وقال (عليه السلام): إِذَا قَدَرْتَ عَلَى عَدُوِّكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكْراً لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ .                
وقال (عليه السلام): لاَ خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ، كَمَا أنَّهُ لاَ خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ.                
وقال (عليه السلام) : مَنِ اتَّجَرَ بِغَيْرِ فِقْه ارْتَطَمَ فِي الرِّبَا .                
وقال (عليه السلام): مَا مَزَحَ امْرُؤٌ مَزْحَةً إِلاَّ مَجَّ مِنْ عَقْلِهِ مَجَّةً.                
وقال (عليه السلام): قَلِيلٌ مَدُومٌ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِير مَمْلُول مِنْهُ.                
وقال (عليه السلام): أَشَدُّ الذُّنُوبِ مَا اسْتَخَفَّ بِهِ صَاحِبُهُ.                
وقال (عليه السلام): النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا.                

Search form

إرسال الی صدیق
إنتاج الدلالة اللغوية في كتاب نهج البلاغة

الدكتور محمد حسن معصومي

الدكتور سيد اكبر غضنفري

الملخص

تتميز اللغة إلىومية بسطحيتها وكونها مستهلكة، فقد أصبحت لكثرة تداول ألفاظها وإستخدامها المتكرر عرضة للصّدأ والتّآكل، الأمر الّذي ساهم في نضوب حيوية اللغة ونفاد خضوبتها، ولاشك أنّ هذه الخصوصية تُعدّ نوعا من الرّكاكة والضعف في بعض جوانب اللغة إلا أنّ هناك فضاءات أوسياقات تنفلت فيها اللغة عن سطحيتها لتزيل هذا الصدأ عن جسدها، فتتحول حينئذٍ إلى كائنٍ يقوم بوظيفة فنية ناشطة ايحائية، وهي تتم عادة عبر كسر المألوف من القول، واستيلاد دلالات جديدة من الألفاظ سواء على المستوى المفردات أوالتراكيب، ومن ثمّ إعادة الحياة إليها وعرضها عرضا يبعث الدهشة؛ ويأتي في هذا السياق كثير من كلمات أمير المؤمنين (عليه السلام) فقد حفلت تلك الكلمات بخروقات لغوية وانحرافات اسلوبية ومداهمات دلإلية تصيب لبّ المعنى دون أن تقع في هوة الفجاجة والتّعسُّف، أما الخروقات والانحرافات الاسلوبية التي أتحفنا بها الامام علي (عليه السلام) فهي تُعيد إنتاج الدلالة اللغوية وبالتإلى تغني القاموس الادبي الإنساني الحافل، وفي هذه المقالة نعالج بعض هذه الانتاجات المبدعة.   

المقدمة

التنوع الخطابي الذي لا حدود له، يدين في إحدي توجّهاته للمنتج الدلالي في حقل اللغة، حيث يتم استيلاء الدلالات على يد المبدعين باستمرار.

أمّا هذه الخدمة الجليلة للغة فيُسديها أصحاب العقول النيرة من قادة الدين والفكر وأمراء الكلام والبيان؛ فهم يعيدون إلى الالفاظ التي هي قوالب المعاني اصالتها وينفثون فيها روحا جديدة، نري نماذج ذلك في بيانات شائقة تداهم الملتقي بما لا يتوقعه من الدلالات.

ومن مصاديق هذا التنوع الخطابي الذي ساهم مساهمة جادّة في الابداع اللغوي ما اصطُلح عليه في النقد الادبي المعاصر بتفجير اللغة، وهو تعبير حديث يُقصد به إضفاء دلالات جديدة على الالفاظ والتراكيب أو وضعها في سياقات غير مألوفة.

كثيرا ما يتمّ ذلك في النتاج الشعري.

يقول أحد النقاد المعاصرين في هذا الشأن: " ذلك لأنّ كلّ لفظة من ألفاظ اللغة لها معنى معجميا هوتاريخها الطويل، هو الجانب العام منها وعندما يعمد الشاعر إلى التعبير عن تفرده وعن خصوصية رؤيته، فإنه لا يجد أمامه إلا تلك الألفاظ بمعانيها المعجمية التي أبلاها فرط الاستعمال إنّ تلك اللغة تحاصره وهولايستطيع أن يتجاوزها أو ينفك عنها، عند ذلك يداورها مداورة فنية ويلجأ إلى وسائل شتّي لإغنائها." ( الدقاق، عمر، ١٩٩٢ : ١٤٩-١٥٠)

أمّا في التراث الشيعي فثمة نماذج رائعة من هذا الانتاج اللغوي، حيث يعد كتاب " نهج البلاغة " أحد أخصب المصادر في هذا الحقل، فقد أنتج الامام علي  (عليه السلام)  في خطب هذا الكتاب ورسائله وقصار حكمه دلالات لغوية ثرة تنم عن عبقريته الفذة.

