وقال (عليه السلام): إِذَا وَصَلَتْ إِليْكُمْ أَطْرَافُ النِّعَمِ فَلاَ تُنْفِرُوا أَقْصَاهَا بِقِلَّةِ الشُّكْرِ .                
وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                
وقال (عليه السلام): أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ اكْتِسَابِ الاْخْوَانِ، وَأَعْجَزُ مِنْهُ مَنْ ضَيَّعَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ .                
وقال (عليه السلام): يَهْلِكُ فِيَّ رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ مُفْرِطٌ، وَبَاهِتٌ مُفْتَر.                
وقال (عليه السلام): إذَا كَانَ في رَجُل خَلَّةٌ رَائِعَةٌ فَانْتَظِرْ أَخَوَاتِهَا.                
وقال (عليه السلام): قَلِيلٌ مَدُومٌ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِير مَمْلُول مِنْهُ .                
وقال (عليه السلام): إِذَا قَدَرْتَ عَلَى عَدُوِّكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكْراً لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ .                

Search form

إرسال الی صدیق
الأوروبيّون والإمام علي عليه السلام

جورج جرداق

(( وعليُّ هو ذلك البطل الموجع المتألّم ، والفارس الصوفي، والإمام الشهيد ذو الروح العميقة القرار التي يكمنُ في مطاويها سرُّ العذاب الإلهي)) . (كارّا ديفو)

في أوروبا مفكّرون وباحثون وقّفوا حياتهم على شؤون الشرق القديم ودرْس قضاياه. وخصّوا العربَ بالسهم الوافر من دراساتهم، والإسلام بالسهم الأوفر. وفي هؤلاء مَن تعمّقوا في هذه الدراسات حتّى لا يجاريهم فيها من يعنيه الأمر مباشرةً من المشارقة.

وفي هؤلاء الأوروبيين مَن أتقنَ العربية كما لا يُتقنها أبناؤها الصرحاء المعاصرون. ونخصّ بالذكر الفرنسيين والألمان.

ولا نغالي إذا نحن قلنا إن هؤلاء المستشرقين هم الذين فتحو الباب واسعاً على حضارات الشرق القديم والمتوسط، بعد أن ألقت عصورُ الانحطاط على معالمها ستاراً أسودَ كثيف السواد.

ولا نغالي كذلك إذا قنا إنّهم أسهموا الإسهام الأكبر في الكشف عن الكثير من الحقائق التاريخية في الماضي العربي. وذلك بفضل أساليبهم العلمية الخالصة في البحث والتدقيق والتحقيق. ثم بفضل ما اُوتوا من صبرٍ وجلدٍ عظيمين ساعة يأخذون على عاتقهم دراسة موضوعٍ من موضوعات التاريخ. غيرأنّا نستثني المُغرضين الماكرين الذين سخًّروا إمكاناتهم العلمية، لغاياتٍ لا نجور عليهم إذا نعتْناها بأنّها تافهة ، وأنزلوا آثارَهم المنزلةَ الرخيصة، التي تقوم بتشويه الحقائق ومسخ الوقائع.

ففي هؤلاء المستشرقين، إذاً ، كثرةُ طاغيةٌ تتّصف بالعدل في الحكم وبالإنصاف الكثير ، بالإضافة إلى تقييد البحث بالدليل والبرهان ، وإلى التحقيق والتدقيق الوثيقين.

وفي هؤلاء المستشرقين قِلّةٌ ضئيلة لم تعدل ولم تُنصف. إمّا لغايةٍ مقصودةٍ من عمل الغرب، حين ينظر إلى الشرق نظرةً خاصّة. وإمّا لخطأ في النظر غير مقصود ، يكون مردّه على ما نرجّح إلى عجز هؤلاء الأجانب، أبناء القرن العشرين ، عن أن يُدركوا حقيقة أوضاع المشارقة القدماء، وحقيقة طباعهم ونفسياتهم وأجوائهم. فليست كلّ الحقائق الإنسانية بخاضعةٍ لكلِّ مقياس.

وقبل أن نواصل الكلام عن المستشرقين، وعن نظرتهم إلى عليّ وإلى ماضي الشرق العربي في بعض وجوهه، لابدّ من أن نشير إلى نفرٍ من عباقرة أوروبا – من غير المستشرقين – لنحيّي فيهم النزعة الإنسانية الشريفة التي تتأثّر بحدودٍ تقوم بين شرقٍ وغرب، ولا تأبهُ للأضاليل التاريخية التي تقيم الحواجزَ بين شعبٍ وشعب، ونحيّي العبقرية التي تدوسُ كلَّ مصطَنَعٍ من الفواصل بين أبناء الإنسانية الواحدة وتضرب بجناحيها القويّين في كلّ سماء!

