وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                
وقال (عليه السلام): خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ .                
وقال (عليه السلام):مَنْ عَظَّمَ صِغَارَ الْمَصَائِبِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِكِبَارِهَا.                
وقال (عليه السلام): لَيْسَ بَلَدٌ بأَحَقَّ بِكَ مِنْ بَلَد، خَيْرُ الْبِلاَدِ مَا حَمَلَكَ.                
وقال (عليه السلام): الدُّنْيَا خُلِقَتْ لِغَيْرِهَا، ولَمْ تُخْلَقْ لِنَفْسِهَا.                
وقال (عليه السلام): ما أَنْقَضَ النَّوْمَ لِعَزَائِمِ الْيَوْمِ.                
وقال (عليه السلام): عَلامةُ الاِْيمَانِ أَنْ تُؤثِرَ الصِّدْقَ حَيْثُ يَضُرُّكَ عَلَى الْكَذِبِ حَيْثُ يَنْفَعُكَ،أَنْ يَكُونَ فِي حَديِثِكَ فَضْلٌ عَنْ عِلْمِكَ، وَأَنْ تَتَّقِيَ اللهَ فِي حَدِيثِ غَيْرِكَ.                

Search form

إرسال الی صدیق
دراسة حول نهج البلاغة (في مصادر الكتاب)

السيد محمد حسين الجلالي

قال الشريف الرضي رحمه اللَّه : « ولا أدّعي مع ذلك أنّني أحيط بأقطار جميع كلامه عليه السّلام ، حتى لا يشذّ عنّي منه شاذّ ، ولا يندّ نادّ ، بل لا أبعد أن يكون القاصر عنّي فوق الواقع إليّ ، والحاصل في ربقتي دون الخارج من يدي وما عليّ إلَّا بذل الجهد وبلاغة الوسع ، وعلى اللَّه سبحانه نهج السبيل وإرشاد الدليل إن شاء اللَّه تعالى » .
واجه الشريف الرضي ما يواجهه كلّ متتبع للروايات من مشكلة الاستقصاء والشذوذ في الروايات ، ومهما أوتيت اليد الواحدة من قدرة فإنها تكون عاجزة عن الاستقصاء . وهذه حكمة اللَّه على كل البشر ، وليس المطلوب سوى استفراغ الوسع في سبيل الهدف ، وهذا ما قام به الشريف الرضي بكلّ إخلاص .
ولم يذكر الشريف الرضي في نهج البلاغة سوى تسعة كتب ، وهذا على خلاف عادته وأسلوبه في كتبه الأخرى ، مما يدعو إلى التساؤل عن السبب في ذكره هذه التسعة خاصة ، وهو وإن لم يصرّح بمصادره في كتبه غالبا لكنه اعطى فكرة عامة عنها ، فمثلا في كتاب « المجازات النبوية » ذكر رحمه اللَّه في المقدمة - بعد ما أشار إلى كتبه : تلخيص البيان عن مجازات القرآن ، وحقائق التأويل في متشابه التنزيل - قال : « والذي اعتمد عليه في استخراج ما يتضمن الغرض الذي أنحو نحوه ، وأقصد قصدة ، كتب غريب الحديث المعروفة وأخبار المغازي المشهورة ، ومسانيد المحدّثين الصحيحة ، مضيفا إلى ذلك ما يليق بهذا المعنى من جملة كلامه عليه الصلاة والسلام الموجز الذي لم يسبق إلى لفظه ، ولم يفترع من قبله ، وجميع ذلك ممّا أتقنّا بعضه رواية ، وحصّلنا بعضه إجازة ، وخرّجنا بعضه تصفّحا وقراءة ، مستمدين في ذلك ، وفي سائر الأنحاء والمرامي والمطالب والمغازي توفيق اللَّه سبحانه الذي يهوّن الشديد ويقرّب البعيد ، ويذلَّل الصعب إذا أبى ، ويقوّم المعوجّ إذا التوى ، وما توفيقي إلَّا باللَّه عليه توكَّلنا وإليه ننيب » [١].