إنّ الامام (عليه السلام)  قد بثّ من خلال هذه النصوص الفريدة روحا جديدة في الألفاظ حتّى فك عنها شرنقتها التي كانت تلتفّ حولها، مضيفا عليها من خلال هذه العلمية التي تعدّ بحق إنقاذاً للغة، مسحة جمإلية تمتع وتروق بعد أن نفث فيها حياة جديدة.

وحريٌّ بالاشارة أنّ هذا الابداع المنقطع النظير لم يتأت الا عندما توفّر الامام (عليه السلام)  على مخزون روحي ثرّ امتلأ به نفساً ووجداناً، وذلك من منطلق عبودية المطلقة لله - تعالى - حيث جعلته هذه العبودية التامّة ينظر إلى الأشياء نظرة مختلفة، يرى الظواهر في صورة تتفاوت كلياً أو جزئياً مع الصور المنطبعة في نفوس العامة من الناس فكان أن تحوّل الامام(عليه السلام) إلى كائن الهي قادرٍ على التغلغل في جوهر الاشياء بحثاً عن مفاهيم معرفية مبدعة، يستولدها عبر إنتاج للدلالات اللغوية التي نحن بصدد مناقشتها في هذه المقالة، وها هي مختارات منها على مستوى المفردات والتراكيب:

منتجات لغوية مبدعة

بين أيدينا العديد من النماذج الراقية لإنتاج الدلالة اللغوية في نهج البلاغة نستعرض منها اولاً الابداعات المتعلقة بالمفردات اللغوية تليها إبداعات على مستوى التراكيب:

الف) مستوى المفردات:

  1. الغني: تأتي لفظة " الغني" في معناه المعروف الشائع صفة لكلّ من يملك مالاً وفيراً يستغني به عن الآخرين، وفي اللغة: " غِني : كثرة المال، وغَنِيَ : كثر ماله". ( المنجد في اللغة، مادة غني).

وهذا المعنى هوالذي يفهمه العامة من الناس من هذه اللفظة؛ بيد أنّ الامام علي (عليه السلام) يعيد إنتاجها، حيث يستحوذ على رؤية جديدة في تناول اللفظة حين يعتبر " الغني" الحقيقي في إلىأس عمّا في أيدي الناس، عندما يقول: " الغني الأكبر إلىأس ممّا في أيدي الناس".

( نهج البلاغة، الحكمة رقم: ٣٤٢)

٢- لا يأتي هذا الانتاج اللغوي المعرفي من شعور فردي بحت بل هوناهض على ركائز ايمانية موضوعية أرستها الشرائع السّماوية؛ أمّا من الناحية الاجتماعية  فإنه متي ما حصلت لنا قناعة أن " الغني " يكمن في إلىأس من الآخرين، نستطيع أن نصلح شأننا في هذا الجانب الاجتماعي الهام، فإلىأس من المخلوق في الأرزاق وغيرها، والرجاء من الخالق في كلّ شيء، لهو خير وسيلة للفرد في حياة حرة كريمة يتمناها، ومن الواضح أنّ إلىأس عما في أيدي الناس- كما أشرنا- ليس انطباعا شخصيا تشوبه المزاجية، بل هو حقيقة أثبتتها تجارب الحياة إلىومية.

وفي نفس السياق  عرض الإمام (عليه السلام)  في كلمة أخري لمفهومي " الغني والفقر " بقوله: " الغني والفقر بعد العرض على الله ".  ( نهج البلاغة، الحكمة رقم:٤٥٢)

فقد وضع الامام (عليه السلام)  هذين المفهومين خارج مفهومات دنيوية مستهلكة، موسّعاً معناهما عبر كسرٍ للبني الفكرية المادية، حيث عمد إلى معايير مثإلية في حكمه على ظاهرتي الفقر والغني ".

  فيما يتعلّق بالفقر والغني أيضاً يقول الامام (عليه السلام)  في مقام آخر " لا غني كالعقل، ولا فقر كالجهل " (نهج البلاغة، الحكمة رقم:٥٦).

فالعقل نورٌ يهتدي به الانسان وهو بحق أعظم نعمة أسبغها الله - سبحانه وتعالى - على الانسان، فمن أعطي حظه من العقل فاز فوزا عظيما، ومن لم يحظ منه، خلا وفاضه من أية ذخيرة.

