- الحكومة والعدالة -
مسألة الحكومة في نهج البلاغة
من المسائل التي بحث الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) حولها كثيراً، مسألة الحكومة، والعدالة. ومن يلاحظ نهج البلاغة يرى أنه (عليه السلام) قد أبدى في كلماته هذه اهتماماً خاصاً بشأن الحكومة، والعدالة، بل أنه (عليه السلام) أولاهما أهمية كبرى لا توصف. وهذا ممّا قد يحمل من لم يعرف الإسلام ديناً ونظاماً وعرف سائر الأديان المحرّفة على العجب والاستغراب، قائلاً في نفسه: عجباً! ما الذي يبعث هذا الإمام الديني على هذا الاهتمام الشديد بهذه الأمور الدنيوية؟! أو ليست هذه الأمور من شؤون الحياة الدنيا؟! فما الذي يدعُ الإمام الديني على الدخول في الدنيا والحياة والأمور الاجتماعية؟!
أما من كان يعرف الإسلام ديناً ونظاماً، وكان يعلم بسابقة الإمام (عليه السلام) في الإسلام، وأنه هو ربيب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الوحيد، الذي ربّاه صغيراً ورعاه كبيراً بتربيته وتعاليمه القيمة، فعلّمه بذلك معالم الإسلام ديناً ودولة، وأفرغ فيه أصوله وفروعه، فهذا لا يصاب بالدهشة والذعر، بل إن كان يرى غير هذا كان يذهل منه، أو ليس القرآن يقول:
(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ)[١].
وقد أعلن الله بهذه الآية الكريمة: أن الهدف من بعثة الأنبياء والرسل وإنزال الكتب هو: إقرار العدل والقسط، فقد بلغت قداسة العدالة درجة جعلت هدفاً لبعثة الأنبياء. وعلى هذا، فكيف يمكن لمثل الإمام علي (عليه السلام) - وهو المفسّر الأول للقرآن الكريم والشارح الأول لأصول الإسلام وفروعه - أن يسكت عن هذا الحق؟ أو أن لا يهتم به؟!
أما أولئك الذين لا يلتفتون إلى هذه المسألة الهامة، زعماً منهم أن أصول الدين عقائد قلبية فقط، وأن فروع الدين الهامة هي مسائل النجاسة والطهارة فقط، هؤلاء يلزمهم أن يعيدوا النظر في عقائدهم وأفكارهم عن الإسلام العظيم!
أهمية الحكومة في نهج البلاغة
والمسألة الأولى التي يجب أن نبحث عنها هنا هي: أهمية الحكومة في نهج البلاغة خصوصاً وفي دين الإسلام عموماً. والبحث المفصل في هذا الموضوع خارج عن نطاق هذه المقالات، ولكن تجدر الإشارة إليها هنا، فنقول:
إن القرآن الكريم حينما يريد أن يأمر الرسول العظيم بإبلاغ ولاية علي (عليه السلام) من بعده على الأمة، يقول: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)[٢].
فأي شيء آخر أنزل إلى الرسول (صلّى الله عليه وآله) واهتم القرآن الكريم بهذا الاهتمام؟ وما هو المنزل الذي يساوي عدم إبلاغه عدم إبلاغ جميع الرسالة؟
ولما انهزم المسلمون في (حرب أحد) وانتشر بينهم خبر قتل الرسول (صلّى الله عليه وآله) ففرّ أكثرهم مدبرين من جبهة الجهاد الإسلامي المقدس، قال القرآن العظيم في تأنيبهم: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ)[٣].
واستفاد الأستاذ العلامة الطبابائي (قدس سره) من هذه الآية: أن القرآن الكريم يقول: لا ينبغي لكم أن يوقفكم عن الجهاد المقدس حتى انتشار خبر قتل الرسول (صلّى الله عليه وآله) بل يجب عليكم آنذاك أن تلتفوا حول لواء الزعيم المعيّن من قبل الرسول (صلّى الله عليه وآله) وتقبلوا معه على جهاد عدوكم. وبعبارة أخرى: إن قتل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لا ينبغي أن يفرّط النظام الاجتماعي والجهادي للمسلمين[٤].
وقد ورد في الحديث عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنه قال: (إذا كنتم ثلاثة في سفر فاجعلوا أحدكم أميراً عليكم).
ومن هنا نستطيع أن نفهم مدى الأضرار البالغة التي كان ينظر إليها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من جراء عدم وجود قوة حاكمة على المجتمع تحلّ النزاعات وتعقد المجتمعات وتدفع عنهم كل هرج ومرج.
