وقال (عليه السلام): النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا.                
وقال (عليه السلام): مَا أَخَذَ اللهُ عَلَى أَهْلِ الْجَهْلِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا حَتَّى أَخَذَ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُعَلِّمُوا.                
وقال (عليه السلام): يَهْلِكُ فِيَّ رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ مُفْرِطٌ، وَبَاهِتٌ مُفْتَر.                
وقال (عليه السلام): لَيْسَ بَلَدٌ بأَحَقَّ بِكَ مِنْ بَلَد، خَيْرُ الْبِلاَدِ مَا حَمَلَكَ.                
وقال (عليه السلام): مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ.                
وقال (عليه السلام): خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ .                
وقال (عليه السلام): الرِّزْقُ رِزْقَانِ: طَالِبٌ، وَمَطْلُوبٌ، فَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا طَلَبَهُ الْمَوْتُ حَتَّى يُخْرِجَهُ عَنْهَا،مَنْ طَلَبَ الاْخِرَةَ طَلَبَتْهُ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رِزْقَهُ مِنْهَا.                

Search form

إرسال الی صدیق
ما رواه الشعبي من كلام للإمام علي عليه السلام

قال الشّعبي :

تكلّم امير المؤمنين عليه السلام بتسع كلمات ارتجلهنّ ، ارتجالاً فقأن عيون الحكمة ، وأيتمن جواهر البلاغة ، وقطعن جميع الأنام عن اللّحاق بواحدة منهنّ ، ثلاثٌ منها في المناجات ، وثلاثٌ منها في الحكمة ، وثلاثٌ منها في الأدب

امّا اللاّتي‏ في المناجات

فقال عليه السلام : اِلهي‏ كَفى‏ بي‏ عِزًّا اَنْ اَكُونَ لَكَ عَبْداً ، وكَفى‏ بي‏ فَخْراً اَنْ تَكُونَ لى‏ رَبًّا ، اَنْتَ كَما اُحِبُّ ، فَاجْعَلْني كَما تُحِبُّ .

وامّا اللاّتي‏ في الحكمة

فقال عليه السلام : قيمَةُ كُلِّ امْرِءٍ ما يُحْسِنُهُ ، وما هَلَكَ امْرُءٌ عَرَفَ قَدْرَهُ ، والْمَرْءُ مَخْبوُءٌ تَحْتَ لِسانِهِ [١].

وامّا اللاّتي في الأدب

فقال عليه السلام‏ : اُمْنُنْ عَلى‏ مَنْ شِئْتَ تَكُنْ اَميرَهُ ، واحْتَجْ اِلى‏ مَنْ شِئْتَ تَكُنْ اَسيرَهُ ، واسْتَغْنِ عَمَّنْ شِئْتَ تكُنْ نَظيرَهُ .

وسأله سائل فقال يا امير المؤمنين خبّرنى‏ عن اللَّه تعالى‏ أرأيته حين عبدته ؟

فقال عليه السّلام : لَمْ اَكُ بِالَّذي‏ اَعْبُدُ مَنْ لَمْ اَرَهُ فقال كيف رأيته حين رأيته ؟ فقال له : وَيْحَكَ لَمْ تَرَه الْعُيُونُ بِمُشاهَدَةِ الْأَبْصارِ ، ولكِنْ رَاَتْهُ الْقُلُوبُ بِحَقايِقِ الاْيمانِ ، مَعْرُوفٌ بِالدَّلالاتِ ، مَنْعُوتٌ بِالْعَلاماتِ ، لا يُقاسُ بِالنَّاسِ ، ولا تُدْرِكُهُ الْحَواسُّ .

وايضاً سئل عنه ع اين كان ربّك قبل ان يخلق السّماء والأرض ؟

فقال عليه السّلام : اَيْنَ سُؤالٌ عَنْ مَكانٍ ، وكانَ اللَّهُ ولا مَكانَ .

