وقال (عليه السلام): إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى أحَد أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ عَنْهُ سَلَبَتْهُ مَحَاسِنَ نَفْسِهِ .                
وقال (عليه السلام): لَيْسَ بَلَدٌ بأَحَقَّ بِكَ مِنْ بَلَد، خَيْرُ الْبِلاَدِ مَا حَمَلَكَ.                
وقال (عليه السلام): إِذَا قَدَرْتَ عَلَى عَدُوِّكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكْراً لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ .                
وقال (عليه السلام): الدُّنْيَا خُلِقَتْ لِغَيْرِهَا، ولَمْ تُخْلَقْ لِنَفْسِهَا.                
وقال (عليه السلام): مَنِ اتَّجَرَ بِغَيْرِ فِقْه ارْتَطَمَ فِي الرِّبَا.                
وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                
وقال (عليه السلام) : هَلَكَ فِي رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ غَال ، وَمُبْغِضٌ قَال .                

Search form

إرسال الی صدیق
نبذ من غريب كلام الإمام علي عليه السلام وشرحه لأبي عبيد

ولما كان تفسير الرضي رحمه الله قد تعرض للغريب من كلامه ع ورأينا أنه لم يذكر من ذلك إلا اليسير آثرنا أن نذكر جملة من غريب كلامه ع مما نقله أرباب الكتب المصنفة في غريب الحديث عنه ع .
فمن ذلك ما ذكره أبوعبيد القاسم بن سلام رحمه الله في كتابه لأن أطلي بجواء قدر أحب إلي من أن أطلي بزعفران .

قال أبوعبيد هكذا الرواية عنه بجواء قدر قال وسمعت الأصمعي يقول إنما هي الجئاوة وهي الوعاء الذي يجعل القدر فيه وجمعها جياء . قال وقال أبوعمرويقال لذلك الوعاء جواء وجياء قال ويقال للخرقة التي ينزل بها الوعاء عن الأثافي جعال .
ومنها قوله ع :
حين أقبل يريد العراق فأشار إليه الحسن بن علي ع أن يرجع والله لا أكون مثل الضبع تسمع اللدم حتى تخرج فتصاد .

قال أبوعبيد قال الأصمعي اللدم صوت الحجر أوالشي‏ء يقع على الأرض وليس بالصوت الشديد يقال منه لدم ألدم بالكسر وإنما قيل ذلك للضبع لأنهم إذا أرادوا أن يصيدوها رموا في جحرها بحجر خفيف أوضربوا بأيديهم فتحسبه شيئا تصيده فتخرج لتأخذه فتصاد وهي زعموا أنها من أحمق الدواب بلغ من حمقها أن يدخل عليها فيقال أم عامر نائمة أوليست هذه والضبع هذه أم عامر فتسكت حتى تؤخذ فأراد علي ع أني لا أخدع كما تخدع الضبع باللدم .
ومنها قوله ع :
من وجد في بطنه رزا فلينصرف وليتوضأ .

قال أبوعبيد قال أبوعمروإنما هوأرزا مثل أرز الحية وهودورانها وحركتها فشبه دوران الريح في بطنه بذلك . قال وقال الأصمعي هوالرز يعنى الصوت في البطن من القرقرة ونحوها قال الراجز :

كان في ربابه الكبار *****رز عشار جلن في عشار

وقال أبوعبيد فقه هذا الحديث أن ينصرف فيتوضأ ويبني على صلاته ما لم يتكلم وهذا إنما هوقبل أن يحدث .

قلت والذي أعرفه من الأرز أنه الانقباض لا الدوران والحركة يقال أرز فلان بالفتح وبالكسر إذ تضام وتقبض من بخله فهوأروز والمصدر أرزا وأروزا قال رؤبة فذاك يخال أروز الأرز فأضاف الاسم إلى المصدر كما يقال عمر العدل وعمروالدهاء لما كان العدل والدهاء أغلب أحوالهما وقال أبوالأسود الدؤلي يذم إنسانا إذا سئل أرز وإذا دعي اهتز يعني إلى الطعام وفي الحديث أن الإسلام ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها أي يجتمع إليها وينضم بعضه إلى بعض فيها .
ومنها قوله :
لئن وليت بني أمية لأنفضنهم نفض القصاب التراب الوذمة وقد تقدم منا شرح ذلك والكلام فيه .
ومنها قوله :
في ذي الثدية المقتول بالنهروان إنه مودن اليد أومثدن اليد أومخدع اليد قال أبوعبيدة قال الكسائي وغيره المودن اليد القصير اليد ويقال أودنت الشي‏ء أي قصرته وفيه لغة أخرى ودنته فهو مودون
قال حسان يذم رجلا :

