وقال (عليه السلام):مَنْ عَظَّمَ صِغَارَ الْمَصَائِبِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِكِبَارِهَا.                
وقال (عليه السلام) : مَنِ اتَّجَرَ بِغَيْرِ فِقْه ارْتَطَمَ فِي الرِّبَا .                
وقال (عليه السلام): خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ .                
وقال (عليه السلام): إِذَا قَدَرْتَ عَلَى عَدُوِّكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكْراً لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ .                
وقال (عليه السلام): مَا لاِبْنِ آدَمَ وَالْفَخْرِ: أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ، وَآخِرُهُ جِيفَةٌ، و َلاَ يَرْزُقُ نَفْسَهُ، وَلاَ يَدفَعُ حَتْفَهُ.                
وقال (عليه السلام): الْغِيبَةُ جُهْدُ الْعَاجزِ.                
وقال (عليه السلام): عَلامةُ الاِْيمَانِ أَنْ تُؤثِرَ الصِّدْقَ حَيْثُ يَضُرُّكَ عَلَى الْكَذِبِ حَيْثُ يَنْفَعُكَ،أَنْ يَكُونَ فِي حَديِثِكَ فَضْلٌ عَنْ عِلْمِكَ، وَأَنْ تَتَّقِيَ اللهَ فِي حَدِيثِ غَيْرِكَ.                

Search form

إرسال الی صدیق
الأستاذ فتحي يكن في رحاب نهج البلاغة

فتحي يكن [١]

يصعب جدّاً الإحاطة بما تضمّنه كتاب نهج البلاغة للإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه ورضي الله عنه وأرضاه ، من موضوعات تتعلّق بمختلف شؤون الحياة ، سابرة أغوارها ، مستكشفة أبعادها ، مقدمة المواعظ والعبر والدروس والحكم النافعة الجليلة من خلالها .
سأتناول من (نهج البلاغة) سفراً من أسفاره ، وقبساً من قبساته ، والذي يلفت فيه ببلاغة العالم ، وعلم الرسالي ، وإحاطة الداعية ، وسرّ نجاح وفلاح الإمام حيث يقول : «من نصب نفسه للناس إماماً ، فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره ، وليكن تهذيبه بسيرته قبل تهذيبه بلسانه ، ومعلم نفسه ومهذّبها أحقّ بالإجلال من معلم الناس ومهذّبهم» .
إنّه سرّ نجاح الإمامة ، وخلفية تألّق الإمام . . . سواء كانت إمامة دعوة ، أو إمامة ولاية ، وسواء كانت إمامة صغرى أو كبرى . .
فسبب النجاح يبقى هو هو ، وسرّ الأثر لا يتبدّل ولا يتغيّر . . . إنّه تأكيد للسنّة الإلهية الثابتة الماضية : {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلا} تلكم هي (سنّة التغيير) التي تتجلّى في قوله تعالى : {إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْم حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} .
فمن يتصدّى للإمامة . . للقيادة . . للدعوة . . للرسالة . . للإمامة . . . لابدّ وأن يكون تمكّن من إمامة نفسه ، وقيادة ذاته برسالة الإسلام ، كما لابدّ وأن يكون قد أحكم قياد حياته وفق أمر الله وأمر رسوله(صلى الله عليه وآله) . وهذا مناط قوله(عليه السلام) : «فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره».
ومن يفعل ذلك يكن ماضياً وفق السنّة الإلهية . . ومن التزم السنن الإلهية لا يضلّ ولا يشقى ، وإنّما يبقى مسدّداً مهتدياً راشداً مسترشداً .
إذا لم يكن عون من الله للفتى فأوّل ما يقضي عليه اجتهاده
فالذي يُطلّ على الناس بحال الإسلام غير الذي يطل عليهم بمقال الإسلام . . والذي يترجم الإسلام بأعماله غير الذي يترجمه بلسانه . . وهذا مناط قوله(رضي الله عنه) : «وليكن تهذيبه بسيرته قبل تهذيبه بلسانه» .
إنّ حالة الانفصام بين الادّعاء والواقع ، وبين القول والعمل ، وبين الشعار والمضمون حالة مرضية ومذمومة ، وقبيحة ومقبوحة ، ورذيلة ومرذولة ، ويجب أن لا ترى النور ضمن الدائرة الإسلامية التي تفرض التجانس والوئام بين النظرية والتطبيق; ليتحقّق الفوز والفلاح في الحياة الدنيا «ومعلّم نفسه ومهذّبها أحقّ بالإجلال من معلّم الناس ومهذّبهم» . فضلا عن الفوز برضا الله تعالى ، وذلك هو الفوز العظيم .
من هنا كان الخطاب القرآني يتهدّد ويتوعّد أولئك المصابين بداء انفصام الشخصية فيقول : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ} .

---------------------------------------------

[١] . فتحي محمد عناية المعروف بفتحي يكن نسبة إلى جده لأبيه و" يكن " تعني ابن أخت السلطان  ، نائب سابق في البرلمان ، سياسي وعالم دين لبناني ورئيس جبهة العمل الإسلامي في لبنان والأمين العام السابق للجماعة الإسلامية في لبنان.

****************************