اسمه
هوأبوالحسن محمد بن الطاهر ذي المنقبتين أبي أحمد الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) [١] .
والداه
كان أبوه النقيب أبوأحمد جليل القدر، عظيم المنزلة في الدولة العباسية ودولة بني بويه، ولُقب بالطاهر ذي المناقب، وخاطبه بهاءُ الدولة أبونصر بن بويه بالطاهر الأوحد، وولي نقابة الطالبيين خمسَ دفعات، ومات وهومتقلدها بعد أن حالفته الأمراض، وذهب بصره، توفي في عام ٣٠٤هـ عن سبع وتسعين سنة [٢] ، دُفِن في داره، ثم نقل منها إلى مشهد الإمام الحسين (ع) [٣] .
والدته السيدة الجليلة فاطمة بنت الحسين بن أحمد بن الناصر الأصم [٤] ، وهي امرأة فاضلةٌ عُرفت بالورع والتقوى والبصيرة الثاقبة [٥] ، وقد افتخر بها السيد الشريف (قده) أيما افتخار، فمما يظهر ذلك جلياً واضحاً قوله فيها:
لوكان مثلك كل أم برةً ***** غني البنون بها عن الآباء [٦]
مولده
أما ميلاده (قده) فكان سنة ٣٥٩هـ [٧] .
العناية الإلهية به وبأخيه
ينقل المؤرخون حادثةً ملفتةً تدل على عناية السماء بالشريف الرضي والمرتضى (رحمهما الله)، وإليك الحادثة كما يرويها ابن أبي الحديد المعتزلي: (( رأى المفيدُ أبوعبدالله محمد بن النعمان الفقيه الإمام في منامه كأن فاطمةَ بنتَ رسول الله (ص) دخلت عليه وهوفي مسجده بالكرخ، ومعها ولداها الحسن والحسين (ع) صغيرين، فسلمتهما إليه وقالت له: علمهما الفقهَ! فانتبه متعجباً من ذلك. فلما تعالى النهار صبيحةَ تلك الليلة التي رآى فيها الرؤيا، دخلت إليه المسجدَ فاطمة بنت الناصر، وحولها جواريها، وبين يديها ابناها: محمد الرضي وعلي المرتضى صغيرين، فقام إليها وسلمَ عليها، فقالت له: أيها الشيخ! هذان ولداي قد أحضرتهما لتعلمهما الفقهَ، فبكى أبوعبدالله وقصَ عليها المنام، وتولى تعليمهما الفقه)) [٨] .
ثم يعقب المعتزلي بعد ذكر هذه الحادثة قائلاً: " وأنعم الله عليهما، وفَتَح لهما من أبواب العلوم والفضائل ما اشتهر عنهما في آفاق الدنيا، وهوباقٍ ما بقي الدهر " [٩] . فالرضي والمرتضى من تلامذة الشيخ المفيد (ره).
خصائص ومميزات
يقول المعتزلي في شرحه حول ما للرضي من مميزات وخصال: (( حفظ الرضي القرآن بعد أن جاوزَ ثلاثين سنة في مدة يسيرة، وعرف من الفرائض والفقه طرفاً قوياً، وكان عالماً أديباً، وشاعراً ...، وكان مع هذا مترسلاً ذا كتابة قوية. وكان عفيفاً شريف النفس، عالي الهمة، ملتزماً بالدين وقوانينه، ولم يقبل من أحد صلةً ولا جائزة، حتى إنه ردَ صلات أبيه، وناهيك بذلك شرف نفس، وشدة ظلف، فأما بنوبويه فإنهم اجتهدوا على قبوله صلاتهم فلم يقبل.
وكان يرضى بإلإكرام وصيانة الجانب وإعزاز الأتباع والأصحاب، ..)) [١٠] .