وأملك سوداء مودونة ***** كأن أناملها الحنظب

وأما مثدن اليد بالثاء فإن بعض الناس قال نراه أخذه من الثندوة وهي أصل الثدي فشبه يده في قصرها واجتماعها بذلك فإن كان من هذا فالقياس أن يقال مثند لأن النون قبل الدال في الثندوة إلا أن يكون من المقلوب فذاك كثير في كلامهم .

وأما مخدع اليد فإنه القصير اليد أيضا أخذ من أخداج الناقة ولدها وهوأن تضعه لغير تمام في خلقه قال وقال الفراء إنما قيل ذوالثدية فأدخلت الهاء فيها وإنما هي تصغير ثدي والثدي مذكر لأنها كأنها بقية ثدي قد ذهب أكثره فقللها كما تقول لحيمة وشحيمة فأنث على هذا التأويل قال وبعضهم يقول ذواليدية قال أبوعبيد ولا أرى الأصل كان إلا هذا ولكن الأحاديث كلها تتابعت بالثاء ذوالثدية .
ومنها قوله ع :
لقوم وهويعاتبهم ما لكم لا تنظفون عذراتكم قال العذرة فناء الدار وإنما سميت تلك الحاجة عذرة لأنها بالأفنية كانت تلقى فكنى عنها بالعذرة كما كنى عنها بالغائط وإنما الغائط الأرض المطمئنة
وقال الحطيئة يهجو قوما :

لعمري لقد جربتكم فوجدتكم ***** فباح الوجوه سيئ العذرات

ومنها قوله ع :
لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع قال أبوعبيد التشريق هاهنا صلاة العيد وسميت تشريقا لإضاءة وقتها فإن وقتها إشراق الشمس وصفاؤها وإضاءتها
وفي الحديث المرفوع من ذبح قبل التشريق فليعد أي قبل صلاة العيد . قال وكان أبوحنيفة يقول التشريق هاهنا هوالتكبير في دبر الصلاة يقول لا تكبير إلا على أهل الأمصار تلك الأيام لا على المسافرين أومن هوفي غير مصر . قال أبوعبيد وهذا كلام لم نجدا أحدا يعرفه إن التكبير يقال له التشريق وليس يأخذ به أحد من أصحابه لا أبويوسف ولا محمد كلهم يرى التكبير على المسلمين جميعا حيث كانوا في السفر والحضر وفي الأمصار وغيرها .
ومنها قوله ع :
استكثروا من الطواف بهذا البيت قبل أن يحال بينكم وبينه فكأني برجل من الحبشة أصعل أصمع حمش الساقين قاعدا عليها وهي تقدم قال أبوعبيدة هكذا يروى أصعل وكلام العرب المعروف صعل وهوالصغير الرأس وكذا رءوس الحبشة ولهذا قيل للظليم صعل
وقال عنترة يصف ظليما :

صعل يلوذ بذي العشيرة بيضه ***** كالعبد ذي الفروالطويل الأصلم

قال وقد أجاز بعضهم أصعل في الصعل وذكر أنها لغة لا أدري عمن هي والأصمع الصغير الأذن وامرأة صمعاء .

وفي حديث ابن عباس أنه كان لا يرى بأسا أن يضحي بالصمعاء وحمش الساقين بالتسكين دقيقها .
ومنها :
أن قوما أتوه برجل فقالوا إن هذا يؤمنا ونحن له كارهون فقال له إنك لخروط أ تؤم قوما هم لك كارهون قال أبوعبيد الخروط المتهور في الأمور الراكب برأسه جهلا ومنه قيل انخرط علينا فلان أي اندرأ بالقول السيئ والفعل قال وفقه هذا الحديث أنه ما أفتى ع بفساد صلاته لأنه لم يأمره بالإعادة ولكنه كره له أن يؤم قوما هم له كارهون .
ومنها :
أن رجلا أتاه وعليه ثوب من قهز فقال إن بني فلان ضربوا بني فلانة بالكناسة فقال ع صدقني سن بكره قال أبوعبيد هذا مثل تضربه العرب للرجل يأتي بالخبر على وجهه ويصدق فيه ويقال إن أصله أن الرجل ربما باع بعيره فيسأل المشتري عن سنه فيكذبه فعرض رجل بكرا له فصدق في سنه فقال الآخر صدقني سن بكره فصار مثلا . والقهز بكسر القاف ثياب بيض يخالطها حرير ولا أراها عربية وقد استعملها العرب
قال ذوالرمة يصف البزاة البيض :

