تمهيد
انّ محاسن الإخلاق ومکارمها کانت الهدف الأعلی للبعثة النبویة، کما أثر عنه (صلی الله علیه و آله) انّه قال: «إنّما بعثت لإتمم مکارم الأخلاق»[١]، وعلیه مسّت الحاجة إلی معرفة هذه المحاسن وما یاقبلها من مساویء للتمسّك بالأولی وترك الثانیة.
وهذا ما اهتّم به العلماء منذ عصر التدوین، حیث أفردوا في مؤلّفاتهم أبواباً تخصّ هذا الشأن، ثم ألّفت حوله بعض الکتب أمثال کتاب المحاسن للبرقي أو کتاب مکارم الأخلاق لابن أبي الدنیا وکذلك للطبرسي، إلی أن اختصّت کتب الأخلاق بذکر المفردات الأخلاقیة وشرحها والترغیب فیها، کما تذکر مقابلاتها من مساویء الأخلاق وتدعو إلی ترکها والتحرّز عنها.
انّ الإنسان في عالمنا الیوم، بعد ما سدّ الفراغات والحوائج المادیة مستعیناً بمختلف التقنیات والأسالیب الحدیثة، ووصل إلی ذروة الرفاه والإشباع المادي في الأعم الأغلب، لکنّه أصبح یحسّ بالفراغ والخلأ المعنوي، وهذا ما سبّب له إرباکاً في داخله حیث لا یحسّ بالطمأنینة والرضا النفسي، ویعیش قلقلاً داخلیاً لا یفارقه مع کثرة الشهوات والأهواء المتوفّرة حوله، ممّا أدّی إلی اتجاهه في بعض الأحیان نحو المدارس الباطنیة المنحرفة وما شاکل.
ونحن إذ نمتلك تراثاً معنویاً زاخراً ورثناه من ینابیع صافیة اختارها الله تعالی لهدایة البشریة، کان لزاماً علینا التعرّف علیها والالتزام بها أولاً، وتعریفها للناس ثانیاً.
ومن هذا المنطلق جاءت فکرة إعداد هذا الکتاب «المحاسن والمساویء في نهج البلاغة» لینیر الدرب نحو السلوك الصحیح والوصول إلی السعادة في الدارین.
فمعکم في حلقة أخری من «سلسلة في رحاب نهج البلاغة» لنتعرّف علی ما ورد علی لسان أمیرالمؤمنین (علیه السلام) حول هذين الموضوعین، ومن دون شرح وتعلیق،وبحسب حروف الهجاء.
(١) - الإثم
١ - قال (عليه السلام): «مَا ظَفِرَ مَنْ ظَفِرَ الاْثْمُ بِهِ، وَالْغَالِبُ بِالشَّرِّ مَغْلُوبٌ»[٢].
٢ - قال (عليه السلام): «مَن بَالَغَ فِي الْخُصوُمَةِ أَثِمَ»[٣].
٣ - قال (عليه السلام) في وصف المتقي:«لاَ يَحِيفُ عَلَى مَنْ يُبْغِضُ، وَلاَ يَأْثَمُ فِيمَنْ يُحِبُّ»[٤].
٤ - قال (علیه السلام) في وصف المنافق: «لاَيَتَأَثَّمُ وَلاَ يَتَحَرَّجُ»[٥].
٥ - قال (عليه السلام): «الرَّاضِي بِفِعْلِ قَوْم كَالدَّاخِلِ فِيهِ مَعَهُمْ، وَعَلَى كُلِّ دَاخِل فِي بَاطِل إِثْمَانِ: إِثْمُ الْعَمَلِ بِهِ، وَإِثْمُ الرِّضَا بِهِ»[٦].
٦- قال (عليه السلام): «إنّ شَرُّ وُزَرَائِكَ مَنْ كَانَ لِلأشْرَارِ قَبْلَكَ وَزِيراً، وَمَنْ شَرِكَهُمْ فِي الأثَامِ»[٧].
(٢) - الإخلاص
٧- قال (عليه السلام): «أَوَّلُ الدِّينِ مَعْرِفَتُهُ، وَ كَمَالُ مَعْرِفَتِهِ التَّصْدِيقُ بِهِ، وَ كَمَالُ التَّصْدِيقِ بِهِ تَوْحِيدُهُ، وَ كَمَالُ تَوْحِيدِهِ الْإِخْلَاصُ لَهُ، وَ كَمَالُ الْإِخْلَاصِ لَهُ نَفْيُ الصِّفَاتِ عَنْهُ...»[٨].
٨ - قال (عليه السلام): «رَحِمَ اللهُ عَبْداً سَمِعَ حُكْماً فَوَعَى... قَدَّمَ خَالِصاً، وَعَمِلَ صَالِحاً»[٩].
٩ - قال (عليه السلام): «قَدْ أَخْلَصَ للهِ فَاسْتَخْلَصَهُ، فَهُوَ مِنْ مَعَادِنِ دِينِهِ، وَأَوْتَادِ أَرْضِهِ»[١٠].
١٠ - قال (عليه السلام): «وَنُؤْمِنُ بِه إِيمَانَ مَنْ رَجَاهُ مُوقِناً... وَأَخْلَصَ لَهُ مُوَحِّداً»[١١].
١١ - قال (عليه السلام): «وَلكِنَّ اللهَ سْبْحَانَهُ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ الاْتِّبَاعُ لِرُسُلِهِ، وَالْتَّصْدِيقُ بِكُتُبِهِ، وَالْخُشُوعُ لِوَجْهِهِ، وَالإسْتِكَانَةُ لاَِمْرِهِ، وَالإسْتِسْلاَمُ لِطَاعَتِهِ، أُمُوراً لَهُ خَاصَّةً، لاَ تَشُوبُهَا مِنْ غَيْرِهَا شَائِبَةٌ»[١٢].
١٢ – کتب (علیه السلام) إلی بعض عماله: «وَآمَرَهُ أَلاَّ يَعْمَلَ بَشَيْء مِنْ طَاعَةِ اللهِ فِيما ظَهَرَ فَيُخَالِفَ إِلَى غَيْرِهِ فِيَما أَسَرَّ، وَمَنْ لَمْ يَخْتَلِفْ سِرُّهُ عَلاَنِيَتُهُ، وَفِعْلُهُ وَمَقَالَتُهُ، فَقَدْ أَدّى الاْمَانَةَ، وَأَخْلَصَ الْعِبَادَةَ»[١٣].
١٣ – وفي وصیته للإمام الحسن (علیهما السلام):« وَأَخْلِصْ فِي الْمَسْأَلَةِ لِرَبِّكَ، فَإِنَّ بِيَدِهِ الْعَطَاءَ وَالْحِرْمَانَ»[١٤].
١٤ – وفی عهده (علیه السلام) لمَالِكَ الأشتر:« وَلْيَكُنْ فِي خَاصَّةِ مَا تُخْلِصُ لله بِهِ دِينَكَ إِقَامَةُ فَرَائِضِهِ الَّتي هِيَ لَهُ خَاصَّةً، فَأَعْطِ اللهَ مِن بَدَنِكَ فِي لَيْلِكَ وَنَهَارِكَ، وَوَفِّ مَا تَقَرَّبْتَ بِهِ إِلَى اللهِ مِنْ ذلِكَ كَاملاً غَيْرَ مَثْلُوم وَلاَ مَنْقُوص، بَالِغاً مِنْ بَدَنِكَ مَا بَلَغَ»[١٥].
١٥ - وقال (عليه السلام): «فَرَضَ اللهُ الإيمَانَ تَطْهِيراً مِنَ الشِّرْكِ، وَالصَّلاَةَ تَنْزِيهاً عَنِ الْكِبْرِ، وَالزَّكَاةَ تَسْبِيباً لِلرِّزْقِ، وَالصِّيَامَ ابْتِلاَءً لإخْلاَصِ الْخَلْقِ»[١٦].
١٦ – ومن دعائه (عليه السلام): «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ تَحْسُنَ فِي لاَمِعَةِ الْعُيُونِ عَلاَنِيَتِي، وَتَقْبُحَ فِيَما أُبْطِنُ لَكَ سَرِيرَتيِ، مُحَافِظاً عَلَى رِيَاءِ النَّاسِ مِنْ نَفْسِي بِجَمِيعِ مَا أَنْتَ مُطَّلِعٌ عَلَيْهِ مِنِّي، فَأُبْدِيَ لِلنَّاسِ حُسْنَ ظَاهِرِي، وَأُفْضِيَ إِلَيْكَ بِسُوءِ عَمَلِي، تَقَرُّباً إلَى عِبَادِكَ، وَتَبَاعُداً مِنْ مَرْضَاتِكَ»[١٧].
