أويس كريم محمد
بسم الله الرحمن الرحيم
كان من أهم أهداف الإمام (ع) التي عمل لتحقيقها: القضاء على الظواهر المرضية التي حلت في الدولة الإسلامية ابان حكم الخلفاء الثلاثة والتي كان أهمها :
أ - في جسم الخلافة الإسلامية :
١ - ظاهرة البدعة والانحراف عن بعض ما أنزل الله تعالى في قرآنه الكريم أو أمر به الرسول الأمين :
(مخاطبا عثمان): فاعلم أن أفضل عباد الله عند الله إمام عادل، هدي وهدى، فأقام سنة معلومة، وأمات بدعة مجهولة، وإن السنن لنيرة، لها أعلام، وإن البدع لظاهرة، لها أعلام، وإن شر الناس عند الله إمام جائر ضل وضل به، فأمات سنة مأخوذة، وأحيا بدعة متروكة... (ك ١٦٤).
وأخذوا بالبدع دون السنن، وأرز المؤمنون، ونطق الضالون المكذبون (خ ١٥٤).
ولكن لنرد المعالم من دينك، ونظهر الاصلاح في بلادك، فيأمن المظلومون من عبادك، وتقام المعطلة من حدودك (ك ١٣١).
واعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه، ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه، ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه، فالتمسوا ذلك من عند أهله (ح ١٤٧).
فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الاسلام، يدعون إلى محق دين محمد (ص) فخشيت إن لم أنصر الاسلام وأهله أن أرى فيه ثلما أو هدما (ر ٦٢).
فلما أفضت إلي نظرت إلى كتاب الله وما وضع لنا، وأمرنا بالحكم فاتبعته، وما استن النبي (ص) فاقتديته (ك ٢٠٥).
وإن الآفاق قد أغامت، والمحجة قد تنكرت (ك ٩٢).
فأرادوا رد الأمور على أدبارها، ولكم علينا العمل بكتاب الله تعالى وسيرة رسول الله (ص) والقيام بحقه، والنعش لسنته (خ ١٦٩).
قد طلع طالع، ولمع لامع، ولاح لائح، واعتدل مائل، واستبدل الله بقوم قوما، وبيوم يوما، وانتظرنا الغير انتظار المجدب المطر (خ ١٥٢).
وقد كانت أمور مضت ملتم فيها ميلة، كنتم فيها عندي غير محمودين، ولئن رد عليكم أمركم إنكم لسعداء، وما علي إلا الجهد (خ ١٧٨).
ألا وإن بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيه (ص) والذي بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة، ولتغربلن غربلة، ولتساطن سوط القدر، حتى يعود أسفلكم أعلاكم، وأعلاكم أسفلكم، وليسبقن سابقون كانوا قصروا، وليقصرن سباقون كانوا سبقوا (خ ١٦).
٢ - ظاهرة تعظيم الخليفة والثناء عليه أمامه، وتهيبه في الحق :
(خطب عليه السلام بصفين فأجابه رجل من أصحابه بكلام طويل، يكثر فيه الثناء عليه، ويذكر سمعه وطاعته له، فقال عليه السلام):... وإن من أسخف حالات الولاة عند صالح الناس، أن يظن بهم حب الفخر، ويوضع أمرهم على الكبر، وقد كرهت أن يكون جال في ظنكم أني أحب الإطراء، واستماع الثناء، ولست بحمد الله كذلك، ولو كنت أحب أن يقال ذلك لتركته انحطاطا لله سبحانه عن تناول ما هو أحق به من العظمة والكبرياء.. وربما استحلى الناس الثناء بعد البلاء، فلا تثنوا علي بجميل ثناء، لإخراجي نفسي إلى الله سبحانه وإليكم من التقية في حقوق لم أفرغ من أدائها، وفرائض لا بد من إمضائها، فلا تكلموني بما تكلم به الجبابرة، ولا تتحفظوا مني بما يتحفظ به عند أهل البادرة، ولا تخالطوني بالمصانعة، ولا تظنوا بي استثقالا في حق قيل لي، ولا التماس إعظام لنفسي، فإنه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه، كان العمل بهما أثقل عليه، فلا تكفوا عن مقالة بحق، أو مشورة بعدل، فإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ، ولا آمن ذلك من فعلي، إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني (خ ٢١٦).