ويتحدث عنه العلامة الأميني (ره) عن سجاياه قائلاً: (( سيدنا الشريف الرضي هومفخرة من مفاخر العترة الطاهرة، وإمامٌ من أئمة العلم والحديث والأدب، وبطلٌ من أبطال الدين والعلم والمذهب، هوأول في كل ما ورثه سلفه الطاهر من علمٍ متدفق، ونفسيات زاكية، وأنظارٍ ثاقبة. وإباء وشمم، وأدبٍ علوي، ومجدٍ فاطمي، وسؤددٍ كاظمي، إلى فضائل قد تدفق سيلها الأتي، ومئانر قد التطمت أواذيها الجارفة، ومهما تشدقَ الكاتبُ فإن في البيان قصوراً عن بلوغ مداه، وللتنقيب تقاعساً عن تحديد غايته، وللوصف انحساراً عن استكناه حقيقته )) [١١] .
ألقابه ومناصبه [١٢]
لقبه بها الدولة سنة ٣٨٨هـ بالشريف الأجل، وفي ٣٩٢هـ بذي المنقبتين، وفي سنة ٣٨٩هـ بالرضي ذي الحسبين، وفي سنة ٤٠١هـ أمر أن تكون مخاطباته ومكاتباته بعنوان: "الشريف الرضي".
أما عن المناصب الرسمية التي تقلدها الرضي (قده)، فإنه:
١- قد تولى نقابة الطالبيين، والنقابةُ موضوعةٌ على صيانة ذوي الأنساب الشريفة عن ولاية من لا يكافئهم في النسب ولا يساويهم في الشرف، ليكون عليهم أحبى وأمره فيهم أمضى وهي على ضربين: خاصة وعامة، وأما الخاصة فهوأن يقتصر بنظره على مجرد النقابة من غير تجاوز لها إلى حكم وإقامة حد فلا يكون العلم معتبراً في شروطها ويلزمه في النقابة على أهله من حقوق النظر اثنا عشر حقاً:
١- حفظُ أنسابهم من داخلٍ فيها وهوليس منها، أوخارج عنها.
٢- تمييز بطونهم ومعرفة أنسابهم حتى لا يخفى عليه من يتوأب.
٣- معرفة من وُلد منهم من ذكر أوأنثى فيثبته.
٤- أن يأخذهم من الآداب بما يضافي شرفَ أنسابهم وكرمَ محتدهم لتكون حشمتهم بالنفوس موقورة وحرمة رسول الله (ص) فيهم محضورة.
٥- أن ينزهَهم عن المكاسب الدنيئة ويمنعهم من المطالب الخبيثة.
٦- أن يكفهم عن ارتكاب المآثم.
٧- أن يمنعَهم من التسلط على العامةِ لشرفهم.
٨- أن يكون عوناً لهم في استيفاء الحقوق.
٩- أن ينوبَ عنهم في المطالبة بحقوقهم العامة.
١٠- أن يمنعهم إماءَهم أن يتزوجن إلا من الأكفاء.
١١- أن يقومَ ذوي الهفوات منهم فيما سوى الحدود.
١٢- مراعاة وقوفهم بحفظِ أصولها وتنمية فروعها.
٢- كما تولى (رض) إمارة الحجيج.
٣- وكان أميرَ ديوان رد المظالم، وذلك سنة ٣٨٠هـ وهوابن ٢١ عاماً على عهد الطائع، ثم عهدَ إليه في ١٦ محرم سنة ٤٠٣هـ بولاية أمور الطالبيين في جميع البلادِ فدعي: "نقيب النقباء".
مشروعه العلمي
تمتعَ السيد الرضي (قده) بهمةٍ كبيرةٍ عالية، جعلته يؤسسُ مدرسةً لطلاب العلوم الدينية، أطلق عليها: "دار العلم"، ولعلها أول مدرسةٍ يتلقى فيها الطلابُ الدروس صباحاً بينما يخلدون للراحة والسكن مساءً في نفس المدرسة ذاتها، وهي على غرار مدرسةِ أخيه السيد المرتضى، وقد كان الشيخ الطوسي والقاضي عبدالعزيز بن براج من تلامذتها، وسبقت مدرسة "المدرسة النظامية" ببغداد بحوالي ٨٠ سنة، بل ربما كانت تقليدها لها ) [١٣] .
