وقال (عليه السلام): أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الاْخْوَانِ، وَأَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ .                
وقال (عليه السلام): يَهْلِكُ فِيَّ رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ مُفْرِطٌ، وَبَاهِتٌ مُفْتَر.                
وقال (عليه السلام): الدُّنْيَا خُلِقَتْ لِغَيْرِهَا، ولَمْ تُخْلَقْ لِنَفْسِهَا.                
وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                
وقال (عليه السلام): مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ.                
وقال (عليه السلام): لَيْسَ بَلَدٌ بأَحَقَّ بِكَ مِنْ بَلَد، خَيْرُ الْبِلاَدِ مَا حَمَلَكَ.                
وقال (عليه السلام):مَنْ عَظَّمَ صِغَارَ الْمَصَائِبِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِكِبَارِهَا.                

Search form

إرسال الی صدیق
من نوادر الكلم في نهج البلاغة (مقاربة دلالية) – الثالث

أ.م.د: عبد علي حسن ناعور الجاسمي

( ر و د )

قال (عليه السلام): (إِنَّ اسْتَعْدَادِي لِحَرْبِ أَهْلِ الشَّامِ وَجِرِيرٌ عِنْدَهُمْ، إِغْلاَقٌ لِلشَّامِ، وَصَرْفٌ لِأَهْلِهِ عَنْ خَيْرٍ إِنْ أَرادُوهُ، وَلكِنْ قَدْ وَقَّتُّ لِجَرِيرٍ وَقْتاً لاَ يُقِيمُ بَعْدَهُ إِلاَّ مَخْدُوعاً أَوْ عَاصِياً، وَالرَّأْيُ عِنْدِي مَعَ الْأَنَاةِ، فَأَرْوِدُوا، وَلاَ أَكْرَهُ لَكُمُ الْإِعْدَادَ.)  [١]

قال الخليل: " وإذا أرَدْتَ برُوَيْد المُهْلةَ والإِروادَ في الشيء فانصِبْ ونَوِّنْ، تقول: امشِ رُوَيداً يا فتى، وإذا عَمِلَ عَمَلاً، قُلتَ: رُوَيْداً رُوَيداً، أي أَرُودُ أَرُودُ في معنى رُوَيْداً المنصوبة."  [٢]

قال ابن فارس: " الرَّاءُ وَالْوَاوُ وَالدَّالُ مُعْظَمُ بَابِهِ يَدُلُّ عَلَى مَجِيءٍ وَذَهَابٍ مِنِ انْطِلَاقٍ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ... وَمِنَ الْبَابِ الْإِرْوَادُ فِي الْفِعْلِ: أَنْ يَكُونَ رُوَيْدًا. وَرَاوَدْتُهُ عَلَى أَنْ يَفْعَلَ كَذَا، إِذَا أَرَدْتُهُ عَلَى فِعْلِهِ. وَمِنَ الْبَابِ جَارِيَةٌ رُودٌ: شَابَّةٌ. وَتَكْبِيرُ رُوَيْدٍ رُودٌ. قَالَ:

ـــ من البسيط ـــ

كَأَنَّهَا مِثْلُ مَنْ يَمْشِي عَلَى رُودِ"  [٣]

ابن منظور: "والرَّودُ والرُّؤْدُ: المُهْلَة في الشيء. وقالوا: رُؤَيْداً أَي مَهلاً؛ قال ابن سيده: هذه حكاية أَهل اللغة، وأَما سيبويه فهو عنده اسم للفعل. وقالوا رُوْيداً أَي أَمهِلْه ولذلك لم يُثن ولم يُجْمع ولم يؤنث. وفلان يمشي على رُودٍ أَي على مَهَل... وتقول منه: أَرْوِدْ في السيرِ إِرْواداً ومُرْوَداً أَي ارفق؛ وقال امرُؤ القيس: [٤]

ـــ من المتقارب ـــ

جَوَادُ المَحَثَّةِ والمُرْوَدِ

وبفتح الميم أَيضاً مثل المُخْرَج والمَخرج؛ ... والإِرواد: الإِمهال، ولذلك قالوا رُوَيداً بدلاً من قولهم إِرْواداً التي بمعنى أَرْوِدْ، فكأَنه تصغير الترخيم بطرح جميع الزوائد، وهذا حكم هذا الضرب من التحقير [٥] .

