وقال (عليه السلام): النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا.                
وقال (عليه السلام): إِذَا قَدَرْتَ عَلَى عَدُوِّكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكْراً لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ .                
وقال (عليه السلام): الرِّزْقُ رِزْقَانِ: طَالِبٌ، وَمَطْلُوبٌ، فَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا طَلَبَهُ الْمَوْتُ حَتَّى يُخْرِجَهُ عَنْهَا،مَنْ طَلَبَ الاْخِرَةَ طَلَبَتْهُ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رِزْقَهُ مِنْهَا.                
وقال (عليه السلام): الغِنَى والْفَقْرُ بَعْدَ الْعَرْضِ عَلَى اللهِ.                
وقال (عليه السلام): ما أَنْقَضَ النَّوْمَ لِعَزَائِمِ الْيَوْمِ.                
وقال (عليه السلام) : هَلَكَ فِي رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ غَال ، وَمُبْغِضٌ قَال .                
وقال (عليه السلام):مَنْ عَظَّمَ صِغَارَ الْمَصَائِبِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِكِبَارِهَا.                

Search form

إرسال الی صدیق
كلامه عليه السلام في النساء – الثاني

وقد أورد جمع من المتأخرين هذا الحديث ونسبوه إلى الإمام عليّ عليه السّلام أوإلى الرسول صلّى اللَّه عليه وآله بينما لم يرد في المصادر من نسب هذا القول إلى الإمام عليّ عليه السّلام . أمّا نسبته إلى الرسول صلّى اللَّه عليه وآله فقد عجّت وصادر الحديث بذكره في الموضوعات ، من هذه الكتب :

١- السخاوي في المقاصد وكل أمر تدبرته امرأة فهوملعون [١] .

وعن النبي صلّى اللَّه عليه وآله : إنّ النساء لا يشاورن في النجوى ولا يطعن في ذوي القربى ، إنّ المرأة إذا أسنّت ذهب خير شطريها وبقي شرهما ، يعقم رحمها ويسوء خلقها ويحتدّ لسانها ، وإن الرّجل إذا أسنّ ذهب شرّ شطريه وبقي خيرهما يؤوب عقله ويستحكم رأيه ويحسن خلقه [٢] .

وعنه صلّى اللَّه عليه وآله : كان إذا أراد الحرب دعا نساءه فاستشارهن ثم خالفهن [٣] .

وقال طفيل الغنوي :

إنّ النّساء متى ينهين عن خلق ***** فإنّه واجب لا بدّ مفعول [٤]

وقالوا : قيل لسقراط أيّ السباع أجسر ؟ قال : المرأة [٥] .

قالوا : ومرّت به امرأة فقالت له : ما أقبحك . فقال لها : لولا أنّك من المرايا الحسنة ، وقال عنه : لم أره مرفوعا ، ولكن عن العسكري من احديث حفص بن عثمان بن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عمر قال : قال عمر : خالفوا النساء فإنّ خلافهن لبركة ( راجع المقاصد الحسنة : ٢٤٨ ح ٥٨٥ ) .

٢- أورده المتقي الهندي في كنز العمّال عن ( عمر ) أنه قال : خالفوا النساء فإن خلافهن بركة ( كنز العمّال ٣ : ٤٥١ ) .

٣- الزبيري في إتحاف السادة المتقين بشرح أسرار إحياء علوم الدين ٥ : ٣٥٦ ، يقول عنه هكذا اشتهر على الألسنه وليس بحديث .

٤- ابن عراق الشافعي في تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشيعة الموضوعة ٢ : ٢١٠ ، نسبه إلى عمر بن الخطاب .

٥- ( ملا علي القالي في الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة ، المعروف بالموضوعات الكبرى : ٢٢٢ ) ذكر قائلا : حديث شاورهن وخالفوهن لم يثبت بهذا المعنى وإن كان له وجه من حيث المعنى .

الصديّة لغمّني ما بان من قبح صورتي فيك   [٦].

