وقال (عليه السلام): لاَ خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ، كَمَا أنَّهُ لاَ خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ.                
وقال (عليه السلام): مَا لاِبْنِ آدَمَ وَالْفَخْرِ: أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ، وَآخِرُهُ جِيفَةٌ، و َلاَ يَرْزُقُ نَفْسَهُ، وَلاَ يَدفَعُ حَتْفَهُ.                
وقال (عليه السلام): مَا أَخَذَ اللهُ عَلَى أَهْلِ الْجَهْلِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا حَتَّى أَخَذَ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُعَلِّمُوا.                
وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                
وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                
وقال (عليه السلام): النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا.                
وقال (عليه السلام): الْحِلْمُ وَالاَْنَاةُ تَوْأَمَانِ يُنْتِجُهُمَا عُلُوُّ الْهِمَّةِ.                

Search form

إرسال الی صدیق
نبذة عن شرح إبن أبي الحديد المعتزلي

من أضخم الشّروح وأشملها، أو في الأقلّ هو أضخم الشّروح الّتي صُنِّفت منذ البداية إلى الآن . وبلغ من الشُّهرة والصيت مبلغاً أنّه إذا أُطلق عنوان « شرح نهج البلاغة » في معظم المصادر الإسلاميّة، فإنّما يراد به شرح ابن أبي الحديد.
بدأ المؤلّف تصنيف هذا الكتاب في الأوّل من رجب سنة ( ٦٤٤هـ )، وفرغ منه في آخر صفر سنة (٦٤٩هـ)، فدام أربع سنين وثمانية أشهر، وهي مدّة حكومة الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام .
وصُنِّف هذا الكتاب المشتمل على عشرين جزءً باسم وزير البلاط العبّاسيّ ابن العَلْقميّ، وأُهدي إليه. وقد نوّه به ابن أبي الحديد في مقدّمته بعد خطبة قصيرة في حمد الله وشكره، ونصّ على أنّه صنّفه باسمه. وذكر أيضاً أنّه بدأ بشرح مختصر للنّهج أوّل الأمر، وكان ينوي أن يشرحه بإيجاز، ثمّ عدل عن رأيه واُعدّ شرحاً كبيراً وافياً.
واهتمّ في شرحه المذكور ـ على ما أشار في مقدّمته ـ بما يأتي :
١
ـ يورد في البداية نصّ الخطبة. والنّصّ الّذي يورده يعدّ من المراجع في معرفة نُسخ نهج البلاغة. وقد يضمّ يسيرَ تفاوتٍ مع النّسخ المتداولة اليوم. ويقسم الخطب والكتب الطويلة أقساماً، ثمّ يشرح كلّ قسم بعد ذكره.
٢
ـ يبدأ شرحه بعد إيراد الخطبة، أو الكتاب، أو الحكمة، أو قسم منها. ويوضّح الكلمات اللازم توضيحها، ويشرح معاني المفردات، ويفتح ما استغلق إعرابيّاً أو صَرفيّاً، ويستبين النّقاط البلاغيّة والبيانيّة، وقد يستشهد هنا بآية قرآنيّة، أو حديث نبويّ، أو شعر، ويذكر ما ماثل نظم اللفظ ونثره.
٣
ـ يُعقّب شرحه في كثير من الحالات بنصّ أو نصوص تاريخيّة. وتشكّل المعلومات التّاريخيّة أهمّ قسم وأبرزه في شرحه، ولولاها لما ظلّ إلاّ نصف منه، وإليها يعود القدر الكبير من قيمة الشّرح؛ فهو يقوم بشرح الواقعة الّتي قيلت فيها الخطبة، أو كانت بعدها، أو أشارت إليها، أو أنّه يخوض في مبحث تاريخيّ مفصّل بذريعةٍ ما.
٤
ـ يتناول أحياناً مبحثاً كلاميّاً بعد شرح مفردات الخطبة، ويكشف في مباحثه الكلاميّة عن رؤية معتزلة بغداد والآراء الكلاميّة للجاحظ. وربما يعرض الآراء المخالفة للرؤية الشّيعيّة. وهذه الصّفة بذاتها تُلغي احتمال تشيّعه.
٥
ـ تتّسم بعض مباحثه بطابع أخلاقيّ وحكميّ ووعظيّ، وهو ما يتجلّى في الكلمات القصار أو الحكم أكثر من غيرها.
٦
ـ يناقش في بعض الموارد مسألةً فقهيّة مذكورة في نصّ النّهج، ويُبيّن ما أشكل منها.
٧
ـ شرع في بداية شرحه بمقدّمة جديرة بالاهتمام، وهي تشتمل على ما يأتي :
أ. كلام في قول المعتزلة في الإمامة.
ب. نسب أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) وشيء من فضائله وسيرته، شارحاً في هذا القسم تفرّده ( عليه السّلام ) في العلوم، والأخلاق، والحكم.
ج. ترجمة للشّريف الرّضيّ.
(المؤلف في سطور ) : ابن أبي الحديد المعتزلي :
اسمه الكامل عزّ الدّين أبو حامد عبدالحميد بن هبة الله بن محمّد بن محمّد بن حسين بن أبي الحديد المدائنيّ. ولد بالمدائن في اليوم الأوّل من ذي الحجّة سنة (٥٨٦هـ) / ١١٩٠م .
وكان عالماً شهيراً ذا رأي في ميدان التّاريخ، والأدب، والفقه، والكلام. جدّ في طلب العلوم المتداولة في عصره منذ نعومة أظفاره، ثمّ رحل إلى بغداد إبّان شبابه.
وفي تلك الحاضرة الّتي كانت عاصمة العلم في العالم الإسلاميّ يوماً ما تعلّم الفقه والكلام واشترك في أوساطها الأدبيّة.
ونقل صاحب كتاب « نسمة السَّحَر » أنّه كان في بداية أمره شيعيّاً غالياً ، ثمّ مال إلى الاعتزال . ولمّا كان متأثّراً بآراء الجاحظ ـ وتطرّق إليها في كتابه ـ فقد صار معتزليّاً جاحظيّاً.
وتسنّم في بغداد مكانةً مرموقةً. وكانت له علاقات وثيقة بوزير المستعصم : ( ابن العلقميّ العالم) . وأصبح في عداد كتّاب ديوان دار الخلافة بفضله، فكان كاتب دار التّشريفات أوّلاً، ثمّ كاتب الخزانة، وبعد ذلك كاتب الدّيوان.
وكان ناظر الحلّة في سنة ( ٦٤٢هـ )، ثمّ وزيراً للأمير علاء الدّين الطبرسيّ، كما ذكرت دائرة المعارف الإسلاميّة الكبرى. بعد ذلك صار ناظراً للمستشفى العضديّ، ثمّ ناظراً لمكتبات بغداد .
وكان شاعراً مقتدراً وأديباً عالماً مع مزاولته للمناصب الحكوميّة المذكورة الّتي استمرّت حتّى آخر عمره. وذكره صاحب كتاب « نسمة السَّحَر في ذكر من تشيّع وشعر » في عداد الشعراء المائلين إلى التشيّع، وعدّه ابن شاكر الكتبي شاعراً مشهوراً.
قال شعراً في أغراض شعريّة متنوّعة من مدح، ورثاء، وحكمة، ووصف، وغزل. ومع ذلك كلّه غلب على شعره المناجاة والعرفان، وأورد بعض أشعاره في شرحه على النّهج.
وكان شافعيّ الفقه والأصول، معتزليّ الكلام إذ يُنسب إلى مدرسة بغداد في الاعتزال ويرى رأيها في تفضيل عليٍّ على الخلفاء الثّلاثة، لكنّه لا يعدّ الأفضليّة شرطاً للإمامة، كما قال في بداية كتابه: «الحمد لله الّذي قدّم المفضول على الفاضل».
يحوم خلاف حول تاريخ وفاته، فذهب البعض، كابن شاكر الكتبي وابن كثير، إلى أنّه توفّي سنة ( ٦٥٥هـ )، وذهب بعض آخر كالذّهبيّ وصاحب ( نسمة السّحر ) إلى أنّه مات سنة ( ٦٥٦هـ )، وكذلك دائرة المعارف الإسلاميّة الكبرى.

