السيد جفر مرتضى العاملي
العراقيون.. في كلام علي (عليه السلام)
ونقتطف من كلامه (عليه السلام)، الذي ورد في نهج البلاغة، وفي مصادر كثيرة ما يلي:
قال (عليه السلام) في نهج البلاغة الخطبة رقم [٢٥] بترقيم المعجم المفهرس للدشتي:
«.. إني والله، لأظن: أن هؤلاء القوم سيدالون منكم، باجتماعهم على باطلهم، وتفرقكم عن حقكم، وبمعصيتكم إمامكم في الحق، وطاعتهم إمامهم في الباطل، وبأدائهم الأمانة إلى صاحبهم، وخيانتكم، وبصلاحهم في بلادهم وفسادكم؛ فلو ائتمنت أحدكم على قعب لخشيت أن يذهب بعلاقته. اللهم إني قد مللتهم وملوني؛ وسئمتهم وسئموني، فأبدلني بهم خيراً منهم، وأبدلهم بي شراً مني» [١].
وقال (عليه السلام) في الخطبة رقم [٢٧] بترقيم المعجم:
«عجباً والله يميت القلب ويجلب الهم، من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم، وتفرقكم عن حقكم، فقبحاً لكم وترحاً، حين صرتم غرضاً يرمى، يغار عليكم ولا تغيرون، وتُغزون ولا تَغزون، ويعصى الله وترضون، فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الحر قلتم: هذه حمَّارة القيظ».
إلى أن قال (عليه السلام): «يا أشباه الرجال ولا رجال، حلوم الأطفال، وعقول ربات الحجال، لوددت إني لم أركم ولم أعرفكم، معرفة والله جرت ندماً، وأعقبت سدماً، قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحاً، وشحنتم صدري غيظاً، وجرعتموني نغب التهمام أنفاساً الخ..».
وقال (عليه السلام) في الخطبة رقم [٢٩] بترقيم المعجم:
«أيها الناس المجتمعة أبدانهم، المختلفة أهواؤهم، كلامكم يوهي الصم الصلاب، وفعلكم يطمع فيكم الأعداء» [٢] .
وقال (عليه السلام) في الخطبة رقم [٣٩] من نهج البلاغة بترقيم المعجم:
«منيت بمن لا يطيع إذا أمرت، ولا يجيب إذا دعوت لا أبا لكم ما تنتظرون بنصركم ربكم؟! أما دين يجمعكم؟ ولا حمية تحمشكم؟ أقوم فيكم مستصرخاً، أناديكم متغوثاً، فلا تسمعون لي قولاً، ولا تطيعون لي أمراً، حتى تكشف الأمور عن عواقب المساءة الخ» [٣].
وقال (عليه السلام): «إذا دعوتكم إلى جهاد عدوكم دارت أعينكم، كأنكم من الموت في غمرة، ومن الذهول في سكرة. يرتج عليكم حواري فتعمهون؛ فكأن قلوبكم مألوسة فأنتم لا تعقلون. ما أنتم لي بثقة سجيس الليالي، وما أنتم بركن يمال بكم، ولا زوافر عز يفتقر إليكم. ما أنتم إلا كإبل ضل رعاتها، فكلما جمعت من جانب انتشرت من آخر» [٤].
وقال (عليه السلام): «إنكم ـ والله ـ لكثير في الباحات, قليل تحت الرايات. وإني لعالم بما يصلحكم ويقيم أودكم، ولكني والله لا أرى إصلاحكم بإفساد نفسي. أضرع الله خدودكم، وأتعس جدودكم. لا تعرفون الحق كمعرفتكم الباطل، ولا تبطلون الباطل كإبطالكم الحق» [٥] .
وقال (عليه السلام) في الخطبة رقم [٩٧] بترقيم المعجم:
«أيها القوم الشاهدة أبدانهم، الغائبة عنهم عقولهم، المختلفة أهواؤهم، المبتلى بهم أمراؤهم، صاحبكم يطيع الله وأنتم تعصونه، وصاحب أهل الشام يعصي الله وهم يطيعونه، لوددت والله أن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم، فأخذ مني عشرة منكم وأعطاني واحداً منهم».
وقال (عليه السلام) في الخطبة رقم [١٠٦] بترقيم المعجم:
«وقد ترون عهود الله منقوضة فلا تغضبون وأنتم لنقض ذمم آبائكم تأنفون. وكانت أمور الله عليكم ترد، وعنكم تصدر، وإليكم ترجع»الخ..