وقال عليه السّلام : حَقيقَةُ السَّعادَةِ : اَنْ يَخْتِمَ الرَّجُلُ عَمَلَهُ بِالسَّعادَةِ ، وحَقيقَةُ الشَّقاوَةِ : اَنْ يَخْتِمَ الْمَرْءُ عَمَلَهُ بِالشَّقآءِ .

وقال عليه السّلام : بَقِيَّةُ الْعُمْرِ لا ثَمَنَ لَها ، يُدْرَكُ بِها ما فاتَ ، ويُحْيى‏ بِها ما اَماتَ .

وشكى‏ اليه رجل الحاجة ، فقال عليه السّلام له : اِعْلَمْ اَنَّ كُلَّ شَىْ‏ءٍ تُصيبُهُ مِنَ الدُّنْيا فَوْقَ قُوتِكَ ، فَاِنَّما اَنْتَ فيهِ خازِنٌ لِغَيْرِكَ .

وقال عليه السّلام لبنيه : يا بَنِىَّ اِيَّاكُمْ ومُعاداةَ الرِّجالِ ، فَاِنَّهُمْ لا يَخْلُومِنْ ضَرْبَيْنِ : مِنْ عاقِلٍ يَمْكُرُ بِكُمْ ، اَوجاهِلٍ يَجْهَلُ عَلَيْكُمْ ، والْكَلامُ ذَكَرٌ والْجَوابُ اُنْثى‏ ، فَاِذَا اجْتَمَعَ الزَّوْجانِ فَلا بُدَّ مِنَ التَّشاحِّ ، ثُمَّ انشأ يقول :

سَليمُ الْعِرْضِ مَنْ حَذَرِ الْجَوابا ***** ومَنْ دارَ الرِّجالَ فَقَدْ اَصابا

ومَنْ هابَ الرِّجالَ تَهَيَّبُوهُ ***** ومَنْ حَقَرَ الرِّجالَ فَلَنْ يُهابا [٢]

وقال عليه السّلام لبعض اصحابه : لا تَجْعَلَنَّ اَكْثَرَ شُغْلِكَ لِاَهْلِكَ ووُلْدِكَ ، فَاِنْ يَكُنْ اَهْلُكَ ووُلْدُكَ اَوْلِيآءَ اللَّهِ ، فَاِنَّ اللّهَ لا يُضيعُ اَوْلِيآءَهُ ، واِنْ يَكُونُوا اَعْدآءَ اللَّهِ ، فَما عَمَلُكَ وشُغْلُكَ بِاَعْدآءِ اللَّهِ .

وقال عليه السّلام لابنه الحسن ع : يا بُنَىَّ لا تُخْلِفَنَّ مِنْ وَرآئِكَ شَيْئاً مِنَ الدُّنْيا ، فَاِنَّهُ تُخْلِفُهُ لِاَحَدِ رَجُلَيْنِ ، اِمَّا رَجُلٌ عَمِلَ فيهِ بِطاعَةِ اللَّهِ فَسَعِدَ بِما شَقيتَ بِهِ ، واِمَّا رَجُلٌ عَمِلَ فيهِ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ ، فَكُنْتَ لَهُ عَوْناً عَلى‏ مَعْصِيَتِهِ ، ولَيْسَ اَحَدُ هذَيْنِ حَقيقاً اَنْ تُؤْثِرَ عَلى‏ نَفْسِكَ وتَحْمِلَ لَهُ عَلى‏ ظَهْرِكَ . قلت : وروى هذا في‏ نهج البلاغة باختلاف يسير .

