وقال (عليه السلام) : مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ .                
وقال (عليه السلام): مَنْ ضَيَّعَهُ الاْقْرَبُ أُتِيحَ لَهُ الاْبْعَدُ .                
وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                
وقال (عليه السلام): إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى أحَد أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ عَنْهُ سَلَبَتْهُ مَحَاسِنَ نَفْسِهِ .                
وقال (عليه السلام): مَنْهُومَانِ لاَ يَشْبَعَانِ: طَالِبُ عِلْم، وَطَالِبُ دُنْيَا.                
وقال (عليه السلام): ما أَنْقَضَ النَّوْمَ لِعَزَائِمِ الْيَوْمِ.                
وقال (عليه السلام): الرِّزْقُ رِزْقَانِ: طَالِبٌ، وَمَطْلُوبٌ، فَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا طَلَبَهُ الْمَوْتُ حَتَّى يُخْرِجَهُ عَنْهَا،مَنْ طَلَبَ الاْخِرَةَ طَلَبَتْهُ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رِزْقَهُ مِنْهَا.                

Search form

إرسال الی صدیق
الطب والصحة العامة في نهج البلاغة

الأستاذ الدكتور: يحيى كاظم السلطاني

جامعة الكوفة ـ كلية الطب

الخلاصة

نال نهج البلاغة نصيبا وافرا من اهتمامات الباحثين والمفكرين حتى بلغت شروحه وتفسيراته في الوقت الحاضر حوالي ثلاثمائة وسبعون شرحا وتفسيرا ، ومازال الاهتمام جاريا من قبل العلماء والباحثين في سبر أغوار هذا النهج البليغ .

يمكننا القول بان " نهج البلاغة " هو " نهج الحياة " ، اذ لا يشتمل على الأمور البلاغية فحسب وانما يمتد الى مختلف شؤون الحياة ، فمنه تستنبط الأحكام في إدارة القضاء وشؤون الدولة ، وهو مرجع في علوم الفقه والتفسير وفي علمي النفس والاجتماع ، الى جانب اعتباره مرجعا في العلوم التربوية والعسكرية .

وأكثر من ذلك فان نهج البلاغة غزير بالاشارات اللامعة والومضات الساطعة في العلوم الطبية والصحة العامة وفي العلوم التطبيقية الأخرى كالفلك والرياضيات والبيولوجيا والبيئة وغيرها .

غير ان هذه الموضوعات مازالت بحاجة الى المزيد من الدراسات والبحوث لإظهار أهمية نهج البلاغة بهذه الميادين .

ومن ذلك جاءت فكرة إعداد هذه الدراسة التي ستكرس لعرض بعض الجوانب الطبية والصحية وهي مستقاة من نهج البلاغة بشكل خاص ومن أقوال الامام علي (ع) بشكل عام .

ففي الطب العام ، قال الامام (ع) :

" العلوم ثلاثة ، الفقه للأديان والطب للأبدان والنحو للسان " .

" العلوم أربعة ، الفقه للأديان والطب للأبدان والنحو للسان والنجوم لمعرفة الأزمان " .

أما في مجال العلاقة بين الطبيب والمريض فقد قال (عليه السلام) :

" لا شفاء لمن كتم طبيبه داءه "

و " من كتم مكنون داءه عجز طبيبه عن شفائه "

وفي ميدان الحفاظ على صحة الجسم قال الامام (ع) :

" لا تنال الصحة الا بالحميّة "

" من لم يحتمل مرارة الدواء دام ألمه "

أما في مجال الأغذية ودورها في الحفاظ على الصحة العامة للجسم فقد قال عليه السلام :

" من قلّ طعامه قلـّت آلامه "

" لا فطنة مع بطنة "

" من غرس في نفسه محبة أنواع الطعام ، اجتنى ثمار فنون الأسقام "

" المعدة بيت الأدواء والحمية رأس الدواء ولا صحة مع النهم " .

... وغير ذلك كثير جدا .