هذا ، وعن ( ملح النوادر ) كان ذئب ينتاب بعض القرى ويعبث فيها ، فترصّدوه حتى أخذوه ، ثم تشاوروا فيه فقال بعضهم : تقطع يداه ورجلاه وتدقّ أسنانه ويخلع لسانه ، وقال آخر بل يصلب ويرمى بالنبال ، وقال آخر :

توقد نار عظيمة ويلقى فيها ، وقال بعض الممتحنين بالنساء : بل يزوّج وكفى بالتزويج تعذيبا . وفي هذه القصة قال الشاعر :

رب ذئب أخذوه ***** وتماروا في عقاب

ثم قالوا زوّجوه ***** وذروه في عذاب [٧]

« وشر ما فيها أنّه لا بدّ منها » في ( الكافي ) عن الصادق عليه السّلام : ان إبراهيم عليه السّلام شكا إلى اللَّه ما يلقى من سوء خلق سارة ، فأوحى إليه : إنّما مثل المرأة مثل الضلع المعوجّ ، إن أقمته كسرته وإن تركته استمتعت فاصبر عليها  [٨] .

ونظم مضمونه من قال :

هي الضلع العوجاء لست تقيمها ***** ألا إنّ تقويم الضلوع انكسارها [٩]

وفي ( البيان ) : سمع أعرابي يقول « اللّهم اغفر لامّ أوفى » قيل له : من امّ أوفى ؟ قال : إمرأتي ، إنّها لحمقاء مرغامة [١٠] أكول قامّة [١١] لا تبقي خامّة [١٢] .

غير أنّها حسناء فلا تفرك وامّ غلمان فلا تترك [١٣] .

ونظير المرأة في مطلوبيتها مع شدائدها لعدم بدّ منها ، الشيب فرارا من الموت .

قال الشاعر :

الشيب كره وكره أن يفارقني ***** فأعجب لشي‏ء على البغضاء مودود [١٤]

الحكمة ( ٦١ ) وقال عليه السّلام :

اَلْمَرْأَةُ عَقْرَبٌ حُلْوَةُ اَللَّبْسِةِ « المرأة عقرب » في ( اللّسان ) العقرب يكون للذّكر والانثى ، والغالب عليه التأنيث ، ويقال للانثى : عقربة وعقرباء ، والعقربان : الذكر منها ، قال إياس بن الأرتّ :

كأنّ مرعى امكم إذ غدت ***** عقربة يكومها عقربان [١٥]

وعقرب بن أبي عقرب كان من تجّار المدينة مشهورا بالمطل ، قال الزبير ابن بكار : عامله الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب فلزم الفضل بيته زمانا فلم يعطه شيئا ، فقال الفضل :

قد تجرت في سوقنا عقرب ***** لا مرحبا بالعقرب التاجرة

كلّ عدويتّقى مقبلا ***** وعقرب تخشى من الدابرة

إن عادت العقرب عدنا لها ***** وكانت النعل لها حاضر

كلّ عدوكيده في استه ***** فغير مخشي ولا ضائره [١٦]

« حلوة اللبسة » هكذا في ( الطبعة المصرية ) [١٧] ، والصواب : ( اللسبة ) كما نقله ( ابن أبي الحديد) [١٨] واللسبة من لسب بالفتح ، قال ابن السكيت يقال لسبته العقرب إذا لسعته ، واما لسب بالكسر فبمعنى لعق ، يقال لسبت العسل أي لعقته [١٩] .

ولكون المرأة عقربا حلوة اللسبة قال كثيّر في صاحبته عزّة :

هنيئا مريئا غير داء مخامر ***** لعزّة من أعراضنا ما استحلّت [٢٠]

وعن مجنون في صاحبته ليلى :

حلال لليلى شتمنا وانتقاصنا ***** هنيئا ومغفور لليلى ذنوبها [٢١]

وفي ( الأغاني ) : قدم الوليد بن عبد الملك مكة فأراد أن يأتي الطائف فقال :

هل من رجل عالم يخبرني عنها . قالوا : عمر بن أبي ربيعة . قال : لا حاجة لي به ، ثم عاد فسأل فذكروه فقال : هاتوه . فأتى وركب معه ، فجعل يحدّثه ثم حوّل رداءه ليصلحه على نفسه ، فرأى الوليد على ظهره أثرا فقال : ما هذا ؟ قال : كنت عند جارية لي إذ جاءتني جارية برسالة من عند جارية اخرى وجعلت تسارّني بها ، فغارت التي كنت عندها فعضّت منكبي ، فما وجدت ألم عضتها من لذة ما كانت تلك تنفث في اذني حتى بلغت ما ترى والوليد يضحك [٢٢] .

