ضعف الانسان في الدنيا
وقال امير المؤمنين عليه السلام: (لَقَدْ عُلِّقَ بِنِيَاطِ هَذَا اَلْإِنْسَانِ بَضْعَةٌ هِيَ أَعْجَبُ مَا فِيهِ وَذَلِكَ اَلْقَلْبُ وَلَهُ مَوَادَّ مِنَ اَلْحِكْمَةِ وَ أَضْدَاداً مِنْ خِلاَفِهَا فَإِنْ سَنَحَ لَهُ اَلرَّجَاءُ أَذَلَّهُ اَلطَّمَعُ وَإِنْ هَاجَ بِهِ اَلطَّمَعُ أَهْلَكَهُ اَلْحِرْصُ وَإِنْ مَلَكَهُ اَلْيَأْسُ قَتَلَهُ اَلْأَسَفُ وَإِنْ عَرَضَ لَهُ اَلْغَضَبُ اِشْتَدَّ بِهِ اَلْغَيْظُ وَإِنْ أَسْعَدَهُ اَلرِّضَا نَسِيَ اَلتَّحَفُّظَ وَإِنْ نَالَهُ اَلْخَوْفُ شَغَلَهُ اَلْحَذَرُ وَإِنِ اِتَّسَعَ لَهُ اَلْأَمْرُ اِسْتَلَبَتْهُ اَلْغِرَّةُ وَإِنْ أَفَادَ مَالاً أَطْغَاهُ اَلْغِنَى وَإِنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ فَضَحَهُ اَلْجَزَعُ وَإِنْ عَضَّتْهُ اَلْفَاقَةُ شَغَلَهُ اَلْبَلاَءُ وَإِنْ جَهَدَهُ اَلْجُوعُ قَعَدَ بِهِ اَلضَّعْفُ وَإِنْ أَفْرَطَ بِهِ اَلشِّبَعُ كَظَّتْهُ اَلْبِطْنَةُ فَكُلُّ تَقْصِيرٍ بِهِ مُضِرٌّ وَكُلُّ إِفْرَاطٍ لَهُ مُفْسِدٌ)[١].
وقال عليه السلام: (ما لابن ادم والفخر، اوله نطفة، واخره جيفة، ولا يرزق نفسه، ولا يدفع حتفه)[٢].
حب الدنيا
صحيح ان (الناس ابناء الدنيا ولا يلام الرجل على حبه امه[٣].
ولكم ليس هذا معناه الانخداع بالدنيا والاغترار بها الملازم لنسيان الاخرة، بل معناه ان الناس خلقوا من تراب الدنيا، واودعت فيهم غرائز وشهوات لتلبية حاجاتهم الطبيعية، واستخدامها في الخيرات والمبرات، وهذه العلقة الجزئية لا ضير فيها اذ هي سلم الكمال.
والمذموم انما هو الانخداع والاغترار بها، وهذا هو ما قال عنه امير المؤمنين عليه السلام: (أعظم الخطايا حب الدنيا)[٤].
وقال عليه السلام: (حب الدنيا رأس كل خطيئة)[٥].
وقال عليه السلام: (الوله بالدنيا أعظم فتنة)[٦].
نستفيد من كلام امير المؤمنين عليه السلام الوارد في نهج البلاغة وغيرها انه ينتج من حب الدنيا مضار ومهالك كثيرة، نشير الى اهمها فيمل يلي:
ألف: نسيان الله تعالى، قال امير المؤمنين عليه السلام: (من عظمت الدنيا في عينه، وكبر موقعها في قلبه، اثرها على الله تعالى، فانقطع اليها وصار عبدا لها)[٧].
وقال عليه السلام: (كيف يدعي حب الله من سكن قلبه حب الدنيا)[٨].
وقال عليه السلام: (ان كنتم تحبون الله فأخرجوا من قلوبكم حب الدنيا)[٩].
ب: نسيان الاخرة، قال امير المؤمنين عليه السلام:(إِنَّ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ عَدُوَّانِ مُتَفَاوِتَانِ وَسَبِيلَانِ مُخْتَلِفَانِ فَمَنْ أَحَبَّ الدُّنْيَا وَتَوَلَّاهَا أَبْغَضَ الْآخِرَةَ وَعَادَاهَا وَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَاشٍ بَيْنَهُمَا كُلَّمَا قَرُبَ مِنْ وَاحِدٍ بَعُدَ مِنَ الْآخَرِ وَهُمَا بَعْدُ ضَرَّتَانِ)[١٠].
