وقال (عليه السلام) : مَنِ اتَّجَرَ بِغَيْرِ فِقْه ارْتَطَمَ فِي الرِّبَا .                
وقال (عليه السلام): يَهْلِكُ فِيَّ رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ مُفْرِطٌ، وَبَاهِتٌ مُفْتَر.                
وقال (عليه السلام): مَنْهُومَانِ لاَ يَشْبَعَانِ: طَالِبُ عِلْم، وَطَالِبُ دُنْيَا.                
وقال (عليه السلام): قَلِيلٌ مَدُومٌ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِير مَمْلُول مِنْهُ .                
وقال (عليه السلام): قَلِيلٌ مَدُومٌ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِير مَمْلُول مِنْهُ.                
وقال (عليه السلام) : هَلَكَ فِي رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ غَال ، وَمُبْغِضٌ قَال .                
وقال (عليه السلام): خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ .                

Search form

إرسال الی صدیق
تعريف بكتاب نهج البلاغة – الثاني

"علاقة نهج البلاغة بالقرآن"
استشهد أمير المؤمنين علي عليه السلام في موارد من كلامه بآيات من القرآن الكريم ذكر الشريف الرضي بعضاً منها في نهج البلاغة .
لقد ألفت كتاباً بعنوان "علاقه نهج البلاغة بالقرآن الكريم" ذكرت فيه حوالي (١٥٠) جملة تتضمن معاني من آيات القرآن الكريم نحو:
١ ـ نهج البلاغة : "ولا يحصي نعماءه العادون" .
القرآن الكريم : (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)
٢ ـ نهج البلاغة : "ثم زينها بزينة الكواكب"
القرآن الكريم : (إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب) .
٣ ـ نهج البلاغة : "إذا دعوتكم إلى جهاد عدوكم دارت أعينكم كأنكم من الموت في غمرة" .
القرآن الكريم: (فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت) .
وبعض الخطب من نهج البلاغة تفسير آية أو سورة من القرآن الكريم مثل الخطبة (٢١٩) التي تفسر سورة (ألهاكم التكاثر) والخطبة (٢٢١) التي تفسر الآية الكريمة : (يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم) والخطبة التي قبلها تفسر الآية (يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال...).
بالإضافة إلى ذلك كتب أحد الفضلاء المعاصرين مقالات في مجلة "النجف" تحت عنوان "الألفاظ القرآنية في نهج البلاغة" كما ذكر الدكتور صبحي الصالح في فهرسته(٢١) مورداً في نهج البلاغة وصفاً للقرآن الكريم . وهناك غيرها لم تذكر.

"هل "نهج البلاغة" هو نص ما قال الإمام؟"
علمنا أن نهج البلاغة يحوي خطب ورسائل وقصار الكلام لأمير المؤمنين علي(ع). لا شك أن الرسائل وقصار الكلام نقلت بالنص ويعتمد عليها لأن حفظها عن ظهر قلب سهل وشائع. أما الخطب الطويلة فعنها يطرح تساؤل:
أولاً: إن نهج البلاغة كما بيّنا موضع إعجاب الأدباء والعلماء واعتبروه فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق وواضح أن البلاغة والفصحاة من صفاتها أن تكون ألفاظهما سلسلة عذبة خالية من التعقيد والتنافر والغرابة ومن مخالفة القياس وما شابه ذلك؛ وعلى هذا إن كانت ألفاظ نهج البلاغة قد ابتدعها الرواة فيجب أن يمدح بالفصاحة الرواة لا عليّ.
ثانياً : هناك أحاديث وروايات طويلة مثل خطب نهج البلاغة نقلت عن الرسول الأكرم(ص) والأةمة الأطهار في المواعظ والاحتجاج، والعلماء المسلمون لا سيما كبار الفقهاء يستشهدون بنصها وعين ألفاظها وكذا كل شراح نهج البلاغة يذكرون في معرض شرح هذه الخطب الطويلة الخصائص اللغوية والأدبية لألفاظ بعينها ويوضحونها وأحياناً يقولون: إن كان قد وضعت هذه الكلمة مكان تلك الكلمة فسيكون العيب كذا؛ وواضح أنه لا يمكن أن يغفل عن هذا الاشكال كل العلماء .
