وقال (عليه السلام): الْغِيبَةُ جُهْدُ الْعَاجزِ.                
وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                
وقال (عليه السلام): أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الاْخْوَانِ، وَأَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ .                
وقال (عليه السلام) : هَلَكَ فِي رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ غَال ، وَمُبْغِضٌ قَال .                
وقال (عليه السلام): خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ .                
وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                
وقال (عليه السلام): لاَ خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ، كَمَا أنَّهُ لاَ خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ.                

Search form

إرسال الی صدیق
سيرة الإمام علي عليه السلام

وليد الكعبة :

من العجائب التي أضافت صوتاً ضارباً في التاريخ وأحداثه الفريدة التي تفتح الأعين على ما تخفيه من أسرار ، أن يصطفي الله لعبد اصطفاه ، حتى موضع مولده ، ليجمع له ـ مع طهارة مولده ـ شرف المحل ، محل الولادة ، ويخصّه بمكرمةٍ ميَّزة بها منذ ساعة مولده عن سائر البشر.

هكذا كان مولد عليِّ بن أبي طالب سلام الله عليه ، في البيت العتيق في الكعبة الشريفة.

وكان ذلك يوم الجمعة ، الثالث عشر من شهر الله الأصمّ رجب ، بعد عام الفيل بثلاثين سنة [١] قبل البعثة بعشر سنين [٢] حوالي عام ٦٠٠ م (٢٣ قبل الهجرة) ، وقيل : « ولد سنة ثمان وعشرين من عام الفيل » [٣] .

ولعلّه في مثل هذا اليوم الذي وُلِد فيه أمير المؤمنين ، قد وُلِد الألوف من البشر ، لكنَّ ولادته مثَّلت حدثاً عجيباً تجلَّت به الأسرار ، وتلبَّست بالحكمة الربَّانية.

كانت مثاراً للدهشة الأبدية ، فقد وضعت فاطمة وليدها في البيت العتيق! في مكان عبادة لا ولادة ، أليس ذلك بالشيء العظيم ؟!

ويسجل التاريخ ذاك الفخر الذي ظهر فيه عليٌّ عليه السلام مديراً ظهره للأصنام التي كانت الكعبة الشريفة تضجُّ بها ، وعن قريب سينهض هذا

الوليد على كتف رسول الله ليلقي بها أرضاً ، تحت بطون الأقدام!!

تلك ولادة أكرمه الله بها ، فشاركته أمُّه الكريمة في فخرها..

إنَّ أُمَّه فاطمة بنت أسد لمَّا ضربها الطلق ، جاءت متعلِّقة بأستار الكعبة الشريفة ، من شدة المخاض ، مستجيرة بالله وَجِلةً ، خشية أن يراها أحد من الذين اعتادوا الاجتماع في أُمسياتهم في أروقة البيت أو في داخله ، فانحازت ناحية وتوارت عن العيون خلف أستار البيت ، واهِنةً مرتعشة أضنتها آلام المخاض؛ فألصقت نفسها بجدار الكعبة وأخذت تقول :

« يا ربِّ ، إنِّي مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب ، وإنِّي مصدِّقة بكلام جدِّي إبراهيم وأنَّه بنى البيت العتيق ، فبحقِّ الذي بنى هذا البيت وبحقِّ المولود الذي في بطني الا ما يسرت عليَّ ولادتي ».

قال يزيد بن قعنب : فرأيت البيت قد انشقَّ عن ظهره ، ودخلت فاطمة فيه ، وغابت عن أبصارنا وعاد إلى حاله ، فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح ، فعلمنا أنَّ ذلك من أمر الله تعالى ، ثُمَّ خرجت في اليوم الرابع وعلى يدها أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب عليه السلام [٤] .

