تمهيد :
ان الكثير من الناس سمع عن كتاب نهج البلاغة ، الا ان الكثير منهم لم يطلع على فحوى هذا الكتاب اصلا ، ومنهم من قرا نزرا يسيرا من ثم اهمله ، ومنهم من يتحرى من قراءته الاحداث التاريخية ، ومنهم من بحث فيه عن القضايا الفلسفية ، ومنهم من يتابع فيه البدائع اللغوية ..
الا ان الملفت للنظر اهمال الكثير من القراء الجانب الاخلاقي في هذا الكتاب الى حد كبير ، فقلما تجد من الناس من يتابع في كتاب نهج البلاغة هذا الموضوع المهم والحساس .
ان الجانب التربوي والاخلاقي يشكل – دون مبالغة – ركنا اساسيا في كتاب نهج البلاغة ، حيث يعد اول كتاب في التربية والاخلاق بعد القران الكريم ، حيث ان الكثير من الخطب والكلمات التي ذكرت فيها الجوانب الفلسفية والتاريخية وما شابه قد اتخذت من مسالة تربية النف وتزكيتها هدف لها بشكل عام ، وجميع الكتب التي الفها علماؤنا الاعلام (رضوان الله تعالى عليهم ) التي تبحث في قضايا الاخلاق الاسلامية لاتصل في مقاصدها وفي طريقة بيانها الى ماوصل اليه نهج البلاغة ، لان نهج البلاغة هو كلام امير المؤمنين عليه السلام ، وكفى بذلك دليلا قاطعا على ما ندعيه .
وقد تطرح هنا اثارة تقول : ان المسلم الذي يريد ان يخوض في القضايا التربوية لتهذيب اخلاقه على ضوء تعاليم الشريعة السمحة ، يحتاج الى تبويب في البحوث وتسلسل في المقاصد ، حتى يسير بخطوات مدروسة نحو تزكية نفسه خطوة اثر اخرى بشكل منهجي ، وهذا ما تطرحه مؤلفات علماء الاخلاق بشكل واضح ، بينما يفتقر نهج البلاغة الى ذلك ، حيث تجد ان فيه خطبا وحكما في الاخلاق مبثوثة هنا وهناك دون تبويب وتنظيم ، الامر الذي قد يربك السائر على هذا الطريق ، فتكون قراءة تلك المؤلفات في هذا المجال اولى .
وهذا الاشكال يرتفع فيما اذا نظرنا الى طبيعة كلام امير المؤمنين عليه السلام ، فان كل خطبة القاها وكل حكمة قالها وكل وصية كتبها تمثل في حد ذاتها منهجا شافيا وعلاجا ناجعا يزكي النفس وينقي الروح ويطهر القلب ، لما لكلامه من سحر غريب في تناسق المقاصد وترابط المعاني وفصاحة الالفاظ ، فان قائلها باب مدينة علم الرسول صلى الله عليه واله وسلم وهو اعلم بما يؤثر في النفس ويصلحها .
ثم ان هذا الاشكال لو كان صحيحا لجرى تفضيل قراءة تلك المؤلفات على قراءة القران الكريم ، لان القران لايطرح القضايا التربوية على ابواب وفصول مرتبة ، وانما تجدها مبثوثة بين ايات القران الكريم هنا وهناك .
على أننا لا ندعو الى اهمال قراءة المؤلفات الجليلة التي الفها العلماء في هذا الباب ، ولكننا نقصد ان يوليها الانسان الدرجة الثانية من الاهتمام بعد كتاب الله ونهج البلاغة ، فتكون قراءة تلك المؤلفات من باب التفسير لما اشكل من فهم بعض مقاصد القران الكريم والنهج ، او للاستزادة من بحر علم الاخلاق الفضيل .
ولكي يستفيد القاريء من نهج البلاغة اقصى استفادة ، لابد له من ان يقرا الكلام فيه بتدبر وتفكر ، ويكرر القراءة ويعيدها مع التفهم والاعتبار ، حتى تنطبع تلك الحقائق في صحيفة صدره ، وتكون قبلته التي تتوجه اليها روحه ، وعينه التي يحرس بها جوارحه ، وجليسه عند وحدته ، ومؤدبه عند جهالته .
على ان تمييز الكلام الذي يتحدث عن الجانب التربوي من غيره في النهج امر يسير ، حيث ان قوامه في العادة الحث على التقوى والتذكير بالموت وذكر الاخرة والتزهيد بالدنيا وتبيان حقائق الامور التي تتعلق بالسلوك ، كذكر صفات المتقين وصفات الدنيا والعلاقة بينها وبين الاخرة ، وذكر اسباب الرزق وحالات القلب ، وذكر الكثير من الصفات الحميدة الواجب مراعاتها ، والكثير من الصفات الذميمة التي يجب على المرء اجتنابها .