وإن دلّ هذا على شيء فإنه ليدل على سعة أفق سيدنا الشريف الرضي (قده) وخدمته الجليلة للعلم والعلماء.
مؤلفاته [١٤]
ذكر العلامة الأميني أن السيد الرضي خلف أكثر من تسعة عشر كتاباً، أهمها أثره الخالد "نهج البلاغة" الذي يضمُ خطبَ ورسائلَ وكلمات الإمام علي (ع)، ومن أهم الكتب التي ألفها السيد الرضي:
١- نهج البلاغة
٢- خصائص الأئمة
٣- مجازات الآثار النبوية، والذي طبع عام ١٣٢٨هـ في بغداد
٤- الرسائل العلمية في ثلاث مجلدات
٥- معاني القرآن
٦- حقائق التأويل في متشابه التنزيل، والذي عبر عنه الكشي بـ"حقائق التنزيل".
إباؤه وشممه
امتازَ سيدنا الشريف (رض) بإباء وشمم يفوقان الوصف، ويدلان على نبل ذاته وعصاميته، فقد مرّ أنه كان لا يقبل الصلات والعطايا من أحد من الناس، بل وصل به الحدُ إلى أنه لم يقبل حتى صلات أبيه.
سأله أستاذه يوماً، وقد كان شاباً حدثَ السن:
أيها الشريف! أين مقامُك؟
قال: في دار أبي بباب محول .
فقال: مثلك لا يقيم بدار أبيه، قد نحلتك داري بالكرخ، المعروفة بدار البركة فامتنع الرضي من قبولها وقال: لم أقبل من أبي شيئاً!
فقال: أنا حقي عليك أعظم من حق أبيك عليك، لأني حفظتك كتاب الله تعالى [١٥] فقبلها السيد بعد اللتي واللاتي.
كان الرضي؛ كما ينقل المعتزلي، لعلوهمته تنازعه نفسه إلى أمور عظيمةٍ يجيشُ بها خاطرُه وتفيضها قريحتهُ شعراً، فمن ذلك قوله:
ما أنا للعياء إن لم يكن ***** من ولدي ما كان من والدي
ولا مشت بي الخيلُ إن لم أطأ ***** سريرَ هذا الأصيدِ الماجدِ [١٦]
وحسبك من جرأته وعلونفسه ما خاطب به القادر بالله الخليفة العباسي:
عطفاً أميرَ المؤمنين فإننا ***** في دوحةِ العلياء لا نفترقُ
ما بيننا يومَ الفخار تفاوتٌ ***** أبداً كلانا في المعالي معرقُ
إلا الخلافةُ ميزتك فإنني ***** أنا عاطلٌ منها وأنت مطوقُ
فقال له القادر بالله: على رغم أن الشريف [١٧] .
وروي أنه كان يوماً عند الخليفه الطائع بالله العباسي وهويعبثُ بلحيته، ويرفعها إلى أنفه، فقال له الطائع:
أظنك تشم منها رائحة الخلافة.
فقال: بل رائحة النبوة [١٨] .
يا له من جوابٍ مفحمٍ مسكت، من هاشمي فحل، قد طعنَ الخليفة في مقتلِ كبريائه وخيلائه، وكم كان لهذا الجواب اللوذعي من أثرٍ على نفسِ الخليفةِ لا يخفى على ذي لبٍ حصيف.
واسمعه (رض) حيث يقول:
ما مقامي على الهوانِ وعندي ***** مقولُ صارمٌ وأنف حميُ
وإباءٌ محلقٌ بي عن الضيم ***** كما راغ طائرٌ وحشيُ
أحملُ الضيمَ في بلاد الأعادي***** وبمصرَ الخليفةُ العلويُ
مَن أبوه أبي ومولاه مولاي ***** إذا ضامني البعيد القصيُ
لف عرقي بعرقه سيد ***** الناس جميعاً محمدٌ وعليُ [١٩]
قريحته وشاعريته
نظم الشعرَ في عهد الطفولة ولم يزد عُمره على عشر سنين، فأجادَ وحلّقَ وحازَ قصبَ السبق بغير منازع، ولم تكن للرضي سقطات كما لغيره من الشعراء [٢٠] .