وعليه فمصادر جمع الشريف الرضي هي :
١ - كتب غريب الحديث المعروفة .
٢ - أخبار المغازي المشهورة .
٣ - مسانيد المحدّثين الصحيحة .
وقد حصل على هذه بعض المصادر بالطرق السائدة في عصره وهي :
١ - الرواية ، ٢ - الإجازة ، ٣ - المراجعة ، ٤ - القراءة .
وصرّح الشريف الرضي بثمانية مصادر في نهج البلاغة هي :
١ - اصلاح المنطق ، لأبي يوسف يعقوب بن إسحاق بن السكيت ( ت / ٢٢٤ ) ، الخطبة ٣ ، ص ٣٧ .
٢ - البيان والتبيين ، لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ( ت / ٢٢٥ ) ، الخطبة ٣٢ ، ص ٥٩ .
٣ - التاريخ ، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري ( ت / ٣١٠ ) ، الحكمة ٣٧١ ، ص ٤١٤ .
٤ - الجمل ، لأبي عبد اللَّه محمد بن عمر الواقدي ( ت / ٢٠٧ ) ، الكتاب ٧٥ ، ص ٣٦٣ .
٥ - غريب الحديث ، لأبي عبيد الهروي القاسم بن سلام ( ت / ٢٢٤ ) ، ولم يذكر الرضي اسم الكتاب بل قال : « هذا ممّا ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام » ، في الغريب ٤ ، ص ٤٣٠ ، ومن الواضح انه أراد الكتاب المذكور .
٦ - المغازي ، لسعيد بن يحيى الأموي ( ت / ٢٤٩ ) ، الكتاب ٧٨ ، ص ٣٦٤ .
٧ - المقامات في مناقب أمير المؤمنين عليه السّلام ، لأبي جعفر محمد بن عبد اللَّه الإسكافي ( ت / ٢٤٠ ) ، الكتاب ٥٤ ، ص ٣٤٨ و ٣٦٤ .
٨ - المقتضب ، لأبي العباس محمد بن يزيد المبرد ( ت / ٢٨٦ ) ، الحكمة ٤٦٤ ، ص ٤٢٦ .
ولم يصرح بمصدر آخر في نهج البلاغة ، سوى هذه الثمانية ، وقد نقل عن خط أبي المنذر هشام بن محمد الكلبي ( ت / ٢٠٤ ) الكتاب ٧٤ ، ص ٣٦٢ .
وقد يكون من إحدى كتبه ، فهو كثير التأليف في الأخبار .
وعن السبب في ذكره هذه المصادر دون غيرها قال الهادي كاشف الغطاء : « والظاهر أن الوجه في تخصيص ذلك البعض بذكر المصدر دون غيره من مندرجات الكتاب هو أن ذلك البعض مما لم يتحقّق عند المؤلَّف نسبته إلى أمير المؤمنين عليه السّلام ، بخلاف غيره ، فإنّه على ثقة منه ويقين ، فلا يحتاج إلى ذكر مصدر له ، لكون العهدة عليه في النقل والنسبة ، وهذه عادة القدماء من أهل التأليف . . . وقد يكون الوجه في ذلك وقوع الخلاف في النسبة أو وجود النسبة إلى الغير ، فيذكر المصدر نسبته إلى الإمام عليه السّلام كما يظهر ذلك من نقله عن الجاحظ في كتاب البيان والتبيين »  [٢].
وهذا رأي مصيب ، إذ أنّا نجد هذه المصادر ليست من مصادر روايات أهل البيت الذي اعتزّ بها الشريف الرضي ، بل مصادر عامة راجعها ونقل عنها من دون رواية وإجازة وقراءة ، كما هي الحال في عصرنا ، ومن هنا وجب التنبيه على ذلك بذكر هذه المصادر دون غيرها .
كما أن الشريف الرضي صرّح في سبعة موارد بأسماء الرواة للمأثورات عن الإمام عليّ عليه السّلام دون غيرها من الخطب والرسائل والحكم بعنوان « روي » و « حكي » وما شابه ذلك ، وهي كالآتي :
١ - أحمد بن يحيى المعروف بثعلب ( ت / ٢٩١ ) ونصّه « ما حكماه ثعلب » في الحكمة ٤٤٠ ج ٢٠ ص ٨٠  [٣] .