١٧ – قال (علیه السلام): في وصف المؤمن: «وَيَشْنَأُ السُّمْعَةَ»[١٨].
(٣) - الأدب
١٨ – قال (علیه السلام): «لاَ مِيرَاثَ كَالأدَبِ»[١٩].
١٩ – قال (علیه السلام): «کفاك أدباً لنفسكَ اجتناب ما تکرهه من غیركَ»[٢٠].
٢٠ – قال (علیه السلام): «كَفى أَدَباً لِنَفْسِكَ تَجَنُّبُكَ مَا كَرِهْتَهُ لِغَيْرِكَ»[٢١].
٢١ – قال (علیه السلام): «وَحَقُّ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ أَنْ يُحَسِّنَ اسْمَهُ وَيُحَسِّنَ أَدَبَهُ وَيُعَلِّمَهُ الْقُرْآنَ»[٢٢].
٢٢ – وفي وصیته (علیه السلام): للإمام الحسن: «وَلاَ تَكُونَنَّ مِمَّنْ لاَ تَنْفَعُهُ الْعِظَةُ إِلاَّ إِذَا بَالَغْتَ فِي إِيلاَمِهِ، فَإِنَّ الْعَاقِلَ يَتَّعِظُ بِالأدَبِ، وَالْبَهَائِمَ لاَ تَتَّعِظُ إِلاَّ بِالضَّرْبِ»[٢٣].
٢٣ – قال (علیه السلام): «الْعِلْمُ وِرَاثَهٌ كَرِيمَةٌ، وَالأدَبُ حُلَلٌ مُجَدَّدَةٌ»[٢٤].
٢٤ – قال (علیه السلام): یا أَيُّهَا النَّاسُ، تَوَلَّوا مِنْ أَنْفُسِكُمْ تَأْدِيبَهَا، وَاعْدِلُوا بِهَا عَنْ ضَرَاوَةِ»[٢٥].
(٤) – الاستعانة بالله
٢٥ – قال (علیه السلام): «وَأَسْتَعِينُهُ فَاقَةً إِلى كِفَايَتِهِ، إِنَّهُ لاَ يَضِلُّ مَنْ هَدَاهُ، وَلا يَئِلُ مَنْ عَادَاهُ، وَلا يَفْتَقِرُ مَنْ كَفَاهُ، فَإِنَّهُ أَرْجَحُ ما وُزِنَ، وَأَفْضَلُ مَا خُزِنَ»[٢٦].
٢٦ – قال (علیه السلام): «وَاسْتَعِينُوا اللهَ عَلَى أَدَاءِ وَاجِبِ حَقِّهِ، وَمَا لاَ يُحْصَى مِنْ أَعْدَادِ نِعَمِهِ وَإِحْسَانِهِ»[٢٧].
٢٧ – قال (علیه السلام): «وَنَسْتَعِينُهُ عَلَى رِعَايَةِ حُقُوقِهِ»[٢٨].
٢٨ – قال (علیه السلام): «وَنَسْتَعِينُهُ عَلَى هذِهِ النُّفُوسِ الْبِطَاءِ عَمَّا أُمِرَتْ بِهِ، السِّرَاعِ إِلَى مَا نُهِيَتْ عَنْهُ»[٢٩].
٢٩ – قال (علیه السلام): «وَنَسْتَعِينُ بِهِ اسْتِعَانَةَ رَاج لِفَضْلِهِ، مُؤَمِّل لِنَفْعِهِ، وَاثِق بِدَفْعِهِ، مُعْتَرِف لَهُ بِالطَّوْلِ ، مُذْعِن لَهُ بِالْعَمَلِ وَالْقَوْلِ»[٣٠].
٣٠ – قال (علیه السلام): «وَأَسْتَعِينُهُ عَلَى وَظَائِفِ حُقُوقِهِ»[٣١].
٣١ – قال (علیه السلام): «وَاعْلَمُوا عِبَادَ اللهِ، أَنَّهُ لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً... فَاسْتَفْتِحُوهُ وَاسْتَنْجِحُوهُ، وَاطْلُبُوا إِلَيْهِ وَاسْتَمْنِحُوهُ، فَمَا قَطَعَكُمْ عَنْهُ حِجَابٌ، وَلاَ أُغْلِقَ عَنْكُمْ دُونَهُ بَابٌ، وَإِنْهُ لَبِكُلِّ مَكَان، وَفِي كُلِّ حِين وَأَوَان، وَمَعَ كُلِّ إِنْس وَجَانّ»[٣٢].
٣٢ – قال (علیه السلام): «نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ سُبَاتِ الْعَقْلِ، وَقُبْحِ الزَّلَلِ ، وَبِهِ نَسْتَعِينُ»[٣٣].
٣٣ – وفي وصیته للإمام الحسن(علیهما السلام): «وَأَلْجِىءْ نَفْسَكَ فِي الاُمُورِ كُلِّهَا إِلَى إِلهِكَ، فَإِنَّكَ تُلجِئُهَا إِلَى كَهْف حَرِيز، وَمَانِع عَزِيز»[٣٤].
٣٤ – وفي کتاب (علیه السلام) لمحمد بن أبي بکر: «وَأَكْثِرِ الاسْتِعَانَةَ بِاللهِ يَكْفِكَ مَا أَهَمَّكَ، وَيُعِنْكَ عَلَى مَا يُنْزِلُ بِكَ، إِنْ شَاءَ اللهُ»[٣٥].
٣٥ – وفي کتابه إلی بعض عماله: «فَاسْتَعِنْ بِاللهِ عَلَى مَا أَهَمَّكَ»[٣٦].
٣٦ – وفي عهده (علیه السلام): لمالك الأشتر: «وَلَيْسَ يَخْرُجُ الْوَالِي مِنْ حَقِيقَةِ مَا أَلْزَمَهُ اللهُ مِنْ ذلِكَ إِلاَّ بِالإهْتَِمامِ وَالاسْتِعَانَةِ بِاللهِ»[٣٧].
(٥) – الاستغفار
٣٧ – قال (علیه السلام): «قَدْ جَعَلَ اللهُ سُبْحَانَهُ الاسْتِغْفَارَ سَبَباً لِدُرُورِ الرِّزْقِ وَرَحْمَةِ الْخَلْقِ، فَقَالَ: (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً)، فَرَحِمَ اللهُ امْرَأً اسْتَقْبَلَ تَوْبَتَهُ، وَاسْتَقَالَ خَطِيئَتَهُ، وَبَادَرَ مَنِيَّتَهُ»[٣٨].
٣٨ – قال (علیه السلام): في وصف أولیاء الله: «وَتَقَشَّعَتْ بِطُولِ اسْتِغْفَارِهِم ذُنُوبُهُمْ»[٣٩].
٣٩ – قال (علیه السلام):«عَجِبْتُ لِمَنْ يَقْنَطُ وَمَعَهُ الاسْتِغْفَارُ»[٤٠].
٤٠ – قال (علیه السلام): «كَانَ فِي الأرْضِ أَمَانَانِ مِنْ عَذَابِ اللهِ سُبْحَانَهُ، وَقَدْ رُفِعَ أَحَدُهُمَا، فَدُونَكُمُ الآخَرَ فَتَمَسَّكُوا بِهِ: أَمَّا الأمَانُ الَّذِي رُفِعَ فَهُوَ رَسُولُ اللهُ (صلى الله عليه وآله) وَأَمَّا الأمَانُ الْبَاقِي فَالإسْتِغْفَارْ، قَالَ الله تعالی: (وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)»[٤١].
٤١ – قال (علیه السلام): «مَنْ أُعْطِيَ أَرْبعاً لَمْ يُحْرَمْ أَرْبَعاً: ... مَنْ أُعْطِيَ الإسْتِغْفَارَ لَمْ يُحْرَمِ الْمَغْفِرَةَ ... وتصديقُ ذَلكَ في كتَابِ اللهِ، قال في الإستغفار: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً)»[٤٢].
