من خطبة أميرالمؤمنين عليه السلام في استنفارالناس إلى أهل الشام
وأيمُ اللهِ إني لأظنَّ بكم ، أن لو حَمِسَ [١] الوغى واستحرَّالموتُ [٢] قد انفرجتم عن ابن ابي طالب انفراجَ الرأسِ [٣] واللهِ إن امراً يمكَّنُ عدوَّةُ من نفسه يعرُقٌ لحمَهُ [٤] ، ويهشمُ [٥] عظمهُ ، ويفري [٦] جلدّه ، لعظيم عجزُهُ ، ضعيفُ ما ضُمَّتْ [٧] عليه جوانحُ صدرِه [٨] أنتَ فَكُنُ ذاكَ إنْ شئْتَ فأمَّا أنا فواللهَّ دون أن أعطيَ ذلكَ ضربٌ بالمشرفيَّةِ [٩] تطيرُ منه فَرّاشُ الهامِ [١٠] ، وتطيعُ [١١] السواعدُ والأقدامُ ، ويفعلُ اللهُ بعد ذلك ما يشاءُ.
أيّها النَاسُ أنَّ لي عليكمُ حقَاً ، ولكم عليَّ حقَّ : فأمَّا حقَّكُم عليَّ فالنصيحةُ لكم ، وتوفيرُ فيئكُم [١٢] عليكم ، وتعليمْكم كيلا تجهلوا، وتأديبُكم كيما تعلموا ، وأما حقَّي عليكم فالوفاء بالبيعةِ ، والنصيحةُ في المشهدِ والغيبِ والإجابةُ حين أدعوكم ، والطاعةُ حين آمركُم.
بعد انصرافه عليه السلام من صفين
احمدُهُ استتماماً لنعمته ، واستلاماً [١٣] لعزّته ، واستعصاماً [١٤] مَن معصيته ، واستعينُهُ فاقةً [١٥] إلى كفايته : إنَّه لا يَضلُّ من هدَاهُ ولا يئلَ [١٦] من عادَاهُ ولا يفتقرُ من كَفاهُ فإنَّهُ أَرجحُ ما وُزِنَ [١٧] وأَفضلُ ما خُزنَ . [١٨]
وأشهدُ أنَ لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريِكَ لهُ ،شهادةً مُمتَحَناً [١٩] إخلاصُها ، مُعتَقَداً مُصَاصُهَا [٢٠] نتمسَّكُ بها أبداً ما أبقَانا ، وندّخرُها [٢١] لأهاويل [٢٢] ما يلقانا ، فإنَّها عزيمَةُ [٢٣] الإيمانٍ ، وفاتحةُ الإحسانٍ ، ومرضاةُ الَرحمنٍ ، ومدحرةُ [٢٤] الشَيطانِ.
نفحة من عرفان الأمير عليه السلام
أرجح ما وزن وأفضل ما خزن.
لما كان الضمير في الفعل يعود إلى الله سبحانه ، ولما كانت ذاته مقدسة عن الوزن والخزن لأنهما من صفات الأجسام والمادة فكأنه يقصد عليه السلام رجحان عرفانه في ميزان العقل إذ لا يوازنه عرفان ما عداه بل لا يخطرببال العارف عند الإخلاص سواه .
ويكون الخزن خزن ذلك العرفان في أسرارالنفوس القدسية .
رونق التوحيد
أشهد أن لا إله إلا الله.
إنها أشرف كلمة وُحَّد بها الخالق عزّاسمه لما تضمّنه تركيبها من حسن الوضع المؤدي للمقصود التام منها : فهي منطبقة على جميع مراتب التوحيد وقد جاء عن بعض العلماء أن الله تعالى جعل العذاب عذابين : أحدهما ، السيف في يد المسلمين والثاني عذاب الآخرة والسيف في غلاف يُرى والنارفي غلاف لا يُرى ، فقال تعالى لرسوله (ص) : من أخرج لسانه من الغلاف المرئي ، وهو الفم ، فقال : لا إله إلا الله أدخلّنا السيف في الغّمّد المرئي ، ومن أخرج لسان قلبه من الغلاف الذي لا يُرى وهو غلاف الشرك ، فقال لا إله الا الله أدخلنا سيف عذاب الآخرة في غمد الرحمة واحدة بواحدة جزاء ، ولا ظُلم اليوم .
اخلاص التوحيد
(شهادة ممتحناً إخلاصها معتقداً مصاصها)
هي مصدرلوصف بوصفين على غيرما للوصفين : فقد أراد عليه السلام أنه مختبرنفسه في إخلاص هذه الشهادة (شهادة أن لا إله إلا الله) واجد لها عارية عن شبهات الباطل معرضة عن كل حاضرسوى الحق سبحانه متمثَلةً فيها حلّيةُ التوحيد وخالصة مبرأة عن شوائب الشرك تسامى عن ذلك فهو أرفع من أن يشرك بالله طرفة عين فهو موحّد بالتوحيد المطلق ومخلص بالإخلاص المحقَّق .
عزائم التوحيد الأربع
(نتمسك بها ابداً ما ابقانا وندخرنا لاهاويل ما يلقانا).
يشيرعليه السلام إلى العزائم التي يجب على الموحد التمسك بها والحفاظ عليها وهي أربعة أمور:
أولها : عقيدة الإيمان والعزيمة ، أي التصميم عليها مع توابعها من قواعد الدين وفروعه للوصول إلى إخلاصها .
ثانيها : إنها فاتحة الإحسان لأنها كلمة افتتحت بها الشريعة المقدسة واستعد العبد بالسلوك في طريق اخلاصها لأفاضة إحسان الله ونعمه شيئاً فشيئاً .
ثالثها : أنها مرضاة الرحمن كما قال : اُمرت أن اقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ..
رابعها : أنها مدحرة الشيطانِ إذ أن غاية دعوة الشيطان الشرك الظاهر أوالخفي وهذه الكلمة إنما وضعت في مقابلة دعوته فظاهرها دافع لظاهرما يدعو إليه الشيطان ، وباطنها قامع لباطن ما يدعوإليه وكما أن الشرك على مراتب لا تتناهي فكذلك الإخلاص في هذه الكلمة فكل مرتبة إخلاص يسقط مقابلها مرتبة شرك ، والله المستعان .
نتابع تقديم كلام كتاب الله الناطق علي بن ابي طالب باب مدينة علم رسول الله (ص) وعيبة علمه .
فكلماته مصابيح يستضاء بها في الظلمات وسُلّم يعرج به السالك الى طباق السماوات ، ويكحّل القارىء بسواطع انواره ، فهو مسحة من الكلام الالهي وعبقة من الكلام النبوي .
وبما أنه عليه السلام قصد فيه جميع ما تضمنه الشرع الحكيم من قواعد وتدبيروقوانين وسنن وحكم إجتماعية وأخلاقية وسياسية وغير ذلك .
نعرض هذه الخطب الجليلة الشأن لعلنا نستقي بعضاً من فيضها الزاخر فنروي ضمائرنا وسرايرنا وننيربصايرنا ، في ظلمات الشهوات وغفلة من الأزمات في شرح مفرداتها وفهم ألفاظها ومكنوناتها معتمدين على الله راجين شفاعة المولى يوم الدين .
ثم جمع سبحانه من حزن الأرض [٢٥] وسهِلها وعذبها وسَبْخِها [٢٦] تربةً سنَها [٢٧] بالماء حتى خَلَصَتْ ولاطها بالبلةِ حتى لَزبْتْ [٢٨] قَبَلَّ منها صورة ذات انحاءٍ [٢٩] فمثُلَتْ إنساناً ذا أذهانٍ تُجيلُها وفكرِ يتصرّف بها وجوارح يختّدِمُها وأدواتٍ يقلّبها ومعرفةٍ يفرُقُ بها بين اَلحقّ والباطل .