وهو حديث جدير كذلك أن يخلّده الشعراء :

أنشد الحميري (ت ١٧٣ هـ) :

وَلدَتْهُ في حرم الإلـه وأمنـه ***** والبيت حيـث فناؤه والمسجد

بيضاء طاهرة الثياب كريمـة ***** طابت وطاب وليدهـا والمولد

ما لُفَّ في خِرَقِ القوابِل مِثلُه ***** إلاّ ابــن آمنةَ النبـيِ محمّد

وله أيضاً في أمير المؤمنين عليه السلام :

طبـتَ كهلاً وغلاماً ***** ورضيعـاً وجنينـا

ولدى الميثاق طينـاً ***** يوم كان الخلقُ طينا

وببطن البيت مولوداً ***** وفي الرمل دفينا [٥]

وقال عبدالباقي العمري في عينيته الشهيرة :

أنت العليّ الذي فوق العُلى رُفعا ***** ببطن مكة عند البيت إذ وُضعا

وعقّب عليه أبو الثناء الآلوسي في شرحه هذه القصيدة ـ شرح عينية عبدالباقي العمري ـ ما نصه : « وفي كون الأمير كرّم الله وجهه ولد في البيت أمر مشهور في الدنيا ، وذكر في كتب الفريقين السنة والشيعة... ولم يشتهر وضع غيره كرّم الله وجهه كما اشتهر وضعه ، بل لم تتفق الكلمة عليه ، وأحرى بإمام الأئمّة أن يكون وضعه في ما هو قبلة للمؤمنين ، سبحان من يصنع الأشياء ، وهو أحكم الحاكمين » [٦] .

صفته :

نشأ عليه السلام مكين البنيان ، شاباً وكهلاً ، حافظاً لتكوينه المكين حتى ناهز الستين من عمره الشريف ، كان قوي البنية ، ممتلىء الجسم ، كثير الشعر ، ربعة في الرجال لا هو بالطويل ولا بالقصير ، عريض المنكبين ، له مشاش كمشاش السبع الضاري ، يغلظ من أعضائه ما استغلظ من أعضاء الأسد ويدقُّ منها ما استدقَّ..

 هذا وتدلُّ أخباره ـ كما تدلُّ صفاته ـ على قوَّة جسدية ، فربَّما رفع فارساً بيده فجلد به الأرض غير جاهد ، وما صارع أحداً الا وصرعه..

يتكفَّأ في مشيته على نحو ما يقارب مشية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، الذي جعله أُسوته وقدوته منذ أن نشأ وحتَّى مات.

وذكر بعضهم أنَّه كان آدمَ ـ أي أسمر ـ شديد الأدمة ، عظيم العينين غليظ الساعدين أقرب إلى القصر من الطول ، عريض اللحية..

ولم يصفه أحد بالخضاب ، سوى سواد بن حنظلة ، قال ابن سعد : والصحيح أنَّه لم يخضب ، وروي أنَّه كان يصفِّر لحيته بالحنَّاء ثُمَّ ترك [٧] .

أسماؤه وألقابه :

كثيرة أسماؤه وألقابه عليه السلام ومختلف في بعضها بين العلماء ، فقال مجاهد : « إنَّ أُمُّه سمَّته عليَّاً عند ولادته.

وقال عطاء : إنَّما سمَّته أُمُّه حيدرة ، بدليل قوله يوم خيبر : « أنا الذي سمَّتني أمِّي حيدرة » ، فلمَّا علا على كتفي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكسَّر الأصنام سُمِّي عليَّاً من العلو والرفعة والشرف » [٨] .

وليس هذا بالمعتمد ، فقد عُرف باسم « عليٍّ » منذ الصغر.

وعن ابن عبَّاس : « كانت أُمُّه إذا دخلت على هُبل لتسجد له وهي حامل به على بطنها فيتقوَّس فيمنعها من السجود فسُمِّي عليَّاً » [٩] . ولايصحُّ؛ لأنَّ أُمَّه فاطمة بنت أسد كانت تتعبَّد على ملَّة إبراهيم الخليل ، كما ذكرنا ذلك سابقاً.

وقال سبط ابن الجوزي : « وقول مجاهد أظهر؛ لأنَّه ثبت المستفيض بهِ ، ولايمنعها من تسميته عليَّاً أن تسمِّيه حيدرة ، لأنَّ حيدرة اسم من أسامي الأسد لغلظ عنقه وذراعه ، وكذلك كان أمير المؤمنين عليه السلام ، فيكون عليٌّ اسمه الأصلي ، وحيدرة وصفاً له »   [١٠].

