وقال (عليه السلام) : مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ .                
وقال (عليه السلام): مَنِ اتَّجَرَ بِغَيْرِ فِقْه ارْتَطَمَ فِي الرِّبَا.                
وقال (عليه السلام) : مَنِ اتَّجَرَ بِغَيْرِ فِقْه ارْتَطَمَ فِي الرِّبَا .                
وقال (عليه السلام): مَنْ ضَيَّعَهُ الاْقْرَبُ أُتِيحَ لَهُ الاْبْعَدُ .                
وقال (عليه السلام): عَلامةُ الاِْيمَانِ أَنْ تُؤثِرَ الصِّدْقَ حَيْثُ يَضُرُّكَ عَلَى الْكَذِبِ حَيْثُ يَنْفَعُكَ،أَنْ يَكُونَ فِي حَديِثِكَ فَضْلٌ عَنْ عِلْمِكَ، وَأَنْ تَتَّقِيَ اللهَ فِي حَدِيثِ غَيْرِكَ.                
وقال (عليه السلام): إِذَا قَدَرْتَ عَلَى عَدُوِّكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكْراً لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ .                
وقال (عليه السلام): النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا.                

Search form

إرسال الی صدیق
في رحاب نهج البلاغة (بحث وتحليل)

أبو مرتضى علي

بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد
من العيب أن يدّع أحدنا الولاء والإعتقاد بالولاية ، دون أن يكون في بيته كتاب نهج البلاغة أو أن يقرأ الكتاب ولو مرّة في العمر فهذا العنوان مرتبط بكلّ ما هو شيعي وقال لي بعض الشباب في إحدى معارض الكتاب بتونس ، وأنا أتصفّح بعض أجزائة إقترب منّي في مقام النّاصح وقال ": عمّي هذا كتاب شيعي " نعم هكذا يحرم أئمة السوء أبناءنا من أعظم ميراث إسلامي بعد كتاب الله تعالى بدعاوى التشكيك تارة وبخصله بطائفة دون أخرى تارة أخرى والله متمّ نوره .
من هنا رأيت أن أضع هذا العنوان الشريف كي نعرّف بهذا المقدّس الفريد عبر أجزاء وكلّ يساهم بقدر المستطاع ولكم الأجر من صاحب العنوان "ع" " في رحاب نهج البلاغة " .
تنبيه : كان ولا زال بعض المتنطّعين النّواصب يؤمن بأن قسما كبيرا من الحكم و المواعظ والخُطب من وضع الشريف الرضي جاء بعد صاحب الكتاب بحوالي ٤٠٠ سنة كاملة وقد كفانا الردّ عليهم أعلام الأمّة من الفريقين .
أقسام الكتاب
يحتوي الكتاب على ٧ أقسام فالأول يتحدث عن نهج البلاغة ذلك الكتاب الغريب والقسم الثاني يتطرق لما وراء الطبيعة والقسم الثالث يتحدث عن العبادات الرابع عن الحكم والإدارة بينما يذهب القسم الخامس لقضية " أهل البيت و الخلافة " والقسمين الأخيرين يبحثان في المواعظ وحب الدنيا .
" نهج البلاغة " جاء جدليا كجدلية صاحبه "ع" فنحن نتحدث عن أكثر شخصية جدلية في التاريخ الإسلامي أسد الله الغالب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه أفضل الصلاة والسلام الذي يراه الكثير أهم شخصية إسلامية بعد المصطفى المُختار " صلوات الله وسلامه عليه وآله .
لذلك حظي الكتاب بكثير من الشروحات على مرّ الأزمنة : من أبي الحديد المُعتزلي ومن قبله حتى الإمام محمد عبده في العصور المتأخرة . تؤكد الجدلية الفلسفية التي رافقت هذا الكتاب ويبدو أن قدر أبا الحسن "ع" أن يتجادل الناس في كل شيء يخصه أحقّية بالإمام إلى مكان دفنه ونهاية بالكتاب المنسوب له .

