وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                
وقال (عليه السلام): ما أَنْقَضَ النَّوْمَ لِعَزَائِمِ الْيَوْمِ.                
وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                
وقال (عليه السلام): لاَ خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ، كَمَا أنَّهُ لاَ خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ.                
وقال (عليه السلام): إذَا كَانَ في رَجُل خَلَّةٌ رَائِعَةٌ فَانْتَظِرْ أَخَوَاتِهَا.                
وقال (عليه السلام): خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ .                
وقال (عليه السلام): الْحِلْمُ وَالاَْنَاةُ تَوْأَمَانِ يُنْتِجُهُمَا عُلُوُّ الْهِمَّةِ.                

Search form

إرسال الی صدیق
التفسير الموضوعي لنهج البلاغة – الأول

السيد محمود الهاشمي

تمهيد

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة السلام على سيد الخلق، وخاتم النبيين، محمد وآله الطيبين الطاهرين.

انّ كتاب نهج البلاغة، الكتاب الخالد بعد القرآن الكريم والسنة النبوية، يتلوهما في القصد والمنزلة، سواء في عمق محتواه ومضامينه، أوفي روعة نهجه وأدبه واسلوبه، أوفي تمكنه وقدرتة الفائقة على صنع الانسان والانسانية، وتغييرها وتربيتها، وفق ارادة السماء.

ولعمري ان العقل الانساني ليحتار أمام عظمة هذا السّفر المجلّل، ويستشعر الضآلة والحوال قبال مسالكه وآفاقه الرحبة، وأغواره الواسعة، ويدرك العجز أمام هدى الوحي العظيم الذي استقى منه صاحب النهج، فصاغ منه دروس البلاغة، ومناهج حياة الانسانية الحائرة الخاسرة، لولا لطف السماء بها ورعاية الله لها من خلال أنبيائه واوليائه بشكل عام، والصفوة من خيرته المنتخبين محمد وعترته الطاهرين بشكل خاص.

ومدرسة نهج البلاغة كمدرسة القرآن الكريم، مدرسة تربية وهداية للبشرية، وصنع لبني الانسان، تسعى لاعدادهم من أجل تجسيد مبدأ الخلافة العظمى في الأرض.

ومن هنا كانت موضوعات هذه المدرسة ومناهجها تربوية وحضارية.

تناجي الروح البشرية، وتناغي العقل الانساني وترفع الحجب القلوب، لتشاهد الحقائق الكبرى، وتبصرالنورالذي هوسرّ الوجود وجوهره.

فهي ليست دروسا فنية تجادل المصطلحات أوالتنظيرات العلمية، التي وضعتها العقول البشرية للتعبيرعن لغتها ورؤيتها المحدودة، كما انها لا تبحث عن القوانين الطبيعية التي لابد ان يهتدي اليها الانسان بشكل طبيعي من خلال معاناته مع الطبيعة، وتجربته لنواميسها، وانما هي دروس المعرفة الحقيقة، ومنهاج صنع الكمال الانساني.

ولابد من الاشارة هنا، الى أن نهج البلاغة، لم يكن كتابا قد وضعه مؤلفه على شكل تأليف متناسق الاجزاء، مترابط الجوانب، دفعة واحدة، وانما هومجوعة خطب وكلمات ورسائل، صدرت عن الامام (ع)، خلال سنين عديدة من عمره الشريف، وحياته الاجتماعية والسياسية، التي عاشها وتحمّل فيها ما تحمّل من صنوف البلايا، وواجه ما واجه من ألوان المحن والمصائب الاجتماعية والسياسية، وهويكافح فی ذلك يجهد في تاسيس معالم الاسلام، وترسيخ دعائمه، وصيانة تجربته عن الانحراف الخطيرالذي بدأ يهدده بعد رحيل صاحب الرسالة العظيم محمد (ص).