هكذا هو " نهج البلاغة " ، غزير بالومضات الطبية ومليء بالوصايا الصحية وغني بالمفاهيم البيولوجية (الحياتية) .... انه مازال يمثل نهجا قويما للحياة .

توطئة :

مادام " نهج البلاغة " مقرونا باسم " الإمام علي (عليه السلام) " فانه ينبغي الإشارة هنا ، ولو بإيجاز شديد ، الى هذين الاسمين العلمين لتكون مدخلا منسجما مع هذه الدراسة .

الإمام علي (عليه السلام) : ولادته ووفاته :

هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي شيخ قريش ورئيس مكة ، ولد بالكعبة المشرفة في مكة المكرمة في يوم الجمعة المصادف الثالث عشر من شهر رجب بعد عام الفيل بثلاثين عاما (سنة ٦٠٠ ميلادية) . أما أمه فهي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، فهو أول هاشمي يولد من أبوين هاشميين .

استشهد الإمام (عليه السلام) بليلة الجمعة وذلك في الحادي والعشرين من شهر رمضان لعام أربعين هجرية في محرابه بمسجد الكوفـة عن ثلاث وستين سنة ، ودفن في مرقده الشريف بالنجف الأشرف .

وللإمام (عليه السلام) أحد عشر ولدا وست عشرة بنتا .

نهج البلاغة :

قام الشريف الرضي بجمع وترتيب نهج البلاغة على الصورة التي هي عليها الآن . وقد نال النهج البليغ نصيبا وافرا من اهتمامات الباحثين والمفكرين على اختلاف مذاهبهم حتى بلغت شروحه وتفسيراته في الوقت الحاضر حوالي ثلاثمائة وسبعون شرحا وتفسيرا  .

والجدير بالذكر ، هناك اثنان وعشرون شخصا دونوا خطب الامام علي (عليه السلام) قبل زمن الشريف الرضي امثال الواقدي والمدائني والمنقري وغيرهم  .

ومـن أبسـط هذه الشـروح والتفسيرات ما يعرف بـ " شرح ابن أبي الحديد ".

ومازال الاهتمام جاريا من قبل العلماء والباحثين في سبر أغوار نهج البلاغة .

وقد قال الشريف الرضي (رحمه الله) :

" فاني كنت في عنفوان السـن ، وعضاضة الغصن ، ابتدأت بتأليف كتاب عن خصائص الأئمة (عليهم السلام) ، يشتمل على محاسن أخبارهم ، وجواهر كلامهم ، حداني عليه غرضٌ ذكرته في صدر الكتاب ، وجعلته أمام الكلام .

وفرغت من الخصائص التي تخص أمير المؤمنين عليا ، صلوات الله عليه ، وعاقت عن إتمام الكتاب محاجزات الأيام ، ومماطلات الزمان .

وكنت قد بوّبت ما خرج من ذلك أبوابا ، وفصلته فصولا ، فجاء في آخرها فصل يتضمن محاسن ما نقل عنه (عليه السلام) ، من الكلام القصير، في المواعظ والحكم والأمثال والآداب ، دون الخطب الطويلة والكتب المبسوطة .

فاستحسن جماعة من الأصدقاء ما اشتمل عليه الفصل المقدم ذكره ، معجبين ببدائعِهِ ، ومتعجبين من نواصعه ، وسـألـوني عند ذلك أن أبدأ بتأليف كتاب يحتوي على مختار كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) ، في جميع فنونه ، ومتشعبات غصونه ، من خطب وكتب ، ومواعظ وأدب ، علما ان ذلك يتضمن عجائب البلاغة ، وغرائب الفصاحة ، وجواهر العربية ، وثواقب الكلم الدينية والدنياوية ، مالا يوجد مجتمعا في كلام ، ولا جموع الأطراف في كتاب ، إذ كان لأمير المؤمنين (عليه السلام) مَشرَع الفصاحة ومورِدَها ، ومنشأ البلاغة ومولِدَها ، ومنه (عليه السلام) ظهر مكنونها ، وعنه أخذت قوانينها ، وعلى أمثلته حذا كل قائل خطيب ، وبكلامه استعان كل واعظ بليغ ، ومع ذلك فقد سبق وقصّروا ، وتقدّم وتأخروا ، لأن كلامه (عليه السلام) الكلام الذي عليه مسحة من العلم الإلهي ، وفية عبقة من الكلام النبوي " ... الى ان يقول : ورأيت من بعد تسمية هذا الكتاب بـ " نهج البلاغة "  .