ثالثاً: قد رويت قصائد طويلة عن شعراء عاشوا في عهد أمير المؤمنين علي تُنشد ارتجالاً وبدون تدوين. كقصائد حسان بن ثابت وقيس بن سعود والكميت والفرزدق وكذلك خطب طوال لسحبان وائل وقيس بن خارجة التي ألقيت ارتجالاً والآن مدونة في كتب الأدب والتاريخ.
إذن علينا أن نقول فيما يخص حفظ الشعر والخطب: أن للعرب حافظة قوية ، أو كانوا سريعي التدوين والتسجيل إذ لم تكن معروفة آنذاك حركات الإعراب ولا النقط، أو كان الرواة يسألون منشدي القصائد وملقي الخطب ما قالوا فيدونونها ، أو سجلوا نص العبارات والكلمات بشكل من الأشكال لا نعرفه ؛ لأن النقل بالمعنى في الشعر الذي له وزن وقافية على الأغلب غير ممكن ، هكذا أغلب خطب نهج البلاغة ؛ فلها سجع ووزن خاص وتغيير أو تبديل ألفاظ يؤدي إلى فقدان السجع والوزن وخاصة في بعض الموارد يكون لكل كلمتين سجع ووزن كما فيما يلي:
نطفة دهاقاً ، وعلقة محاقاً ، وجنيناً وراضعاً ، ووليداً ويافعاً ، ثم منحه قلباً حافظاً ، ولساناً لافظاً، ليفهم معتبراً ويقصر مزدجراً ، حتى إذا قام اعتداله ، واستوى مثاله . نفر مستكبراً، وخبط سادراً. ماتحاً في غرب هواه ، كادحاً سعياً لدنياه . في لذات طربه ، وبدوات أربه .
وإن أي شخص له اضطلاع ولو قليل يعرف أن منشىء مثل هذه العبارات لم يكن حتى سحبان وائل ولا قيس بن خارجة وليس لها نظير في كتب نوابع الفصحاء ، ومن المحال تبديل العبارات مع الاحتفاظ بالسجع والوزن ؛ فلو كان ممكناً وضع كلمة "مراهقاً" مكان "يافعاً" و"منتهياً" مكان "مزدجراً" لصح وبقي المعنى المقصود لكن يختفي السجع في حرفي العين والراء . لذلك نضطر إلى القول أن هذه الألفاظ والكلمات هي بعينها صدرت من شفتي الإمام المباركتين.

"مصادر نهج البلاغة"
قد شك بعضهم في صحة نسبة البلاغة إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام إذ وجدوا بعض محتوياته مخالفة لما يعتقدون به واعتبروها من ابتداع الشريف أو أخيه الشريف المرتضى؛ فقام بعض المحققين والدارسين بالتحري والتفحص فوجدوا مصادر ومراجع معتبرة لكل خطب ورسائل وقصار كلام نهج البلاغة، كانت موجودة قبل ميلاد الشريف الرضي أو في عصره أو بعد وفاته ، ووجدوا لها أسانيد موثوقة تتصل بعصر الإمام(ع) وذكروا أسماء الكتب ورقم الصفحات وغير ذلك وقد وفقوا في ذلك أفضل توفيق والأشخاص الذين يعرفهم الكاتب في هذا المضمار هم:
١ ـ هادي كاشف الغطاء في كتابه "مستدرك نهج البلاغة" وخصص متسماً بعنوان "مدارك نهج البلاغة" وذكر المصادر في الصفحات من (٢٣٦) إلى (٢٦٥) إلا أنه قليلاً ما يشير إلى رقم الصفحات .