وقال (عليه السلام) في نهج البلاغة الخطبة [١٠٨] بترقيم المعجم المفهرس للدشتي:
«ما لي أرى أشباحاً بلا أرواح، وأرواحاً بلا أشباح، ونسّاكاً بلا صلاح، وتجاراً بلا أرباح، وأيقاظاً نوماً، وشهوداً غيباً، وناظرة عمياء، وسامعة صماء، وناطقة بكماء».
وقال في الخطبة رقم [١٢١] بترقيم المعجم:
«هذا جزاء من ترك العقدة! أما والله لو أني حين أمرتكم به حملتكم على المكروه الذي يجعل الله فيه خيراً فإن استقمتم هديتكم، وإن اعوججتم قومتكم، وإن أبيتم تداركتكم، لكانت الوثقى. ولكن بمن وإلى من؟! أريد أن أداوي بكم وأنتم دائي، كناقش الشوكة بالشوكة، وهو يعلم أن ضلعها معها. اللهم قد ملت أطباء هذا الداء الدوي, وكلت النزعة بأشطان الركي. أين القوم الذين دعوا إلى الإسلام فقبلوه, وقرؤوا القرآن فأحكموه, وهيجوا إلى الجهاد فولهوا وله اللقاح إلى أولادها الخ..».
وقال (عليه السلام) في الخطبة رقم [١٨٠] بترقيم المعجم المفهرس للدشتي:
«أحمد الله على ما قضى من أمر، وقدر من فعل، وعلى ابتلائي بكم أيتها الفرقة التي إذا أمرت لم تطع وإذا دعوت لم تجب إن أمهلتم خفتم، وإن حوربتم خُرتم وإن اجتمع الناس على إمام طعنتم» [٦].
وقال (عليه السلام) في الخطبة رقم [٢٠٨] بترقيم المعجم المفهرس للدشتي:
«أيها الناس إنه لم يزل أمري معكم على ما أحب حتى نهكتكم الحرب، وقد والله أخذت منكم وتركت وهي لعدوكم أنهك، لقد كنت أمس أميراً فأصبحت اليوم مأموراً وكنت أمس ناهياً فأصبحت اليوم منهياً وقد أحببتم البقاء وليس لي أن أحملكم على ما تكرهون» [٧].
وقال (عليه السلام) في الخطبة رقم [١٩٢] بترقيم المعجم:
«ألا وإنكم قد نفضتم أيديكم من حبل الطاعة، وثلمتم حصن الله المضروب عليكم بأحكام الجاهلية الخ..».
وقال (عليه السلام) في الخطبة رقم [١٩٢] بترقيم المعجم:
«واعلموا أنكم صرتم بعد الهجرة أعراباً، وبعد الموالاة أحزاباً. ما تتعلقون في الإسلام إلا باسمه، ولا تعرفون من الإيمان إلا رسمه.. ألا وقد قطعتم قيد الإسلام وعطلتم حدوده، وأمتم أحكامه».
قريش والعرب، وعلي (عليه السلام)
كانت تلك بعض كلمات أمير المؤمنين (عليه السلام) في بيان حال أصحابه، كما وردت في كتاب نهج البلاغة.
ولعل أكثر ما تقدم قد صدر عنه (عليه السلام) بعد حرب الجمل، وصفين كما يظهر، بل هو صريح بعض النصوص الآتية..
وتلك الكلمات ناطقة بأنه (عليه السلام) كان يعاني من مشكلات كبيرة مع أصحابه، وأنهم كانوا لا يطيعونه، ولا ينقادون لأوامره في كثير من الأحوال..
ولا يختص ذلك بالعراقيين، بل هو ينسحب على قريش، وعلى العرب بصورة عامة..
وقد أكدت ذلك النصوص الكثيرة الأخرى أيضاً..
ونحن نشير هنا إلى النصوص التالية:
وقال معاوية، وهو يتحدث عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وعن نفسه:
«.. وكان في أخبث جند، وأشدهم خلافاً. وكنت في أطوع جند، وأقلهم خلافاً» [٨].