جمع الشـريـف الرضي " نهج البلاغة " بثلاثة أقطاب أولها الخطب  والأوامر ، وثانيها الكتب والرسائل وثالثها الحكم والمواعظ .

وجاءت تسمية " نهج البلاغة " من قبل الشريف الرضي من قوة البيان وفصاحة اللسان في كلام الامام علي عليه السلام مقارنة بما جاء من شتى فنون اللغة في عصره ، بعد ان كان عصر الامام يمتاز بأوج الارتقاء اللغوي آنذاك .

" نهج الحياة " :

يمكننا القول بان نهج البلاغة ما هو الا نهج للحياة اذ لا يشتمل على الأمور البلاغية في اللغة فحسب وانما يمتد في ذلك كثيرا الى مختلف شؤون الحياة ، فمنه تستنبط الأحكام في إدارة القضاء وشؤون الدولة ، وهو مرجع لا يمكن الاستغناء عنه في علوم الفقه والتفسير ، وفي علمي النفس والاجتماع ، الى جانب اعتباره مرجعا في العلوم التربوية والعسكرية .

وأكثر من ذلك فانه غزير بالاشارات الطبية والومضات الرائدة في مختلف العلوم التطبيقية الأخرى كالفلك والرياضيات والصحة العامة وعلوم الحياة (البيولوجيا) والبيئة وغيرها . غير ان هذه الموضوعات مازالت بحاجة الى المزيد من الدراسات والبحوث لاظهار أهمية نهج البلاغة بهذه الميادين . ومن ذلك جاءت فكرة إعداد هذه الدراسة التي ستكرس لعرض بعض الجوانب الطبية والصحية وهي مستقاة من نهج البلاغة بشكل خاص ، ومن أقوال الامام علي (عليه السلام) بشكل عام .

واقع الطب في عصر صدر الاسلام :

قد يرى البعض ان ما ذكر من أمور طبية في عصر صدر الاسلام ما هي الا أمور معرفية بسيطة ، ولكن لو تأملنا في بساطة الحياة وبدائيتها وقلة أعداد النفوس ضمن التجمعات البشرية آنذاك وانعدام الحياة العصرية بمفهومها الشائع وانعدام توفر التكنولوجيا في مجالات البناء والمواصلات والاتصالات وغيرها ، فاننا سنجد ان ما قيل في تلك الأزمان عن أمور الطب والعلوم العامة بشكل عام ليس بالأمر اليسير وانما كانت تمثل منارات شاخصة في حياة الناس .

ومن ناحية أخرى فان الأمراض كانت بسيطة وربما غير مكتشفة ، والملوثات البيئية قليلة وهذه تؤدي بالبداهة الى وجود أجسام قوية تقاوم معظم تلك الأمراض في حينه .

وهناك موضوع آخر لا بد من الوقوف عنده ، هو ان العالم بدأ يتجه الآن نحو الاهتمام بالطب البديل  Alternative Medicine  والمقصود به الاستغناء عن الأدوية التقليدية في العلاج ، كما ان التوجه للأولياء والصالحين يعد واحدا من مكونات الطب البديل في الشفاء من الأمراض .

ومن ذلك كله يمكن القول بان المعلومات الطبية التي توفرت في عصر الامام كانت سابقة لزمانها وبذلك تتجسد القيمة الكبيرة للمفاهيم الطبية والصحية لدى الامام (عليه السلام) .