وقال حجر آكل المرار في هند امرأته :

حلوة العين والحديث ومرّ ***** كل شي‏ء أجنّ منها الضمير [٢٣]

وقال أبو العتاهية :

رأيت الهوى جمر الغضا غير أنّه ***** على جمره في صدر صاحبه حلو [٢٤]

وفي ( الجمهرة ) ( زينب ) اشتقاقه من زنابة العقرب وهي ابرته التي تلذع بها ، فأما زبانيا العقرب فهما قرناها [٢٥] .

الحكمة ( ٢٣٤ ) وقال عليه السّلام :

خِيَارُ خِصَالِ اَلنِّسَاءِ شَرُّ خِصَالِ اَلرِّجَالِ اَلزَّهْوواَلْجُبْنُ واَلْبُخْلُ فَإِذَا كَانَتِ اَلْمَرْأَةُ مَزْهُوَّةً لَمْ تُمَكِّنْ مِنْ نَفْسِهَا وإِذَا كَانَتْ بَخِيلَةً حَفِظَتْ مَالَهَا ومَالَ بَعْلِهَا وإِذَا كَانَتْ جَبَانَةً فَرِقَتْ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ يَعْرِضُ لَهَا « خيار خصال النساء شرّ خصال الرجال » وممّا قيل في اختلافهن مع الرجال في غير ما قال عليه السّلام قول ابن شبرمة : ما رأيت لباسا على رجل أزين من فصاحته ، ولا رأيت لباسا على امرأة أزين من شحم [٢٦] .

ولشاعر :

الخال يقبح بالفتى في خدّه ***** والخال في خد الفتاة مليح

والشيب يحسن بالفتى في رأسه ***** والشيب في رأس الفتاة قبيح [٢٧]

الزهو: أي : الكبر والفخر . وكونه من شرار خصال الرجال واضح .

روى ( الكافي ) عن الصادق عليه السّلام : ان يوسف لمّا دخل عليه يعقوب دخله عزّ الملك فلم ينزل إليه ، فهبط إليه جبرئيل فقال : يا يوسف ابسط راحتك ، فخرج منها نور ساطع فسار في جوالسماء ، فقال له يوسف : ما هذا النور الذي خرج من راحتي ؟ فقال : نزعت النبوّة من عقبك عقوبة لمّا لم تنزل إلى الشيخ يعقوب فلا يكون من عقبك نبي [٢٨] .

وعنه عليه السّلام : ما من عبد إلاّ وفي رأسه حكمة وملك يمسكها ، فإذا تكبّر قال له : إتّضع وضعك اللَّه فلا يزال أعظم الناس في عينه وهوأصغر الناس في أعين الناس ، وإذا تواضع رفعه اللَّه ثم قال له انتعش نعشك اللَّه فلا يزال أصغر الناس في نفسه وأرفع الناس في أعين الناس [٢٩] .

وعنه عليه السّلام قال : أتى رجل النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله فقال : أنا فلان بن فلان حتى عد تسعة . فقال له النبي صلّى اللَّه عليه وآله : أما إنّك عاشرهم في النار [٣٠] .

وعنه عليه السّلام : ان في جهنّم لواديا للمتكبرين يقال له سقر ، شكا إلى اللَّه تعالى شدّة حرّه وسأله أن يأذن له أن يتنفّس ، فتنفّس فأحرق جهنّم [٣١] .

قلت : في القرآن جعل « سقر » مؤنثا وفي هذا الخبر مذكرا [٣٢] .

وعنه عليه السّلام : إنّ المتكبرين يجعلون في صور الذرّ يتوطأهم الناس حتى يفرغ اللَّه من الحساب [٣٣] .

روى الثالث في باب الفخر والباقي في باب الكبر .

« والجبن » كونه ذمّا للرجال واضح . وفي ( عيون ابن قتيبة ) : كان خالد القسري من الجبناء ، فخرج عليه المغيرة بن سعيد صاحب المغيرية فقال من الدهش : أطعموني ماء .

فقال بعضهم :

عاد الظلوم ظليما حين جدّ به ***** واستطعم الماء لمّا جدّ في الهرب

قال : وقال عبيد اللَّه بن زياد للكنة فيه أودهشة أوجبن : إفتحوا سيوفكم .

