جورج جرداق
واحذروا ما نزل بالاُمم قبلكم من المُثُلات لسوء أفعالهم ، فتذكروا في الخيروالشر أحوالهم ! واحذروا أن تكونوا أمثالهم ! واتّعظوا بمن كان قبلكم ، قبل أن يتّعظ بكم مَن بعدكم ! [١]
لاتقسروا أولادكم على أخلاقكم فإنهم مخلوقون لزمانٍ غير زمانكم ! [٢]
قلوب الرجال وحشيّة ، فمّن تألّفها أقبلتْ عليه. [٣]
لا تكنْ عبد غيرك وقد جعلك الله حرّاً! [٤]
كلُّ ما حملتَ عليه الحُرَّ الحَمَلَهُ ورآه زيادة في شرفه إلّاما حَطّهُ جزءاً من حريته ، فإنّه يأباه ولا يجيب إليه . [٥]
وليس لي أن أحملكم على ما تكرهون . [٦]
قد أذنتُ لك أن تكون على ما بدا لك . [٧]
الهمّ نصف الهرم. [٨]
لا اُعاقب على الظنّة . [٩]
لا يجوزالقصاص قبل الجناية. [١٠]
مَن تعاظم على الزمان أهانَه . أنهاك عن التسرّع في القول والعمل ! [١١]
اتّقوا اللهَ في عباده وبلاده فإنكم مسؤولون حتّى عن البقاع والبهائم ! [١٢]
والله لو اُعطيتُ الأقاليم السبعة بما تحتَ أفلاكها على أن أعصي الله في نملةٍ أسلبُها لبَّ شعيرةٍ ما فعلتُ . وإنّ دنياكم عندي أهونُ من ورقةٍ في فمٍ جرادة. [١٣]
طائفة من رسائله وعهوده ووصاياه
حقوق الإنسان :
راجع رسالة عليّ إلى الأشترالنخعي عامله على مصر، وقد أثْبتناها في باب ((عليّ وحقوق الإنسان)) تحت عنوان (( دستورالإمام في الولاة)) ، وهي من جلائل وصياه وأجمعها لقوانين المعاملات المدنية ، والحقوق العامّة والتصرّفات الخاصّة .
من وصيّة له إلى عسكره قبل لقاء العدوّ في صفّين :
لاتقاتلوهم حتى يبدأوكم ، فإذا كانت الهزيمة بإذن الله فلا تقتلو مدبراً ، ولا تصيبوا مُعوراً ، ولا تُجهزوا على جريح ، ولا تهيجو النساء بأذىً وإنْ شتمْنَ أعراضكم وسبّبْنَ أمراءَكم ! [١٤]
من كتاب له إلى زياد بن أبيه وهوعلى البصرة:
وإني اُقسم بالله صادقاً ، لَئن بلَغَني أنك خُنتَ من فَيْء المسلمين شيئاً صغيراً او كبيراً لأشُدّنَ عليك شدّة تدعُك قليلَ الوَفْر،ثقيلَ الظهر، ضئيلَ الأمرَ [١٥]
من عهدٍ له إلى محمد بن أبي بكرحين قلّده مصر:
فاخفضْ لهم جناحَك ، وابسطْ لهم وجهَك ، وآسِ بينهم في اللحظة والنظرة ، حتّى لايطمعَ العظماء في حيفك لهم ، ولاييأس الضعفاء من عدلك عليهم ! [١٦]
من وصية له كتبها لابنه الحسن من صفّين :
يابنيّ!اجعلْ نفسك ميزاناً فيما بينك وبين الناس ، فأحبِبْ لغيرك ما تُحبّ لنفسك، واكره له ما تكره لها ، ولا تظلمْ كما لا تحبّ أنْ تُظلَم وأحسِنْ كما تُحبّ أن يُحسَنَ إليك ، واستقبحْ من نفسك ما تستقبح من غيرك ، وارضَ من الناس بما ترضاه لهم من نفسك ، ولا تقلْ مالا تعلم وإن قَلّ ما تعلم ، ولا تقلْ مالا تحبّ إن يُقال لك .