٢ - ذعلب اليماني ، ونصّه : « روى ذعلب » في الكلام ٢٩ ج ١٣ ص ١٨ .
٣ - ضرار بن حمزة الضبابي ، ونصّه : « ومن خبر ضرار » في الحكمة ٧٥ ، ج ١٨ ص ٢٧٥ .
٤ - كميل بن زياد النخعي ( ت / ٨٢ ) ، ونصّه : « قال كميل » ، في الحكمة ٤٣ ح ١ ص ٣٤٦ .
٥ - الإمام محمد بن علي الباقر عليه السّلام ( ت / ١١٤ ) ، ونصّه : « وحكى عنه أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليه السّلام » في الحكمة ٨٥ ج ١٨ ص ٢٤٠ .
٦ - نوف البكالي ( ت / ١٠٠ ح ) ونصّه : « روي عن نوف البكالي » في الخطبة ١٨٣٠ ج ١٠ ص ٧٦ .
٧ - وهب بن عبد اللَّه السوائي ( ت / ٧٤ ) ، ونصّه : « وروى أبو جحيفة » في الحكمة ٣٨١ ، ج ١٩ ص ٣١٢ .
٨ - محمد بن جرير الطبريّ ( ت / ٣١٠ ) ونصّه : « وروى ابن جرير الطبري في تاريخه » في الحكمة ٣٧٩ ج ١٩ ص ٣٠٥ .
وظني ان الشريف الرضي إنما خصّ أسماء هؤلاء الرواة دون غيرهم لاختلاف الروايات ، فاختار ما رآه أنسب مشيرا إلى الراوي ، مع أنّ هؤلاء إنّما يدخلون في اعلام نهج البلاغة فيما لو عمل فهرس للاعلام فانّ لكميل ذكر في نهج البلاغة في ثلاثة موارد في الكتاب ٦١ والحكمة ١٤٣ و ٢٥٤ ، ولم يعنونه بعنوان الراوي إلَّا فيالحكمة ١٤٣ ، لأن المحادثة قد حصلت بينه وبين الإمام عليه السّلام ممّا أوجب ذكر اسمه .

مصادر أخرى
من الطبيعي أنّ الكتب التي ألَّفت في عهد الرضي وما قبله والتي كانت ميسّرة له ، كلَّها تكون من مصادر نهج البلاغة ، وانّ مصادر أهل البيت التي ألَّفت في عصر الرضي ينص على كثير منها .
ونكتفي بعرض سريع لما ذكره أبو العباس النجاشي ( ت / ٤٥٠ ) وأبو جعفر الطوسي ( ت / ٤٦٠ ) في فهرسيهما في خصوص ما يتعلَّق بالامام عليه السّلام على ما ينبئ عناوينها ، دون المصادر العامة .
١ - خطب علي ، لأبي إسحاق إبراهيم بن الحكم بن ظهير الفزاري الكوفي المفسر ( ذكره النجاشي ) [٤].
٢ - كتاب الخطب ، لأبي إسحاق إبراهيم بن سليمان بن عبد اللَّه بن خالد النهمي - نسبة إلى منهم ، بطن من همدان الكوفي الخزاز ، وله مقتل أمير المؤمنين ( ذكره النجاشي والطوسي )  [٥].
٣ - كتاب رسائل علي وحروبه ، لأبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي الكوفي ( ت / ٢٨٣ ) ، وله كتاب كلام علي في الشورى ، وله كتاب بيعة أمير المؤمنين ، وله كتاب مقتل أمير المؤمنين ( ذكرها الطوسي )  [٦].
٤ - خطب أمير المؤمنين ، لأبي يعقوب إسماعيل بن مهران بن محمد السكوني الكوفي ، المتوفى بعد سنة ١٤٨ ه‍ ( ذكره النجاشي والطوسي ) [٧].
