وقال (عليه السلام): أَشَدُّ الذُّنُوبِ مَا اسْتَخَفَّ بِهِ صَاحِبُهُ.                
وقال (عليه السلام): مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ.                
وقال (عليه السلام): مَا مَزَحَ امْرُؤٌ مَزْحَةً إِلاَّ مَجَّ مِنْ عَقْلِهِ مَجَّةً.                
وقال (عليه السلام): ما أَنْقَضَ النَّوْمَ لِعَزَائِمِ الْيَوْمِ.                
وقال (عليه السلام) : هَلَكَ فِي رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ غَال ، وَمُبْغِضٌ قَال .                
وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                
وقال (عليه السلام): لَيْسَ بَلَدٌ بأَحَقَّ بِكَ مِنْ بَلَد، خَيْرُ الْبِلاَدِ مَا حَمَلَكَ.                

Search form

إرسال الی صدیق
نهج البلاغة الكتاب الأسطوري

 

مقدمة في نهج البلاغة

بسم الله الرحمن الرحيم

(نهج البلاغة) اسم وضعه الشريف الرضي على كتاب جمع فيه، ـ كما هومذكور ـ المختار من كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في جميع فنونه ومتشعبات غصونه. وقد اشتمل على عدد كبير من الخطب والمواعظ
والعهود والرسائل والحكم والوصايا والآداب، توزعت على ٢٣٨ خطبة و٧٩ بين كتاب ووصية وعهد، و٤٨٨ من الكلمات القصار، واحتوت على عوالم وآفاق متعددة منها: عالم الزهد والتقوى، عالم العرفان والعبادة، عالم الحكمة والفلسفة، عالم النصح والموعظة، عالم الملاحم والمغيبات، عالم السياسة والمسؤوليات الاجتماعية، عالم الشجاعة والحماسة وغير ذلك.
وقد قال قده في مقدمته للكتاب
ورأيتُ من بعد تسمية هذا الكتاب بـ ( نهج البلاغة ) إذ كان يفتح للناظر فيه أبوابها ، ويقرّب عليه طِلابها ، وفيه حاجة العالم والمتعلّم ، وبغية البليغ والزاهد ، ويمضي في أثنائه من عجيب الكلام في التوحيد والعدل ، وتنزيه الله سبحانه عن شَبَهِ الخلق ، ما هوبِلال كلّ غلّة ، وشفاء كلّ علّة ، وجِلاء كلّ شبهة .

من هو الشريف الرضي
أبوالحسن، محمد بن الحسين بن موسى، ويلقب بالشريف الرضي (٣٥٩ - ٤٠٦ هـ ٩٦٩ - ١٠١٥م) هوالرضي العلوي الحسيني الموسوي. شاعر وفقيه شيعي ولد في بغداد وتوفي فيها. عمل نقيباً للطالبيين حتى وفاته.
لشريف الرضي ذوالحسبين أبوالحسن محمد بن أبي أحمد الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم ابن الإمام أبي إبراهيم موسى الكاظم .
أمه السيدة فاطمة بنت الحسين بن أبي محمد الحسن الأطروش بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن أبي طالب .
وسيدنا الشريف الرضي هومفخرة من مفاخر العترة الطاهرة، وإمام من أئمة العلم والحديث والأدب، وبطل من أبطال الدين والعلم والمذهب، هوأول في كل ما ورثه سلفه الطاهر من علم متدفق، ونفسيات زاكية، وأنظار ثاقبة.
وإباء وشمم، وأدب بارع، وحسب نقي، ونسب نبوي، وشرف علوي، ومجد فاطمي، وسودد كاظمي، إلى فضائل قد تدفق سيلها الأتي، ومئانر قد التطمت أواذيها الجارفة، ومهما تشدق الكاتب فإن في البيان قصورا عن بلوغ مداه، درس هووأخوه الشريف المرتضى على يد الشيخ المفيد أحد فقهاء الشيعة المعروفين القدامى.
استعان الشريف الرضي في جمع كلام الإمام أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) بالكتب الكثيرة التي كانت في متناول يده آنذاك ، فقد كانت بغداد في ذلك اليوم تزخر بالمكتبات العامة والخاصة الفريدة التي تضُمُّ كتباً كثيرة ، ومن جملة تلك المكتبات مكتبة أخيه السيد المرتضى علم الهدى ( رحمه الله ) التي كانت تشتمل على ثمانين ألف مجلد .

أقوال العلماء في نهج البلاغة :
وأقوال العلماء والادباء في خصوص نهج البلاغة وصحة انتساب مافيه إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) فهي كثيرة أيضاً نُشير إلى بعضها .
١- قال العلامة السيد محسن الأمين : " إن نهج البلاغة مع صحة أسانيده في الكتب وجلالة قدر جامعه وعدالته ووثاقته ،لا يحتاج إلى شاهد على صحة نسبته إلى إمام الفصاحة والبلاغة ،بل له منهُ عليه شاهد " .
٢- قال الفاضل الآلوسي : " هذا كتاب نهج البلاغة قد استودع من خطب بن أبي طالب سلام الله عليه ما هوقبس من نور الكلام الإلهي وشمس تضيء بفصاحة المنطق النبوي " .
٣- قال الإمام محمد عبده : " جمع الكتاب ـ أي نهج البلاغة ـ ما يمكن أن يعرض الكاتب والخاطب من أغراض الكلام ، فيه الترغيب ، والتنفير ، والسياسات ، والجدليات ، والحقوق وأصول المدنية وقواعد العدالة ، والنصائح والمواعظ ، فلا يطلب الطالب طلبه إلا ويرى فيه أفضلها ، ولا تختلج فكرة إلا وجد فيه أكملها ".