ومًن ظَنّ بك خيراً فصدّق ظنّه ، ولا تُضيعنّ أخيط اتّكالاً على ما بينك وبينه ، فإنّه ليس لك بأخ مَن أضَعْتَ حقّه ، ولا يكنْ أهلك أشقى الخلق ، ولا يكوننّ أخوك على مقاطعتك أقوى منك على صلته ، وليكوننّ على الإساءة أقوى منك على الإحسان . [١٧]
من كتاب له إلى بعض عمّاله :
بلغني إنّك جرّدتَ الأرض فأخذتَ ما تحت قدميك ، وأكلتَ ما تحت يديك ، فارفع إليّ حسابكَ ! [١٨].
من كتاب له إلى المنذربن الجارود العبدي ، وقد خان الأمانات العامّة في بعض ما ولّاه من أعماله :
أمّا بعد ، فإنّ صلاح أبيك غرّني منك ، ظننتُ أنك تتّبع هديَه ، وتسلك سبيله . فإذا أنت فيما رٌقَّيَ إليّ عنك ،لا تدَعُ لهواك انقياداً . ولئِنْ كان ما بلغَني عنك حقّاً ، لَجَمَلُ أهلِك وشِسْعُ نَعلِك خيرٌ منك ! ومن كان بصفتك فليس بأهل أن يُسَدّ به ثغرٌ، أو ينفُذَ به أمرٌ، أو يُعلى له قدْر، أو يُشرك في أمانة ، أو يؤمَن على خيانة ،فأقبلْ إليَ حين يصل إليك كتابي هذا إن شاءالله . [١٩]
من كتاب له إلى العامل السابق نفسه :
كيف تُسيغ شراباً وطعاماً وأنت تعلم أنّك تأكل حراماً وتشرب حراماً ، وتبتاع الإماء من مال اليتامى والمساكين ؟ فاتّقِ الله وارددْ إلى هؤلاء القوم أموالهم ؛ فإنّك إن لم تفعل ثم أمكنني الله منك لأعذِرَنّ إلى الله فيك ، ولأضربنَّك بسيفي الذي ما ضربتُ به أحداً إلّا دخل النار. [٢٠]
من كتاب له إلى مِخْنَف بن سليم عامله على أصبهان وهمدان :
وإنّا قد هممنا بالمسيرإلى هؤلاء القوم الذين أستأثروا بالفيء ، وأماتوا الحق وأظهروا في الأرض الفساد واتخذوا القاسطين وليجةً فإذا ظالمٌ ساعدَهم على ظلمهم أحبّوه ، وتعاونا على الإثم وكانوا ظالمين . [٢١]
من كتاب له إلى عامله على أردشير وقد بلغه أن يقسّم الأموال في بني قومه :
بَلغَني عنك أمرّ إن كنتَ فعلتَه فقد أسخطتَ إلهك وأغضبتَ إمامك ، فَوالذي فَلَقَ الحبّة وبَرَأَ النسمة ، لئن كان ذلك حقَاً لَتَجِدَنّ بكّ عليّ هواناً ، ولَتَخِفّنَ عندي ميزاناً! [٢٢]
من كتاب له إلى عثمان بن حنيف الأنصاري ، وهو عامله على البصرة ، وقد بلغه أنّه دُعي إلى وليمة قوم من أهلها فمضى إليها :
وأمّا بعد، يا ابن حنيف ! فقد بلغني أنّ رجلاً من فِتْية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها تًستطاب لك الألوان ، وتنقل إليك الجفان ، وما ظننتُ أنّك تجيب إلى طعامِ قوم عائلُهم مجفوّ [٢٣] وغنيّهم مدعوّ .
إلاّ وإنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطِمْرَيه [٢٤] ومن طعمه بقرصيه ، إلا وإنّكم لا تقدرون على ذلك ، ولكنْ أعينوني بورع واجتهاد ، وعفّةٍ وسداد . فواللهِ ما كنزتُ من دنياكم تبراً ، ولا ادّخرتُ من غنائمها وَفراً ، ولا أعددت لبالي ثوبي طِمْراً.