ورغم ذلك، نجد أن الخطب والمواضيع التي صدرت عن الامام، وفي مناسبات شتى، ومراحل مختلفة من حياته، ذات منهج موضوعي موحّد ومتناسق، ليس فيها أدنى اختلاف، بين أوّلها واوسطها وآخرها بل كلها تعبرعن تلك الروح الربانية الكبيرة الفريدة، وبمنزلة واحدة من السموالرفعة والاعجاز،.. نسجه ونسقه واحد، لا تجد فيه اختلافا لا في تصوير للمفاهيم والمبادئ، ولا في وحدة الهدف والغاية له، بل يشترك في وحدة الموضوع، ووحدة الهدف، ويستعمل نسقا واحدا في صياغته للفكرة، ويعتمد ذات الخيوط في نسجه لمفردة تربوية أواصلاحية أورسالية.

وبالرغم من ان الشيعة اهل اللبيت (ع)، هم الامتداد الطبيعي لمدرستهم المباركة، والفروع الاصلية لتلك الشجرة الطيبة، التي أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين باذن ربها،.. الا ان قدر هذا الكتاب الكبير، لا يزال مجهولا عندنا أيضا، ولعله أصبح مهجورا في بعض الاوساط ولدى بعض الطبقات، مع ان هذا الكتاب الخالد ينبغي أن يحظى وان يُتلقّى بالتداول والتدارس وتعلُّم مضامينه والغور فيها، لاستخراج كنوزه ولآليه كما حدث ذلك الى درجة ما وان لم يكن بالمستوى المطلوب بالنسبة الى القرآن الکريم.

ولعمري ان كتاب نهج البلاغة، وحده ليكفي عند طرحه وتبيين مافيه، وتوضيح معالمه بصورة صحيحة، ان يشكّل أقوى دليل ودليل موضوعه على عظمة صاحبه وامتيازه، وعلى امامته وعصمته، فان ماجاء فيه من جليل المعاني، التي هي امتداد لمعاني القرآن، وتفسير لسرها وجوهرها لكفيل باثبات انه فوق كلام المخلوقين، ودون كلام الخالق، وانه لا يمكن أن يصدرالاّ من مصدر فوق طاقة عقل الانسان الاعتيادي فهومستقى من مصدر الوحي والسماء وينبيء عن عالم الغيب، والسّر الالهي الكبير، وبذلك يشكّل دليلا عمليا أيضا على صحة انتساب ما في هذا الكتاب، ولواجمالا، الى الامام (ع)، علاوة على الادلة والمصادر التأريخية التي لا مجال للتوسع فى استعراضها وبحثها.

منهجية البحث

الاستفادة من نهج البلاغة يمكن أن تكون في منهجين:

اولاً - المنهج الموضوعي.

ثانياً - المنهج التجزيئي.

فيمكن الاستفادة من عطاءات نهج البلاغة، استفادة موضوعية بأن تقسّم الموضوعات والأبحاث التي يتعرض لها الأمام (ع) في نهج البلاغة الى مواضيع متعددة ومختلفة، ويُبحَث في كل موضوع بشكْل مستقل، ويُحاوَل تجميع كلمات الأمام (ع) التي قالها ضمن خطب وكتب ومواعظ متعددة حول ذلك الموضوع، فَتُخْرج ويستفاد منها تلك النظرية الموضوعية في مختلف الحقول والمجالات.

أما الاستفادة الثانية، أن تؤخذ كل خطبة بالتفسير ويُبين ما فيها من الحكم والمعارف.

وقد رجّحنا المنهج الموضوعي في عملية التفسير والاستفادة والاستلهام من هدى هذا الكتاب الخالد، بما يتمتع به من ايجابية وسعة.

عناوين البحث

انطلاقا من المنهجية الموضوعية في تناول عطاءات نهج البلاغة، يمكن تصنيف عدة مواضيع رئيسية تأخذ صفة البحث في عرضها وبيانها، وهذه المواضيع هي:

* الاليهات وما وراء الطبيعة.

* العبادة والسلوك الى الله.

* الانسان والمسؤولية.

* الرسول والرسالة.

* الامامة والخلافة.

* الأسلام والشرائع.

* المواعظ والأخلاق.