وخلاصة القول ، فان الاهتمام بالجانب الاخلاقي الذي يطرحه نهج البلاغة من اهم الامور التي يجب ان تلاحظ اذا اردنا الاستفادة من هذا الاثر القيم حق الفائدة .
ومن هذا المنطلق ، ارتأينا ان نستعرض جزء من الكلمات والخطب الخاصة بالجانب التربوي والاخلاقي في كتاب نهج البلاغة ، ونستوحي ما يمكن استيحاؤه بما يناسب هذه العجالة ، على اننا على ثقة بان هذه الدراسة هي ادنى من ان يستوعب هذا الجانب في كتاب النهج على الاطلاق ، اذا اننا مهما اولينا هذا الكتاب الشريف من الجهد في البحث والتحليل ، فانه يبقى اوسع كثيرا في العطاء الاسلامي الى ابعد الحدود .
اولا: إصلاح الذات هو الاهم
ان نظرة عامة حول كتاب نهج البلاغة تنبئنا بان امير المؤمنين عليه السلام ركز في الجانب التربوي على اصلاح الذات بشكل كبير ، وجعل الاهتمام باصلاح النفس مقدما على كل اصلاح غيره ، قال عليه السلام : ( ياايها الناس ، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس وطوبى لمن لزم بيته واكل قوته واشتغل بطاعة ربه وبكى على خطيئته فكان من نفسه في شغل والناس منه في راحة) [١] ، واهمية اصلاح الذات هي حقيقة من الحقائق القرانية المعروفة التي تجعل من قضية اصلاح النفس اساسا لكل اصلاح اخر ، قال تعالى : (ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغير ما بانفسهم ) (الرعد – ١١) .
وقد تورد في هذا المقام شبهة مفادها : ان الامام امير المؤمنين عليه السلام في ماورد عنه في النهج يدعو الناس الى العكوف على اصلاح الذات ، وهذا يعد خلاف النظرية الاسلامية التي تدعو الانسان الى الاهتمام بالمجتمع لاداء دور فاعل في اصلاح الاخرين .
وفي مقام الجواب عن ذلك لابد ان نعلم بان المرء بحاجة الى تربية نفسية شديدة حتى يكون قادرا على اداء رسالته في التصدي لاصلاح المجتمع ، ودون هذه التربية العالية فانه يكون في معرض مزالق الهوى والرياء – بل في معرض عدم الفهم الحقيقي لرسالة الدين التي يدعو اليها – وبالتالي فان الامر ينتهي به الى الانحراف والابتعاد عن الهدف الاول في النهاية .
فاذا ما اهتدى الانسان حقا في تلك التربية الذاتية ، فان الواجب الشرعي والاخلاقي يفرض عليه ان يتصدى الى قضية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واداء دوره في المجتمع بشكل طبيعي ، على انه لا مشاحة في ان يؤدي المرء واجب اصلاح الاخرين اذا ما اقتضى الامر بان يكون ذلك متزامنا مع واجب اصلاح الذات ، وقد اشار عليه السلام الى قضية اداء الواجبات الاسلامية تجاه المجتمع في كثير من الموارد في كتاب النهج ، الامر الذي يشعر بان هذا الاصلاح لابد ان يكون مقترنا بالاصلاح الذاتي الاهم ، قال عليه السلام : ( من نصب نفسه للناس اماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره ، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه ، ومعلم نفسه ومؤدبها احق بالاجلال من معلم الناس ومؤدبهم) [٢] ، وقال عليه السلام : ( ان الله سبحانه وتعالى جعل الذكر جلاء للقلوب تسمع به بعد الوقرة وتبصر به بعد العشوة وتنقاد به بعد المعاندة ومابرح لله عزت الاؤه في البرهة بعد البرهة وفي ازمان الفترات عباد ناجاهم في فكرهم وكلمهم في ذات عقولهم ، فاستصبحوا بنور يقظة في الابصار والاسماع والافئدة ، يذكرون بايام الله ويخوفون مقامه بمنزلة الادلة في الفلوات ، من اخذ القصد حمدوا اليه طريقه وبشروه بالنجاة ، ومن اخذ يمينا وشمالا ذموا اليه الطريق وحذروه من الهلكة ، وكانوا كذلك مصابيح تلك الظلمات وادلة تلك الشبهات ، وان للذكر لاهلا اخذوه من الدنيا بدلا فلم تشغلهم تجارة ولابيع عنه يقطعون به ايام الحياة ويهتفون بالزواجر عن محارم الله في اسماع الغافلين ويامرون بالقسط وياتمرون به وينهون عن المنكر ويتناهون عنه فكانما قطعو الدنيا الى الاخرة وهم فيها فشاهدوا ما وراء ذلك فكانما اطلعوا غيوب اهل البرزخ في طول الاقامة فيه وحققت القيامة عليهم عداتها فكشفوا غطاء ذلك لاهل الدنيا حتى كانهم يرون مالا يرى الناس ويسمعون مالا يسمعون فلو مثلتهم لعقلك في مقاومهم المحمودة ومجالسهم المشهودة وقد نشروا دواوين اعمالهم وفرغوا لمحاسبة انفسهم على كل صغيرة وكبيرة امروا بها فقصروا عنها او نهوا عنها ففرطوا فيها وحملوا ثقل اوزارهم ظهورهم فضعفوا عن الاستقلال بها فنشجوا نشيجا وتجاوبوا نحيبا يعجون الى ربهم من مقام ندم واعتراف لرايت اعلام الهدى ومصابيح دجى قد حفت بهم الملائكة وتنزلت عليهم السكينة وفتحت لهم ابواب السماء واعدت لهم مقاعد الكرامات في مقعد اطلع الله عليهم فيه فرضي سعيهم وحمد مقامهم يتنسمون بدعائه روح التجاوز رهائن فاقة الى فضله واسارى ذلة لعظمته جرح طول الاسى قلوبهم وطول البكاء عيونهم لكل باب رغبة الى الله منهم يد قارعة يسالون من لاتضيق لديه المنادح ولايخيب عليه الراغبون ، فحاسب نفسك لنفسك فان غيرها من الانفس لها حسيب غيرك) [٣] ، وبذلك لايمكن الادعاء بان كتاب النهج يدعو الى التقوقع والاقتصار على تربية النفس فقط .
