وقال (عليه السلام): ما أَنْقَضَ النَّوْمَ لِعَزَائِمِ الْيَوْمِ.                
وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                
وقال (عليه السلام): الْقَنَاعَةُ مَالٌ لاَيَنْفَدُ.                
وقال (عليه السلام): الغِنَى والْفَقْرُ بَعْدَ الْعَرْضِ عَلَى اللهِ.                
وقال (عليه السلام): النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا.                
وقال (عليه السلام): مَنِ اتَّجَرَ بِغَيْرِ فِقْه ارْتَطَمَ فِي الرِّبَا.                
وقال (عليه السلام): قَلِيلٌ مَدُومٌ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِير مَمْلُول مِنْهُ .                

Search form

إرسال الی صدیق
نهج البلاغة وشروحه وشراحه

علي مردي السوداني

قبل الدخول في صلب الموضوع واساسه اجد من المفيد والنافع للقارئ قول كلمة ولو وجيزة في نظرتنا الى التراث لعلاقة هذا التراث بموضوعنا. فالتراث مأخوذ من الارث وعلى هذا الاساس،فان من ابرز ما يعني ما تركه لنا اجدادنا والذين سبقونا وعاشوا قبلنا عبر التاريخ القديم والحديث،وهناك تقسيمات وتوزيعات لهذا التراث منظور اليه ـ أي التراث ـ من زوايا وجوانب متعددة ومتنوعة 'فهو تراث فكري يتمثل الافكار التي دارت حول مختلف شؤون الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والادبية والفنية، والى جانب ذلك هناك تراث مادي وهو ما تم تركه وتوارثه من قبل الاجيال السابقة لنا ويتمثل بالاثار المادية المختلفة كالادوات والملابس والنقود المعدنية وغيرها من التي كانت ومازالت مطمورة في باطن الارض والبحار والانهار.

المعروف منها وغير المعروف. المكتشف منها وغير المكتشف،ومن المعلوم ان التراث منه مازال مفيدا وصالحاً للظروف المعاصرة رغم قدمه ويطلق على هذا النوع من التراث ـ الكلاسيكي ـ والى جانبه نجد من شاخ منه وعتق واصبح لا يصلح الا للمتاحف ولن يهتم به سوى قلة قليلة من الباحثين المختصين بهذا الضرب من الدراسات التاريخية فقط. ولعل ابرز واهم انواع التراث الكلاسيكي هو القرآن الكريم والاحاديث النبوية الشريفة. الى جانب خطب واقوال السلف.

وأبرزها خطب واقوال وحكم الامام علي بن ابي طالب ـ ع ـ ولابد هنا من القول ان هذه الاقوال والخطب والحكم قد تعرضت الى الجمع والشرح والتفسير خلال العصور التاريخية ويقال بهذا الصدد ان أول من جمع خطب الامام ـ ع ـ هو الصحابي ـ زيد بن وهب الجهيني ـ الذي شهد مع الامام ـ ع ـ معركة صفين.

ولكن الجامع الحقيقي لآثار الامام ـ ع ـ غير متفق عليه. فهو الشريف الرضي عند بعض المفكرين والمؤرخين والشريف المرتضى عند بعضهم الآخر.

ومن هؤلاء المستشرق الالماني كارل بروكلمان في كتابة تاريخ الادب العربي.

وقد تم جمع تلك الآثار في القرن الرابع الهجري ـ العاشر الميلادي ـ وقد اطلق على تلك الآثار آنذاك ـ نهج البلاغة ـ وفيما بعد قام بشرحها وتفسيرها والتعليق عليها العديد من الشراح والمفسرين.

وخلال مراحل تاريخية مختلفة. ولم يقتصر شرح هذا النهج على باحثين عرب ومسلمين. وانما تعداه الى مفكرين وباحثين أجانب قديما وحديثا.

ولعل ابرز هؤلاء الشراح المعتزلي عبد الحميد بن ابي الحديد. ويقال انه قام بهذا الشرح تنفيذا لرغبة الوزير ابن العلقمي.

وابن ميثم البحراني. وفي العصر الحديث قام بشرحه مفتي الديار المصرية آنذاك محمد عبده. ويقال ان تلك الشروح بلغت حسب بعضهم اكثر من مئة شرح وحسب بعضهم الآخر تجاوزت السبعين شرحا، ومهما بلغ عدد الشراح فان كاتب هذه المقالة لم يستطيع قراءة اكثر من ثلاثة شروح فقط. أولها شرح ابن ابي الحديد وشرح ابن ميثم البحراني المتوفى في القرن السابع الهجري ـ الثالث عشر الميلادي ـ اما الشارح الثالث للنهج فهو المفكر ورجل الدين المصري محمد عبده. واذا جاز لكاتب هذه المقالة المقارنة بين تلك الشروح الثلاث. فلا يسعه الا القول ان شرح محمد عبده يمتاز عن الشرحين الآخرين بالجدة والحداثة لكونه قد تم في بداية القرن العشرين. وقد قام الشارح باجراء مقارنات بين اقوال الامام ـ ع ـ وبين الأقوال الحديثة بشأن المواضيع التي تناولها الامام ولكن هذا الشرح كان مختصرا اذا ما قورن بالشرحين الآخرين.

اما شرح ابن ابي الحديد. فانه يمتاز بالتأكيد على الجانب التاريخي بشكل ملحوظ ونادرا ما تناول الجوانب اللغوية كما فعل البحراني في شرحه. فشرح البحراني يمتاز ببروز الجانب اللغوي بشكل ملحوظ فهو الى جانب مقدمته للشرح والتي كرست كليا للجوانب اللغوية والنحوية، اهتم بالجانب اللغوي من خلال شرحه للنهج نفسه، وقد كرس شرحه لشرح معاني مفردات أقوال وخطب ورسائل الامام ـ ع ـ فضلا عن قيامه بشرح تلك الآثار بشكل عام، وقد تطرق وتناول الأحداث التاريخية. ولكنه لم يتوسع فيها كما فعل ابن ابي الحديد في شرحه.

وهنا نجد من الضروري ذكر قولين لهذا الشارح في مقدمته اللغوية القول الأول يتعلق بالصلة بين اللغة والنحو، حيث يقول فيه "النحو في الكلام كالملح في الطعام".

اما القول الثاني فيخص العلاقة بين البلاغة والفصاحة فهو يقول فيه "اما البلاغة فهي مصدر قولك بلغ الرجل بالضم اذا صار بليغا وهو أن يبلغ بعبارته اقصى مراده باللفظ من غير أيجاز مخل ولا تطويل ممل، واما الفصاحة فهو خلوص الكلام من التعقيد. واصله من الفصيح وهو اللبن أخذت رغوته وذهب لباؤه. وقد فصح وافصح اذا صار كذلك. وأفصحت الشاة فصح لبنها. ثم قالوا افصح العجمي فصاحة فهو فصيح اذا خلصت لغته من اللكنة واللحن. ثم ان الفصاحة عند أربابها ليست باستعمال الشوارد ـ أي الزيادات والاضافات ـ التي لا تفهم. وانما هي باستعمال ما يقرب فهمه ويعذب استماعه ويعجب ابتداعه وتدل مطالعه على مقاطعه وتتم مباديه على تواليه. واكثر البلغاء لا يكادون يميزون بين البلاغة والفصاحة. بل يستعملون هذين اللفظين المترادفين على معنى واحد". وبعد هذا المدخل الوجيز لابد من تناول الشرح الأخير لنهج البلاغة ـ أي شرح البحراني ـ من حيث الشكل والمحتوى.

****************************