واستأدّى [٣٠] الله سبحانه الملائكة وديعته لديهم وعهّد وصيَّته إليهم في الإذعان بالسجود له والخشوع التكرُّمه فقال سبحانه : (اسجدوا لآدمَ فسجدوا إلا ابليس) اعترنْهُ الحميّة [٣١] فأعطاهُ الله النَّظِرة [٣٢] فقال : (إنَّك من المُنظَرين إلى يوم الوقت المعلوم) .
ثم أسكنَ سبحانَه آدم داراً أرغدَ فيها عيشه ، وآمنَ فيها محلته وحذّره إبليس وعداوتّه فاغترّْهُ عدوه نَفاسةُ [٣٣] عليه بدارٍ المقام ومرافقة الأبرار فباعَ اليقين بشكهِ ، والعزيمةَ [٣٤] بوهنهِ ثم بسطّ الله سبحانهُ له في توبته ولقّاه كلمة رحمتِهِ ووعده المردَ إلى جنَته وأهبطهُ إلى دارالبلية ، وتناسُلِ الذرية.
مفردات من الخطبة الشقشقية
أما والله لقد تَقَمَّصَها [٣٥] فلانٌ [٣٦] ، وإنَّه ليعلمُ أنَّ محلّي منها محلُّ القُطبِ [٣٧] مِنَ الرَّحى، ينحدرُعنّي السيلُ ، ولا يَرقَى إليَّ الطيرُ، فسدلتُ دونَها ثوباً وطَويْتُ عنها كَشْحاً [٣٨] ، وطفقْتُ أرتأي [٣٩] بينَ انْ أصولَ بيدٍ جذّاءَ [٤٠] ، أو أصبرَعلى طخْيهِ عمياءَ [٤١] يهرمُ فيها الكبيرُ، ويشيبُ فيها الصغيرُ، ويكدحُ فيها مؤمنٌ حتى يلقى ربَّهُ فرأيتُ أنَّ الصبرَعلى هاتَا أحجى [٤٢] ، فصبرْتُ وفي العين قذىَ [٤٣] ، وفي الحلق شجاَ [٤٤] ، أرى تُراثي [٤٥] نَهْباً ، حتى مضى الأوّلُ لسبيله فأدلى [٤٦] بها إلى فلانِ بعدَهُ.
بلاغة التشبيه : (الناظم والمنظم)
محلي منها محل القطب من الرحى.
شبّه نفسه الشريف بالقطب والخلافة بالرحى .
فالقطب هوالمنظم لأعمال الرحى ، بما أنه الناظم والمنظم لأمورالمسلمين والرحى مسرح الأحداث والأعمال والخلافة وما يجري فيها وعليها من سياسات وإعمال فلا أحد يمكنه القيام مقامه كما أنه لا يمكن لأي شيء أن يكون مكان القطب لأنه يعطّل عمل الرحى .
كناية ما بعدها كناية : (الحال وسوء الرؤية)
طفقت أرتاي بين أن أصول بيد جذّاء أوأصبرعلى طخية عمياء .
وصف حاله بعد سلب الخلافة ، أنه بين خطرين كل منهما اشد من الآخر:
أ - الوقوف بوجه السالبين مع قطع يده عن المواجهة (وهو كناية عن قلة الناصرين) ، وهذا يعني التشويش لنظام المسلمين .
ب - ترك ذلك فيلزمه الصبرالشديد على مشاهدة حال الالتباس الحاصل عند المسلمين (ظلمة شديدة) وعدم تمييزالحق عن الباطل .
بلاغة الاستعارة : (شرف وعلوالمقام)
ينحدرعني السيل ولا يرقى إلىّ الطير
ترقّى في الوصف والرّفعة في الشأن فقد استعار لنفسه صفتين شريفتين وهو محلهما فعلاً :
أ - صفة الجبل العالي الأشم وفيه كناية عن فيضان العلوم وانحدارها الى الآخرين بما في ذلك السياسات والتدبيرات .
ب - العلو الذي لا يصل إليه أحد ، وفيه كناية عن استحالة الدنو من مرتبة لأشرف الناس فقد امتاز به وحده رسول الله (ص) .
لغة مفعمة : (ميراث يُسرق منه)
أرى تراثي نهباً .