وكان أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) يردد:
ولكني متى أبرمت أمراً ***** منيت بخلف آراء الطغام [٩]
وقال الدكتور نايف معروف:
«وقد حمّل [ميور] علياً مسؤولية وجود تلك العناصر الهدامة بين أتباعه حين قال: [إن علياً قد سمح لنفسه أن يضم إلى جيشه الخونة والقتلة، فكان عليه أن يجني الثمار المرة، في الوقت الذي كان فيه معاوية هو الرابح الوحيد].
ولكن يبدو أن [ميور] قد حمّل علياً ما هو فوق طاقته؛ فأمير المؤمنين لم يكن بقادرٍ على تحديد هوية أولئك المخادعين؛ ليفرز الخونة جانباً؛ خصوصاً وأنهم من زعماء القبائل التي تسانده، وتحارب إلى جانبه، والتي لا يستطيع إغضابها، والاستغناء عن مساندتها له.
كما أن زعم «ماكدونالد» بأن علياً لم يكن رجل سياسة فيه جهل بشخصية الإمام، الذي كان رجل عقيدة، يعمل بموجبها، ويلتزم بأحكام اجتهاداته من خلالها» [١٠].
ونقول :
لسوف يتضح من خلال هذا البحث: أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قد بلغ في سياسته الحكيمة درجة الإعجاز، فإنه قد قاتل أولاً جيشاً فيه طلحة والزبير، وهما من أهل السابقة في الإسلام، ومعهما التأييد القرشي القوي، وقد كان لقريش نفوذ كبير في الناس ومعهما أيضاً زوجة النبي وابنة الخليفة الأول، ومدلَّلة عمر بن الخطاب, الرجل الذي كان قوله في العرب كالشرع المتبع كما سنشير إليه إنشاء الله..
ثم حارب معاوية وجيشه الذي كان أكثر من مئة ألف رجل وقد تحدث معاوية نفسه عن الواقع الذي كان يعاني منه أمير المؤمنين، وعن الامتياز الذي لمعاوية في جيشه من أهل الشام..
ثم حارب خوارج أهل العراق بأهل العراق أنفسهم، فقتلوا إخوانهم وابناءهم وآباءهم فيهم.
كل هذا قد كان والحال: أنه (عليه السلام) لم يكن جيشه موالياً له، بل لم يكن معه خمسون رجلاً يعتقدون بإمامته، كما سنذكره وكان في أخبث جيش، وكان عدوه في أطوع جيش، حسب قول معاوية.. وهل يستطيع أحد أن يحارب أعدائه بأعدائه، والحال أن الذين يحاربهم يملكون امتيازات بهذا الحجم، ثم هو ينتصر عليهم جميعاً؟! إن ذلك لعجيب حقاً وأي عجيب!!
وقد روى الصدوق رحمه الله قال: «حدثني محمد بن الحسن بن الوليد رضي الله عنه، عن المفضل بن قيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: كم شيعتنا بالكوفة؟
قال: قلت: خمسون ألفاً.
قال: فما زال يقول، حتى قال: أترجو أن يكونوا عشرين؟
ثم قال (عليه السلام): والله، لوددت أن يكون بالكوفة خمسة وعشرون رجلاً يعرفون أمرنا الذي نحن عليه، ولا يقولون علينا إلا بالحق» [١١].
فإذا كان هذا هو الحال في زمن الإمام الصادق (عليه السلام) الذي ظهرت فيه الكوفة على أنها عاصمة التشيع لعلي (عليه السلام) وأهل بيته (عليهم السلام).
وقد كتب (عليه السلام) إلى أخيه عقيل: «ألا وإن العرب قد أجمعت على حرب أخيك إجماعها على حرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل اليوم؛ فأصبحوا قد جهلوا حقه، وجحدوا فضله، وبادروه بالعداوة، ونصبوا له الحرب، وجهدوا عليه كل الجهد، وجرُّوا إليه جيش الأحزاب الخ..» [١٢].
وقال (عليه السلام) لعدي بن حاتم في صفين: «أدن. فدنا، حتى وضع أذنه عند أنفه، فقال: ويحك، إن عامة من معي اليوم يعصيني، وإن معاوية في من يطيعه، ولا يعصيه» [١٣].
ويقول الثقفي: «قد كان الناس كرهوا علياً، ودخلهم الشك والفتنة، وركنوا إلى الدنيا، وقلّ مناصحوه؛ فكان أهل البصرة على خلافه والبغض له، وجلّ أهل الكوفة، وقراؤهم، وأهل الشام، وقريش كلها» [١٤].