في طليعة هؤلاء العباقرة الأوروبيّين الذين أخلصوا للعفويّة في طبائعهم ، وللوجدان والمنطق في أحكامهم : الشاعر الكونيّ العظيم غيتي، وكارليل ، وجورج برناردشو، والشاعر الفرنسي لامارتين، وغوستاف لوبون، وولز ، والشاعر الإيطالي كايتاني، والكثير غيرهم.

أمّا المستشرقون – ولنعد إليهم – فمن الطبيعيّ أن يكون عليّ في طليعة مَن دارت عليه أبحاثهم . ومِن الطبيعي أن يقفوا عند شخصية الإمام الفذّ ، ويُطيلوا الوقوف.

وليس بأقلّ طبيعيّة ، كذلك، أن يقودهم البحثُ إلى إجلال عليٍّ وإلى حبّه وإيثاره ، إلاّ اُولئك النفر الذين تعصّبوا عليه أشدّ تعصّب، وعظموا من شأن معاوية وبني اُميّة أشدّ تعظيم. تدفعهم إلى هذا التعصّب على الإمام ، وإلى تعظيم بني اُميّة، دوافعُ من المزاج الخاصّ الذي يؤثر الحيلةَ على الاستقامة، ويوالي الغدر على المسلك الصادق القويم. ودوافعُ اُخرى من نسيج العصر الذي يريد العملَ السياسيّ والإداري خالياً من المعاني الخلقية الإنسانية المشرّفة.

أمّا امتداح بني أُمية، وفيهم أبوسفيان ومعاوية ويزيد ومروان بن الحكم وأَضرابهم ، فهو نتيجة محتومة يجب أن يبلغ إليها مَن يهاجم عليّاً.

ولنجتزئ الآن بعرضِ موقف أفذاذ الأوروبيين من الإمام عليّ عرضاً موجزاً. وهو لاشكّ صورةُ لموقف القسم الأعظم فيهم من ابن أبي طالب، ويسلكون في صفّين :  مُنصفٍ نترك له أن يقول ، ومُنكرٍ نردّ عليه.

أمّا الفيلسوف الإنكليزي «كارليل» فإنّه ما يكاد يأتي على ذكر عليّ ابن أبي طالب في إسلامياته، حتّى تهزّه الشخصية العلوية من أعماقه ، وتُفيض عليه من قوّتها قوة تدفعه لأن يرتفع من نطاق البحث العلمي الجافّ إلى أجواء الشعر، فإذا بقلمه يندى ويخضلّ من تلقاء ذاته ليتغنّى ببطولات عليّ، حتّى لَتشعر بأنّ صاحب هذا القلم إنّما هو من شيعة الإمام ومن أنصاره.

وأترك لك أن تتصوّر كم هي عظيمة هذه الشخصية ، شخصية إمام عربي قضى منذ بضعة عشر قرناً، إذ تدفع مفكّراً إنكليزياً معاصراً لأن يقول فيه، في جملة ما يقول :

«أمّا عليّ ، فلا يسعنا إلاّ أن نحبّه ونتعشّقه . فإنّه فتى شريف القدر ، عالي النفس يفيض وجدانه رحمةً وبرّاً، ويتلظّى فؤاده نجدةً وحماسة. وكان أشجع من ليْث، ولكنّها شجاعة ممزوجة برقّةٍ ولطف، ورأفةٍ وحنان ، جدير بها فرسان الصليب في القرون الوسطى . وقد قُتل بالكوفة غِيلة. وإنما جنى ذلك على نفسه بشدة عدله حتّى أنّه حسب كلَّ إنسان عادلأً مثله. وقال قبل موته حينما اُومر في قاتله : «إنْ أعشْ فالأمر لي وإن أمتْ فالأمر لكم. فإن آثرتم أن تقتصّوا فضربة بضربة. وإن تعفوا أٌقرب إلى التقوى» [١] .

ويتقصّى الباحث الفرنسي البارون «كارّا ديفو» الأسبابَ والعلل في حوادث الإسلام . فيستجلي حقائق كثيرة باسلوبٍ متماسكٍ جذّاب. ويتحدّث عن بطولة عليّ، في حروب المسلمين وقريش حديثاً تملأه عاطفة الإعجاب وتُحييه الحماسة.

يقول البارون كارّا ديفو :

وحارب عليٌّ بطلاً مغواراً إلى جانب النبيّ . وقام بمآثر معجزات.

ففي موقعة بدر كان عليّ، وهو في العشرين من عمره، يشطر الفارس القرشيّ شطرين اثنين بضربةٍ واحدة من سيفه. وفي اُحُد تسلّح بسيف النبي ذي الفقار، فكان يشقّ المغافر بضربات سيفه ويخرق الدروع .

وفي الهجوم على حصون اليهود في خيبر، قلقلَ عليّ باباً ضخماً من حديد. ثمّ رفعه فوق رأسه متّخذاً منه تُرساً مِجَنّاً. أمّا النبيّ ، فكان يحبه ويثق به ثقةً عظيمة. وقد قال ذات يوم ، وهو يشير إلى عليّ: «مَن كنتُ مولاه فعليّ مولاه» [٢] .