وفي نهج البلاغة الكثير من المسائل التي ترتبط بالحكومة والعدالة، سنتعرض نحن هنا لبعضها بحول الله وقوته، فنقول:
إن المسالة الأولى التي يجب أن نبحث عنها هنا هي: أهمية الحكومة ولزومها للمجتمع.
وقد صرح الإمام (عليه السلام) في كلماته المجموعة في (نهج البلاغة) بوجوب وجود حكومة قوية كثيراً، وكافح انتشار فكرة (الخوارج) الذين كانوا يدعون عدم الحاجة إلى الحكومة مع وجود القرآن الكريم بين المسلمين.
وكان شعار الخوارج (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَ للهِ) وقد اقتبسوه هم من القرآن الكريم إذ يقول: (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَ للهِ)[٥] ومفاد هذه الآية الكريمة هو: أن (القانون) يجب أن يكون إما من الله تعالى، أو ممن أذن له الله من رسول الله أو من عيّنه رسول الله (صلّى الله عليه وآله). ولكن الخوارج فسّروا هذه الآية من القرآن برأيهم، فأرادوا بهذه الكلمة الحقة معنى باطلاً - كما قال الإمام علي (عليه السلام) - ومفاد كلامهم هو: أن لا حق للإنسان في الحكم بل الحكم له وحده فقط.
فكان الإمام (عليه السلام) يقول: نعم، أنا أيضاً أقول: لا حكم إلا لله، لكنه بمعنى: أن وضع الحكم والقانون ليس إلا لله. وهؤلاء يقولون بأن الحكومة والزعامة أيضاً لله، وهذا باطل، فإن حكم الله لابدّ أن يجري على يد البشر، ولابد للناس من حاكم صالح أو طالح خير أو شر.
(كلمة حق يراد بها باطل، نعم إنه لا حكم إلا لله، ولكن هؤلاء يقولون: لا إمرة إلا لله. وإنه لابدّ للناس من أمير برّ أو فاجر[٦] يعمل في إمرته المؤمن ويستمتع فيها الكافر، ويبلغ الله فيها الأجل، ويجمع به الفيء ويقاتل به العدو، وتأمن به السبل، ويؤخذ به للضعيف من القوى، حتى يستريح برّ، ويُستراح من فاجر)[٧].
إن الإمام (عليه السلام) - كسائر الرجال الربانيين - يحتقر الحكومة بصفتها مقاماً دنيوياً يشبع غريزة (حب الجاه) في الإنسان، وبصفتها هدفاً للحياة، وحينئذ فلا يعتبرها بشيء أبداً، بل هي عنده - حينذاك - أهون من عظم خنزير في يد مجذوم، كما جاء ذلك في بعض كلماته (عليه السلام).
ولكنه (عليه السلام) يقدسها تقديساً عظيماً إذا كانت مستقيمة غير محرّفة عن سبيلها الأصيل والواقعي الحق، وهو أن تكون وسيلة إلى إجراء العدل وإحقاق الحق، وخدمة الخلق، ومانعاً عن تغلب الرقيب الباطل المنتهز لفرص الوثوب على حقوق الناس. ولهذا فهو (عليه السلام) يكافح هذا الرقيب الباطل الثائر الذي ما زال يتربص بالحق الدوائر، ولا يألوا جهداً عن الجهاد المقدس لحفظها حينئذ وحراستها عن أيدي المنتهزين الطامعين.
قال عبد الله بن العباس: دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) بذي قار، وهو يخصف نعله، فقال لي: ما قيمة هذا النعل؟ فقلت: لا قيمة لها، فقال (عليه السلام): (والله لهي أحب إليّ من إمرتكم، إلا أن أقيم حقاً أو أدفع باطلاً)[٨].
ويتكلم الإمام (عليه السلام) في الخطبة ٢٠٩ حول الحقوق فيقول:
(.. والحق أوسع الأشياء في التواصف، وأضيقها في التناصف. لا يجري لأحد إلا جرى عليه، ولا يجري عليه إلا جرى له. ولو كان لأحد أن يجري له ولا يجري عليه لكان ذلك خالصاً لله سبحانه دون خلقه، لقدرته على عباده ولعدله في كل ما جرت عليه صروف قضائه، ولكنه سبحانه جعل حقه على العباد أن يطيعوه، وجعل جزاءهم عليه مضاعفة الثواب، تفضلاً منه وتوسعاً بما هو - من المزيد - أهله.