٤٢ – قال (علیه السلام): لقائل قال بحضرته: أَسْتَغْفِرُ اللهَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، أَتَدْرِي مَا الإسْتِغْفَارُ؟ إنَّ الإسْتِغْفَارَ دَرَجَةُ الْعِلِّيِّينَ وَهُوَ اسْمٌ وَاقِعٌ عَلَى سِتَّةِ مَعَان: أَوَّلُهَا: النَّدَمُ عَلَى مَا مَضَى، وَالثَّانِي: الْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ الْعَوْدِ إِلَيْهِ أَبَداً، وَالثَّالِثُ: أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى الْـمَخْلُوقِينَ حُقُوقَهُمْ حَتَّى تَلْقَى اللهَ أَمْلَسَ لَيْسَ عَلَيْكَ تَبِعَةٌ، وَالرَّابِعُ: أَنْ تَعْمِدَ إِلَى كُلِّ فَرِيضَة عَلَيْكَ ضَيَّعْتَهَا فَتُؤَدِّيَ حَقَّهَا، وَالْخَامِسُ: أَنْ تَعْمِدَ إِلَى اللَّحْمِ الَّذِي نَبَتَ عَلَى السُّحْتِ فَتُذِيبَهُ بالأحْزَانِ، حَتَّى يَلْصِقَ الْجِلْدُ بِالْعَظْمِ، وَيَنْشَأَ بَيْنَهُمَا لَحْمٌ جَدِيدٌ، وَالسَّادِسُ: أَنْ تُذِيقَ الْجِسْمَ أَلَمَ الطَّاعَةِ كَمَا أَذَقْتَهُ حَلاَوَةَ الْمَعْصِيَةِ، فَعِنْدَ ذلِكَ تَقُولُ: أَسْتَغْفِرُاللهَ»[٤٣].
(٦) – الإسراف
٤٣ – قال (علیه السلام): «أَلاَ وَإِنَّ إِعْطَاءَ الْمَالِ فِي غَيْرِ حَقِّهَ تَبْذِيرٌ وَإِسْرَافٌ، وَهُوَ يَرْفَعُ صَاحِبَهُ فِي الدُّنْيَا وَيَضَعُهُ فِي الآخِرَةِ، وَيُكْرِمُهُ فِي النَّاسِ وَيُهِينُهُ عِنْدَ اللهِ...»[٤٤].
٤٤ – قال (علیه السلام): «كُنْ سَمَحاً وَلاَ تَكُنْ مُبَذِّراً»[٤٥].
٤٥ – وفي کتابه (علیه السلام) إلی زیاد بن أبیه: «فَدَعِ الإسْرَافَ مُقْتَصِداً»[٤٦].
(٧) – الأسف
٤٦ – قال (علیه السلام) في وصیته للحسنین (علیهما السلام): «أُوصِيكُمَا بِتَقْوَى اللهِ، وَأنْ لاَ تَبْغِيَا الدُّنْيَا وَإِنْ بَغَتْكُمَا، وَلاَ تَأْسَفَا عَلَى شَيْء مِنْهَا زُوِيَ عَنْكُمَا»[٤٧].
٤٧ – قال (علیه السلام): «إِنْ مَلَكَهُ الْيَأْسُ قَتَلَهُ الأسَفُ»[٤٨].
٤٨ – قال (علیه السلام) لابن عباس: «فَلْيَكُنْ سُرُورُكَ بِمَا نِلْتَ مِنْ آخِرَتِكَ، وَلْيَكُنْ أسَفُكَ عَلَى مَا فَاتَكَ مِنْهَا»[٤٩].
(٨) – الإسلام
٤٩ – قال (علیه السلام): «الْحَمْدُ للهِ الَّذِي شَرَعَ الإسْلاَمَ فَسَهَّلَ شَرَائِعَهُ لِمَنْ وَرَدَهُ، وَأَعَزَّ أَرْكَانَهُ عَلَى مَنْ غَالَبَهُ، فَجَعَلَهُ أَمْناً لِمَنْ عَلِقَهُ، وَسِلْماً لِمَنْ دَخَلَهُ، وَبُرْهَاناً لِمَنْ تَكَلَّمَ بِهِ، وَشَاهِداً لِمَنْ خَاصَمَ بِهِ، وَنُوراً لِمَنِ اسْتَضَاءَ بِهِ، وَفَهْماً لِمَنْ عَقَلَ، وَلُبّاً لَمِنْ تَدَبَّرَ، وَآيَةً لِمَنْ تَوَسَّمَ، وَتَبْصِرَةً لِمَنْ عَزَمَ، وَعِبْرَةً لِمَنِ اتَّعَظَ، وَنَجَاةً لِمَنْ صَدَّقَ، وَثِقَةً لِمَنْ تَوَكَّلَ، وَرَاحَةً لِمَنْ فَوَّضَ، وَجُنَّةً لِمَنْ صَبَرَ، فَهُوَ أبْلَجُ الْمَنَاهجِ وَاضِحُ الْوَلاَئِجِ، مُشْرَفُ الْمَنَارِ، مُشْرِقُ الْجَوَادِّ، مُضِيءُ الْمَصَابِيحِ، كَرَيمُ الْمِضْمارِ، رَفِيعُ الْغَايَةِ، جَامِعُ الْحَلْبَةِ، مُتَنَافِسُ السُّبْقَةِ، شَرِيفُ الْفُرْسَانِ، التَّصْدِيقُ مِنْهَاجُهُ، وَالصَّالِحَاتُ مَنَارُهُ، وَالْمَوْتُ غَايَتُهُ، وَالدُّنْيَا مِضْمارُهُ، وَالْقِيَامَةُ حَلْبَتُهُ، وَالْجَنَّةُ سُبْقَتُهُ»[٥٠].
٥٠ – قال (علیه السلام): «إِنَّ اللهَ خَصَّكُمْ بَالإسْلاَمِ، وَاسْتَخْلَصَكُمْ لَهُ، وَذلِكَ لاِنَّهُ اسْمُ سَلاَمَة، وَجِمَاعُ كَرَامَة، اصْطَفَى اللهُ تَعَالَى مَنْهَجَهُ، وَبَيَّنَ حُجَجَهُ، مِنْ ظَاهِرِ عِلْم، وَبَاطِنِ حِكَم، لاَ تَفْنَى غَرَائِبُهُ، وَلاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، فِيهِ مَرَابِيعُ النِّعَمِ، وَمَصَابِيحُ الظُّلَمِ، لاَ تُفْتَحُ الْخَيْرَاتُ إِلاَّ بِمَفَاتِحِهِ، وَلاَ تُكْشَفُ الظُّلُمَاتُ إِلاَّ بِمَصَابِحِهِ، قَدْ أَحْمَى حِمَاهُ ، وَأَرْعَى مَرْعَاهُ، فِيهِ شِفَاءُ الْمُسْتَشْفِي، وَكِفَايَةُ الْمُكْتَفِي»[٥١].
٥١ – قال (علیه السلام): «فَـمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِيناً تَتَحَقَّقْ شِقْوَتُهُ، وَتَنْفَصِمْ عُرْوَتُهُ، وَتَعْظُمْ كَبْوَتُهُ، وَيَكُنْ مَآبُهُ إلَى الْحُزْنِ الطَّوِيلِ وَالْعَذَابِ الْوَبيلِ»[٥٢].
٥٢ – قال (علیه السلام): «إنَّ لِلإسْلاَمِ غَايَةً فانْتَهُوا إلى غَايَتِهِ»[٥٣].