وقال عليه السلام: (كيف يعمل للاخرة المشغول بالدنيا)[١١].
وقال عليه السلام: (لاتجتمع الاخرة والدنيا)[١٢].
ج: الابتلاء والشقاء والهلاك، قال امير المؤمنين عليه السلام: (اياك والوله بالدنيا، فانها تورثك الشقاء والبلاء، وتحدوك على بيع البقاء بالفناء)[١٣].
وقال عليه السلام: (سبب الشقاء حب الدنيا)[١٤].
وقال عليه السلام: (كلما ازداد المرء بالدنيا شغلا وزاد بها ولها، اوردته المسالك واوقعته في المهالك)[١٥].
د: البعد عن التقوى والتورط في الاثام، قال امير المؤمنين عليه السلام: (حرام على كل قلب متوله بالدنيا ان يسكنه التقوى)[١٦].
وقال عليه السلام: (حب الدنيا يوجب الطمع)[١٧].
وقال عليه السلام: (من لهج قلبه بحب الدنيا التاط قلبه منها بثلاث: هم لا يغنيه، وحرص لا يتركه، وامل لا يدركه)[١٨].
ضابطة
الفرح والسرور في الدنيا
يمر الانسان في حياته لا محالة بما يسره او يسوؤه، وهذا لا ينفك عن الانسان، وهنا يعطينا امير المؤمنين عليه السلام ضابطة جميلة لتعديل الفرح والسرور والمساءة، اذ انه عليه السلام ينتهز الفرصة دوما لينقل الانسان الى ما وراء هذا الظاهر الخداع، وينبه ان هذا الظل الزائل لا يستحق كثير فرح او مساءة فيه، والعمدة هو الاخرة.
قال امير المؤمنين عليه السلام: (أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اَلْمَرْءَ قَدْ يَسُرُّهُ دَرْكُ مَا لَمْ يَكُنْ لِيَفُوتَهُ وَيَسُوؤُهُ فَوْتُ مَا لَمْ يَكُنْ لِيُدْرِكَهُ فَلْيَكُنْ سُرُورُكَ بِمَا نِلْتَ مِنْ آخِرَتِكَ وَلْيَكُنْ أَسَفُكَ عَلَى مَا فَاتَكَ مِنْهَا وَمَا نِلْتَ مِنْ دُنْيَاكَ فَلاَ تُكْثِرْ بِهِ فَرَحاً وَمَا فَاتَكَ مِنْهَا فَلاَ تَأْسَ عَلَيْهِ جَزَعاً وَلْيَكُنْ هَمُّكَ فِيمَا بَعْدَ اَلْمَوْتِ)[١٩].
وقال عليه السلام: (أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اَلْمَرْءَ لَيَفْرَحُ بِالشَّيْءِ اَلَّذِي لَمْ يَكُنْ لِيَفُوتَهُ وَيَحْزَنُ عَلَى اَلشَّيْءِ اَلَّذِي لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ فَلاَ يَكُنْ أَفْضَلَ مَا نِلْتَ فِي نَفْسِكَ مِنْ دنْيَاكَ بُلُوغُ لَذَّةٍ أَوْ شِفَاءُ غَيْظٍ وَلَكِنْ إِطْفَاءُ بَاطِلٍ أَوْ إِحْيَاءُ حَقٍّ وَلْيَكُنْ سُرُورُكَ بِمَا قَدَّمْتَ وَأَسَفُكَ عَلَى مَا خَلَّفْتَ وَهَمُّكَ فِيمَا بَعْدَ اَلْمَوْتِ)[٢٠].
أهل الدنيا
لاهل الدنيا علامات وسمات وردت في كلام امير المؤمنين عليه السلام وهي خير ميزان لنا لنعرف هل اننا من اهل الدنيا او من اهل الاخرة ؟ ! ونعالج الخلل مهما امكن قبل الفوت وحلول الموت.
قال امير المؤمنين عليه السلام: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَطْلُبُ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ وَلَا يَطْلُبُ الْآخِرَةَ بِعَمَلِ الدُّنْيَا قَدْ طَامَنَ مِنْ شَخْصِهِ وَقَارَبَ مِنْ خَطْوِهِ وَشَمَّرَ مِنْ ثَوْبِهِ وَزَخْرَفَ مِنْ نَفْسِهِ لِلْأَمَانَةِ وَاتَّخَذَ سِتْرَ اللَّهِ ذَرِيعَةً إِلَى الْمَعْصِيَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَبْعَدَهُ عَنْ طَلَبِ الْمُلْكِ ضُئُولَةُ نَفْسِهِ وَانْقِطَاعُ سَبَبِهِ فَقَصَرَتْهُ الْحَالُ عَلَى حَالِهِ فَتَحَلَّى بِاسْمِ الْقَنَاعَةِ وَتَزَيَّنَ بِلِبَاسِ أَهْلِ الزَّهَادَةِ وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ فِي مَرَاحٍ وَلَا مَغْدًى)[٢١].