... وتقول العرب أَروِدْ في معنى رويداً المنصوبة. ...أرْوِدُوا: ارفقُوا، أصله من أرْوَدَ في السير إرواداً، إذا سار برفق."  [٦]

جاء كلام الإمام في هذا النص حين أشار عليه أصحابه بالاستعداد لحرب أهل الشام بعد إرساله جرير بن عبدالله البجلي إلى معاوية. ولكنه كان يرى (الإرواد) أي: التمهل والروية، ليمنح أعداءه فرصة يراجعون بها موقفهم من الحرب لعل فيهم راشدا يمنع وقوعها، أو لعل خيرا يقع لأهلها مع هذه الفرصة.

( س ج س )

قال (عليه السلام): ( مَا أَنْتُمْ لي بِثِقَةٍ سَجِيسَ اللَّيَالي) [٧] .

قال ابن فارس: " ومما شذّ عن الأصل قولُهم: لا أفعل ذلك سَجِيسَ الليالي، وسَجِيسَ الأوْجَسِ، أي أبداً. وماءٌ سَجِس، أي متغيّر." [٨]

ابن منظور: " السَّجَسُ، بالتحريك: الماء المتغير... وقد سَجِسَ الماء، بالكسر؛ وقيل: سُجِّسَ الماء فهو مُسَجَّسٌ وسَجِيسٌ أُّفسد وثُوِّرَ. وسَجَّسَ المَنْهَلُ: أَنْتَنَ ماؤُه وأَجَنَ، وسَجَّسَ الإِبطُ والعِطْفُ كذلك؛ ...ويقال: لا آتيك سَجِيسَ الليالي أَي آخِرَها، وكذلك لا آتيك سَجِيسَ الأَوْجَسِ. ويقال: لا آتيك سَجِيسَ عُجَيْسٍ أَي الدهر كله... وقال الشَّنْفَرى: [٩]

ـــ من الطويل ـــ

هُنالِكَ لا أَرْجُو حَياةَ تَسُرُّني ***** سَجِيسَ الليالي مُبْسَلاً بالجرائِر

ومنه قيل للماء الراكد سَجِيسٌ لأَنه آخر ما يبقى..." [١٠]

عبارة أخرى من عبارات الإمام (عليه السلام) وهو يتذمر ممن لا ينصاع له في أمر ولا رغبة وهو أمير المؤمنين الذي عُقِدت له البيعة على الناس وألزموا أنفسهم بالطاعة له والانقياد لأمره، ولكنهم لم يفعلوا انقيادا للدنيا واتباعا للهوى.

( س ك ك )

قال (عليه السلام): (ثُمَّ أَنْشَأَ ـ سُبْحَانَهُ ـ فَتْقَ الْأَجْوَاءِ، وَشَقَّ الْأَرْجَاءِ، وَسَكَائِكَ الَهوَاءِ، فأَجْرَي فِيهَا مَاءً مُتَلاطِماً تَيَّارُهُ).  [١١]

قال الخليل: " والسُّكاكُ: الهواء."  [١٢]

قال ابن فارس: " والسّكّة: الطريقة المصطفّة من النخل. وسمّيت بذلك لتضايقها في استواء. ومن هذا اشتقاق سكّة الدراهم، وهي الحديدة؛ لتضايُق رَسم كتابتها... ومما شذّ عن الباب: السُّكاك: اللُّوح بين السّماء والأرض. والسُّكُّ: الذي يُتطيَّبُ به. ويقال إنَّه عربيٌّ صحيح." [١٣]

ابن منظور: " السُّكاك والسُّكاكة: الجَوُّ وهو ما بين السماء والأرض ؛ومنه حديث علي،(ع): شَقَّ الأَرجاءَ وسَكائِكَ الهواء؛ السكائك جمع السُّكاكَةِ وهي السُّكاكُ كذؤابة وذوائب. "  [١٤]

يذكر الإمام هنا ابتداءَ خلق السماءِ والاَرض، وخلق آدم (عليه السلام) وفيها ذكر الفرائض، وتحتوي على حمد الله، وخلق العالم، وخلق الملائكة، واختيار الانبياء، ومبعث النبي، والقرآن الكريم، والاحكام الشرعية. والسياق هنا يجري في ذكر الهواء والجو وما بين السماء والأرض.