قال عن ابن أبي الحديد: "مفلقًا، فصيح النظم، ضخمَ الألفاظ، قادراً على القريض، متصرفاً في فنونه، إن قصدَ الرقةَ في النسيب أتى بالعجب العجاب، وإد أرادَ الفخامةَ وجزالةَ الألفاظ في المدح وغيره أتى بما لا يشقُ فيه غباره، وإن قصد في المراثي جاء سابقاً للشعراء منقطعٌ أنفاسها على أثره ..." [٢١] .
وصفه بعضهُم بأنه أشعر قريش [٢٢] ، وقيل عنه: أشعر الطالبيين [٢٣] ، وقال الرفاعي عنه: كان أشعر قريش وذلك لأن الشعرَ المجيدَ من قريش ليس بمكثر، والمكثرّ ليس بمجيد، والرضي جمعَ بين فضلي الإكثار والإجادة [٢٤] .
مع كل هذا لم يكن الرضي (ره) يعدُ الشعرَ فضيلةً له ومأثره يمتاز بها، بل كان يتخذً منه وسيلةً لتحقيق ما يرومُ من أغراض، فيقول مثلاً:
وما الشعرُ فخري ولكنما ***** أطول به همة الفاخرِ
انزهه عن لقاء الرجال ***** وأجعله تحفةَ الزائرِ
فما يتهدى إليه الملوك ***** إلا من المثل السائرِ
وإني وإن كنت من أهله ***** لتنكر في حرفةِ الشاعرِ
ويقول:
وما قولي الأشعار إلا ذريعةً ***** إلى أملٍ قد آن قودَ جنيبه
وإني إذا ما بلَغَ الله غاية ***** ضمنت له هجرَ القريض وحوبه [٢٥]
علاقته الوطيده بجده سيد الشهداء (ع)
تظهر جليةً العلاقة الوطيدة بين الشريف (ره) والمصاب الفادح لجده أبي عبدالله الحسين بن علي (ع) وما جرى عليه يومَ عاشوراء المحرم في صحراء كربلاء، من خلال ما اتقدت به قريحته الملتهبه من نظم ينضح باللوعة والشجاء والتأثر، فكأنه وهوينظمُ الشعرَ في رثاء جده سيد الشهداء (ع) يُخرج شظايا قلبه مع تلك القوافي الخالدة، والتي لم يزل يصدحُ بها النعاةُ والمُدّاحُ على صهوات المنابر الحسينية المشرفة، ومنها:
ما قاله وهوبالحائر الحسيني:
كربلا لا زلتِ كربلاً وبلا ***** ما لقي عندكِ آل المصطفى
كم على تُربكِ لما صُرعوا ***** من دمٍ سالَ ومن دمعٍ جرى
وضيوفٌ لفلاةٍ قفرةٍ ***** نزلوا فيها على غير قُرى
لم يذوقوا الماءَ حتى اجتمعوا ***** بحدي السيف على ورد الردى
تكسف الشمسَ شموسٌ منهم ***** لا تدانيها علواً وضيا
وتنوشُ الوحشُ من أجسادهم ***** أرجل السبق وأيمان الندى
ووجوهاً كالمصابيح فمن ***** قمرٍ غابَ ومن نجمٍ هوى
غيّرتهن الليالي وغدا ***** جائرُ الحكم عليهم بالبلى
يا رسول الله لوعاينتهم ***** وهم ما بين قتلٍ وسبى
من رميضٍ يمنع الظل ومن *****عاطشٍ يسقى أنابيب القنا
ومسوقٍ عاثرٍ يُسعى بهِ ***** خلفَ محمولٍ على غيرِ وطا
جزروا جزرَ الأضاحي نَسلهُ *****ثم ساقوا أهله سوقَ الإما
قتلوه بعدَ علمٍ منهمُ ***** أنه خامسُ أصحاب الكسا