وقال عليه السلام، وقد لقيه عند مسيره إلى الشام دهاقين الأنبار، فترجلوا له واشتدوا بين يديه فقال: - ما هذا الذي صنعتموه فقالوا: خلق منا نعظم به أمراءنا فقال: والله ما ينتفع بهذا أمراؤكم وإنكم لتشقون على أنفسكم في دنياكم، وتشقون به في آخرتكم، وما أخسر المشقة وراءها العقاب، وأربح الدعة معها الأمان من النار (ح ٣٧).
فصيرها في حوزة خشناء، ويغلط كلمها، ويخشن مسها (خ ٣).
(وأقبل حرب يمشي معه، وهو عليه السلام راكب، فقال عليه السلام): ارجع، فإن مشي مثلك مع مثلي فتنة للوالي، ومذلة للمؤمن (ح ٣٢٢).
٣ - ظاهرة اهتمام الخليفة بحياته المعيشية الخاصة على حساب الأمة:
إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه... إلى أن... وكبت به بطنته (خ ٣).
قال: يا أمير المؤمنين، هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك قال: ويحك، إني لست كأنت، إن الله تعالى فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس، كيلا يتبيغ بالفقير فقره (ك ٢٠٩).
والله لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها، ولقد قال لي قائل: ألا تنبذها عنك فقلت: اعزب عني، فعند الصباح يحمد القوم السرى (خ ١٦٠).
ألا وإن لكل مأموم إماما، يقتدي به ويستضئ بنور علمه، ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه... فو الله ما كنزت من دنياكم تبرا، ولا ادخرت من غنائمها وفرا، ولا أعددت لبالي ثوبي طمرا، ولا حزت من أرضها شبرا، ولا أخذت منه إلا كقوت أنان دبرة... ولو شئت لاهتديت الطريق، إلى مصفى هذا العسل، ولباب هذا القمح، ونسائج هذا القز، ولكن هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة - ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشبع، أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى، وأكباد حرى أو أكون كما قال القائل:
وحسبك داء أن تبيت ببطنة * وحولك أكباد تحن إلى القد أأقنع من نفسي بأن يقال: هذا أمير المؤمنين، ولا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش (ر ٤٥).
والله لأن أبيت على حسك السعدان مسهدا، أو أجر في الأغلال مصفدا، أحب إلي من أن ألقى الله ورسوله يوم القيامة ظالما لبعض العباد، وغاصبا لشيء من الحطام، وكيف أظلم أحدا لنفس يسرع إلى البلى قفولها، ويطول في الثرى حلولها (ك ٢٢٤).
٤ - ظاهرة المساومة والمداهنة والمصانعة في تنفيذ حكم الله تعالى:
واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب (ك ٩٢).
وإني لمن قوم لا تأخذهم في الله لومة لائم (خ ١٩٢).
فإن أنتم لم تستقيموا لي على ذلك، لم يكن أحد أهون علي ممن اعوج منكم، ثم أعظم له العقوبة، ولا يجد عندي فيها رخصة (ر ٥٠).
وليس أمري وأمركم واحدا، إني أريدكم لله، وأنتم تريدوني لأنفسكم (ك ١٣٦).
وإني لعالم بما يصلحكم، ويقيم أودكم، ولكني لا أرى إصلاحكم بإفساد نفسي (ك ٦٩).
الذليل عندي عزيز حتى آخذ الحق له، والقوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه (ك ٣٧).
عجبا لابن النابغة يزعم لأهل الشام أن في دعابة، وأني امرؤ تلعابة: أعافس وأمارس... أما والله إني ليمنعني من اللعب ذكر الموت، وإنه ليمنعه من قول الحق نسيان الآخرة (خ ٨٤).