ويقول أيضاً: «.. وكانت قريش كلها على خلافه مع بني أمية» [١٥] .
وقد تحدثنا عن موقف قريش منه (عليه السلام) في مقال لنا حول الغدير، في الجزء الثالث من كتاب «دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام»، فليراجع.
وحين قيل لعلي (عليه السلام) لما كتبت الصحيفة: إن الأشتر لم يرض بما في هذه الصحيفة، ولا يرى إلا قتال القوم، فقال علي (عليه السلام): بلى، إن الأشتر ليرضى إذا رضيت.. إلى أن قال: «ليت فيكم مثله اثنين، بل ليت فيكم مثله واحداً يرى في عدوه مثل رأيه. إذن لخفَّت علي مؤونتكم ورجوت أن يستقيم لي بعض أودكم» [١٦].
أما ابن كثير، فيقول: «واستقر أمر العراقيين على مخالفة علي فيما يأمرهم، وينهاهم عنه، والخروج عليه، والبعد عن أحكامه، وأقواله، وأفعاله، لجهلهم، وقلة عقولهم، وجفائهم، وغلظتهم، وفجور كثير منهم» [١٧].
وروي عن الباقر (عليه الصلاة والسلام) قوله: «كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) عندكم بالعراق، يقاتل عدوه، ومعه أصحابه، وما كان خمسون رجلاً يعرفونه حق معرفته، وحق معرفته إمامته..» [١٨].
وأما فيما يرتبط بالأسباب التي نشأت عنها هذه الحالة، فهي كثيرة، ونشير هنا إلى بعضها:
قريش.. وحقدها..
إن ذلك النشاط الواسع، الذي كانت تقوم به قريش، ومن يدور في فلكها من الصحابة، وغيرهم، وبالأخص الأخطبوط الأموي، في مختلف أرجاء الدولة الإسلامية، والرامي إلى تأليب الناس ضد علي (عليه السلام)، وصرفهم عن تأييده ونصره ـ إن ذلك ـ ليدل على مدى حقدهم على علي (عليه السلام) وكرههم لأمره.
وقد كانت قريش على درجة عالية من التمرس في حياكة المكائد، وفي مكر السياسة، وكانت تتمتع بدرجة عالية من النفوذ بين الناس عموماً لأسباب عديدة، ليس هنا محل بحثها..
وسبب حقدها هذا على علي (عليه السلام) يرجع إلى أمور كثيرة، فهو قد قتل في حرب بدر من رجالها وصناديدها نصف السبعين، وشارك في قتل النصف الآخر [١٩]، الذين كانوا كأن وجوههم سيوف الذهب، على حد قول عثمان لعلي (عليه السلام) مباشرة [٢٠] .
هذا.. بالإضافة إلى حسدها القوي له (عليه السلام)، وبغيها عليه، لما كان يتمتع به من فضائل ومزايا؛ ثم العناية الخاصة التي كان النبي (صلى الله عليه وآله) وسلم يوليه إياها.. ولأمور أخرى.. وقد ذكر ذلك أبو الهيثم ابن التيهان رحمه الله تعالى، في كلام له هام وجيد [٢١] فليراجع.
كما أن الثقفي يقول: «كانت قريش كلها على خلافه مع بني أمية» [٢٢].
وأمير المؤمنين (عليه السلام) نفسه قد أعلن في مناسبات كثيرة عن عداء قريش له، وتصغيرها عظيم منزلته، وبغيها عليه، وسعيها إلى نقض أمره، وتمييع قضيته، والنصوص في هذا المجال كثيرة [٢٣] ورسالة علي (عليه السلام) لأخيه عقيل التي يقول فيها: إن قريشاً أجمعت على حربه إجماعها على حرب رسول الله الخ.. هذه الرسالة خير شاهد على ذلك [٢٤].
ولا يجب أن ننسى هنا دعايات معاوية وحزبه ضده (عليه السلام)، فقد كان يتهمه ـ مثلاً ـ بأنه كان حاسداً للخلفاء قبله، باغياً عليهم، وأنه كان يقاد للبيعة كما يقاد الجمل المخشوش [٢٥].
وأنه لم يزل من أول الأمر معجباً بنفسه، مدلاً بقرابته، لا يرى لغيره حقاً في الخلافة.
وأنه كان هو السبب في مقتل عثمان [٢٦]، إلى غير ذلك من دعايات مغرضة، تهدف إلى إبعاد الناس عنه، والحط منه (عليه السلام)، والنيل من شخصيته.