القسم الأول:
" هذه المجموعة النفيسة "
الكتاب في البداية - والتي جاءت أشبه بالمقدمة - يتطرّق لقضية مهمة في تاريخ التدوين الإسلامي فمن المآخذ على كتاب الشريف الرضي أنه يحتوي على خطب وحكم وأمثال لشخص توفي قبل المؤلف بنحو أربعة قرون - كما أسلفنا - و هذا ما شكك في مصداقية الكتاب .
" مرتضى المطهري " .. دافع عن هذه المصداقية بإيراد أرقام وإحصائيات ذُكرت في كُتب سبقت الرضي بعشرات السنين عن أعداد الخطب والمواعظ الخاصة بأبي الحسن "ع" .
ففي الصفحة ١٥ يستشهد المطهري بكتاب " مروج الذهب " للمسعودي .
اقتباس:
والذي حفظ الناس من خطبه في سائر مقاماته اربعمائة خطبة و نيف وثمانون خطبة يوردها على البديهة وتداول الناس ذلك عنه قولا وعملا " مروج الذهب الجزء الثاني ص ٤٣١ .
وبينما يحتوي " نهج البلاغة على ما يقارب ٣٩٠ أثرا من الإمام علي"ع" نجد المسعودي يتحدث عن ٤٨٠ أثر .
ما يهمنا في هذا القسم أن المؤلف الشهيد المطهّري - طاب ثراه - يعقد مقارنات واقتباس أقوال وتعليقات من عدة أطياف فكرية وفلسفية وحتى دينية منها مثالا لا حصرا:
- الشيخ محمد عبده
- عباس محمود العقّاد
- الدكتور طه حسين
- شكيب أرسلان
- ميخائيل نعيمة
- صفي الدين الحلي
- ابن أبي الحديد المعتزلي
- الجاحظ في كتابه " البيان و التبيين "
ومن ثم الذهاب نحو شرح الأقسام والفصول التالية :
القسم الثاني
يتحدث عن التوحيد وما وراء الطبيعة وله عدة أقسام اخترت منها شخصيا ثلاثة عناوين فرعية :
- التوحيد ومعرفة الله
- دور الفكر الفلسفي في ما وراء الطبيعة
- نهج البلاغة والأفكار الكلامية

التوحيد ومعرفة الله
" يسير بنا الكاتب نحو إثبات التوحيد و معرفة الله المعرفة الحق من خلال إيراد الخطب العلوية الدالة على هذا المنهج فهو يختار الخطبة رقم ١٧٧ في " نهج البلاغة " وهي خطبة وصف النملة .
ويؤكد المؤلف أن أكثر البحوث التي قُدمت على النهج هي بحوث " عقلية و فلسفية " مستخدما منهجا لا نزال نجده في العديد من الفرق الشيعية كالإمامية والإسماعيلية ورُبما جنح لرأي المعتزلة في هذه القضية .
اقتباس:
ولكن أكثر بحوث نهج البلاغة في التوحيد بحوث عقلية وفلسفية، وفيها يتبين لنا أوج عظمته. ومحور البحوث التوحيدية العقلية فيه مبتن على أساس اطلاق الخالق عن جميع القيود والحدود واحاطته بجميع الوجود وقيمومته على جميع الكائنات ص ٤٠

دور الفكر الفلسفي في ما وراء الطبيعة
في هذا الجزء يتطرق المطهري لقضية الفلسفة اليونانية الإغريقية وتأثيرها في الفكر الفلسفي الإسلامي كذلك تطرّق للخلاف الحاصل بين الأشاعرة من جهة والمُعتزلة من جهة وأهم نتائج هذا خلاف مع إعطاء أمثلة قديمة و قريبة .

نهج البلاغة والأفكار الكلامية
هُنا لا يزال الحديث يطول عن " الأشاعرة والمعتزلة " بين " نفي " صفات الذات الإلهية و " زيادتها " وهي قضية كان محورها النهج الكلامي للإمام علي بن أبي طالب "ع" والذي بالتالي يرجعنا لنقطة مُهمة هل الخطب الكلامية في هذا الشأن والموجودة في " نهج البلاغة " هي لأبي الحسن ؟
الجواب:
اقتباس:
هذابالإضافة إلى أن الروايات التي وردت في نهج البلاغة في هذا الموضوع، روايات مسندة يتصل اسانيدها إلى عهده عليه السلام. فلماذا التشكيك إذن؟! وإذا كان كان هناك شبه بين كلمات الإمام عليه السلام وبعض كلام المعتزلة فإنما يحتمل أن يكون المعتزلة قد اقتبسوا ذلك منه عليه السلام لا العكس .