٢ ـ السيد هبة الدين الشهرستاني في كتابه "ما هو نهج البلاغة" وقد ذكر مصادر خطبة "الشقشقية" التي هي مورد الاعتراض أكثر من غيرها فكانت تسعة مصادر سابقة لحياة الشريف الرضي ومعاصره له ولاحقة . وإني وجدت مصادر أخرى غيرها لهذه الخطبة فقد قال سبط بن الجوزي في "تذكرة الخواص" في الصفحة (١٢٤) : ذكر "صاحب نهج البلاغة" قسماً من خطبة الشقشقية وحذف قسماً آخر وإني أوردها كاملة ثم ذكر سند الخطبة من الشيخ أبي القاسم الأنباري حتى ابن عباس .
٣ ـ عبد الله نعمة في القسم الثاني من كتابه "مصادر نهج البلاغة" وقد ذكر أسماء المصادر في الصفحات من (١٣٠) إلى (٣٢٠) وأرقام صفحاتها وأجزائها .
٤ ـ امتياز علي خان العرشي في الجزء المسمى "استناد نهج البلاغة" فقد سجل المصادر الموجودة فقط في مكتبة "الرضا" في رامبور بالهند، وفي هذا الجزء الصغير ذكر مصادر (٢٢١) من خطب ورسائل وحكم نهج البلاغة الموجودة في نسخ المكتبة المذكورة مع ذكر رقم الصفحات والمجلد .
٥ ـ السيد عبد الزهراء الحسيني الخطيب في كتاب "مصادر نهج البلاغة وأسانيده" ذكر مصادره حسب ترتيب نهج البلاغة وقد طبع من هذا الكتاب حتى الآن أربعة مجلدات حسب علم الكاتب وقد ذكر المؤلف مصادر ومراجع كل نهج البلاغة وعددها مائة وتسعون في صفحات من (٢٦) إلى (٣٧) .
ولا طلاع القراء المحترمين نذكر نموذجاً من هذه الكتب الخمسة المذكورة :
الخطبة الأولى : والتي تبدأ بـ "الحمد لله الذي لا يبلغ ..." فقد وجدت أقسام من هذه الخطبة في الكتب التالية :
١ ـ إرشاد المفيد ص ١٠٥ .
٢ ـ تحف العقول طبع النجف ص ٤٣ .
٣ ـ توحيد الصدوق ص ١٤٩ .
٤ ـ أمالي الشيخ الطوسي (المتوفى سنة ٤٦٠هـ ) ج ١ ص ٢٢ .
٥ ـ مجالس المفيد ص ١٤٩ والمرحوم المجلسي في الجزء ٧٧ ص ٣٠٢.
الخطبة الثانية : والتي تبدأ بـ "أحمده استتماماً لنعمته.." في كتاب المسترشد للطبري ص ٧٣ وقد نقلت مع الزيادات والاختلافات .
الخطبة الثالثة: المعروفة بالشقشقية في كتاب "علل الشرائع" ص ١٤٤ ومعاني الأخبار الباب ٤٠٤ ص ٣٦١ وأمالي الشيخ الطوسي ج ٢ ص ٣٨٢ ـ ٣٨٤ . والشافي للشريف المرتضى (المتوفى سنة ٤٢٦هـ ) ص ٢٠٣ وإرشاد الشيخ المفيد ص ١٦٦ وفي طبعة أخرى ص ١٣٢ وفي كتاب "الجمل" ذكرها أيضاً الشيخ المفيد ص ٤٦ وص ٧٦ وفي كتاب "الافضاح" أيضاً ص ١٧ وأبو سعيد في كتاب "نثر الدرر" . والخطبة المذكورة رويت في هذه الكتب مع الأسانيد المختلفة متصلة بابن عباس وفي سلسلة السند جماعة من علماء أهل السنة مثل أبي الأثير المتوفى سنة "٦٠٦هـ) في كتاب "النهاية" يقول في لفظ "الشقشقية : هذه الكلمة استخدمها علي(ع) في خطبة، وكذلك الفيروز آبادي في "القاموس" يقول: إن خطبة الشقشقية تنسب إلى الإمام علي وتسمى العلوية وقد نقل هذه الخطبة ابن أبي الحديد من كتاب أبي القاسم البلخي المعتزلي الذي كُتب قبل ميلاد الشريف الرضي وأيضاً ينقل بأني سألت أستاذي ابن الخشاب: أليست الخطبة لعلي؟ أجاب: بل والله إنها له وإني على يقين من أن الخطبة له . قلت: بعض الناس يقول: إنها كلام الشريف الرضي نسبها إلى الإمام، قال: من أين للشريف الرضي هذا النفس والأسلوب، قد أطلعنا على مؤلفات الشريف الرضي وعرفنا نهجه وطريقته .
