الإمام علىّ : مؤلّف بين متعادياتها، ومفرّق بين متدانياتها، دالّة بتفريقها علي مفرّقها، وبتأليفها علي مؤلّفها، وذلك قوله تعالي: وَمِن كُلِّ شَىْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [١][٢].
عنه : وأمّا الجمادات فهو يمسكها بقدرته، ويمسك المتّصل منها أن يتهافت، ويمسك المتهافت منها أن يتلاصق[٣].
عنه : أحال الأشياء لأوقاتها، ولاَمَ بين مختلفاتها، وغرّز غرائزها، وألزمها أشباحها[٤].
عنه : فأقام من الأشياء أوَدَها[٥]، ونهج حدودها، ولاءَم بقدرته بين متضادّها، ووصل أسباب قرائنها[٦].
نكتة
يقول أينشتاين: "لقد تمكّن بنو البشر وبعد مرور قرون متمادية من التعرّف إلي أسرار تركيب الذّرّة، وتبيّن لهم أنّ هذا العالم المادّى إنّما يتألّف من الذّرّات الناتجة بدورها من اتّحاد الألكترونات بالبروتونات، وأنّ وجود المادّة وبقاءها رهين بدوام تلك الآصرة التى تربط بين أجزاء الذّرّة المتكوّنة من جسمين متضادّين ; سالب وموجَب". لكنّ الباحث المتتبّع إذا نظر بدقّة وتفحّص فى كلام الإمام علىّ ; فى تفسيره للآية الشريفة (٤٩) من سورة الذاريات، سيندهش حين يري بأنّه ¼ قد سبق علماء عصرنا بـ (١٤) قرناً من الزمان ; بالتعرّف إلي أسرار تركيب الذّرّة ; حيث جاء فى أحاديث هذا الباب أنّ الإمام أشار إلي ما يمكن انطباقه اليوم بـ (الألكترون) و(البروتون)، وتطرّق إلي الآصرة الموجودة بين هذين الجسمين بشكل دقيق للغاية.
وعلى ما تقدّم يمكن حمل كلام الرسول الأعظم فى مناظرته مع الدهريين حيث أشار إلي تلك المسألة العلميّة الدقيقة بقوله: "... فهذا الذى نشاهده من الأشياء بعضُها إلي بعض مفتقرٌ ; لأنّه لا قوام للبعض إلاّ بما يتّصل به" (بحار الأنوار: ٩ / ٢٦٢ / ١).
وفى هذا السياق أيضاً يقول الإمام الرضا : "و لم يخلق شيئاً فرداً قائماً بنفسه دون غيره للّذى أراد من الدلالة علي نفسه وإثبات وجوده، فاللّه تبارك وتعالي فردٌ واحد لا ثانى معه يُقيمه ولايعضده ولا يكنّه، والخلق يمسك بعضه بعضاً بإذن الله تعالي ومشيّته" (عيون أخبار الرضا: ١ / ١٧٦ / ١، بحار الأنوار: ١٠ / ٣١٦ / ١).