" نظام العبادات "
اقتباس:
إن من أصول تعاليم الأنبياء والمرسلين عبادة الله الواحد الأحد، وترك عبادة كل شيء سواه. ولم تخل تعاليم أي نبي من ذلك ص ٧١ بهذه الكلمات اختصر " المطهري " ما فهمه من نهج البلاغة في هذا الجانب وقد قسم الكاتب أنواع العبادات من الناحية الفلسفية إلى قسمين:
ومن هذا المنطلق الأخير ربط الكاتب بين المنهج الإمام علي "ع" وأدب " الدعاء " واسترسل في ذلك كثيرا .
اقتباس :
وقال عليه السلام: إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللهَ رَغْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ التُّجَّارِ، وَإِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللهَ رَهْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْعَبِيدِ، وَإِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللهَ شُكْراً فَتِلْكَ عِبَادَة الأحرار . نهج البلاغة الحكمة رقم ٢٣٤
اقتباس:
١- عبادة العوام أو تصوّر العوام للعبادة واستشهد برأي الشيخ الرئيس " ابن سينا " في هذا الجانب.
٢ - وعبادة العارفين بالله .
إلهي ما عبدتك خوفاً من عقابك، ولا رغبةً في ثوابك، ولكني وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك .
ثم يذهب بنا الكاتب في وصف مقامات المتقين وتجلياتهم والأثر الفلسفي والمعنوي للعبادة في الإسلام على سلوكيات الأفراد من خلال اختيار نماذج من خطب الإمام علي "ع" تساهم في تقريب الصورة ويتطرق أيضا للعلاقة بين الروح و الجسد ويختار الخطب التي تؤكد البراعة الكلامية لأمير المؤمنين "ع" .
اقتباس :
أمّا الليل فصافّون أقدامهم ، تالون لأجزاء القرآن ، يرتلونه ترتيلاً ، يحزنون به أنفسهم ، ويستثيرون به دواء دائهم ، وتهيج أحزانهم بكاءً على ذنوبهم ، ووجع كلومهم وجراحهم ، فإذا مرّوا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً ، وتطلعت أنفسهم إليها شوقاً ، وظنّوا أنّها نصب أعينهم ، وإذا مرّوا بآية فيها تخويف ، أصغوا إليها مسامع قلوبهم ، وظنّوا أنّ زفير جهنّم وشهيقها في أصول آذانهم ، فهم حانون على أوساطهم ، ومفترشون جباههم وأكفهم ، وأطراف الأقدام ، يطلبون إلى الله العظيم في فكاك رقابهم .
أمّا النهار فحكماء علماء ، أبرار أتقياء ، قد براهم الخوف أمثال القداح ، ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى ، ويقول : قد خولطوا ، وقد خالط القوم أمر عظيم ، إذا هم ذكروا عظمة الله تعالى ، وشدّة سلطانه ، مع ما يخالطهم من ذكر الموت وأهوال القيامة ، أفزع ذلك قلوبهم ، وطاشت له أحلامهم ، وذهلت له عقولهم ، فإذا أشفقوا من ذلك بادروا إلى الله بالأعمال الزاكية ، لا يرضون باليسير ، ولا يستكثرون له الكثير :"