ولئن كان بعض المتزمّتين من الباحثين يرون أنّ ترجمة عظيمٍ من العظماء ودراسة شخصيته لا يستوجبان أكثر من سرد الحوادث وحشْد الأرقام والإتيان بالحجّة والدليل ، متعلّلين لهذا الجفاف بصفة «العلم» التي لا تجيز الخروج من نطاق سرد الحوادث وحشد الأرقام إلى نطاقٍ تحيا به العاطفة ويخفق القلب.

أقول: إذا كان بعض الباحثين يرون هذا الرأي، فإنّما يصحّ رأيُهم في حالتين اثنتين ولا يصحّ في غيرهما :

أمّا الحالة الاُولى فحين يكون الباحثُ جافاً من طبعه، قليل الحظّ من العاطفة والخيال ، فيكون شأنه عند ذلك شأن معلّمي المدارس الذين يدرسون الحياة والأحياء بعقليّة مَن يدرس جماد الطبيعة ، فلا يرى فيه مجالاً لأكثر من تسجيل الحوادث وسرد الأرقام وإقامة الدليل والبرهان.

أمّا الحالة الثانية فحين يكون المترجَم له رجلاً عادياً لا يعني الباحثَ من أمره شيء أكثر من إرتباط اسمه بالحادثة التي يسوقها.

أمّا حين يكون المترجَم له كابن أبي طالب يصنع الحوادث ولا تصنعه، ويتّحد بما يصنعه اتّحادَ فكرٍ وعاطفةٍ وخيال، ويرتبط به ارتباط حياةٍ وموت؛ فمن الطبيعي عند ذاك أن يثير في نفس دارسه ما يجوز نطاقَ البحث الجافّ إلى عالَم الأحاسيس الحيّة. فإذا الباحث يؤيّد أو يستنكر ، يحبّ أو يكره ، وهو بحالتيه الاثنتين منطقيّ وواقعيّ.

وليس في سِيَر العظماء واحدةٌ كسيرة ابن أبي طالب تحرّك المشاعر وتوقظ الأحاسيس الحيّة في كيان مَن يتعرّض لها بدرسٍ أو بحث.

وبناءً على هذه الحقيقة الإنسانية ، تجد أنّ دارسي شخصيّة الإمام لا بدّ من أن يطغى عليهم هذا الشعور العميق بالحبّ والإعجاب والعطف، إلاّ إذا كان لهم غرضٌ في غير ذلك. فإنّ المرء عند ذاك يمكنه أن يجعل الصيفَ شتاء والنهارَ ليلاً بهيماً مدلهمّاً!

أمّا البارون كارّا ديفو، فإنّك تشعر بالحماسة تدبَّ في عروقه ساعةَ يتحدّث عن عليّ في أكثر احواله. فإذا الباحث ينقلب على قلمه إلى شاعر.

فنراه ساعة يتحدّث عن موقعة الجمل، يصف بطولة عليّ وصفاً مؤثراً مبدعاً [٣] ، ويروي من مآثره الشيء الكثير. ثمّ يتحدّث عن مروءات الإمام فيصفها بأنّها نادرة خارقة، وعن شهامته ومظاهرها التي لا تعَدّ . ويقول قولاً كريماً في شاعريته الفذّة وعواطفه الكريمة. أمّا مقتل عثمان ، فيبرئ منه عليّاً بعد بحثٍ طويل، ويلقي المسؤولية فيه على أنسباء الخليفة القتيل ، وعلى أعوانه.

وبعد أن يُسهب في الحديث عن حبّ الشيعة للإمام عليّ، ثمّ عن إختلاف شخصيّته بين درجاتٍ من المثالية السامية والكمال الإنساني، وعن حبّ الاُوروبيين له كذلك ، خاصّاً بالذكر الفيلسوف الانكليزي «كارليل» الذي تقدم ذكره، يقول هذه القول الذي يوجز رأيَه الشخصيّ في عليّ، ويدلّ على احترامٍ وحبٍّ عميقين :

«وعليٌّ هو ذلك البطل الموجَع المتألّم ، والفارس الصوفّي، والإمام الشهيد  ذوالروح العميقة القرار التي يكمن في مطاويها سرُّ العذاب الإلهي» [٤] .

وقبالةَ هذه الطائفة من المستشرقين المنصفين، نجد طائفة ثانية يعميها القصد المغرض ، فإذا هي تجهد نفسها لتستنبط من حواشي التاريخ وذيول الحوادث ما يجعل شأن الإمام – في زعمها – ضئيلا.

ويمثّل هذه الطائفة من المستشرقين «لامنس» الذي جعل همّه الأوّل  من كلامه الكثير على عليّ والأُمويّين ، تمجيدَ معاوية وبني اُميّة ، واختلاقَ العلل التي يريد بها أن يجعل عليّاً في درجةٍ لا تسمو إلى درجة معاوية! 