ماقاله بعض اهل السنة في نهج البلاغة
قال الذهبي في الميزان (٣/١٢٤) : ومن طالع كتابه " نهج البلاغة " ؛ جزم بأنه مكذوب على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ، ففيه السب الصراح والحطُّ على السيدين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وفيه من التناقض والأشياء الركيكة والعبارات التي من له معرفة بنفس القرشيين الصحابة ، وبنفس غيرهم ممن بعدهم من المتأخرين ، جزم بأن الكتاب أكثره باطل.
قال ابن تيمية في منهاج السنة (٨/٥٥ – ٥٦) : فأكثر الخطب التي ينقلها صاحب "نهج البلاغة "كذب على علي ، وعليٌّ رضي الله عنه أجلُّ وأعلى قدرا من أن يتكلم بذلك الكلام ، ولكن هؤلاء وضعوا أكاذيب وظنوا أنها مدح ، فلا هي صدق ولا هي مدح ، ومن قال إن كلام علي وغيره من البشر فوق كلام المخلوق فقد أخطأ ، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم فوق كلامه ، وكلاهما مخلوق ...
وأيضا ؛ فالمعاني الصحيحة التي توجد في كلام علي موجودة في كلام غيره ، لكن صاحب نهج البلاغة وأمثاله أخذوا كثيرا من كلام الناس فجعلوه من كلام علي ، ومنه ما يحكى عن علي أنه تكلم به ، ومنه ما هوكلام حق يليق به أن يتكلم به ولكن هوفي نفس الأمر من كلام غيره ....
ولهذا يوجد في كلام البيان والتبيين للجاحظ وغيره من الكتب كلام منقول عن غير علي وصاحب نهج البلاغة يجعله عن علي ، وهذه الخطب المنقولة في كتاب نهج البلاغة لوكانت كلها عن علي من كلامه لكانت موجودة قبل هذا المصنف منقولة عن علي بالأسانيد وبغيرها ، فإذا عرف من له خبرة بالمنقولات أن كثيرا منها بل أكثرها لا يعرف قبل هذا علم أن هذا كذب ، وإلا فليبيِّن الناقل لها في أي كتاب ذكر ذلك ، ومن الذي نقله عن علي ، وما إسناده ، وإلا فالدعوى المجردة لا يعجز عنها أحد ، ومن كان له خبرة بمعرفة طريقة أهل الحديث ومعرفة الآثار والمنقول بالأسانيد وتبين صدقها من كذبها ؛ علم أن هؤلاء الذين ينقلون مثل هذا عن علي من أبعد الناس عن المنقولات والتمييز بين صدقها وكذبها.
وقال في منهاج السنة النبوية (٧/٨٦) : فنقول أولاً : أين إسناد هذا النقل ؟ بحيث ينقله ثقة عن ثقة متصلاً إليه ، وهذا لا يوجد قط ، وأنما يوجد مثل هذا في كتاب نهج البلاغة ، وأمثاله ، وأهل العلم يعلمون أن أكثر خطب هذا الكتاب مفتراة على علي - رضي الله عنه - ، ولهذا لا يوجد غالبها في كتاب متقدم ، ولا لها إسناد  معروف ، فهذا الذي نقلها من أين نقلها ؟ولكن هذه الخطب بمنزلة من يدعي أنه علوي ، أوعباسي ، ولا نعلم أحداً من سلفه أدعى ذلك قط ، ولا أدعى ذلك له فيعلم كذبه ، فإن النسب يكون معروفاً من أصله حتى يتصل بفرعه ، وكذلك المنقولات لا بد أن تكون ثابته معروفة عمن نقل عنه ، حتى تتصل بنا .فإذا صنف واحد كتاباً ذكر فيه خطباً كثيرة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، ولم يروأحد منهم تلك الخطب قبله بإسناد معروف علمنا قطعاً أن ذلك كذب .وفي هذه الخطب أمور كثيرة قد علمنا يقيناً من علي ما يناقضها ، ونحن في هذا المقام ليس علينا أن نبين أن هذا كذب بل يكفينا المطالبة بصحة النقل ، فإن الله لم يوجب على الخلق أن يصدقوا بما لم يقم دليل على صدقه بل هذا ممتنع بالإتفاق ، لا سيما على القول بإمتناع تكليف ما لا يطاق ، فإن هذا من أعظم تكليف ما لا يطاق ، فكيف يمكن الإنسان أن يثبت إدعاء علي للخلافة بمثل حكاية ذكرت عنه في أثناء المائة الرابعة لما كثر الكذابون عليه ، وصار لهم دولة تقبل منهم ما يقولون سواء كان صدقاً أوكذباً ، وليس عندهم من يطالبهم بصحة النقل ،
وهذا الجواب عمدتنا في نفس الأمر ، وفيما بيننا وبين الله تعالى ).
جاء في كتاب مختصر التحفة الإثنى عشرية ( ص ٣٦) : ومن مكائدهم – أي الرافضة أنهم ينسبون إلى الأمير من الروايات ما هو بريء منه ويحرفون عنه ، فمن ذلك " نهج البلاغة " الذي ألفه الرضي وقيل أخوه المرتضى ، فقد وقع فيه تحريف كثير وأسقط كثيرا من العبارات حتى لا يكون به مستمسك لأهل السنة ، مع أن ذلك أمر ظاهر ، بل مثل الشمس زاهر.

****************************