وقال (عليه السلام) : مَنِ اتَّجَرَ بِغَيْرِ فِقْه ارْتَطَمَ فِي الرِّبَا .                
وقال (عليه السلام): ما أَنْقَضَ النَّوْمَ لِعَزَائِمِ الْيَوْمِ.                
وقال (عليه السلام): عَلامةُ الاِْيمَانِ أَنْ تُؤثِرَ الصِّدْقَ حَيْثُ يَضُرُّكَ عَلَى الْكَذِبِ حَيْثُ يَنْفَعُكَ،أَنْ يَكُونَ فِي حَديِثِكَ فَضْلٌ عَنْ عِلْمِكَ، وَأَنْ تَتَّقِيَ اللهَ فِي حَدِيثِ غَيْرِكَ.                
وقال (عليه السلام): خَالِطُوا النَّاسَ مُخَالَطَةً إِنْ مِتُّمْ مَعَهَا بَكَوْا عَلَيْكُمْ، وَإِنْ عِشْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ .                
وقال (عليه السلام): لَيْسَ بَلَدٌ بأَحَقَّ بِكَ مِنْ بَلَد، خَيْرُ الْبِلاَدِ مَا حَمَلَكَ.                
وقال (عليه السلام): إِذَا أَقْبَلَتِ الدُّنْيَا عَلَى أحَد أَعَارَتْهُ مَحَاسِنَ غَيْرِهِ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ عَنْهُ سَلَبَتْهُ مَحَاسِنَ نَفْسِهِ .                
وقال (عليه السلام): الغِنَى والْفَقْرُ بَعْدَ الْعَرْضِ عَلَى اللهِ.                

Search form

إرسال الی صدیق
الشريف الرضي ودوره البلاغي

د. حسن أبوعليوي *

من هو الشريف الرضي ؟

يبدو ضرورياً ومفيداً ان نلَم باختصار بسيرة الرضي قبل الانتقال الى دراسة بلاغته وبيانه من خلال مؤلفاته.

إنه أبوالحسن محمد بن أبي احمد الحسين بن موسى ، يرتفع بنسبه الى الامام علي بن أبي طالب .

ولد في بغداد سنة ٣٥٩هـ / ٩٧١ م، وكانت وفاته وهو في أوج شبابه وعنفوان فيضانه الأدبي والروحي سنة ٤٠٦ هـ / ١٠١٦م.

أمّا أم الرضي فهي السيدة فاطمة بنت الحسين الناصر الصغير التي ترتفع بنسبها ايضا الى علي بن أبي طالب، لذلك لقب بذي الحسين لانه جمع المجد من طرفيه [١] .

كان عمر الرضي قصيراً ، ولكنه حافل بالأعمال المجيدة ، فهو يؤلف ويدرس في مدرسته «دار العلم»، ويقوم بأعباء الوظائف التي يشغلها : كنقيب للطالبيين ، وأمير للحج، ووالٍ للمظالم.

عرف بذكائه المتوقد ، واستيعابه السريع لثقافة عصره . ابتدأ بنظم الشعر وهو ابن عشر سنين ، وأتقن أصول النحو

بسن مبكرة ، كما حفظ القرآن بمدة يسيرة . انصرف الى التأليف والتصنيف ، فاحتلت مؤلفاته مكاناً سامياً، ومميزاً بين تصانيف النصف الثاني من القرن  الرابع الهجري / العاشر الميلادي ، (سنذكرها مرتبة حسب حروف المعجم).

يعتبر الشريف الرضي شاعراً من فحول الشعراء ، وكاتباً ومترسلا . وهو في نثره امير من امراء البلاغة والبيان ، ومن سوء حظ الأدب العربي أنه فقد كثيراً من مؤلفاته النثرية ، لا سيما رسائله . ومهما يكن من أمر فان مؤلفات الرضي الواصلة الينا تعد من الذخائر الأدبية واللغوية، ومن أبرزها:

تلخيص البيان عن مجازات القرآن ، حقائق التأويل في متشابه التنزيل ، ومجازات الآثار النبويّة ، وديوان شعر كبير يقع في مجلدين.

أما مؤلفاته الأخرى فهي : أخبار قضاة بغداد – تعليق خلاف الفقهاء – تعليقه على «ايضاح أبي علي الفارسي» - الجيّد من شعر أبي تمام – الحسن من شعر الحسيْن – خصائص الأئمة – رسائله – الزيادات في شعر أبي تمام – الزيادات في شعر ابن حجّاج – سيرة والده الطاهر – فضائل أمير المؤمنين علي – مختصر أمثال الرّضي – ما دار بينه وبين أبي اسحاق الصابئي شعرا – مختار شعر أبي أسحاق الصابي – معاني القرآن – نهج البلاغة [٢].