فقال ابن مفرغ الحميري :

ويوم فتحت سيفك من بعيد ***** أضعت وكلّ أمرك للضياع [٣٤]

قال : وقدم الحجّاج على الوليد بن عبد الملك ، فدخل عليه وعليه درع وعمامة سوداء وقوس عربية ، فبعثت إليه امّ البنين بنت عبد العزيز بن مروان فقالت : من هذا الأعرابي المستلام في السلاح عندك وأنت في غلالة ، فبعث إليها : إنّه الحجّاج ، فأعادت إليه الرسول بأن يخلوبك ملك الموت أحيانا أحبّ إليّ من أن يخلوبك الحجّاج ، فأخبره الوليد بذلك وهويمازحه ، فقال له : دع عنك مفاكهة النساء بزخرف القول ، فإنّما المرأة ريحانة وليست بقهرمانة فلا تطلعها على سرّك ومكايدة عدوّك . فأخبرها الوليد بمقالة الحجّاج فقالت للوليد : حاجتي أن تأمره غدا بأن يأتيني مسلّما ، ففعل ذلك وأتاها الحجّاج فحجبته فلم يزل قائما ، ثم قالت : ايه يا حجّاج أنت الممتنّ على الخليفة بقتال ابن الزبير وابن الأشعث ، أما واللَّه لولا أن اللَّه علم أنّك شرّ خلقه ما ابتلاك برمي الكعبة الحرام ، وأمّا نهيك إيّاه عن مفاكهة النساء وبلوغ لذّاته وأوطاره ، فإن كنّ ينفرجن عن مثله فغير قابل لقولك ، أما واللَّه لقد نفض نساء الخليفة الطيب من غدائرهن فبعنه في أعطيات أهل الشام حين كنت في أضيق من القرن ، قد أظلّتك رماحهم وأثخنك كفاحهم ، قاتل اللَّه القائل حين نظر إليك وسنان غزالة بين كتفيك :

أسد عليّ وفي الحروب نعامة ***** فتخاء تنفر من صفير الصافر

هلاّ كررت على غزالة في الوغى ***** بل كان قلبك في جوانح طائر

غزالة : امرأة شبيب الخارجي ثم قالت للحجاج : اخرج فخرج [٣٥] .

قال : وقال المدائني : رأى عمروبن العاص يوما معاوية يضحك ، فقال له : ممّ تضحك ؟ قال : من حضور ذهنك عند ابدائك سوءتك يوم ابن أبي طالب ، أما واللَّه لقد وافقته منّانا كريما ، ولوشاء أن يقتلك قتلك . فقال له عمرو: أما واللَّه إنّي لعن يمينك حين دعاك ابن أبي طالب إلى البراز فاحولّت عيناك وربا سحرك وبدا منك ما أكره ذكره لك ، فمن نفسك فاضحك أو، دع [٣٦] .

قال : وكان بالبصرة شيخ من بني نهشل يقال له : عروة بن مرثد ويكنّى أبا الأغرّ ، ينزل ببني اخت له من قريش في سكّة بني مازن ، فخرج رجالهم إلى ضياعهم في شهر رمضان وخرج النساء يصلين في مسجدهم ولم يبق في الدار إلاّ الإماء ، فدخل كلب يعتسّ فرأى بيتا فدخله وانصفق الباب ، فسمع الحركة بعض الإماء فظنت أنّ لصا دخل الدار ، فذهبت إحداهن إلى أبي الأغرّ فأخبرته ، فقال : ما يبتغي اللص . ثم أخذ عصاه وجاء فوقف على باب البيت وقال : إيه يا ملامان ، أما واللَّه انّك بي لعارف فهل أنت إلاّ من لصوص بني مازن شربت حامضا خبيثا حتى إذا دارت القدوح في رأسك منّتك نفسك الأماني وقلت أطرق ديار بني عمرووالرجال خلوف والنساء يصلين في مسجدهم فلم يبق في الدار إلاّ الإماء ، وأيم اللَّه لتخرجن أولأهتفن هتفة مشؤومة يلتقي فيها الحيّان عمرووحنظلة ، وتجي‏ء سعد بعدد الحصا وتسيل عليك الرجال من هاهنا وهاهنا ، ولئن فعلت لتكونن أشأم مولود .