( س هـ هـ )

قال (عليه السلام): (الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ.)  [١٥]

قال الخليل: "السَّهُ: حَلْقَةُ الدُّبُر... قال: [١٦]

ـــ من الطويل ـــ

شَــــأَتْكَ قُعَـــــيْنٌ غثُّهــــــا وســـــمـينُـهـا ***** وأنت السّهُ السُّفلَى إذا دعيتْ نَصْرُ " [١٧]

قال ابن منظور: "... روي عن النبي، (ص)، أَنه قال: (العَيْنانِ وِكاءُ السَّهِ) [١٨] فإذا نامتا اسْتَطْلَقَ الوِكاءُ؛ قال أَبو عبيد: السَّهُ حَلْقَةُ الدبر، قال الأَزهري: السَّهُ من الحروف الناقصةِ، وقد تقدّم ذلك في ترجمة سته لأَن أَصلها سَتَهٌ، بوزن فرس، وجمعها أَسْتاه كأَفراس، فحذفت الهاء وعوّض منها الهمزة، فقيل اسْتٌ، فإذا رَدَدْتَ إليها الهاء وهي لامها وحذفت العين التي هي التاء انحذفت الهمزة التي جيءَ بها عِوَضَ الهاء، فتقول سَهٌ، بفتح السين... ومعنى الحديث: أَن الإنسان مهما كان مستيقظاً كانت اسْتُه كالمشدودةِ المَوْكِيّ عليها، فإذا نام انْحَلَّ وِكاؤُها، كنى بهذا اللفظ عن الحَدَثِ وخروج الريح، وهو من أَحسن الكناياتِ وأَلطفها."  [١٩]

لقد ورد هذا القول في قصار الحكم للإمام أمير المؤمنين (عليه السلام). قال الرضي: " وهذه من الاستعارات العجيبة، كأنه شبّه السّهَ بالوعاء، والعين بالوكاء، فإذا أُطلق الوكاءُ لم ينضبطِ الوعاءُ و هذا القول في الأَشهر الأَظهر من كلام النبي (صلى الله عليه و آله وسلم)، وقد رواه قوم لأَمير المؤمنين عليه السلام." [٢٠] والوكاء: هو ما يُوكى به الوعاء أي: يُغلَق، وقد جاء في المثل: (يداكَ أوكتا وفوك نفَخَ) [٢١] أي: يداك أَغْلَقَتا وعاءك، وفمُك نَفَخَهُ. ومن يتفحص الكناية الواردة من هذه النصوص أن معنى كلام الإمام (عليه السلام) هو أن يتثبّت الإنسان مما حوله ولا يدخل مدخلا لا يعرف كيف يخرج منه، لأن عينه هي التي تُرشده الى مواطن الخير أو الشر، فإذا جعل عينه ميزانه ـــ كما يقولون ـــ صارت له هذه العين قُفلاً لبقية مواطن كلامه أو سلوكه، أي: سيبقى متيقظا لما حوله.

 ( ش ن خ ب )

قال (عليه السلام): ( وَعَدَّلَ حَرَكَاتِهَا بِالرَّاسَيَاتِ مِنْ جَلاَمِيدِهَا، وَذَوَاتِ الشَّنَاخِيبِ الشُّمِّ مِنْ صَيَاخِيدِهَا ).  [٢٢]

وقال في موضع آخر من الخطبة نفسها : ( وَتَعْفُو الْأَمْطَارُ بِسُيُولِهَا، وَعَوْمِ بَنَاتِ الْأَرضِ فِي كُثْبَانِ الرِّمَالِ، وَمُسْتَقَرِّ ذَوَاتِ الْأَجْنِحَةِ بِذُرَا شَنَاخِيبِ الْجِبَالِ، وَتَغْرِيدِ ذَوَاتِ الْمَنْطِقِ فِي دَيَاجِيرِ الْأَوْكَارِ). [٢٣]

قال الخليل: " شنخب: الشُّنْخُوبُ: رأس دهق من الجبل، وجمعه: شَناخيبُ، قال:

وأبْصَرَتْ شَخْصَه من رأس مرقبة ودون موضعها منه شَنـاخـيبُ أي: عظيم الجسم والصدر ".  [٢٤]

