ممدوح الشيخ
"نهج البلاغة" مجموعة خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وأوامره وكتبه ورسائله وحكمه ومواعظه وهو من تأليف : الشريف الرضي أبي الحسن محمد بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام موسى الكاظم .
وأبواب الكتاب بعد مقدمة الشريف الرضي : باب المختار من خطبه وفيه ٢٤٠ خطبة، وباب المختار من كتبه أي رسائله وفيه ٧٩ رسالة، وباب المختار من حكمه وفيه ٤٨٨ حكمة، وفي المقدمة يقول الشريف الرضي: (ورأيتُ من بعد تسمية هذا الكتاب بـ "نهج البلاغة").
ومن أجمل ما ورد فيه :
مَنْ رَضِيَ عَنْ نَفْسِهِ كَثُرَ السَّاخِطُ عَلَيْهِ .
الْغِنَى فِي الْغُرْبَةِ وَطَنٌ، وَالْفَقْرُ فِي الْوَطَنِ غُرْبَةٌ .
إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى أحَد أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ عَنْهُ سَلَبَتْهُ مَحَاسِنَ نَفْسِهِ.
خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ.
إِذَا قَدَرْتَ عَلَى عَدُوِّكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكْراً لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ.
مِنْ كَفَّارَاتِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ إِغَاثَةُ الْمَلْهُوفِ، وَالتَّنْفِيسُ عَنِ الْمكْرُوبِ.
إِذَا رَأَيْتَ رَبَّكَ سُبْحَانَهُ يُتَابِعُ عَلَيْكَ نِعَمَهُ وَأَنْتَ تَعْصِيهِ فَاحْذَرْهُ.
أَفْضَلُ الزُّهْدِ إِخْفَاءُ الزُّهْدِ.
كُنْ سَمَحاً وَلاَ تَكُنْ مُبَذِّراً، وَكُنْ مُقَدِّراً وَلاَ تَكُنْ مُقَتِّراً.
إِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْكَذَّابِ، فَإِنَّهُ كَالسَّرَابِ يُقَرِّبُ عَلَيْكَ الْبَعِيدَ، وَيُبَعِّدُ عَلَيْكَ الْقَرِيبَ.
قَدْرُ الرَّجُلِ عَلَى قَدْرِ هِمَّتِهِ، وَصِدْقُهُ عَلَى قَدْرِ مُرُوءَتِهِ، وَشَجَاعَتُهُ عَلَى قَدْرِ أَنَفَتِهِ، عِفَّتُهُ عَلَى قَدْرِ غَيْرَتِهِ.
الصَّبْرُ صَبْرَانِ: صَبْرٌ عَلَى مَا تَكْرَهُ، وَصَبْرٌ عَمَّا تُحِبُّ.
لاَ تَسْتَحِ مِنْ إِعْطَاءِ الْقَلِيلِ، فَإِنَّ الْحِرْمَانَ أَقَلُّ مِنْهُ.
ولم يكن الشريف الرضي أول من جمع بعض خطب الإمام أمير المؤمنين بل سبقه آخرون تقدموا عليه بعشرات السنين وأولهم زيد بن وهب الجهني الذي شهد صفين وقال كان أول من جمع خطب علي في كتابه "الخُطب".
وقد استعان الرضي بالكتب الكثيرة التي كانت في متناول يده آنذاك فقد كانت بغداد آنذاك تزخر بالمكتبات العامة والخاصة الفريدة التي تضُمُّ كتباً كثيرة ومنها مكتبة أخيه السيد المرتضى علم الهدى وكانت تشتمل على ثمانين ألف مجلد.
وكلمات الإمام علي وخطبه ورسائله كانت قبل جمعها مبثوثة في ثنايا الكتب فما وصل من خطب للمؤرخ الشهير المسعودي (ت ٣٤٦ هجرية) كانت أربعمائة ونيف وثمانين.
ومن خير ما قيل عن الكتاب قول الإمام محمد عبده : "جمع الكتاب ما يمكن أن يعرض الكاتب والخاطب من أغراض الكلام، فيه الترغيب والتنفير والسياسات والجدليات والحقوق وأصول المدنية وقواعد العدالة والنصائح والمواعظ فلا يطلب الطالب طلبه إلا ويرى فيه أفضلها ولا تختلج فكرة إلا وجد فيه أكملها.. ..وليس في أهل هذه اللغة إلاّ قائل بأن كلام الإمام علي بن أبي طالب هو أشرف الكلام وأبلغه بعد كلام الله تعالى وكلام نبيه صلى الله عليه وآله وسلم".
وقد ألفت كتب عديدة لاستكمال جمع ما لم يجمعه الشريف الرضي منها "المستدرك" لهادي آل كاشف الغطاء و"نهج السعادة في مستدركات نهج البلاغة" للشيخ باقر المحمودي وغيرهما.
وأول من شرح (نهج البلاغة) علي بن ناصر مؤلف "أعلام نهج البلاغة" وكان من معاصري المؤلف نفسه.