فلمّا رأى انّه لا يجيبه أحد أخذ باللّين فقال : اخرج بأبي أنت وامّي ، أنت مستور ، إنّي واللَّه ما أراك تعرفني ولوعرفتني لقنعت بقولي واطمأننت إليّ ، أنا فديتك أبوالأغر النهشلي خال القوم وجلدة بين أعينهم لا يعصونني ولن تضارّ الليلة ، فأخرج فأنت في ذمّتي ، وعندي قوصرتان أهداهما إليّ ابن اختي البار الوصول ، فخذ إحداهما فانتبذها حلالا من اللَّه ورسوله .

وكان الكلب إذا سمع الكلام أطرق وإذا سكت وثب يريد المخرج فتهاتف أبوالأغر ثم تضاحك وقال : يا ألام الناس وأوضعهم لا أرى اني لك الليلة في واد وأنت في واد ، أقلب السوداء والبيضاء فتصيخ وتطرق وإذا سكت عنك وثبت تريغ المخرج ، واللَّه لتخرج أولألجن عليك البيت ، فلما طال وقوفه جاءت إحدى الإماء فقالت : أعرابي مجنون واللَّه ما أرى في البيت شيئا ، فدفعت البيت فخرج الكلب شدّا وحاد عنه أبوالأغرّ ساقطا على قفاه ، ثم قال : تاللَّه ما رأيت كالليلة ، واللَّه ما أراه إلاّ كلبا ، أما واللَّه لوعلمت بحاله لولجت عليه .

وكان لأبي حية النميري سيف ليس بينه وبين الخشبة فرق وكان يسمّيه لعاب المنيّة . قال جار له : أشرفت عليه ليلة وقد انتضاه وشمّر وهويقول : أيّها المغترّ بنا والمجتري علينا بئس واللَّه ما اخترت لنفسك ، خير قليل وسيف صقيل ، لعاب المنية الذي سمعت به ، مشهور ضربته لا تخاف نبوته ، اخرج بالعفوعنك وإلاّ دخلت بالعقوبة عليك ، إنّي واللَّه إن أدع قيسا تملأ الأرض خيلا ورجلا ، يا سبحان اللَّه ما أكثرها وأطيبها . ثم فتح الباب وإذا كلب قد خرج فقال : الحمد للَّه الذي مسخك كلبا وكفاني حربا  [٣٧].

« والبخل » في ( الكافي ) عن النبي صلّى اللَّه عليه وآله قال لبني سلمة : من سيّدكم ؟ قالوا :

رجل فيه بخل . فقال : وأيّ داء أدوى من البخل ؟ ثم قال : بل سيّدكم الأبيض الجسد البراء بن معرور [٣٨] .

« فإذا كانت المرأة مزهوّة » أي : معجبة بنفسها . قال الجوهري : للعرب أحرف لا يتكلّمون بها إلاّ على سبيل المفعول به وان كانت بمعنى الفاعل ، كقولهم « عنى بالأمر » و« نتجت الناقة » و« زهي الرجل » [٣٩] ، وفيه لغة اخرى « زها يزهو» ، ومنه قولهم « ما أزهاه » [٤٠] لأن التعجب لا يبنى من المجهول .

« لم تمكّن من نفسها » في ( العيون ) لابن قتيبة قال المنصور : قال أبي :

حججت فرأيت امرأة من كلب شريفة قد حجّت ، فرآها عمر بن أبي ربيعة فجعل يكلّمها ويتبعها كلّ يوم ، فقالت لزوجها ذات يوم : إنّي أحبّ أن أتوكّأ عليك إذا رحت إلى المسجد ، فراحت متوكّئة على زوجها فلمّا أبصرها عمر ولّى ، فقالت المرأة له : على رسلك يا فتى .

تعدو الذئاب على من لا كلاب له ***** وتتّقى مربض المستأسد الحامي

وأمّا ان لم تكن مزهوّة فلا تدفع يد لامس ، بل تتعلق بكلّ رجل آنس [٤١] .