كانت البلاغة سمة الرضي حين نثر وحين شعر، فوقف امام ثلاثة مصادر تدفقت منها البلاغة العربية فنهل منها ، واستخرج كنوزها وهي : القرآن الكريم ، السنّة النبوية ، وكلام علي بن أبي طالب.

تلخصت مهمة الرضي في القرآن والحديث باستخراج وجوه البيان : من مجازات واستعارات ، والكشف عن ضروب البلاغة والفصاحة فيها. اما كلام الامام علي فقد سعى الرضي الى جمع مختاره ، بعدما رأى كلامه يدور على أقطاب ثلاثة / «اولها: الخطب والأوامر وثانيهما : الكتب والرسائل، وثالثها : الحكم والمواعظ...» [٣] .

ويتبادر سؤال الى الذهن ، ما هو دور الرضي في جمع كتاب نهج البلاغة للامام علي؟

نهج البلاغة كتاب جمع فيه الشريف الرضي أبلغ ما أثر عن علي بن أبي طالب من خطب ورسائل ومواعظ  وحكم، ونسبة جمع هذا الكتاب الى الرضي هو ما شاع  بين جمهور المؤلفين والنقاد قديما وحديثا، فالكتاب يحتوي على المختار من كلام علي، لأن غاية الرضي الكبرى هي تفضيل الأفصح والأبلغ من كلام علي ، فكان الشريف في جمعه كالجوهريّ الحاذق الذي يختار أنفس الجواهر وأثمن الآلىء .

ويعتبر الكتاب عند العلماء والمفكرين والأدباء احدى الذخائر الاسلامية بعد القرآن والأحاديث النبوية، ومن المصادر الأدبية والفكرية التي احتلت مكانا مرموقاً في المكتبة العربية.

كان الرضي في باب البلاغة من الرواد في القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي ، من خلال كتابيه الشهيرين: تلخيص البيان عن مجازات القرآن ، ومجازات الآثار النبوية.

وجد الشريف نفسه امام مصدرين مهمين من مصادر البلاغة العربية، فصرف جهوده واهتمامه لخدمة هذين الكتايين الثمينين عند المسلمين والعرب، وتتبّعما تتبع دارس لهما مفتون بهما، ليكشف عما في كل منهما من جمال التعبير وروعة البيان وسحر البلاغة. وتلك خدمة جليلة من الرضي للبيان العربي لأنه مهّد الطريق بتلك الدراسات البلاغة للقرآن والحديث – لمن جاء يعده من علماء البلاغة النظريين [٤].

ألف الرضي كتاب ( تلخيص البيان) قبل كتاب (المجازات النبوية) فاستحسنه الناس لانه سلك فيه محجة لم تعرف، وطرق ابواباً لم تطرق ، فرغبوا إليه أن يؤلف لهم على مثاله ما يكون لحديث رسول الله مفصحاً عن فصاحته، مبيناً عن دقائق اشارته [٥] ، وقد ألّفه الرضي سنة ٤٠١هـ/١٠١٠م ، وضمَنه ما في القرآن من استعارات بحسب ترتيب السّور.

وسنقسم هذه الدراسة الى نقطتين بارزتين هما : دور الرضي في الكشف عن مجازات القرآن ، ودوره في الكشف عن مجازات الأحاديث النبوية.

أما بالنسبة للنقطة الأولى فسنتناول قضية المجاز في القرآن الكريم ، وندرسه دراسة تاريخية متطورة معتمدين على نصوص الآيات وما قيل فيها عند مجموعة من الباحثين الذين ألّفوا في المجاز القرآني، ونجري مقارنة بينهم وبين الرضي لتتوضَح الصورة، ولنكشف عن دور الشريف الرضي ومساهمته في تطوير المجاز القرآني وبالتالي البلاغة العربية . وستتم هذه المقارنة مع أبي عبيدة والجاحظ وابن قتيبة [٦] .