الخطبة الرابعة: "بنا اهتديتم في الظلماء.." ذكرت في كتاب "المسترشد" ص ٧٦ وإرشاد المفيد ص ١١٩ ويقول ابن أبي الحديد: إنها واحدة من خطب الإمام الطويلة المنتخبة ثم ينقلها كاملة ويبدي وجهة نظره في بعض ألفاظها .
الخطبة الخامسة : "يا أيها الناس شقوا أمواج الفتن..." ذكرت في احتجاج الطبرسي ص ١٢٧ وتذكرة الخواص ص ١٢٨ مع سلسلة السند واختلاف العبارات ويذكر ابن أبي الحديد سبب إلغاء هذه الخطبة .
الرسالة الأولى : والتي تبدأ بالعبارة "من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى أهل الكوفة..." نقلت في كتاب "الإمامة والسياسة لابن قتيبة المتوفى سنة (٢٨٦هـ) ص ٥٨ وفي طبعة أخرى ص ٦٧ وكتاب "الجمل للشيخ المفيد ص ١١٥ وفي طبعة أخرى ص ١٣١.
الرسالة الثانية: "وجزاكم الله من أهل مصر..." في الجمل للشيخ المفيد ص ٢٠٠ وكتابه "النصرة" ص ٢١٥ مع ذكر السند والاختلافات والإضافات .
الرسالة الثالثة: "يا شريح أما إنه سيأتيك ..." في أمالي الشيخ الصدوق ص ١٨٧ و"تذكرة الخواص" للسبط بن الجوزي المتوفى سنة "٦٥٤هـ) ص ١٨٠ و"دستور معالم الحكم" للقاضي القضاعي المتوفى سنة (٤٥٤هـ) ص ١٣٥ .
الرسالة الرابعة: "فإن عادوا إلى ظل الطاعة..." في تذكرة الخواص ص ١٥٧.
الرسالة الخامسة: "إن عملت ليس لك بطعمة ..." ذكرت في الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج ١ ص ٧٩ وفي طبعة أخرى ص ٩١ وفي العقد الفريد لابن عبد ربه ج ٢ ص ٢٣٢ وج ٣ ص ١٤ في طبعه أخرى وفي كتاب صفين لنصر بن مزاحم المتوفى سنة (٢١٢هـ ) ص ٢٠ .

وعن قصار الكلام:
١ ـ "كن في الفتنة كابن اللبون..." ذكرت في كتاب "الإمتاع والمؤانسة" لأبي حيان التوحيدي المتوفى سنة (٣٨٠هـ) ج٢ ص ٣١ وفي كتاب "غرر الحكم" للآمدي في حرف الكاف وكذلك في كتاب "العدد القوية للشيخ رضا الدين أخي العلامة الحلي.
٢ ـ "ازرى بنفسه من استشعر الطمع" ذكرت في "تحف العقول" ص ٢٠١ .
٣ ـ "البخل عار والجبن منقصة" ذكرت في "تحف العقول" ص ٢٠١ .
٤ ـ "العلم وراثة كريمة..." موجودة في أمالي الشيخ الطوسي ج ١ ص ١١٤ و"تحف العقول" ص ٢٠١ و"مجالس المفيد" ص ١٩٩ .