قال ابن فارس: (الشَّنَاعِيفُ) الْوَاحِدُ شِنْعَافٌ، وَهِيَ رُءُوسٌ تَخْرُجُ مِنَ الْجَبَلِ. وَهَذَا مَنْحُوتٌ مِنْ كَلِمَتَيْنِ، مِنْ شَعَفَ وَنَعَفَ. فَأَمَّا الشَّعَفَةُ فَرَأْسُ الْجَبَلِ، وَالنَّعْفِ: مَا يَنْسَدُّ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ...  [٢٥]

ابن منظور: " شنخب: الشُّنْخُوب: فَرْعُ الكاهِل. والشُّنْخُوبةُ والشُّنْخُوبُ والشِّنْخابُ: أَعْلى الجَبَلِ. وشَناخِـيبُ الجبالِ: رُؤُوسُها، واحِدتُها شُنْخُوبةٌ... وفي حديث عليّ، (ع): ( ذَوات الشَّناخِـيبِ الصُّمِّ) هي رؤُوسُ الجبالِ العالية. والشُّنْخوب: فِقْرَةُ ظَهْر البَعير. رجلٌ شَنْخَبٌ: طويلٌ."   [٢٦]

وفي موضع آخر قال ابن منظور: " الشِّناخُ: أَنف الجبل؛ قال ذو الرمة يصف الجبال: [٢٧]

ـــ من الرجز ـــ

إِذا شِناخُ أَنْفِه تَوَقَّدا ...

أَراد شَناخِيب قُورِها وهي رؤُوسها، الواحدة شَنْخَة كأَن الباءَ زيدت. " [٢٨]

هذا النص ورد في ضمن خطبة له (عليه السلام) تعرف بخطبة الأشباح وهي من جلائل خُطبة (عليه السلام). وقد مرّ ذكرها في الصفحات السابقة. قال الشريف الرضي: " روى مسعدة بن صدقة عن الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السلام )أنّه قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام بهذه الخطبة على منبر الكوفة، وذلك أن رجلاً أتاه فقال له: يا أمير المؤمنين، صف لنا ربّنا مثلما نراه عيانا لنزداد له حباً وبه معرفة. فغضب ونادى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس حتى غصّ المسجد بأهله. فصعد المنبر وهو مغضب متغيّر اللون، فحمد الله و أثنى عليه و صلّى على النبي صلى الله عليه وآله، ثمّ قال:... " [٢٩]

( ص ي ر )

قال (عليه السلام): (... يَحْتَذُون مِثَالاً، وَيَمْضُونَ أَرْسَالاً، إِلَى غَايَةِ الانتهاء، وَصَيُّورِ الْفَنَاءِ.) [٣٠]

قال الخليل: " وصَيُّورُ الأمر آخِرهُ، ويقال: صارَ الأمرُ مَصيره الى كذا وصَيُّوره. " [٣١]

ابن فارس : " وَصَيُّورُ الْأَمْرِ: آخِرُهُ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُصَارُ إِلَيْهِ. وَيُقَالُ: لَا رَأْيَ لِفُلَانٍ وَلَا صَيُّورَ، أَيْ لَا شَيْءَ يَصِيرُ إِلَيْهِ مِنْ حَزْمٍ وَلَا غَيْرِهِ. وَتَصَيَّرَ فُلَانٌ أَبَاهُ: إِذَا نَزَعَ إِلَيْهِ فِي الشَّبَهِ. وَسُمِّيَ كَذَا كَأَنَّهُ صَارَ إِلَى أَبِيهِ." [٣٢]

قال ابن منظور: " ... ويقال: صرْتُ إِلى مَصِيرَتي وإِلى صِيرِي وصَيُّوري. ويقال للمنزل الطيِّب: مَصِيرٌ ومِرَبٌّ ومَعْمَرٌ ومَحْضَرٌ. ويقال: أَين مَصِيرُكم أَي أَين منزلكم. وصِيَرُ الأَمر: مُنْتهاه ومَصِيره وعاقِبَته وما يَصير إِليه ... وصَيُّور الشيء: آخره ومنتهاه وما يؤول إِليه كصِيرِه ... وهو فيعول؛ وقول طفيل الغنوي: [٣٣]

ـــ من البسيط ـــ

أَمْسى مُقِيماً بِذِي العَوْصاءِ صَيِّرُه ***** بالبئر، غادَرَهُ الأَحْياءُ وابْتَكَرُوا

قال أَبو عمرو: صَيِّره قَبْره. يقال: هذا صَيِّر فلان أَي قبره؛ وقال عروة بن الورد: [٣٤]