وقال له طلحة والزبير: نبايعك على أنا شركاؤك في هذا الأمر، فقال عليه السلام: لا، ولكنكما شريكان في القوة والاستعانة، وعونان على العجز والأود (ح ٢٠٢).
٥ - ظاهرة تفضيل القربى والمعارف على عامة الناس:
إلى أن قام ثالث القوم... وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع (خ ٣).
والله لقد رأيت عقيلا وقد أملق حتى استماحني من بركم صاعا، ورأيت صبيانه شعث الشعور، غبر الألوان من فقرهم، كأنما سودت وجوههم بالعظلم، وعاودني مؤكدا، وكرر علي القول مرددا، فأصغيت إليه سمعي، فظن أني أبيعه ديني، وأتبع قياده مفارقا طريقتي، فأحميت له حديدة، ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها، فضج ضجيج ذي دنف من ألمها، وكاد أن يحترق من ميسمها، فقلت له: ثكلتك الثواكل، يا عقيل أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبه، وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه أتئن من الأذى ولا أئن من لظى (ك ٢٢٤).
(في عثمان): استأثر فأساء الأثرة (ك ٣٠).
٦ - ظاهرة قبول الرشوة:
وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها، ومعجونة شنئتها، كأنما عجنت بريق حية أو قيئها، فقلت: أصلة، أم زكاة، أم صدقة فذلك محرم علينا أهل البيت فقال: لا ذا ولا ذاك، ولكنها هدية، فقلت: هبلتك الهبول أعن دين الله أتيتني لتخدعني أمختبط أنت أم ذو جنة أم تهجر والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها، على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت (ك ٢٢٤).
ب الظواهر المرضية في اقتصاد الدولة الإسلامية، التي أحدثها الخلفاء الثلاثة بسبب سوء سياستهم الاقتصادية :
١ - ظاهرة التفريق أو عدم التسوية في العطاء:
ومن كلام له عليه السلام لما عوتب على التسوية في العطاء وتصييره الناس أسوة في العطاء من غير تفضيل أولي السابقات والشرف: أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه والله لا أطور به ما سمر سمير، وما أم نجم في السماء نجما ولو كان المال لي لسويت بينهم، فكيف وإنما المال مال الله ألا وإن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف، وهو يرفع صاحبه في الدنيا، ويضعه في الآخرة، ويكرمه في الناس، ويهينه عند الله، ولم يضع امرؤ ماله في غير حقه وعند غير أهله إلا حرمه الله شكرهم، وكان لغيره ودهم، فإن زلت به النعل يوما فاحتاج إلى معونتهم فشر خليل، وألأم خدين (ك ١٢٦).
(إلى عامله على المدينة): أما بعد، فقد بلغني أن رجالا ممن قبلك يتسللون إلى معاوية... وعلموا أن الناس عندنا في الحق أسوة، فهربوا إلى الأثرة، فبعدا لهم وسحقا (ر ٧٠).
ولكنني آسى أن يلي أمر هذه الأمة سفهاؤها وفجارها، فيتخذوا مال الله دولا... (ر ٦٢).
(مخاطبا طلحة والزبير): وأما ما ذكرتما من أمر الأسوة، فإن ذلك أمر لم أحكم أنا فيه برأيي، ولا وليته هوى مني، بل وجدت أنا وأنتما ما جاء به رسول الله (ص) قد فرغ منه (ك ٢٠٥).
إن بني أمية ليفوقونني تراث محمد (ص) تفويقا، والله لئن بقيت لهم لأنفضنهم نفض اللحام الوذام التربة (ك ٧٧).
٢ - ظاهرة نشوء إقطاعيين كبار بسبب إغداق الخلفاء المال والقطائع عليهم:
(فيما رده على المسلمين من قطائع عثمان): والله لو وجدته قد تزوج به النساء، وملك به الإماء لرددته، فإن في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق (ك ١٥).