٥ ـ "إذا أقبلت الدنيا على أحد..." ذكرت في كتاب مروج الذهب للمسعودي المتوفى سنة (٣٤٦هـ) ج٣ ص ٤٣٤ و"دستور معالم الحكم" ص ٢٥ وغرر درر الآمدي ص ١٤٢.

"التشكيك في سند نهج البلاغة"
لا شك أن القارىء المحترم بعد أن تأمل فيما قيل سيتعجب من عنوان "التشكيك في سند نهج البلاغة" لكن علينا أن نعلم أن ذلك يسبب عدم الاطلاع أو التعصب الأعمى لأفكار موروثة غير صحيحة من قبل بعض الكتاب ونرى كثيراً ما ينطبق عليه المثل المعروف: "رمى جاهل حجراً في بئر فبذل مائة عالم جهودهم لإخراج الحجر".
مضت مائتان وخمسون يعتبر فيها أصحاب الرجال والتراجم نهج البلاغة من جمع وتدوين الريف الرضي ومحتوياته من كلام أمير المؤمنين علي(ع) وفجأة يظهر الأديب الفاضل شمس الدين بن خلكان في قلعة أربيل من نواحي الموصل ويكتب في كتابه "وفيات الأعيان" : إن نهج البلاغة من مؤلفات الشريف المرتضى "أخي الشريف الرضي" ثم يقول وبدون أي دليل: إن الناس اختلفوا في نهج البلاغة الذي فيه مجموعة من كلام علي بن أبي طالب هل جمعه الشريف المرتضى أم الشريف الرضي وقيل إنه ليس كلام علي وإنما وضعه الذي جمعه ونسبه إلى علي.
وظهر بعد ابن خلكان اليافعي والذهبي وابن حجر وابن عماد الحنبلي وأحمد أمين فنقلوا كلام ابن خلكان وكرروه لكن صلاح الدين الصفدي الذي اعتبره الخطيب الحسيني من هذه الجماعة نقل كلام ابن تيمية في نفس نسبته إلى الإمام وقال: ليس نهج البلاغة من إنشاء الشريف الرضي لكنه كلام علي بن أبي طالب وكلام الشريف الرضي في نهج البلاغة قد عُرفت .
ذكر بعض من سلك طريق ابن خلكان ما زعموا أنه شواهد ودلائل على ما ذهبوا إليه مثل:
١ ـ إن في الكتاب تعريضاً بصحابة الرسول(ص) .
٢ ـ إن فيه عبارات يشم منها ريح ادعاء علم الغيب.
٣ ـ طول بعض الخطب .
٤ ـ إن فيه سجعاً وتنميقاً لفظياً .
٥ ـ إن فيه دقة الوصف واستفراغ صفات الموصوف .
٦ ـ فيه الحث على الزهد وذكر الموت وذم الدنيا على منهاج المسيح(ع) .
وبعد أن استخرج بعض العلماء من الشيعة وحتى من أهل السنة محتويات نهج البلاغة من كتب مؤلفة قبل الشريف الرضي تصدوا لهذه الادعاءات وفندوها مثل: عبد الزهرة الحسيني وهبة الدين الشهرستاني وعبد الله نعمة ومحمد محيي الدين والشيخ هادي كاشف الغطاء .
وكان رد هؤلاء العلماء في ذاك الزمان شبيه بنظرنا بإخراج حجر رماه شخص في بئر يرتوي منه العطاش. أما الآن وبعد دراسة محتويات نهج البلاغة جزءاً جزءاً وقد استخرجت من منابع موثوقة فمن الواضح لا موجب للبحث في مثل هذا الأمر وتضييع الوقت .

"حفّاظ نهج البلاغة"
اهتم أصحاب الحديث بحفظ نهج البلاغة واستظهاره بعد القرآن الكريم ونشير هنا إلى بعض هؤلاء:
١ ـ القاضي جمال الدين الكاشاني كان عصره قريباً من عصر الشريف الرضي كما يقول الشيخ منتجب الدين.