وقبل أن نوجز موقف «لامنس» هذا من الإمام عليّ وقضايا الإسلام في عصره، لابدّ من أن نقول كلمةً في علمه كي لا نجعل على أنفسنا سبيلا .

إنّ «لامنس» موسوعةٌ نادرة المثال من حيث ما يعرف وما يستوعب. فإنّ شيئاً كثيراً أو قليلاً من دقائق التاريخ العربي لا يفوته ولا يخفاه. فمادّته غزيرةٌ وعلمه واسعٌ لا يجاريه فيهما مستشرق آخر. وحافظته قويّة معجزة. وهو يرفق تصانيفه الإسلامية الكثيرة بإسنادٍ تهو لك سعتُه وضخامته . حتّى لتدرك أنّه يعرف كلّ ما كتبه المؤرّخون من عربٍ ومستشرقين وما لم يكتبوه وكلّ ما صنّفه القدماء والمحدثون وما لم يصنّفوه، في ما يخصّ الموضوعات الإسلامية.

هذه كلمة حقّ في المستشرق الواسع العلم. غير انّ ما يعنينا الآن هو إظهار الغرض الذي أفسد العلمَ الكثير. فإنّ «لامن» لم يستخدم علمه في خدمة الحقيقة . ولم يلجأ إلى إثبات الأسانيد الضخمة في مصنّفاته تجليةٌ للواقع، وإيضاحاً لِما يلجأ إلى إثبات الأسانيد الضخمة في مصنّفاته تجليةٌ للواقع ، وإيضاحاً لِما خفيَ على سواه من اُمور الناس في الشرق العربي القديم. بل يؤسفنا أن نقول إنَّ هذا العالم أساء إلى علمه وسعة اطّلاعه ساعةَ جعل همّه في معظم الأحيان أن يعاكس ما أثبته التاريخ ، وما يثبته العقل والمنطق وطبيعة الحوادث. بل إنّه ليعاكس العاطفة الموالية التي يستشعرها المرء إزاء اُولئك العظماء من المسلمين الاُوَل. ويحاول أن يخطّئ كلَّ عطفٍ يحسّه الإنسان على الجانب الإنسانيّ الخيّر في الطيّبين والخيّرين.

ويؤسفك من تحيّزه أكثرُ من هذا، يؤسفك فيه أنّ غرضه الواضح في الإساءة إلى عظماء الشرق قد أخرجه حتّى عن نطاق علمه. فإذا هو رأى أمراً  ذا وجهين، أهملَ الأسانيد الكثيرة التي تؤيّد الوجه الصالح أو الصحيح، واعتمد الأسانيد النادرة التي تثبت – على زعمه – الوجهَ العابسَ أو المخطئ. ثمّ إنّه يجفّ ويفترّ ، ويقتضب أو يُهمل ، ساعةَ تتضافر الأسانيد والدلائل على إبراز حسنةٍ من حسنات  اُولئك العظماء . وينشط ويتحمّس ، ويُسهب أيّما إسهاب ، ساعةَ يجد عبارةً واحدة تشير إلى ما يظنّ فيه الإساءة إليهم . وليست صفات العالم العادل المنصف هذه الصفات . بل إنّها إلى الافتراء أقرب، وما أخطرَ الافتراء ساعة يُخرجه صاحبه بصيغةٍ توهم القارئ بأنّها صيغةٌ علمية خالصة.

والغريب في أبحاث «لامنس» هذه أنّ صاحبها ينفي عن الأسانيد الكثيرة التي لا تخدم غرضه في الإساءة ، صفةَ الثبوت التاريخي. فيما هو يؤكّد هذه الصفة للأسانيد القليلة ، المغالطة ، إذ تخدم غايته ومرماه.

ويفضح «لامنس» اغراضه بما هو أوضح من ذلك. فهو قد يذكر خبراً معيّناً ليبدي ارتيابه في صحّته . ثمّ يذكر أخباراً اُخرى، ولا يبدي مثل هذا الارتياب في صحّتها. غير أنه لا يلبث أن يعود ويستند في بحثه إلى الخبر الذي ارتاب فيه، لأن هذا الخبر بالذات يخدم غايته. فيما يُهمل الأخبار التي لم يرتب في صحّتها ، وهي بالتصديق والاعتماد أجدر!

على هذا الاُسلوب يوجّه «لامنس» قضايا الشرق العربي القديم وفيها قضيّة عليّ بن أبي طالب. وعلى هذا النحو يدرس محمّداً وعليّاً وأصحابهما من جهة؛ وأبا سفيان ومعاوية ومن إليهما من جهة ثانية. فأولئك يؤلّفون في أكثر مصنّفاته موضوعاً للافتراء. وهؤلاء يؤلّفون موضوعاً للتمجيد والتعظيم. وهو يبالغ في الحالتين .

وإليك نموذجاً من آرائه :

لا يكاد «لامنس» يذكرعليّاً في مصنّفاته الكثيرة إلاّ ليأخذ مأخذاً ويختلق مطعناً. فهو إمّا ذكرَ هذا العبقري الفذَّ نعَتَه من حيث الذكاء بأنّه محدود [٥] .