ثم جعل سبحانه من حقوقه: حقوقاً افترضها لبعض الناس على بعض، فجعلها تتكافأ في وجوهها، ويوجب بعضها بعضاً، ولا يستوجب بعضها إلا ببعض.
وأظم ما افترض سبحانه من تلك الحقوق: حق الوالي على الرعية، وحق الرعية على الوالي. فريضة الله سبحانه لكلٍّ على كلّ. فجعلها: نظاماً لألفتهم، وعزاً لدينهم، فليست تصلح الرعية إلا بصلاح الولاة، ولا تصلح الولاة إلا باستقامة الرعية. فإذا أدت الرعية إلى الوالي حقه، وأدّى الوالي إليها حقها، عزّ الحق بينهم، وقامت مناهج الدين، واعتدلت معالم العدل، وجرت على إذلالها السنن، فصلح بذلك الزمان، وطمع في بقاء الدولة، ويئست مطامع الأعداء.
وإذا غلبت الرعية واليها، أو أجحف الوالي برعيته، اختلفت هنالك الكلمة، وظهرت معالم الجور، وكثر الإدغال في الدين، وتركت محاجّ السنن، فعُمل بالهوى وعُطّلت الأحكام، وكثرت علل النفوس، فلا يستوحش لعظيم حتى عُطّل، ولا لعظيم باطل فُعل، فهناك تذل الأبرار، وتعِزُّ الأشرار، وتعظم تبعات الله سبحانه عند العباد)[٩].
أهمية العدالة في نهج البلاغة
إن أولى آثار الإسلام هو أثره في أفكار المسلمين، فإنه لم يأت بتعاليم جديدة حول الفرد والمجتمع والعالم فقط، بل بدّل أفكار العالم أيضاً، وإن الأثر الذي جاء به الإسلام ليس بأقل ممّا جاء به من تعاليم.
كل معلم يعلم تلاميذه معلومات جديدة، وكل مدرسة فكرية تعطي لأتباعها ثقافات جدية، ولكن قليل من المعلمين وقليل من المدارس الفكرية التي تهب لإتباعها أسلوباً فكرياً جديداً، بحيث تغير الأسلوب الفكري السابق فيهم وتقلبه إلى مقاييس أخرى.
وهذا ممّا يحتاج إلى توضيح أكثر، فكيف تتغير أساليب الفكر؟ وللإجابة نقول:
إن الإنسان موجود مفكّر، ولهذا فهو يستند في المسائل العلمية والاجتماعية على الاستدلال، وفي استدلاله يستند إلى بعض الأصول والمبادئ التي يستنتج ويحكم بناءً على تلك المبادئ والأصول.
وإن الاختلاف في أساليب الفكر ينشأ من الاختلاف في تلك المبادئ والأصول التي يستند عليها الاستدلال والاستنتاج والحكم، فإن الاختلاف في نوعيتها ومبانيها هو الذي يؤدي إلى الاختلاف في الأحكام. من هنا ينشأ الاختلاف في النتائج.
وتتساوى أساليب التفكير في المسائل العلمية بين العارفين بالأسس العلمية في كل زمان، وإن كان هناك اختلاف في المسائل العلمية فهو في أسلوب الفكر العلمي بين زمان وزمان آخر. أما في المسائل الاجتماعية فلا تتساوى أساليب الفكر حتى بين أبناء العصر الواحد. ولهذا علل لا مجال هنا للبحث فيها.
إن الإنسان حينما يواجه المسائل الاجتماعية والأخلاقية لابدّ وأن يقيّمها في نفسه وفكره، وحينئذ فهو يرتب بين تلك المسائل مراتب وقيماً ودرجات مختلفة، وعلى أساس هذه الدرجات الترتيبية تتفاوت ما يستند إليه من المبادئ والأصول من شخص إلى آخر، ومن هنا تختلف أساليب الفكر.
فالعفاف للمرأة - مثلاً - مسألة اجتماعية، فهل يمكن أن يكون تقييمه عند الجميع بأسلوب فكري واحد؟ كلا، بل الاختلاف فيه كثير، حتى أن بعضهم لا يعتبر له أي قيمة اجتماعية أو أخلاقية، بل لا يعتبر الأخلاق أصلاً. وعلى هذا فلا أثر العفاف في أفكار هؤلاء أبداً. وهناك آخرون يعتبرون له كل الثقل في القيم الأخلاقية، حتى أنهم لا يعتبرون للحياة أي قيمة لولا القيم الأخلاقية ومنها العفاف.