عن هذا الإنتاج الدلالي اللغوي للإمام يقول الأديب ايليا حاوي: " الغني هنا بمعنى السعادة والنجاح، والمرء يسعد بعقله ويشقى به، فمن أحسن التفكير، استقامت سيرته وأعماله وقدّر الأشياء أقدارها الحقيقية ولم تغرّر به ولم تتعاظم عليه؛ أما إذا كان جاهلا، فانه فقير كأنه يملك مادّة للسعادة، بل يكون تاعسا واهما تقوى عليه المادة وهو لا يقوى عليها." ( الحاوي،إيليا، ١٣٧٩: ٢/١٢١)

٣.المني : قال(عليه السلام) : " أشرف الغنى ترك المنى" ( نهج البلاغة، الحكمة رقم:٣٤).

يقول ابن ميثم البحراني: " المنى : جمع منية بمعنى التمني، ولمّا كان ذلك رذيلة تلزم عنها رذائل كالشره والحرص ونحوهما، وأقلّها أنها اشتغال عمّا يعني بما لا فائدة فيه، رغّب في تركها بأن فسّر به أشرف الغني حتى جعله هوهو، وظاهرٌ أنّ ترك المنى يستلزم القناعة، واستلزامها للغني النفساني وعدم الحاجة ظاهر". (البحراني، ابن ميثم ١٤٢٧ : ٥/٣٢٠)

لقد أعطى الإمام(عليه السلام) هذه اللفظة قيمتهما الموضوعية، وحقق لهما فاعلية جمإلية خاصة تدخل النص برمته في صلب الدلالة الأدبية التي قال عنها أحد النقاد المعاصرين أنّها " لا تقتصر على معنى كلّ عنصر من العناصر التي تدخل في تكوين العمل الادبي ولا على شبكة العلاقات المتبادلة بينها، بل لابدّ أن تشمل طريقة أدائها لوظائفها وكيفية انتظامها في هذا النسق".( فضل، صلاح، ٢٠٠٢ : ٥)

فالشرف كل الشرف - حسب هذه الرؤية - يتمثل في صفح الذكر عن الأماني الخدّاعة التي لا تكاد تشبع منها النفس، فمن تركها ارتقى إلى ذروة الشرف الرفيع.

  1. على الشعوب المقهورة، بيد أنّ نظام الرّق مع كلّ ما جلب للانسان الحرّ من ويلات وعذابات، سواء في شكله التقليدي أم في شكله الحديث يعدان بسيطين عندما يقاس بهما ظلم الانسان نفسه، فحين يستذل المرء نفسه بلهاثه وراء مشتهيات الدنيا ومفاتنها فإنّه يُسيءُ إلى كرامته التي وهبه الله - سبحانه وتعإلى- وفي كلمة واحدة يحبس نفسه في سجن مظلم لا يكاد يعرف شيئا، فالطامع يقع بسلوكه هذا في وثاق الذّل الذي لا خلاص منها الا عندما يفك قيود إساره من الأطماع الرخيصة.

٥.الغربة: ويقول (عليه السلام) في مقام آخر: " فقد الأحبة غربة " (نهج البلاغة الحكمة رقم :٦٥).

إن توظيف لفظة " الغربة " في مثل هذا السياق يعدّ إنتاجا للدلالة اللغوية، لأنّ الغربة في استعمالها الدارج تطلق على من هجر قومه وعشيرته وظلّ وحيدا في مغتربه لا يكاد يعرف القوم ولايعرفونه، ولمثل هذه الحالة مرارة يقاسيها الانسان في حياته؛ بيد أنّ الامام (عليه السلام) خرق بناء اللغة، حينما وظّف لفظة " الغربة " في سياق جديد أوجدته الشريعة الجديدة، حيث تعطي هذه الشريعة المتلقي شحنات شعورية تتفاوت عما تعودها الناس في رتابتها، وكثرة استعمالها في سياقات مستهلكة؛ فلا عهد للعربي بهذا التوليد الدلالي الجديد الذي يخلق له عالما جديدا ورؤيا جديدة؛ حتى يقف أمامها في حالة إنبهار قد يغير سلوكه ويساهم في إعادة بناء شخصيته التي تكونت من مفاهيم غير حضارية.

٦. الجهل: وقال (عليه السلام) : " الركون إلى الدنيا مع ما تعاين منها، جهل" (نهج البلاغة ، الحكمة رقم:٣٨٤).

المعنى الدارج للفظة " الجهل " في المجتمع العربي هو عدم المعرفة بالشيء، فمن لا يعرف علما أو معنى أو نكتة أوصناعة يطلق عليه الجاهل، لكنها تأتي في أصل اللغة بمعنى الغضب المرادف لمعنى " البغي" وهو التمرد والغضب والعصبية، فهو يقابل إذاً معنى الجهل، قال الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم في معلقته:

ألا ! لا يجهلن أحدٌ علىنا        فنجهل فوق جهل الجاهلينا

(ديوان :المعلقة)

فقد جاءت لفظة " الجهل " في هذا البيت بالمعنى الذي أشرنا إليه وهو الغضب والتمرد.