وفي ( عيونه ) أيضا : كان أخوان يغيب أحدهما ويخلفه الآخر في أهله ، فهويت امرأة الغائب أخا زوجها ، فأرادته على نفسها فامتنع ، فلمّا قدم زوجها سألها عن حالها فقالت : ما حال امرأة تراود في كلّ حين . فقال : أخي وابن امّي لا أفضحه ولكن لا اكلّمه أبدا ، ثم حجّ وحجّ أخوه والمرأة ، فلمّا كانوا بوادي الدّوم هلك الأخ ودفنوه وقضوا حجّهم ورجعوا ، فمرّوا بذلك الوادي ليلا فسمعوا هاتفا يقول :

أجدك تمضي الدّوم ليلا ولا ترى ***** عليك لأهل الدّوم أن تتكلّما

وبالدوم ثاو لو ثويت مكانه ***** ومرّ بوادي الدّوم حيّا لسلّما

فظنّت المرأة ان النداء من السماء ، فقالت لزوجها : هذا مقام العائذ ، كان من أخيك ومنّي كيت وكيت ، فقال : واللَّه لوحلّ قتلك لقتلتك ، ففارقها وضرب قبة على قبر أخيه وقال :

هجرتك في طول الحياة وأبتغي ***** كلامك لمّا صرت رمسا وأعظما

ذكرت ذنوبا فيك اجترمتها ***** أنا منك فيها كنت أسوء وأظلما

ولم يزل مقيما على القبر حتى مات ودفن بجنبه ، والقبران معروفان [٤٢] .

وفيه أيضا : سار أردشير إلى الحضر وكان ملك السواد وكان من أعظم ملوك الطوائف ، فحاصره فيها زمانا لا يجد إليه سبيلا ، حتى رقيت ابنة ملك السواد يوما فرأت أردشير فعشقته ، فنزلت وأخذت نشابة وكتبت عليها إن أنت شرطت لي أن تتزوجني دللتك على موضع تفتتح منه هذه المدينة بأيسر حيلة وأخف مؤونة ، ثم رمت بالنشابة نحوأردشير ، فكتب الجواب في نشابة « لك الوفاء بما سألت » ، فكتبت إليه تدلّه على الموضع ، فأرسل إليه أردشير فافتتحه ودخل هووجنوده وأهل المدينة غارون ، فقتلوا ملكها وأكثر مقاتلتها وتزوّجها ، فبينما هي ذات ليلة على فراشها أنكرت مكانها حتى سهرت لذلك عامة ليلتها ، فنظروا في الفراش فوجدوا تحت المجس ورقة من ورق الآس قد أثّرت في جلدها ، فسألها أردشير عمّا كان أبوها يغذوها به فقالت : كان أكثر غذائها الشهد والزبد والمخ . فقال أردشير : ما أجد ببالغ لك في الحباء والاكرام مبلغ أبيك ، ولئن كان جزاؤه عندك على جهد إحسانه مع لطف قرابته وعظم حقّه جهد إساءتك ما أنا بآمن لمثله منك . ثم أمر بأن تعقد قرونها بذنب فرس شديد المراح جموح ثم يجري ، ففعل ذلك حتى تساقطت عضوا عضوا [٤٣] .

وفي ( كامل الجزري ) في ذكر يوم البردان كان حجر الكندي أغار على البحرين فبلغ ذلك زياد بن هبولة الغساني ، فسار إلى أهل حجر وسبى امرأته هندا ، فلما عاد حجر طلبه إلى أن قال بعد ذكر بعثه رجلا مسمّى بسدوس ليتجسس له الخبر ودنا سدوس من قبة زياد ليسمع كلامه ودنا زياد من هند امرأة حجر فقبّلها وداعبها وقال لها : ما ظنّك الآن بحجر .

فقالت : ما هو ظن ولكنه يقين ، إنّه واللَّه لن يدع طلبك حتى تعاين القصور الحمر تعني قصور الشام ، وكأنّي به في فوارس من بني شيبان يذمرهم ويذمرونه وهوشديد الكلب تزبد شفتاه كأنّه أكل مرارا ، فالنجاء النجاء فإنّ وراءك طالبا حثيثا وجمعا كثيفا وكيدا متينا ورأيا صليبا . فرفع زياد يده ولطمها ثم قال لها : ما قلت هذا إلاّ من عجبك به وحبّك له . فقالت : واللَّه ما أبغضت أحدا بغضي له ولا رأيت رجلا أحزم منه نائما ومستيقظا ، إن كان لتنام عيناه فبعض أعضائه مستيقظ ، وكان إذا أراد النوم أمرني أن أجعل عنده عسا من لبن ، فبينا هوذات ليلة نائم وأنا قريبة منه أنظر إليه إذ أقبل أسود سالخ إلى رأسه فنحى رأسه ، فمال إلى يده فقبضها فمال إلى رجله فقبضها فمال إلى العس فشربه ثم مجّه فقلت : يستيقظ فيشربه فيموت فاستريح منه ، فانتبه من نومه فقال : عليّ بالإناء فناولته فشمّه ثم ألقاه فهريق فقال : أين ذهب الأسود ؟ فقلت : ما رأيته .