وقال عليه السّلام : حَسْبُ الْمَرْءِ مِنْ عِرْفانِهِ عِلْمُهُ بِزَمانِهِ ومِنْ وَرَعِهِ غَضُّ بَصَرِهِ ، وعِفَّةُ بَطْنِهِ ، ومِنْ حُسْنِ خُلْقِهِ كَفُّهُ اَذاهُ ، ومِنْ سَخائِهِ بِرُّهُ بِمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ حَقُّهُ ، واِخْراجُهُ حَقَّ اللَّهِ مِنْ مالِهِ ، وحَسْبُهُ مِنْ صَبْرِهِ قِلَّةُ شَكْواهُ ، ومِنْ عَقْلِهِ اِنْصافُهُ مِنْ نَفْسِهِ ، ومِنْ حِلْمِهِ تَرْكُهُ الْغَضَبَ عِنْدَ مُخالَفَتِهِ ، ومِنْ صَلاحِهِ شِدَّةُ خَوْفِهِ مِنْ ذُنُوبِهِ ، ومِنْ شُكْرِهِ مَعْرِفَةُ اِحْسانِ مَنْ اَحْسَنَ اِلَيْهِ ، ومِنْ تَواضُعِهِ مَعْرِفَتُهُ بِقَدْرِهِ ، وحَسْبُهُ مِنْ كَمالِ الْمُرُوَّةِ تَرْكُهُ ما لا يَجْمُلُ بِهِ ، ومِنَ الْحَيآءِ اَنْ لا يَلْقى‏ اَحَداً بِما يَكْرَهُ ، ومِنَ الْأَدَبِ اَنْ لا يَتْرُكَ ما لا بُدَّ مِنْهُ .

وقال عليه السّلام : اِذا وُضِعَ الْمَيِّتُ في‏ قَبْرِهِ اعْتَوَرَتْهُ نيرانٌ اَرْبَعُ ، فَتَجيئُ الصَّلوةُ فَتُطْفِئُ واحِدَةً ، وتَجيئُ الصَّوْمُ فَيُطْفِئُ واحِدَةً ، وتَجيى‏ءُ الصَّدَقَةُ فَتُطْفي‏ءُ واحِدَةَ ، ويَجيى‏ءُ الْعِلْمُ فَيُطْفِئُ الرَّابِعَةَ . ويقول : لَواَدْرَكْتُهُنَّ لَاَطْفَاْتُهُنَّ كُلَّهُنَّ ، فَقَرَّ عَيْناً فَاَنَا مَعَكَ ، ولَنْ تَرى‏ بُؤساً .

وقال عليه السّلام : لابُدَّ لَكَ مِنْ رَفيقٍ في‏ قَبْرِكَ , فاجْعَلْهُ حَسَنَ الْوَجْهِ ، طَيِّبَ الرّيحِ ، وهُوالْعَمَلُ الصَّالِحُ .

وقال عليه السّلام : مِنْ شَرَفِ هذِهِ الْكَلِمَةِ ، وهِىَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ ، اَنَّ اللَّهَ تَعالى‏ جَعَلَها فاتِحَةَ كِتابِهِ ، وجَعَلَها خاتِمَةَ دَعْوى‏ اَهْلِ جَنَّتِهِ ، فقال : اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ .

وقال عليه السّلام حين لامته سيّدة نساءِ العالمين الصّدّيقة فاطمة عليها السّلام على‏ قعوده ، واطالت تعنيفه ، وهوساكت حتّى‏ اذّن مؤذّن ، فلمّا بلغ الى‏ قوله : اَشْهَدُ اَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ، قال لها : اَتُحِبّينَ اَنْ تَزُولَ هذِهِ الدَّعْوَةُ مِنَ الدُّنْيا ؟

قالت : لا ، قال : فَهُوما اَقُولُ لَكِ .

وقال عليه السّلام : خُذِ الْحِكْمَةَ اَنّى‏ اَتَتْكَ ، فَاِنَّ الْكَلِمَةَ مِنَ الْحِكْمَةِ تَكُونُ في‏ صَدْرِ الْمُنافِقِ ، فَتَلَجْلَجُ في‏ صَدْرِهِ حَتّى‏ تَسْكُنَ اِلى‏ صاحِبِها [٣].