أما الابداع هنا فيكمن في تطعيم اللفظة معناه الاصيل، وكأنما نفث فيها روحا جديدة، لا هذا فقط وانما جعلها في سياق ملائم الذكي، حيث وظف اللفظة في سياق الحديث عن الدنيا، فالرغبة المفرطة في الدنيا والتشبث بأذيالها هو التمرد وهو البغي بعينه، حيث تحذر شريعة السماء الانسان من الوقوع في أسرها.

٧.القناعة: يقول (عليه السلام) في مقام آخر "القناعة مال لا ينفد" (نهج البلاغة الحكمة رقم : ٥٧) حيث تتحول القناعة وهي بمعنى عدم السعي الحثيثوراء الحظ الأوفر من مقتنيات الدنيا، وترك الحرص على المزيد من الثروات تتحول إلى مفهوم مخالف له وهو نفس امتلاك المال والحظ منه، بفارق هو أن المال ينفد بالانفاق، فيما القناعة لا تنفد طالما يلازمها الانسان في حياته.

هذه النظرة نحو مفهوم " القناعة " نظرة استثنائية فريدة تجعل من هذا المفهوم ظاهرة سلوكية جديدة غير ما يتوقعها العامة من الناس، ومن هنا أيضاً يتولد معنى جديد يغتني به القاموس اللغوي.

٨.التحذير: وفي قوله (عليه السلام) :" من حذّرك كمن بشّرك" (نهج البلاغة الحكمة رقم: ٥٩) هنا يتحول التحذير إلى التبشير.

فمن أمحضك النصح لكي تتورع عن القيام بتصرف سيّء، فإنه في الحقيقة سيكون لك بمثابة رسولُ خيرٍ يهديك إلى الرشد والنجاة، ويصدق عكس ذلك حيث التبشير بأمر يجلب للانسان الخير، لهو عين التحذير ممّا يسبب خراب دنياك وعقباك، وكذلك التحذير ممّا يعوقك عن الوصول إلى ذلك الخير.

ب) على مستوى اللغة المركبة:

جاء ما ناقشناه في الصفحات السابقة على مستوى المفردات من اللغة، أمّا على مستوى اللغة المركبة فثمة نتاجات أدبية شائقة في نهج البلاغة نختار منها النماذج التإلية:

  1. قال الامام (عليه السلام)  ضمن خطبة غرّاء وردت في كتاب نهج البلاغة والتي اشتهرت بخطبة " الشقشقية " قال ضمن كلام أدبي فريد وفي سياق حديثه عن الخلافة وطريقة غصبها" لَشَدَّ ما تَشَطَّرا ضَرْعَيْها! " ( نهج البلاغة، الخطبة رقم:٣) تعريضا لرجلين أخذا بزمام الخلافة قسراً.

لقد بنى الامام (عليه السلام)  ضمن هذا التعبير المبدع صورة رمزية مركبة، تمثيلا لأمر الخلافة وتعريضا لمن تصدّاها دون أن يستحقها وكذلك توجيه النقد إلى الرجلين على أساس انهما ليسا جديرين بأمرها، والتصريح بأحقيته هو في توليها باعتباره أفضل من عرفه المجتمع الاسلامي بعد وفاة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم).

فقد ضاهى - ضمن هذه الصورة المركبة - الخلافة بناقة ذلولة يحرص رجلان على استدرار ضرعيها في جشع غريب، حيث يمسك كلّ واحد منهما ضرعاً من تلك الناقة جاذبا إياه نحوه في شدة ليحصل على نصيب أكبر من لبنها؛ أمّا الناقة فهي مسلوبة الإرادة مستسلمة لمصيرها، كما أن الصورة التمثيلة هذه توحي بأنّ هناك دوافع غير نزيهة وراء حرص الرجلين على الأخذ بزمام الخلافة.

لا غرو أنّ هذا التمثيل يكشف بمهارة فائقة عن حق الامام (عليه السلام)  الذي هضمه الرجلان أمّا أدبياً فلا نغالي لو قلنا أنه لم يسبق أحدُ إلى توليد مثل هذه الصورة التعريضية المبدعة، فهي بحقٍ إنتاج أدبي ممتاز على مستوى التركيب.

  1. وقال (عليه السلام)  ضمن رسالة ردّ فيها على مزاعم معاوية ابن أبي سفيان: " ... وَاَمَّا اسْتِواؤُنا فِي الْحَرْبِ وَالرِّجالِ فَلَسْتَ بِاَمْضي على الشَّكِّ مِنِّي على إلىقينِ، وَلَيْسَ اَهْلُ الشّامِ بِاَحْرَصَ على الدُّنْيا مِنْ اَهْلِ الْعِراقِ على الاْخِرَةِ...." (نهج البلاغة، كتاب رقم:١٧) .