فحينما نقول: إن الإسلام بدّل أساليب الفكر، نعني: إنه صعد ببعض القيم وهبط ببعضها الآخر: فجعل التقوى - مثلاً، ولم تكن في ميزان قيمهم إلا بمستوى الصفر - في المرتبة العليا من قمم القيم والمثل، وجعل لها أعلى الأثمان وأرفعها وأغلاها، وهبط بأعلى قيمهم: كالدم والعنصر وغيرهما إلى مستوى الصفر.
والعدالة، هي إحدى تلك التي رجعت إلى الحياة والاعتبار، بالإسلام. فإنه لم يوص أتباعه بالعدالة فحسب، ولم يقنع منهم بإجرائها وتطبيقها فقط، بل المهم أنه رفع من قيمتها ووزنها وثقلها وثمنه في الأفكار.
وما أجمل أن نسمع هذا المعنى من لسان الإمام (عليه السلام) كما في نهج بلاغته.
سأله رجل: العدل أفضل أم الجود؟
سأله عن خاصتين من الخصائص الإنسانية، فالإنسان هارب من الظلم وشاكر للإحسان خصوصاً إذا كان الإحسان والبر بدون انتظار الجزاء والشكر.
وقد يبدو لأول وهلة أن يكون الجواب بكل سهولة: إن الجود أفضل من العدالة! إذ العدالة: رعاية لحقوق الآخرين وعدم التعدي عن الحقوق وعدم التجاوز على حقوق الآخرين. أما الجود: فهو أن ينشر الإنسان بيده حقوقه المفروضة له على غيره. فالعادل حافظ للحقوق غير متجاوز عليها، أما الجواد فهو مضحٍ بحقوقه للآخرين مفوّض لها إياهم. فالجود أفضل والجواد أنبل!
هذا إذا كانت مقاييسنا هي المقاييس الأخلاقية الفردية، فعليها يصبح الجود أجل معرّف لشخصية الإنسان الجواد، وأسمى سمة لكماله، وأعلى علامة لرقيّ روحه.
ولكن الإمام علي (عليه السلام) يجيب بعكس ذلك، فإنه يرجح العدل على الجود بدليلين:
١- (العدل يضع الأمور موضعها، والجود يخرجها من جهتها)
فإن معنى العدالة: أن تلاحظ الحقوق الواقعية والطبيعية، فيعطي لكل شخص ما يستحقه حسب استعداده وعمله، وحينئذ يجد كل شخص مكانه في المجتمع، ويصبح المجتمع كمصنع جاهز منظم. أما الجود، فهو وإن كان معناه: أن يهب الجواد ما يملكه بالمشروع للآخرين، ولكن لا ينبغي الغفلة عن أنه عمل غير طبيعي للمجتمع، إذ ما أحسن للمجتمع أن لا يوجد فيه عضو ناقص يستدعي سائر الأعضاء إلى العون والمساعدة؟! فإن الجود لا يكون إلا كمثل أن يوجد في أعضاء البدن عضو ناقص أو مريض يستدعي سائر الأعضاء إلى العون والمساعدة.
٢- (العدل سائس عام، والجود عارض خاص)
فالعدالة قانون عام يدبر جميع شؤون المجتمع، فهو سبيل يسلكه الجميع أما الجود فهو حال استثنائي خاص لا يمكن أن يصبح قانوناً عاماً، فإنه إذا كان كذلك لم يحسب جوداً آنذاك.
ثم استنتج الإمام (عليه السلام) فقال: (... فالعدل أشرفهما وأفضلهما)[١٠].
إن فكرة كهذه حول الإنسان هي نوع خاص من الفكر على أساس تقييم خاص يبتني بدوره على أساس أهمية المجتمع وأصالته. إن الأصل في هذا التقييم هو تقديم الأصول والمبادئ (الاجتماعية) على الأصول والمبادئ الأخلاقية (الفردية) وجعل الأولى أصلاً والثانية فرعاً عليه، والأول جذعاً والثاني غصناً، والأول ركناً والثاني زيناً وجمالاً.
إن العدل في نظر الإمام (عليه السلام) هو الأصل الذي يستطيع أن يصون توازن المجتمع، ويرضيه ويهب له السلام والأمن والطمأنينة والاستقرار. أما الظلم والجور والتمييز الطبقي فهو لا يرضى حتى نفس الظالم والذي يظلم من أجله، فكيف بالمظلومين والمحرومين! العدل سبيل عام يسع الجميع ويصل بهم إلى حيث الطمأنينة والاستقرار، أما الظلم والجور فهو طريق ضيق لا يصل حتى بصاحبه إلى ما يريد.