٥٣ – قال (علیه السلام): «ثُمَّ إِنَّ هذَا الإسْلاَمَ دِينُ اللهِ الَّذِي اصْطَفَاهُ لِنَفْسهِ، وَاصْطَنَعَهُ عَلى عَيْنِهِ، وَأَصْفَاهُ خِيْرَةَ خَلْقِهِ، وَأَقَامَ دَعَائِمَهُ عَلَى مَحَبَّتِهِ، أَذَلَّ الأدْيَانَ بِعِزّه، وَوَضَعَ الْمِلَلَ بِرَفْعِهِ، وَأَهَانَ أَعْدَاءَهُ بِكَرَامَتِهِ، وَخَذَلَ مُحَادِّيهِ بِنَصْرِهِ، وَهَدَمَ أَرْكَانَ الضَّلاَلَةِ بِرُكْنِهِ، وَسَقَى مَنْ عَطِشَ مِنْ حِيَاضِهِ، وَأَتْأَقَ الْحِيَاضَ بِمَوَاتِحِهِ، ثُمَّ جَعَلَهُ لاَ انْفِصَامَ لِعُرْوَتِهِ، وَلاَ فَكَّ لِحَلْقَتِهِ، وَلاَ انْهِدَامَ لاَِسَاسِهِ، وَلاَ زَوَالَ لِدَعَائِمِهِ، وَلاَ انْقِلاَعَ لِشَجَرَتِهِ، وَلاَ انْقِطَاعَ لِمُدَّتِهِ، وَلاَ عَفَاءَ لِشَرَائِعِهِ، وَلاَ جَذَّ لِفُرُوعِهِ، وَلاَ ضَنْكَ لِطُرُقِهِ، و َلاَ وُعُوثَةَ لِسُهُولَتِهِ، و َلاَ سَوَادَ لِوَضَحِهِ، وَلاَ عِوَجَ لاِنْتِصَابِهِ، وَلاَ عَصَلَ فِي عُودِهِ، وَلاَ وَعَثَ لِفَجَّهِ، وَلاَ انْطِفَاءَ لِمَصَابِيحِهِ، وَلاَ مَرَارَةَ لِحَلاَوَتِهِ، فَهُوَ دَعَائِمُ أَسَاخَ فِي الْحَقِّ أَسْنَاخَهَا، وَثَبَّتَ لَهَا آسَاسَهَا، وَيَنَابِيعُ غَزُرَتْ عُيُونُهَا، وَمَصَابِيحُ شَبَّتْ نِيرَانُهَا، وَمَنَارٌ اقْتَدَى بِهَا سُفَّارُهَا، وَأَعلاَمٌ قُصِدَ بِهَا فِجَاجُهَا، وَمَنَاهِلُ رَوِيَ بِهَا وُرَّادُهَا. جَعَلَ اللهُ فِيهِ مُنْتَهَى رِضْوَانِهِ، وَذِرْوَةَ دَعَائِمِهِ، وَسَنَامَ طَاعَتِهِ، فَهُوَعِنْدَ اللهِ وَثِيقُ الأرْكَانِ، رَفِيعُ الْبُنْيَانِ، مُنِيرُ الْبُرْهَانِ، مُضِيءُ النِّيرَانِ، عَزِيرُ السُّلْطَانِ، مُشْرِفُ الْمَنَارِ، مُعْوِذُ الْمَثَارِ، فَشَرِّفُوهُ وَاتَّبِعُوهُ، وَأَدُّوا إِلَيْهِ حَقَّهُ، وَضَعُوهُ مَوَاضِعَهُ»[٥٤].
٥٤ – قال (علیه السلام): «لاََنْسُبَنَّ الإسْلاَمَ نِسْبَةً لَمْ يَنسُبْهَا أَحَدٌ قَبْلِي: الإسْلاَمُ هُوَ التَّسْلِيمُ، وَالتَّسْلِيمُ هُوَ الْيَقِينُ، وَالْيَقِينُ هُوَ التَّصْدِيقُ، وَالتَّصْدِيقُ هُوَ الإقْرَارُ، وَالإقْرَارُ هُوَ الأدَاءُ، وَالأدَاءُ هَوَ الْعَمَلُ»[٥٥].
٥٥ – قال (علیه السلام): «لاَ شَرَفَ أَعْلَى مِنَ الإسْلاَمِ»[٥٦].
(٩) – الإصلاح
٥٦ – قال (علیه السلام): «وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ»[٥٧].
٥٧ – قال (علیه السلام): «فَإِذَا طَمِعْنَا فِي خَصْلَة يَلُمُّ اللهُ بِهَا شَعَثَنَا، وَنَتَدَانَى بِهَا إِلَى الْبَقِيَّةِ فِيَما بَيْنَنَا، رَغِبْنَا فِيهَا، وَأَمْسَكْنَا عَمَّا سِوَاهَا»[٥٨].
٥٨ – قال (علیه السلام): «اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ الَّذِي كَانَ مِنَّا مُنَافَسَةً فِي سُلْطَان، وَلاَ الِْتمَاسَ شِيء مِنْ فُضُولِ الْحُطَامِ، وَلكِنْ لِنَرِدَ الْمَعَالِمَ مِنْ دِينِكَ، وَنُظْهِرَ الإصْلاَحَ فِي بِلاَدِكَ، فَيَأْمَنَ الْمَظْلُومُونَ مِنْ عِبَادِكَ، وَتُقَامَ الْمُعَطَّلَةُ مِنْ حُدُودِكَ»[٥٩].
٥٩ – کتب (علیه السلام) لمعاویة: «وَمَا أَرَدْتُ إِلاَّ الإصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ، وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ»[٦٠].
٦٠ – وفي وصیته للإمام الحسن والحسین (علیهما السلام): «أُوصِيكُمَا، وَجَمِيعَ وَلَدِي وَأَهْلِي وَمَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي، بِتَقْوَى اللهِ، وَنَظْمِ أَمْرِكُمْ، وَصَلاَحِ ذَاتِ بَيْنِكُمْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ جَدَّكُمَا (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) يَقُولُ: صَلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ الصَّلاَةِ الصِّيَامِ»[٦١].
(١٠) – الأکل الحرام
٦١ – قال (علیه السلام): «وَلاَ تُدْخِلُوا بُطُونَكُمْ لُعَقَ الْحَرَامِ، فَإِنَّكُمْ بِعَيْنِ مَنْ حَرَّمَ عَلَيْكُم الْمَعْصِيَةَ، وَسَهَّلَ لَكُمْ سُبُلَ الطَّاعَةِ»[٦٢].
٦٢ – وفي وصیته للإمام الحسن (علیهما السلام): «بِئْسَ الطَّعَامُ الْحَرَامُ»[٦٣].
٦٣ – وکتب (علیه السلام) لعثمان بن حنیف: «فَانْظُرْ إِلَى مَا تَقْضَمُهُ مِنْ هذَ الْمَقْضَمِ، فَمَا اشْتَبَهَ عَلَيْكَ عِلْمُهُ فَالْفِظْهُ، وَمَا أَيْقَنْتَ بِطِيبِ وُجُوهِهِ فَنَلْ مِنْهُ»[٦٤].
(١١) – الأمانة
٦٤ – قال (علیه السلام): «ثُمَّ أَدَاءَ الأمَانَةِ، فَقَدْ خَابَ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا»[٦٥].
٦٥ – قال (علیه السلام): «وَمَنِ اسْتَهَانَ بِالأمَانَةِ، وَرَتَعَ فِي الْخِيَانَةِ، وَلَمْ يُنَزِّهَ نَفْسَهُ وَدِينَهُ عَنْهَا، فَقَدْ أَحَلَّ بِنَفْسِهِ فِي الدُّنْيَا الْخِزْيَ، وَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَذَلُّ وَأَخْزَى»[٦٦].
(١٢) – الأمر بالمعروف والنهي عن المنکر
٦٦ – قال (علیه السلام): «وَانْهَوْا عَنْ المُنْكَرِ وَتَنَاهَوْا عَنْهُ، فَإِنَّمَا أُمِرْتُمْ بالنَّهْي بَعْدَ التَّنَاهِي»[٦٧].
٦٧ – قال (علیه السلام): «ظَهَرَ الْفَسَادُ فَلاَ مُنْكِرٌ مُغَيِّرٌ، وَلاَ زَاجرٌ مُزْدَجِرٌ... لَعَنَ اللهُ الآمِرِينَ بِالْمَعْرُوفِ التَّارِكِينَ لَهُ، وَالنَّاهِينَ عَنِ المُنكَرِ الْعَامِلِينَ بِهِ»[٦٨].
٦٨ – قال (علیه السلام): «وَإِنَّ الأمْرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيَ عَنِ المُنكَرِ، لَخُلُقَانَ مِنْ خُلُقِ اللهِ سُبْحَانَهُ، وَإِنَّهُمَا لاَ يُقَرِّبَانِ مِنْ أَجَل، وَلاَ يَنْقُصَانِ مِنْ رِزْق»[٦٩].
٦٩ – قال (علیه السلام): «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي، وَاللهِ، مَا أَحُثُّكُمْ عَلَى طَاعَة إِلاَّ وَأَسْبِقُكُمْ إِلَيْهَا، وَلاَ أَنْهَا كُمْ عَنْ مَعْصِيَة إِلاَّ وَأَتَنَاهَى قَبْلَكُمْ عَنْهَا»[٧٠].