ولوشئتُ لاهتديتُ الطريقَ إلى مصفّى هذا العسل ولباب هذا القمح ونسائج هذا القَزّ، ولكنْ هيهاتِ أن يغلبني هواي ، ويقودني جَشعي إلى تخيّرالأطعمة ، ولعلَ بالحجاز أو اليمامة من لا طمعَ له في القرص ، ولا عهدَ له بالشبَع . أوَ أبيتُ مبطاناً وحولي بطونٌ غرثى وأكبادٌ حَرّى؟ أأقنع من نفسي بأن أميرُالمؤمنين ولااُشاركهم مكاره الدهر؟
وكأني بقائلهم يقول: ((إذا كان هذا قوت ابن أبي طالب فقد قعد به الضعف عن قتال الأقران ومنازلة الشجعان!)) ألا وإنّ الشجرة البريّة أصلبُ عُوداً ، والروائع الخضٍرةُ أرقَ جلوداً، والنباتاتُ البدوية أقوى وقوداً ، وأبطأ خموداً . والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما ولّيتُ عنها . [٢٥]
من كتاب له إلى عمّاله على الخراج :
فأنصفوا الناس من أنفسكم، واصبروا لحوائجهم ، ولاتحسِموا أحداً عن حاجته ولا تحبسوه عن طلبته ، ولا تبيعُن للناس في الخراج كسوةً شتاءٍ ولا صيفٍ ولادابّة يعتملون عليها ، ولا تضربّن أحداً سوطاً لمكان درهم! [٢٦]
ومن كتاب له إلى سهل بن حنيف الأنصاري أيصاً ، وهوعامله على المدينة :
أمّا بعد ، فقد بلغني أن رجلاً ممَن قِبَلِك يتسلّلون إلى معاوية ، فلا تأسف على ما يفوتُك من عددهم ويذهب عنك من مددهم، فإنّما هم أهل دنيا مقبلون عليها ومسرعون إليها، وقد عرفوا العدل ورأوه وسمعوه ووعوه، وعلموا أنّ الناس عندنا في الحقّ اُسوةٌ، فهربو إلى الأثرة، فبعداً لهم وسحقاً! إنّهم – واللهِ – لم ينفروا من جَور، ولم يلحقوا بعدل! [٢٧]
من كتاب له إلى اُمراء الأجناد ، لمّا استخلف :
أمّا بعد ، فإنّما أهْلَكَ مَن كان قبلك أنَهم مَنَعْوا الناسَ الحقَّ فاشتروه [٢٨] ، وأخذوهم بالباطل فاقتدوه [٢٩] . [٣٠]
من كتاب له إلى أحد عمّاله :
أمّا بعد ، فلا يكن حظّك في ولايتك مالاً تستفيده ، ولا غيظاً تشفيه ، ولكنْ إماتهُ باطلٍ وإحياءُ حقّ! [٣١]
ومن كلام له قاله قبل موته على سبيل الوصية ، بعد أن ضربة ابن ملجم ، وفيه يأمرأهله وأتباعه بالعفوعن قاتله :
أنا بالأمس صاحبكم ، واليومَ عِبرةٌ لكم ، وغداً مفارقُكم . إن أبْقَ فأنا وليّ دمي ، وإن أفْنَ فالفناء ميعادي ، وإن أعْفُ فالعفوُ لي قربةٌ ، وهو لكم حسنةٌ ، فاعفوا! [٣٢]
من كتاب له إلى قثم بن العباس ، وهو عامله على مكّة :
أمّا بعد : فعلّم الجاهلَ ، وذاكرِ العالم ، ولا يكن لك إلى الناس سفيرإلّا لسانك ، ولاحاجب إلّا وجهك . ولاتحجُبَنّ ذا حاجةٍ عن لقائك بها ، فإنّها إن ذِيدَت عن أبوابك في أول وِزدها لم تُحمد ، فيما بعد ، على قضائها . وانظرإلى ما اجتمع عندك من مال الله فاصرفهْ إلى مَن قِبَلَك من ذوي العيال ؛ مُصيباً به مواضعَ الفاقة والخلّات . وما فضل عن ذلك فاحمله إلينا لنقسّمه في مَن قِبَلَنا . [٣٣]
من كتاب له إلى اُمرائه على الجيوش :
أمّا بعد : فإنّ حقّاً على الوالي أن لا يغيّره على رعيّته فَضلٌ ناله ، ولا طَولٌ خُصّ به ، وأن يزيده ما قَسَمَ الله له من نِعَمِه دُنوّاً من عباده وعطفاً على إخوانه .