٢ ـ أبو عبد الله محمد الفاروقي المتوفى سنة ٥٦٤هـ كذا قال ابن كثير في تاريخه وابن الجوزي في المنتظم .
٣ ـ السيد محمد المكي الحائري المتوفى سنة (١٢٨٠هـ ).
٤ ـ الشيخ محمد حسين مروة الحافظ العاملي .
من الواضح أن استقصاء حفاظ نهج البلاغة وإحصاء جميعهم غير ممكن لأن بعضهم لم يظهر ذلك وبعضهم لم يسجلهم التاريخ. ولم أعد من الحفاظ حفظ ٩٥% من نهج البلاغة وإني شخصياً أعرف منهم ثلاثة علماء معاصرين .
وأضف إلى ذلك أن عبد الحميد الكاتب الذي يضرب به المثل في فن الكتابة يقول: "حفظت سبعين خطبة من خطب الأصلع ففاضت ثم فاضت" وأن ابن نباتة الذي يضرب به المثل خطباء العرب يقول: "حفظت من الخطابة كنزاً لا يزيده الإنفاق إلا سعة وكثرة؛ حفظت مائة فصل من مواعظ علي بن أبي طالب" .

"مستدركات نهج البلاغة"
علينا أن نقر أن الخطب التي ألقاها الإمام ولم تصل إلينا أكثر بكثير مما وصلنا فمن الطبيعي ألا تكتب كل أقوال الإمام وأن مقداراً مما كتب قد ضاع. لكن من حسن الحظ أن ما هو في نهج البلاغة ليس كل ما وصلنا؛ فالشريف الرضي لم يدون من أقواله ورسائله إلا ما رآه، من وجهة نظره، له صبغة أدبية وبلاغية . ولهذا بعض الشارحين لنهج البلاغة مثل ابن أبي الحديد وحبيب الله الخوتي وابن ميثم في شرح بعض الخطب ينقلون صدر وخاتمة هذه الخطب مثل الخطب ٢٩، ٣٠، ٣٧ ، ٩٢ ، ١٨٠ في شرح الخوئي .
وابن أبي الحديد في شرحه يشير إلى المصادر المتوفرة لديه ويذكر ما حذف الشريف الرضي كما في الخطب التالية:
١ ـ والله لوجدته قد تزوج.
٢ ـ إن أبغض الخلائق إلى الله.
٣ ـ إن الشيطان قد ذمر حزبه.
٤ ـ إن الله بعث محمداً(ص) نذيراً للعالمين.
٥ ـ أف لكم لقد سئمت عتابكم.
٦ ـ وإن أتى الدهر بالخطب الفادح.
٧ ـ منيت بمن لا يطيع.
٨ ـ أعوذ بك من وعثاء السفر .
٩ ـ الحمد لله كلما وقب ليل وغسق.
وأيضاً علي بن حسين المسعودي يقول: (من الخطب التي ألقيت في مناسبات مختلفة أربعمائة ونيف وثمانون خطبة قد حفظها وتداولها الناس قولاً وعملاً) بينما في نهج البلاغة (٢٣٩) خطبة وهي أقل من نصف ما ذكر المسعودي.
وحسن بن شعبة الذي خصص (١٦٣) صفحة من كتابه "تحف العقول" لخطب ووصايا الإمام يقول: لو أردنا أن نذكر خطب وكلام الإمام في التوحيد فقط لكان كتاباً مثل كتاب "تحف العقول".
وذكر ابن آشوب المتوفى سنة (٥٨٨هـ ) في كتابه "مناقب آل أبي طالب" بالإضافة إلى خطب: الشقشقية ، التوحيد، القاصعة، الأشباح، الاستسقاء، الغراء التي هي في نهج البلاغة ذكر عدة خطب أخرى غير موجودة في نهج البلاغة مثل: الخطب، اللؤلؤة، الافتخار، الدرة اليتيمة، الأقاليم، الوسيلة، الطالوتية ، السلمانية، الناطقة ، الدامغة، الفاضحة ثم ذكر كتاب زيد بن وهب وإسماعيل بن مهران مما ييشر أن الكتابين كانا موجودين في زمانه.
