وقال (عليه السلام): لاَ خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ، كَمَا أنَّهُ لاَ خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ.                
وقال (عليه السلام): أَشَدُّ الذُّنُوبِ مَا اسْتَخَفَّ بِهِ صَاحِبُهُ.                
وقال (عليه السلام): قَلِيلٌ مَدُومٌ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِير مَمْلُول مِنْهُ .                
وقال (عليه السلام): خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ .                
وقال (عليه السلام) : مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ .                
وقال (عليه السلام): الغِنَى والْفَقْرُ بَعْدَ الْعَرْضِ عَلَى اللهِ.                
وقال (عليه السلام): قَلِيلٌ مَدُومٌ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِير مَمْلُول مِنْهُ.                

Search form

إرسال الی صدیق
شخصية الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام - الاول

لبيب بيضون

مدخل:

يقول ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج:

أما فضائله عليه السلام، فانها قد بلغت من العظم والجلالة والانتشار والاشتهار مبلغا يسمح معه التعرض لذكرها والتصدي لتفصيلها... وما أقول في رجل أقرّ له أعداؤه وخصومه بالفضل، ولم يمكنهم جحد مناقبه ولا كتمان فضائله. وكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه، وكلما كتم تضوع نشره.

وكالشمس لا تستر بالراح، وكضوء النهار ان حجبت عنه عين واحدة أدركته عيون كثيرة.

وما أقول في رجل تعزى اليه كل فضيلة، وتنتهي اليه كل فرقة، وتتجاذبه كل طائفة، فهورئيس الفضائل وينبوعها وأبوعذرها، وسابق مضمارها ومجلّي حلبتها. كل من بزغ فيها بعده فمنه أخذ وله اقتفى وعلى مثاله احتذى. الى ان يقول: وهوعليه السلام اول من جمع القرآن بعد وفاة رسول اللّه (ص).

ايمان الامام علي باللّه ورسوله

مدخل:

يقول ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه لنهج البلاغة عن إيمان الامام علي (ع): وما أقول في رجل سبق الناس الى الهدى، وآمن باللّه وعبده وكلّ من في الارض يعبد الحجر، ويجحد الخالق. لم يسبقه أحد الى التوحيد إلا السابق الى كل خير محمد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم.

ذهب أكثر أهل الحديث الى أنه عليه السلام أول الناس اتباعا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وإيمانا به.

وقد قال (ع): أنا الصدّيق الاكبر، وأنا الفاروق الاول، أسلمت قبل إسلام الناس وصليت قبل صلاتهم.

النصوص:

قال الامام علي (ع):

وإنّي لعلى يقين من ربّي، وغير شبهة من ديني. (الخطبة ٢٢، ٦٧)

رضينا عن اللّه قضاءه، وسلّمنا للّه أمره. أتراني أكذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم؟ واللّه لأنا أوّل من صدّقه، فلا أكون أوّل من كذب عليه. (الخطبة ٣٧، ٩٦)

وقال (ع) بعد ذكر معاوية وأمره بسب علي (ع): فأمّا السّبّ فسبّوني، فإنّه لي زكاة ولكم نجاة وأمّا البراءة فلا تتبرّؤوا منّي، فانّي ولدت على الفطرة، وسبقت إلى الإيمان والهجرة. (الخطبة ٥٧، ١١٣)

أبعد إيماني باللّه، وجهادي مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أشهد على نفسي بالكفر (لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين). (الخطبة ٥٨، ١١٣)

ومن خطبة له (ع) في ذم أهل العراق وقد وصموه بالكذب فيما أخبرهم به مما لا يعرفون: ولقد بلغني أنّكم تقولون: عليّ يكذب. قاتلكم اللّه تعالى فعلى من أكذب؟؟

أعلى اللّه؟ فأنا أوّل من آمن به أم على نبيّه؟ فأنّا أوّل من صدّقه كلاّ واللّه، لكنّها لهجة غبتم عنها، ولم تكونوا من أهلها. (الخطبة ٦٩، ١٢٥)

وإنّي لعلى بيّنة من ربّي، ومنهاج من نبيّي، وإنّي لعلى الطّريق الواضح ألقطه لقطا. (الخطبة ٩٥، ١٨٩)

فوالّذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة، إنّ الّذي أنبئكم به عن النّبيّ الأميّ صلّى اللّه عليه وآله، ما كذب المبلّغ، ولا جهل السّامع. (الخطبة ٩٩، ١٩٤)

اللّهمّ إنّي أوّل من أناب، وسمع وأجاب. لم يسبقني إلاّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بالصّلاة. (الخطبة ١٢٩، ٢٤٢)

وقال (ع) في الخطبة القاصعة عن ملازمته للنبي (ص): ولقد كنت أتّبعه إتّباع الفصل (أي ولد الناقة) أثر أمّه. يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه علما، ويأمرني بالإقتداء به. ولقد كان يجاور في كلّ سنة بحراء، فأراه ولا يراه غيري. ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وخديجة وأنا ثالثهما. أرى نور الوحي والرّسالة، وأشمّ ريح النّبوّة. (الخطبة ١٩٠، ٤، ٣٧٤)

ثم قال (ع) بعد أن ذكر قصة الشجرة التي أمرها رسول اللّه (ص) بالمجي‏ء والرجوع ففعلت: فقلت أنا: لا إله إلاّ اللّه، إنّي أوّل مؤمن بك يا رسول اللّه، وأوّل من أقرّ بأنّ الشّجرة فعلت ما فعلت بأمر اللّه تعالى، تصديقا بنبوّتك، وإجلالا لكلمتك. فقال القوم كلّهم: بل ساحر كذّاب، عجيب السّحر خفيف فيه. وهل يصدّقك في أمرك إلاّ مثل هذا (يعنونني). (الخطبة ١٩٠، ٤، ٣٧٥)

ولقد علم المستحفظون من أصحاب محمّد صلّى اللّه عليه وآله، أنّي لم أردّ على اللّه ولا على رسوله ساعة قطّ. ولقد واسيته بنفسي في المواطن الّتي تنكص فيها الأبطال، وتتأخّر فيها الأقدام، نجدة أكرمني اللّه بها. (الخطبة ١٩٥، ٣٨٦)

فيا عجبا للدّهر إذ صرت يقرن بي من لم يسع بقدمي، ولم تكن له كسابقتي، الّتي لا يدلي أحد بمثلها، إلاّ أن يدّعي مدّع ما لا أعرفه، ولا أظنّ اللّه يعرفه، والحمد للّه على كلّ حال. (الخطبة ٢٤٨، ٤٤٨)

تجادل الامام علي (ع) مع عثمان، حتى جرى ذكر أبي بكر وعمر، فقال عثمان: أبوبكر وعمر خير منك. فقال (ع): أنّا خير منك ومنهما، عبدت اللّه قبلهما، وعبدته بعدهما. (٦٦ حديد)

عصمة الامام علي علي مع الحق ومع القرآن لا يفترقان

قال الامام علي (ع):

أقمت لكم على سنن الحقّ في جوادّ المضلّة، حيث تلتقون ولا دليل، وتحتفرون ولا تميهون. اليوم أنطق لكم العجماء ذات البيان عزب رأي امري‏ء تخلّف عنّي ما شككت في الحقّ مذ أريته. (الخطبة ٤، ٤٦)

وإنّ معي لبصيرتي، ما لبّست على نفسي، ولا لبّس عليّ. (الخطبة ١٠، ٥١)

واللّه ما كتمت وشمة (أي كلمة) ولا كذبت كذبة، ولقد نبّئت بهذا المقام وهذا اليوم. (الخطبة ١٦، ٥٦)

... وإنّي لعلى يقين من ربّي، وغير شبهة من ديني. (الخطبة ٢٢، ٦٧)

ومن خطبة له (ع) في ذم أهل العراق وقد وصموه بالكذب فيما يخبرهم بما لا يعرفون: ولقد بلغني أنّكم تقولون: عليّ يكذب. قاتلكم اللّه تعالى فعلى من أكذب؟

أعلى اللّه؟ فأنا أوّل من آمن به أم على نبيّه؟ فأنا أوّل من صدّقه كلاّ واللّه، لكنّها لهجة غبتم عنها، ولم تكونوا من أهلها. ويل أمّه، كيلا بغير ثمن لوكان له وعاء. ولتعلمنّ نبأه بعد حين. (الخطبة ٦٩، ١٢٥)