ثانيا : الدعوة الى التقوى
قيل في معنى التقوى انها الاحتراز عن المعاصي والحذر عما نهى الله تعالى عنه ، وقيل انها التخلي عن كل مذموم والاقبال الى كل محمود ، وقيل انها حالة ذبط النفس والتسلط على الشهوات ، وقيل انها الاحساس بالمسؤولية والتعهد الذي يحكم وجود الانسان وذلك نتيجة لرسوخ الايمان في القلب ، حيث يصده عن الفجور والذنب ويدعوه الى العمل الصالح والبر ، وكل هذه التعاريف تصب في معنى واحد يؤدي اليه معناه اللغوي ، فالتقوى مشتقة من (الوقاية) التي تعني المواظبة والسعي على حفظ الشيء من الضرر والهلكة .
لقد جعل امير المؤمنين عليه السلام قضية التقوى العنوان الرئيس للتربية والاصلاح ، اذ ان من المسلمات الواضحة في الشريعة الاسلامية كون التقوى هي السبب الاساس في كبح جماح الهوى ، وهي التي تعصم الانسان من الانزلاق في وحل الضلال والانحراف ، لذلك فان الامام عليه السلام قد وظف الحث على التقوى لغرض اصلاح النفس بكل جوانبها ، قال عليه السلام :
(فان تقوى الله مفتاح داد وذخيرة معاد وعتق من كل ملكة ونجاة من كل هلكة ، بها ينجح الطالب وينجو الهارب وتنال الرغائب) [٤] .
وكثيرا ما نجد في طيات تلك الكلمات القدسية لامير المؤمنين عليه السلام مدح التقوى والتاكيد على خصالها الفريدة وثمارها الجليلة ، ما يشعر بانه عليه السلام يستخدم وصف التقوى الرائع كطريق يرغب السائرين فيه للاتصاف بهذه الصفة التي دعت اليها الرسالات السماوية كافة ، قال عليه السلام : ( الا وان التقوى مطايا ذلل حمل عليها اهلها واعطوا ازمتها فاوردتهم الجنة) [٥] ، وقال : (لايهلك على التقوى سنخ اصل ولا يظمأ عليها زرع قوم ) [٦] ، وقال : ( اعلموا عباد الله ان التقوى دار حصن عزيز والفجور دار حصن ذليل لا يمنع اهله ولا يحرز من لجأ اليه الا وبالتقوى تقطع حمة الخطايا وباليقين تدرك الغاية القصوى ) [٧] ، وقال عليه السلام : (اوصيكم عباد الله بتقوى الله فانها الزمام والقوام فتمسكوا بوثائقها واعتصموا بحقائقها تؤل بكم الى اكنان الدعة واوطان السعة ومعاقل الحرز ومنازل العز في يوم تشخص فيه الابصار وتظلم له الاقطار وتعطل فيه صروم العشار وينفخ في الصور فتزهق كل مهجة وتبكم كل لهجة وتذل الشم الشوامخ والصم الرواسخ فيصير صلدها سرابا رقرقا ومعهدها قاعا سملقا فلا شفيع يشفع ولا حميم ينفع ولا معذرة تدفع) [٨].
