وقال (عليه السلام) : مَنْ عَظَّمَ صِغَارَ الْمَصَائِبِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِكِبَارِهَا .                
وقال (عليه السلام): ما أَنْقَضَ النَّوْمَ لِعَزَائِمِ الْيَوْمِ.                
وقال (عليه السلام): لَيْسَ بَلَدٌ بأَحَقَّ بِكَ مِنْ بَلَد، خَيْرُ الْبِلاَدِ مَا حَمَلَكَ.                
وقال (عليه السلام):مَنْ عَظَّمَ صِغَارَ الْمَصَائِبِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِكِبَارِهَا.                
وقال (عليه السلام): الرِّزْقُ رِزْقَانِ: طَالِبٌ، وَمَطْلُوبٌ، فَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا طَلَبَهُ الْمَوْتُ حَتَّى يُخْرِجَهُ عَنْهَا،مَنْ طَلَبَ الاْخِرَةَ طَلَبَتْهُ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رِزْقَهُ مِنْهَا.                
وقال (عليه السلام): لاَ خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ، كَمَا أنَّهُ لاَ خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ.                
وقال (عليه السلام): أَشَدُّ الذُّنُوبِ مَا اسْتَخَفَّ بِهِ صَاحِبُهُ.                

Search form

إرسال الی صدیق
مختصر مفيد عن الشّريف الرّضيّ – الرابع

ألقابه ومناصبه:

لقبه بهاء الدولة سنة ٣٨٨ بالشريف الأجل، وفي سنة ٣٩٢ بذي المنقبتين، وفي سنة ٣٩٨[١] بالرضي ذي الحسبين، وفي سنة ٤٠١ أمر أن تكون مخاطباته ومكاتباته بعنوان (الشريف الأجل) وهو أول من خوطب بذلك من الحضرة الملوكية.

إن المناصب والولايات كانت متكثرة على عهد سيدنا الشريف من الوزارة التنفيذية والتفويضية، والإمارة على البلاد بقسميها العامة والخاصة، والعامة بضربيها: استكفاء بعقد عن اختيار، واستيلاء بعقد عن اضطرار، والإمارة على جهاد المشركين بقسميها: المقصورة على سياسة الجيش وتدبير الحرب، والمفوض معها إلى الأمير جميع أحكامها من قسم الغنائم وعقد الصلح، والإمارة على قتال أهل الردة، وقتال أهل البغي، وقتال المحاربين، وولاية القضاء، وولاية المظالم، وولاية النقابة بقسميها: العامة والخاصة وولاية إمامة الصلوات، وإمارة الحج، وولاية الدواوين بأقسامها، وولاية الحسبة، وغيرها من الولايات.

فمنها ما كان يخص بالكتاب والأدباء، وآخر بالثقات ورجال العدل و النصفة، وثالث بالأماجد والأشراف والمترفين، ورابع بأباة الضيم وأصحاب البسالة والفروسية، وخامس بذوي الآراء والفكرة القوية والدهاة، وسادس بأعاظم العلويين وأعيان العترة النبوية، وسابع بالفقهاء وأئمة العلم والدين.

وهناك ما يخص بجامع تلكم الفضايل، ومجتمع هاتيك المآثر كسيدنا الشريف ذلك المثل الأعلى في الفضايل كلها فعلى الباحث عن مواقفه ومقاماته ونفسياته الكريمة أن يقرأ ولو بصورة مصغرة دروس المناصب التي كان يتولاها الشريف فعندئذ يجد صورة مكبرة تجاه عينيه ممثلة من العلم والفقه والحكمة والثقة والسداد والأنفة والفتوة والهيبة والعظمة والجلال والروعة والوفاء وعزة النفس والرأي و الحزم والعزم والبسالة والعفة والسودد والكرم والإباء والغنى عن أي أحد قد حليت بالأدب والشعر ولا يراها إلا مثال الشريف الرضي.

