وقال عبد المسيح الأنطاكي[١] ـ منشئ جريدة العمران المصرية ، والمتوفّى سنة : ١٣٤١ هـ ـ في مقصورته العلوية أو القصيدة العلوية المباركة ، المطبوعة غير مرّة في ص ٥٣٩ :
إنّ الـفصاحة مـا دانت لذي لُسُنٍ |
|
مـن الـبريّةِ عـربيها وعـجميها |
كـما انـثنتْ بِبَهَاها وهي خاضعةٌ |
|
لـلمرتضى الـلسن القوّال راعيها |
كـأنّـها خُـلِقَتْ خَـلْقَاً لـه وكـأ نّـه |
|
مِـن الـعدمِ الـمجهولِ مُبْدِيْها |
قـد بـذ كـلُّ فـصيح قبله عَرفتْ |
|
آثــارَ آدابِـهِ والـناسُ تَـرويْها |
ولـم يـدعْ بـعده سـبلاً لِـمطْلبٍ |
|
سـبقاً بـمضمارها إنْ رَامَ يَمشيها |
لـم يَـبْقَ ذِكْـرَاً لقسٍّ وهو أفصحُ |
|
مِـلْسَانٍ ولا خـطبٍ قد كان يُلقيها |
نـعم فـصاحته مـا مـن يُـقاربه |
|
فـيها وحـسبي عـليٌّ كان يُنْشِيْها |
وإنّـه دون رَيـب سـيّد الـفصحاء |
|
الـناثرين مـن الأقوال دراريها |
وإنّـها فـوق أقـوال الـبريّة طُرّاً |
|
إنّـما دون مـا قـد قـال بـاريها |
وهـي التي تُسحِرُ الألباب ما تُلِيَتْ |
|
سِـحْرَاً حـلالاً يغشي نفسَ تالِيْها |
هـي الشمولُ بألباب الورى لعبتْ |
|
لـعبَ الـشمول بـلا إثـمٍ لساقيها |
عـقودُ دُرٍّ لـجيدِ الشَرعِ قد نُظِمَتْ |
|
فـهاكه قـد تـحلّى مـن لآليها |
في حُسْنها جُليتْ مثل العرائس في |
|
حُـلِـيِّها تُـبهر الـدنيا مـجاليها |
آضــتْ تـلاوتها والله مـطربةً |
|
إلاّ سـماع ما نغمات الطيرِ تُحكيها |
أَلاَ فَـمَنْ تلاها تلاهى عن فرائضه |
|
أُنْـسَاً بـها نـاسي الدنيا وما فيها |
ضـمّتْ مـواعظه الـغَرّا وحكمته |
|
الـكبرى وأخـلاقه الزهرا فحاويها |
وجـاء فـيها بـأحكامٍ تـوضّحُ |
|
آيـاتِ الكتاب على ما شاء موحيها |
وكـان يـكسو معانيه السَنِيَّة ألفاظاً |
|
تـلـيق بـهـا أَعْـظِم بـكاسيها |
كـان يُـرْسِلُها عـفواً بـلا تَـعَبٍ |
|
عـلى الـمنابرَ بين الناسِ يُشجِيْهَا |
كـذا رسـائله الـغرّاء كـان بـلا |
|
تـكـلّـفٍ بـدراريـه يـوشـيها |
ظـلّتْ وحـقّك كـنزاً لا نـفادَ له |
|
مـن الـفصاحةِ لـلأعراب يُغنيها |
مـنها تـعلّمتِ الناسُ الفصاحةَ لكنْ |
|
أعـجزتْ كـلّ مَـن يَبْغِي تحدّيها |
بـذلك اعـترفتْ أهـلُ الـصناعةِ |
|
بـالإجماعِ مُـصدِرة فيه فتاوِيْهَا |
وعَـمْرِكَ الله هل أجلى وأفصح مِن |
|
أقـوالُ حـيدرةٍ أو مِـن معانيها |
فـي كلّ ما نظمتْ أو كلّ ما نَثرت |
|
أهـل الـزكانة فـي شـتّى أماليها |
لـولا الـتُقى قـلتُ : آياتٌ منسّقةٌ |
|
فـيها الـهدايةُ أو تجري مجاريها |
وذي كـتابته ( نـهجُ البلاغةِ ) في |
|
سـطورها وبـه هَـدْيٌ لـقاربها |
وحـسبنا مـا رأيـنا لـلصحابةِ |
|
آثـاراً تُـحاكي الـذي أبقاه عاليها |
وهم لقد وردوا معه مناهل دين الله |
|
والـمصطفى قـد كـان مـجريها |
فـإنْ تـقل غـير هيّاب فصاحته |
|
لـلناس مـعجزة لـم تـلقَ تسفيها |
وذات يـوم أتـى مـثوى مـعاوية |
|
لـجدية مـحفن قـد كـان يـبغيها |
فقال : من عند أعيى الناس جئتُك |
|
يا ربَّ الـفصاحةِ أنـشدني مـثانيها |
فـقال : وَيْحَكَ تَرمِي بالفهاهة والإ |
|
عـيـاء حـيدرةً كـذباً وتـمويهاً |
ولـم يَـسُنْ قـوانينَ الفصاحةِ إلاّه |
|
لأمّـتـنـا حـتّـى قُـرَيْـشِيْهَا |
وتـلك قـولة حـقٍّ منه قد بَدَرَتْ |
|
عـفواً بـمجلسه ما اسطاع يزويها |
والـفضل لـلمرء ما أعداؤه شهدتْ |
|
لـه بـه وروتْـه فـي نـواديها[٢] |