وقال عليه السلام: (حتى إذا قام اعتداله واستوى مثاله نفر مستكفرا، وخبط سادرا، ماتحا في غرب هواه، كادحا في سعيه لدنياه ,، في لذات طربه وبدوات إربه ثم لايحتسب رزية ولا يخشع تقيه، فمات فتنة غريرا، وعاش في هفوته يسيرا، لم يفد عوض ولم يقض مفترضا)[٢٢].
وقال عليه السلام: (أَقْبَلُوا عَلَى جِيفَةٍ قَدِ افْتَضَحُوا بِأَكْلِهَا واصْطَلَحُوا عَلَى حُبِّهَا ومَنْ عَشِقَ شَيْئاً أَعْشَى بَصَرَهُ وأَمْرَضَ قَلْبَهُ فَهُوَ يَنْظُرُ بِعَيْنٍ غَيْرِ صَحِيحَةٍ ويَسْمَعُ بِأُذُنٍ غَيْرِ سَمِيعَةٍ قَدْ خَرَقَتِ الشَّهَوَاتُ عَقْلَهُ وأَمَاتَتِ الدُّنْيَا قَلْبَهُ ووَلِهَتْ عَلَيْهَا نَفْسُهُ فَهُوَ عَبْدٌ لَهَا ولِمَنْ فِي يَدَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا حَيْثُمَا زَالَتْ زَالَ إِلَيْهَا وحَيْثُمَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَ عَلَيْهَا لا يَنْزَجِرُ مِنَ اللَّهِ بِزَاجِرٍ ولا يَتَّعِظُ مِنْهُ بِوَاعِظٍ)[٢٣].
وقال عليه السلام: (اِزْدَحَمُوا عَلَى اَلْحُطَامِ وَتَشَاحُّوا عَلَى اَلْحَرَامِ وَرُفِعَ لَهُمْ عَلَمُ اَلْجَنَّةِ وَاَلنَّارِ فَصَرَفُوا عَنِ اَلْجَنَّةِ وُجُوهَهُمْ وَ أَقْبَلُوا إِلَى اَلنَّارِ بِأَعْمَالِهِمْ وَدَعَاهُمْ رَبُّهُمْ فَنَفَرُوا وَوَلَّوْا وَدَعَاهُمُ اَلشَّيْطَانُ فَاسْتَجَابُوا وَأَقْبَلُوا)[٢٤].
وقال عليه السلام: (يَتَنَافَسُونَ فِي دُنْيَا دَنِيَّةٍ وَيَتَكَالَبُونَ عَلَى جِيفَةٍ مُرِيحَةٍ وَعَنْ قَلِيلٍ يَتَبَرَّأُ التَّابِعُ مِنَ الْمَتْبُوعِ وَالْقَائِدُ مِنَ الْمَقُودِ فَيَتَزَايَلُونَ بِالْبَغْضَاءِ وَيَتَلَاعَنُونَ عِنْدَ اللِّقَاءِ)[٢٥].
وقال عليه السلام: (من عظمت الدنيا في عينه، وكبر موقعها من قلبه، اثرها على الله، فانقطع اليها وصار عبدا لها)[٢٦].
وقال عليه السلام: (أَيُّهَا النَّاسُ الغافلون غَيْرُ الْمَغْفُولِ عَنْهُمْ وَالتَّارِكُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ مَا لِي أَرَاكُمْ عَنِ اللَّهِ ذَاهِبِينَ وَإِلَى غَيْرِهِ رَاغِبِينَ كَأَنَّكُمْ نَعَمٌ أَرَاحَ بِهَا سَائِمٌ إِلَى مَرْعًى وَبِيٍّ وَمَشْرَبٍ دَوِيٍّ وَإِنَّمَا هِيَ كَالْمَعْلُوفَةِ لِلْمُدَى لا تَعْرِفُ مَا ذَا يُرَادُ بِهَا إِذَا أُحْسِنَ إِلَيْهَا تَحْسَبُ يَوْمَهَا دَهْرَهَا وَشِبَعَهَا أَمْرَهَا)[٢٧].