٧٠ – قال (علیه السلام): «فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَلْعَنِ الْقَرْنَ الْمَاضِيَ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ إِلاَّ لِتَرْكِهِمُ الأمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ المُنكَرِ، فَلَعَنَ السُّفَهَاءَ لِرُكُوبِ الْمَعَاصِي، وَالْحُلَمَاءَ لِتَرْكِ الْتَّنَاهِيْ»[٧١].
٧١ – قال (علیه السلام) في وصف الذاکرين: «يَأْمُرُونَ بِالقِسْطِ وَيَأْتَمِرُونَ بِهِ، وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَيَتَنَاهَوْنَ عَنْهُ»[٧٢].
٧٢ – وفي وصیته للإمام الحسن (علیهما السلام): «وَأْمُرْ بالْمَعْرُوفِ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ، وَأَنْكِرِ المُنكَرَ بِيَدِكَ وَلِسَانِكَ، وَبَايِنْ مَنْ فَعَلَهُ بِجُهْدِكَ»[٧٣].
٧٣ – وفي وصیته (علیه السلام): «لاَ تَتْرُكُوا الأمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَيُوَلَّى عَلَيْكُمْ أَشْرَارُكُمْ، ثُمَّ تَدْعُونَ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَكُمْ»[٧٤].
٧٤ – قال (علیه السلام): «فَمَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ شَدَّ ظُهُورَ الْمُؤمِنِينَ، وَمَنْ نَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ أَرْغَمَ أُنُوفَ الْکافِرین»[٧٥].
٧٥ – قال (علیه السلام) في وصف المغتّر بالدنیا: «يَنْهَى وَلاَ يَنْتَهِي، وَيَأْمُرُ بِمَا لاَ يَأْتِي»[٧٦].
٧٦ – قال (علیه السلام): «فَرَضَ اللهُ ... الأمْرَ بِالْمَعْرُوفِ مَصْلَحَةً لِلْعَوَامِّ، وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ رَدْعاً لِلسُّفَهَاءِ»[٧٧].
٧٧ – قال (علیه السلام): «أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، إِنَّهُ مَنْ رَأَى عُدْوَاناً يُعْمَلُ بِهِ وَمُنْكَراً يُدْعَى إِلَيْهِ، فَأَنْكَرَهُ بِقَلْبِهِ فَقَدْ سَلِمَ وَبَرِىءَ، وَمَنْ أَنْكَرَهُ بِلِسَانِهِ فَقَدْ أُجِرَ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ صَاحِبِهِ، وَمَنْ أَنْكرَهُ بِالسَّيْفِ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا وَكَلِمَةُ الظَّالِمِينَ السُّفْلَى، فَذلِكَ الَّذِي أَصَابَ سَبيلَ الْهُدَى، وَقَامَ عَلَى الطَّريق، وَنَوَّرَ فِي قَلْبِهِ الْيَقِينُ»[٧٨].
٧٨ – قال (علیه السلام): «فَمِنْهُمُ الْمُنْكِرُ للْمُنْكَرِ بيَدِهِ وَلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ فَذَلِكَ الْمُسْتَكْمِلُ لِخِصَالِ الْخَيْرِ، وَمِنْهُمُ الْمُنْكِرُ بِلِسَانِهِ وَقَلْبهِ وَالتَّارِكُ بِيَدِهِ فَذلِكَ مُتَمَسِّكٌ بِخَصْلَتيَنِ مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ وَمُضَيِّعٌ خَصْلَةً، وَمِنْهُمُ الْمُنْكِرُ بِقَلْبِهِ وَالتَّارِكُ بيَدِهِ وَلِسَانِهِ فَذلِكَ الَّذِي ضَيَّعَ أَشْرَفَ الْخَصْلَتَيْنِ مِنَ الثَّلاَثِ وَتَمَسَّكَ بوَاحِدَة، وَمِنْهُمْ تَارِكٌ لاِِنْكَارِ الْمُنكَرِ بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ وَيَدِهِ فَذلِكَ مَيِّتُ الأحْيَاءِ، وَمَا أَعْمَالُ الْبِرِّ كُلُّهَا وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، عِنْدَ الأمْرِ بالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنكَرِ، إِلاَّ كَنَفْثَة فِي بَحْر لُجِّيّ، وَإِنَّ الأمْرَ بالْمَعْروُفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنكَرِ لاَ يُقَرِّبَانِ مِنْ أَجَل، وَلاَ يَنْقصَانِ مِنْ رِزْق، وَأَفضَلُ مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ كَلِمَةُ عَدْل عِنْدَ إِمَام جَائِر»[٧٩].
(١٣) – الأمل
٧٩ – قال (علیه السلام): «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخافُ عَلَيْكُمُ: اتِّبَاعُ الهَوَى، وَطُولُ الأمَلِ»[٨٠].
٨٠ – قال (علیه السلام): «یّها الناسُ وَ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخافُ عَلَیْکُمُ اثْنانِ: اتِّبَاعُ الْهَوَى وَ طُولُ الأمَلِ، فَأمّا اتِّباعُ الْهَوى فَیَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ، وَ أمَّا طُولُ الأَمَلِ فَیُنْسِى الآخِرَةَ».[٨١]
٨١ – قال (علیه السلام): « فَأَزْمِعُوا عِبَادَ اللهِ الرَّحِيلَ عَنْ هذِهِ الدَّارِ المَقْدُورِعَلَى أَهْلِهَا الزَّوالُ، وَلاَ يَغْلِبَنَّكُمْ فِيهَا الأمَلُ، وَلاَ يَطُولَنَّ عَلَيْكُمْ الأمَدُ»[٨٢].
٨٢ – قال (علیه السلام): «فَاتَّقَىْ عَبْدٌ رَبِّهُ ... فَإِنَّ أَجَلَهُ مَسْتُورٌ عَنْهُ، وَأَمَلَهُ خَادِعٌ لَهُ»[٨٣].
٨٢ – قال (علیه السلام): «وَاعْلَمُوا أَنَّ الأمَلَ يُسْهِي الْعَقْلَ، وَيُنْسِي الذِّكْرَ، فَأَكْذِبُوا الأمَلَ فَإِنَّهُ غُرُورٌ، وَصَاحِبُهُ مَغْرُورٌ»[٨٤].
٨٤ – قال (علیه السلام): «قَدْ غَابَ عَنْ قُلُوبِكُمْ ذِكْرُ الآجَالِ، وَحَضَرَتْكُمْ كَوَاذِبُ الآمَالِ، فَصَارَتِ الدُّنْيَا أَمْلَكَ بِكُمْ مِنَ الآخِرَةِ، وَالْعَاجِلَةُ أَذْهَبَ بِكُمْ مِنَ الآجِلَةِ»[٨٥].
٨٥ – قال (علیه السلام) في وصف المتقین: «اسْتَقْرَبُوا الأجَلَ فَبَادَرُوا الْعَمَلَ، وَكَذَّبُوا الأمَلَ فَلاَحَظُوا الأجَلَ»[٨٦].
٨٦ – قال (علیه السلام) في وصف الدنیا: «وَمِنْ عِبَرِهَا أَنَّ المَرْءَ يُشْرِفُ عَلَى أَمَلِهِ فَيَقْتَطِعُهُ حُضُورُ أَجَلِهِ، فَلاَ أَمَلٌ يُدْرَكُ، وَلاَ مُؤَمَّلٌ يُتْرَكُ»[٨٧].
٨٧ – قال (علیه السلام): «أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا، فَإِنَّهَا حُلْوَةٌ خَضِرِةٌ، حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ، ... وَتَحَلَّتْ بِالآمَالِ»[٨٨].
٨٨ – قال (علیه السلام): «وَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِطُولِ آمَالِهِمْ وَتَغَيُّبِ آجَالِهِمْ، حَتَّى نَزَلَ بِهِمُ الْمَوْعُودُ الَّذِي تُرَدُّ عَنْهُ الْمَعْذِرَةُ، وَتُرْفَعُ عَنْهُ التَّوْبَةُ، وَتَحُلُّ مَعَهُ الْقَارِعَةُ وَالنِّقْمَةُ»[٨٩].
٨٩ – وفي وصیته للإمام الحسن (علیهما السلام): «وَاعْلَمْ يَقِيناً، أَنَّكَ لَنْ تَبْلُغَ أَمَلَكَ، وَلَنْ تَعْدُوَ أَجَلَكَ»[٩٠].