وقال يهودىّ له عليه السلام : اختلفتم بعد نبيّكم ولم يجفّ مآؤهُ يعنى‏ غسله صلّى اللّه عليه واله فقال عليه السّلام : واَنْتُمْ قلْتُمْ اِجْعَلْ لَنا اِلهاً كَما لَهُمْ الِهَةٌ ولَمَّا يَجُفَّ مآؤُكُمْ . وروى بوجه اخر في النّهج قال ع لبعض اليهود لمّا قال له عليه السلام ما دفنتم نبيّكم حتّى اختلفتم فيه فقال عليه السلام له : اِنَّمَا اخْتَلَفْنا عَنْهُ لا فيهِ ، ولكِنَّكمْ ما جَفَّتْ اَرْجُلُكُمْ مِنَ الْبَحْرِ حَتّى‏ قُلْتُمْ لِنَبِيِّكُمْ : اِجْعَلْ لَنا اِلهاً كَما لَهُمْ الِهَةٌ قالَ اِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ [٤] .

وقال عليه السّلام : اِنَّ مَنْ ظَفَرَ مِنَ الدُّنْيا بِاَعْلى‏ واَعْظَمَ اُمْنِيَّةٍ ، لَيْسَ كاخَرَ ظَفَرَ مِنَ الْاخِرَةِ بِاَدْوَنِ دَرَجاتِ اَهْلِ الثَّوابِ ، لا مُناسَبَةَ ولا قِياسَ بَيْنَ نَعيمِ الدُّنْيا والْأخِرَةِ

وقال عليه السّلام : ما مِنْ يَوْمٍ اِلاَّ يَتَصَفَّحُ مَلَكُ الْمَوْتِ فيهِ وُجُوهَ الْخَلآئِقِ ، فَمَنْ رَاهُ عَلى‏ مَعْصِيَةٍ اَولَهْو، اَورَءاهُ ضاحِكاً فَرِحاً ، قالَ لَهُ يا مِسْكينُ : ما اَغْفَلَكَ عَمَّا يُرادُ بِكَ اِعْمَلْ ما شِئْتَ ، فَاِنَّ لى‏ فيكَ غَمْرَةً اَقْطَعُ بِها وَتينَكَ [٥].

قال الحميدي في‏ شرح النّهج ج ١٩ ط مصر : ما احسن قوله : اختلفنا عنه لا فيه لأنّ الاختلاف لم يكن في التّوحيد والنّبوّة ، بل في‏ فروع خارجة عن ذلك نحوالامامة والارث ، والخلافِ في الزّكوة هل هى واجبة ام لا ، واليهود لم يختلفوا كذلك بل في التّوحيد الّذى‏ هو الأصل .

قال المفسّرون : مرّوا على‏ قوم يعبدون اصناماً لهم على‏ هيئة البقرة ، فسألوا موسى ان يجعل لهُم الهاً كواحد منها بعد مشاهدتهم الأيات والأعلام وخلاصهم من رقّ العبوديّة ، وعبورهم البحر ومشاهدة غرق فرعون ، وهذه غاية الجهل .

وقال عليه السّلام : طَلَبْتُ الرَّاحَةَ لِنَفْسى‏ ، فَلَمْ اَجِدْ شَيْئاً اَرْوَحَ مِنْ تَرْكِ ما لا يَعْنينى‏ ، وتَوَحَّشْتُ في الْفَقْرِ الْبَلْقَعَ ، فَلَمْ اَرَ وَحْشَةً اَشَدَّ مِنْ قَرينِ السّوُءِ ، وشَهِدْتُ الزُّحُوفَ ، ولَقيتُ الْأَقْرانَ ، فَلَمْ اَرَ قِرْناً اَغْلَبَ مِنَ الْمَرْاَةِ ، ونَظَرْتُ اِلى‏ كُلِّ ما يُذِلُّ الْعَزيزَ ويُكْسِرُهُ ، فَلَمْ اَرَ شَيْئاً اَذَلَّ لَهُ ولا اَكْسَرَ مِنَ الْفافَةِ .