واعذروا من لا حجّة لكم عليه وهوأنا ألم أعمل فيكم بالثّقل الأكبر؟ (أي القرآن) وأترك فيكم الثّقل الأصغر (أي الحسن والحسين عليهما السلام). (الخطبة ٨٥، ١٥٥)

أيّها القوم... صاحبكم يطيع اللّه وأنتم تعصونه. (الخطبة ٩٥، ١٨٩)

وإنّي لعلى بيّنة من ربّي، ومنهاج من نبيّي. وإنّي لعلى الطّريق الواضح ألقطه لقطا. (الخطبة ٩٥، ١٨٩)

وواللّه إن جئتها، إنّي للمحقّ الّذي يتّبع. وإنّ الكتاب لمعي، ما فارقته مذ صحبته. (الخطبة ١٢٠، ٢٣١)

وليس أمري وأمركم واحدا. إنّي أريدكم للّه، وأنتم تريدونني لأنفسكم. (الخطبة ١٣٤، ٢٤٧)

لن يسرع أحد قبلي إلى دعوة حقّ، وصلة رحم، وعائدة كرم. (الخطبة ١٣٧، ٢٥١)

لا يخالفون الدّين ولا يختلفون فيه، فهوبينهم شاهد صادق، وصامت ناطق. (الخطبة ١٤٥، ٢٦٠)

والّذي بعثه بالحقّ، واصطفاه على الخلق، ما أنطق إلاّ صادقا. (الخطبة ١٧٣، ٣١١)

قال(ع) في معرض حديثه عن النبي (ص): وما وجد لي كذبة في قول،ولا خطلة في فعل. (الخطبة ١٩٠، ٤، ٣٧٣)

وإنّي لمن قوم لا تأخذهم في اللّه لومة لائم. سيماهم سيما الصّدّيقين، وكلامهم كلام الأبرار. عمّار اللّيل ومنار النّهار. متمسّكون بحبل القرآن، يحيون سنن اللّه وسنن رسوله. لا يستكبرون ولا يعلون، ولا يغلّون ولا يفسدون. قلوبهم في الجنان، وأجسادهم في العمل. (الخطبة ١٩٠، ٤، ٣٧٥)

ولقد علم المستحفظون من أصحاب محمّد صلّى اللّه عليه وآله أنّي لم أردّ على اللّه ولا على رسوله ساعة قطّ. (الخطبة ١٩٥، ٣٨٦)

فوالّذي لا إله إلاّ هو، إنّي لعلى جادّة الحقّ، وإنّهم لعلى مزلّة الباطل. (الخطبة ١٩٥، ٣٨٦)

فإنّي لست في نفسي بفوق أن أخطي‏ء، ولا آمن ذلك من فعلي، إلاّ أن يكفي اللّه من نفسي ما هوأملك به منّي (يقصد بذلك العصمة التي كفاه اللّه بها عن فعل السوء، علما بأن الخطأ يجوز على النبي والامام لولم يؤيدهما اللّه بالعصمة). (الخطبة ٢١٤، ٤١٣)

ولكن هيهات أن يغلبني هواي... (الخطبة ٢٨٤، ٥٠٦)

ما كذبت ولا كذّبت، ولا ضللت ولا ضلّ بي. (١٨٥ ح، ٦٠٠)

إنّ اللّه تبارك وتعالى طهّرنا وعصمنا، وجعلنا شهداء على خلقه وحججا على عباده، وجعلنا مع القرآن وجعل القرآن معنا، لا نفارقه ولا يفارقنا. (مستدرك ١٨٣)

الامام علي نبراس الهداية

قال الامام علي (ع):

فواللّه ما دفعت الحرب يوما إلاّ وأنا أطمع أن تلحق بي طائفة فتهتدي بي، وتعشوإلى ضوئي، وذلك أحبّ إليّ من أن أقتلها على ضلالها، وإن كانت تبوء بآثامها. (الخطبة ١٥٥، ١١١)

واعذروا من لا حجّة لكم عليه وهوأنا ألم أعمل فيكم بالثّقل الأكبر (أي القرآن)؟ وأترك فيكم الثّقل الأصغر (أي الحسن والحسين عليهما السلام)؟.