إلّا وإنّ لكم عندي أن لا أحتجزّ دونكم سِرّاً إلّا في حزب ، ولا أطوي دونكم أمراً إلّا في حُكم ، ولا أؤخّر لكم حقّاً عن محلّه . وأن تكونوا عندي في الحقّ سواء . وإن أنتم لم تستقيموا على ذلك لم يكن أحد أهونَ عليّ ممَن اعوجّ منكم ، ثم اُعظِمُ له العقوبة ولا يجد عندي فيها رُخصةً . [٣٤]
طائفة من خطبه
يأ أشباه الرجال !
من خطبة له بعد أن غزا سفيان بن عوف من بني غامد ، بلدةَ الأنبارالواقعة على الشاطئ الشرقي للفرات ؛ وقد بعثه معاوية لشنّ الغارات على أطراف العراق تهويلاً على أهله :
وهذا أخو غامد قد وردتْ خيلُه الأنبار، وقد قتل حسّان بن حسّان البكريّ وأزال خيلّكم عن مسالحها [٣٥] . وقتل منكم رجالاً صالحين . ولقد بلغني أنّ الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة ، والأخرى المعاهدة [٣٦] فينتزع حِجْلَها [٣٧] وقُلْبها [٣٨]وقلائدَها ورِعاثَها [٣٩] ما تُمنَعُ منه إلّا بالاسترجاع والاسترحام [٤٠] . ثم انصرفوا وافرين ما نال رجلاً منهم كَلْمٌ ولا اٍریق لهم دم . فلو أنّ أمراً مسلماً مات من بعد هذا أسفاً ؛ ما كان به مَلوماً ، بل كان به عندي جديراً .
فيا عجباً ! والله ِ يميتُ القلبَ ويجلبُ الهمّ اجتماعُ هؤلاءِ على باطلهم ، وتفرّقُكم عن حقّكم . فقُبْحاً لكم وَتَرَحاً! [٤١] حين صرتم غَرضاً يُرمى : يُغارعليكم ولاتُغيرون ، وتُغزَون ولا تغزُون ، ويُعصى الله وترضّون ! أمرتُكم بالسيرإليهم في أيّام الصيف قلتم : هذه حمارّة القيظ [٤٢] أمهِلْنا يُسَبّغْ عنّا الحرّ [٤٣] ! وإذا أمرتُكم بالسيرإليهم في الشتاء قلتم : هذه صبارّة القُرّ [٤٤] أمهلْنا ينسلخ ْعنّا البرد ، كلّ هذا فراراً من الحرّ والقر، فأنتم واللهِ من السيف أفَرّ.
يا أشباه الرجال ولارجال ! حُلوم الأطفال وعقول ربّات الحجال [٤٥] ،لَوَدَدت أنّي أركُم ولم أعرفكم ! معرفةٌ ، واللهِ جرَتْ ندماً وأعقبتْ سَدَماً [٤٦] قاتَلكم الله !
لقد شحنتم صدري غيطاً وجرّعتموني نُغَبَ التهمام أنفاساً [٤٧] وأفسدتم عليَّ رأيي بالعصيان والخذلان ، حتى قالت قريش : إنّ ابن أبي طالب رجلُ شجاع ، ولكن لاعلمَ له بالحرب!