ونظر عليه السلام الى‏ رجل يغتاب اخر ، عند ابنه الحسن عليه السلام ، فقال عليه السّلام : يا بُنَىَّ نَزِّهْ سَمْعَكَ عَنْهُ ، فَاِنَّهُ نَظَرَ اِلى‏ اَخْبَثِ ما في‏ وِعآئِهِ ، فَاَفْرَغَهُ في‏ وِعائِكَ .

وقيل له عليه السلام : أىّ الأموُر اعجل عقوبة ، واسرع لصاحبها سرعة ؟

فقال عليه السّلام : ظُلْمُ مَنْ لا ناصِرَ لَهُ اِلاَّ اللَّهُ ، ومُجازاةُ النِّعَمِ بِالتَّقْصيرِ ، واسْتِطالَةُ الْغَنِىِّ عَلىَ الْفَقيرِ .

وقال عليه السّلام : تَعِسَ عَبْدُ الدّينارِ والدِّرْهَمِ تَعِسَ فَلاَ انْتَعَشَ ، وَشيكَ فَلاَ انْتَقَشَ [٦].

وقال عليه السّلام : مِسْكينُ ابْنُ ادَمَ ، لَهُ بَطْنٌ يَقُولُ اِمْلَاْني‏ واِلاَّ فَضَحْتُكَ ، واِذَا امْتَلَأَ يَقُولُ : فَرِّغْني‏ واِلاَّ فَضَحْتُكَ ، وهُواَبَداً بَيْنَ فَضيحَتَيْنِ .

وقال عليه السّلام : اَلدُّنْيا دارُ مَمَرٍّ ، والْأخِرَةُ دارُ مَقَرٍّ ، والنَّاسُ فيها رَجُلانِ : رَجُلٌ باعَ نَفْسَهُ فَاَوْبَقَها ، ورَجُلٌ ابْتاعَ نَفْسَهُ فَاَعْتَقَها .

وقال عليه السّلام : اِنَّ وَلِىَّ مُحَمَّدٍ ص مَنْ اَطاعَ اللَّهَ واِنْ بَعُدَتْ لُحْمَتُهُ ، واِنَّ عَدُو مُحَمَّدٍ ص مَنْ عَصَى اللَّهَ واِنْ قَرُبَتْ قَرابَتُهُ .

وقال عليه السّلام : اِنَّ الْمُؤْمِنَ لا يُصْبِحُ اِلاَّ خآئِفاً واِنْ كانَ مُحْسِناً ، ولا يُمْسى‏ اِلاَّ خآئِفاً واِنْ كانَ مُحْسِناً ، لِاَنَّهُ بَيْنَ اَمْرَيْنِ : بَيْنَ وَقْتٍ قَدْ مَضى‏ ، لا يَدْرى‏ مَا اللَّهُ صانِعٌ بِهِ ، وبَيْنَ اَجَلٍ قَدِ اقْتَرَبَ ، لا يَدْرى‏ ما يُصيبُهُ مِنَ الْهَلَكاتِ .

وقال عليه السّلام : كَرِهْتُ لَكُمْ اَنْ تَكُونُوا شَتَّامينَ ولكِنْ قُولُوا : اَللَّهُمَّ احْقِنْ دِمآءَنا ودِمآءَهُمْ ، واَصْلِحْ ذاتَ بَيْنِنا وبَيْنِهِمْ ، واهْدِهِمْ مِنْ ضَلالَتِهِمْ ، حَتّى‏ يَعْرِفَ الْحَقَّ مَنْ جَهِلَهُ ، ويَرْعَوِىَ عَنِ الْباطِلِ مَنْ لَجَّ بِهِ .