ـــ من الطويل ـــ

أَحادِيثُ تَبْقَى والفَتى غيرُ خالِدٍ ***** إِذا هـــــو أَمْسى هامَةً فَوْقَ صَيِّر

... وصَيُّور الأَمر: ما صارَ إِليه. " [٣٥]

من المعاني التي طرقها أصحاب كتب المعجمات يظهر أن الإمام (عليه السلام) يريد من ذلك أن الدنيا لا تزال تخدع أبناءها وتغريهم ليأنسوا بها ويطمئنوا لها بالانقياد الى ملذاتها، واستسهال ذنوبها ثم يؤخذ هؤلاء بغتة منقلبين الى النهاية المنطقية وهم غافلون عما سيؤول اليه مصيرهم.

( ط ل ح ف )

قال (عليه السلام): (... وَاذْمُرُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى الطَّعْنِ الْدَّعْسِيِّ، وَالضَّرْبِ الطِّلَحْفِيِّ... )  [٣٦]

قال الخليل: " طلحف: وضربته ضرباً طِلَحْفياً وطِلَّحْفاً، أي: شديداً." [٣٧]

قال ابن فارس: " (الطَّلَخْفُ) الشَّدِيدُ. وَاللَّامُ زَائِدَةٌ، وَهُوَ الطَّخَفُ، وَهُوَ الشِّدَّةُ."  [٣٨]

ابن منظور: " ضرَبه ضَرْباً طلَحْفاً وطِلَحْفاً وطِلَّحْفاً وطِلْحافاً وطِلْحِيفاً أَي شديداً. "  [٣٩]

وقال أيضا: " الطِّلَخْفُ والطِّلَّخْفُ والطَّلَخْفُ والطِّلْخافُ: الشديد من الضرب والطعْن. وضرب طِلَخْف وجوع طِلَخْف: شديد، وقد ذكر في الحاء أَيضاً؛ قال الشاعر:

ـــ من الطويل ـــ

إذا اجْتَمَعَ الجُوعُ الطِّلَخْفُ وحُبُّها ***** على الرجل المَضْعوف، كاد يَمُوتُ " [٤٠]

وردت هذه المفردة في ضمن كلام له (عليه السلام) كان يقوله لأصحابه عند الحرب. والدعس: الطعن الشديد أيضا.

( ع ذ م )

قال (عليه السلام): (وَايْمُ اللهِ لَتَجِدُنَّ بَنِي أُمَيَّةَ لَكُمْ أَرْبَابَ سُوْء بَعْدِي، كَالنَّابِ الضَّرُوسِ: تَعْذِمُ بِفِيهَا، وَتَخْبِطُ بِيَدِهَا...) [٤١]

قال الخليل: " عذم: عَذَمَ يَعْذِم عَذْماً، والاسم العذيمة وهو الأخذ باللسان...وفرسٌ عَذُومٌ، وعَذِمٌ، أي: عضوض..." [٤٢]

قال ابن فارس:" الْعَيْنُ وَالذَّالُ وَالْمِيمُ أُصَيْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى عَضٍّ وَشِبْهِهِ... يُقَالُ: عَذَمَهُ بِلِسَانِهِ يَعْذِمُهُ عَذْمًا، إِذَا أَخَذَهُ بِلِسَانِهِ... وَفَرَسٌ عَذُومٌ... " [٤٣]

قال ابن منظور: " عذم: عَذَمَ يَعْذِمُ عَذْماً: عَضَّ. وفرسٌ عَذِمٌ وعَذُومٌ: عَضُوضٌ. والعَذْمُ: العَضُّ والأَكْلُ بجَفاء. يقال: فرسٌ عَذومٌ للذي يَعْذِمُ بأَسْنانِه أَي يَكْدِمُ. قال ابن بري: العَذْمُ بالشَّفةِ والعضُّ بالأَسنان. وعذَمَه بلسانه يَعْذِمُه عَذْماً: لامَه وعنَّفَه. والعَذْمُ: الأَخذُ باللِّسان واللَّوْمُ. ... ومنه حديث عليّ، (رض):كالنابِ الضَّرُوسِ تَعْذِم بفِيها وتَخْبِطُ بيدِها... والمرأَة تَعْذِمُ الرجلَ إذا أَرْبَع لها بالكلامِ أَي تَشْتِمه إذا سأَلها المكروهَ..." [٤٤]

من خطبة له (عليه السلام) ينبه فيها على فضله وعلمه ويبين فتنة بني أمية الذين شبههم بالأنعام التي همّها بطنها، وهؤلاء القوم هم أولى الناس بهذا الوصف. والإمام (عليه السلام) يحذر هنا من عصيانه وما سيؤول اليه أمرهم إن استمروا في غيهم وعنادهم، وهكذا كان الأمر حين استولى بنو أمية على مقدرات المسلمين. فهم بهائم في صورة إنسان عبثوا بالناس ومقدراتهم وارتكبوا من الجرائم ما هو بعيد عن النفس الإنسانية.