بعض العلماء ألفوا كتباً مستقلة في هذا الموضوع وهم:
١ ـ الشيخ هادي كاشف الغطاء وكتابه "مستدرك نهج البلاغة" نقل بترتيب نهج البلاغة خطب ورسائل الإمام من الصفحة(١٧) إلى (١٨٨) .
٢ ـ الشيخ محمد باقر المحمودي، كتابه بعنوان "نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة" طبع منه أربع مجلدات واطلع المؤلف السيد عبد الزهرة الحسيني على ست مجلدات أخرى.
٣ ـ كتاب "التذييل" لعبد الله بن إسماعيل الحلبي.
٤ ـ كتاب "ملحق نهج البلاغة" لابن ناقة أحمد بن يحيى.
٥ ـ كتاب "النهج القويم" لخلف بن السيد عبد المطلب المشعشعي والد السيد علي خان أمير الأهواز.
٦ ـ كتاب "مصباح البلاغة" لحسن مير جهاني الطباطبائي.
٧ ـ كتاب "غرر الحكم ودرر الكلم" لعبد الواحد الآمدي، نقل (١١٠٥٠) من قصار كلام الإمام وقسماً قليلاً منها موجود في نهج البلاغة وبعضها بعبارات مختلفة وبمعانٍ واحدة . مثل حسن الأدب أفضل نسب ، نعم النسب حسن الأدب ، لا حسب أرفع من الأدب ، لا حسب كالأدب ، أكرم حسب حسن الأدب .
٨ ـ ابن أبي الحديد ذكر في شرحه (٩٩٨) كلمة زيادة على ما نقله الشريف الرضى وسماها "الحكم المنثورة".
٩ ـ "دستور معالم الحكم" للقاضي القضاعي.
١٠ ـ "كلام علي وخطبه" لأبي العباس الصميري.
١١ ـ "عيون الحكم والمواعط" للشيخ علي الواسطي كتبها سنة (٤٥٧هـ) .
١٢ ـ "خطب علي بن أبي طالب" لمحمد بن أبي بكر الحافظ المديني.
١٣ ـ "نثر اللآلي" لفضل بن حسن الطبرسي.
١٤ ـ "نثر اللآلىء" لفضل الله الراوندي.
١٥ ـ "مطلوب كل طالب" لرشيد الوطواط المتوفى سنة (٥٥٣هـ) .
١٦ ـ "استخراج الوقائع المستقبلة" لابن فهد الحلي المتوفى سنة (٨٤١هـ) .
١٧ ـ "منتخب وصايا أمير المؤمنين وحكمه" بخط ميرقاسم القره باغي.
١٨ ـ "وصايا أمير المؤمنين" بخط الحاج سلطان الأصفهاني.
١٩ ـ "اللآليء المنثورة" لقطب الأقطاب الحسيني الذهبي الشيرازي.
٢٠ ـ "الصحيفة العلوية" للشيخ عبد الله البحراني السماهيجي.
٢١ ـ "الصحيفة العلوية الثانية" للحاج الميرزا حسين النوري المتوفى سنة (٣٢٠هـ).
٢٢ ـ "حكم علي بن أبي طالب" لبعض أهل الفضل من المسيحين .
٢٣ ـ "خطب أمير المؤمنين في الملاحم مع شرحها" إملاء الشيخ محمد حرز الدين على الشيخ طيب علي الهندي.
٢٤ ـ "هدى ونور" للشيخ ثروت الشرقاوي المصري.
من البديهي لما كان أغلب هؤلاء الكتاب لم يطلع أحدهم على كتب الآخر توجد في كتبهم متكررات كثيرة ولا يمكن اعتبارها(٢٤) مستدركات مستقلاً لنهج البلاغة.
والله أعلم بما في ضمير عباده .

تعريب أبو ياسر الوائلي

انتهى .

****************************