وقال عليه السّلام : جُمِعَ الْخَيْرُ كُلُّهُ في‏ ثَلاثِ خِصالٍ اَلنَّظَرُ والسُّكُوتُ والْكَلامُ ، فَكُلُّ نَظَرٍ لَيْسَ فيهِ اعْتِبارٌ فَهُوسَهْو، وكُلُّ سُكُوتٍ لَيْسَ فيهِ فِكْرَةٌ فَهُوغَفْلَةٌ ، وكُلُّ كَلامٍ لَيْسَ فيهِ ذِكْرٌ فَهُولَغْو، فَطُوبى‏ لِمَنْ كانَ نَظَرُهُ عَبْراً ، وسُكُوتُهُ فِكْراً ، وكَلامُهُ ذِكْراً ، وبَكى‏ عَلى‏ خَطيئَتِهِ ، واَمِنَ النَّاسُ مِنْ شَرِّهِ .

وقال له عُمر بن الخطّاب : قد مللت النّاس ، واحببت ان اُلْحَقَ بصاحبىّ . فقال عليه السّلام : اِنْ سَرَّكَ اللُّحُوقُ بِهِما فَقَصِّرْ اَمَلَكَ ، وكُلْ دُونَ الشَّبعِ ، واخْصفِ النَّعْلَ ، وكُنْ كَميشَ الْاِزارِ [٧]، مَرْقُوقَ الْقَميصِ ، تَلْحَقْ بِهِما .

وقال عليه السّلام : اِنَّ الْعَبْدَ لَيَحْرِمُ نَفْسَهُ الرِّزْقَ الْحَلالَ بِتَرْكِ الصَّبْرِ ، ولا يَزْدادُ عَلى‏ ما قُدِّرَ لَهُ [٨].

وقام اليه رجل من البصرة ، فقال يا امير المؤمنين اخبرنا عن الاخوان فقال عليه السّلام : اَلْاِخْوانُ صِنْفانِ : اِخْوانُ الثِّقَةِ ، واِخْوانُ الْمُكاشَرَةِ [٩]، فَاَمَّا اِخْوانُ الثِّقَةِ : فَهُمُ الْكَهْفُ والْجَناحُ ، والْأَهْلُ والْمالُ ، واِذا كُنْتَ مِنْ اَخيكَ عَنْ حَدِّ الثِّقَةِ ، فَابْذلْ لَهُ مالَكَ وبَدَنَكَ ، وصافِ مَنْ صافاهُ وعادِ مَنْ عاداهُ ، واكْتُمْ سِرَّهُ وعَيْبَهُ ، واَظْهِرْ مِنْهُ الْحُسْنَ .

واعْلَمْ اَيُّهَا السّآئِلُ ، اِنَّهُمْ اَقَلُّ مِنَ الْكِبْريتِ الْأَحْمَرِ ، واَمَّا اِخْوانُ الْمُكاشَرَةِ ، فَاِنَّكَ تُصيبُ مِنْهُمْ ، فَلا تَقْطَعَنَّ ذلِكَ مِنْهُمْ ، ولا تَطْلُبَنَّ ما وَرآءَ ذلِكَ مِنْ ضَميرِهِمْ وابْذلْ لَهُمْ ما بَذَلُوا لَكَ مِنْ طَلاقَةِ الْوَجْهِ واللِّسانِ .

وقال عليه السّلام : اِنَّ الدُّنْيا والْأخِرَةَ عَدُوَّانِ مُتَفاوِتانِ ، وسَبيلانِ مُخْتَلِفانِ ، فَمَنْ اَحَبَّ الدُّنْيا وتَوَلاَّها اَبْغَضَ الْأخِرَةَ وعاداها ، وهُما بِمَنْزِلَةِ الْمَشْرِقِ والْمَغْرِبِ ، والْماشى‏ بَيْنَهُما كُلَّما قَرُبَ مِنْ واحِدَةٍ بَعُدَ مِنَ الْأُخْرى‏ .