فقال : كذبت واللَّه وسدوس يسمع ذلك فسار حتى أتى حجرا وقال له :

أتاك المرجفون بأمر غيب ***** على دهش وجئتك باليقين

فمن يك قد أتاك بأمر لبس ***** فقد آتي بأمر مستبين

ثم قص عليه ما سمع فجعل حجر يعبث بالمرار ويأكل منه غضبا وأسفا ولا يشعر أنّه يأكله من شدّة الغضب ، فلما فرغ سدوس من حديثه وجد حجر المرار فسمّي يومئذ آكل المرار ( والمرار نبت شديد المرارة لا تأكله دابة إلاّ قتلها ) ثم أمر حجر فنودي في الناس وركب وسار إلى زياد فاقتتلوا فانهزم زياد إلى أن قال وأخذ حجر زوجته فربطها في فرسين ثم ركضهما حتى قطعاها ويقال بل أحرقها وقال :

إنّ من غرّه النساء بشي‏ء ***** بعد هند لجاهل مغرور

حلوة العين والحديث ومرّ ***** كلّ شي‏ء أجنّ منها الضمير

كل انثى وإن بدا لك منها ***** آية الحبّ حبّها خيتعور [٤٤]

« وإذا كانت بخيلة حفظت مالها ومال زوجها » وفي ( بخلاء الجاحظ ) طلّق ابن شحمة العنبري امرأة لبخلها ، فقيل له : إنّ البخل إنّما يعيب الرجل ومتى سمعت بامرأة هجيت في البخل ؟ قال : ليس ذلك بي أخاف أن تلد لي مثلها [٤٥] .

« وإذا كانت جبانة فرقت من كلّ شي‏ء يعرض لها » في ( عيون ابن قتيبة ) : قال خالد الحذّاء : خطبت امرأة من بني أسد ، فجئت لأنظر إليها وبيني وبينها رواق يشف ، فدعت بجفنة مملوءة ثريدا مكلّلة باللحم فأتت على آخرها ، فاتي بإناء مملولبنا أونبيذا فشربته حتى كفأته على وجهها . ثم قالت : يا جارية ارفعي السجف ، فاذا هي جالسة على جلد أسد وإذا شابة جميلة ، فقالت : يا عبد اللَّه أنا أسدة من بني أسد على جلد أسد وهذا مطعمي ومشربي ، فإن أحببت أن تتقدّم فافعل . فقلت : استخير اللَّه ، فخرجت ولم أعد [٤٦]

