحداث التي تستحضر لغايات وعظية تسعى لبعث روح الالتزام كقوله عليه السلام (وكان الله على كل شيء مقتدرا، لم يكن أمرؤ منها في حبرة إلا اعقبته بعدها عبرة). وتأتي (عبرة) بالفتح وهي الدمعة قبل ان تغيض أو تردد البكاء في الصدرأو الحزن بلا بكاء.
وتكون هذه السردية قادرة على الكشف والبحث داخل العمق الحدثي وخاصة عندما ترتكز على سردية الكان وتعبر عن زمنية الماضي بعدة أشكال أسلوبية وردت في نهج البلاغة ومنها ما يرد موؤل القصد- مثل قوله عليه السلام (ويزهد فيما كان يرغب فيه أيام عمره ويتمنى ان الذي كان يغبطه بها ويحسده عليها قد حازها دونه).
ومثل هذه المتكئات السردية والتأويلية في الخطابة العربية سائدة ومعروفة يلجأ إليها الواعظ بلغة عرض مباشرة كقوله عليه السلام ( لا يستغني الرجل وأن كان ذا مال عن عشيرته). فبنية الكان تعتبر من المكررات وتكون دلالة من دلالات العالم النفسي السايكلوجي فتظهر ما يحز بالنفس كقوله عليه السلام ( ولقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والاخرى المعاهدة فينتزع حجلها وقـُلبُها وقلائدها ورعاثها).

والمعاهدة هنا هي المرأة الذميَة والحجل خلخالها والقـُلبُ هنا تأتي بالضم ويعني سوارها وإما الرعثات جمع رعثة بالفتح بمعنى القرط ويروى أنها تأتي بضم الراء أيضاً والعين.
وتأتي أحياناً للتأكيد على حالات معينة مؤولة القصد وتحتوي أموراً بلاغية كثيرة كالجناس والسجع والتضادات والطباقات كقوله عليه السلام ( وقد أمرَ منها ما كان حلواً وكدر منها ما كان صفواً ).

وأمر الشيء صار مراً وكدر تعكر وتغير لونه واختلط بما لا يساغ طعمهُ.
وتأتي أحياناً مضارعة وهذا يعني أن المبدع استطاع أن يدفق دلالاته السردية عبر هذه الكان ليضمن الاغراض الابداعية ومنها ما أتت مضارعة وضمير المتكلم مستتر تقديره أنا كقوله عليه السلام ( والله لا أكون كالضبع تنام على طول اللدم ).

واللدم الضرب بشيء ثقيل يسمع صوته ويستخدم لنوم الضبع لكي يصطاد.
ويتعامل بصيغ مختلفة منها ما يأتي بصيغة (كنتم) لجموع المخاطبين كقوله عليه السلام ( كنتم جند المرأة واتباع البهيمة ). وما يأتي بصيغة (كانوا) لجموع الغائبين التي حاول فيها الارتكاز على فاعلية التكرار وجمالية الاشتقاقات اللغوية كقوله عليه السلام ( حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم وليسبقن سابقون كانوا قصروا وليقصرن سباقون كانوا سبقوا ).
واستطاعت هذه الكان التي تبرز لنا الواقع المعاش كجزء من المقارنة. ومن أهم خصوصيات الواقع أن يكون انتقائياً يعتمد على التعدد الأسلوبي في رؤية العالم الخارجي ومثل معطيات هذه القدرة البلاغية نشأت ابتكارية توليدية وأن اعتمدت على عدة بنى ارتكازية عامة ومن هذا كانت خصوصية هذه البلاغة العملاقة.

****************************