( ابن أبي الحديد والرّاونديّ ) :
ذكر ابن أبي الحديد نفسه أنّه سُبق بشرح القطب الرّاوندي لنهج البلاغة.
ويُلحظ في بداية كتابه وفي تضاعيف شرح الخطب، والكتب، والكلمات القصار أنّه ما فتئ وينتقده ينتقد آراءه. وهذه ملاحظة مُثيرة للعجَب في عمله.
على سبيل المثال، قال في بداية كتابه:
(ولم يشرح هذا الكتاب قبلي ـ فيما أعلمه ـ إلاّ واحد، وهو سعيد بن هبة الله بن الحسن الفقيه المعروف بالقطب الرّاونديّ. وكان من فقهاء الإماميّة، ولم يكن من رجال هذا الكتاب؛ لاقتصاره مدّة عمره على الاشتغال بعلم الفقه وحده. وأنّى للفقيه أن يشرح هذه الفنون المتنوّعة، ويخوض في هذه العلوم المتشعّبة! لا جَرَم أنّ شرحه لا يخفى حاله عن الذّكيّ).

( شرح ابن أبي الحديد : نقده، طبعه، ترجمته إلى الفارسيّة ) :
لمّا كان ابن أبي الحديد يأتي في شرحه بآراء كلاميّة مناقضة لعقائد الإماميّة، فقد توفّر على نقده عدد من العلماء، وفيهم :
ـ السّيّد ابن طاووس في كتاب «الرّوح».
ـ الشّيخ يوسف البحرانيّ في كتاب (سلاسل الحديد لتقييد ابن أبي الحديد).
ـ الشّيخ عليّ البحرانيّ في كتاب (الرّدّ على ابن أبي الحديد).
طُبع الشّرح المذكور مراراً في إيران، ومصر، ولبنان. وأصحّ طبعة له قامت بها شركة الحلبيّ بالقاهرة سنة (١٣٧٨هـ/١٩٥٨م ) وهي بتحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم، وأُعيدت هذه الطّبعة بالاُوفسيت في إيران، ولبنان.
وقام محمود مهدوي الدامغاني في السّنين الأخيرة بنقل الشّرح إلى الفارسيّة مختاراً أقسامه المرتبطة بالمباحث التّاريخيّة فحسب. وتقع ترجمته في ثمانية أجزاء.

****************************