لقد قرن عنوان ( نهج البلاغة ) اسم الإمام علي بن أبي طالب عليه السّلام إلى درجة أنّه قد يغفل عن اسم جامعه الشريف الرضي ، وأصبح - أو كاد - أن يكون اسما علما للبليغ المأثور عن الإمام عليه السّلام فقط دون غيره من المأثورات عنه .
هذا وذكر شيخنا العلامة قدّس سرّه ( ت / ١٣٨٩ ه ) إنّ الشريف الرضي وهو جامع النهج أول من شرح نهج البلاغة ، وقال عن أول شرح له : ( هو تعليقاته على كثير من الخطب وغيرها ، فهو أول الشارحين له كما أشرنا إليه ) [١] ، وهذا سهو منه فإنّ تعليقاته على الخطب جزء من كتابه نهج البلاغة ، ولا يمكن عدها شرحا لنهج البلاغة إلَّا على التجوّز المتقدم ، وحصل مثل هذا لتغري بردي ( ت / ٨٧٤ ه ) في وفيات سنة ٣٧٤ ، حيث قال ما لفظه : ( وفيها توفي عبد الرحيم بن محمد إسماعيل بن نباتة الخطيب الفارقي . . .
وكان مولده بميافارقين في سنة ٣٣٥ ، وكان بارعا في الأدب وكان يحفظ نهج البلاغة وعامة خطبه بألفاظها ومعانيها ، ومات بميافارقين عن تسع وثلاثين سنة ) [٢].
وترجم ابن خلكان ( ت / ٦٨١ ه ) الخطيب ابن نباتة ( ت / ٣٧٤ ه ) وقال : ( وهذا الخطيب لم أر أحدا من المؤرخين ذكر تاريخه في المولد والوفاة سوى ابن الأزرق الفارقي في تاريخه ، فإنّه قال : ولد في سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة ، وتوفي في سنة أربع وسبعين وثلاثمائة بميافارقين ودفن بها رحمه اللَّه ) [٣] .
بيان ذلك : ان الشريف الرضي جمع نهج البلاغة بين العامين ( ٣٨٣ ) و ( ٤٠٠ ) خلال ١٧ عاما ، والخطيب ابن نباتة توفي سنة ٣٧٤ اي انه توفي قبل جمعه ب - ٩ أعوام ، إلَّا أن يكون غلط في تاريخ الوفاة الذي لم يؤرخه سوى ابن الأزرق كما قال ابن خلكان ، أو أن ابن تغري بردى ( ت / ٨٧٤ ه ) عنى بنهج البلاغة : المأثور عن الإمام علي من البليغ ، وهذا يدل على شهرة هذا العنوان في عصره .