وأبى أن يثق ببلاغة صاحب «نهج البلاغة» وبشاعريّته القويّة. ثمّ سخر، على اُسلوبٍ مخادع ، بالروايات الثابتة التي تتحدّث عن شجاعته وفروسيّته [٦] . والعجيب هو أن يتأتّى لباحثٍ أن يجرّد عليّاً من البلاغة والشاعرية والذكاء والفروسية، وهي الصفات التي تلازمه ملازمة الدفء للنار. بل إنها الصفات التي لم ينكرها معاوية ابن أبي سفيان وعمرو بن العاص – العزيزان على قلب لامنس – وأنكرها «لامنس» نفسه !

ولو شاء المرء أن يعتمد الاُسلوب الذي اعتمده «لامنس» في إنكار هذه المزايا العلوية؛ لاستطاع بدون جهدٍ وعناء أن يُنكر وجودَ عليّ ومحمّد والمسيح وسقراط وشكسبير ونابوليون بونابرت، لا أن يُنكر فيهم صفاتٍ معيّنة وحسْب! فليس ما هو أسهل على المرء من أن يعاكس حقيقةً من الحقائق بصفحاتٍ يُثبتها في كتاب، ويسندها ببعض الأسانيد ، مشيراً إلى بعض المراجع!

ولا يكتفي «لامنس»بمثل هذا الافتراء على ما أثبته كلّ تاريخ. بل إنّه يطعن في مسلك عليّ فإذا هو، في نظره، يسيء معاملة زوجة فاطمة [٧] التي قال عليّ بعد موتها : إنّ حزنه سرمد وليله مسهّد! ويبلغ به التحامُل على الإمام حدّاً يقول معه : إنّ النبيّ كان يهمل شأنه [٨] ويكره صحبته [٩]. 

ولا يجد «لامنس» للإمام عليّ حسنةً واحدة. بل يمعن في تجريده من مزاياه الطيّبة ، حتّى في الحالات التي توجب على المرء أن يطأطئ رأسه إعجاباً وإجلالاً.

مثال ذلك أنّ هذا المستشرق يهاجم في عليٍّ زهدَه وتقشّفه واُسلوبه الكريم في الحصول على العيش بالعمل وعرق الجبين ، لا بالاستئثار والمخادعة. ويجد منقصةً في تصرّفِ عليّ ساعةَ كان يعمل بيده ، بعد الهجرة إلى المدينة ، للحصول على القوت الضروري ، ثمّ يأتي زوجَه فاطمةَ بتمرٍ أبتاعه بما ربح من عمله الشريف، قائلاً لها : كلي وأطعمي صبيانك [١٠].

روى الإمام علي قال :

«جعتُ بالمدينة جوعاً شديداً فخرجتُ أطلب العمل في عوالي المدينة ، فإذا أنا بامرأةٍ قد جمعت مَدَراً ، فظننتُها تريد بَلّه، فأتيتُها ، فعاطيتُها كلَّ دلو بتمرة. فمددتً ستّة عشر دلواً حتّى وهنت يدي. ثمّ أتيتُها فعدّت لي ستّ عشرة تمرة، فأتيتُ النبيِّ فأخبرتُه ، فأكل معي منها، وقال لي خيراً ودعا لي» [١١].

ويستوقفنا أن يجد أحدُ الناس في مثل هذا العمل مأخذاً على الإمام عليّ فيتحدّث عنه بسخرية مبطّنة وباستخفاف.

واعجباه ! أو تكون أخلاق العظماء أكمل من خلق عليّ بن أبي طالب ساعةَ يعمل بيده ليأكل ويطعم زوجه وبنيه، فلا يستأثر بمعاش الآخرين على غير بلاء؟

واعجباه ! أو تكون صفات عظماء الإنسانية أجمل من صفة عليّ بن أبي طالب العظيم وهو يبادر دنياه بهذه البساطة ، وبهذه العفويّة وبهذه الطبعيّة؟

إذ يقيم معاشه على أساسٍ من جهده فلا يستكبر ولا يستعلي بل يعمل بإرادة الحياة ، وفي صفاء البصيرة ورضا الوجدان. 

ولكنّ منطق الواقع  يفرض على «لامنس» أن يأخذ على الإمام عليّ مثلَ هذا الشرف في العمل ، ومثل هذا الصدق في مواجهة اُمور المعاش وشؤون الدنيا، وهو الذي لا يرى خيراً إلاّ في اُسلوب معاوية ويزيد وعمرو بن العاص ومَن إليهم في الاستعلاء والاستئثار وكسب الدنيا عن طريقٍ ملتوية خادعة ! فمَن يمتدح اُسلوب معاوية في النظر إلى الاُمور؛ لا يمكنه أن يمتدح اُسلوب عليّ.