ج - الظواهر المرضية في الأجهزة الإدارية :
١ - فساد معظم الولاة أو عدم كفاءتهم، فعزلهم الامام (ع) وولى غيرهم :
قالوا: صاحب رسول الله (ص) رآه، وسمع منه، ولقف عنه، فيأخذون بقوله، وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك، ووصفهم بما وصفهم به لك، ثم بقوا بعده، فتقربوا إلى أئمة الضلالة، والدعاة إلى النار بالزور والبهتان، فولوهم الأعمال، وجعلوهم حكاما على رقاب الناس، فأكلوا بهم الدنيا (ك ٢١٠).
فليست تصلح الرعية إلا بصلاح الولاة، ولا تصلح الولاة إلا باستقامة الرعية (خ ٢١٦).
ولكنني آسى أن يلي أمر هذه الأمة سفهاؤها وفجارها، فيتخذوا مال الله دولا، وعباده خولا، والصالحين حربا، والفاسقين حزبا، فإن منهم الذي قد شرب فيكم الحرام، وجلد حدا في الاسلام، وإن منهم من لم يسلم حتى رضخت له على الاسلام الرضائخ (ر ٦٢).
(إلى معاوية): فإنك مترف، قد أخذ الشيطان منك مأخذه، وبلغ فيك أمله، وجرى منك مجرى الروح والدم، ومتى كنتم يا معاوية ساسة الرعية، وولاة أمر الأمة بغير قدم سابق، ولا شرف باسق (ر ١٠).
(إلى معاوية): وأما طلبك إلي الشام، فإني لم أكن أعطيك اليوم ما منعتك أمس (ر ١٧).
وأقرب بقوم من الجهل بالله قائدهم معاوية، ومؤدبهم ابن النابغة (خ ١٨٠).
(في عمرو بن العاص): إنه ليقول فيكذب، ويعد فيخلف، ويسأل فيبخل، ويسأل فيحلف، ويخون العهد، ويقطع الإل، فإذا كان عند الحرب فأي زاجر وآمر هو ما لم تأخذ السيوف مآخذها، فإذا كان ذلك كان أكبر مكيدته أن يمنح القوم سبته (خ ٨٤).
وقد علمتم أنه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء والمغانم والأحكام وإمامة المسلمين البخيل، فتكون في أموالهم نهمته، ولا الجاهل فيضلهم بجهله، ولا الجافي فيقطعهم بجفائه ولا الحائف للدول فيتخذ قوما دون قوم، ولا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق، ويقف بها دون المقاطع، ولا المعطل للسنة فيهلك الأمة (ك ١٣١).
٢ - ظاهرة عدم محاسبة الولاة على تفريطهم وانحرافهم:
(إلى زياد بن أبيه):
وإني أقسم بالله قسما صادقا، لئن بلغني أنك خنت من فيء المسلمين شيئا صغيرا أو كبيرا، لأشدن عليك شدة تدعك قليل الوفر، ثقيل الظهر، ضئيل الأمر والسلام (ر ٢٠).
(إلى زياد أيضا):
فدع الإسراف مقتصدا، واذكر في اليوم غدا، وأمسك من المال بقدر ضرورتك، وقدم الفضل ليوم حاجتك، أترجو أن يعطيك الله أجر المتواضعين وأنت عنده من المتكبرين وتطمع - وأنت متمرغ في النعيم، تمنعه الضعيف والأرملة - أن يوجب لك ثواب المتصدقين وإنما المرء مجزي بما أسلف، وقادم على ما قدم والسلام (ر ٢١).
(إلى عبد الله بن عباس):
وقد بلغني تنمرك لبني تميم، وغلظتك عليهم، وإن بني تميم لم يغب لهم نجم إلا طلع لهم آخر، وإنهم لم يسبقوا بوغم في جاهلية ولا إسلام، وإن لهم بنا رحما ماسة، وقرابة خاصة، نحن مأجورون على صلتها، ومأزورون على قطيعتها (ر ١٨).