وقال عليه السّلام : اَلدُّنْيا ثَلاثَةُ اَيَّامٍ ، يَوْمٌ مَضى‏ بِما فيهِ فَلَيْسَ بِعآئِدٍ ، ويَوْمٌ اَنْتَ فيهِ يَحِقُّ عَلَيْكَ اغْتِنامُهُ ، ويَوْمٌ لا تَدْرى‏ مَنْ اَهْلُهُ ، ولَعَلَّكَ راحِلٌ فيه ، فَاَمَّا اَمْسِ فَحَكيمٌ مُؤَدِّبٌ ، واَمَّا الْيَوْمُ فَصَديقٌ مُوَدِّعٌ ، واَمَّا غَدٌ فَاِنَّما في‏ يَدَيْكَ مِنْهُ .

وصرع في‏ بعض حروبه رجلا ثمّ جلس على‏ صدره ليجتزّ رأسه حين القاه وان غبت شتم . فبصق ذلك الرّجل في‏ وجهه فقام عنه وتركه ، ولمَّا سُئِل عن ذلك بعد التّمكّن منه فقال عليه السّلام : اِغْتَظْتُ مِنْهُ ، فَخِفْتُ اِنْ قَتَلْتُهُ اَنْ يَكُونَ لِلْغَضَبِ والْغَيْظِ نَصيبٌ في‏ قَتْلِهِ ، وما كُنْتُ اُحِبُّ اَنْ اَقْتُلَهُ اِلاَّ خالِصاً لِلَّهِ تَعالى‏ .

---------------------------------------------------------
[١] . قال الحديدي في‏ شرح النّهج م ٤ ٣١٣ ط مصر : امّا هذه اللّفظة فلا نظير لها في الايجاز ، والدّلالة على المعنى ، وهي من الفاظه المعدودة .
[٢] . هذا حقيقة واقعيّة لا ينكرها احد نطق بها الامام علي عليه السّلام ، لأنّ كلّ واحد منّا اذا احترم غيره احترمه ، وهذا بالعكس : فانّ من لا يحترم لا يُحترم . وكما في المثل : من يزرع الثّوم ، لم يحصده ريحاناً .
[٣] . قال ابن قتيبة في‏ غريب الحديث : يريد الكلمة قد يعلمها المنافق فلا تزال تتحرّك في‏ صدره ولا تسكن حتّى يسمعها منه المؤمن اوالعالم فَيَعِيَها ويَثْقَفُها ويَفْقَهُها فتسكن في‏ صدره الى‏ اخواتها من كلم الحكمة .
[٤] . سورة الأعراف الأية ١٣٨ .
[٥] . الوتين : عرق في القلب اذا انقطع مات صاحبه .
[٦] . قال ابن الأثير في النّهاية : شيك اى اذا دخلت فيه شوكة ، لا اخرجها من موضعها ، وبه سمّى المنقاش الّذى‏ ينقش به .
[٧] . خصف النّعل : خرزها بالمخصف . ويقال كمش ازاره اذ قصّره .
[٨] . تفوّه به عليه السلام لمّا دخل المسجد وقال لرجل امسك علىّ بغلتى‏ ، فخلع لجامها وذهب به فخرج علىّ ع بعد ما قضى‏ صلاته وبيده درهمان ليدفعهما اليه مكافاة له ، فوجد البغلةُ عُطلاً فدفع الى احد غلمانه الدّرهمين ليشترى به لجاماً ، فصادف الغلام اللّجام المسروق في السّوق قد باعه الرّجل بدرهمين فاخذه بالدّرهمين وعاد الى‏ مولاه ، فقال علىّ ع تلك الكلمة . . .
[٩] . قال الزّمخشرى في‏ اساس اللّغة ج ٢ ص ٢٠٤ : كشر الرّجل الى‏ صاحبه تبسّم وكاشره ، وتقول : لمّا رانى كشروا واستبشروا . وقال المتلمّس : انّ شرّ النّاس من يكشر لي .

مقتبس من كتاب نهج البلاغة الثاني (جمع وتبويب الشيخ جعفر الحائري)

****************************