وقال عليه السلام: (وَإِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ بِمَا تَرَى مِنْ إِخْلاَدِ أَهْلِ الدُّنْيَا إِلَيْهَا، وَتَكَالُبِهِمْ عَلَيْهَا، فَقَدْ نَبَّأَكَ اللهُ عَنْهَا، وَنَعَتْ لَكَ نَفْسَهَا، وَتَكَشَّفَتْ لَكَ عَنْ مَسَاوِيهَا، فَإِنَّمَا أَهْلُهَا كِلاَبٌ عَاوِيَةٌ، وَسِبَاعٌ ضَارِيَةٌ، يَهِرُّ بَعْضُهَا بَعْضاً،يَأْكُلُ عَزِيزُهَا ذَلِيلَهَا، وَيَقْهَرُ كَبِيرُهَا صَغِيرَهَا، نَعَمٌ مُعَقَّلَةٌ، وَأُخْرَى مُهْمَلَةٌ، قَدْ أَضَلَّتْ عُقُولَهَا،رَكِبَتْ مَجْهُولَهَا، سُرُوحُ عَاهَة بِوَاد وَعْث، لَيْسَ لَهَا رَاع يُقيِمُهَا، وَلاَ مُسِيمٌ يُسِيمُهَا، سَلَكَتْ بِهِمُ الدُّنْيَا طَرِيقَ الْعَمَى، وَأخَذَتْ بِأَبْصَارِهِمْ عَنْ مَنَارِ الْهُدَى، فَتاهُوا فِي حَيْرَتِهَا، وَغَرِقُوا فِي نِعْمَتِهَا، وَاتَّخَذُواهَا رَبّاً، فَلَعِبَتْ بِهِمْ وَلَعِبُوا بِهَا، وَنَسُوا مَا وَرَاءَهَا)[٢٨].
وقال عليه السلام: (أهل الدنيا كركب يسار بهم وهم نيام)[٢٩].
وقال عليه السلام لرجل سأله ان يعظه: (لاَ تَكُنْ مِمَّنْ يَرْجُو اَلآْخِرَةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ وَيَرْجُو اَلتَّوْبَةَ بِطُولِ اَلْأَمَلِ يَقُولُ فِي اَلدُّنْيَا بِقَوْلِ اَلزَّاهِدِينَ وَيَعْمَلُ فِيهَا بِعَمَلِ اَلرَّاغِبِينَ إِنْ أُعْطِيَ مِنْهَا لَمْ يَشْبَعْ وَإِنْ مُنِعَ مِنْهَا لَمْ يَقْنَعْ يَعْجِزُ عَنْ شُكْرِ مَا أُوتِيَ وَيَبْتَغِي اَلزِّيَادَةَ فِيمَا بَقِيَ يَنْهَى وَلاَ يَنْتَهِي وَيَأْمُرُ اَلنَّاسَ بِمَا لَمْ يَأْتِ بِمَا لاَ يَأْتِي يُحِبُّ اَلصَّالِحِينَ وَلاَ يَعْمَلُ عَمَلَهُمْ وَيُبْغِضُ اَلْمُذْنِبِينَ وَهُوَ أَحَدُهُمْ يَكْرَهُ اَلْمَوْتَ لِكَثْرَةِ ذُنُوبِهِ وَيُقِيمُ عَلَى مَا يَكْرَهُ اَلْمَوْتَ مِنْ أَجَلِهِ إِنْ سَقِمَ ظَلَّ نَادِماً وَإِنْ صَحَّ أَمِنَ لاَهِياً يُعْجَبُ بِنَفْسِهِ إِذَا عُوفِيَ وَيَقْنَطُ إِذَا اُبْتُلِيَ وَإِنْ أَصَابَهُ بَلاَءٌ دَعَا مُضْطَرّاً وَإِنْ نَالَهُ رَخَاءٌ أَعْرَضَ مُغْتَرّاً تَغْلِبُهُ نَفْسُهُ عَلَى مَا يَظُنُّ وَلاَ يَغْلِبُهَا عَلَى مَا يَسْتَيْقِنُ يَخَافُ عَلَى غَيْرِهِ بِأَدْنَى مِنْ ذَنْبِهِ وَيَرْجُو لِنَفْسِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ عَمَلِهِ إِنِ اِسْتَغْنَى بَطِرَ وَفُتِنَ وَإِنِ اِفْتَقَرَ قَنِطَ وَوَهَنَ يُقَصِّرُ إِذَا عَمِلَ وَيُبَالِغُ إِذَا سَأَلَ إِنْ عَرَضَتْ لَهُ شَهْوَةٌ أَسْلَفَ اَلْمَعْصِيَةَ وَسَوَّفَ اَلتَّوْبَةَ وَإِنْ عَرَتْهُ مِحْنَةٌ اِنْفَرَجَ عَنْ شَرَائِطِ اَلْمِلَّةِ يَصِفُ اَلْعِبْرَةَ وَلاَ يَعْتَبِرُ وَيُبَالِغُ فِي اَلْمَوْعِظَةِ وَلاَ يَتَّعِظُ فَهُوَ بِالْقَوْلِ مُدِلٌّ وَمِنَ اَلْعَمَلِ مُقِلٌّ يُنَافِسُ فِيمَا يَفْنَى وَيُسَامِحُ فِيمَا يَبْقَى يَرَى اَلْغُنْمَ مَغْرَماً وَاَلْغُرْمَ مَغْنَماً يَخْشَى اَلْمَوْتَ وَلاَ يُبَادِرُ اَلْفَوْتَ يَسْتَعْظِمُ مِنْ مَعْصِيَةِ غَيْرِهِ مَا يَسْتَقِلُّ أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ نَفْسِهِ وَيَسْتَكْثِرُ مِنْ طَاعَتِهِ مَا يَحْقِرُهُ مِنْ طَاعَةِ غَيْرِهِ فَهُوَ عَلَى اَلنَّاسِ طَاعِنٌ وَلِنَفْسِهِ مُدَاهِنٌ اَللَّغْوُ اَللَّهْوُ مَعَ اَلْأَغْنِيَاءِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ اَلذِّكْرِ مَعَ اَلْفُقَرَاءِ يَحْكُمُ عَلَى غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ وَلاَ يَحْكُمُ عَلَيْهَا لِغَيْرِهِ يُرْشِدُ نَفْسَهُ وَيُغْوِي غَيْرَهُ يُرْشِدُ غَيْرَهُ وَيُغْوِي نَفْسَهُ فَهُوَ يُطَاعُ وَيَعْصِي وَيَسْتَوْفِي وَلاَ يُوفِي وَيَخْشَى اَلْخَلْقَ فِي غَيْرِ رَبِّهِ وَلاَ يَخْشَى رَبَّهُ فِي خَلْقِهِ)[٣٠].
الانبياء عليهم السلام والدنيا
يشير امير المؤمنين عليه السلام – على ماورد في نهج البلاغة – الى زهد بعض الانبياء عليهم السلام في الدنيا، وهم كل من موسى وداود وعيسى عليهم السلام، وذلك تنبيها لنا على ما كانوا عليه، لنتأسى بهم ونخطوا خطاهم، قال بعد ما ذكر النبي صلى الله عليه واله وسلم:
(وَإِنْ شِئْتَ ثَنَّيْتُ بِمُوسَى كَلِيمِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله حَيْثُ يَقُولُ (رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ[٣١].
وَاللَّهِ مَا سَأَلَهُ إِلَّا خُبْزاً يَأْكُلُهُ لِأَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ بَقْلَةَ الْأَرْضِ وَلَقَدْ كَانَتْ خُضْرَةُ الْبَقْلِ تُرَى مِنْ شَفِيفِ صِفَاقِ بَطْنِهِ لِهُزَالِهِ وَتَشَذُّبِ لَحْمِه.
وَإِنْ شِئْتَ ثَلَّثْتُ بِدَاوُدَ صلوات الله عليه صَاحِبِ الْمَزَامِيرِ وَقَارِئِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلَقَدْ كَانَ يَعْمَلُ سَفَائِفَ الْخُوصِ بِيَدِهِ وَيَقُولُ لِجُلَسَائِهِ أَيُّكُمْ يَكْفِينِي بَيْعَهَا وَيَأْكُلُ قُرْصَ الشَّعِيرِ مِنْ ثَمَنِهَا
وَإِنْ شِئْتَ قُلْتُ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام فَلَقَدْ كَانَ يَتَوَسَّدُ الْحَجَرَ وَيَلْبَسُ الْخَشِنَ وَيَأْكُلُ الْجَشِبَ وَكَانَ إِدَامُهُ الْجُوعَ وَسِرَاجُهُ بِاللَّيْلِ الْقَمَرَ وَظِلَالُهُ فِي الشِّتَاءِ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا وَفَاكِهَتُهُ وَرَيْحَانُهُ مَا تُنْبِتُ الْأَرْضُ لِلْبَهَائِمِ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ تَفْتِنُهُ وَلَا وَلَدٌ يَحْزُنُهُ وَلَا مَالٌ يَلْفِتُهُ وَلَا طَمَعٌ يُذِلُّهُ دَابَّتُهُ رِجْلَاهُ وَخَادِمُهُ يَدَاهُ)[٣٢].