الطب ونهج البلاغة :

وضع نهج البلاغة النواة الأولى لنشأة العلوم الطبية والصحية للناس الذين جاءوا بعد الامام علي (عليه السلام) ، فقد أخذ منه أبناؤه وأحفاده من الأئمة المعصومين الكثير حتى أصبحوا روادا في الميادين الطبية الى جانب ريادتهم في الفقه والتفسير . نعم وضع نهج البلاغة الحجر الأساس في طب أهل البيت .

وعلينا ان لا ننسى ان ذلك كله كان بتأثير من النبي الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي كانت وصاياه الصحية والطبية جلية للامام علي (عليه السلام) فقد استقى الامام علمه وبلاغته من علم وبلاغة الرسول (ص) .

مفهوم العلم  Science Concept :

للامام علي (عليه السلام) أقوال بليغة في تعريف العلم واعتباره قيمة عليا في حياة الناس ، كما فيها دعوة دائمة الى التعلم .

فقد قال (عليه السلام) :

" كل وعاءٍ يضيق بما جُعلَ فيه الا وعاء العلم ، فانه يتّسع " .

والمقصود بوعاء العلم هنا العقل فهو يتسع الى كثرة العلم .

و " العلم علمان : مطبوع ومسموع ، ولا ينفعُ المسموع اذا لم يكن المطبوع ".

والعلم المطبوع ما رسخ في النفس وظهر أثره في أعمال الفرد .

و " منهومان لا يشبعان : طالبُ علمٍ وطالب دنيا "  .

وفي ذلك إشارة واضحة الى ان العلم لا يُشبع منه .

و " ما مات من أحيا علماً ولا افتقر من مَلَكَ فهماً " .

وهنا أشار (عليه السلام) الى ان العلم يبقي ذكر صاحبه حياً حتى بعد مماته ، كما ان الانسان غني عندما يمتلك المعرفة .

و " وتعلموا العلم صغاراً تسودوا به كباراً "  .

و " الجاهل صغير وان كان شيخا ، والعالم كبير وان كان حدثاً "  .

و " الأنس بالعلم من نبل الهمّة "  .

و " من كساه العلم ثوبه اختفى عن الناس عيبه "  .

... وأقوال كثيرة أخرى .

هكذا كانت دعوة الامام (عليه السلام) الى التعلم والاهتمام بالعلوم منذ الصغر وإعطائها القيمة العليا ليسموا بها الانسان ويعمل من خلالها على اعمام الرخاء على بني الانسان .

الطب العام  General Medicine  :

قال الامام (عليه السلام) :

" العلم علمان ، علم الأبدان ، وعلم الأديان "  .

و " العلم ثلاثة ، الفقه للأديان ، والطب للأبدان ، والنحو للسان "  .

و " العلوم أربعة ، الفقه للأديان ، والطب للأبدان ، والنحو للسان ، والنجوم لمعرفة الأزمان "  .

و " ان فـي القـرآن لآيـة تـجمـع الطب كله [ كلوا واشربوا ولا تسرفوا] ".

وقد أكد (عليه السلام) بذلك على مفهوم الطب وعلاقته بطبيعة التعامل مع الجسم في حالتي الصحة والمرض .

أما في مجال العلاقة بين الطبيب والمريض فقد قال (عليه السلام) :

" لا شفاء لمن كتم طبيبه داءه "  .

و " من كتم مكنون دائه عجز طبيبه عن شفائه ".

تلك هي وصايا مهمة للمريض أشار فيها الامام (عليه السلام) الى ضرورة البوح عن مكنونات الداء للطبيب للوقوف على حالته الصحية وتكوين صورة كافية بغية معالجته عن دراية ووضوح .

وعن الطبيب قـال عليـه السـلام : " من تطبّب فليتق الله ولينصح ويجتهد" .

وفي ذلك وصايا للطبيب بان يكون مخلصا في مهنته وأمينا على أسرار مرضاه لينسجم ذلك مع أخلاقيات مهنة الطب ، وان يستجوب المريض عن علامات مرضه وما يشكو منه وذلك للغرض ذاته ، لأن المريض قد يخفي أسراره على الطبيب اما خجلا أو خشية إفشاءها من قبل الطبيب وبذلك فان في حِكَم الامام (عليه السلام) بهذا المجال دروس وعظة لتمتين العلاقة بين الطبيب والمريض .

وميادين الطب والصحة العامة واسعة جدا يتعذر علينا سبر أغوارها بهذه الدراسة الوجيزة بل سنعتمد على الاشارة الى بعض تلك الميادين دون التوسع في التحليلات لان الاسهاب في هذه التحليلات قد تفقد قوة النص المبارك في أقوال الامام (عليه السلام) .

الصحة العامة والأمراض :

وفي مجال الحديث عن الجسم في حالتي الصحة والمرض ، قال الامام علي (عليه السلام) :

" ان للأبـدان حالات ست : الصحة والمرض والنوم واليقظة والموت والحياة ، وكذلك الأرواح فان صحتها اليقين ومرضها الترديد ونومها الغفلة ويقظتها التوجه وموتها الجهل وحياتها العلم "  .

و " لا تنال الصحة الا بالحميّة "  .

و " من لم يصبر على مضض الحميّة طال سقمه "  .

و " ألا وإنَّ من البلاء الفاقَةَ ، وأشدُّ من الفاقةِ مرض البدن ، وأشد من مرض البدن مرض القلبِ ، ألا وإنَ من النِعَم سَعَةُ المالِ ، وأفضل من سعة المال صحة البدن ، وأفضل من صحة البدن تقوى القلبِ "  .

و " امش بدائك ما مشى بك "  .

وذلك يعني انه مادام الداء سهل الاحتمال فانه يمكنك ان تمارس أعمالك ، أما اذا أعياك ذلك الداء فاسترح .

و " من كثرت أدواءه لم يعرف شفاؤه "  .

و " لا عيش أهنأ من العافية "  .

و " دائك منك وما تشعر "  .

ان الانسان يتعرض الى الكثير من الأمراض ولك من حيث يدري أو لا يدري فمسببات الأمراض متنوعة فهي اما ان تكون بيئية كالملوثات وما اليها ، أو ذاتية كسوء التغذية والإخلال بالساعة البيولوجية التي تسيّر عموم وظائف الجسم ، أو تكون نفسية ناجمة عن مسببات اجتماعية أو اقتصادية أو غيرها .

ولم يترك الامام (عليه السلام) أمرا يتعلق بصحة الانسان إلا وترّض له بشيء من عين الحكمة وخالص البلاغة ، ومن ذلك علاقة الصحة العامة للانسان بالغذاء مثلا حيث قال (عليه السلام) :

" من قلّ طعامه قلت آلامه "  .

و " من غـرس في نفسـه محبـة أنواع الطعام ، اجتنى ثمار فنون الأسقام".

و " من اقتصر في أكله كثرت صحته وصلحت فكرته "  .

و " يضر الناس أنفسهم في ثلاثة أشياء : الافراط في الأكل اتكالا على الصحة ، وتكلف حمل ما لا يطاق اتكالا على القوة ، والتفريط في العمل اتكالا على القدر "  .

و " لا فطنة مع بطنة "  .

و " كثرة الأكل والنوم تفسدان النفس وتجلبان المضرّة "  .

و " كم من أكلة منعت أكلات "  .

و " المعدة بيت الأدواء والحمية رأس الدواء ولا صحة مع النهم "  .

يُفهم من ذلك ان من ابتعد عن التخمة والإسراف في تناول الطعام قلت أمراضه لان في ذلك الإسراف إجهاد كبير لأعضاء الجسم المختلفة التي ينبغي ان تؤدي أدوارها الوظيفية وفق السياقات الطبيعية . فرُبّ إنسان أفرط بالأكل فابتلي بالتخمة وبيما مرضت معدته فتعذر عليه الأكل أياما وجرّت عليه أسقاما.