وعنه أيضاً : « وقد سمَّاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم « ذا القرنين » ذكر ذلك بإسناده المتَّصل إلى سلمة بن الطفيل ، عن عليٍّ عليه السلام ، قال : « قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنَّ لك في الجنَّة قصراً ، وإنَّك ذو قرنيها » » [١١] .

قال : « وهذا حديث أخرجه أحمد بن حنبل في المسند ، وأخرجه أحمد أيضاً في كتاب جمع فيه فضائل أمير المؤمنين ، ورواه النسائي مسنداً ».

وقد عُرف عليه السلام بألقاب كثيرة ، جاء كثير منها في حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم منها : « يعسوب المؤمنين » وأصل اليعسوب هو ملك النحل ، ومنه قيل للسيِّد : يعسوب ، والمؤمنون يتشبَّهون بالنحل؛ لأنَّ النحل تأكل طيباً.

ويلقَّب أيضاً : الولي ، والوصي ، والتقي ، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، وشبيه هارون ، وصاحب اللوى ، وخاصف النعل ، وكاشف الكرب ، وأبو الريحانتين ، وبيضة البلد ، وغيرها كثير [١٢] .

وكنَّاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأبي تراب لمَّا رآه ساجداً معفِّراً وجهه في التراب ، فكان ذلك من أحبِّ ألقابه إليه.

وجاء في سبب تسميته ـ كما نقله ابن إسحاق عن عمَّار بن ياسر ـ أنَّه قال : كنت أنا وعلي بن أبي طالب رفيقين في غزوة العشيرة ، فلمَّا نزلها رسول الله وأقام بها ، رأينا ناساً من بني مدلج يعملون في عين لهم ، فقال لي عليٌّ عليه السلام : « يا أبا اليقظان ، هل لك في أن نأتي هؤلاء القوم لننظر كيف يعملون! » قلت : إن شئت ، فجئناهم ونظرنا إلى عملهم ساعة ثُمَّ غشينا النوم ، فانطلقت أنا وعليٌّ واضطجعنا في صور من النخل على التراب اللين ونمنا ، والله ما أيقظنا الا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُحرِّكنا برجله ، وقد تترَّبنا من تلك البقعة التي نمنا فيها ، ففي ذلك اليوم قال الرسول لعليٍّ عليه السلام : « ما لك يا أبا تراب »! [١٣].

رواه أيضاً ابن جرير الطبري [١٤] في تاريخه ، ثُمَّ ذكر سبباً آخر في هذه التسمية ، خلاصته أنَّه قيل لسهل بن سعد الساعدي : إنَّ بعض أمراء المدينة يريد أن يبعث إليك لتسبَّ عليَّ بن أبي طالب على المنبر ، وتقول له : يا أبا تراب ، قال : والله ما سمَّاه بذلك الا رسول الله. قلت : وكيف ذاك ؟ قال : دخل عليٌّ عليه السلام على فاطمة الزهراء ، ثُمَّ خرج من الدار ، وذهب إلى المسجد واضطجع في فيئه ، ثُمَّ دخل رسول الله على فاطمة وسألها عن عليٍّ عليه السلام ، فقالت له : « هو ذاك مضطجع في المسجد » ، فجاءه رسول الله فوجده وقد سقط رداؤه عن ظهره؛ فقال له : « اجلس أبا تراب » فوالله ما سمَّاه بذلك إلا رسول الله ، وكان أحبَّ أسمائه إليه.

وأخرجه أحمد بن حنبل من وجه آخر ، قال : حدَّثنا ابن نمير ، عن عبدالملك الكندي ، عن أبي حازم ، قال : جاء رجل إلى سهل بن سعد؛ فقال : هذا فلان يذكر علي بن أبي طالب عند المنبر ، فقال : ما يقول ؟ قال : يقول : أبو تراب ، ويلعن أبا تراب ، فغضب سهل وقال : والله ما كنَّاه به الا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما كان اسم أحبَّ إليه منه.