لله أبوهم ! وهل أحدٌ منهم أشدّ لها مراساً [٤٨] وأقدمُ فيها مقاماً مني ؟! لقد نهضتُ فيها وما بلغتُ العشرين ، وها أنا ذا قد ذرّفتُ على الستين [٤٩] ولكنْ لا رأيّ لمن لا يُطاع! [٥٠]
غيبة الناس
من كلام له في النهي عن غيبة الناس وحمة أهل الذنوب :
وإنّما ينبغي لأهل العصمة والمصنوع إليهم في السلامة أن يرحموا أهلَ الذنوب والمعصية ويكونَ الشكر هو الغالب عليهم وإلى جزلهم عنهم ، فكيف بالغائب الذي غاب أخاه وعَيرّه ببلواه؟ أما ذّكرَ موضعَ سَتْرِ الله عليه من ذنوبه ممّا هو أعظم من الذنب الذي غابّة به؟ وكيف يذمّه بذنبٍ قد رّكبَ مثله ؟! ياعبدالله! لا تعْجل في عيب أحدٍ بذنبه فلعلّه مغفورٌله . [٥١]
أقوْلاً بغيرعلم ؟
من خطبة له :
أيّها الناس! المجتمعةُ أبدانُهم ، المختلفة أهواؤهم : كلامكم يوهي الصُمّ الصَّلاب ، وفعلكمُ يُطمع الأعداء ما عزّت دعوة من دعاكم ، ولا استراح قلب من قاساكم ! أيّ دارٍبعد داركم تمنعون؟ ومع أيّ إمام بعدي تقاتلون؟ المغرور والله من غَرَرْتموه ، ومن فاز بكم فقد فاز واللهِ بالسهم الأخيّب.
أصبحتُ والله لا اُصدّق قولكم ، ولا أطمعُ في نصركم ، ولا أوعد العدّو بكم . ما بالكم؟ ما دواؤكم ؟ ما كبّكم ؟ القوم رجال أمثالكم أقوْلاً بغيرعلم ؟ وغفلةً من غير ورع ؟ وطمعاً في غيرحقّ ؟! [٥٢]
ويزداد الظالم عتوّاً !
ومن خطبة له :
أيّها الناس ! إنا قد أصبحنا في دهرٍ عَنود وزمنٍ كؤود ، يُعَدّ فيه المحسن مسيئاً، ويزداد الظالم عُتوّاً! لا ننتفع بما علمنا ولانسأل عمّا جلهنا ،ولا نتخوّف قارعةً حتّى تحلّ بنا. من الناس مَن لا يمنعه الفسادَ إلّا مهانةُ نفسه وكلالةُ حدّه [٥٣] ونضيضُ وَفْره [٥٤] .
ومنهم المُصْلِتُ لسيفه والمعلن بشرّه ، والمُجْلِبُ بخيله ورَجله ، قد أشرط نفسه لحُطام ينتهزه أو منبريْفرعُه [٥٥]. وَلَبِئسَ المتجر أن ترى الدنيا لنفسك ثمنا! [٥٦]
حُبّ السلم
من كلام له وقد استبطأ أصحابه إذنه له في القتال بصفّين !
أمّا قولكم : أكلّ ذلك كراهيةُ الموت؟ فواللهِ ما اُبالي أدلتُ على الموت أو خرج الموت إليّ! وأمّا قولكم : أشكّاً في أهل الشام؟ فواللهِ ما دفعتُ الحرب يوماً إلّا وأنا أطمع أن تلحق بي طائفةٌ فتهتدي بي وتعشو إلى ضوئي [٥٧]، وذلك أحبّ إليّ من أن أقاتلها على ضلالها،وإن كانت تبوءُ بآثامها! [٥٨]
أسفلكم أعلاكم
من كلام له يجري مجرى الخطبة ، لمّا بويع بالمدينة :
والذي بعثه بالحق ، لَتُغَرْبَلَنّ غربلةً ، وَلَتُساطَنّ سَوْطَ القِدرحتى يعود أسفلكم أعلاكم ، وأعلاكم أسفلكم ! والله ما كتمتُ وشمةً ، ولاكذبتُ كذبة ! [٥٩]
زجرالنفس
ومن خطبة له :
زِنُوا أنفسكم قبل أن توزَنوا ، وحاسبوها من قبل أن تحاسّبوا ، وتنفّسوا قبل ضيق الخناق ، وانقادوا قبل عُنف السّياق ، واعلموا أّنّه مّن لم يُعِنْ على نفسه حتى يكون له منها واعظٌ وزاجرٌ ؛ لم يكن له من غيرها زاجرٌولا واعظ! [٦٠]
عتب العاتب
من خطبة له لمّا اُريد على البيعة بعد قتل عثمان :
دعوني والتمسوا غيري فإنّا مستقبلون أمراً له وجوهٌ وألوان ؛ لاتقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول . وإنّ الآفاق قد أغامت والمحجّة قد تنكرّت ، واعلموا إن أجَبْتُكم ركبتُ بكم ما أعلم ، ولم اُصغِ إلى قول القائل وعتب العاتب . وإنْ تركتموني فإنا كأحَدِكم ، وَلعلّي أسمَعُكُم وأطوَعُكُم لمِن ولّيتموه أمرَكم . وإنا لكم وزيراً خيرٌلكم مني أميراً! [٦١]
-------------------------------------------------------------------------------
[١] . نهج البلاغة، الخطبة : ١٩٢ – ١٣ .
