الشريف الرضي في ذكراه الألفيّة
جعفر الهلالي
بسم اللَّه الرحمن الرحيم
كم توارى جيل ومرّت عصور | ولذكراك في الخلود ظهور | |
ألف عام مضى وأنت شهاب | بسناه عوالم تستنير | |
آية قد ضنعت يعجز عنها | حين يسمواليك هذا الشعور | |
يتهاوى القصيد في لغة الشّا | عر حيران فهوعىّ حصور | |
أنت في عالم الحقيقة دنيا | من كمال بها تلوذ الدّهور | |
أ تراني أوفيك إن رحت أزجي | للقوا في مهما سما التّعبير | |
أم ستختار ريشتي لك معنى | يتجلّى به لك التّصوير | |
أنا حسبي ذكراك جئت أغنيها | قواف تأتي بهنّ السّطور | |
فتواضع يا شعر بين يدي ربّ | القوا في فهوالعظيم الكبير | |
أيّها المعرق الّذي أخذ المجد | بأطرافه لأنت الجدير | |
ألشّريف الأجلّ ذوالحسبين | اندكّ عنه خليفة ووزير | |
قد ورثت الأمجاد من آلك الأطهار | لا دعوة هناك وزور | |
لك موسى بن جعفر كاظم الغيظ | أب في العلى إليه تشير | |
ومن الأم فاح للحسن السّبط | شذاه غداة طابت حجور | |
نسب حسبك النّبي منار الفضل | والمرتضى الوصىّ الأمير | |
وإذا الأصل قد زكا طاب فرعا | وتسامى للخالدات مسير | |
يا أبا المكرمات وافيت ذكرا | ك وفي القلب بهجة وسرور | |
كم قد ازدان في حديثك للتأريخ | سفر وكم أشاد خبير | |
قد تداولتها مناصب كانت | لك فيها شئونها والأمور | |
ليس بدعا اذا النّقابة حيّتك | وأنت الفتى الكمى الوقور | |
وتكفّلت بالمظالم يحدوك | فؤاد على العباد غيور | |
ولركب الحجيج كنت أميرا | في شئون عنها سواك قصير | |
لم تزيّنك رتبة كنت تعلوها | فخارا والفاقد المغرور | |
يا رضيّ الفعال ذكرك درس | باركته أجيالنا والعصور | |
عشتها سيرة الى الخير كانت | فلها الخير أوّل وأخير | |
لك في عالم الفضائل غرس فاح | منه على الحياة العبير | |
شرف باذخ وعفّة نفس | وتقى قطّ مابها تكدير | |
واحتضان للعلم ينبىء عنه | تلك (دار العلوم) وهي النّور | |
ووفاء إلى الصّديق وإن كا | ن بعيدا فحبّه موفور | |
واعتزاز يأبى الهبات من المعطي | وذا فيك طابع مأثور | |
وشموخ نحوالخلافة يبديه | جهارا مقالك المشهور | |
يا لعلياك ما أجلّ وأسمى | فهي في افقنا الغداة بدور | |
يا أبا الشّعركم سكبت القوافي | حكما يزدهي بهنّ الشّعور | |
كنت والحق عندها عبقريا | قلّ يلفي بها إليك نظير | |
عذبة كل لفظة حين يأتي من | صميم الفصحى بها التّعبير | |
تسحر السّمع حين يبدوصداها | مثلما يسحر الخيال الخير | |
حين طوّفت في المعاني فما قصّر | شوط ولا تراخت بحور | |
غزل لا ترى الغرام يفشيه | ومدح ما ذلّ فيه الشّعور | |
وحماس بالمشرفية إن لاح | فخار فأنت ذاك الفحور | |
ورفضت الهجاء بالمنطق الفارحش | يأباه منك مجد وخير | |
علوىّ السّمات ما عاش فيه الحقد | يوما ولا استقرّ الزّور | |
يا عزوفا إلّا عن الشّرف الأسمى | فما فيك عنده تأخير | |
عشت في عالم تهالك فيه النّاس | فالكلّ خاضع مأسور | |
تلك دنيا تعج بالزّخرف الفاني | ولهوتموج فيه القصور | |
والليالي الحمراء في حلبة الرّقّص | فكم عنده استبيحت خدور | |
امسيات قد عاش فيها بنوالعباس | فالجو داعر مخمور | |
وتداعي على الفتات أناس حين | مات الحجى ومات الضّمير | |
وتوالت مواكب الشّعر يحدوها | لحبّ الدّنيا هناك مصير | |
فإذا الشّعر سلعة وامتداح | وإذا الشاعر الطّروب أجير | |
هكذا كانت الحياة فبيع الفكر | بخسا وذاك شيء خطير | |