* السنن التأريخية.

امورالسياسة والرعية وادارة الحكم.

الأخبارعن الغيبيات تحت عنوان الملاحم.

ما تقدم جزء من عملية الاستلهام المندرجة ضمن الاستفادة الموضوعية لنهج البلاغة، وهناك العديد من الأبواب تدخل ضمن هذه العناوين العامة.

سنتعرض لبيانها بشكل تفصيلي ان شاء الله تعالى.

البحث الأول

الالهيات.. وما وراء الطبيعة

لمحة تمهيدية

يتعرض الأمام في هذا الباب الى فكرة اثبات وجود الله سبحانه وتعالى والى صفاته وعدله وعظمته وقدرته وكيفية خلقه للعالم.

ويتعرض لعالم الغيب وعالم الملائكة..عالم الموت وما بعد الموت..عالم الحساب..عالم المعاد..عالم الجنة والنار، ويتعرض الى كثير من الشؤون المرتبطة بما وراء الطبيعة وبعالم الغيب.

ولعل الأمام (ع) في كل خطبة يبدؤها بشيء ما يرتبط بالالهيات، وهذا التأكيد من لدن الأمام (ع) في توضيح مسائل الغيب وخصوصياته يأتي في الوقت الذي كان مستوى ادراك الامة لهذه المسائل ادراكا (منخفضا)، فالامام كان يعيض في وسط قد مضى على نزول الوحي فيه مدة وجيزة، لم تكف لقمع جذورالوثنية فيه، فالفترة الزمنية التي عاشها رسول الله (ص)، كانت حبلى بالاحداث السياسية والأجتماعية والعسكرية، لم تكتمل الصورة بشكلها الكامل لدى الذهنية العامة حول الله سبحانه وتعالى وعوالم الغيب.

نعم مجموع الطليعيين الرساليين ممن تتلمذوا واهتموا بالتلمذة على يد رسول الله (ص)، لعلهم ادركوا الحقيقة واستطاعوا أن يتعرفوا على النظرية القرآنية عن الله سبحانه وتعالى، وعن صفاته، وأنه ليس كمثله شيء، وانه ليس بجسم، الا أن عموم الناس والأقوام التي كانت تدخل في الأسلام شيئا فشيئا كانت لا تزال رواسب الوثنية والشرك في نفوسهم وعقولهم.

من هنا جاء تأكيد الأمام وتوضيحه لمعالم التوحيد الحق، خوفا على الذهن البشري من أن ينتكس كما انتكس من قبل، فالديانات المسيحية واليهودية وغيرها، كانت قائمة في مناطق تعبّرعن قمة الحضارة، وقد انتكست في هذه النقطة، فاليهود يرون العزيز ابن الله، مع أن ديانتهم ورسالتهم سماوية حقة، أوضحت كل شيء، مع ذلك لم يستطع الفكراليهودي أن يتحرر من النزعة الجسمية المادية، وتشبه الله سبحانه وتعالى بالمخلوقات، قد انتهى الأمر ببعضهم أن يطلبوا من موسى (ع)، أن يجعل لهم اِلها كآلهة الوثنيين والمشركين.

والمسيحية كذلك، لم يمكنها أن تتخلص أوتحرر من هذه النزعة، فأعتقدت بالأقانيم الثلاثة، اعتقدت بأن الله ثالث ثلاثة وأن لله ابنا هوالمسيح عيسى ابن مريم (ع).

أن الذهن البشري لم يستطع أن يتخلص أويتحرر من التمثيل الحسّي المادي التجسيمي، ولعل هذا التأثير ينشأ من النزعة المادية للانسان، كون بدايته بداية مادية جسمانية، فيحاول تشبيه كل شيء بالأشياء التي ألفها في وضعه المادي.

ولم يصب هذا الداء الديانات فقط، بل أصاب حتى الفلسفات الراقية، فالفكر والفلسفة الأغريقية واليونانية، التي تعتبر فلسفة متكاملة لم تتخلص من الأوهام ومن التجسيمات والتشويهات والمراتب التي وضعتها للخالق.