١- مجاز القرآن لأبي عبيدة :

اعتقد مؤرخو الأدب قديما ان أبا عبيدة هو أول من ألّف في المجاز القرآني ، وأن كتابه «مجاز القرآن» هو أول كتاب في علم البيان تناول دراسة الآيات القرآنية من الوجهة البلاغية، وعندما طبع الكتاب محققاً ونشر، تبينّ أنه تفسير وجيز لألفاظ القرآن الكريم ، وليس فيه من المعاني البيانية إلا عنوانه ، وسنورد أمثله من تفسيره لنظهر أن أبا عبيدة يوجز ايجازاً شديداً في «مجازاته» حتى يفسر لفظة بلفظة في بعض الأحيان ، ومن أمثلة ذلك قوله في تفسير سورة آل عمران:

(لِيَجْعَلَ اللًه ذلكَ حَسْرةً في قُلوبهمْ) الحسرة : الندامة. (فإذا عَزَمْتَ): أي إذا أجْمَعتَ. (وما كانَ لِنَبيَ أنْ يُغَلْ): أن يًخان. (لو نَعْلمُ قِتالاً): أي لو نعرف قتالاً . (فادْرؤوا عن اُنْفُسِكُمْ): أي ادفعوا عن أنفسكم...

نلاحظ أن أبا عبيدة لا يزيد على هذا التفسير اللفظي ، ويمضي في الكتاب كله على هذا النمط [٧] .

فالمتفحّص لكتابه يرى بوضوح أنه يعني بالمجاز تفسير المعنى للألفاظ القرآنية، فهو يعرض ما في كل سورة من الألفاظ يشرحها لغويًأ، ويفسَر غريبها ويقيم اعرابها، ذاكراً من الشعرالعربي الفصيح ما يؤيد المعنى الذي ذهب اليه. فالمجاز عنده هو تفسير المعنى كما مرً بنا من غير النظر الى الاصطلاح البياني ، الذي لم يظهر في القرن الثاني الهجري، ولفظ «المجاز» عنده لا يمكن أن توضع اصطلاحاً في مقابل «الحقيقة» كما فعل البيانيون في تقسيم الكلام الى حقيقة ومجاز. فأبوعبيدة يفسر الفاظ القرآن على طريقة اللغويين لا البيانين. لذلك يمكن اعتبار كتابه معجما لمعاني القرآن ، فهو يصرَح في مقدمة كتابه بمقاصده قائلا:

«فلم يحتج السلف ولا الذين أدركوا وحيه الى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يسألوا عن معانيه ، لانهم كانوا عرب الألسن ، فاستغنوا بعلمهم عن المسألة عن معانيه ، وعما فيه ممّا في كلام العرب مثله في الوجوه والتلخيص. وفي القرآن مثل ما في الكلام العربي من وجوه الإعراب ، ومن الغريب والمعاني» [٨] .

الجاحظ ومجازات القرآن :

لعلَ أبا عثمان الجاحظ  هو أول من استعمل المجاز في القرآن الكريم بالمعنى المقابل للحقيقة على نحو يقرب من استعمال البيانيين المتأخرين، وبهذا يكون الجاحظ أول مصنّف عربي استعمل لفظتي المجاز والاستعارة بمعنى يتفق مع قصد البلاغيين المحدثين. فتراه في مواطن متفرقة من كتابيه : (الحيوان ، والبيان والتبيين) يشير الى المجاز والاستعارة.

لذلك يعدَ الجاحظ أول رائد للبلاغة العربية بمعناها الاصطلاحي الذي أخذ يتطور مع الزمن حتى بلغ قمته على يد الجرجاني والسَكّاكي وابن الأثير وغيرهم من أعلام البلاغة الفنيّ’ [٩] .

ومن أوائل اللّمع البيانية عند الجاحظ قوله في كتاب «الحيوان» [١٠] : باب اخرفي المجاز والتشبيه بالاكل , وهو قول الله عز وجل : ( ان الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما) , وقوله عزّ إسمه: (أُكّالونَ للسْحتِ)، وقد يقال لهم ذلك وإن شربوا بتلك الأموال الأنبذة ، ولبسوا الحلل ، وركبوا الدّواب ، ولم ينفقوا منها درهما واحداً في سبيل الأكل.

وقد قال الله عزّوجلّ: (إنّما يأكلونَ في بُطونِهمْ ناراً) وهذا مجاز آخر [١١] .