علم الأدوية  Pharmacology  :

أما عن الأدوية فقد قال الامام علي (عليه السلام) :

" من لم يحتمل مرارة الدواء دام ألمه "  .

و " رُب دواء جلب داء "  .

و " رُب داء انقلب دواء "  .

و " دوائك فيك وما تبصر "  .

و " شرب الدواء للجسد كالصابون للثوب ، ينقيه ولكن يُخلقه "  .

وهنا يبدو الأمر جليا فان من يتعاطى الدواء عليه ان يتحمل مرارته على مضض ولا ينفر من طعمه أو رائحته اذا لم يكن مستساغا أحيانا وان يلتزم بكيفية تعاطيه ، وبمقدار جرعاته ليؤدي ذلك الدواء دوره المرجو في الجسم لتحقيق الشفاء . كما ان تعاطي الدواء يشفي الجسم من مرض معين إلا انه قد تحدث عنه تأثيرات جانبية فتؤدي الى حدوث أمراض أخرى .

الفسيولوجيا ( علم وظائف الأعضاء)    Phsiology

ففي مجال علم الفسيولوجيا أو ما يعرف بعلم وظائف الأعضاء فان لأمير المؤمنين (عليه السلام) دور كبير في سبر أغواره ، وقد أيدت معطيات الطب الحديث ما ذهب اليه الامام (عليه السلام) في حكمه ومواعظه ووصاياه .

ففي مجال فسيولوجيا الهضم ما هو معروف عن قوله لابنه الحسن : " يا بني ألا أعلمك أربع كلمات تستغني بها عن الطب ، فقال : بلى ، قال : لا تجلس على الطعام إلا وأنت جائع ، ولا تقع عن الطعام إلا وأنت تشتهيه ، وجـوّد المضغ ، واذا نمت فاعرض نفسك على الخلاء ، واذا استعملت هذه استغنيت عن الطب"  .

ويخاطب بذلك الامام ابنه الحسن (عليهما السلام) بوصية وجيزة مفادها ان يبتعد الانسان عن التخمة والاكتفاء بتناول الطعام عند الحاجة لان الإسراف في الأكل قد يؤدي الى اضطراب وظائف الجهاز الهضمي . كما ينبغي على الطعام ان يمضغ جيدا ليتفكك الى وحدات أصغر (جزئية) كي تتحول بدورها الى مركبات أخرى يحتاجها الجسم في بناء أعضاءه وفي اداء وظائفه المختلفة .

وينصح الامام بتناول بعض الأغذية التي تنفع المعدة مثلا حيث قال (عليه السلام) :

" كلوا الرمان بشحمه فانه دباغ للمعدة "  .

و " كلوا التفاح فانه يدبغ المعدة "  .

وعن فسيولوجيا القلب قال الامام (عليه السلام) : " لا تميتوا القلوب بكثرة الطعام والشراب فان القلب يموت كالزرع اذا كثر عليه الماء "  .

ويستنتج من كلام الامام (عليه السلام) ان على الانسان الابتعاد عن النهم في تناول الأطعمة والاشربة لان ذلك قد يؤدي الى تكوين مركبات كيميائية داخل الجسم قد تكون ضارة مثل الكوليسترول الذي قد تؤدي زيادته الى حدوث انسدادات في الأوعية الدموية والى حدوث أمراض مختلفة في القلب وجهاز الدوران .

كما نصح الامام (عليه السلام) بتعاطي بعض الأغذية لتقوية عمل القلب حيث قال (عليه السلام) :

" ان الزبيب يشد القلب ، ويذهب بالمرض ، ويطفئ الحرارة ، ويطيّب النفس" .

و " أكل السفرجل قوة للقلب الضعيف ، ويطيّب المعدة ، ويذكي الفؤاد ، ويشجع الجبان "  .

****************************