ويبدو من خلال تتبع الخطب المباركة في نهج البلاغة ان الامام عليه السلام لا يكتفي بوصف التقوى ومدحها في مقام الترغيب على التخلق بها كما ذكرنا سابقا ، وانما يصف شخصيات حية تمثل في سلوكها الواقعي روح التقوى ، ولعل هذا المنهج هو المنهج الذي اتبعه القران الكريم في عرضه لسيرة الانبياء والصالحين ، فمن جملة اغراض هذا العرض هو الموعظة والاقتداء بهم من قبل المؤمنين ، قال تعالى : ( وكلا نقص عليك من انباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين ) ( هود/ ١٢٠) وقال تعالى : ( اولئكالذين هدى الله فبهداهم اقتده) ( الانعام / ٩٠) ، ومن الخطب الواضحة في هذا المجال خطبته عليه السلام التي قالها في وصف المتقين حين طلب (همام) منه ذلك ، وخطبته الرائعة التي قالها بعد تلاوته لقوله تعالى : ( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ) (النور/٣٧) ، وخطبته في وصف اخ صالح له : (كان لي فيما مضى اخ في الله وكان يعظمه في عيني صغر الدنيا في عينه....) [٩] وامثال ذلك كثير .
ولايفوتنا ان نذكر في هذا المقام امن مثل هذه الخطب والكلمات في وصف عباد الله المخلصين تشتمل على صفات واسعة تشمل حتى الاحساسات الخفية التي يعيشها المتقي في داخل ذاته ، ومن الواضح ان هذه المواصفات مما لايمكن تشخيصها ومعرفتها بالوسائل المادية ، وانما هي من مختصات اولئك الاولياء الذين لا يفشون تلك الخفايا في العادة بعدا عن الفخر وحرصا على كتمان السر ، لذلك يعد الوصف العميق والدقيق لتلك الصفات في نهج البلاغة كنزا من الكنوز التي ابداها امير المؤمنين عليه السلام للناس كي يستفيدوا منها حق الفائدة .
ثالثا : محطات تربوية
١- الهوى وطول الامل
في المجال التربوي الاكثر تفصيلا ، يمكن ان نقول ان من المحاور الاساسية التي ركز امير المؤمنين عليه السلام على معالجتها في موضوع تربية النفس والسير الى الله تعالى خصلتين مهمتين هما : اتباع الهوى وطول الامل ، وهذا ماذكره صريحا في اكثر من موضع في نهج البلاغة حيث قال : ( ايها الناس ان اخوف ما اخاف عليكم اثنان اتباع الهوى وطول الامل فاما اتباع الهوى فيصد عن الحق واما طول الامل فينسي الاخرة ) [١٠] ، وقال : ( من اطال الامل اساء العمل) [١١] ، وقال عليه السلام : ( واعلموا ان الامل يسهي وينسي الذكر فاكذبوا الامل فانه غرور وصاحبه مغرور ) [١٢].
الهوى : الميل الطبيعي في النفس تجاه ماتشتهيه من ملذات ، وهو امر يحتاج الى ضابط يضبطه ، ومن دونه تطلق النفس العنان الى اقصى غاية في الانحراف من اجل تحقيق ما تشتهيه . اما طول الامل : فهو استفساح فترة الاجل والغفلة عن قرب الموت وانقطاع الامنيات به ، على الامال في الدنيا مما لا يمكن للانسان ادراكها كلها ، اذ كلما امل الانسان في الوصول الى امنية من اماني الدنيا برزت له اخرى ، وهكذا حتى يوافيه الاجل دون بلوغ كل غاياته .
٢- الزهد في الدنيا
استخدم الامام عليه السلام التزهيد بالدنيا للتقليل من تعلق الناس بها ، كخطوة ضرورية للاصلاح في باب اتباع الهوى وطول الامل ، لذلك نجد ان الكثير من الخطب التي يحث الامام عليه السلام على اصلاح النفس تعرج على نوضوع التزهيد في الدنيا وذكر صفاتها المذمومة ومزالقها الخطيرة .
وقضية الزهد بالدنيا من المميزات الرائعة التي تميز بها كتاب نهج البلاغة ، وكيف لا يكون وصاحب النهج قد سد الابواب على العالمين في ضرب اروع امثلة الزهد على الصعيد العملي .
ويخطيء من يظن ان الصورة التي قدمها الامام امير المؤمنين عليه السلام للزهد في كتاب النهج صورة ذات ابعاد تقترب من الصوفية او الرهبانية التي تنتهي عنها الشريعة الاسلامية ، وبالتالي ترى البعض يحاول ان يؤول الامر بان الزهد الذي دعا اليه الامام عليه السلام هو مما اختص به اهل عصره ، باعتبار الفورة المادية التي انتشرت في اوساط المسلمين انذاك نتيجة للانفتاح الاقتصادي والتميز الطبقي الذي اصابهم .
نهم ، من الصحيح ان يكون الامام امير المؤمنين عليه السلام قد عاصر تلك الاوضاع المؤسفة التي عاشها المسلمون في ذلك الوقت ، ولكن لغة الخطاب العام الذي قاله عليه السلام في مجال التزهيد بالدنيا ذات نطاق واسع لا يختص بجماعة دون جماعة ، او باهل زمان دون اخر .