التراث وهو ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وآله :
فإما أن يكون أرض فدك وإما الخلافة التي أوصى بها إليه عليه السلام فيصدق عليه لفظ الإرث فقد جاء في قول الله تعالى حكاية عن زكريا عليه السلام :(يرثني ويرث من آل يعقوب) فالمقصود ميراث العلم والمنصب وهوالنبوة ، وهنا الإمامة .
مفردات من الخطبة الثالثة الشقشقية
لكنّي أسففْتُ [٤٧] إذ أسفَّوا ، وطرتُ إذ طارُوا فصغى رجلٌ منهم لضِغنِه [٤٨] ومال الآخرُ لصهره ، مع هَنِ وهن [٤٩] ، إلى أنْ قامَ ثالثُ القومِ نافجاً حُضنيه [٥٠] ، بينَ نَثيلِهِ [٥١] ومعُتلَفِهِ ، وقام معهُ بنو أبيهِ يخضمونَ [٥٢] مالَ الله خِضمة الإبل نبتةَ الربيع ، إلى أن انتكثَ فتلُهُ [٥٣] وأجهزَعليه عملُهُ ، وكبتْ عليه بطنتُه [٥٤] فما راعَني إلاَّ والناسُ كعُرفِ الضبع إليَّ ، ينثالون [٥٥] عليَّ من كلّ جانبٍ حتى لقدْ وُطيِءَ الحسنان وشُقَّ عِطفايَ [٥٦] ، مجتمعينَ حولي كربيضةِ الغنمِ [٥٧] فلما نهضتُ بالأمر نكثَتُ طائفةٌ ومرقَتْ أخرى ، وقَسطَ آخرون كأنهم لم يسمعُوا كلامَ الله حيث يقول : (تلك الدَّارُ الآخرةُ نجعلُها للذين لا يريدون علّواَ في الأرض ولا فساداً والعاقبةُ لِلمتقين) . بلى والله لقدْ سمعوهَا ووعَوها ، ولكنَّهم حَليَتْ الدَّنيا في أعينهم ، وراقَهُم زبرجهُا [٥٨].
تشبيه بليغ
يخضمون مال الله تعالى خضم الإبل نبتة الربيع .
شبّه عليه السلام خضمهم لمال الله بخضم الإبل نبتة الربيع ، فكما أنَّ الإبل تستلذّ نبت الربيع بشهوة صادقة وتملأ منه أحناكها وبطونها بعد يباس طويل كذلك أقارب الخليفة يستلذون بأخذهم من بيت مال المسلمين بعد ضرهم وفقرهم ، وكما أن نبت الربيع طيب نضركذلك مال الله الكثير الطيب وهو في كل ذلك يقصد الذم والتوبيخ لارتكابهم مناهي الله ، ولعدم أهليته للخلافة .
الناس والبيعة للأمام عليه السلام
فما راعني إلاّ والناس كعرف الضبع إليَّ ينثالون عليَّ من كل جانب .
يشيرعليه السلام للبيعة بعد مقتل عثمان، وهويشبه إقبالهم إليه وازدحامهم عليه كعرف الضبع ، فالضبع ذات عرف كثيرقائم الشعروالعرب تسمى الضبع عرفاً لعظم عرفها ، فحال الناس في أقبالهم عليه متتابعين يتلوبعضهم بعضاً قياماً كعرف الضبع القائم الشعر والكثيف.
نبوءة رسول الله صلى الله عليه وآله في بيعة الامام علي عليه السلام
فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة ومرقت أخرى وفسق آخرون ج .
أراد بالناكثين طلحة والزبيرومن تبعهما لأنهم بايعوه ونقضوا بيعته عندما خرجواعليه ، وبالمارقين الخوارج ، وبالقاسطين الفاسقين أصحاب معاوية وقد سبق لرسول الله صلى الله عليه وآله أن أخبره بأنه سيقاتل الناكثين والمارقين والقاسطين بعده فقال صلى الله عليه وآله : يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، وأهل الشام هم الفاسقون لأنهم خرجواعن سنن الحق بمخالفة الامام عليه السلام والخروج عن طاعته .