( ع ظ ل م )

وقال (عليه السلام): (وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ عَقِيلاً وَقَدْ أمْلَقَ حَتَّى اسْتَمَاحَنِي مِنْ بُرِّكُمْ صَاعاً، وَرَأَيْتُ صِبْيَانَهُ شُعْثَ الشُّعُورِ، غُبْرَ الْأَلْوَانِ، مِنْ فَقْرِهِمْ، كَأنَّما سُوِّدَتْ وُجُوهُهُمْ بالعِظْلِمِ...) [٤٥]

قال الخليل: " عظلم: العِظْلِمُ: عُصارةُ شَجَر لونه أخضَرُ إلى الكُدْرة. " [٤٦]

قال ابن منظور:" العِظْلِمُ: عُصارةُ ...شجر لونُه كالنِّيلِ أَخْضر إلى الكُدْرة. والعِظْلِمُ: صِبْغٌ أَحمرُ، وقيل: هو الوَسْمَةُ. قال أبو حنيفة: العِظْلِمُ شُجَيْرَةٌ من الرِّبَّة تَنْبُتُ أخيراً وتَدُومُ خُضْرتُها؛ قال: وأخبرني بعضُ الأعراب أن العِظْلِمَ هُو الوَسْمةُ الذكَرُ، قال: وبَلَغني هذا في خبَرٍ عن الزهري أنه ذُكِرَ عنده الخِضابُ الأَسْودُ فقال: وما بأْسٌ به، هأَنذا أَخْضِبُ بالعِظْلِم؛ وقال مرة: أخبرني أعرابيٌّ مِنْ أَهل السَّراة قال العِظْلِمةُ شجرة ترتفع على ساقٍ نحو الذراع، ولها فُروعٌ في أطرافها كنَوْرِ الكُزْبَرةِ، وهي شجرةٌ غَبْراءُ. ولَيْلٌ عِظْلِمٌ: مُظْلِمٌ، على التشبيهِ"  . [٤٧]

قال عنترة: [٤٨]

ـــ من الكامل ـــ

عَهْدِي به شَدَّ النَّهارِ، كأَنَّما ***** خُضِبَ اللَّبانُ ورأْسُه بالعِظْلِمِ

ما جرى بين الإمام علي (عليه السلام) وأخيه عقيل من إحجام الإمام (عليه السلام) عن التصرف بأموال المسلمين ليساعد أخيه الذي أملق؛ أشهر من أن نذكره هنا. ولكن الذي قاله الإمام هنا وضعنا أمام الصورة المدهشة التي صنعها من خلال وصفه أولاد عقيل بهذه الوصف الذي وصف فيه هؤلاء الصبية وقد بلغ بهم الجوع والحرمان حدا حوَّل وجوههم الى هذا اللون المرعب وهو لون (العظلم) النبات الذي وُصف بهذه الألوان المعتمة التي تتراوح بين الأسود والأزرق والأحمر. كل هذا ليُشعِر من حوله أنه لا يحابي أحدا ولا يعطي شيئا من أموال المسلمين ولو كان الطالب أخاه، ولو كان حال صبيته على ما وصف.