(إلى بعض عماله):
أما بعد، فإن دهاقين أهل بلدك شكوا منك غلظة وقسوة، واحتقارا وجفوة، ونظرت فلم أرهم أهلا لأن يدنوا لشركهم، ولا أن يقصوا ويجفوا لعهدهم، فالبس لهم جلبابا من اللين تشوبه بطرف من الشدة، وداول لهم بين القسوة والرأفة، وامزج لهم بين التقريب والإدناء، والإبعاد والإقصاء (ر ١٩).
(إلى بعض عماله):
أما بعد، فقد بلغني عنك أمر إن كنت فعلته، فقد أسخطت ربك، وعصيت إمامك، وأخزيت أمانتك، بلغني أنك جردت الأرض فأخذت ما تحت قدميك، وأكلت ما تحت يديك، فارفع إلي حسابك، واعلم أن حساب الله أعظم من حساب الناس كأنك - لا أبا لغيرك - حدرت إلى أهلك تراثك من أبيك وأمك، فسبحان الله أما تؤمن بالمعاد، أو ما تخاف نقاش الحساب أيها المعدود كان عندنا من أولي الألباب، كيف تسيغ شرابا وطعاما، وأنت تعلم أنك تأكل حراما، وتشرب حراما، وتبتاع الإماء، وتنكح النساء من أموال اليتامى والمساكين والمؤمنين والمجاهدين، الذين أفاء الله عليهم هذه الأموال، وأحرز بهم هذه البلاد فاتق الله واردد إلى هؤلاء القوم أموالهم، فإنك إن لم تفعل ثم أمكنني الله منك، لأعذرن إلى الله فيك، ولأضربنك بسيفي الذي ما ضربت به أحدا إلا دخل النار، وو الله لو أن الحسن والحسين فعلا مثل الذي فعلت، ما كانت لهما عندي هوادة، ولا ظفرا مني بإرادة، حتى آخذ الحق منهما، وأزيح الباطل عن مظلمتهما (ر ٤١).
(إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني):
بلغني عنك أمر إن كنت فعلته فقد أسخطت إلهك، وعصيت إمامك، إنك تقسم فيء المسلمين - الذي حازته رماحهم وخيولهم، وأريقت عليه دماؤهم - فيمن اعتامك من أعراب قومك، فو الذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، لئن كان ذلك حقا، لتجدن لك علي هوانا، ولتخفن عندي ميزانا، فلا تستهن بحق ربك، ولا تصلح دنياك بمحق دينك، فتكون من الأخسرين أعمالا. ألا وإن حق من قبلك وقبلنا من المسلمين في قسمة هذا الفئ سواء، يردون عندي عليه، ويصدرون عنه (ر ٤٣).
(إلى عثمان بن حنيف الأنصاري):
أما بعد يا بن حنيف، فقد بلغني أن رجلا من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها، تستطاب لك الألوان، وتنقل إليك الجفان، وما ظننت أنك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفو، وغنيهم مدعو، فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم، فما اشتبه عليك علمه فألفظه، وما أيقنت بطيب وجهه فنل منه (ر ٤٥).
(إلى المنذر بن الجارود العبدي): أما بعد، فإن صلاح أبيك غرني منك، وظننت أنك تتبع هديه، وتسلك سبيله، فإذا أنت فيما رقي إلي عنك لا تدع لهواك انقيادا، ولا تبقي لآخرتك عتادا، تعمر دنياك بخراب آخرتك، وتصل عشيرتك بقطيعة دينك، ولئن كان ما بلغني عنك حقا لجمل أهلك وشسع نعلك خير منك، ومن كان بعنقك فليس بأهل أن يسد به ثغر، أو ينفذ به أمر، أو يعلى له قدر، أو يشرك في أمانة، أو يؤمن على جباية، فأقبل إلي حين يصل إليك كتابي هذا إن شاء الله (ر ٧١).
مقتبس من كتاب المعجم الموضوعي لنهج البلاغة