٩٠ – قال (علیه السلام): «مَنْ جَرَى فِي عِنَانِ أَمَلِهِ عَثَرَ بِأَجَلِهِ»[٩١].
٩١ – قال (علیه السلام): «مَنْ أَطَالَ الأمَلَ أَسَاءَ الْعَمَلَ»[٩٢].
٩٢ – قال (علیه السلام): «لاَ تَكُنْ مِمَّنْ ... يُرَجِّي التَّوْبَةَ بِطُولِ الأمَلِ»[٩٣].
٩٣ – قال (علیه السلام): «مَنْ لَهِجَ قَلْبُهُ بِحُبِّ الدُّنْيَا الْتَاطَ قَلْبُهُ مِنْهَا بِثَلاَث...أَمَل لاَ يُدْرِكُهُ»[٩٤].
(١٤) – الانصاف
٩٤ – قال (علیه السلام) في عهده للأشتر: «أَنْصِفِ اللهَ وَأَنْصِفِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ، وَمِنْ خَاصَّةِ أَهْلِكَ، وَمَنْ لَكَ فِيهِ هَوىً مِنْ رَعِيَّتِكَ، فَإِنَّكَ إِلاَّ تَفْعَلْ تَظْلِمْ، وَمَنْ ظَلَمَ عِبَادَ اللهِ كَانَ اللهُ خَصْمَهُ دُونَ عِبَادِهِ، وَمَنْ خَاصَمَهُ اللهُ أَدْحَضَ حُجَّتَهُ، وَكَانَ لله حَرْباً حَتَّى يَنْزعَ وَيَتُوبَ»[٩٥].
٩٥ – کتب (علیه السلام) إلی عماله علی الخراج: «فَأَنْصِفُوا النَّاسَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ، وَاصْبِرُوا لِحَوَائِجِهِمْ»[٩٦].
٩٦ – قال (علیه السلام) في قوله تعالی: «(إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ) الْعَدْلُ: الإنْصَافُ...»[٩٧].
٩٧ – قال (علیه السلام): «بِالنَّصَفَةِ يَكْثُرُ الْمُوَاصلُونَ»[٩٨].
٩٨ – قال (علیه السلام): «فَتَعَصَّبُوا لِخِلاَلِ الْحَمْدِ مِنَ الْحِفْظِ لِلْجِوَارِ... وَالإنْصَافِ لِلْخَلْقِ»[٩٩].
٩٩ – في عهده (علیه السلام) لمالك الأشتر أیضاً: «وَشُحَّ بِنَفْسِكَ عَمَّا لاَ يَحِلُّ لَكَ، فَإِنَّ الشُّحَّ بِالنَّفْسِ الإنْصَافُ مِنْهَا فَيَما أَحْبَبْتَ وَكَرِهْتَ»[١٠٠].
١٠٠ – قال (علیه السلام) أیضاً في الحقوق المتبادلة بین الحاکم والرعیة: «فَعَلَيْكُمْ بِالتَّنَاصُحِ فِي ذلِكَ، وَحُسْنِ التَّعَاوُنِ عَلَيْهِ ... وَلكِنْ مِنْ وَاجِبِ حُقُوقِ اللهِ عَلى العِبَادِ النَّصِيحَةُ بِمَبْلَغِ جُهْدِهِمْ، وَالتَّعَاوُنُ عَلَى إقَامَةِ الْحَقِّ بَيْنَهُمْ»[١٠١].
١٠١ – في وصیته للإمام الحسن (علیه السلام): «وَامْحَضْ أَخَاكَ النَّصِيحَةَ، حَسَنةً كَانَتْ أو قَبِيحَةً»[١٠٢].
١٠٢ – قال (علیه السلام) بعد واقعة التحکیم: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ مَعْصِيَةَ النَّاصِحِ الشَّفِيقِ الْعَالِمِ الُْمجَرِّبِ تُورِثُ الْحَسْرَةَ، وَتُعْقِبُ النَّدَامَةَ»[١٠٣].
١٠٣ – قال (علیه السلام): «الْفِكْرُ مرْآةٌ صَافِيَةٌ، وَالإعْتِبَارُ مُنْذِرٌ نَاصِحٌ»[١٠٤].
١٠٤ – قال (علیه السلام): «عِبَادَ اللهِ، إِنَّ أَنْصَحَ النَّاسِ لِنَفْسِهِ أَطْوَعُهُمْ لِرَبِّهِ، وَإِنَّ أَغَشَّهُمْ لِنَفْسِهِ أَعْصَاهُمْ لِرَبِّهِ»[١٠٥].
(١٥) – الإنفاق
١٠٥ – قال (علیه السلام) في ذم البخلاء: «فَلاَ أَمْوَالَ بَذَلْتموهَا لِلَّذِي رَزَقَهَا، وَلاَ أَنْفُسَ خَاطَرْتُمْ بِهَا لِلَّذِي خَلَقَهَا»[١٠٦].
١٠٦ – قال (علیه السلام): «فَمَنْ آتَاهُ اللهُ مَالاً فَلْيَصِلْ بِهِ الْقَرَابَةَ، وَلْيُحْسِنْ مِنْهُ الضِّيَافَةَ، وَلْيَفُكَّ بِهِ الأسِيرَ وَالْعَانِيَ، وَلْيُعْطِ مَنْهُ الْفَقِيرَ وَالْغَارِمَ، وَلْيَصْبِرْ نَفْسَهُ عَلَى الْحُقُوقِ وَالنَّوَائِبِ، ابْتِغَاءَ الثَّوَابِ؛ فَإِنَّ فَوْزاً بِهذِهِ الْخِصَالِ شَرَفُ مَكَارِمِ الدُّنْيَا، وَدَرْكُ فَضَائِلِ الآخِرَةِ، إِنْ شَاءَ اللهُ»[١٠٧].
١٠٧ – قال (علیه السلام): « وَأَنْفِقُوا أَمْوَالَكُمْ، وَخُذُوا مِنْ أَجْسَادِكُمْ تَجُودُوا بِهَا عَلَى أَنْفُسَكُمْ، وَلاَ تَبْخَلُوا بِهَا عَنْهَا، فَقَدْ قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ: (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)، وَقَالَ تَعَالَى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ)، فَلَمْ يَسْتَنْصِرْكُمْ مِنْ ذُلٍّ، وَلَمْ يَسْتَقْرِضْكُمْ مِنْ قُلٍّ، اسْتَنْصَرَكُمْ وَلَهُ جُنُودُ السَّماوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحُكِيمُ، وَاسْتَقْرَضَكُمْ وَلَهُ خَزَائِنُ السَّماوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً»[١٠٨].
١٠٨ – وفي وصیته للإمام الحسن (علیهما السلام): «وَإِذَا وَجَدْتَ مِنْ أَهْلِ الْفَاقَةِ مَنْ يَحْمِلُ لَكَ زَادَكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَيُوَافِيكَ بِهِ غَداً حَيْثُ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ، فَاغْتَنِمْهُ وَحَمِّلْهُ إِيَّاهُ، وَأَكْثِرْ مِنْ تَزْوِيدِهِ وَأَنْتَ قَادِرٌ عَلَيْهِ، فَلَعَلَّكَ تَطْلُبُهُ فَلاَ تَجِدُهُ، وَاغْتَنِمْ مَنِ اسْتَقْرَضَكَ في حَالِ غِنَاكَ، لِيَجْعَلَ قَضَاءَهُ لَكَ في يَوْمِ عُسْرَتِكَ»[١٠٩].
١٠٩ – قال (علیه السلام): «لاَ تَسْتَحِ مِنْ إِعْطَاءِ الْقَلِيلِ، فَإِنَّ الْحِرْمَانَ أَقَلُّ مِنْهُ»[١١٠].
١١٠ – قال (علیه السلام): «طُوبَى لِمَنْ ذَلَّ فِي نَفْسِهِ...أَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ، وَأَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ لِسَانِهِ»[١١١].
١١١ – قال (علیه السلام): «إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ فَرَضَ فِي أَمْوَالِ الأغْنِيَاءِ أَقْوَاتَ الْفُقَرَاءِ، فَمَا جَاعَ فَقِيرٌ إِلاَّ بِمَا مَنَعَ بِهِ غَنِي، وَاللهُ تَعَالَى سَائِلُهُمْ عَنْ ذلِكَ»[١١٢].