تهكم في الإعذار كأنهم لم يسمعوا الله يقول : تلك الدارالآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواَ في الأرض.
كأني به عليه السلام ينبه الذين خرجوا عليه ومن تهييء له نفسه أنهم يسلكون طريق الحق بل انما يطلبون العلو والمفاخرة في الدنيا والذي يتبعه الفساد والاعراض عن الآخرة .
وقد قدّر(توقع) هذا العذر تهكماً منه عليه السلام بهم فلاعذر، في الحقيقة لفعلتهم فهم كاذبون حتماً في عذرهم وفي فعلتهم ، خاسرون في الدنيا وفي الآخرة لهم عذاب أليم .
مفردات من الخطبة الثالثة الشقشقية
أما والّذي فلقَ الحبة [٥٩] ، وبرأ النَّسمةَ [٦٠] لولا حضورُ الحاضرِ وقيامُ الحُجَّةِ بوجود النَّاصرِ ، وما أخذَ اللهُ على العلماء أنْ لا يقارَّوا [٦١] على كظِةِ ظالمٍ [٦٢] ، ولا سغبِ مظلوم [٦٣] لألقيْتُ حبلَهَا على غاربِهَا [٦٤] ، ولسقيْتُ آخرَها بكأسِ أوَّلهِا ، ولألفيتُمُ [٦٥] دنياكُمْ هذه أزهدُ عندي من عفطةِ عنزِ .
قالوا : وقامَ إليهِ رجلُ من أهلِ السَّوادِ عندَ بلوغِهِ إلى هذا الموضع منْ خطبَتِهِ فناولَهُ كتاباً ، فأقبلَ ينظُر فيهِ ، قالَ لَهُ ابنُ عباسٍ ، رضي الله عنهُ : يا أميرالمؤمنين ، لو أطردْتَ [٦٦] خطبتَكَ من حيثُ أفضيْتَ [٦٧] .
فقالَ : هيهات يا بن عباس تلك شقشقةٌ [٦٨]هدرّتْ [٦٩] ثم قرَّتْ [٧٠] .
قالَ ابنُ عباسٍ فوالله ما أسفْتُ على كلام قطَ كأسفي على هذا الكلام أنْ لا يكون أميرالمؤمنين عليه السلام بلغ منه حيثُ أرادَ .
قَسَمٌ ببدائع صنع الحكيم
أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة .
قسم عظيم بإضافة فالق الحبة وبارىء النسمة الى الله تعالى ، وقد خصهما بالتعظيم الى الله تعالى لما تشتملان عليه من لطف الخلقة وصغرالحجم من أسرارالحكمة وبدائع الصنع الدالة على وجود الصانع الحكيم ففالق الحب أي خالقه وهو فاطر الخلائق بقدرته أو شق الحب في وسطه كحبة الحنطة وغيرها وهي التي تصبح نبتة أوشجرة مثمرة فالطرف الأعلى للشق يخرج منه الشجرة الى الهواء والطرف الأسفل تتكون منه العروق وتمتد تحت الأرض وفي ذلك بدائع الحكمة الشاهدة بوجود المدبَّرالحكيم .
استعارة لحال الأمة
لألقيتَ حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها
استعارة لوصف الناقة للأمة أوالخلافة عن تركه لها ثم ترك الحبل للناقة وارسالها كترك الأمة واهمالها فلناقة يترك زمامها على غابها لترعى .
أما استعارة السقي للترك المذكور مع ذكر الكأس له ، فالسقي ينتج عنه السكر وعدم الوعي والإدراك فكان حال الأمة ، عند تركه لها كحال السكران وذلك لشدة حيرتهم وضلالهم .
لألفيتم دنياكم هذه أهون عندي من عفطة عنزِ.