تولى الشريف بنقابة الطالبيين، وإمارة الحاج والنظر في المظالم سنة ٣٨٠ وهو ابن ٢١ عاما على عهد الطائع، وصدرت الأوامر بذلك من بهاء الدولة وهو بالبصرة سنة ٣٩٧، ثم عهد إليه في ١٦ محرم سنة ٤٠٣ بولاية أمور الطالبيين في جميع البلاد فدعي (نقيب النقباء) ويقال: إن تلك المرتبة لم يبلغها أحد من أهل البيت إلا الإمام علي بن موسى الرضا سلام الله عليه الذي كانت له ولاية عهد المأمون، وأتيحت للشريف الخلافة على الحرمين على عهد القادر كما في المجلد الأول من شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد وكان هو والولايات كما قيل:

لم تشيد له الولايات مجدا              لا ولا قيل: رفعت مقداره بل كساها
وقد تحزمها الدهر   جلالا وبهجة ونضاره

وذكر تحليل المناصب التي تولاها سيدنا الشريف وشروطها في تآليف علماء السلف وأفردوا فيها كتبا ونحن نأخذ مختصر ما في [الأحكام السلطانية] للماوردي المتوفى سنة ٤٥٠.

النقابة:

النقابة موضوعة على صيانة ذوي الأنساب الشريفة عن ولاية من لا يكافئهم في النسب، ولا يساويهم في الشرف، ليكون عليهم أحبى وأمره فيهم أمضى، وهي على ضربين: خاصة وعامة، وأما الخاصة فهو أن يقتصر بنظره على مجرد النقابة من غير تجاوز لها إلى حكم وإقامة حد فلا يكون العلم معتبرا في شروطها ويلزمه في النقابة على أهله من حقوق النظر اثنا عشر حقا:

١ - حفظ أنسابهم من داخل فيها وليس هو منها، أو خارج عنها وهو منها، فيلزمه حفظ الخارج منها كما يلزمه حفظ الداخل فيها ليكون النسب محفوظا على صحته معزوا إلى جهته.

٢ - تمييز بطونهم ومعرفة أنسابهم حتى لا يخفى عليه منهم بنو أب، ولا يتداخل سب في نسب، ويثبتهم في ديوانه على تمييز أنسابهم.

٣ - معرفة من ولد منهم من ذكر أو أنثى فيثبته، ومعرفة من مات منهم فيذكره، حتى لا يضيع نسب المولود إن لم يثبته، ولا يدعي نسب الميت غيره إن لم يذكره:

٤ - أن يأخذهم من الآداب بما يضاهي شرف أنسابهم وكرم محتدهم لتكون حشمتهم في النفوس موقورة وحرمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيهم محفوظة.

٥ - أن ينزههم عن المكاسب الدنيئة. ويمنعهم من المطالب الخبيثة: حتى لا يستقل منهم مبتذل، ولا يستضام منهم متذلل.

٦ - أن يكفهم عن ارتكاب المآثم، ويمنعهم من انتهاك المحارم، ليكونوا على الدين الذي نصره أغير، وللمنكر الذي أزالوه أنكر، حتى لا ينطق بذمهم لسان، ولا يشنأهم إنسان.

٧ - أن يمنعهم من التسلط على العامة لشرفهم والتشطط عليهم لنسبهم فيدعوهم ذلك إلى المقت والبغض، ويبعثهم على المناكرة والبعد، ويندبهم إلى استعطاف القلوب وتأليف النفوس، ليكون الميل إليهم أوفى والقلوب لهم أصفى.

٨ - أن يكون عونا لهم في استيفاء الحقوق حتى لا يضعفوا عنها، وعونا عليهم في أخذ الحقوق منهم حتى لا يمنعوا منها، ليصيروا بالمعونة لهم منتصفين، وبالمعونة عليهم منصفين.

٩ - أن ينوب عنهم في المطالبة بحقوقهم العامة في سهم ذوي القربى في الفيئ والغنيمة الذي لا يخص به أحدهم حتى يقسم بينهم بحسب ما أوجبه الله لهم.

١٠ - أن يمنع أياماهم أن يتزوجن إلا من الأكفاء لشرفهن على ساير النساء صيانة لأنسابهن، وتعظيما لحرمتهن، أن يزوجهن غير الولاة، أو ينكحهن غير الكفاة.

١١ - أن يقوم ذوي الهفوات منهم فيما سوى الحدود بما لا يبلغ به حدا، ولا ينهر به دما، ويقيل ذا الهيئة منهم عثرته، ويغفر بعد الوعظ زلته.

١٢ - مراعاة وقوفهم بحفظ أصولها وتنمية فروعها، وإذا لم يرد إليه جبايتها راعي الجباة لها فيما أخذوه وراعى قسمتها إذا قسموه وميز المستحقين لها إذا خصت، وراعى أوصافهم فيها إذا شرطت، حتى لا يخرج منهم مستحق، ولا يدخل فيها غير محق.