وليس أنصار عليّ بأسعدَ منه حظاً لدى «لامنس». فهو إذا ذكر المصلح العظيم أبا ذرالغفاريّ ، أهمل الإشارة إلى معاني العظمة والخير والكفاح في سيرته، وأهمل الإشارة إلى إساءات الاُمويين إليه. ثم طاب له أن ينعته بالمتعصّب [١٢] تارةً، وبالمتعصّب الفوضويّ ونصير عليّ [١٣] تارةً اُخرى!

أمّا الأنصار- وهم مسايرون لعليّ - فمن صفاتهم أنّهم يحسدون القرشيين [١٤] . وهم قومٌ تحكمهم نساؤهم [١٥] . أما القرشيون الذين يحسدهم الأنصار فهم الاُمويون، لأنّهم أجدر بأن يُحسدوا. فغير الاُمويين من قريش قليلو الذكاء [١٦] ليس عندهم ما يُحسدون عليه! 

أمّا حين يكون الأمر أمر بني اُميّة وأمر خصوم الإمام جميعاً، فإنّ «لامنس» ينقلب إلى مؤمنٍ بمزاياهم «الطيّبة».

فأبو سفيان بن حرب هو شيخ مكّة الجليل [١٧] الذي يفوق بحلمه وتواضعه ابنَه المعظّم معاوية [١٨]، وهو وزوجه هند آكلة الأكباد شاعران [١٩] بل إنّ أبا سفيان من أشعر قريش!

أمّا معاوية بن أبي سفيان فهو العبقريّ الفذّ [٢٠] الحليم [٢١] المضياف [٢٢] السياسي النابغ [٢٣] المصلح الاقتصادي والعمراني والعسكري [٢٤] والزوج الصالح [٢٥] والحاكم المنظّم الواعي والملك النموذجي [٢٦] المحبّ للشعر والموسيقى  [٢٧] بل الشاعر صاحب الذوق الفنّي الرفيع [٢٨]. ثمّ إنّه المربّي الفاضل الذي ينشىء ابنَه يزيد على الحلم [٢٩] والحسنات.

ولا يرى «لامنس» في معاوية نقيصةً واحدة، حتّى ليذهب به حلمه – الذي استعاره من معاوية على ما يبدو– إلى تبرير جرائم الخليفة الاُمويّ الأوّل محتجّاً لتبريره هذا بحجّةٍ مضحكة ، قائلاً :

«لم يكن معاوية بذلك الرجل الذي يرتكب جريمةً لا طائلَ فيها» [٣٠] . أي أنّه لم يكن ليقتل أحداً إن لم يكن له في قتله نفع!

وأترك للقارئ أن يردّ على مثل هذا التبريرالعجيب للجريمة!

ولا يختلف موقف «لامنس» من يزيد بن معاوية، وزياد بن أبيه؛ وعمرو بن العاص ، ومروان بن الحكم، عن موقفه هذا من جملة الاُمويين وجملة أنصارهم! وأكتفي بأن أذكر لك أنّه يُسهب في الحديث عن «شجاعة» يزيد بن معاوية [٣١] ويوافق، بخاطر مطمئنّ، على نعته بـ « فتى العرب !» كما يوافق على وصفه بمعدن الحلم [٣٢] .

وقد يزداد استغرابك إذا عرفتَ أنّ «لامنس» يتجنّب كلَّ ما يفضح اُسلوب الاُمويّين وأنصارهم في مخالفة الناس ومعاملة من لا يطأطئون أمامهم الرؤوس. فهو إذا اضطّر، بحُكم البحث وسياقه، إلى ذكرِ مجرمٍ من اُولئك المجرمين الذين استعملهم الاُمويون للتنكيل بمن يعارض سياستهم؛ اكتفى بأن يمرّ بجرائمه مروراً. هذا إذا لم ينعتْه ببعض ما يخفّف من النقمة عليه أو بما يخفي إساءاته.

من ذلك أنّه لا يرى غضاضةً في ستر العيوب الأخلاقية والإنسانية التي تميّز بها مجرم غليظ الطبع كبُسْر بن أرطأة، ذاك الذي إختاره معاوية ووجّهه على رأس جنودٍ جُفاة إلى جزيرة العرب ، وأوصاه أن ينكّل بشيعةِ عليّ أشدّ تنكيل، ويقسوعلى أهل البادية أشدّ قسوة، وأن يلقي الويل والذعر والدمار في المدينة والطائف وسائر المدن التي لا تذعن لأمره. فمضى إلى البادية يمعن في القسوة والغلظة والتنكيل والتقتيل. وأفسد في كلّ أرضٍ مرّ بها مبالغاً مشرفا.

وبلغت به وحشيّته أن لقي في طريق عودته إلى الشام صبيّين صغيرين لعبيد الله بن عباس عامل عليّ على اليمن، فذبحهما على غير خطأ منهما ، وعلى غير منفعةٍ له أو لسيّده من ذبحهما ! ولكنّها الدناءة في بعض النفوس والخسّة في بعض الضمائر!