نعلم أن عثمان بن عفان قد وهب قسماً عظيماً من الأموال العامة للمسلمين إلى أقربائه وذويه في خلافته. فلما أخذ الإمام (عليه السلام) بأزمة الأمور طلب إليه أن لا يعيد النظر إلى ما سبق، بل يقصر سعيه على ما يحدث له في خلافته! ولكنه أجاب (عليه السلام): (الحق القديم لا يبطله شيء. والله لو وجدته قد تزوج به النساء، ومُلك به الإماء لرددته. فإن في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق)[١١].
يعني: أن في العدل سعة خاصة تسع الجميع وتشملهم، ومن كان مريضاً متخماً سميناً لا يسعه العدل فليعلم أن مكانه في الظلم والجور أضيق عليه من مكانه في العدل والقسط. وإذا ضاق تدبير الأمور على الوالي بالعدل، فتدبير أموره بالجور أضيق عليه، لأنه حينئذ في مظنّة أن يصدّ عن جوره.
ويعني: أن العدل شيء بالإمكان أن يوصف بأنه من حدود الإيمان، فيقنع به المؤمن، أما إذا كان الرجل مسلوب الإيمان متجاوزاً حدود العدل، إذن لا تحده الحدود، فإنه كلما بلغ مبلغاً من شهواته تعطش إلى حدود أخرى لم يبلغها، وأحس بالعطش أكثر فأكثر.
لا يصح أن نكون متفرّجين
ان الإمام (عليه السلام) يحسب العدالة وظيفة إلهية بل ناموساً إلهياً، فلا يصح أن يقف المسلم العارف بالإسلام وقفة المتفرج عند ترك الناس العدل ولجوئهم إلى الجور والتمييز الطبقي.
فإنه (عليه السلام) بعدما يشير في (الخطبة الشقشقية) إلى بعض الحوادث المؤلمة السياسية السابقة، يقول: (فما راعني إلا والناس كعُرف الضبع إليّ، ينثالون عليّ من كل جانب، حتى لقد وطئ الحسنان وشق عطفاي، مجتمعين حولي كربيضة الغنم.. أما والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة، لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله على العلماء أن لا يقارّوا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها، ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز).
هجم الناس عليه من كل جانب ومكان يطلبون إليه بإصرار وإلحاح شديدين أن يتقبل الالتزام بزمام أمور المسلمين. وهو (عليه السلام) لم يكن - بعدما كان من الحوادث المؤلمة الماضية، وفساد الأوضاع الحاضرة - راغباً في قبول هذه المسؤولية العظمى، ولكن بما أنه (عليه السلام) لو لم يكن يتحمل هذه المسؤولية الكبرى كان يشوه وجه الحقيقة ويقال: أنه (عليه السلام) لم يكن يهتم بهذه الأمور ولم يكن راغباً فيها من أول يوم، وبما أن الإسلام لا يبيح للمسلم عند انقسام المجتمع إلى مجتمع طبقي، ظالم ومظلوم، متخم وجائع، أن يقف مكتوف اليدين وقفة المتفرج.. لذلك تعهد الإمام (عليه السلام) بهذا التكليف الثقيل وقال: لو لم يكن ما كان من ذلك الاجتماع العظيم، ولولا قيام الحجة علي وانقطاع العذر بوجود الناصرين، ولولا تحريم الله السكوت عن الحق على العلماء عند ظلم الظالمين وجوع المظلومين.. لكنت ألقي زمام الخلافة على عاتقها وأجلس عنها كما جلست من قبل ذلك.
لا يضحي الإمام بالعدالة للمصلحة
قال الساسة: إن التمييز الطبقي، واستحالة الأعوان، وتأسيس الأحزاب، وسدّ الأفواه بالأموال.. كل ذلك من الوسائل الضرورية للسياسة والتدبير ولكن قد التزم بالسياسة والتدبير وأصبح ربّان سفينتها اليوم رجل هو العدو اللدود لهذه الأدوات الضرورية! بل هدفه وأمله أن يكافح هذه السياسة! وطبيعي - حينئذ - أن يتألم أرباب الطمع ورجال السياسة منه منذ اليوم الأول، ويجرهم المهم هذا إلى التخريب في الأمور وخلق الاضطرابات والقلق. ولذلك فقد أقبل على الإمام (عليه السلام) أحباؤه الخيّرون وطلبوا إليه بكل إخلاص ونصح، أن يعدّل من سياسته هذه لمصلحة أهم وأعظم! واقترحوا عليه أن يريح نفسه من الصراع في هذه الضوضاء، فإنها من أناس متنفذّين ذوي شخصيات من الصدر الأول في الإسلام! كمعاوية بن أبي سفيان والي أراضي الشام الذهبية! فما ضرّك لو سكت عن المساواة والمساواة اليوم من أجل (المصالح)؟!