[٢] . شرح نهج البلاغة : ٢٠ / ٢٦٧ .
[٣] . نهج البلاغة، قصارالحكم : ٥٠ .
[٤] . شرح نهج البلاغة ،الكتاب : ٣١ – ٨٧ .
[٥] . شرح نهج البلاغة : ٢ / ٢٧٩ .
[٦] . نهج البلاغة، الخطبة : ٢٠٨ – ٢ .
[٧] . الإمامة والسياسة : ١ / ٥٠ وفيه : وكن من أمرك على ما بدا لك .
[٨] . نهج البلاغة، قصارالحكم : ١٤٣ ، ٤ / ٣٤ ، ومن لا يحضره الفقيه : ٤ /٤١٦ .
[٩] . الجمل، للمفيد : ٨٩ ، وفيه : يا ابن عباس ، اتأمرني بالظلم أبدأ ، وأعاقب على الظنّة...
[١٠] . بحارالأنوار: ٤٢ / ٢٧٩ ، وفيه: لا يجوز القصاص إلّا بعد الجناية،الأنوارالعلوية، للنقدي : ٣٧٤، كما في بحارالأنوار.
[١١] . نهج السعادة : ٨ / ١٣٩ ، الأمالي للشيخ الطوسي : ٧ ، وفيهما : أنهاك عن التسرع في القول والعمل .
[١٢] . نهج البلاغة ، الخطبة : ١٦٧، ٢ / ٨. ، شرح نهج البلاغة : ٩ / ٢٨٨ .
[١٣] . نهج البلاغة ، الخطبة ٢٢٤ ، ٢ / ٢١٨ ، رسائل المرتضى : ٣ / ١٤٠ ، الصراط المستقيم ، للعاملي : ١ /١٦٣ ، حلية الأبرارللبحراني : ٢ / ٢٠١ ، بحارالأنوار: ٤١ / ١٦٢ و ٧٢ / ٣٦٠ .
[١٤] . نهج البلاغة ، الكتاب : ١٤ – ٢ .
[١٥] . نهج البلاغة ، الكتاب : ٢٠ .
[١٦] . نهج البلاغة ، الكتاب : ٢٧ – ٢ ، والكتاب : ٤٦ – ٤.
[١٧] . نهج البلاغة ، الكتاب : ٣١ – ١٠٥ .
[١٨] . نهج البلاغة ، الكتاب : ٤٠ – ٢ .
[١٩] . نهج البلاغة ، الكتاب : ٧١ – ٤ .
[٢٠] . نهج البلاغة ، الكتاب : ٤١ – ١١ .
[٢١] . وقعة صفين، لنصر بن مزاحم:٤،المعيار والموازنة، للإسكافي: ٢٤، نهج السعادة: ٤ / ٢٢٤ ، بحارالأنوار: ٣٢ / ٤٠٠ .
[٢٢] . نهج البلاغة ، الكتاب : ٤٣ – ٣ .: محتاجهم .مجفو: مطرود.انظرمفردات الخطبة في نهج البلاغة .
[٢٣] . عائلهم : محتاجهم . مجفو : مطرود . انظر مفردات الخطبة في نهج البلاغة .
[٢٤] . الطمر: الثوب العتيق الخلق .النهاية في غريب الحديث : ٣ / ١٣٨ .
[٢٥] . نهج البلاغة ، الكتاب : ٤٥ – ١٩ .
[٢٦] . نهج البلاغة ، الكتاب : ٥١ – ٤ .
[٢٧] . نهج البلاغة ، الكتاب : ٧١ – ٤ .