ان نظرة فاحصة لمجمل الاحاديث التي تخص الزهد في نهج البلاغة تعرفنا بان التصوف والرهبنة من الامور المرفوضة بشكل قاطع ، وقد ورد هذا الامر بشكل جلي في قول الامام عليه السلام لعاصم بن زياد الذي مثل بسلوكه حالة التصوف والانعزال : ( ياعدي نفسه لقد استهام بك الخبيث اما رحمت اهلك وولدك ؟ اترى الله احل لك الطيبات وهو يكره ان تاخذها ، انت اهون على الله من ذلك ) فقال عاصم : يا امير المؤمنين ، هذا انت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك ، فقال عليه السلام : ( ويحك اني لست كأنت ان الله تعالى فرض على ائمة العدل ان يقدروا انفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ بالفقير فقره ) [١٣] ، كما ورد قوله عليه السلام في موضع اخر : ( للمؤمن ثلاث ساعات فساعة يناجي غيها ربه وساعة يرم معاشه وساعة يخلي بين نفسه وبين لذتها فيما يحل ويجمل وليس للعاقل ان يكون شاخصا الا في ثلاث مرمة لمعاش او خطوة في معاد او لذة في غير محرم ) [١٤]، وبالجمع بين الاقوال في هذا الموضوع نفهم حقيقة الزهد الذي دعا اليه الامام عليه السلام وحث الناس على التخلق به ، فهو الزهد الذي لايحرم الطيبات الضرورية او العقلائية التي تلائم كل فرد فرد في المجتمع .
ومما يدل على ان الزهد الذي حث عليه الامام هو من الزهد الممدوح : انه عليه السلام جعله من الصفات العالية في تهذيب النفس ومن صفات المتقين الحميدة ، قال عليه السلام : ( فاتقوا الله عباد الله تقية ذي لب شغل التفكر قلبه وانصب الخوف بدنه واسهر التهجد غرار نومه واظما الرجاء هواجر يومه وظلف الزهد شهواته واوجف الذكر بلسانه وقدم الخوف لامانه وتنكب المخالج عن وضح السبيل وسلك اقصد المسالك الى النهج المطلوب ، ولم تفتله فاتلات الغرور ولم تعم عليه مشتبهات الامور ظافرا بفرحة البشرى وراحة النعمى في انعم نومه وامن يومه ...) [١٥] .
وخلاصة لما تقدم ، نستوحي من مجمل العرض الرائع للزهد في نهج البلاغة ان امير المؤمنين عليه السلام يريد من المرء ان لا يكون مرتبطا بالدنيا بحيث تكون شغله الشاغل ، واحد الطرق التي تحقق هذا الغرض هو نبذ فضول الدنيا عمليا والاقتصار على ما هو ضروري كأداة لانتزاع التعلق القلبي بها – بالاضافة الى تحقيق الفائدة الروحية في التقليل من الملذات المادية وتقوية الارادة – وربما كان المدح الواسع للقناعة وذم الطمع في اقوال الامام هو الاجل هذا الغرض بالذات ، قال عليه السلام : ( يا ايها الناس متاع الدنيا حطام مويىء فتجنبوا مرعاه ، قلعتها احظى من طمأنينتها وبلغتها ازكى من ثروتها ، حكم على مكثر منها بالفاقة ، واعين من غني عنها بالراحة ، من راقه زبرجها اعقبت ناظريه كمها ، ومن استشعر الشغف بها ملات ضميره اشجانا ، لهن رقص على سويداء قلبه ، هم يشغله وغم يحزنه ، كذلك حتى يؤخذ بكظمه فيلقى بالفضاء منقطعا ابهراه هينا على الله فناؤه وعلى الاخوان القاؤه ، وانما ينظر المؤمن الى الدنيا بعين الاعتبار ويقتات منها ببطن الاضطرار ويسمع فيها باذن المقت والابغاض ، ان قيل اثرى قيل اكدى ، وان فرح له بالبقاء حزن له بالفناء ، هذا ولم ياتهم يوم فيه يبلسون ) [١٦] ، وقال عليه السلام : ( .... ولا كنزا اغنى من القناعة ولامال اذهب للفاقة من الرضى بالقوت ومن اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة وتبوأ خفض الدعة والرغبة مفتاح النصب ومطية التعب والحرص والكبر والحسد دواع الى التقحم في الذنوب والشر جامع مساوىء العيوب ) [١٧] .
بالاضافة الى ذلك نجد انه عليه السلام يدعو الى استثمار فضول هذه الدنيا كطريق الى الاخرة ان لم يكن تركها ، قال عليه السلام للعلاء بن زياد الحارثي وقد راى سعة داره : ( ماكنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا وانت اليها في الاخرة كنت احوج وبلى ان شئت بلغت بها الاخرة تقري فيها الضيف وتصل فيها الرحم وتطلع منها الحقوق مطالعها فاذا انت قد بلغت بها الاخرة ) [١٨].