وأجاب الإمام (عليه السلام): (أتأمرونني أن أطلب النصر بالجور؟ والله ما أطور به ما سمر سمير، وأمّ نجم في السماء نجماً! لو كان المال لي لسوّيت بينهم، فكيف وإنما المال مال الله)[١٢].
هذا نموذج من كلمات الإمام في تثمين العدل بنظره (عليه السلام)!
حقوق الناس في نهج البلاغة
من الممكن أن تعمل الحكومات المختلفة في سبيل تأمين الحوائج المادية للحياة بصورة واحدة، ولكنها لا تتساوى في رضا الناس عنها، إذ يفي بعضها بقضاء الحوائج النفسية والروحية للمجتمع بينما لا تفي بها الحكومة الأخرى.
ومما يرتبط به رضا الناس هو نوعية نظر الحكومة إلى الأمة وإلى نفسها، فهل تنظر إليهم على أنهم عبيد ومماليك وهي المالكة المختارة؟! أم على أنهم ذوو حقوق في جميع الأمور وإنما هي نائبة عنهم ومؤتمنة من قبل الله عليهم وكفيلة برعاية حقوقهم؟
ففي الصورة الأولى أن كل ما عملته من عمل لهم هو من نوع العمل الذي يقوم به صاحب حيوان لحماية حيوانه عن الآفات والعاهات! بينما عملها في الصورة الثانية هو من نوع الخدمات التي يقوم بها أمين صالح لما هو في أمانته ومعهود بصلاحه. إن اعتراف الحكومة بحقوق الناس، وحذرها من كل عمل يشعرهم بنفي حقوقهم، هما من الشروط الأولية لرضا الناس عنها واعتمادهم عليها.
وهكذا قال الإمام (عليه السلام)
والآن نستعرض هنا نماذج من نصوص الإمام (عليه السلام) في (نهج البلاغة) في باب الحقوق والعدالة الاجتماعية.
يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في الخطبة ٢٠٩:
(أما بعد: فقد جعل الله لي عليكم حقاً بولاية أمركم، ولكم علي من الحق مثل الذي لي عليكم. فالحق أوسع الأشياء في التواصف وأضيقها في التناصف، لا يجري لأحد إلا جرى عليه، ولا يجري عليه إلا جرى له).
فالكلام في هذا المقطع حول الحق والعدالة والوظيفة والتكليف من قبل الله تعالى، ولكن لا بصورة أن الله أعطى لبعض الأفراد من الناس حقوقاً ثم لم يجعلهم مسؤولين سوى أمام أنفسهم فحسب! وأنه حرم آخرين من هذه الحقوق وإنما جعلهم مسؤولين أمام أنفسهم وأمام ذوي تلك الحقوق إلى منتهى حدود المسؤولية! ممّا ينفي كل معنى للعدل والظلم بين الحاكم والمحكوم عليه.
ويقول (عليه السلام) فيها أيضاً: (وليس امرؤ - وإن عظمت في الحق منزلته وتقدمت في الدين فضيلته - بفوق أن يعان على ما حمّله الله من حقه، ولا امرؤ - وإن صغرته النفوس وأقحمته العيون - بدون أن يعين على ذلك أو يُعان عليه.
فلا تكلموني بما تكلم به الجبابرة، ولا تتحفظوا مني بما يتحفظ عند أهل البادرة، ولا تخالطوني بالمصانعة، ولا تظنوا بي استثقالاً في حق قيل لي، ولا التماس إعظام لنفسي، فإنه من استثقل الحق أن يقال له، أو العدل أن يعرض عليه، كان العمل بهما أثقل عليه، فلا تكفوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل).