* خلاصة جامعة :
ونستخلص من كلماته (عليه الصلاة والسلام) المتقدمة أموراً كثيرة، ونستطيع أن نجملها على النحو التالي:
١ ـ بالنسبة إلى إمامهم، وتعاملهم معه نجد:
ألف: أنهم يعصونه في الحق، ولا يطيعونه إذا أمرهم أو دعاهم، ولا يسمعون قوله، ولا يجيبون صرخته، واستغاثته.. حسب التعبيرات المختلفة التي وردت عنه (عليه السلام)..
ب: إنهم قد ملوا قائدهم، وإمامهم وسئموه.
ج: إنهم يصدرون الأوامر والنواهي لأميرهم..
٢ ـ وأما بالنسبة لأمر الجهاد فإنهم:
ألف: قد أصبحوا غرضاً يرمى، يغار عليهم، ولا يغيرون، ولا يُغزَونَ، ولا يغزون، كثير في الباحات قليل تحت الرايات.
ب: إذا أمروا بالجهاد، يتعللون بالمعاذير، بالحر تارة، وبالبرد أخرى.
ج: إنهم يصابون ـ إذا أمروا بالنفر إلى الجهاد ـ بالذعر والخوف.
د: كلامهم يوهي الصم الصلاب، وفعلهم يطمع فيهم الأعداء.
هـ: يؤثرون البقاء على لقاء الله والجهاد في سبيله.
و: إن حوربوا خاروا وإن أمهلوا خاضوا.
٣ ـ بالنسبة إلى حالتهم مع بعضهم البعض فإنهم:
ألف: متفرقون عن حقهم.
ب: إن أمهلوا خاضوا.
ج: أهواؤهم مختلفة.
د: هم كإبل ضل رعاتها، كلما جمعت من جانب انتشرت من آخر.
هـ: صاروا بعد الموالاة أحزاباً، حيث يظهر: أن المقصود هو أنهم أصبحوا شيعاً وأحزاباً متدابرين، بعد أن كانوا يداً واحدة يوالي ويحب بعضهم بعضاً.
٤ ـ وأما بالنسبة للدين والتدين فإنهم:
ألف: يرضون بمعصية الله سبحانه ويرون عهود الله منقوضة ولا يأنفون، ولكنهم يأنفون لنقض ذمم آبائهم.
ب: لا يعرفون الحق كمعرفتهم الباطل، ولا يعرفون من الإيمان إلا اسمه.
ج: لا يبطلون الباطل كإبطالهم الحق.
د: هم نساك بلا صلاح.
هـ: قد ثلموا حصن الله المضروب عليهم بأحكام الجاهلية.
و: قد قطعوا قيد الإسلام، وعطلوا حدوده، وأماتوا أحكامه.
ز: ما يتعلقون من الإسلام إلا باسمه.
٥ ـ وحول مقدار وعيهم، وإدراكهم لمقتضيات الحكمة:
ألف: أيقاظ نوّم، وشهود غيب، وناظرون عمي، وسامعون صم، وناطقون بكم، أبدانهم شاهدة، وعقولهم غائبة عنهم.
ب: هم أشباح بلا أرواح، وأرواح بلا أشباح.
ج: كأن عقولهم مألوسة، فهم لا يعقلون.
د: ليسوا برجال، بل لهم عقول ربات الحجال.
هـ: لهم حلوم الأطفال.
ثم إنه بقيت لهم أوصاف أخرى، نجملها على النحو التالي:
١ ـ إنهم يخونون أمانة صاحبهم، حتى لو أؤتمن أحدهم على قعب لخشي (عليه السلام) أن يذهب بعلاقته.
٢ ـ إنهم يفسدون في بلادهم.
٣ ـ ما هم بركن يمال إليه.
٤ ـ ليسوا زوافر عز يفتقر إليهم.
٥ ـ تجار بلا أرباح.
٦ ـ صاروا بعد الهجرة أعراباً.
ولعل مراجعة وافية لكلماته صلوات الله وسلامه عليه تعطينا المزيد مما يوضح حقيقة حالهم، وما آل إليه أمرهم.
ولكن ما ذكرناه يكفي للإلماح إلى ما نريد.
هذا.. وقد نجد في الفصل التالي بعض التوضيح لما ذكره (عليه الصلاة والسلام) في بيان الحال التي هم عليها.