النقابة العامة:

فعمومها أن يرد إلى النقيب في النقابة عليهم مع ما قدمناه من حقوق النظر خمسة أشياء.

١ - الحكم بينهم فيما تنازعوا فيه.

٢ - الولاية على أيتامهم فيما ملكوه.

٣ - إقامة الحدود عليهم فيما ارتكبوه.

٤ - تزويج الأيامى اللاتي لا يتعين أوليائهن أو قد تعينوا فعضلوهن.

٥ - إيقاع الحجر على من عته منهم أو سفه، وفكه إذا أفاق ورشد.

فيصير بهذه الخمسة عام النقابة فيعتبر حينئذ في صحة نقابته وعقد ولايته أن يكون عالما من أهل الاجتهاد ليصح حكمه، وينفذ قضاؤه. إلى آخر ما في (الأحكام السلطانية) ص ٨٢ - ٨٦. وهذه النقابة هي التي كانت ولايتها لسيدنا المترجم.

ولاية المظالم:

نظر المظالم هو قود المتظالمين إلى التناصف بالرهبة، وزجر المتنازعين عن التجاهد بالهيبة، فكان من شروط الناظر فيها أن يكون جليل القدر، نافذ الأمر، عظيم الهيبة، ظاهر العفة، قليل الطمع، كثير الورع، لأنه يحتاج في نظره إلى سطوة الحماة، وثبت القضاة فيحتاج إلى الجميع بين صفات الفريقين، وأن يكون بجلالة القدر نافذ الأمر في الجهتين، فإن كان ممن يملك الأمور العامة كالوزراء والأمراء لم يحتج النظر فيها إلى تقليد وكان له بعموم ولايته النظر فيها، وإن كان ممن لم يفوض إليه عموم النظر احتاج إلى تقليد وتولية إذا اجتمعت فيه الشروط المتقدمة، وهذا إنما يصح فيمن يجوز أن يختار لولاية العهد، أو لوزارة التفويض، أو لإمارة الأقاليم، إذا كان نظره في المظالم عاما فإن اقتصر به على تنفيذ ما عجز القضاة عن

تنفيذه، وإمضاء ما قصرت يدهم عن إمضائه حاز أن يكون دون هذه الرتبة في القدر والخطر بعد أن لا تأخذه في الحق لومة لائم، ولا يستشفه الطمع إلى رشوة. إلى آخر ما في (الأحكام السلطانية) ص ٦٤ - ٨٢.

الولاية على الحج:

الولاية على الحج ضربان: أحدهما أن تكون على تسيير الحجيج، والثاني على إقامة الحج، فأما تسيير الحجيج فهو ولاية سياسة وزعامة وتدبير. والشروط المعتبرة في المولى أن يكون مطاعا ذا رأي وشجاعة وهيبة وهداية، والذي عليه في حقوق هذه الولاية عشرة أشياء.

١ - جمع الناس في مسيرهم ونزولهم حتى لا يتفرقوا فيخاف عليهم التوى والتغرير.

٢ - ترتيبهم في المسير والنزول بإعطاه كل طائفة منهم مقادا حتى يعرف كل فريق منهم مقاده إذا سار، ويألف مكانه إذا نزل، فلا يتنازعون فيه ولا يضلون عنه.

٣ - يرفق بهم في السير حتى لا يعجز عنه ضعيفهم، ولا يضل عنه منقطعهم، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: الضعيف أمير الرفقة. يريد أن من ضعف دوابه كان على القوم أن يسيروا بسيره.

٤ - أن يسلك بهم أوضح الطرق وأخصبها ويتجنب أجدبها وأوعرها.

٥ - أن يرتاد لهم المياه إذا انقطعت والمراعي إذا قلت.

٦ - أن يحرسهم إذا نزلوا ويحوطهم إذا رحلوا حتى لا يتخطفهم داعر ولا يطمع فيهم متلصص.

٧ - أن يمنع عنهم من يصدهم عن المسير، ويدفع عنهم من يحصرهم عن الحج بقتال إن قدر عليه، أو ببذل مال إن أجاب الحجيج إليه، ولا يسعه أن يجبر أحدا على بذل الخفارة أن امتنع منها، حتى يكون باذلا لها عفوا ومجيبا إليها طوعا، فإن بذل المال على التمكين من الحج لا يجب.