وقد ركزت فيكم راية الإيمان، ووقفتكم على حدود الحلال والحرام، وألبستكم العافية من عدلي، وفرشتكم المعروف من قولي وفعلي، وأريتكم كرائم الأخلاق من نفسي؟. (الخطبة ٨٥، ١٥٥)

طبيب دوّار بطبّه، قد أحكم مراهمه، وأحمى مواسمه. يضع ذلك حيث الحاجة إليه. من قلوب عمي، وآذان صمّ، وألسنة بكم. متتبّع بدوائه مواضع الغفلة، ومواطن الحيرة... قد انجابت السّرائر لأهل البصائر، ووضحت محجّة الحقّ لخابطها (أي السائر عليها). (الخطبة ١٠٦، ٢٠٥)

لقد حملتكم على الطّريق الواضح الّتي لا يهلك عليها إلاّ هالك (يقصد بالهالك من تمكن الفساد من طبعه). (الخطبة ١١٧، ٢٢٨)

ولكنّا إنّما أصبحنا نقاتل إخواننا في الإسلام، على ما دخل فيه من الزّيغ والإعوجاج والشّبهة والتّأويل. فإذا طمعنا في خصلة يلمّ اللّه بها شعثنا، ونتدانى بها إلى البقيّة فيما بيننا، رغبنا فيها، وأمسكنا عمّا سواها. (الخطبة ١٢٠، ٢٣١)

وقال (ع): أيّها النّاس، إنّي قد بثثت لكم المواعظ الّتي وعظ الأنبياء بها أممهم. وأدّيت إليكم ما أدّت الأوصياء إلى من بعدهم. وأدّبتكم بسوطي فلم تستقيموا. وحدوتكم بالزّواجر فلم تستوسقوا. للّه أنتم أتتوقّعون إماما غيري يطأ بكم الطّريق، ويرشدكم السّبيل؟. (الخطبة ١٨٠، ٣٢٨)

محبة الامام علي

مدخل:

دلت الاخبار الشريفة على أنّ محبة الامام علي (ع) جزء من الايمان، وأنه لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه الا منافق، كقول النبي (ص): «يا عليّ لا يحبّك إلاّ مؤمن، ولا يبغضك إلاّ منافق». وكان الولد يعرف فيما اذا كان ابن حلال من محبته لعلي (ع) فاذا أبغضه شك في أصله، ومصداق ذلك قول صفي الدين الحلي:

   وإني قد خبرت بك البرايا

*****

     فأنت محكّ اولاد الحلال

حتى اصبحت محبة علي (ع) محكا لنقاء الناس، كالمبرد الذي يختبر به نقاء الذهب من غشه، كما قال الشاعر:

     اذا ما التبرحكّ على محكّ

 ***** 

    تبين غشه من دون شكّ

 

   وفينا الغش والذهب المصفى

 *****

    (عليّ) بيننا شبه المحكّ

هذا وكان في علم الامام علي (ع) أنّ بعض الناس سوف يحبونه حبا زائدا حتى يعبدوه، بينما بعضهم الآخر سوف يبغضونه حتى يسبوه. فأمر عليه السلام أتباعه وشيعته أن يسلكوا الطريق الوسط في محبته، حتى لا يهلكوا.

النصوص:

قال الامام علي (ع):

وسيهلك فيّ صنفان: محبّ مفرط يذهب به الحبّ إلى غير الحقّ، ومبغض مفرط يذهب به البغض إلى غير الحقّ، وخير النّاس فيّ حالا النّمط الأوسط، فألزموه. (الخطبة ١٢٥، ٢٣٧)

وقال (ع): لوضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني، ولوصببت الدّنيا بجمّاتها (أي بجليلها وحقيرها) على المنافق على أن يحبّني ما أحبّني. وذلك أنّه قضي فانقضى على لسان النّبيّ الأمّيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال «يا عليّ، لا يبغضك مؤمن، ولا يحبّك منافق». (٤٥ ح، ٥٧٤)

وقال (ع) وقد توفي سهل بن حنيف الانصاري بالكوفة بعد مرجعه من صفين، وكان أحب الناس اليه: لوأحبّني جبل لتهافت (أي لتساقط بعد ما تصدع، وذلك أن المحن والمصائب لا تقع الا بالمتقين الابرار، فتصدعهم كما تتصدع الجبال). (١١١ ح، ٥٨٥)