وقال الزهري : والذي سبَّ عليَّاً في تلك الحالة مروان بن الحكم؛ لأنَّه كان أميراً في المدينة من قبل معاوية ، وذكر ذلك الحاكم أبو عبدالله النيسابوري أيضاً [١٥] .

ولقَّبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً بأمير المؤمنين ، حتَّى قال فيه : « سلِّموا على عليٍّ بإمرة المؤمنين » [١٦] .

ومن ألقابه [١٧] أيضاً : المرتضى ، ونفس الرسول ، وأخوه ، وزوج البتول ، وسيف الله المسلول ، وأمير البررة ، وقاتل الفجرة ، وقسيم النار ، وصاحب اللواء ، وسيِّد العرب ، وكشَّاف الكرب ، والصدِّيق الأكبر ، والهادي ، والفاروق ، والداعي ، والشاهد ، وباب المدينة ـ أي مدينة العلم ـ وغرَّة المهاجرين ، والكرَّار غير الفرَّار ، والفقَّار ، وبيضة البلد.

واجتمعت في عليِّ بن أبي طالب خلاصة الصفات التي اشتهرت بها أُسرته الهاشمية من النبل والشجاعة.. وممَّا قاله القائلون عن شجاعته : إنَّه ما عُرف عن بطل في العالم الا كان مغلوباً حيناً ، وغالباً حيناً ، الا عليٌّ عليه السلام فهو الغالب أبداً ودائماً ، ومن هنا كان العرب يفخرون بأنَّ قريبهم قُتل بسيف عليٍّ ، ويجعلون من هذا دليلاً على أنَّ صاحبهم بارز عليَّاً ، وهو الموت الذي لابدَّ منه.

وعُرف أيضاً بالمروءة والعلم والذكاء ، وقد كان يقول : « لو شئت لأوقرت سبعين بعيراً في تفسير فاتحة الكتاب » [١٨] . وهو أعلم أصحاب رسول الله قاطبة بلا منازع ، وفي هذا أحاديث كثيرة تشهد له ، ووقائع كثيرة تصدّقه.

نشأته :

كلُّ مولود يولد تتعاقبه وراثة الأجيال ، فيأخذ من الأب والأمِّ مايكوِّن به شخصيَّته النفسية والروحية والأخلاقية ، والإمام عليٌّ عليه السلام معروف النسب ، فهو ابن سادة العرب ، أهل المروءة والشجاعة والكرم ، توارثوا السيادة وخصالها أباً عن جدٍّ ، عن أبيهم إبراهيم خليل الرحمن.

كما هيَّأ الله سبحانه الأسباب لعليٍّ ليكون أكثر الناس قرباً من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخصِّهم به.. بل ليكون النبيُّ أقرب إليه من أبيه وأخوته ، ففي الثامنة من عمر علي عليه السلام ـ وربما كان حوالي عام ٦٠٦ م ـ دخلت قريش أزمة شديدة طاحنة ، وسنة مجدبة منهكة ، شحَّت فيها موارد العيش ، وكان وقعها على أبي طالب شديداً ، إذ كان ذا عيال كثير وقلَّة من المال لا يفي بنفقة رجل مثله ، فعند ذاك قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعمَّيه الحمزة والعبَّاس : « ألا نحمل ثقل أبي طالب ، ونخفِّف عنه عياله ؟ »

فجاءوا إليه وسألوه أن يسلِّمهم وِلده ليكفوه أمرهم ، فقال لهم : دعوا لي عقيلاً وخُذوا من شئتم ، فأخذ العبَّاس طالباً ، وحمزة جعفراً ، وأخذ محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم عليَّاً عليه السلام [١٩] .

وانتقل عليٌّ عليه السلام وهو في مطلع صباه إلى كفيله محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم ، فرُبِّي في حجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يفارقه ، وكانت فاطمة بنت أسد كالأُمِّ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وكذلك كانت خديجة بنت خويلد كالأُمِّ لعليٍّ عليه السلام.

فنشأ عليٌّ عليه السلام في بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يرعاه وينفق عليه ، فحاز بذلك من الشرف ما لم يحزه غيره..