ممّا قيل في نهج البلاغة :
* وقال العلامة الشيخ عزيز الله العطاردي الخراساني القوجاني ، نزيل طهران اليوم ، في مقدمته لمنهاج البراعة :
هذا الكتاب الشريف أشرف الكتب بعد كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وآله ، وهو دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوقين ، وأفضل الكلام وأفصحه وأنفعه وأرفعه ، وهذا واضح لمن تأمل في الكتاب ، وتفكر في ألفاظه ومعانيه .
نهج البلاغة كتاب يشتمل على المعارف الإلهية ، والأسرار النبوية ، والأحكام الإسلامية ، والقواعد السياسية ، يستفيد منه الحكيم الإلهي ، والفقيه الرباني ، والواعظ الصمداني ، والمصلح السياسي .
وفيه آداب الحرب وتنظيم العساكر والجيوش ، وردت فيه مواعظ شافية للمتعظين ، وآداب للعارفين ، وترغيب للعابدين ، وتحذير للمنافقين ، وتخويف للأمراء والسلاطين ، وإرشادهم في الحكم وبسط العدل للمسلمين ، وكظم الغيظ والعفو عن المجرمين .
من نظر في نهج البلاغة وتعمق في خطبه ورسائله يرى نفسه مع خطيب وأمير إلهي ، تارة يتكلم في التوحيد ، ويبحث عن أسرار الكائنات ، ويكشف غوامض المسائل ، ويشرح مكنون العلم .
وتارة يتكلم عن النبوة وصفات الأنبياء عليهم السلام والأولياء .
وأخرى يتكلم عن العباد والزهاد وصفات المتقين .
وآونة عن فنون الحرب والجهاد مع الأعداء في الغزوات ومقارعة الأبطال ومصارعة الشجعان .
وحينا يعظ الناس ويحذرهم من الدنيا وزينتها ، ويرغبهم في الآخرة ونعيمها .
* وقال الأستاذ عبد الوهاب حمودة ، أستاذ الأدب الحديث بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول ، في مقال له حول نهج البلاغة نشره في مجلة « رسالة الإسلام » الصادرة عن دار التقريب بمصر ، في عددها الثالث من سنتها الثالثة ، شهر رمضان سنة ١٣٧٠ ه‍ ، تحت عنوان : « الآراء الاجتماعية في نهج البلاغة » فقال :
لسنا بصدد تحقيق نسبة كتاب « نهج البلاغة » إلى الإمام علي رضي الله عنه ، أو إلى جامعه الشريف الرضي ، فإن لذلك مجالا غير هذا .
غير أنه مما لا شك فيه عند أحد من أدباء هذا العصر ، ولا عند أحد ممن تقدمهم في أن أكثر ما تضمنه « نهج البلاغة » هو من كلام أمير المؤمنين رضوان الله عليه .
وعلى ضوء هذا الرأي نحن ننظر في الكتاب فنبحث في مطاويه ، ونمتع الذهن بأسرار معانيه ، ونستخرج منه الآراء الناضجة الاجتماعية ، والأفكار الخالدة الإنسانية .
وإن الباحث ليتملكه الدهش حين يرى لأدب آل البيت جميعا سمات خاصة وخصائص متمايزة ، لا فرق في ذلك بين رجالهم ونسائهم وخطبائهم وشعرائهم .
فإن لأدب كل جماعة سمات تستمد من وجداناتهم ، وصدق عواطفهم ، ونبل مقاصدهم ، ودقة مشاعرهم .
فمن سمات أدب آل البيت صدق العاطفة ، وجزالة الأسلوب ، وسمو المقصد ، وحرارة العبارة ، وقوة الإيمان ، ورسوخ العقيدة ، وتوقد الوجدان ولا عجب في ذلك ، فإن الأدب ينهض في عصور المشادة لا عصوراللين والأمن ، وإن عصور الأمن عصور طراوة ودعة لا تحفز النفوس ، ولا تستثير قواها الكامنة .
وعلى النقيض من ذلك عصور المشادة والجهاد التي تحرك أعمق أعماق النفوس وتثير كل تياراتها ، وتبتعث رواقدها ، لما تتطلبه طبيعة العراك من استمداد كل قوة ، وإفراغ كل جهد .
إن الاضطهاد العنيف لم يترك في أدب آل البيت أنينا وشكوى ، ولا بكاء ولا عويلا ، وإنما ترك قوة صامدة ، وتحقيرا لأمر الدنيا ، وإعظاما للجهاد ، وإكبارا للتضحية .