وقال (ع) هلك فيّ رجلان: محبّ غال، ومبغض قال. (١١٧ ح، ٥٨٧)

وقال (ع) يهلك فيّ رجلان: محبّ مفرط، وباهت مفتر (من الافتراء). (٤٦٩ ح، ٦٦٠)

قضاء الامام وحسن رأيه

مدخل:

يقول عز الدين ابن ابي الحديد صاحب شرح النهج مبينا بعض مناقب الإمام علي عليه السلام:

كل فقيه في الاسلام عيال عليه، من ذلك رجوع عمر (رض) اليه في كثير من المسائل التي أشكلت عليه وعلى غيره من الصحابة، وقوله غير مرة: (لولا علي لهلك عمر) وقوله (لا بقيت لمعضلة ليس لها أبوالحسن) وقوله (لا يفتين أحد في المسجد وعلي حاضر) ويكفي قول الرسول (ص) له «أقضاكم علي». وهوالذي قال في الخطبة المنبرية على البديهة: صار ثمنها تسعا.

اما في الرأي والتدبير فقد كان من أسد الناس رأيا واصحهم تدبيرا. هوالذي أشار على عمر (رض) لما عزم على ان يتوجه بنفسه الى حرب الروم والفرس بما أشار. وهوالقائل: لولا الدين والتقى لكنت أدهى العرب.

النصوص:

ومن كلام له (ع) وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج الى غزوالروم بنفسه فنهاه عن ذلك:

إنّك متى تسر إلى هذا العدوبنفسك، فتلقهم فتنكب، لا تكن للمسلمين كانفة (أي عاصمة يلجؤون اليها) دون أقصى بلادهم. ليس بعدك مرجع يرجعون إليه. فابعث إليهم رجلا محربا، واحفز معه أهل البلاء والنّصيحة. فإن أظهر اللّه فذاك ما تحبّ، وإن تكن الأخرى كنت ردءا للنّاس، ومثابة للمسلمين. (الخطبة ١٣٢، ٢٤٦)

ومن كلام له (ع) وقد استشاره عمر بن الخطاب في الشخوص لقتال الفرس بنفسه:

إنّ هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا بقلّة. وهودين اللّه الّذي أظهره، وجنده الّذي أعدّه وأمدّه، حتّى بلغ ما بلغ، وطلع حيث طلع. ونحن على موعود من اللّه. واللّه منجز وعده، وناصر جنده. ومكان القيّم بالأمر مكان النّظام (أي السلك) من الخرز، يجمعه ويضمّه. فإن انقطع النّظام تفرّق الخرز وذهب، ثمّ لم يجتمع بحذافيره أبدا. والعرب اليوم وإن كانوا قليلا، فهم كثيرون بالإسلام، عزيزون بالاجتماع. فكن قطبا، واستدر الرّحى بالعرب، وأصلهم ذونك نار الحرب فإنّك إن شخصت من هذه الأرض، انتقضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها. حتّى يكون ما تدع وراءك من العورات أهمّ إليك ممّا بين يديك.

إنّ الأعاجم إن ينظروا إليك غدا يقولوا: هذا أصل العرب، فإذا قطعتموه استرحتم، فيكون ذلك أشدّ لكلبهم عليك، وطمعهم فيك. فأمّا ما ذكرت من مسير القوم إلى قتال المسلمين، فإنّ اللّه سبحانه، هو أكره لمسيرهم منك، وهوأقدر على تغيير ما يكره. وأمّا ما ذكرت من عددهم، فإنّا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة وإنّما كنّا نقاتل بالنّصر والمعونة. (الخطبة ١٤٤، ٢٥٧)