تتمثل إنتاجية هذا القطع من نص كتاب الامام (عليه السلام)  في أسلوب رصف عبارته وترتيبه، حيث تمّ عرض المعنى فيها عرضا بديعا. فانّ هذا الاسلوب يسمو بالنص على مستوى الاستخدام اللغوي المألوف ليتجاوزه إلى تحقيق وظيفة جمإلية هي الامتاع، وهو ما عبر عنه القدماء " بالإطراب" فقد قال ابو حيان التوحيدي: " القصد في الكلام البليغ هوالإطراب بعد الإفهام". ( التوحيدي، ابوحيان، ١٩٤٧: ١٧٠) .

وهذا الإمتاع أو الإطراب هو لغة ثانية داخل اللغة المألوفة، ثمّ هذه اللغة الثانية ملك لمبدع النص لأنها من إنتاجه بوجه خاص . إذاً  الوظيفة الجمالية تساهم في تحقيق إنتاجية النص.

أمّا ابن ميثم البحراني فهو يبين وجه الانتاجية في هذا المقطع من كلام الامام (عليه السلام) بقوله : " .... يقول الامام ما معناه: إنّك في طلبك لما أنت طالبٌ له على شك من إستحقاقه، وأنا على يقين في ذلك، وكلّ من كان في شك من أمره فليس بأمضى في حربه وقيامه عليه ممّن هو على ثقة في أمره، ينتج أنك لست أمضى في أمرك على الشك، منّي على اليقين في أمري" ( البحراني، ابن ميثم، ٤:١٤٢٧/٤٦٦ ).

ثم يضيف قائلاً: " إن أهل الشام يطلبون بقتالهم، الدنيا وأهل العراق يطلبون بقتالهم، الآخرة وليس أهل الشام بأحرص على مطلوبهم من الدنيا من أهل العراق على مطلوبهم من الآخرة"( البحراني،ابن ميثم، ٤:١٤٢٧/٤٦٦ ).

من الملاحظ أن الإنتاجية هنا تعدو المفردات لتصل إلى مستوى التركيب، فالمفردات في النص الذي عالجناه تتجلى اهميتها بمقدار دورها في إنتاجية للتركيب اللغوية.

  1.  وقال الامام (عليه السلام)  واصفاً الدنيا : " مَنْ اَبْصَرَ بِـهـا بَـصَّـرَتْـهُ، وَمَـنْ أبْـصَـرَ إليها أعْـمَـتْـهُ " وذلك ضمن كلام له (عليه السلام)  يقول فيه:" ما اَصِفُ مِنْ دار اَوَّلُها عَناءٌ، وَآخِرُها فَناءٌ، فى حَلالِها حِسابٌ، وَفى حَرامِها عِقابٌ. مَنِ اسْتَغْنى فيها فُتِنَ، وَمَنِ افْتَقَرَ فيها حَزِنَ، وَمَنْ ساعاها فاتَتْهُ،وَمَنْ قَعَدَ عَنْها واتَتْهُ. وَمَنْ أبْصَرَ بِـهـا بَـصَّـرَتْـهُ، وَمَـنْ أبْـصَـرَ إليها أعْـمَـتْـهُ."  ( نهج البلاغة، كلام رقم:٨٢).
  2. لعل الشريف الرضي جامع نهج البلاغة هو أول من ألمح إلى إنتاجية هذا التركيب الفني، حيث عقّب على كلام الامام (عليه السلام)  بقوله:" وإذا تأمّل المتأمّل قوله (عليه السلام) " من أبصر بها بصّرته" وجد تحته من المعنى العجيب والغرض البعيد ما لا تبلغ غايته ولا يدرك غوره؛ لاسيما إذا قرن إليه قوله (عليه السلام) : " ومن أبصر إليها أعمته" فإنه يجد الفرق بين " أبصر بها" و" أبصر إليها" واضحا نيّراً وعجيباً باهراً صلوات الله وسلامه عليه." ( نهج البلاغة، تعقيباً على كلام رقم:٨٢).

فتكمن انتاجية النص - حسب قول الشريف الرضي - في كون الكلام عجيبا وفي كونه بعيد الغرض، كما لاحظ انتاجيته في الرؤية المزدوجة التي نظر المبدع من خلالها نحو العالم، لذلك قال ما معناه: لا يمكن بلوغ غاية هذا التعبير ولا يمكن ادراك عمقه إلا إذا قورن طرف منه بطرف آخر.