------------------------------------------------------
[١] . في بحار الأنوار ١٠٣ : ٢٢٨ « كل امرى‏ء تدبره امرأة فهوملعون » .
[٢] . من لا يحضره الفقيه للصدوق ٣ : ٤٦٨ ح ٤٦٢١ .
[٣] . ذكره المجلسي في مكانين ٩١ : ٢٥٥ و١٠٣ : ٢٢٨ إلاّ ان أرباب السير ذكروا ان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله استشار ( امّ سلمة ) في صاح الحديبيه ، فقد قال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري ٥ : ٢٦٥ ٢٦٦ : فلمّا لم يقم منهم ( الأصحاب ) أحد دخل على امّ سلمة فذكر لها ما لقي من الناس ، فقالت امّ سلمة : يا نبي اللَّه ، اتحب ذلك ؟ أخرج ولا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بذلك وتدعوحالقك فيحلقك ، فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك ، نحر بدنة ، ودعا حالقه فحلقه ، فلمّا رأوا قاموا فنحروا ، وجعل بعضهم بحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا .
[٤] . شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٨ : ١٩٨ .
[٥] . المصدر نفسه .
[٦] . شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٨ : ٢٠٠ .
[٧] . لم نعثر على الكتاب لا في المطبوعات ولا في المخطوطات ، ويبدوان المؤلف لم ير الكتاب حيث ذكر ( وعن ) ، وقد ذكر حاجي خليفة الكتاب في كشف الظنون ٢ : ١٨١٧ ، ونسبه إلى الشيخ أبي عبد اللَّه الكاتب .
[٨] . الكافي للكليني ٥ : ٥١٣ ح ٢ .
[٩] . شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٨ : ١٩٩ .
[١٠] . المرغامة : المبغضة ليعلها .
[١١] . قمّ : أكولة .
[١٢] . الخامّ : ما تغيّر ريحه من لحم أولبن .
[١٣] . البيان والتبيان للجاحظ ٢ : ٩٥ .
[١٤] . هو مسلم بن الوليد ذكره النويري ، في نهاية الارب ٢ : ٣٧ .
[١٥] . لسان العرب لابن منظور ٩ : ٣١٨ .
[١٦] . حياة الحيوان للدميري ٢ : ٦١ .
[١٧] . راجع النسخة المصرية : ٦٧١ رقم ٦٢ .
[١٨] . شرح ابن أبي الحديد ١٨ : ١٩٨ رقم ٥٩ .
[١٩] . ترتيب اصلاح المنطق لابن السكّيت : ٣٣٤ .
[٢٠] . ديوان كثير عزة : ٥٦ .
[٢١] . ديوان مجنون ليلى : ٣٤ .
[٢٢] . الأغاني للأصفهاني ١ : ١١٢ .
[٢٣] . الأغاني للأصفهاني ١٦ : ٣٥٨ ، كذا ابن قيم الجوزية : ١٤٤ ونسب البيت إلى عمرو الملك .
[٢٤] . الأغاني للأصفهاني ٤ : ٤١ وفي نسخة التحقيق ورد العجز بلفظ « على كل حال عند صاحبه حلو» .
[٢٥] . جمهرة اللغة لابن دريد ٣ : ٣٦٥ .
[٢٦] . عيون الأخبار لابن قتيبة ٤ : ٣٠ .
[٢٧] . المصدر نفسه ٤ : ٢٢ .
[٢٨] . الكافي للكليني ٢ : ٣٧ ح ١٥ .
[٢٩] . الكافي للكليني ٢ : ٣١٢ ح ١٦ ، وأورده الفيض الكاشاني في المحجّة البيضاء ٦ : ٢١٧ .
[٣٠] . بحار الأنوار للمجلسي ٣٢ : ١٣١ رواية ٢١٠ عن السكوني .
[٣١] . الكافي للكليني ٢ : ٣١٠ ح ١١ ، وأورده الفيض الكاشاني في المحجة ٦ : ٢١٦ .
[٣٢] . الآية : وما أدراك ما سقر ، لا تبقي ولا تذر المدثر : ٢٦ ٢٧ .
[٣٣] . الكافي للكليني ٢ : ٣١٠ ح ١٠ ، وأورده الفيض الكاشاني في المحجّة البيضاء ٦ : ٢١٥ بلفظ مشابه ونسبه إلى الرسول الأكرم صلّى اللَّه عليه وآله .
[٣٤] . عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ١٦٥ .
[٣٥] . ابن قتيبة ، عيون الأخبار ١ : ١٧٠ .
[٣٦] . المصدر نفسه ١ : ١٦٩ .
[٣٧] . ابن قتيبة ، عيون الأخبار ١ : ١٦٨ .
[٣٨] . الكافي للكليني ٤ : ٤٤ ح ٣ .
[٣٩] . الصحاح للجوهري ٦ : ٢٣٧١ مادة ( زها ) .
[٤٠] . الصحاح للجوهري ٦ : ٢٣٧١ مادة ( زها ) نسبها إلى ابن دريد .
[٤١] . عيون الأخبار لابن قتيبة ٤ : ١٢٠ ١٢١ بتصرف .
[٤٢] . المصدر نفسه .
[٤٣] . عيون الأخبار لابن قتيبة ٤ : ١١٩ ١٢٠ .
[٤٤] . الكامل في التاريخ لابن الأثير ١ : ٥٠٨ ٥٠٩ .
[٤٥] . البخلاء للجاحظ : ١٩٥ ، هوثوب بن شحمة العنزي من فرسان العرب .
[٤٦] . عيون الأخبار لابن قتيبة ٤ : ٧ .

يتبع ......

****************************