الحاكم أمين وليس مالكاً للحكم
قلنا في الفصل الساق: إنه ظهرت في القرون الأخيرة من بعض علماء الغرب فكرة خطرة مضلة، لها نصيب كبير في دفع المجتمع البشري نحو المادية، وهي: إنهم قرروا بين الإيمان بالله من ناحية ونفي حق الحكم عن العموم من ناحية أخرى علاقة مختلفة! وافترضوا! أن المسؤولية أمام الله تستلزم نفي المسؤولية أمام الناس، وأن حق الله يعوّض عن حق الناس! فبدل أن يكون الإيمان بخالق العالم على العدل أساساً وضماناً لفكرة الحقوق الفطرية، جعل مناقضاً لها! وحينئذ فمن الطبيعي أن يحسبوا أن إقرار حق الحكم للأمة يساوي نفي الخالق!
والأمر في الإسلام على العكس من هذه الفكرة تماماً. ففي (نهج البلاغة) مثلاً مع أنه كتاب معرفة الله وتوحيده ومع أنه يتكلم في كل مكان عن الله وعن حقوقه على العباد - مع ذلك - لم يسكت هذا الكتاب المقدس عن حقوق الناس الحقة والواقعية، وعن مكانتهم المحترمة الممتازة أمام حكامهم، وعن أن الحاكم في الواقع ليس إلا حارساً مؤتمناً على حقوق الناس، بل أكد على ذلك كثيراً.
إن الإمام الحاكم - في نهج البلاغة - حارس أمين على حقوق الناس ومسؤول أمامهم! وإن كان لابدّ من أن يكون أحدهما للآخر فالحاكم هو الذي جعل في هذا الكتاب المقدس للناس، لا أن يكون الناس للحاكم! وعنه اقتبس سعدي الشيرازي إذ قال:
ليست الأغنام ملكاً للرعاة ***** إنما هم يخدمون الغنما
وإن لكلمة (الرعية) مفهوماً إنسانياً جميلاً في الإسلام، ولأول مرة نرى استعمال هذه الكلمة في (الناس المحكومين) وكلمة (الراعي) في الحاكم في كلمات الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) ثم في كلمات الإمام علي (عليه السلام) بكثرة. وهي من مادة (رعى) بمعنى: حفظ وحرس، وإنما أطلق رسول الله (صلّى الله عليه وآله) هذه الكلمة (الرعية) على الناس من جهة أن الحاكم في الإسلام يجب أن يتعهد بحفظهم وحراستهم في أنفسهم وأموالهم وحقوقهم وحرياتهم. ومن أحاديث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في هذا المورد قوله (صلّى الله عليه وآله):
(كلكم راع وكلكم مسؤول، فالإمام راع وهو مسؤول، والمرأة راعية على بيت زوجها وهي مسؤولة، والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول)[١٣].
وقد ذكرنا في الفصل السابق نماذج من نهج البلاغة ترينا نظرية الإمام (عليه السلام) في حقوق الناس، وسنذكر في هذا الفصل أيضاً نماذج أخرى في ذلك. ونقدم عليها موضوعاً من القرآن الكريم، فنقول: قال الله تعالى في (سورة النساء، آية ٥٨):
(إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ).
وقال الشيخ الطبري (قدس سره) في (مجمع البيان) في ذيل هذه الآية الكريمة: قيل في المعنى بهذه الآية الكريمة: أقوال: أحدها: إنها في كل من اؤتمن في أمانة من الأمانات، وأمانات الله أوامره ونواهيه، وأمانات عباده فيما يأتمن بعضهم بعضاً من المال وغيره.. وثانيهما: إن المراد به ولاة الأمر، أمرهم الله أن يقوموا (برعاية الرعية) وحملهم على موجب الدين والشرعية..) ثم قال: (ويعضده: أنه سبحانه أمر الرعية بعد هذا بطاعة ولاة الأمر. وروي عنهم: إنهم قالوا: (آيتان، إحداهما لنا والأخرى لكم). قال الله: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا). ثم قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ).. ولذلك قال أبو جعفر (عليه السلام): (إن أداء الصلاة والزكاة والصوم والحج من الأمانة) ويكون من جملتها: الأمر لولاة الأمر بقسم الصدقات والغنائم وغير ذلك ممّا يتعلق به حق الرعية..)[١٤].
وروى السيد الطباطبائي في تفسيره (الميزان) عن (الدرر المنثور) بأسانيده عن علي (عليه السلام) أنه قال: (حق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله وأن يؤدي الأمانة، فإذا فعل ذلك فحق على الناس أن يسمعوا له وأن يطيعوا وأن يجيبوا إذا دعوا)[١٥].