وهذا المجرم لا يجد «لامنس» في مؤلّفاته مبرراً لأن يذكره بما يسيء. إذ يكفيه أن يخدم بني أميّة ويناهض عليّاً كي يصبح جديراً بالعفو لدى «لامنس» وبالغفران!

ولكنْ، كيف يمكن للامنس المسيحي المؤمن – كما يدلّ ظاهره – أن يهاجم عليّ بن أبي طالب»، أقرب الخلق إلى المسيح بوداعته وزهده وتواضعه واستقامته وصلابته مع الحق، وعظمة أخلاقه وقوّة إيمانه وعمق إنسانيته وجلال مأساته» لولم تكن غايته الاُولى والأخيرة من مؤلّفاته الإساءة إلى الروح الشرقية عامّة ، والعربية خاصة، وفي طليعة مَن يمثّلونها الإمامُ عليّ؟

وكيف يمكن للامنس المسيحي المؤمن – كما يدلّ ظاهره – أن يمتدح معاوية ويزيد وبطانتهما، ويشيد باُسلوبهما في الحصول على الولاية، لو لم يكن ذا نزعة مكيافيلية خالصة تدفعه لتعظيم اُولئك الذين يعملون بمبدأ «الغاية تبرّر الواسطة» مهما هشّمت الواسطةُ من ضحايا؟!

كيف يهاجم لامنس مَن يقول: «أحببْ لغيرك ما تحبّ لنفسك، واكره له ما تكره لها» [٣٣].

«عاتبْ أخاك بالإحسان إليه واردده بالإنعام عليه» [٣٤] .

و«بئس الطعام الحرام، وظلم الضعيف أفحش الظلم» [٣٥]  .

و«لا يزهّدنّك بالمعروف من لا يشكر لك»[٣٦] .

و«عودوا على مَن حرَمَكم بالفضل» [٣٧] .  

ثم كيف يسخر من اُسلوبه العظيم في المخالفة ومن دستوره الجليل في الولاية، ليعود ويمجّد «عبقرية»مَن يقول: «إنّ لله جنوداً من العسل» [٣٨] المداف بالسم، والذي يشتري أهلَ الغدر والفسوق بأموال الناس، أو يأمر بسفك دماء المساكين والمستضعَفين إذا هم لم يوالوه ويخضعوا لإرادته في استخلاف ابنه الخليع، وإذا هم لم يسايروه في شتم أعظم الناس خلقاً، وأكرمهم نفساً وأغزرهم علماً، وأوسعهم عقلاً ؟ كيف يهاجم ذاك ويسخر منه، ويمجّد هذا؛ مستخدماً كلَّ ما أُوتي من علمٍ وماوُهب من حماسة في سبيل هذا التمجيد، لو لم تكن غايته الأولى والأخيرة من مؤلّفاته الإساءة إلى الروح العربية الصافية التي يمثّلها عليّ لا معاوية، ولو لم يكن مكيافيليّ النزعة؟

إنّ الاُسلوب الذي اعتمده هذا المستشرق في تهجّمه على علي بن أبي طالب، لا ينفع صاحبه إلا في حالة واحدة، هي التهجّم على كلّ قيمةٍ في الخلق والضمير والعبقرية الموجّهة في تاريخ الإنسان القديم والحديث؛ وتعظيم كلّ قسوةٍ في الكبد وكلّ جفاء في الطبع وكلّ انحراف في الوجدان وكلّ أنانية معربدة فاسدة عريضة الفساد.

إنّه اُسلوبٌ أشبه ما يكون بالاُسلوب العسكري في ساحة الحرب : لافضلَ إذ ذاك إلاّ لصاحب الحيلة والبطش في سبيل الغلبة!

وماذا يقول «لامنس» في سقراط، لو طُرح عليه السؤال؟

هل يتعرّض لقضيّته بمثل الاُسلوب الذي تعرّض به لقضايا علي بن أبي طالب؟ وهل يجد أنّ سقراط، بسيرته الجليلة، موضوعٌ للذمّ والتهجم؟ أم يرى أنّ سيرته موضوع إعتزازٍ للإنسانية وتراثٌ عظيمٌ للخلق الإنساني؟ إنّه ، إن فعل كان منسجماً مع مكيافيليته ! وإنه إن لم يفعل أظهر غايته صريحةً في الإساءة إلى الإمام عليّ !

وقبل أن نختم هذا الحديث ، نرى لزاماً علينا أن نردّد هنا، ما قاله المستشرق الفرنسي الجليل «كازانوفا» الاُستاذ في كوليج دي فرانس، وأحد الذين أنصفوا الإمامَ في دراساتهم ، يوم أصدر «لامنس» كتابه «معاوية الأوّل» الذي وضع فيه الإمامَ عليّاً موضعَ المقابلة مع معاوية وسائر الاُمويّين، فبالغ في التهجّم على عليّ وأنصاره، كما بالغ في تمجيد الاُمويّين وأنصارهم.