أمّا ابن ابي الحديد ينحو منحى آخر في تعقيبه على هذا الكلام فيقول: " نظرت إلى قوله: "من أبصر بها بصّرته ومن أبصر إليها أعمته" فقلت:

دنياك مثل الشمس تدني إﻟﻴ  ***** ك الضوء لكن دعوة المهلك

إن أنت أبصرت إلى نورها ***** تعشَ، وإن تبصر به تدرك

فان قلت: المسموع، أبصرت زيداً ولم يسمع أبصرتُ إلى زيدٍ قلت: يجوز أن يكون قوله(عليه السلام) : من أبصر إليها " أي ومن أبصر متوجّهاً إليها كقوله تعإلى: (فِي تِسعِ آياتٍ إلى فِرعَون) ولم يقل مرسلاً ". ( ابن ابي الحديد، ١٩٨٧: ٣/٢٣٩-٢٤٠) .

أما لغة النص هي الأخرى لها دورها في انتاج الدلالة حيث جاءت هذه اللغة تقريرية " وهي لغة تتجنّب التعويل على استخدام الاستعارات البعيدة التي قد تحتاج إلى إعمال الذهن بشكل لافت كما تميل إلى الوضوح الدلالي والاتكاء أو التعويل على المشترك الإدراكي بين المبدع والمتلقي مما يحقق انسجاماً تاماً بينهما".( ضرغام،عادل، ٢٠٠٩: ١١٨) .

  1. وقال (عليه السلام) وقد مرّ بقذر على مزبلة: " هذا ما بخل به الباخلون" (نهج البلاغة، الحكمة رقم:١٩٥).
  2. تتمثل الإنتاجية البلاغية لهذه الحكمة في ثلاث نقاطٍ هي:

اولا: تتمثل في التبادل الصياغي بين الخبر والإنشاء، حيث يشير هذا التبادل إلى تغيير عميق في مستوى الشعور بالموضوع.

فالامام(عليه السلام) لا يخبر عما شاهده من مأكولات تالفة أو فضلات طعام أوغيرها، بل يبدي أيضا شعوره بالانزعاج والأسف عما يشاهده واستيائه من سلوك أحمق يمارسه البعض، حيث يبخلون بما عندهم من متاع فيضنون به على اشقائهم من ذوي الحاجات، ليرمي في نهاية الأمر فوق المزبلة.

ثانياً: تتمثل السياق الخاص الذي جاء الكلام ضمنه، حيث يكسبه هذا السياق سمة النصية - كما يقول النقاد- وليس ذلك إلا بسبب ما يعتري المتكلم من شعور طاغ يدل على تعامله الحميم مع الموقف، لا هذا فقط بل استدراجه المتلقي وتنشيطه لمشاعره وأحاسيسه تجاه ذاك الموقف.

ثالثاً: تتمثل في السياق أيضا لكن من جهة مختلفة وهو أن التعبير مع كلّ كثافته الاستعمإلية يتسم بالادهاش والغرابة مما يرقى به إلى المستوى الادبي. فليست الكثافة الاستعمإلية للتعابير الكلامية تسلبها قيمتها الادبية دائماً، كما أن تقريرية النص ليست في جميع الحالات يعني كونه إبلاغياً.

فالدهشة الجمإلية التي تصيب المتلقي عندما يواجه تعبير الامام(عليه السلام)  لهو خير دليل على بلاغيته وبالتالي إنتاجيته.

  1. وَمِنْ كَلام لَهُ (عليه السلام) لِلسّائِلِ الشّامِىِّ لَمّا سَاَلَهُ: اَكانَ مَسيرُنا اِلَى الشّامِ بِقَضاء مِنَ اللّهِ وقَدَر؟ بَعْدَ كَلام طَويل هذا مُخْتارُهُ: وَيْحَكَ! لَعَلَّكَ ظَنَنْتَ قَضاءًلازِماً وَقَدَراً حاتِماً؟! وَلَوكانَ ذلِكَ كَذلِكَ لَبَطَلَ الثَّوابُ وَالْعِقابُ، وَسَقَطَ الْوَعْدُ وَالْوَعيدُ. اِنَّ اللّهَ سُبْحانَهُ اَمَرعِبادَهُ تَخْييراً، وَنَهاهُمْ تَحْذيراً، وَكَلَّفَ يَسيراً، وَلَمْ يُكَلِّفْ عَسيراً، وَاَعْطى عَلَى الْقَليلِ كَثيراً، وَلَمْ  يُعْـصَ مَغْلُـوباً ، وَلَمْ  يُطَـعْ مُكْـرِهاً، ولَمْ يُرْسِلِ الاْنْبِياءَ لَعِباً، ولَمْ يُنْزِلِ الْكُتُبَ لِلْعِبادِ عَبَثاً، ولا خَلَقَ السَّمواتِ وَالاْرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً، ذلِكَ ظَنُّ الَّذينَ كَفَرُوا، فَوَيْلٌ لِلَّذينَ كَفَرُوا مِنَ النّارِ. (نهج البلاغة، الحكمة رقم:٧٨) .