النبي صلى الله عليه واله وسلم والدنيا
قال امير المؤمنين عليه السلام في وصف النبي صلى الله عليه واله وسلم: (قَدْ حَقَّرَ الدُّنْيَا وَصَغَّرَهَا وَأَهْوَنَ بِهَا وَهَوَّنَهَا وَعَلِمَ أَنَّ اللَّهَ زَوَاهَا عَنْهُ اخْتِيَاراً وَبَسَطَهَا لِغَيْرِهِ احْتِقَاراً فَأَعْرَضَ عَنِ الدُّنْيَا بِقَلْبِهِ وَأَمَاتَ ذِكْرَهَا عَنْ نَفْسِهِ وَأَحَبَّ أَنْ تَغِيبَ زِينَتُهَا عَنْ عَيْنِهِ لِكَيْلَا يَتَّخِذَ مِنْهَا رِيَاشاً أَوْ يَرْجُوَ فِيهَا مَقَاماً)[٣٣].
وقال عليه السلام: (وَلَقَدْ كَانَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله كَافٍ لَكَ فِي الْأُسْوَةِ وَدَلِيلٌ لَكَ عَلَى ذَمِّ الدُّنْيَا وَعَيْبِهَا وَكَثْرَةِ مَخَازِيهَا وَمَسَاوِيهَا إِذْ قُبِضَتْ عَنْهُ أَطْرَافُهَا وَوُطِّئَتْ لِغَيْرِهِ أَكْنَافُهَا وَفُطِمَ عَنْ رَضَاعِهَا وَزُوِيَ عَنْ زَخَارِفِهَا...
فَتَأَسَّ بِنَبِيِّكَ الْأَطْيَبِ الْأَطْهَرِ صلى الله عليه وآله فَإِنَّ فِيهِ أُسْوَةً لِمَنْ تَأَسَّى وَعَزَاءً لِمَنْ تَعَزَّى وَأَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ الْمُتَأَسِّي بِنَبِيِّهِ وَالْمُقْتَصُّ لِأَثَرِهِ قَضَمَ الدُّنْيَا قَضْماً وَلَمْ يُعِرْهَا طَرْفاً أَهْضَمُ أَهْلِ الدُّنْيَا كَشْحاً وَأَخْمَصُهُمْ مِنَ الدُّنْيَا بَطْناً عُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا وَعَلِمَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَبْغَضَ شَيْئاً فَأَبْغَضَهُ وَحَقَّرَ شَيْئاً فَحَقَّرَهُ وَصَغَّرَ شَيْئاً فَصَغَّرَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِينَا إِلَّا حُبُّنَا مَا أَبْغَضَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَتَعْظِيمُنَا مَا صَغَّرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لَكَفَى بِهِ شِقَاقاً لِلَّهِ وَمُحَادَّةً عَنْ أَمْرِ اللَّهِ وَلَقَدْ كَانَ صلى الله عليه وآله يَأْكُلُ عَلَى الْأَرْضِ وَيَجْلِسُ جِلْسَةَ الْعَبْدِ وَيَخْصِفُ بِيَدِهِ نَعْلَهُ وَيَرْقَعُ بِيَدِهِ ثَوْبَهُ وَيَرْكَبُ الْحِمَارَ الْعَارِيَ وَيُرْدِفُ خَلْفَهُ وَيَكُونُ السِّتْرُ عَلَى بَابِ بَيْتِهِ فَتَكُونُ فِيهِ التَّصَاوِيرُ فَيَقُولُ يَا فُلَانَةُ لِإِحْدَى أَزْوَاجِهِ غَيِّبِيهِ عَنِّي فَإِنِّي إِذَا نَظَرْتُ إِلَيْهِ ذَكَرْتُ الدُّنْيَا وَزَخَارِفَهَا فَأَعْرَضَ عَنِ الدُّنْيَا بِقَلْبِهِ وَأَمَاتَ ذِكْرَهَا مِنْ نَفْسِهِ وَأَحَبَّ أَنْ تَغِيبَ زِينَتُهَا عَنْ عَيْنِهِ لِكَيْلَا يَتَّخِذَ مِنْهَا رِيَاشاً وَلَا يَعْتَقِدَهَا قَرَاراً وَلَا يَرْجُوَ فِيهَا مُقَاماً فَأَخْرَجَهَا مِنَ النَّفْسِ وَأَشْخَصَهَا عَنِ الْقَلْبِ وَغَيَّبَهَا عَنِ الْبَصَرِ وَكَذَلِكَ مَنْ أَبْغَضَ شَيْئاً أَبْغَضَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ وَأَنْ يُذْكَرَ عِنْدَهُ وَلَقَدْ كَانَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله مَا يَدُلُّكُ عَلَى مَسَاوِئِ الدُّنْيَا وَعُيُوبِهَا إِذْ جَاعَ فِيهَا مَعَ خَاصَّتِهِ وَزُوِيَتْ عَنْهُ زَخَارِفُهَا مَعَ عَظِيمِ زُلْفَتِهِ فَلْيَنْظُرْ نَاظِرٌ بِعَقْلِهِ أَكْرَمَ اللَّهُ مُحَمَّداً بِذَلِكَ أَمْ أَهَانَهُ فَإِنْ قَالَ أَهَانَهُ فَقَدْ كَذَبَ وَاللَّهِ الْعَظِيمِ بِالْإِفْكِ الْعَظِيمِ وَإِنْ قَالَ أَكْرَمَهُ فَلْيَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهَانَ غَيْرَهُ حَيْثُ بَسَطَ الدُّنْيَا لَهُ وَزَوَاهَا عَنْ أَقْرَبِ النَّاسِ مِنْهُ فَتَأَسَّى مُتَأَسٍّ بِنَبِيِّهِ وَاقْتَصَّ أَثَرَهُ وَوَلَجَ مَوْلِجَهُ وَإِلَّا فَلَا يَأْمَنِ الْهَلَكَةَ فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله عَلَماً لِلسَّاعَةِ وَمُبَشِّراً بِالْجَنَّةِ وَمُنْذِراً بِالْعُقُوبَةِ خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا خَمِيصاً وَوَرَدَ الْآخِرَةَ سَلِيماً لَمْ يَضَعْ حَجَراً عَلَى حَجَرٍ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ وَأَجَابَ دَاعِيَ رَبِّهِ فَمَا أَعْظَمَ مِنَّةَ اللَّهِ عِنْدَنَا حِينَ أَنْعَمَ عَلَيْنَا بِهِ سَلَفاً نَتَّبِعُهُ وَقَائِداً نَطَأُ عَقِبَهُ)[٣٤].
علي عليه السلام والدنيا
قال امير المؤمنين عليه السلام: (أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ،لَوْلاَ حُضُورُ الْحَاضِرِ، وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ، وَمَا أَخَذَاللهُ عَلَى العُلَمَاءِ أَلاَّ يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِم، وَلا سَغَبِ مَظْلُوم،لاَ لقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا، وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِها،وَلاَلفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْز)[٣٥].
وقال عليه السلام: (انا كاب الدنيا لوجهها، وقادرها بقدرها، وناظرها بعينها)[٣٦].
وقال عليه السلام: (والله لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها، ولقد قال لي قائل: ألا تنبذها ؟ فقلت: اعزب عني فعند الصباح يحمد القوم السرى)[٣٧].
وقال عليه السلام: (ان دنياكم عندي لاهون من ورقة في فم جرادة تقضمها، ما لعلي ونعيم يفنى، ولذة لا تبقى)[٣٨].
وقال عليه السلام: (ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمها بقرصيه، ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهادٍ، وعفة وسدادٍ، فو الله ما كنزت من دنياكم تبراً، ولا ادخرت من غنائمها وفراً، ولا أعددت لبالي ثوبي طمراً، ولا حزت من أرضها شبراً، ولا أخذت منه إلا كقوت أتانٍ دبرةٍ، ولهي في عيني أوهى وأهون من عفصة مقرةٍ.
بلى كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء، فشحت عليها نفوس قومٍ، وسخت عنها نفوس قومٍ آخرين، ونعم الحكم الله.
وما أصنع بفدكٍ وغير فدكٍ، والنفس مظانها في غدٍ جدث، تنقطع في ظلمته آثارها وتغيب أخبارها، وحفرة لو زيد في فسحتها، وأوسعت يدا حافرها لأضغطها الحجر والمدر، وسد فرجها التراب المتراكم، وإنما هي نفسي أروضها بالتقوى، لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر، وتثبت على جوانب المزلق.
ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل، ولباب هذا القمح، ونسائج هذا القز، ولكن هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة، ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشبع، أو أبيت مبطاناً وحولي بطون غرثى، وأكباد حرى، أو أكون كما قال القائل:
وحـسـبـك داء أن تـبـيت ببطنةٍ | وحـولـك أكـبـاد تحـن إلى الـقـد |
أأقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش، فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات، كالبهيمة المربوطة همها علفها، أو المرسلة شغلها تَقَمُّمُها، تكترش من أعلافها وتلهو عما يراد بها، أو أترك سدى، وأهمل عابثاً، أو أجر حبل الضلالة، أو أعتسف طريق المتاهة.
وكأني بقائلكم يقول: «إذا كان هذا قوت ابن أبي طالب فقد قعد به الضعف عن قتال الأقران، ومنازلة الشجعان».
ألا وإن الشجرة البرية أصلب عوداً، والروائع الخضرة أرق جلوداً، والنباتات البدوية أقوى وقوداً، وأبطأ خموداً، وأنا من رسول الله كالصنو من الصنو، والذراع من العضد.
والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليت عنها، ولو أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها، وسأجتهد في أن أطهر الأرض من هذا الشخص المعكوس، والجسم المركوس حتى تخرج المدرة من بين حب الحصيد.
ومن هذا الكتاب وهو آخره:
إليك عني يا دنيا، فحبلك على غاربك، قد انسللت من مخالبك، وأفلت من حبائلك، واجتنبت الذهاب في مداحضك، أين القوم الذين غررتهم بمداعبك، أين الأمم الذين فتنتهم بزخارفك؟! ها هم رهائن القبور، ومضامين اللحود.
والله لو كنت شخصاً مرئياً، وقالباً حسياً، لأقمت عليك حدود الله في عباد غررتهم بالأماني، وأمم ألقيتهم في المهاوي، وملوك أسلمتهم إلى التلف، وأوردتهم موارد البلاء، إذ لا ورد ولا صدر.
هيهات، من وطئ دحضك زلق، ومن ركب لججك غرق، ومن أزور عن حبالك وفق، والسالم منك لا يبالي إن ضاق به مناخه، والدنيا عنده كيوم حان انسلاخه.
أعزبي عني، فوالله لا أذل لك فتستذليني، ولا أسلس لك فتقوديني.
وأيم الله ـ يميناً أستثني فيها بمشيئة الله ـ لأروضن نفسي رياضة تهش معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوماً، وتقنع بالملح مأدوماً، ولأدعن مقلتي كعين ماءٍ نضب معينها، مستفرغةً دموعها.
أتمتلئ السائمة من رعيها فتبرك وتشبع الربيضة من عشبها فتربض ويأكل علي من زاده فيهجع قرت إذاً عينه، إذا اقتدى بعد السنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة، والسائمة المرعية)[٣٩].
وفي خبر ضرار بن ضمرة لما دخل على معاوية وامره ان يصف له عليا عليه السلام، فقال: انه راه في الليل وهو يبكي ويقول: (يَا دُنْيَا يَا دُنْيَا إِلَيْكِ عَنِّي أَ بِي تَعَرَّضْتِ أَمْ إِلَيَّ تَشَوَّفْتِ تَشَوَّقْتِ لاَ حَانَ حِينُكِ هَيْهَاتَ غُرِّي غَيْرِي لاَ حَاجَةَ لِي فِيكِ قَدْ طَلَّقْتُكِ ثَلاَثاً لاَ رَجْعَةَ فِيهَا فَعَيْشُكِ قَصِيرٌ وَخَطَرُكِ يَسِيرٌ وَأَمَلُكِ حَقِيرٌ آهِ مِنْ قِلَّةِ اَلزَّادِ وَ طُولِ اَلطَّرِيقِ وَبُعْدِ اَلسَّفَرِ وَعَظِيمِ اَلْمَوْرِدِ)[٤٠].
وقال عليه السلام: (والله لدنياكم هذه أهون في عيني من عراق خنزير في يد مجذوم)[٤١].
الى هنا قد انتهينا من ذكر ما ورد على لسان امير المؤمنين عليه السلام في كتاب نهج البلاغة من ذكر الدنيا، فهذه هي الدنيا وحقيقة حالها، وهذا حال الانبياء والاوصياء والاولياء في التعامل معها، نسأل الله تعالى ان يوفقنا للاستنان بهم، والاخذ منها بقدر الضرورة، والتزود فيها للاخرة، واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد واله الطيبين الطاهرين عليهم السلام.