ولم يكن لآل البيت أسلوب قوي فحسب ، بل كانت معانيهم أيضا قوية ، فقد اصطبغت هذه المعاني بالمثل الأعلى للإيمان والعقيدة ، فاكتسبت رونقا وجلالا ، وعظمة وجمالا .
ولا غرو ، فقد قدموا في سبيل هذه العقيدة أغلى ما يمكن أن يقدمه إنسان قربانا لعقيدة ، وهي أنفسهم الزكية ، وأرواحهم الطاهرة ، أليس يقول الإمام رضي الله عنه : « لنا حق فإن أعطيناه ، وإلا ركبنا أعجاز الإبل وإن طال السرى » .
وقد اجتمع له رضي الله عنه في كتاب « نهج البلاغة » ما يجتمع لكبار الحكماء ، وأفذاذ الفلاسفة ، ونوابغ الربانيين من آيات الحكمة السامية ، وقواعد السياسة المستقيمة ، ومن كل موعظة باهرة ، وحجة بالغة ، وآراء اجتماعية ، وأسس حربية ، مما يشهد للإمام بالفضل وحسن الأثر .
فأنت واجد في خطبه ووصاياه رضوان الله عنه ملتقى العاطفة المشبوبة والإحساس المتطلع إلى الرحمة والإكبار ، فقد كانت حياته وحياة أبنائه سلسلة من الجهاد والصراع والاضطهاد والجلاد .
فكان رضي الله عنه شجاعا في غير بغي ، قويا في غير قسوة ، سليم الصدر من الضغن والحقد ، برئ النفس من حب الانتقام والغرور ، لا يتكلف ولا يحتال على أن يتكلف ، بل كان يقول : « شر الأخوان من تكلف له » .
وكان لا يعرف غير طريق واحدة هي طريق الصراحة التي تكشف عن قرارة نفسه ، فهو في طلب الحق لا تلين قناته ، ولا تأخذه فيه هوادة ، وهو يربأ بنفسه أن يستهوي الأفئدة بالمداجاة والمقاربة وبذل العطاء كما كان يفعل سواه .
* وقال العلامة الجليل الشيخ هادي آل كاشف الغطاء النجفي ـ المتوفى بها سنة ١٣٦١ ه‍ ـ في كتابه « مستدرك نهج البلاغة » المطبوع سنة ١٣٥٤ ه‍ ، ص ٣ :
إن نهج البلاغة من كلام مولانا أمير المؤمنين ، وإمام الموحدين ، باب مدينة العلم ، علي بن أبي طالب عليه السلام ، من أعظم الكتب الإسلامية شأنا ، وأرفعها قدرا ، وأجمعها محاسن ، وأعلاها منازل ، نور لمن استضاء به ، ونجاة لمن تمسك بعراه ، وبرهان لمن اعتمده ، ولب لمن تدبره ، أقواله فصل ، وأحكامه عدل ، حاجة العالم والمتعلم ، وبغية الراغب والزاهد ، وبلغة السائس والمسوس ، ومنية المحارب والمسالم ، والجندي والقائد .
فيه من الكلام في التوحيد والعدل ، ومكارم الشيم ، ومحاسن الأخلاق ، والترغيب والترهيب ، والوعظ والتحذير ، وحقوق الراعي والرعية ، وأصول المدنية الحقة ، وما ينقع الغلة ، ويزيل العلة ، لم تعرف المباحث الكلامية إلا منه ، ولم تكن إلا عيالا عليه ، فهو قدوة فطاحلها ، وإمام أفضلها .
* قال الأديب أحمد حسن الزّيات المصري:
" ولا نعلم بعد رسول الله فيمن سلف وخلف أفصح من علي في المنطق، ولا أبلّ منه ريقاً في الخطابة، كان حكيماً تتفجر الحكمة من بيانه، وخطيباً تتدفّق البلاغة على لسانه، وواعظاً ملء السمع والقلب، ومترسلاً بعيد غور الحجة، ومتكلماً يضع لسانه حيث يشاء، وهو بالإجماع أخطب المسلمين وإمام المنشئين، وخُطبه في الحثّ على الجهاد ورسائله إلى معاوية ووصف الطاووس والخفاش والدنيا، وعهده للأشتر النخعي إن صحَّ تعدّ من معجزات اللسان العربي وبدائع العقل البشري، وما نظن ذلك قد تهيأ له إلا لشدة خلاطه الرسول ومرانه منذ الحداثة على الكتابة له والخطابة في سبيله ".
* قال الأستاذ الهنداوي:
"لا تكاد نرى كتاباً انفرد بقطعات مختلفة يجمعها سلك واحد من الشخصية الواحدة والأسلوب الواحد، كما نراه في نهج البلاغة، لذلك نقرر ونكرر أن النهج لا يمكن أن يكون إلا لشخص واحد نفخ فيه نفس واحد".
* قال الإمام محمد عبده:
"جمع الكتاب ـ أي نهج البلاغة ـ ما يمكن أن يعرض الكاتب والخاطب من أغراض الكلام، فيه الترغيب، والتنفير، والسياسات، والجدليات، والحقوق وأصول المدنية وقواعد العدالة، والنصائح والمواعظ، فلا يطلب الطالب طلبه إلا ويرى فيه أفضلها، ولا تختلج فكرة إلا وجد فيه أكملها".
* قال الفاضل الآلوسي:
"هذا كتاب نهج البلاغة قد استودع من خطب الإمام علي بن أبي طالب سلام الله عليه ما هو قبس من نور الكلام الإلهي وشمس تضيء بفصاحة المنطق النبوي".
* يقول ابن نباتة:
حفظت من الخطابة كنزاً لا يزيده الإنفاق إلاّ سعة وكثرة، حفظت مائة فصل من مواعظ عليّ بن أبي طالب.
* قال ابن أبي الحديد:
ويكفي هذا الكتاب الّذي نحن شارحوه دلالة على أنّه لا يُجارى في الفصاحة، ولا يُبارى في البلاغة، وحسبك أنّه لم يدوّن لأحد من فصحاء الصحابة العُشـر، ولا نصف العُشـر ممّا دُوّن له، وكفاك في هذا الباب ما يقوله أبو عثمان الجاحظ في مدحه في كتاب البيان والتبيين وفي غيره من كتبه.
* ويقـول الشيخ محمد عبده:
وليس في أهل هذه اللغة إلاّ قائل بأنّ كلام الإمام عليّ بن أبي طالب هو أشرف الكلام وأبلغه بعد كلام الله تعالى وكلام نبيّه، وأغزره مادّة، وأرفعه أُسلوباً، وأجمعه لجلائل المعاني.
* ويقول الدكتور زكي نجيب محمود:
ونجول في أنظارنا في هذه المختارات من أقوال الإمام عليّ، الّتي اختارها الشريف الرضي (٩٧٠ م ـ ١٠١٦) وأطلق عليها: نهج البلاغة، لنقف ذاهلين أمام روعة العبارة وعمق المعنى .
فإذا حاولنا أن نصنّف هذه الأقوال تحت رؤوس عامّة تجمعها، وجدناها تدور ـ على الأغلب ـ حول موضوعات رئيسية ثلاثة، هي نفسها الموضوعات الرئيسية الّتي ترتد إليها محاولات الفلاسفة، قديمهم وحديثهم على السواء، ألا وهي: الله والعالم والإنسان. وإذاً فالرجل ـ وإن لم يتعمّدها ـ فيلسوف بمادّته وإن خالف الفلاسفة في أنَّ هؤلاء قد غلب عليهم أن يقيموا لفكرتهم نسقاً على صورة مبدأ ونتائجه، وأمّا هو فقد نثر القول نثراً في دواعيه وظروفه.
* ويقول الكاتب لبيب بيضون ـ الكاتب السوري المعروف ـ في تصنيفه للنهج:
لا يشكّ أديب أو مؤرّخ أو عالم ديني أو اجتماعي في ما لنهج البلاغة من قيمة جلّى، وإنّه في مصافِ الكتب المعدودة، والّتي تعتبر من أُمّهات الكتب.
* قال الخليل بن أحمد:
إنّ نهج البلاغة هو أعظم كتاب أدبي وديني وأخلاقي واجتماعي بعد القرآن والحديث النبوي الشريف، وهو أحد المصادر الأربعة الّتي لا غنىً للأديب العربي عنها، وهي: القرآن الكريم، ونهج البلاغة، والبيان والتبيين للجاحظ، والكامل للمبرّد.
* وقال صبحي الصالح في مقدّمته للنهج:
منذ أن تصدّى الشريف الرضي لجمع ما تفرّق من كلام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ووسمه نهج البلاغة أقبل العلماء والأُدباء على ذلك الكتاب بين ناسخ له يحفظ نصّـه في لوح صـدره، وشارح له ينسم الناس عن تفسيراته وتعليقاته.
* قال العلامة السيد محسن الأمين:
"ومن التحامل على أمير المؤمنين على بن أبى طالب التماس الوجوه والطرق والوسائل لإنكار نسبة نهج البلاغة إليه، وأنه من تأليف السيد الرضي".

****************************