(١٦) – الإیمان
١١٢ – قال (علیه السلام): «خُذِلَ الإيمَانُ، فَانْهَارَتْ دَعَائِمُهُ، وَتَنكَّرَتْ مَعَالِمُهُ، وَدَرَسَتْ سُبُلُهُ، وَعَفَتْ شُرُكُهُ»[١١٣].
١١٣ – قال (علیه السلام): «إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَوَسَّلَ بِهِ الْمُتَوَسِّلُونَ إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ: الإيمَانُ بِهِ وَبِرَسُولِهِ»[١١٤].
١١٤ – قال (علیه السلام): «وَنُؤْمِنُ بِهِ إِيمَانَ مَنْ عَايَنَ الْغُيُوبَ، وَوَقَفَ عَلَى الْمَوْعُودِ، إِيمَاناً نَفَى إِخْلاَصُهُ الشِّرْكَ، وَيَقِينُهُ الشَّكَ»[١١٥].
١١٥ – قال (علیه السلام) في وصف الإیمان: «سَبِيلٌ أَبْلَجُ الْمِنْهَاجِ، أَنْوَرُ السِّرَاجِ، فَبِالإيمَانِ يُسْتَدَلُّ عَلَى الصَّالِحَاتِ، وَبَالصَّالِحَاتِ يُسْتَدَلُّ عَلَى الإيمَانِ، وَبِالإيمَانِ يُعْمَرُ الْعِلْمُ، وَبِالْعِلْمِ يُرْهَبُ الْمَوْتُ...»[١١٦].
١١٦ – قال (علیه السلام): « وَنُؤْمِنُ بِه إِيمَانَ مَنْ رَجَاهُ مُوقِناً، وَأَنَابَ إِلَيْهِ مُؤْمِناً، وَخَنَعَ لَهُ مُذْعِناً، وَأَخْلَصَ لَهُ مُوَحِّداً، وَعَظَّمَهُ مُمَجِّداً، وَلاَذَ بِهِ رَاغِباً مُجْتَهِداً»[١١٧].
١١٧ – قال (علیه السلام): «فَمِنَ الإيمَانِ مَا يَكُونُ ثَابِتاً مُسْتَقِرّاً فِي الْقُلُوبِ، وَمِنْهُ مَا يَكُونُ عَوَارِىَ بَيْنَ الْقُلُوبِ وَالصُّدورِ، إِلَى أَجَل مَعْلُوم، فَإِذَا كَانَتْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ مِنْ أَحَد فَقِفُوهُ حَتّى يَحْضُرَهُ الْمَوْتُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقَعُ حدُّ الْبَرَاءَةِ»[١١٨].
١١٨ – وسئل (علیه السلام) عن الإیمان فقال: «الإيمَانُ عَلَى أَرْبَعِ دَعَائِمَ: عَلَى الصَّبْرِ، والْيَقِينِ، وَالْعَدْلِ، وَالْجَهَادِ:
فَالصَّبْرُ مِنْهَا عَلَى أَربَعِ شُعَب: عَلَى الشَّوْقِ، وَالشَّفَقِ، وَالزُّهْدِ، وَالتَّرَقُّبِ: فَمَنِ اشْتَاقَ إِلَى الْجَنَّةِ سَلاَ عَنِ الشَّهَوَاتِ، وَمَنْ أشْفَقَ مِنَ النَّارِ اجْتَنَبَ الْـمُحَرَّمَاتِ، وَمَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا اسْتَهَانَ بِالْمُصِيبَاتِ، وَمَنِ ارْتَقَبَ الْمَوْتَ سَارَعَ فِي الْخَيْرَاتِ.
وَالْيَقِينُ مِنْهَا عَلَى أَرْبَعِ شُعَب: عَلَى تَبْصِرَةِ الْفِطْنَةِ، وَتَأَوُّلِ الْحِكْمَةِ، وَمَوْعِظَةِ الْعِبْرَةِ، وَسُنَّةِ الأوَّلِينَ: فَمَنْ تَبَصَّرَ فِي الْفِطْنَةِ تَبَيَّنَتْ لَهُ الْحِكْمَةُ، وَمَنْ تَبَيَّنَتْ لَهُ الْحِكْمَةُ عَرَفَ الْعِبْرَةَ، وَمَنْ عَرَفَ الْعِبْرَةَ فَكَأَنَّمَا كَانَ فِي الأوَّلِينَ.
وَالْعَدْلُ مِنْهَا عَلَى أَرْبَعِ شُعَب: عَلَى غائِصِ الْفَهْمِ، وَغَوْرِ الْعِلْمِ، وَزُهْرَةِ الْحُكْمِ، وَرَسَاخَةِ الْحِلْمِ: فَمَنْ فَهِمَ عَلِمَ غَوْرَ الْعِلْمِ، وَمَنْ عَلِمَ غَوْرَ الْعِلْمِ صَدَرَ عَنْ شَرَائِعِ الْحُكْمِ، وَمَنْ حَلُمَ لَمْ يُفَرِّطْ فِي أَمْرِهِ وَعَاشَ فِي النَّاسِ حَمِيداً.
وَالْجِهَادُ مِنْهَا عَلَى أَرْبَعِ شُعَب: عَلَى الأمْرِ بالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْي عَنِ الْمُنكَرِ، وَالصِّدْقِ فِي الْمَوَاطِنِ، وَشَنَآنِ الْفَاسِقيِنَ: فَمَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ شَدَّ ظُهُورَ الْمُؤمِنِينَ، وَمَنْ نَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ أَرْغَمَ أُنُوفَ الْمُنَافِقِينَ، مَنْ صَدَقَ فِي الْمَوَاطِنِ قَضَى مَا عَلَيْهِ، وَمَنْ شَنِىءَ الْفَاسِقِينَ وَغَضِبَ لله غَضِبَ اللهُ لَهُ وَأَرْضَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»[١١٩].
١١٩ – قال (علیه السلام): «لاَ إِيمَانَ كَالْحَيَاءِ وَالصَّبْر»[١٢٠].
١٢٠ – قال (علیه السلام): «فَرَضَ اللهُ الإيمَانَ تَطْهِيراً مِنَ الشِّرْكِ»[١٢١].
١٢١ – قال (علیه السلام): «إِنَّ الْإِيمَانَ يَبْدُو لُمْظَةً فِي الْقَلْبِ كُلَّمَا ازْدَادَ الْإِيمَانُ ازْدَادَتِ اللُّمْظَة»[١٢٢].
١٢٢ – قال (علیه السلام): «لاَ يَصْدُقُ إِيمَانُ عَبْد، حَتّى يَكُونَ بِمَا فِي يَدِ اللهِ سُبْحَانَهُ أَوْثَقَ مِنهُ بِمَا فِي يَدِهِ»[١٢٣].
١٢٣ – قال (علیه السلام): «عَلامةُ الإيمَانِ أَنْ تُؤثِرَ الصِّدْقَ حَيْثُ يَضُرُّكَ عَلَى الْكَذِبِ حَيْثُ يَنْفَعُكَ، أَنْ يَكُونَ فِي حَديِثِكَ فَضْلٌ عَنْ عِلْمِكَ، وَأَنْ تَتَّقِيَ اللهَ فِي حَدِيثِ غَيْرِكَ»[١٢٤].
(١٧) - البخل
١٢٤ – قال (علیه السلام): «قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْفُرُوجِ وَالدِّمَاءِ وَالمَغَانِمِ وَالأحْكَامِ وَإِمَامَةِ الْمُسْلِمِينَ الْبَخِيلُ، فَتَكُونَ فِي أَمْوَالِهِمْ نَهْمَتُهُ...»[١٢٥].
١٢٥ – وفي عهده (علیه السلام) لمالك الأشتر: «وَلاَ تُدْخِلَنَّ فِي مَشُورَتِكَ بَخِيلاً يَعْدِلُ بِكَ عَنِ الْفَضْلِ، وَيَعِدُكَ الْفَقْرَ... فَإِنَّ الْبُخْلَ وَالْجُبْنَ وَالْحِرْصَ غَرَائِزُ شَتَّى يَجْمَعُهَا سُوءُ الظَّنِّ بِاللهِ»[١٢٦].
١٢٦ – قال (علیه السلام): «الْبُخْلُ عَارٌ»[١٢٧].