قد يتوهم متوهم أنه عليه السلام طالب للدنيا ولها عنده قيمة إلاّ أن طلبه لها وحرصه على الإمرة ليس لذاتها بل لو لم يحضر الحاضر ولم يقم الناصر وما أخذ الله على العلماء من إنكارالمُنكْر إذا تمكّن من ذلك لترك الخلافة آخراً كما تركها أولاً فإن نظام الخلق وأجراء أمورهم على الحق والعدل مأخوذ على العلماء وواجب عليهم .
سلوني قبل أن تفقدوني
ما ورد في كتاب أحد أهل السواد إليه أثناء الخطبة
قيل إنّ في الكتاب الذي دفعه الرجل إليه عدة مسائل نذكر منها :
١- ما الحيوان الذي خرج من بطن حيوان آخر وليس بينها نسب ؟ أجاب عليه السلام : بأنه يونس بن متى عليه السلام خرج من بطن الحوت .
٢- ما الشيء الذي قليله مباح وكثيره حرام ؟ قال عليه السلام : هو نهرطالوت لقوله تعالى (إلاّ من اغترف غرفة بيده) .
٣- والعبادة التي لو فعلها واحد استحق العقوبة وان لم يفعلها استحق أيضاً العقوبة ؟ فأجاب بأنها صلاة السكارى .
---------------------------------------------------------------------------------
[١] . حمس الوغى : اشتداد الحرب وجلبة الأصوات - اقتراب الحرب - بدء الحرب .
[٢] . استحرّ الموت : حرارته وألمه - تحرّر- حار.
[٣] . انفراج الرأس : انقطاع الرأس - انفصاله عن الجسد - شدّة التفرّق .
[٤] . يعرق لحمه : يصيبه العرق - يُسلب ماله - تجريد العظم من اللحم .
[٥] . يهشم عظمه : يطحن - عظيم القتل - يتكسّر.
[٦] . يفري جلده : تمزيق الحال - يتحير- تقطيع الجلد
[٧] . ضّمّت : جمعت - حضنت - حوت وأطبقت .
[٨] . جوانح صدره : أطراف صدره - عظام صدره (كناية عن القلب) . جوانب صدره .
[٩] . ضرب بالمشرفية : سيوف منسوبة إلى قرية مشارف - من الأعالي - من الجوانب .
[١٠] . فراش الهام - الفراشات الطائرة - فراشات الرأس العظام الرقيقة .
[١١] . تطيع : تطير- تقطع - تسلب .
[١٢] . فيئكم : ظلالكم - الأموال والعطايا - خراجكم .
[١٣] . استسلاماً : رضىَّ - مصالحة - انقياداً وخضوعاً .
[١٤] . استعصاماً : استمساكاً - طلب اللّواذ والحماية . مِنعةً .
[١٥] . فاقة : فقراً وحاجةً - ترفُّعا على الآخرين - تميّزاً .
[١٦] . لا يئل : لا يرجع - يبادر- لا ينجو .
[١٧] . ارجح ما وزن : أثقل الموجودات - رجحان عرفان الله - أثبتها .
[١٨] . أفضل ما خزن : خزن العرفان في أسرارالنفوس القدسية - تغيرٌّ- مَنع .
[١٩] . ممتحناً : مصفّى - مختبراً - واقعاً في محنة .
[٢٠] . مصاصها : ممتليء الخَلق جبان - ما يُمصُّ من الشيء - مُصاص الشيء خالصه .
[٢١] . ندّخرها : نوفرها لوقت حاجاتها - نتحيّر فيها- نُذلها ونصغّرها .
[٢٢] . أهاويل : ج اهوال - ج هول : كل ما يخوّف - من الزينة - من الألوان .
[٢٣] . عزيمة : صبر- نيّة وإرادة - جّدّ .
[٢٤] . مدحرة : دفعة - ربّاه - محل الطرد والإبعاد .
[٢٥] . حزن الأرض : الأرض المرتفعة هي : المبعثرة أو المتعثرة ما غُلظ واشتد الحزينة .
[٢٦] . سبخها : الأرص السبخة هي : السائلة المالحة .
[٢٧] . سنها : المسنون : الطين الرطب المتغيّر المخلوط .
[٢٨] . لزبت : تراكمت ثبتت تماسكت .