٨ - أن يصلح بين المتشاجرين ويتوسط بين المتنازعين، ولا يتعرض للحكم بينهم إجبارا إلا أن يفوض الحكم إليه، فيعتبر فيه أن يكون من أهله فيجوز له حينئذ الحكم بينهم، فإن دخلوا بلدا فيه حاكم جاز له ولحاكم البلد أن يحكم بينهم فأيهما

حكم نفذ حكمه.

٩ - أن يقوم زائغهم ويؤدب خائنهم ولا يتجاوز التعزير إلى الحد إلا أن يؤذن له فيستوفيه إن كان من أهل الاجتهاد فيه.

١٠ - أن يراعي اتساع الوقت حتى يؤمن الفوات ولا يلجئهم ضيقه إلى الحث في السير، فإذا وصل إلى الميقات أمهلهم للاحرام وإقامة سننه.

وأما الولاية على إقامة الحج فالوالي فيه بمنزلة الإمام في إقامة الصلوات، فمن شروط الولاية عليه مع الشروط المعتبرة في أئمة الصلوات أن يكون عالما بمناسك الحج وأحكامه، عارفا بمواقيته وأيامه، وتكون مدة ولايته مقدرة بسبعة أيام أولها من صلاة الظهر في اليوم السابع من ذي الحجة وآخرها يوم الثالث عشر من ذي الحجة، وعلى الذي يختص بولايته خمسة أحكام متفق عليها وسادس مختلف فيه ألا وهي:

١ - إشعار الناس بوقت إحرامهم والخروج إلى مشاعرهم ليكونوا له متبعين وبأفعاله مقتدين.

٢ - ترتيبهم للمناسك على ما استقر الشرع عليه لأنه متبوع فيها فلا يقدم مؤخرا ولا يؤخر مقدما سواء كان الترتيب مستحقا أو مستحبا.

٣ - تقدير المواقف بمقامه فيها ومسيره عنها كما تقدر صلاة المأمومين بصلاة الإمام.

٤ - إتباعه في الأركان المشروعة فيها، والتأمين على أدعيته بها ليتبعوه في القول كما اتبعوه في العمل.

٥ - إمامتهم في الصلوات. وأما السادس المختلف فيه: حكمه بين الحجيج فيما لا يتعلق بالحج، وإقامة التعزير والحد في مثله. ا هـ.

تولى الشريف الرضي هذه الإمارة منذ صباه في أكثر أيام حياته ووزيرا لأبيه ونائبا عنه، ومستقلا بها من سنة ٣٨٠، وله فيها مواقف عظيمة سجلها التاريخ وأبقى له ذكرى خالدة، قال أبو القاسم بن فهد الهاشمي في (إتحاف الورى بأخبار القرى) في حوادث سنة ٣٨٩: حج فيها الشريفان المرتضى والرضي فاعتقلهما في الطريق ابن الجراح الطائي فأعطياه تسعة آلاف دينار من أموالهما.

ولادته ووفاته:

ولد الشريف الرضي ببغداد سنة ٣٥٩ بإطباق من المؤرخين ونشأ بها[٢] وتوفي بها يوم الأحد ٦ محرم[٣] سنة ٤٠٦ كما في معجم النجاشي. وتاريخ بغداد للخطيب. و عمدة الطالب. والخلاصة. وغيرها.

فما في شذرات الذهب: إنه توفي بكرة الخميس. فهو من خطأ النساخ فإنه نقله عن تاريخ ابن خلكان وفي التاريخ: بكرة يوم الأحد. لا الخميس. وأما ما في (دائرة المعارف) لفريد وجدي ٤ ص ٢٥٣ من أنه توفي ٤٠٤ فأحسبه مأخوذا من شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، أو أنه خطأ من الناسخ، وقد أرخه فريد وجدي صحيحا في دائرة المعارف ج ٩ ص ٤٨٧ ب ٦ محرم سنة ٤٠٦، وقد رثى الشريف الرضي معاصره أبا الحسن أحمد بن علي البتي المتوفى سنة ٤٠٥ في شعبان بقصيدة توجد في ديوانه ج ١ ص ١٣٨، وقال جامع الديوان: وبعده بشهور توفي الرضي (رض).

وعند وفاته حضر إلى داره الوزير أبو غالب فخر الملك وسائر الوزراء والأعيان والأشراف والقضاة حفاة ومشاة وصلى عليه فخر الملك ودفن في داره الكائنة في محلة الكرخ بخط مسجد الأنباريين[٤] ولم يشهد جنازته أخوه الشريف المرتضى ولم يصل عليه ومضى من جزعه عليه إلى الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام لأنه لم يستطع أن ينظر إلى تابوته، ومضى فخر الملك بنفسه آخر النهار إلى أخيه المرتضى بالمشهد الكاظمي فألزمه بالعود إلى داره.