اذا فما قام به الأمام (ع) في هذا المجال - الالهيات - كان له الدورالكبير، في عملية الصيانة للذهنية البشرية من أن تنحرف ضمن متاهات التشبية المادي وكان لكلماته الأثر الكبيرفي تثبيت الفكرالبشري على هذا المستوى الرفيع من المعرفة بالخالق، هذا المستوى الذي نعرفه اليوم وتعرفه مدارس التوحيد في العالم.

نحن مدينون، والفكرالأنساني مدين الى الأمام (ع) في تتحرره من عوالق الشرك والضلال، فعندما نراجع الفلسفة الأسلامية، والفكرالكلامي نجد أن مدارس الفلسفة كلها تنتهي الى الأمام (ع).

فلقد كان (ع) المعلم الأول للمسلمين بعد القرآن الكريم والرسول (ص) وهوالذي ثبت أصول التوحيد، وأسس الفلسفة الالهية الصحيحة.

فليس غريبا على ضوء هذا التحليل، أن نجد نهج البلاغة، يؤكد كثيرا على تنزيه الله سبحانه وتعالى وعلى وصفه بصفات الكمال والجلال، وعلى نفي التجسيم والتحديد له، لِما يخشاه على الذهن الانساني من أن ينتكس.

فعملية أفهام البشرية بهذه الحقائق ليست بالسهلة، ويصعب على البشرية تصورعالم الغيب، وفهم نواميس عالم الغيب، ولذلك كان الأمام (ع) يعاني عند ما كان يريد أن يشرح هذه المقولات، ويوضح هذا المفاهيم الغيبية للأمة.

نكتفي بهذه اللمحة العامة عن مدى أهمية هذا الموضوع، وكيف أن الأمام (ع) كان حريصا على تعميق هذا الجانب بالذات في الضمير الأنساني بشكل يمنعه ويصوته في المستقبل من أن ينتكس من جديد، وينتهى الى ما انتهى اليه أصحاب الديانات الحقة، فضلا عن أصحاب المدارس الفلسفية، وهذا الموضوع - الالهيات وما وراء الطبيعة - بذاته يمكن تقسيمه وتصنيفه الى عدد من المواضيع تدخل ضمن هذا الاطار العام نذكر منها:

* الواجب تعالى وصفاته.

* عالم الغيب ومخلوقات عالم الغيب.

* المعاد ومراحل المعاد.

وسنتاول هذه المواضيع الثلاثة المتقدمة، بالبحث والتفصيل.

الباب الأول

الواجب تعالى وصفاته.

ويشتمل على عدة فصول.

* الدلالة على الخالق.

* توحيد الله.

* تنزيه الله عن صفات المخلوقين.

* العدل الالهي.

* القدرة الالهية وكيفية خلق العالم.

الفَصْلُ الأوّل.

الدلالة على الخالق.

يتعرض الأمام (ع) في نهج البلاغة الى موضوع اثبات الصانع والدليل على وجوده سبحانه وتعالى اجمالا واشارة، أي انه لا يتوسع في سرد الأدلة على اثبات الله سبحانه وتعالى، بل يقتصرعلى الأشارة في الواقع الى مناهج الأستدلال لأثبات الصانع، بأستثناء منهج واحد يستخدمه كثيرا، ويشير اليه في أكثر من خطبة وكلام وهوالمنهج الأستقرائي.

بالنسبة الى اثبات الصانع، هناك ثلاثة مناهج يمكن للذهن البشري ان يستدل من خلالها على وجود الله سبحانه وتعالى، وهي: -

١- المنهج الفطري.

٢- المنهج الأستقرائي.

٣- المنهج الفلسفي.