إنّ لفظتي القضاء والقدر من أكثر الألفاظ إثارة للجدل والنقاش في اوساط علماء الكلام والفلاسفة، وقد أسال الموضوع الكثير من الحبر – كما يقولون – فما من متكلم أو فيلسوف الا وقد أدلى بدلوه في هذا المجال، ونظَّر له انطلاقا من رؤيته الفلسفية نحو الوجود، بيد أن جواب الامام هذا جاء بمثابة فصل الخطاب.

فقد جاء انتاجه اللغوي إنهاءً لكل ما يقال عن اللفظين حدساً وحديثاً، وإسكاتاً لكل صوت يريد التشدق بالكلام في هذا المجال دونما سلطان.

عموما فانّ الأجوبة المسكتة وما يطلق عليه البلاغيون " اسلوب الحكيم " يمكن اعتبارها منتجاً بلاغياً  ينصب على المضمون بوجه خاص وهو منتج تمكن طاقته الدلإلية في أنه طريقة مخصوصة لاستعمال الكلام " وهو اسلوب يتشكل مع سياق تحاوري، تتمثل حكمته في الفطنة واللباقة في إدارة الحوار بطريقة عقلية أو بمهارة لفظية لإقناع المتلقي والوصول به إلى التسليم بما يرىده المرسل".(البحيري،أسامة، ٢٠٠٠م: ٣٩٨) .

وثمة نماذج رائعة لهذا الاسلوب ورد في نهج البلاغة نكتفي بذكر نموذجين منها:

" وَسُئِلَ (عليه السلام) : كَيْفَ يُحاسِبُ اللّهُ الْخَلْقَ عَلى كَثْرَتِهِمْ؟ فَقالَ: كَما يَرْزُقُهُمْ عَلى كَثْرَتِهِمْ فَقيلَ: كَيْفَ يُحاسِبُهُمْ وَلايَرَوْنَهُ؟ فَقالَ: كَما يَـرْزُقُـهُـمْ ولايَـرَوْنَـهُ. "(نهج البلاغة، الحكمة رقم:٣٠٠)

 " وقيلَ لَهُ (عليه السلام) : لَوسُدَّ عَلى رَجُل بابُ بَيْتِهِ وَتُرِكَ فيهِ، مِنْ اَيْنَ كانَ يَأْتيهِ رِزْقُهُ؟ فَقالَ عليه السَّلامُ: مِنْ حَيْثُ يَأْتيهِ اَجَلُهُ. (نهج البلاغة، الحكمة رقم:٣٥٦).

٨. وَمِنْ كَلام لَهُ (عليه السلام)  قالَهُ لِلْبُرْج بْنِ مُسْهِر الطّائِىّ وقَدْ قالَ لَهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ: لاَ حُكْمَ اِلاّ لِلّهِ، وَكانَ مِنَ الْخَوارِجِ اُسْكُتْ! قَبَّحَكَ اللّهُ يا اَثْرَمُ، فَوَاللّهِ لَقَدْ ظَهَرَ الْحَقُّ فَكُنْتَ فيهِ ضَئيلاً شَخْصُكَ، خَفيّاً صَوْتُكَ، حَتّى اِذا نَعَرَ الْباطِلُ نَجَمْتَ نُجُـومَ قَـرْنِ الْماعِزِ"(نهج البلاغة، كلام رقم: ١٨٣) .

تقوم انتاجية هذا الكلام على دعامتين :

أولاً: على الصور الحية النابضة بالحياة التي أبدعها الامام حينما غضب لله ونهر رجلاً خارجياً ذا تصرف أرعن، حيث راح يحط من شخصيته الهوجاء بادئاً بذكر معيبة جسدانية له، حيث دعا له بآفته " أثرم" وهو ساقط الثنية، انتقاصاً لشخصه؛ فقد تعوّد القوم في إهانة ذوي العاهات بذكر آفاتهم.

ثم صوّر موقفه المتخاذل ضمن عرض قضية الحق والباطل التي ظهرت فيها شخصية الرجل حقيرة مغيرة؛ فقد كان ذا صوت خفي مغمور حينما طلعت شمس الاسلام، عربيداً جاهراً بالسوء حينما قوي موقف الباطل، فقد شبهه الامام في موقفه الأخير بقرن الماعز في سرعة نباته.

ثانياً: تقوم انتاجية الكلام أيضا على تنوع الاسإلىب الكلامية وتتابع النغمات الموسيقية أو الايقاعات؛ فهاتان السمتان تجعلان النص في المستوى الانتاجية، حيث يبدأ النص بلفظة " أسكت" وهي لفظة الأمر الغرض منها التحقير ثم يدعوعلى الرجل بقوله: "قبّحك الله" ينادي به بعد ذلك " يا أثرم" مذكراً إياه بعاهته حطّاً لشأنه فيتطرق إلى أسلوب القسم " فو الله" تأكيداً لما يقوله في شأنه وهو إخبارٌ يرمي إلى إهانته لينهي قوله في النهاية ببناء صورة فنية تعمّق فظاعة ممارسته وانتهازية موقفه.