من الورق أوصق كأن رءوسها ***** من القهز والقوهي بيض المقانع

ومنها ذكر ع آخر الزمان والفتن :
فقال خير أهل ذلك الزمان كل نومة أولئك مصابيح الهدى ليسوا بالمسابيح ولا المذاييع البذر وقد تقدم شرح ذلك .
ومنها :
أن رجلا سافر مع أصحاب له فلم يرجع حين رجعوا فاتهم أهله أصحابه ورفعوهم إلى شريح فسألهم البينة على قتله فارتفعوا إلى علي ع فأخبروه بقول شريح فقال :

أوردها سعد وسعد مشتمل ***** يا سعد لا تروى بهذاك الإبل

ثم قال إن أهون السقي التشريع ثم فرق بينهم وسألهم فاختلفوا ثم أقروا بقتلهم فقتلهم به قال أبوعبيد هذا مثل أصله أن رجلا أورد إبله ماء لا تصل إليه الإبل إلا بالاستقاء ثم اشتمل ونام وتركها لم يستسق لها والكلمة الثانية مثل أيضا يقول إن أيسر ما كان ينبغي أن يفعل بالإبل أن يمكنها من الشريعة ويعرض عليها الماء يقول أقل ما كان يجب على شريح أن يستقصي في المسألة والبحث عن خبر الرجل ولا يقتصر على طلب البينة .
ومنها قوله :
وقد خرج على الناس وهم ينتظرونه للصلاة قياما ما لي أراكم سامدين قال أبوعبيد أي قائمين وكل رافع رأسه فهوسامد وكانوا يكرهون أن ينتظروا الإمام قياما ولكن قعودا والسامد في غير هذا الموضع اللاهي اللاعب ومنه قوله تعالى وأَنْتُمْ سامِدُونَ وقيل السمود الغناء بلغة حمير .
ومنها :
أنه خرج فرأى قوما يصلون قد سدلوا ثيابهم فقال كأنهم اليهود خرجوا من فهرهم قال أبوعبيد فهرهم بضم الفاء موضع مدراسهم الذي يجتمعون فيه كالعيد يصلون فيه ويسدلون ثيابهم وهي كلمة نبطية أوعبرانية أصلها بهر بالباء فعربت بالفاء . والسدل إسبال الرجل ثوبه من غير أن يضم جانبيه بين يديه فإن ضمه فليس بسدل وقد رويت فيه الكراهة عن النبي ص .
ومنها :
أن رجلا أتاه في فريضة وعنده شريح فقال أ تقول أنت فيها أيها العبد الأبظر قال أبوعبيد هوالذي في شفته العليا طول ونتوء في وسطها محاذي الأنف قال وإنما نراه قال لشريح أيها العبد لأنه كان قد وقع عليه سبي في الجاهلية .
ومنها :
أن الأشعث قال له وهوعلى المنبر غلبتنا عليك هذه الحمراء فقال ع من يعذرني من هؤلاء الضياطرة يتخلف أحدهم يتقلب على فراشه وحشاياه كالعير ويهجر هؤلاء للذكر أ أطردهم إني إن طردتهم لمن الظالمين والله لقد سمعته يقول والله ليضربنكم على الدين عودا كما ضربتموهم عليه بدءا .

قال أبوعبيد الحمراء العجم والموالي سموا بذلك لأن الغالب على ألوان العرب السمرة والغالب على ألوان العجم البياض والحمرة والضياطرة الضخام الذين لا نفع عندهم ولا غناء واحدهم ضيطار .
ومنها قوله ع :
اقتلوا الجان ذا الطفيتين والكلب الأسود ذا الغرتين قال أبوعبيد الجان حية بيضاء والطفية في الأصل خوصة المقل وجمعها طفي ثم شبهت الخطتان على ظهر الحية بطفيتين والغرة البياض في الوجه .

منقول من كتاب شرح ابن ابي الحديد المعتزلي المجلد - ١٩

****************************