هذه هي مناهج الذهن البشري لأثبات الله سبحانه ونحن نستطيع من خلال سيرنا في آفاق نهج البلاغة، أن نلمس تلميحات الى هذه المناهج الثلاثة، وهي على مستوى اشارات، لاعلى مستوى بحوث اصطلاحية، فالامام لا يستخدم الاصطلاحات التي يستخدمها علماء الكلام مثلا، أوالفلاسفة لأثبات الصانع، لأن نهج البلاغة لم يكن كتابا علميا بهذا المعنى، أوفلسفيا كلاميا، أنما كان مجموعة نفثات ربانية وروحانية صدرت على لسان الأمام (ع) أومن خلال قلمه المبارك عندما كان يكاتب عماله وولاة البلاد الأسلامية، ثم بعد ذلك نقلت من خلال الروايات والمأثورات، فجعلها الشريف الرضي، لتشكل مادة نهج البلاغة.

ومن الواضح أن الأمام عندما يخاطب الأمة، لابد وأن يخاطبها بمقتضى المناسبة التي من اجلها يريد ان يتكلم، فهويراعي مستوى ادراك الأمة وفهمها، وكذلك مشاعرها، من هنا كان لا يتكلم بلغة الاصطلاحات العلمية والكلامية والفلسفية، الا ان روح المطلب تكون موجودة في كلامه، دون أساليب الاداء والتعبيرات العلمية.

اضافة الى نكتة اخرى، وهي نكتة مشتركة بين القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ونهج البلاغة، وهي ان الأنبياء والأئمة وكل الربانيين، لم يكن همّهم وهدفهم نشر العلوم وتفصيل المسائل العلمية والنظرية في أي حقل من الحقول، بل كان هدفهم نشرالعرفان وصنع الانسان، وجعله يتعرف على الحقائق الكبرى بروحه وبصيرته وفطرته.

لم يكن الأنبياء والأئمة متخصصين وفلاسفة، بل كانوا رجال هداية وعرفان وصلاح، ولم يكن هؤلاء علماء بمعنى يعلّمون الناس الفلسفة أومصطلحات الفلسفة البيزنطية أوالاغريقية أوفلسفة المشّاء، أوالفسلفات الأخرى، بل كانوا يبغون صنع الانسان من داخل بما يجسّد خلافته لله سبحانه وتعالى في الأرض.

فاذا كان نهج البلاغة كتاب صنع وهداية وعرفان للانسان، فحينئذ لاينبغي ان نتوقع ان نواجه في كلمات الامام (ع) نفي المصطلحات الفلسفية أوالكلامية، التي نجدها في علم الكلام أوأي علم آخر، الاّ أن الأدلة، وروح هداية الانسان الى المعرفة الحقة، والى الله سبحانه وتعالى، موجودة فيه.

يعني ما يكون واقعا بالحمل الشائع، باصطلاح الاصوليين مما يوصل الناس الى الايمان بالله سبحانه وتعالى والتصديق به، والاذعان لعظمته وتوحيده وتنزيهه في صفاته وأسمائه عن صفات المخلوقين.

روح هذه المسائل، وروح هداية الانسان، وايصالها الى هذه الدرجة من الكمال، نجدها في نهج البلاغة.

اذا واقع وروح هذة الأدلة، موجودان في نهج البلاغة رغم ان المصطلحات والصياغات والأدبيات العلمية والكلامية والفلسفية غيرموجودة، فبرهان الدور والتسلسل لا نجده في القرآن الكريم ولا في نهج البلاغة لأن هذا العنوان اصطلاح خاص، أوبرهان النظم لا يكون موجودا، ولكن واقع التأكيد على بدائع صنع الله سبحانه وتعالى، وشرح آیاته الجليلة في الخلق، نجده في القرآن الكريم وفي نهج البلاغة، فهوينبّه الذهن البشري، ويأخذ بالفهم والادراك الانساني، ويجعله ببصر ويشاهد آيات الاعجاز في الكون وفي الخلق وفي الوجود فيؤمن ويذعن بوجود الله القادرالمتعال.

بعد هذا العرض السريع نأتي لبيان الأدلة الثلاثة لأثبات وجود الله تبارك وتعالى، وكيف أن الامام (ع) يتعرض الى حقيقة ذلك الوجود من خلال خطبه وكلماته.

يتبع  ...

****************************