روي أنه ذكر عند عمر بن الخطاب في أيامه حلي الكعبة وكثرته، فقال قوم: لوأخذته فجهزت به جيوش المسلمين كان أعظم للاجر. وما تصنع الكعبة بالحلي؟ فهمّ عمر بذلك. وسأل عليا (ع)، فقال عليه السلام: إنّ القرآن أنزل على النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والأموال أربعة: أموال المسلمين فقسّمها بين الورثة في الفرائض.والفي‏ء فقسّمه على مستحقّيه. والخمس فوضعه اللّه حيث وضعه. والصّدقات فجعلها اللّه حيث جعلها. وكان حلي الكعبة فيها يومئذ، فتركه اللّه على حاله، ولم يتركه نسيانا، ولم يخف عليه مكانا. فأقرّه حيث أقرّه اللّه ورسوله. فقال له عمر: لولاك لافتضحنا. وترك الحلي بحاله. (٢٧٠ ح، ٦٢٠)

وروي أنه (ع) رفع اليه رجلان سرقا من مال اللّه، أحدهما عبد من مال اللّه، والآخر من عروض الناس (أي عبد لأحد الناس). فقال عليه السلام: أمّا هذا فهومن مال اللّه ولا حدّ عليه، مال اللّه أكل بعضه بعضا، وأمّا الآخر فعليه الحدّ الشّديد، فقطع يده.(٢٧١ ح، ٦٢١)

اجوبة الامام المسكتة وردوده السريعة

قال الامام علي (ع):

في وجوب اتباع الحق عند قيام الحجة، وذلك ان قوما من أهل البصرة بعثوا برجل الى الامام (ع) يستعلم منه حقيقة حاله مع اصحاب الجمل لتزول الشبهة من نفوسهم. فبيّن له (ع) من امره معهم ما علم به انه على الحق. ثم قال له: بايع. فقال: اني رسول قوم ولا احدث حدثا حتى ارجع اليهم. فقال (ع): أرأيت لوأنّ الّذين وراءك بعثوك رائدا تبتغي لهم مساقط الغيث، فرجعت إليهم وأخبرتهم عن الكلاء والماء، فخالفوا إلى المعاطش والمجادب، ما كنت صانعا؟ قال: كنت تاركهم ومخالفهم إلى الكلاء والماء. فقال عليه السّلام: فامدد أذا يدك. فقال الرّجل: فواللّه ما استطعت أن أمتنع عند قيام الحجّة عليّ. فبايعته عليه السّلام. (الخطبة ١٦٨، ٣٠٤)

سئل (ع) عن المسافة ما بين المشرق والمغرب، فقال (ع): مسيرة يوم للشّمس. (٢٩٤ ح، ٦٢٦)

وسئل (ع): كيف يحاسب اللّه الخلق على كثرتهم؟ فقال عليه السلام: كما يرزقهم على كثرتهم. فقيل: كيف يحاسبهم ولا يرونه؟ فقال عليه السّلام: كما يرزقهم ولا يرونه. (٣٠٠ ح، ٦٢٧)

وقال له بعض اليهود: ما دفنتم نبيكم حتى اختلفتم فيه فقال عليه السّلام له: إنّما اختلفنا عنه لا فيه (اي في اخبار وردت عنه لا في صدق نبوته). ولكنّكم ما جفّت أرجلكم من البحر حتّى قلتم لنبيّكم إِجْعَلَ لَنَا إِلهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ. فَقَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ. (٣١٧ ح، ٦٣٠)

وهنأ بحضرته رجل رجلا بغلام ولد له فقال له: ليهنك الفارس. فقال الإمام عليه السّلام: لا تقل ذلك، ولكن قل: شكرت الواهب، وبورك لك في الموهوب، وبلغ أشدّه ورزقت برّه. (٣٥٤ ح، ٦٣٦)

وبنى رجل من عماله بناء فخما، فقال عليه السلام: أطلعت الورق (أي الفضة) رؤوسها إنّ البناء يصف لك الغنى. (٣٥٥ ح، ٦٣٦)

وقيل له (ع) لوسدّ على رجل باب بيته وترك فيه، من اين كان يأتيه رزقه؟ فقال عليه السّلام: من حيث يأتيه أجله. (٣٥٦ ح، ٦٣٧)

وقال (ع) لبعض مخاطبيه وقد تكلم بكلمة عظيمة يستصغر مثله عن قول مثلها: لقد طرت شكيرا، وهدرت سقبا. قال الشريف الرضي: والشكير هاهنا: أول ما ينبت من ريش الطائر، قبل ان يقوى ويستحصف. والسقب: الصغير من الابل، ولا يهدر الابعد ان يستفحل. (٤٠٢ ح، ٦٤٨)