[٢٩] . أنحاء ووصول : جمع حنو ووصل هي المفارق والجهات الحنان والعطف الجوانب والمفاصل .
[٣٠] . أستادى : استودع استعطى طلب الأداء .
[٣١] . أعترفه الحمية : جلّته العزة غشيته الأنفة غطته .
[٣٢] . النّظرة : الامهال والسخط الانتظار الرؤية .
[٣٣] . نفاسة من التنافس والمنافسة الشيء الرخيص الشيء الثمين .
[٣٤] . العزيمة : النية القوة الاهتمام
[٣٥] . تقمّصها : تقلّب فيها قلّدها تلبّسها .
[٣٦] . فلان : أبو بكر عمر عثمان .
[٣٧] . القطب من الرحى : النجم النيّر وتد الرحى التي تدورحوله سيّد القوم .
[٣٨] . كشحاً : بغضاً مقاطعة الكشح : الخاصرة .
[٣٩] . أرتأي : اُصابُ بالرئة أطلب الرأي الأصلي اتصدى .
[٤٠] . بيدِ جذّاء : يد مقطوعة ثابتة دائبة .
[٤١] . طخية عمياء : فتنة سحابة سوداء الظلمة الشديدة .
[٤٢] . أحجي : أشد حكمة وعقلاً أجدر متعمدة .
[٤٣] . قذى : إحتقار ما يؤذي العين ثقل .
[٤٤] . شجاَ : الحاجة القهر والغلبة غصّة الغين .
[٤٥] . تراثي : ميراثي رثائي نواحي .
[٤٦] . أدلى : ألقى أثبتها توسل وتشفّع .
[٤٧] . أسففتُ : اقتربت ودنوت طلبت الدني – تغيرت .
[٤٨] . ضغنه : إعوجاجه - حقده - ميله .
[٤٩] . هن وهن : هنا وهناك - الضعف والتعب - كناية عن الأمور الشريرة .
[٥٠] . نافجاَ حضنيه : رافعاً لهما - مفتخراً ومتكبراً - ثائراً .
[٥١] . نثيلِهِ : ما بقي من شحمه - ذراعا الواسعتان - روثه .
[٥٢] . يخضمون : يأكلون بشراهة ونهم - يكثرون العطاء - بوسعهم له الرزق .
[٥٣] . انتكث فتله : انتقض تدبيره - تشعث رأسه - انصرف أمره .
[٥٤] . بطنته : سعته - شرايينه - الإسراف في الشبع .
[٥٥] . ينثالون : يستخرجون . يتتابعون مزدحمين - يستقوون .
[٥٦] . شقَّ عطفاي : انشق طرفا ثوبي - انشق وسطي - خدش جانباي .
[٥٧] . ربيضة الغنم : كناية عن الغفلة والبلاهة - القطعة الرابضة من الغنم رقود الغنم .
[٥٨] . راقهم زبرجُها : أرتقوا إلى العلى - أعجبهم زينتها - صفا لهم زبرجها .
[٥٩] . فلق الحبة : الحذق في خلقها أوضحها ، شق أو خلق .
[٦٠] . برأ النسمة : خالق النسمة شفى تخلى عنها .
[٦١] . أن يقارّوا : أن يوافقوا أن لا يقيموا أن لا يرضوا .
[٦٢] . كظة ظالم : قوة ظلمه الكرب والثقل حبسه .
[٦٣] . سغب مظلوم : جوع مظلوم قوة ظلامته فقره .
[٦٤] . حبلها على غاربها : تركه هملاً قلبها لفّها .
[٦٥] . ألفيتم : صادفتم وجدتم تداركتم .
[٦٦] . أطردت : أبعدت أرسلت أتبعت الأول .
[٦٧] . أفضيت : قطعت ، نثرت فرّقت .
[٦٨] . شقشقة : شرافة ، فضيحة ، تشبيه بصوت الفحل.
[٦٩] . هدرت : صوت الشقشقة ، نعت سارت .
[٧٠] . قرّت : استقرت رضيت صوّتت مثلها .
انتهى .