ميتٌ تبكي له فاطمةٌ ***** وأبوها وعليٌ ذوالعلا [٢٦]
وله أيضاً في رثاء الحسين (ع) في عاشوراء سنة ٣٧٧هـ:
صاحت بذودي بغداد فانسني *****تقلّبي في ظهور الخيل والعيرِ
وكلما هجهجت بي عن مباركها *****عارضتها بجنان غير مذعورِ
أطغى على قاطنيها غير مكترث ***** وافعل الفعل فيها غير مأمور
خطب يهددني بالبعد عن وطني ***** وما خلقت لغير السرج والكورِ
إني وإن سامني ما لا أقاومه ***** فقد نجوت وقد حي غير مقمور
عجلان ألبس وجهي كل داجية ***** والبر عَريان من ظبي ويعفور
ورب قائلة والهمّ يتحفني ***** بناظر من نطاف الدمع ممطور
خفّض عليك فللا حزان آونة *****وما المقيم على حزن بمعذور
فقلت هيهات فات السمع لائمه *****لا يعرف الحزن إلا يوم عاشور
يوم حدى الظعن فيه لابن فاطمة *****سنان مطرّد الكعبين مطرور
وخرّ للموت لا كفٌ تقلّبه ***** إلا بوطيء من الجرد المحاضير
ظمآن سلّى نجيع الطعن غلّته ***** عن بارد من عباب الماء مقرور
كأن بيض المواضي وهي تنهبُه ***** نار تحكّم في جسم من النورِ
لله ملقى على الرمضاء غصّ به ***** فم الردى بعد إقدام وتشمير
تحنوعليه الربى ظلاً وتستره *****عن النواظر أذيال الاعاصير
تهابه الوحش ان تدنولمصرعه ***** وقد أقام ثلاثاً غير مقبورٍ
ومورد غمرات الضرب غرّته *****جرت عليه المنايا بالمصادير
ومستطيل على الأيام يقدرها ***** جَنىُ الزمان عليه بالمقادير [٢٧]
وفاته ومرقده [٢٨]
توفي السيد الشريف الرضي في ريعان الشباب، وذلك عن عمرٍ ناهز السابعة والأربعين من الأعوام، سنة ٤٠٦هـ يوم الأحد ٦ محرم، ودُفن في جوار الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع).
كان يوم وفاته يوماً مشهوداً، ولم يحضر أخوه المرتضى تشييع أخيه ودفنه لعظيم حزنه وشدة تأثره عليه، وقد رثاه بقوله:
يا للرجال لفعجة جذمت يدي ***** ووددت لوذهبت علي برأسي
لله عمرك من قصير طاهر ***** ولرب عمر طال بالأدناس [٢٩]
من كراماته
قال ابن شدقم في كتابه زهر الرياض وزلال الحياض: أن في سنة ٩٠٣هـ نبش قبره بعض قضاة الأروام فرآه كما هولم تغير الأرضه منه شيئاً، وحَكى من رآه أثرَ الحناءِ في يده ولحيته [٣٠] .
الخاتمة
وبعد، فتلكَ إلمامةٌ يسيرةٌ من سطور حياةِ رجلٍ بارزٍ من رجالات مدرسة التشيع، تبينُ لأجيالنا المتعاقبة، أن في موروثنا الحضاري قمماً شاهقةً من الفكر والوعي والنبل، يحقُ لنا أن نفخرَ بهم كل مفخرة، وأن نتخذ منهم مثلاً يُحتذى، ونِبراساً يُقتدى، وشعلةً يضاءُ بها طريقُ التشييد والبناء الحضاري، ويشقُ بها ظلامُ الجهل والتخلفِ والانحطاط.