----------------------------------------------------
[١] . نهج البلاغة: ٤٣/١٤٤
[٢] . العين: (ريد) ٨/٦٣
[٣] . مقاييس اللغة: (رَوَدَ) ٢/٤٥٧
[٤] . ديوان امرئ القيس:١٨٧ وصدر البيت: وأعددتُ للحرب وثّابةً ........ والمحثة: يريد: (المفعلة) من الحثّ والسرعة، والمرود: من إروادها في سيرها. ينظر هامش المحقق: ١١
[٥] . يعني: التصغير.
[٦] . لسان العرب: (رود) ٣/١٩٠
[٧] . نهج البلاغة: ٣٤/١٣٣ من الخطبة التي قالها في استنفار الناس الى الشام بعد فراغه من قتال الخوارج. وقد مرت في مادة( أ ل س )
[٨] . مقاييس اللغة: (سجّ) ٣/٦٥
[٩] . ديوان الشنفرى: ٤٨
[١٠] . لسان العرب: (سجس) ٦/ ١٠٤
[١١] . نهج البلاغة: ١/٧٠
[١٢] . العين: (سكّ) ٥/٢٧٢
[١٣] . مقاييس اللغة: (سكّ) ٣/٥٩
[١٤] . لسان العرب: (سكك) ٢١٠/٤
[١٥] . نهج البلاغة: ٤٥٩/ ٧٥٣
[١٦] . البيت لأوس بن حجر في ديوانه: ٣٨
[١٧] . العين: (سهّ) ٣/٣٤٦ وينظر: (سته) ٤/٥
[١٨] . تمام الحديث: (الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ، فَمَنْ نَامَ، فَلْيَتَوَضَّأْ ). ينظر: سنن ابن ماجه: ١/١٦١ وسنن أبي داوُد: ١/٥٢
[١٩] . لسان العرب: (سهه) ١٣/٥٠٣
[٢٠] . نهج البلاغة: ٤٥٩/ ٧٥٤
[٢١] . المستقصى من أمثال العرب، للزمخشري: ٢/٤١٠ تسلسل: ١٥٢٦ وأَصله أَن رجلا نفخ في زقًّ له وَلم يوثق أي: لم يُحكم وكاءه إغلاقه فَرَكبهُ ليعبر نَهرا فَلَمَّا توَسط انحل الوكاء وَخرجت الرّيح فغرق وَحين غشيه الْمَوْت اسْتَغَاثَ بِرَجُل فَقَالَ لَهُ ذَلِك، وقيل غير ذلك في قصة المثل.
[٢٢] . نهج البلاغة: ٩١/٢٢٥
[٢٣] . نهج البلاغة:٩١/٢٣٠
[٢٤] . العين: (شنخب) ٤/٣٢٦
[٢٥] . مقاييس اللغة: (شنعف) ٣/٢٧٣
[٢٦] . لسان العرب: (شنخب) ١/٥٠٧
[٢٧] . ديوان ذي الرمة: ٦٠ وفيه: إذا شناخا قُورها توقدا .. والقُور: جمع قارة: الجبيل الصغير المنقطع عن الجبال.
[٢٨] . المصدر السابق: (شنخ)
[٢٩] . نهج البلاغة: ٩١/ ٢١١
[٣٠] . نهج البلاغة: ٣/١٨٦
[٣١] . العين: (صير) ٧/١٤٩
[٣٢] . مقاييس اللغة: (صير) ٣/٣٢٦
[٣٣] . ديوان طفيل الغنوي: ١٣١
[٣٤] . ديوان عروة بن الورد: ١٤٤
[٣٥] . لسان العرب: (صير) ٤/٤٧٧
[٣٦] . نهج البلاغة: ١٦/ ٥٢٧
[٣٧] . العين: (طلحف) ٣/٣٣٤
[٣٨] . مقاييس اللغة: (طلخف) ٣/٤٥٨
[٣٩] . لسان العرب: (طلحف) ٩/٢٢٣
[٤٠] . لسان العرب: (طلخف) ٩/٢٢٤ وينظر أيضا: (حجحج) ٢/٢٣٠ " أنشد ابن الأعرابي:
ضَرْباً طِلَحْفاً ليس بالمُحَجْحِجِ ***** أَي: ليس بالمتواني المُقَصِّر.
[٤١] . نهج البلاغة: ٩٣/٢٣٤
[٤٢] . العين: (عذم) ٢/١٠٤
[٤٣] . مقاييس اللغة: (عذم) ٤/٢٥٨
[٤٤] . لسان العرب: (عذم)١٢/٣٩٤
[٤٥] . نهج البلاغة: ٢٢٤/٤٩١ من كلام له (عليه السلام) يتبرأ من الظلم.
[٤٦] . العين: (عظلم) ٢/٣٤٢
[٤٧] . لسان العرب: (عظلم) ١٢/٤١٢
[٤٨] . ديوان عنترة: ٢١٣ وينظر: لسان العرب: (شدد) ٣/٢٣٥

يتبع .......

****************************