فإذا أنت جانب مشمخر لم | تضعضعه للحياة قشور | |
لم تبع ذلك الشّعور ليختال | فخورا خليفة أووزير | |
بئست الصّنعة الّتي تسترق | المرء فهوالأذلّ وهوالحقير | |
أيّها الفارس الّذي نال حقّا | قصب السّبق لم يعقه فتور | |
همّة جازت الثّريّا بما أنجزت | للآن نفعه مشهور | |
فهناك «التّأويل» تنبىء عنه | حين وافت (حقائق) فهى نور | |
ومجاز القرآن في روعة (التّلخيص) | ما مثله هنا مأثور | |
وعظيم الأعمال منك بما قدّمت | (نهج) وذاك فتح كبير | |
عنه نقّبت إذ بذلت جهودا | مضنيات فأنت ذاك الغيور | |
مكرمات إليك سجّلها التّأريخ | ذكرا ومجدتها الدّهور | |
حسبك الفخر قد بلغت مداه | فلأنت المظفّر المنصور | |
يا بناة العرفان في دولة الأسلام | أنتم عمادنا المذخور | |
ثورة الفكر حين فجّرتموها | يقظة حولها الزّمان يدور | |
بارك اللَّه فيكم ذلك المسعى | ووافاكم بذاك الحبور | |
إنّ إحياءكم ل (نهج عليّ) | هووالحق مقصد مشكور | |
لم يكن للبلاغة اليوم نهجا بل | لدى العلم ذاك بحر غرير | |
هونهج العقيدة الصّلبة الشّماء | ينهار من صداها الكفور | |
هونهج الآداب والخلق السّامي | به الرّوح تزدهي ولضّمير | |
هونهج للحكم يبنى السّياسات | نظاما له الهدى دستور | |
هوهذا (نهج البلاغة) حقّا | من (عليّ) بيانه مسطور | |
عجبا ذلك التراث بهذا الحجم | يقصى ومن سواه نمير | |
ما الّذي كان قد جناه (عليّ) | عند قوم حتّى استحرّت صدور | |
ألأنّ الحق الّذي قد رعاه كان | مرا والجاحدون كثير | |
يا لها أمّة أضاعت حجاها حيث | راحت خلف السّراب تسير | |
ولديها من ثورة الفكر ما يغني | ولكن أين السّميع البصير | |
فهي تعشوعن الحقيقة في المسرى | وفي بيتها السّراج المنير | |
أخذت تطلب السّواقي البعيدات | وفي جنبها تفيض البحور | |
إنّ هذا هوالخسار وهل يفلح | قوم قد مات فيها الشّعور | |
يا جنود الأسلام في دولة الحق | وأنتم لدى العقيدة سور | |
حزتموها لدى الحروب فتوحا | ذلّ فيها ذاك العدوالمغير | |
وأتيتم بها لنا معجزات ناطقات | للحق كانت تثير | |
ولقد إذ هل الكفور لذاك اليم | منكم لمّا استقرّ عبور | |
هوسرّ الأسرار ما عرفت دنيا | البطولات مثله فهوصور | |
عنده أضحت العفالق صرعى | تنهش الوحش لحمها والنّسور | |
ما حماها ما جمّعت من عتاد حين | أضحى عتادها وهوبور | |
ولكم سرب طائرات تهاوى لهم | فهوفي الصّعيد سعير | |
وعدا (عفلق) يقلّب كفيّه خسارا | إذ حلّ فيه الثّبور | |
وتنادت هنالكم (مشيخات) راح | (صدام) عندها يستجير | |
فمتى أرهب الذّباب أسودا | بطنين وللأسود زئير | |
يا لدهركم فيه من مضحكات إذ | تباهي شهب السّماء الصّخور | |
وإلى جانب (الخمينيّ) عرّج أيّها | الشعر فهوفينا الأمير | |
قف وبارك له انتصار جنود | بايعوه أن تستردّ ثغور | |
قل أبا المصطفى أتيتك أستاف | عبيرا وأنت ذاك العبير | |
أنت (روح) إذا (المسيح) رسول | اللَّه فيها فأنت فيها الجسور | |
إنّ دنيا الإسلام باسمك نادت | فأغثها فأنت حقا مجير | |
وحمى (القدس) بات ينتظر الزّحف | فزحفا يا أيّها المنصور | |
ومحاريب ذلك (المسجد الأقصى) | انتظار فرحبه مهجور | |
و(فلسطين) أعين شاخصات لك | حيث اليهود فيها تجور | |
فأعد أيّها الغيور بلادا هل | يعيد البلاد إلّا الغيور | |
وعليك السّلام ما غرّد الطّر | بأغصانه وفاحت عطور |
****************************