٥ - خطب أمير المؤمنين على المنابر في الجمع والأعياد وغيرها ، لزيد بن وهب الجهني الكوفي ، المتوفى سنة ٩٦ ه‍ ، ( ذكرها الطوسي ) [٨].
٦ - خطب أمير المؤمنين ، لأبي الخير صالح بن أبي حمّاد الرازي ، المتوفى بعد سنة ٢١٤ ه‍ ، من أصحاب الإمام العسكري عليه السّلام [٩] ( ذكره النجاشي ) [١٠].
٧ - خطب عليّ ، لأبي احمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي الأزدي البصري المتوفى سنة ٣٣٢ ه‍ ، وله كتاب شعر علي ، وله كتاب ذكر كلام عليّ في الملاحم ، وله كتاب قول علي في الشورى ، وله كتاب ما كان بين علي وعثمان من الكلام ، وله كتاب الأدب عن عليّ ، وكتب أخرى فيها آثار الإمام عليه السّلام : رسائل علي ، ومواعظ عليّ ، وخطب عليّ ( ذكرها النجاشي ) [١١].
٨ - خطب أمير المؤمنين ، لأبي بشر ( أبي محمد ) مسعدة بن صدقة العبدي الكوفي ، الراوي عن الإمام الكاظم عليه السّلام ، المتوفى سنة ١٨٣ ( ذكره النجاشي ) [١٢].
٩ - خطب وكتب أمير المؤمنين عليّ رضي اللَّه عنه ، لأبي المفضل نصر بن مزاحم المنقري الكوفي العطار ، المتوفى سنة ٢١٢ ه‍ ، ( ذكره النجاشي ) [١٣].
١٠ - خطب عليّ رضي اللَّه عنه ، لأبي منذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، المتوفى سنة ٢٠٦ ه‍ ، كان والده محمد من أصحاب الإمام الباقر والصادق عليهما السّلام ، وله تفسير القرآن ، توفي سنة ١٤٦ ه‍ ( ت / ١٤٦ ) ، وجدّه السائب ، وأخواته عبيد وعبد الرحمن ، وأبوهم بشر شهد الجمل وصفين مع أمير المؤمنين عليه السّلام ( ذكره النجاشي ) [١٤].
وقد أنصف الأستاذ علي العرشي الحنفي في استناد نهج البلاغة بقوله : « ليس بخاف على أبناء العلم والمولعين به أنّ معظم محتويات نهج البلاغة توجد في كتب المتقدّمين ولو لم يذكرها الشريف الرضي ، ولو لم يعر بغداد ما عراها من الدماء على يد التتر ولو بقيت خزانة الكتب الثمينة التي أحرقها الجهلاء لعثرنا على مرجع كلّ مقولة مندرجة في نهج البلاغة »  [١٥].

---------------------------------------------------
[١] . تلخيص البيان : ١٢ ، الطبعة الثانية منشورات مكتبة بصيرتي - قم .
[٢] . مدارك نهج البلاغة : ٢٣٥ .
[٣] . ( ملاحظة ) : أعدنا ترقيم الموارد حسب طبعة شرح ابن أبي الحديد الحديثة ، لكونها أسهل تناولا ( المحقق ) .
[٤] . رجال النجاشي : ١٥ ، الفهرست : ٣٥ .
[٥] . رجال النجاشي : ١٨ ، الفهرست : ٣٨ .
[٦] . الفهرست : ٣٦ .
[٧] . رجال النجاشي : ٢٦ ، الفهرست : ٤٦ و ٥٢ .
[٨] . الفهرست : ١٣٠ .
[٩] . رجال النجاشي : ١٩٨ .
[١٠] . رجال النجاشي : ١٩٨ .
[١١] . رجال النجاشي : ٢٤٠ - ٢٤٢ .
[١٢] . رجال النجاشي : ٤١٥ .
[١٣] . رجال النجاشي : ٤٢٨ .
[١٤] . ذكره النجاشي : ٤٣٤ - ٤٣٥ ، وابن النديم : ١٤٠٦ .
[١٥] . استناد نهج البلاغة : ٢٠ .
****************************