[٢٨] . أي حجبوا عن الناس حقّهم ، فاضطرالناس لشراء الحقّ بالرشوة .
[٢٩] . أي : كلّفوهم بإتيان الباطل فأتوه ، فصارالباطل قدوة يتبعها الأبناء بعد الآباء.
[٣٠] . نهج البلاغة ، الكتاب : ٧٩ .
[٣١] . نهج السعادة : ٥ / ٣٤٨ .
[٣٢] . نهج البلاغة ، الكتاب : ٢٣ – ٣ .
[٣٣] . نهج البلاغة ، الكتاب : ٦٧ – ٤ .
[٣٤] . نهج البلاغة ، الكتاب : ٥٠ – ٦ .
[٣٥] . مسالحها : جمع مسلحة ، وهي الثغر والمرقب حيث يخشى طروق الأعداء.
[٣٦] . المعاهدة : الذمية ، أي الداخلة في ذمة المسلمين وفي حمايتهم ، وأهل الذمة هم أهل الكتاب من غيرالمسلمين .
[٣٧] . الحجل : الخلخال .الصحاح : ٤ / ٦٦٦ ، ماجة ((حجل)) .
[٣٨] . القلب ، بالضم ، كقفل : السوار. المنجد : ٦٤٩ .
[٣٩] . رِعاث جع رعثة : القرط. غريب الحديث : ١ / ١١٠ .
[٤٠] . الاسترجاع : ترديد الصوت بالبكاء ، والاسترحام : أن تناشدة الرحم .
[٤١] . ترحاً : هماً وحزناً. تاج العروس : ٢ / ١٢٧ .
[٤٢] . حمارّة القيظ ، بتشديد الراء : شدة الحر. النهاية في غريب الحديث : ١ / ٤٢٢ .
[٤٣] . يسبّخ : يخفف ويسكن . مجمع البحرين : ٢ / ٣٢٥ .
[٤٤] . القرّ: برد الشتاء .صبارة القر: بتشديد الراء : شدة القر.النهاية في غريب الحديث: ٣ / ٩.
[٤٥] . حجال : جمع حجلة وهي القبة، وموضع يزين بالستور،والثياب للعروس.وربات الحجال : النساء. لسان العرب : ١١ / ١٤٤ .
[٤٦] . السدم : الهم مع الأسف والغيظ . لسان العرب : ١٢ / ٢٨٣ .
[٤٧] . النغب : جمع نغبة وهي الجرعة . الصحاح : ١ / ٢٢٦ .التهمام : الهمّ الكثير.أنفاساً : أي جرعة بعد جرعة ، انظرمفردات الخطبة في نهج البلاغة .
[٤٨] . مراساً : مصدرمارس، أي عالج وزاول وعانى .المنجد : ٧٥٥ .
[٤٩] . ذرّفت على الستين : زدت عليها .غريب الحديث : ٢ / ١١٥ .
[٥٠] . نهج البلاغة، الخطبة : ٢٧ – ١٦ .
[٥١] . نهج البلاغة ، الخطبة : ١٤٠ – ٤ .
[٥٢] . نهج البلاغة ، الخطبة : ٢٩ – ٦ .
[٥٣] . کلالة حدّه : ضعف سلاحه عن القطع في أعدائه ، يُقال : كلّ السيف كلالةً إذا لم يقطع ، والمراد إعوازه من السلاح .انظرمفردت الخطبة في نهج البلاغة .
[٥٤] . نضيض وفره : قلّة ماله ، فالنضيض القليل ، والوفر: المال .
[٥٥] . منبر يفرعه – فّرَعَ المنبر- بالفاء : علاه .
[٥٦] . نهج البلاغة ، الخطبة : ٣٢ – ٥ .
[٥٧] . تعشو إلى ضوئي : تستدّل عليه ببصرضعيف .
[٥٨] . نهج البلاغة ، الخطبة : ٥٥ – ٢ .
[٥٩] . نهج البلاغة ،الخطبة : ١٦ – ٤ .
[٦٠] . نهج البلاغة ، الخطبة : ٩٠ – ٩ .
[٦١] . نهج البلاغة ، الخطبة : ٩٢ – ٣ .
يتبع .....