فالملاحظ: هو أن القرآن الكريم يرى الحاكم حارساً أميناً على المجتمع، وأن الحكومة العادلة إنما هي أمانة على عاتق الحاكم يجب أن يؤديها إلى الأمة وأن أمير المؤمنين والأئمة المعصومين من ولده (عليهم السلام) إنما أخذوا عن القرآن ما قالوه بهذا الصدد.
وبعد أن تعرفنا الآن على منطق القرآن الكريم في هذا الموضوع فلنعرض نماذج أخرى من (نهج البلاغة)، وعلينا أن نفحص ذلك في كتب أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى ولاته على الأمصار والبلدان، ونخص بالفحص ما كان منها بصورة مرسوم حكومي عام، ففيها تنعكس آراء الإمام (عليه السلام) في شأن الحاكم، ووظائفه إمام الناس، وحقوق الناس عليه.
ففي كتابه إلى عامله على آذربيجان يقول (عليه السلام): (وإن عملك ليس لك بطعمة، ولكنه في عنقك أمانة، وأنت مسترعىً لمن فوقك، ليس لك أن تفتات في رعيته..)[١٦].
وفي مرسومه الحكومي العام إلى جباة الزكاة والأموال العامة، يعظهم ويذكرهم بالله، ثم يقول: (.. فأنصفوا الناس من أنفسهم، واصبروا، فإنكم خزان الرعية، ووكلاء الأمة، وسفراء الأئمة..)[١٧].
وفي وصيته إلى مالك الأشتر النخعي إذ ولاه مصر، يقول (عليه السلام): (واشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان: إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق..). ولا تقولن أني مؤمّر آمر فأطاع، فإن ذلك إدغال في القلب ومنهكة للدين وتقرّب من الغير.. فإن حقاً على الوالي أن لا يغيره على رعيته فضل ناله ولا طول خُصّ به، وأن يزيده ما قسم الله له من نعمة دنواً من عبده وعطفاً على إخوانه..)[١٨].
وهكذا نشاهد في كتب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى ولاته وعماله على البلاد تحسساً شديداً للعدل، والشفقة بالرعية، واحترام حقوق الناس، ممّا لا ينقضي منه العجب كل العجب.
وقد نقل السيد الشريف الرضي (رحمه الله) في نهج البلاغة وصية له (عليه السلام) كان يكتبها لمن يستعمله على الصدقات، وقال (رحمه الله): وإنما ذكرنا هنا جملاً منها ليعلم بها أنه (عليه السلام) كان يقيم عماد الحق ويشرع أمثلة العدل في صغير الأمور وكبيرها ودقيقها وجليلها).
(انطلق على تقوى الله وحده لا شريك له. ولا تُروعنّ مسلماً، ولا تجتازنّ عليه كارهاً، ولا تأخذ منه أكثر من حق الله في ماله. فإذا قدمت على الحيّ فأنزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم، ثم امض إليهم بالسكينة والوقار حتى تقوم بينهم فتسلّم عليهم، ولا تخرج بالتحية لهم[١٩].
ثم تقول: يا عباد الله! أرسلني إليكم ولي الله وخليفته لآخذ منكم حق الله في أموالكم. فهل لله في أموالكم من حق فتؤدوه إلى وليّه؟!
فإن قال قائل: لا، فلا تراجعه. وإن أنعم لك منعم فانطلق معه، من غير أن تخيفه أو توعده أو تعسِفه أو ترهقه. فخذ ما أعطاك من ذهب أو فضة. فإن كان له ماشية أو إبل فلا تدخلها إلا بإذنه، فإن أكثرها له، فإذا أتيتها فلا تدخل عليها دخول متسلط عليه ولا عنيف به. ولا تنفرنّ بهيمة ولا تفزعنّها، ولا تسوءنّ صاحبها فيها. واصدع المال صدعين ثم خيّره، فإذا اختار فلا تعرضنّ لما اختاره، ثم اصدع الباقي صدعين ثم خيّره، فإذا اختار فلا تعرضن لما اختاره.. فلا تزال كذلك حتى يبقى ما فيه وفاء لحق الله في ماله، فاقبض حق الله منه. فإن استقالك فأقله، ثم اصنع مثل الذي صنعت أولاً حتى تأخذ حق الله في ماله)[٢٠].
وارى أن هذا يكفي لبيان نظرية الإمام (عليه السلام) بصفته حاكماً نموذجياً مسلماً في حقوق الناس بصفتهم محكومين.