بقي علينا أن نشير إلى أنه بالنسبة لقريش، وسائر العرب وموقفهم منه عليه آلاف التحية والسلام، فإن ذلك يحتاج إلى مزيد من البحث والتقصي، لعوامله وأسبابه، وبوادره، وآثاره نأمل أن نوفق لذلك في الموقع المناسب إن شاء الله تعالى.
----------------------------------------------------------------------------------------------
[١] . وراجع: شرح النهج للمعتزلي ج١ ص٣٣٢ والثقات ج٢ ص٣٥١ وفيه زيادات واختلاف.
[٢] . وراجع في هذا النص أيضاً الفتوح لابن اعثم ج٤ ص١٠٠ و١٠١.
[٣] . نهج البلاغة ج١ ص٨٦.
[٤] . نهج البلاغة ج١ ص٧٨ و٧٩ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج٢ ص١٨٩.
[٥] . شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج٦ ص١٠٢.
[٦] . راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج١٠ ص٦٧ عن تاريخ الامم والملوك ٢/٣/١٦٨١ و١٦٨٢.
[٧] . شرح النهج للمعتزلي ج١١ ص٢٩ وج٢ ص٢١٩ و٢٢٠.
[٨] . الخوارج في العصر الأموي ص٧٠ عن المحاسن والمساوئ للبيهقي ص٣٧٦.
[٩] . شرح النهج للمعتزلي ج٤ ص١٨/١٩ وعنه في كتاب: الخوارج في العصر الأموي ص٧١.
[١٠] . الخوارج في العصر الأموي ص٧٢.
[١١] . صفات الشيعة ص١٤/١٥.
[١٢] . شرح النهج للمعتزلي ج٢ ص١١٩ والغارات للثقفي ج٢ ص٤٢١ والبحار ج٨ ط قديم ص٦٢١ والدرجات الرفيعة ص١٥٦ ونهج السعادة ج٥ ص٢٠٢.
[١٣] . شرح النهج للمعتزلي ج٨ ص٧٧.
[١٤] . الغارات ج٢ ص٤٥٤
[١٥] . الغارات ج٢ ص٥٦٩..
[١٦] . صفين ص٥٢١ والكامل في التاريخ ج٣ ص٣٢٢ والمعتزلي ج٢ ص٢٤٠.
[١٧] . البداية والنهاية ج٧ ص٣١٧ وراجع ج٨ ص١١ أعني قوله (عليه السلام): إني مللتهم وملوني الخ.
[١٨] . اختيار معرفة الرجال ص٦.
[١٩] . راجع الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ج٣ ص٢٠٢ ـ ٢٠٤.
[٢٠] . معرفة الصحابة لأبي نعيم، مخطوط في مكتبة: طوب قبوسراي رقم ١/٤٩٧/أ الورق٢٢. وشرح النهج للمعتزلي ج٩ ص٢٣ والجمل ص٩٩.
[٢١] . راجع: الأوائل، لأبي هلال العسكري ج١ ص٣١٦/٣١٧.
[٢٢] . الغارات ج٢ ص٥٦٩.
[٢٣] . راجع: نهج البلاغة، شرح عبده، الرسالة رقم٣٦ وقسم الخطب رقم ٢١٢ و٣٢ و١٣٧ وشرح النهج للمعتزلي ج٦ ص٩٦ وج٢ ص١١٩ والغارات ج١ ص٣٠٩ وج٢ ص٤٥٤ و٤٢٩ و٤٣٠ وأنساب الأشراف [بتحقيق المحمودي] ج٢ ص٧٤ فما بعدها، والبحار ط قديم ج٨ ص٦٢١. وكتابنا: دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج١ ص١٧٥ و١٧٦ للاطلاع على مصادر أخرى. والإمامة والسياسة ج١ ص١٥٥.
[٢٤] . المعيار والموازنة ـ ص١٨٠.
[٢٥] . نهج البلاغة، الرسالة رقم ٢٨.
[٢٦] . راجع ذلك في نهج البلاغة، قسم الكتب تحت رقم ٤٨ ط الدار الإسلامية وط١ سنة ١٤١٤ ونفس المصدر كتاب رقم ٥٧ من نفس الطبعة.
مقتبس (بتصرف) من كتاب علي والخوارج (تاريخ ودراسة) السيد جفر مرتضى العاملي