فقد نشأ يستلهم من معلِّمه معالم الأخلاق والتربية الروحية والفكرية ، وكذا دقائق الحكمة والمعرفة ، حتَّى أدرك من الحقائق ما لم يدركه بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحد غيره ، حتى تطبّع بصفات كافله ، ولم تكن فيه صفة الا وهي مشدودة بصفات معلِّمه الأول والأخير ، وما من شيء أنكره قلب محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم الا وأنكره قلب عليٍّ عليه السلام ، وكان هذا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

وأدرك التلميذ من معلِّمه العظيم حقائق الكون ونواميس الطبيعة ، بل وأسرار الوجود ، وأصبح المثل الأعلى في جميع شمائله وأفعاله ، وتحلَّى بأعلى ذروة من ذرى الكمال الروحي والأخلاقي.

ووصف عليه السلام تلك الأيام القيِّمة مبيّنا فضلها واختصاصه بها على من سواه ، فقال :

« وقد علمتم موضعي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالقرابة القريبة ، والمنزلة الخصيصة ، وضعني في حجره وأنا ولد ، يضمُّني إلى صدره.. وكان يمضغُ الشيء ثُمَّ يُلقمنيه ، وما وجد لي كذبةً في قول ، ولا خطلة في فعل.. ولقد كنت أتَّبعه اتباع الفصيل أثر أمِّه ، يرفع لي في كلِّ يومٍ من أخلاقه علماً ، ويأمرني بالاقتداء به ، ولقد كان يجاور في كلِّ سنة بحراء فأراه ، ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخديجة وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة ، وأشمُّ ريح النبوَّة. ولقد سمعت رنَّة الشيطان حين نزل الوحي عليه صلى الله عليه وآله وسلم فقلت : يا رسول الله ما هذه الرَّنَّة ؟ فقال : هذا الشيطان قد أيِسَ من عبادَتِهِ. إنَّك تسمعُ ما أسمعُ ، وترى ما أرى ، إلاّ أنَّكَ لَسْت بِنَبِيٍّ ، ولكنَّكَ لَوزيرٌ وإنَّك لَعَلَى خيرٍ... » [٢٠] .

--------------------------------------------------

[١] . أنظر إعلام الورى ١ : ٣٠٦ ، إرشاد المفيد ١ : ٥ ، عليٌّ وليد الكعبة  الأوردبادي : ٣ منشورات مكتبة الرضوي ، كشف الغمَّة  العلأَمة المحقِّق الأربلي ١ : ٥.

[٢] . الإصابة  ابن حجر ٢ : ٥٠٧.

[٣] . كشف الغمَّة ١ : ٥٩.

[٤] . كشف الغمَّة ١ : ٦٠.

[٥] . علي وليد الكعبة الأوردبادي : ١١ ط النجف الأشرف.

[٦] . علي وليد الكعبة : ٣.

[٧] . أنظر : الطبقات الكبرى ٣ : ١٨ ـ ١٩ ، تذكرة الخواص : ١٧.

[٨]  . تذكرة الخواص : ٣ ـ ٤.

[٩] . نفس المصدر .

[١٠] . تذكرة الخواص : ٤.

[١١] . نفس المصدر.

[١٢] . نفس المصدر .

[١٣] . سير اعلام النبلاء ١ : ٢٩٨.

[١٤] . تاريخ الطبري ٢ : ١٢٣ بتصرف.

[١٥] . تذكرة الخواص : ٥.

[١٦] . أنظر : ارشاد المفيد ١ : ٤٨.

[١٧] . للمزيد أنظر : المناقب | الخوارزمي ٤٠ ـ ٤٣ ط مؤسسة النشر الإسلامي.

[١٨] . مناقب ابن شهرآشوب ٢ : ٤٣ ، ينابيع المودة | القندوزي : ٦٥.

[١٩] . الكامل في التاريخ ١ : ٥٨٢ .

[٢٠] . نهج البلاغة  تحقيق صبحي الصالح الخطبة ١٩٢ بتصرف.

منقول من كتاب الامام علي سيرة وتاريخ

****************************