قال كازانوفا ردّاً على لامنس :

«كانت نفسية الاُمويّين على الإطلاق مركّبة على الطمع في الغنى إلى حدّ البشَم، وحبِّ الفتح بقصد النهج ، والحرص على التسوّد للتمتّع بملذّات الدنيا. لذلك حقّ لنا أن نعجب للامنس يتطوّع للدفاع عن اُولئك النهّابين ساخراً من عليٍّ الذي مكروا به وخدعوه. وليس أغرب من هذه المباحث التي يُظهر فيها هذا المؤلّف المطّلع على تاريخ ذلك العصر اطّلاعاً حرِيّاً بالإعجاب، تشيّعَه لاُولئك على هؤلاء؛ والتي تتعاقب فيها المرافعات الدفاعية، والبيانات الاتهامية يزحم بعضها بعضاً» [٣٩] , [٤٠] .

--------------------------------------------------------------------

[١] . «محمد المثل الأعلى»تأليف كاريل وتعريب محمد السباعي : ص٣٤.

[٢] . «مفكروالإسلام» للبارون كارا ديفو– باللغة الفرنسية – الجزء الخامس: ص ١-٢ «المقاطع المنقولة تعريب المؤلف».

[٣] . راجع «مفكرو الإسلام» - بالفرنسية – الجزء الخامس: ص٥.

[٤] . «مفكرو الإسلام» : ص١٠.

[٥] . لامنس : «معاوية الأوّل» - بالفرنسية – ص ٧٩ ، ٨٣ و«فاطمة» - أيضاً : ص ٢٣ ، ٢٦ ، ٤٨.

[٦] . فاطمة: ص٢٩.

[٧] . فاطمة: ص٥٩ ، ٧٢.

[٨] . فاطمة ص: ٥٢، ٥٦ ، ٥٧

[٩] . فاطمة: ص٥٧.

[١٠] . فاطمة : ص٥٧.

[١١] . مُسند أحمد بن حنبل: ج١ ص ١٣٥ مجمع الزوائد للهيثمي: ج٤ص٩٧.

[١٢] . معاوية الأوّل: ص٩٣.

[١٣] . المصدر السابق: ص٢٣٨.

[١٤] . المصدر السابق: ص١٩٠ ، ١٦٤ ، ٢٤٥.

[١٥] . المصدر السابق: ص٣١٤ ، ٣١٥ ، ٣٣٧.

[١٦] . المصدر السابق: ص ٣٣٠، ٣٥٣ ، ٣٥٤.

[١٧] . معاوية الاُول: ص٧٩.

[١٨] . المصدر السابق: ص ٨٩.

[١٩] . المصدر السابق: ص٢٥٥.

[٢٠] . المصدر السابق: ص٢٨١.

[٢١] . المصدر السابق: ص٦٦ ، ١٠٨، ٤٤.

[٢٢] . المصدر السابق: ص١٠١.

[٢٣] . المصدر السابق: ص٢١٣، ٢٢٤الخ.

[٢٤] . المصدر السابق: ص٤٦.

[٢٥] . المصدر السابق: ص٣١٤، ٣٢٨.

[٢٦] . المصدر السابق: ص١٨٩، ٢١٣.

[٢٧] . المصدر السابق: ص٢٥٦ ، ٣٧٤.

[٢٨] . المصدر السابق: ص٢٥٥.

[٢٩] . المصدر السابق: ص٣٧٥ ، ٣٧٦.

[٣٠] . معاوية الأوّل: ص١٥٣.

[٣١] . معاوية الأوّل: ص٤٤٦، ص٤٤٧.

[٣٢] . المصدر السابق: ص٣٧٥.

[٣٣] . نهج البلاغة: النص رقم ٣١ من وصيته للإمام الحسن (عليه السلام).

[٣٤] . نهج البلاغة: قصار الحكم: ١٥٨ فيه: واردد  شرّه بالإنعام عليه.

[٣٥] . نهج البلاغة: النص رقم ٣١ من وصيته للإمام الحسن (عليه السلام).

[٣٦] . نهج البلاغة، قصار الحكم : ٢٠٤.

[٣٧] . جواهر المطالب: ج١، ص٣٣٠ وفيه : وعودوا بالفضل على من حرمكم.

[٣٨] . الاختصاص للمفيد: ص٨١ آمالي المفيد: ص٥٠ المصنف ، لعبد الرزاق: ج٥ ص ٤٦٠ شرح نهج البلاغة : ج٧ ص ١٦٠.

[٣٩] . ببعض التصرف عن «آراء غريبة في مسائل شرقية» عن محمد وانتهاء العالم لكازانوفا.

[٤٠] . الى هنا ينتهي اختصارنا لكتاب صوت العدالة الإنسانية فإن كان حسناً فمن عند الله وإن كان خطأً فمن عندي والحمدلله رب العالمين.

منقول من كتاب الإمام علي صوت العدالة الإنسانية – جورج جرداق

****************************