٣- ذكر الموت
ركز امام البيان عليه السلام لاجل التزهيد بالدنيا على نقطة اساسية وفعالة جدا لهذا الغرض ، وهذه النقطة هي ذكر الموت ، حيث اننا قلما نجد عليه السلام يذم الدنيا ويزهد الناس فيها ولاياتي على ذكر الموت ويطيل في وصفه بانواع الاوصاف التي يعجز القلم عن بيان تأثيرها في النفس الانسانية ، قال عليه السلام : ( فانه والله الجد لا اللعب والحق لا الكذب وماهو الا الموت اسمع داعيه واعجل حاديه فلا يغرنك سواد الناس من نفسك وقد رايت من كان من قبلك ممن جمع المال وحذر الاقلال وامن العواقب طول امل واسبعاد اجل كيف نزل به الموت فازعجه عن وطنه واخذه من مامنه محمولا على اعواد المنايا يتعاطى به الرجال الرجال حملا على المناكب وامساكا بالانامل اما رايتم الذين ياملون بعيدا ويبنون مشيدا ويجمعون كثيرا كيف اصبحت بيوتهم قبورا وما جمعوا بورا وصارت اموالهم للوارثين وازواجهم لقوم اخرين لا في حسنة يزيدون ولا من سيئة يستعتبون ) [١٩] ، وقال عليه السلام : ( فكم اكلت الارض من عزيز جسد وانيق لون كان في الدنيا غذي ترف وربيب شرف يتعلل بالسرور في ساعة حزنه ويفزع الى السلوة ان مصيبة نزلت به ضنا بغضارة عيشه وشحاحة بلهوه ولعبه فبينا هو يضحك الى الدنيا وتضحك اليه في ظل عيش غفول اذ وطىء الدهر به حسكه ونقضت الايام قواه ونظرت اليه الحتوف من كثب فخالطه بث لا يعرفه ونجي هم ما كان يجده وتولدت فيه فترات علل انس ما كان بصحته ففزع الى ما كان عوده الاطباء من تسكين الحار بالقار وتحريك البارد بالحار فلم يطفىء ببارد الا ثور حرارة ولا حرك بحار الا هيج برودة ولا اعتدل بممازج لتلك الطبائع الا امد منها كل ذات داء حتى فتر معلله وذهل ممرضه وتعايا اهله بصفة دائه وخرسوا عن جواب السائلين عنه وتنازعوا دونه شجي خبر يكتمونه فقائل يقول هو لما به وممن لهم اياب عافيته ومصبر لهم على فقده يذكرهم اسى الماضين من قبله فبينا هو كذلك على جناح من فراق الدنيا وترك الاحبة اذ عرض له عارض من غصص فتحيرت نوافذ فطنته ويبست رطوبة لسانه فكم من مهم من جوابه عرفه فعي عن رده ودعاء مؤلم بقلبه سمعه فتصام عنه من كبير كان يعظمه او صغير كان يرحمه وان للموت لغمرات هي افضع من ان تستغرق بصفة او تعتدل على عقول اهل الدنيا ) [٢٠] ، وقال عليه السلام : ( افبمصارع ابائهم يفخرون ام بعديد الهلكى يتكاثرون يرتجعون منهم اجسادا خوت وحركات سكنت ولان يكونوا عبرا احق من ان يكونوا مفتخرا ولان يهبطوا بهم جناب ذلة احجى من ان يقوموا بهم مقام عزة ....) [٢١] .
والمتامل في هذه المقاطع العظيمة وامثالها في نهج البلاغة ، يرى واضحا ان الامام عليه السلام يدفع الانسان الى تصور نموذج حقيقي لانسان عاش حياته في ترف وغفلة عن المصير المحتوم ثم اصابته مصيبة الموت بعد ذلك ، وهذا التصور يعد من افضل الطرق تاثيرا في النفس في مضمار ذكر الموت ، اذ انه يشبه قضية غفلة ذلك الانسان الموصوف بغفلة الانسان المراد وعظه ، ويشبه سرعة مجيء الاجل لذلك الموصوف بسرعة مجيئه لهذا الانسان ايضا ، وهذه الطريقة توقظ الانسان من غفلته بصدد سرعة اللحاق بالماضين ، وهذه النتيجة هي من القضايا المهمة التي يستهدفها الامام عليه السلام من تلك المقاطع البليغة ، وقد اشار عليه السلام في موضع اخر من النهج لاهمية هذه النتيجة بقوله : ( لو راى العبد الاجل ومصيره ، لابغض الامل وغروره ) [٢٢] ، ويمكن ان يدخل هذا العمل في باب الاتعاظ بالغير الذي ورد ذكره في موضع اخر من النهج وجعله الامام عليه السلام من صفات السعيد حيث قال:( والسعيد من وعظ بغيره ) [٢٣] .