وقيل للأمام (ع): لوغيرت شيبتك يا أمير المؤمنين. فقال (ع): الخضاب زينة، ونحن قوم في مصيبة (يريد وفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم). (٤٧٣ ح، ٦٦١)

وقيل له (ع): كم بين السماء والارض؟ فقال: دعوة مستجابة. (مستدرك ١٦٤)

علم الامام علي

مدخل:

اختص الامام علي بن أبي طالب (ع) من بين الصحابة رضوان اللّه عليهم بالعلم الغزير،الذي نقله عن النبي (ص) وهوالذي ربّاه وأهّله للامامة. حتى قال فيه (ص): «أنا مدينة العلم وعليّ بابها، فمن أراد المدينة فليأت الباب».

وقال علي (ع):

(لقد علّمني حبيبي رسول اللّه )ص( ألف باب من العلم، يفتح لي من كلّ باب ألف باب). ولذلك كان عليه السلام كثيرا ما يقف على المنبر في مدة خلافته ويقول: (سلوني قبل أن تفقدوني).

النصوص:

قال الامام علي (ع):

بل اندمجت على مكنون علم، لوبحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطّويّ البعيدة (أي كاضطراب حبال الدلوفي الآبار العميقة). (الخطبة ٥، ٤٨)

أمّا بعد حمد اللّه، والثّناء عليه. أيّها النّاس، فإنّي فقأت عين الفتنة، ولم يكن ليجتري‏ء عليها أحد غيري بعد أن ماج غيهبها، واشتدّ كلبها. فاسألوني قبل أن تفقدوني، فوالّذي نفسي بيده لا تسألوني عن شي‏ء فيما بينكم وبين السّاعة، ولا عن فئة تهدي مائة وتضل مائة، إلاّ أنبأتكم بناعقها وقائدها وسائقها، ومناخ ركابها ومحطّ رحالها، ومن يقتل من أهلها قتلا، ومن يموت منهم موتا... (الخطبة ٩١، ١٨٣)

لوتعلمون ما أعلم ممّا طوي عنكم غيبه، إذا لخرجتم إلى الصّعدات (أي لتركتم بيوتكم وهمتم في الطرق من شدة الخوف). (الخطبة ١١٤، ٢٢٥)

تاللّه لقد علّمت تبليغ الرّسالات، وإتمام العدات، وتمام الكلمات. (الخطبة ١١٨، ٢٢٨)

وقال (ع) بعد إخباره بثورة الزنج: أنا كابّ الدّنيا لوجهها، وقادرها بقدرها، وناظرها بعينها. (الخطبة ١٢٦، ٢٣٩)

قال له بعض أصحابه: لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب فضحك عليه السّلام، وقال للرّجل وكان كلبيّا: يا أخا كلب ليس هوبعلم غيب، وإنّما هوتعلّم من ذي علم. وإنّما علم الغيب: علم السّاعة، وما عدّده اللّه سبحانه... فهذا علم الغيب الّذي لا يعلمه أحد إلاّ اللّه، وما سوى ذلك فعلم علّمه اللّه نبيّه، فعلّمنيه. ودعا لي بأن يعيه صدري، وتضطمّ (أي تنضم) عليه جوانحي (الجوانح: هي الاضلاع تحت الترائب مما يلي الصدر). (الخطبة ١٢٦، ٢٣٩)

ربّ رحيم، ودين قوم، وإمام عليم. (الخطبة ١٤٧، ٢٦١)

وقال (ع) عن مدى علمه بالمغيبات: واللّه لوشئت أن أخبر كلّ رجل منكم بمخرجه ومولجه وجميع شأنه لفعلت . (الخطبة ١٧٣، ٣١١)

أيّها النّاس، سلوني قبل أن تفقدوني، فلأنا بطرق السّماء أعلم منّي بطرق الأرض، قبل أن تشغر برجلها فتنة، تطأ في خطامها، وتذهب بأحلام قومها. (الخطبة ١٨٧، ٣٥٠)

... وليس كلّ أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من كان يسأله ويستفهمه... وكان لا يمرّ بي من ذلك شي‏ء إلاّ سألته عنه وحفظته. (الخطبة ٢٠٨، ٤٠٣)

يتبع .......

****************************