وقال (عليه السلام) : هَلَكَ فِي رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ غَال ، وَمُبْغِضٌ قَال .                
وقال (عليه السلام): مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ.                
وقال (عليه السلام): أَشَدُّ الذُّنُوبِ مَا اسْتَخَفَّ بِهِ صَاحِبُهُ.                
وقال (عليه السلام): الْحِلْمُ وَالاَْنَاةُ تَوْأَمَانِ يُنْتِجُهُمَا عُلُوُّ الْهِمَّةِ.                
وقال (عليه السلام): إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى أحَد أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ عَنْهُ سَلَبَتْهُ مَحَاسِنَ نَفْسِهِ .                
وقال (عليه السلام): مَنِ اتَّجَرَ بِغَيْرِ فِقْه ارْتَطَمَ فِي الرِّبَا.                
وقال (عليه السلام): زُهْدُكَ فِي رَاغِب فِيكَ نُقْصَانُ حَظّ، وَرَغْبَتُكَ فِي زَاهِد فِيكَ ذُلُّ نَفْس.                

Search form

إرسال الی صدیق
مختصر حول شروح نهج البلاغة

عبد الهادي الشريفي

لم ينل كتاب بشري على مدى التأريخ ما ناله كتاب « نهج البلاغة » من الإعجاب والتقدير والاهتمام من قبل العلماء والباحثين والأُدباء ؛ فقد اهتموا به شرحاً وتعليقاً وحفظاً وترجمة ودرساً، منذ عصر السيد الشريف وحتى اليوم، تجاوزت المئة شرحاً، عدا ما صنّف في خطبه ورسائله[١].

ولما يحتوي من معالم المعرفة وشتى الفنون، تنوّع شارحوه ومفسروه، فكان منهم الإمامي والشافعي والحنفي والزيدي والمعتزلي والأشعري، وكان منهم أيضاً الأديب والفيلسوف والمحدّث والمتكلّم والفقيه والمؤرّخ واللغوي، وما بين عربي وفارسي وتركي وهندي وغيرهم.

ولعل أفضل هذه الشروح وأعلاه وأبسطها وأمتنها وأحفلها بالعلوم والآداب والمعارف هو شرح عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد المعتزلي الشافعي (٦٥٦ هـ)، الذي صنّفه بأمر الوزير الفاضل العلقمي الأسدي، ثم زعم أنه لا يعلم أحداً سبقه إلى شرحه، غيرقطب الدين الراوندي الإمامي (٥۷۳ هـ) الذي أفرط ابن أبي الحديد في الزراية عليه ومناقضته في مواضع غير قليلة من صفحات شرحه يقول: « ولم يشرح هذا الكتاب قبلي ـ فيما أعلمه ـ إلاّ واحد ؛ وهو سعيد بن هبة اللّه بن الحسن الفقيه المعروف بالقطب الراوندي (٥۷۳ هـ) وكان من فقهاء الإمامية، ولم يكن من رجال هذا الكتاب... الخ[٢].

وزعمه هذا ليس بشيء بعد أن ثبت تاريخياً أنّه قد سبقه اثنا عشر شارحاً منذ عصر الرضي إلى عصر ابن أبي الحديد نفسه، ذكر المهتمون بشروح النهج اسماءهم وأسماء شروحهم وقد تجاهل ابن أبي الحديد ذلك[٣].

مضافاً إلى مَن صنّف في خطبه عليه السلام.

وفي هذا الشرح قد بسط ابن أبي الحديد القول في شرح كلام أمير المؤمنين عليه السلام في عشرين جزءاً، ومن محاسنه أيضاً رجوعه إلى نسخة نهج البلاغة التي بخطّ الشريف الرضي، واختار منها ما رواه في النهج[٤].

( فخرج هذا الكتاب كتاباً كاملاً في فَنّه، واحداً بين أبناء جنسه، مُمْتِعاً بمحاسنه ؛ جليلةً فوائدُه، شريفة مقاصده، عالية منزلته ومكانه ؛ ولا عجبَ أن يُتقرّب بسيّد الكتب إلى سيد الملوك، وبجامع الفضائل إلى جامع المناقب، وبواحد العصر إلى أوحد الدهر ؛ فالأشياء بأمثالها أليق، وإلى أشكالها أقرب ؛ وشِبْه الشيء إليه منجذِب، ونحوه دان ومقترب )[٥].

ولما فرغ من تأليفه سنة (٦٤۹ هـ) أنفذه على يد أخيه موفق الدين أبي المعالي أحمد إلى الوزير ابن العلقمي، فبعث إليه الوزير بمئة ألف وخلعة سنيّة من الملابس، وفرس عربي أصيل، فشكره ابن أبي الحديد وكتب إليه هذه القصيدة[٦]:

أيا ربَّ العباد رَفَعْتَ ضَبْعِي              وطُلْتَ بمنكبي وبللتَ ريقي
وزيغَ الأشعريّ كشفت عنّي   فلم أسلُك بُنَيَّاتِ الطَّريقِ
أحبُّ الإعتزالَ وناصريهِ   ذَوِي الألبابِ والنَّظَرِ الدقيقِ
فأهلُ العدلِ والتوحيدِ أهلي   ونعم فريقهمْ أبداً فَريقي
وشرح النهج لم اُدْرِكْهُ إلاّ   بعَونِكَ بعدَ مَجْهَدَةٍ وضِيقِ
تَمثَّلُ إذ بدَأت به لعيني   هُناكَ كذِرْوَةِ الطَّود السَّحيقِ
فتَمَّ بحُسنِ عونكَ وهو أنأى   من العيُّوقِ أو بيض الاَنُوقِ
بآل العلقميِّ ورت زنادي   وقامَت بين أهل الفضل سُوقِي
فكم ثوبٍ أنيقٍ نلتُ منهُم   ونلتُ بهم وكم طِرْفٍ عتِيقِ
أدامَ اللّه ُ دَوْلَتُهم وأنحى   على أعدائِهِم بالحنْفَقِيقِ[٧]
----------------------------------------------------
[١] . الذريعة، المحقق الطهراني ٤/۱٤٤ و ۱۴/۱۱۱ ـ ۱٦۱ ؛ ما هو نهج البلاغة، الشهرستاني، ص۱۳. الغدير، الأميني ٤/۱۸٦ ؛ مصادر نهج البلاغة وأسانيده، الحسيني الخطيب، ص۲٤۷ ـ ۲٥۷ ؛ الشريف الرضي، محمد هادي الأميني، ص۱٥۷ ؛ وفهرست الشيخ النجاشي ؛ وفهرست الشيخ الطوسي. وإن لم تصل إلينا كتبهم.
[٢] . شرح النهج ۱/٥.
[٣] . شرح النهج، ابن ميثم البحراني ۱ المقدمة ؛ وما هو نهج البلاغة، الشهرستاني، ص۱۳.
[٤] . شرح النهج، ابن أبي الحديد ۲۰/۹۳، ۱۸۰.
[٥] . شرح النهج، ۱/٤ ـ ٥.
[٦] . الحوادث، ابن الغوطي، ص۲۰۹، ۲۷۷، ۲۲۸ ؛ الكشكول، البحراني ۲/۱۱٦ ؛ روضات الجنات، الخوانساري ٥/۲۱.
[٧] . شرح النهج ۱/۱۰، ۱۱ المقدمة.
****************************