ملحوظة :

تجدر الاشارة أنه قد يصعب علينا احيانا التعامل الوجداني الحر والاسترسال مع كلمات حادة وتقريعية كهذه التي وردت في كلام الامام(عليه السلام) ، بيد أننا حينما نجعلها في سياقاتها الخاصة بها، وحين نعاقر النص معاقرة دلإلية تزول هذه الصعوبة في التعامل، فمثل هذا النص الذي أبدعه الامام(عليه السلام)لا يمكن قراءته قراءة صحيحة الا من خلال جعلها في سياقات ثلاثة هي: السياق العاطفي والسياق الثقافي وسياق الموقف.

فالسياق العاطفي – على سبيل المثال – هو" الذي يحدّد درجة الانفعال قوة وضعفاً.

فالكلمات ذات الشحنة التعبيرية القوية ترد حين يكون الحديث عن أمر فيه غضب وانفعال شديد".( عون،نسيم، ٢٠٠٥: ١٦٠) .

وفي ضوء هذا التفسير وفي ضوء قراءتنا للسياق الثقافي للمجتمع العربي وسياق الموقف المتمثل في حركة الخوارج الانفصالية التي الحقت اضرارا جساما بالأمة،  نستطيع تبرير استخدام تعابير النص من امثال " يا أثرم" و" قبّحك الله " و" ضئيلا شخصك " و" نجمك نجوم قرن الماعز".

  1. وَقالَ (عليه السلام)  لِبَعْضِ اَصْحابِهِ: لاتَجْعَلَنَّ اَكْثَرَ شُغْلِكَ بِاَهْلِكَ ووَلَدِكَ، فَاِنْ يَكُنا َهْلُكَ وَوَلَدُكَ اَوْلِياءَ اللّهِ فَاِنَّ اللّهَ لايُضيعُ اَوْلِياءَهُ، وَانْ يَكُونُوا اَعْداءَ اللّهِ فَما هَمُّكَ وَشُغْلُكَ بِاَعْداءِ اللّهِ؟! " (نهج البلاغة، الحكمة رقم: ٣٥) .

ترتكز الانتاجية في هذا النص على الجانب النفسي، حيث هو الجانب الأبرز ومعلوم أنّ هذا الجانب يتعلق بالمادة، فاذا كان الشكل يعتبر عادة مدارالنقاش الدلالي الأدبي ويأتي المضمون في المرتبة الثانية لكن هنا يكتسب النص جمالية شكله من جمإلية مضمونه العرفاني؛ وأمّا هذه الجمالية تنشأ من كونها تكسر المألوف من العادات والرؤى كما في معظم نتاجات الامام(عليه السلام) .

لا شك أن أبناء الدنيا ينصب اهتمامهم بالأهل والولد وهذا الاهتمام قد يرقى احيانا إلى مستوى الهمّ الرئيس في الحياة، فتتحول القضية إلى الشغل الشاغل ولا يأتي ذلك إلا حين يحذف ربّ العالمين من معادلات الحياة المادية. فالامام (عليه السلام) يضع معادلة نفسية جديدة يمكن اعتبارها نسخة شافية لأدواء الآدميين ممن تحشر هموم الحياة المادية نفوسهم وعقولهم.

فاذا كان أهلك من اولياء الله وأحبّاءه فكيف يمكن للولي والمحب أن يترك من يوإليه ويحبه أو يضيعه ويدعه فريسة لهموم الحياة وويلاتها! اما إذا كانوا من اعداء الله فلا يقوى أحد أن يستجلب لهم السعادة ويوفّر لهم الدعة والراحة حتى ولو أهلك نفسه في سبيل ذلك.

يمثل كلام الامام إذاً جوهر الأدب الاسلامي وهو ادب " يتأسس على العقيدة الاسلامية وما تتضمنه من تصور للوجود ويسعى لتمثلها في ما يصدر عنه سواء على مستوى القضايا والاهتمامات أو على مستوى الشكل واللغة والقيم الجمالية عموماً "( الرويلي ميجان والبازعي سعد، ٢٠٠٧ : ٢٥) .

وأخيراً نقول أنّ هناك مجال واسع لطرح ومناقشة ابعاد " إنتاج الدلالة اللغوية" لا في نهج البلاغة فحسب وإنّما في النصوص الاسلامية برمتها، حيث يمثلها أدب الاعجاز في القرآن وأدب الكمال في أقوال العترة الطاهرة.

****************************