إستفسار:
بسم الله الرحمن الرحيم
سماحة المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني (دام ظله)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يرجى التفضل بذكر كلمة حول كتاب (نهج البلاغة).
ودمتم ذخراً للإسلام والمسلمين.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
ان ما تضمّنه هذا الكتاب الشريف من كلام مولانا امير المؤمنين(ع) يعدّ في ذروة الكلام ـــ بعد كلام الله تعالى وكلام نبيّه المصطفى(ص) ــــ لما فيه من بيان للمنهج الفطري للتفكر والتأمل في الكون وحقائقه وبيانٍ لاصول الإسلام ومعارفه وإيضاح لحكم الحياة والسنن التي يبتني عليها وتبيينٍ لسبل تزكية النفس وترويضها وتوضيحٍ لمقاصد الشريعة وما بني عليها من الاحكام وتذكيرٍ بآداب الحكم وشروطه واستحقاقاته وتعليمٍ لاسلوب الثناء على الله تعالى والدعاء بين يديه وغير ذلك كثير.
كما انه من جهة اخرى مرآة صادقة للتاريخ الاسلامي وما وقع فيه من الحوادث بعد النبي (ص) خاصة في زمن خلافة الامام(ع) ويتضمن جانباً مهماً من سيرته وخلقه وسجاياه وعلمه وفقهه.
وحريّ بالمسلمين عامة ان يستنيروا في امور دينهم تعلماً وتزكية بهذا الكتاب ويهتموا ـــ ولا سيما الشباب منهم ـــ بمطالعته والتدبر فيه وحفظ طرف منه، كما يجدر بمن يدّعون محبة الامام (ع) ويتمنون انهم لو كانوا في عصره ليستمعوا إلى مواعظه ويهتدوا بهديه ويسيروا على نهجه ان يفعلوا ذلك في ضوء ما ورد في هذا الكتاب، ولقد قال(ع) في حرب الجمل انه حضره في هذه الحرب قوم من الناس لم يزالوا في اصلاب الرجال وارحام النساء وانما عنى بذلك الذين علم الله منهم صدق النية فيما يتمنونه من الحضور في زمانه والاقتداء به في أفعاله، وهم الذين سيحشرون مع اوليائه (ع) يوم يحشر كل انسان خلف امامه، وذلك لانهم عملوا بما علموه من الحق من غير ان يعتذروا عن ذلك بالشبهات ويزيّنوا انتماءهم اليه (ع) بالأماني.
وينبغي لرجال الحكم من المسلمين ان يطبقوا ما بيّنه من وظائف امثالهم ويقتفوا اثره ويتبعوا خطاه في سلوكهم واعمالهم وليقدّروا في انفسهم انهم بمثابة ولاته وعمّاله ليظهر لهم مقدار التزامهم بنهجه وتأسّيهم به.
نسأل الله العلي القدير ان يأخذ بايدي الجميع إلى إتّباع الهدى واجتناب الهوى انه ولي التوفيق.
علي الحسيني السيستاني
٢٦/ رجب /١٤٣٣ هـ