لقد شدد الامام امير المؤمنين عليه السلام على قضية الموت في نهج البلاغة وعرضها من عدة جوانب مختلفة تصب كلها في صالح التزهيد بالدنيا ، فتارة يذكر الموت من ناحية الفناء المادي الذي يصيب الجسد العزيز للانسان ، من قبيل قوله عليه السلام : ( فلو مثلتهم بعقلك او كشف عنهم محجوب الغطاء لك وقد ارتسخت اسماعهم بالهوام فاستكت واكتحلت ابصارهم بالتراب فخسفت وتقطعت الالسنة في افواههم بعد ذلاقتها وهمدت القلوب في صدورهم بعد يقظتها وعاث في كل جارحة منهم جديد بلى سمجها وسهل طرق الافة اليها مستسلمات فلا ايد تدفع ولا قلوب تجزع لرايت اشجان قلوب واقذاء عيون لهم في كل فظاعة صفة حال لا تنتقل وغمرة لا تنجلي ) [٢٤] .
وتارة يذكر انقطاع المرء عن امواله ولذائذه انقطاعا تاما وانطماس ذكره في القبر وزوال اثاره ، وذلك من قبيل قول عليه السلام : ٠ واتعظوا فيها بالذين قالوا من اشى منا قوة حملوا الى قبورهم فلا يدعون ركبانا وانزلوا الاجداث فلا يدعون ضيفانا وجعل لهم من الصفيح اجنان ومن التراب اكفان ومن الرفات جيران فهم حيرة لا يجيبون داعيا ولا يمنعون ضيما ولا يبالون ندبة ان جيدوا لم يفرحوا وان قحطوا لم يقنطوا جميع وهم احاد وجيرة وهم ابعاد متدانون لا يتزاورون وقريبون لا يتقاربون حلماء قد ذهبت اضغانهم وجهلاء قد ماتت احقادهم لا يخشى فجععهم ولا يرجى دفعهم استبدلوا بظهر الارض بطنا وبالسعة ضيقا وبالاهل غربة وبالنور ظلمة فجاءوها كما فارقوها حفاة عراة قد ظعنوا عنها باعمالهم الى الحياة الدائمة والدار الباقية كما قال سبحانه وتعالى كما بدأنا اول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين ) [٢٥] .
وتارة يذكر الالام التي يلاقيها المرء عند الاحتضار واثناء قبض الروح مضافا الى الاهوال الغيبية التي يلاقيها الانسان في عالم البرزخ المعروف ، وذلك من قبيل قوله عليه السلام في خطبته الغراء : ( ام هذا الذي انشأه في ظلمات الارحام وشغف الاستار نطفة دهاقا وعلقة محاقا وجنينا وراضعا ووليدا ويافعا ثم منحه قلبا حافظا ولسانا لافظا وبصرا لاحظا ليفهم معتبرا ويقصر مزدجرا حتى اذا قام اعتداله واستوى مثاله نفر مستكبرا وخبط سادرا ماتحا في غرب هواه كادحا سعيا لدنياه في لذات طربه وبدوات اربه ثم لا يحتسب رزية ولا يخشع تقية فمات في فتنته غريرا وعاش في هفوته يسيرا لم يفد عوضا ولم يقض مفترضا دهمته فجعات المنية في غبر جماحه وسنن مراحه فظل سادرا وبات ساهرا في غمرات الالام وطوارق الاوجاع والاسقام بين اخ شقيق ووالد شفيق وداعية بالويل جزعا ولادمة للصدر قلقا والمرء في سكرة ملهثة وغمرة كارثة وأنة موجعة وجذبة مكربة وسوقة متعبة ثم ادرج في اكفانه مبلسا وجذب منقادا سلسا ثم القي على الاعواد رجيع وصب ونضو سقم تحمله حفدة الولدان وحشدة الاخوان الى دار غربته ومنقطع زورته ومفرد وحشته حتى اذا انصرف المشيع ورجع المتفجع اقعد في حفرته نجيا لبهتة السؤال وعثرة الامتحان واعظم ماهنالك بلية نزول الحميم وتصلية الجحيم وفورات السعير وسورات الزفير لا فترة مريحة ولا دعة مزيجة ولا قوة حاجزة ولا موتة ناجزة ولا سنة مسلية بين اطوار الموتات وعذاب الساعات انا بالله عائذون) [٢٦] .