ذكر كثير من المؤلفين نقل جثمانه إلى كربلاء المشرفة بعد دفنه في داره بالكرخ فدفن عند أبيه أبي أحمد الحسين بن موسى، ويظهر من التاريخ أن قبره كان في القرون الوسطى مشهورا معروفا في الحائر المقدس قال صاحب (عمدة الطالب): وقبره في كربلاء ظاهر معروف.

وقال في ترجمة أخيه المرتضى: دفن عند أبيه وأخيه وقبورهم وهذا قريب إلى الاعتبار لأن بني إبراهيم المجاب قطنوا الحائر المقدس و جاوروا الإمام السبط سلام الله عليه فدفن فيه إبراهيم المذكور بمقربة مما يلي رأس قبر الإمام عليه السلام فاتخذ بنوه تربته مدفنا لهم، وكان من قطن منهم بغداد أو البصرة كبني موسى الأبرش ينقل بعد موته إلى تربة جده، وقد ثبت أن والد الشريف المترجم نقل إلى الحائر المقدس قبل دفنه ودفن بها، م - أو دفن في داره أولا ثم نقل إلى مشهد الحسين كما في (المنتظم) لابن الجوزي ٧ ص ٢٤٧] وصح أيضا نقل جثمان الشريف علم الهدى المرتضى إلى الحائر بعد دفنه في داره، وكانت تولية تلك التربة المقدسة بيدهم، وما كان يدفن هناك أي أحد إلا بإجازة منهم كما مر في ترجمة الوزير أبي العباس الضبي في هذا الجزء ص ١٠٦.

وقد رثى الشريف الرضي غير واحد ممن عاصروه وفي مقدمهم أخوه علم الهدى بقوله:

يا للرجال لفجعة جذمت يدي   ووددت لو ذهبت علي برأسي
ما زلت أحذر وقعها حتى أتت   فحسوتها في بعض ما أنا حاسي
ومطلتها زمنا فلما صممت   لم يجدني مطلي وطول مكاسي
لا تنكروا من فيض دمعي عبرة   فالدمع غير مساعد ومواسي
لله عمرك من قصير طاهر   ولرب عمر طال بالأدناس

وممن رثاه تلميذه في الأدب مهيار الديلمي المترجم في شعراء القرن الخامس رثاه بقصيدتين إحديهما ذات ٧٠ بيتا توجد في ديوانه ج ٣ ص ٣٦٦ مستهلها.

من جب غارب هاشم وسنامها؟!   ولوى لويا فاستزل مقامها؟!
وغزا قريشا بالبطاح فلفها   بيد؟! وقوض عزها وخيامها؟!
وأناخ في مضر بكلكل خسفه   يستام واحتملت له ما سامها؟!
من حل مكة فاستباح حريمها   والبيت يشهد واستحل حرامها؟!
ومضى بيثرب مذعجا ما شاء من   تلك القبور الطاهرات عظامها؟!
يبكي النبي ويستنيح لفاطم   بالطف في أبنائها أيامها
الدين ممنوع الحمى، من راعه؟!   والدار عالية البنا، من رامها؟!
أتناكرت أيدي الرجال سيوفها    فاستسلمت أم أنكرت إسلامها؟!؟!
أم غال ذا الحسبين حامي ذودها   قدر أراح على الغدو سوامها؟!

انتهى.

-----------------------------------------------
[١] . في البداية والنهاية ج ١١ ص ٣٣٥ سنة ٣٩٦.
[٢] . قال جرجي زيدان في تاريخ آداب اللغة ٢ ص ٢٥٧: وكان يقيم في سر من رأى (سامرا) وكم له لدة هذا في تاريخه مما يميط الستر عن جهله بتاريخ الشيعة ورجالهم.
[٣] . في تاريخ ابن خلكان: وقيل: في صفر. وفي تاريخ ابن كثير: خامس المحرم.
[٤] . ينسب إليهم لكثرة من سكنه منهم ظاهرة مشهورة. وقال الرفاعي المتوفى ٨٨٥ في (صحاح الأخبار) ص ٦٢: نقل المرتضى إلى مشهد الحسين بكربلا كأبيه وأخيه ودفن هناك وقبره ظاهر معروف.
****************************