١٢٧ – قال (علیه السلام): «عَجِبْتُ لِلْبَخِيلِ يَسْتَعْجِلُ الْفَقْرَ الَّذِي مِنْهُ هَرَبَ، وَيَفُوتُهُ الْغِنَى الَّذِى إِيَّاهُ طَلَبَ، فَيَعِيشُ فِي الدُّنْيَا عَيْشَ الْفُقَرَاءِ، وَيُحَاسَبُ فِي الآخِرَةِ حِسَابَ الأغْنِيَاءِ»[١٢٨].
١٢٨ – قال (علیه السلام): «الْبُخْلُ جَامعٌ لِمَسَاوِىءِ الْعُيُوبِ، وَهُوَ زِمَامٌ يُقَادُ بهِ إِلَى كُلِّ سُوء»[١٢٩].
(١٨) - البدعة
١٢٩ – قال (علیه السلام): «إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ الْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ، وَأَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ، يُخَالَفُ فِيهَا كِتابُ اللهِ، وَيَتَوَلَّى عَلَيْهَا رِجَالٌ رِجَالاً، عَلَى غَيْرِ دِينِ اللهِ»[١٣٠].
١٣٠ – قال (علیه السلام): «مَا أُحْدِثَتْ بِدْعَةٌ إِلاَّ تُرِكَ بِهَا سُنَّةٌ، فَاتَّقُوا الْبِدَعَ، والْزَمُوا الْمَهْيَعَ[١٣١]»[١٣٢].
١٣١ – قال (علیه السلام): «فَلاَ تَكُونُوا أَنْصَابَ الْفِتَنِ، وَأَعْلاَمَ الْبِدَعِ»[١٣٣].
١٣٢ – قال (علیه السلام): «إِنَّ مِنْ عَزَائِمِ اللهِ فِي الذِّكْرِ الْحَكِيمِ، الَّتِي عَلَيْهَا يُثِيبُ وَيُعَاقِبُ، وَلَهَا يَرْضَى وَيَسْخَطُ، أَنَّهُ لاَ يَنْفَعُ عَبْداً وَإِنْ أَجْهَدَ نَفْسَهُ، وَأَخْلَصَ فِعْلَهُ، أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا، لاَقِياً رَبَّهُ بِخَصْلَة مِنْ هذِهِ الْخِصَال لَمْ يَتُبْ مِنْهَا... أَوْ يَسْتَنْجِحَ حَاجَةً إِلَى النَّاسِ بِإِظْهَارِ بِدْعَة فِي دِينِهِ»[١٣٤].
١٣٣ – قال (علیه السلام) لعثمان: «فَاعْلَمْ أَنَّ أَفْضَلَ عِبَادِاللهِ عِنْدَ اللهِ إِمَامٌ عَادِلٌ، هُدِيَ وَهَدَي، فَأَقَامَ سُنَّةً مَعْلُومَةً، وَأَمَاتَ بِدْعَةً مَجْهُولَةً، وَإِنَّ السُّنَنَ لَنَيِّرَةٌ، لَهَا أَعْلاَمٌ، وَإِنَّ الْبِدَعَ لَظَاهِرَةٌ، لَهَا أَعْلاَمٌ، وَإِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَاللهِ إِمَامٌ جَائِرٌ ضَلَّ وَضُلَّ بِهِ، فَأَمَاتَ سُنَّةً مَأْخُوذَةً، وَأَحْيَا بِدْعَةً مَتْرُوكَةً»[١٣٥].
١٣٤ – قال (علیه السلام): «إنَّ الْمُبْتَدَعَاتِ الْمُشَبَّهَاتِ هُنَّ الْمُهْلِكَاتُ إلاَّ مَا حَفِظَ اللهُ مِنْهَا»[١٣٦].
١٣٥ – قال (علیه السلام): «فَاسْتَقِيمُوا عَلَى كِتَابِهِ وَعَلَى مِنْهَاجِ أَمْرِهِ وَعَلَى الطَّرِيقَةِ الصَّالِحَةِ مِنْ عِبَادتِهِ، ثُمَّ لاَ تَمْرُقُوا مِنْهَا وَلاَ تَبْتَدِعُوا فِيهَا...»[١٣٧].
١٣٦ – قال (علیه السلام): «إنَّمَا النَّاسُ رَجُلاَنِ: مُتَّبِعٌ شِرْعَةً، وَمُبْتَدِعٌ بِدْعَةً، لَيْسَ مَعَهُ مِنَ اللهِ سُبْحَانَهُ بُرْهَانُ سُنَّة، وَلاَ ضِياءُ حُجَّة»[١٣٨].
(١٩) – البشاشة:
١٣٧ – قال (علیه السلام): «الْبَشَاشَةُ حِبَالَةُ الْمَوَدَّةِ»[١٣٩].
(٢٠) - البصیرة
١٣٨ – قال (علیه السلام): «بُصِّرْتُمْ إِنْ أَبْصَرْتُمْ، وَأُسْمِعْتُمْ إِنْ سَمِعْتُمْ، وَهُدِيتُمْ إِنِ اهْتَدَيْتُمْ»[١٤٠].
١٣٩ – قال (علیه السلام) في وصف الدنیا: «أَبْصَرَ بِهَا بَصَّرَتْهُ، وَمَنْ أَبْصَرَ إلَيْهَا أَعْمَتْهُ»[١٤١].
١٤٠ – قال (علیه السلام): «رَحِمَ اللهُ امْرَأً تَفَكَّرَ فَاعْتَبَرَ واعْتَبَرَ فَأَبْصَرَ...»[١٤٢].
١٤١ – قال (علیه السلام): «أَلاَ إِنَّ أبْصَرَ الأبْصَارِ مَا نَفَذَ فِي الْخَيْرِ طَرْفُهُ، أَلاَ إِنَّ أَسْمَعَ الأسْمَاعِ مَا وَعَى التَّذْكِيرَ وَقَبِلَهُ»[١٤٣].
١٤٢ – قال (علیه السلام): «إِنَّمَا الدُّنْيَا مَنْتَهَى بَصَرِ الأعْمَى، لاَ يُبْصِرُ مِمَّا وَرَاءَهَا شَيئاً، وَالْبَصِيرُ يَنْفُذُهَا بَصَرُهُ، وَيَعْلَمُ أَنَّ الدَّارَ وَرَاءَهَا، فَالبَصِيرُ مِنْهَا شَاخِصٌ، وَالأعْمَى إِلَيْهَا شَاخِصٌ، وَالْبَصِيرُ مِنْهَا مُتَزَوِّدٌ، وَالأعْمَى لَهَا مُتَزَوِّدٌ»[١٤٤].
١٤٣ – قال (علیه السلام): «فَلْيَنْتَفِعِ امْرُؤٌ بِنَفْسِهِ، فَإِنَّمَا الْبَصِيرُ مَنْ سَمِعَ فَتَفَكَّرَ، وَنَظَرَ فَأَبْصَرَ، وَانْتَفَعَ بِالْعِبَرِ، ثُمَّ سَلَكَ جَدَداً وَاضِحاً يَتَجَنَّبُ فِيهِ الصَّرْعَةَ فِي الْمَهَاوِي، وَالضَّلاَلَ في الْمَغَاوِي، وَلاَ يُعِينُ عَلَى نَفْسِهِ الْغُوَاةَ بِتَعَسُّف فِي حَقٍّ، أَوْ تَحَرِيف في نُطْق، أَوْ تَخَوُّف مِنْ صِدْق»[١٤٥].
١٤٤ – قال (علیه السلام): «وَقَدْ فُتِحَ بَابُ الْحَرْبِ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، وَلاَ يَحْمِلُ هذَا الْعَلَمَ إِلاَّ أَهْلُ الْبَصَرِ والصَّبْرِ وَالْعِلْمِ بِمَوَاضِعِ الْحَقِّ»[١٤٦].
١٤٥ – قال (علیه السلام): «مَنِ اعْتَبَرَ أَبْصَرَ، وَمَنْ أَبْصَرَ فَهِمَ، وَمَنْ فَهِمَ عَلِمَ»[١٤٧].
١٤٦ – قال (علیه السلام): «الأمَانِيُّ تُعْمِي أَعْيُنَ الْبَصَائِرِ»[١٤٨].
١٤٧ – قال (علیه السلام): «ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُبَصّرْكَ اللهُ عَوْرَاتِهَا»[١٤٩].