رابعا : الترغيب بالاثار العاجلة
ومن الاساليب التربوية الواضحة التي وردت في كتاب نهج البلاغة : اسلوب الترغيب اعتنادا على بيان اثار الصلاح العاجلة بالاضافة الى الاثار الاجلة ، وهذه القضية من الحقائق القرانية المعروفة ايضا ، حيث ان للصلاح اثارا ايجابية تظهر في الحياة الدنيا قبل الاخرة ، قال تعالى : ( للذين احسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الاخرة خير ولنعم دار المتقين ) (النحل / ٣٠) .
وقال تعالى : ( من عمل صالحا من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم اجرهم باحسن ماكانوا يعملون) ( النحل / ٩٧) .
وقال تعالى : ( من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والاخرة وكان الله سميعا بصيرا) (النساء / ١٣٤) .
لذا فقد ورد في نهج البلاغة في مواضع عدة منه ما يؤكد هذه الحقيقة ، باعتبار ان هذا المجال يمكن ان يعد من المجالات التي تشكل دافعا قويا للانسان من اجل ان يصلح حاله ، باعتبار ان الكثير من الناس يحرصون على اصلاح حالهم في هذه النشأة ، ويحبون استقامة امورهم في الدنيا .
روي عن امير المؤمنين عليه السلام قوله :(فاتقوا الله عباد الله تقية ذي لب شغل التفكر قلبه وانصب الخوف بدنه واسهر التهجد غرار نومه واظمأ الرجاء هواجر يومه وظلف الزهد شهواته واوجف الذكر بلسانه وقدم الخوف لامانه ونكب المخالج عن وضح السبيل وسلك اقصد المسالك الى النهج المطلوب ولم تفتله فاتلات الغرور ولم تعم عليه مشتبهات الامرو ظافرا بفرحة البشرى وراحة النعمى في انعم نومه وامن يومه وقد عبر معبر العاجلة حميدا وقدم زاد الاجلة سعيدا ) [٢٧] .
وقال عليه السلام : ( واعلموا عباد الله ان المتقين ذهبوا بعاجل الدنيا واجل الاخرة فشاركوا اهل الدنيا في دنياهم ولم يشاركوا اهل الدنيا في اخرتهم سكنوا الدنيا بافضل ما سكنت واكلوها بافضل ما اكلت فحظوا من الدنيا بما حظي به المترفون واخذوا منها ما اخذه الجبابرة المتكبرون ثم انقلبوا عنها بالزاد المبلغ والمتجر الرابح اصابوا لذة زهد الدنيا في دنياهم وتيقنوا انهم جيران الله غدا في اخرتهم لاترد لهم دعوة ولا ينقص لهم نصيب من لذة ...) [٢٨].
وقال عليه السلام : ( من اصلح ما بينه وبين الله اصلح الله ما بينه وبين الناس ومن اصلح امر اخرته اصلح الله له امر دنياه ومن كان له من نفسه واعظ كان عليه من الله حافظ ) [٢٩].
--------------------------------------------------------------------
[١] . نهج البلاغة ٢ : ٩٦ .
[٢] . نهج البلاغة ٤ : ١٦ .
[٣] . نهج البلاغة ٢ : ٢١٢ .
[٤] . نهج البلاغة ٢: ٢٢٣ .
[٥] . نفس المصدر ١ : ٤٨ .
[٦] . المصدر نفسه ١: ٥٠ .
[٧] . المصدر نفسه ٢ : ٥١ .
[٨] . المصدر نفسه ٢ : ١٦٩ .
[٩] . نهج البلاغة ٤ : ٦٩ .
[١٠] . نهج البلاغة ١ : ٩٣ .
[١١] . المصدر نفسه ٤ : ١٠ .
[١٢] . المصدر نفسه ١ : ١٥١ .
[١٣] . نهج البلاغة ٢ : ١٨٨.
[١٤] . نفس المصدر ٤: ٩٣ .
[١٥] . نفس المصدر ١ : ١٤١ .
[١٦] . نهج البلاغة ٤ : ٨٥ .
[١٧] . نفس المصدر ٤: ٨٧ .
[١٨] . نفس المصدر ٢ : ١٨٧ .
[١٩] . نهج البلاغة ٢ : ١٤ .
[٢٠] . المصدر نفسه ٢: ٢١٠ .
[٢١] . المصدر نفسه ٢ : ٢٠٤ .
[٢٢] . نهج البلاغة ٤ : ٧٩ .
[٢٣] . المصدر نفسه ١ : ١٥٠ .
[٢٤] . المصدر نفسه ٢ : ٢٠٨ .
[٢٥] . نهج البلاغة ١ : ٢١٩ .
[٢٦] . المصدر نفسه ١ : ١٤٣ .
[٢٧] . نهج البلاغة ١ : ١٤١ .
[٢٨] . المصدر نفسه ٣ : ٢٧ .
[٢٩] . المصدر نفسه ٤ : ٢٠ .
من كتاب : من وحي نهج البلاغة (في الاخلاق والفلسفة والسياسة)
(اعداد شعبة الدراسات والنشر في العتبة العلوية المقدسة)