وقال الله تعالى : (إنَّ الله مُبْتليكُمْ بنهرٍ ، فَمن شربَ منهُ فَلَيْس منّي، ومَن لم يَطعَمْهُ فإنَه منيّ) [١٢] . يريد : لم يذق طعمه . فالمجاز عند الجاحظ هو استعمال اللفظ في غير ما وضع له ، على سبيل التوسع من أهل اللغة ، ثقة من القائل بفهم السامع. أما لفظة الاستعارة التي يكررها الرضي في كل آية فيها مجاز ، فقد كان الجاحظ أول من استعملها بمعنى تسمية الشيء باسم غيره اذا قام مقامه.

هذه اللفتات البيانية الوجيزة كانت الأساس الذي بني عليه صرح البيان العربي. ولكن هذه اللّمع البيانية عند الجاحظ لا نراها من الكثرة بحيث تكوَن مذهباً بيانياً قائماً بذاته ، وإنما كانت معالم طريق لمن جاء بعده ، فقد افاد منها بشكل خاص تلميذه ابن قتيبة [١٣] .

ابن قتيبة ومجازات القرآن :

توسَع ابن قتيبة في نظرته الى الاستعارة والمجاز اكثر من الجاحظ ، فخطا باللّمع البيانية خطوة وسَعت دلالات كثيرة من الألفاظ والاصطلاحات التي أخذت تظهر بعد ذلك بالتدريج في علوم البلاغة ، فنراه يقول: «وللعرب المجازات في الكلام، ومعناها : طرق القول ومآخذه. ففيها : الاستعارة والتمثيل ، والقلّب، والتقديم، والتأخير ، والحذف ، والتكرار ، والإخفاء، والتعريض ، والإفصاح ، والكناية ، والإيضاح ، ومخاطبة الواحد مخاطبة الجمع ، والجميع خطاب الواحد ، والواحد والجميع خطاب الاثنين، والقصد بلفظ الخصوص لمعنى العموم ، وبلفظ العموم لمعنى الخصوص...» [١٤] .

فهو يعتقد في كتابه (تأويل مشكل القرآن) بابين : أولهما في المجاز، وثانيهما في الاستعارة ، فيتحدث عن المجاز في القرآن ، ويكثر من الأمثلة التي يخرجها بشكل مجازي، ولا يكتفي بالقرآن وحده ، وانما يتحدث عن الانجيل ايضاً [١٥].

والحق أن الاشتغال بالقرآن الكريم ودراسته وتفسيره كان سبباً قوياً لظهور هذه المجادلات حول المجاز والاستعارة ظهوراً مميزاً، لان عصر ابن قتيبة شهد تكوراً كبيراً في علم الكلام، فاشتد الجدل والنقاش بين المتكلمين [١٦] ، حول الله وصفاته، وأفعاله وذاته، وفي العدل والجبر والاختيار، فاختلفوا في تفسير آيات الله البيَنات ، فمنهم من يقول بالكلام على وجه الحقيقة ، ومنهم من يفسَر على سبيل المجاز كقوله تعالى: (وكلْمَ الله موسَى تكْلياْ) [١٧]، فمنهم من يقول بالحقيقة لا على سبيل المجاز ، بدليل توكيد الفعل بالمصدر تكليماً.ومنهم من يقول بالكلام على وجه المجاز ، اما ابن قتيبة فيورد الكلام على سبيل الحقيقة، لأن أفعال المجاز لا تخرج منها المصادر ، ولا تؤكد بالتكرار، فأكد بالمصدر معنى الكلام ونفى عنه المجاز [١٨] .

أمَا الباب الذي عقده ابن قتيبة للاستعارة في كتابه، فهو لا يقل فائدة عن باب المجاز، وتكاد ألفاظه تتفق مع ما استعمله البيانيون فيما بعد.

فمن أقواله : «فالعرب تستعير الكلمة فتضعها مكان الكلمة ، اذا كان المسمَى بها بسبب من الأخرى ، او مجاورأ لها ، أو مشاكلاً ، فيقولون للمطر سماء ، لأنه من السماء ينزل...

ويقولون: «ضحكت الأرض ، اذا انبتت ، لأنها تبدي عن حسن النبات ، وتنفتق عن الزهر ، كما يفتًر الضاحك عن الثغر..» [١٩] .

ثم يمضي ابن قتيبة في الكشف عن بعض الاستعارات في القرآن الكريم، كالاستعارة في قوله تعالى: (يَوْمَ يُكشَفُ عن ساقٍ) [٢٠] ، أي عن شدة من الأمر ، وأصل هذا أنّ الرجل اذا وقع في أمر عظيم يحتاج الى معاناته والجدّ فيه ، شمَر عن ساقه، فاستعيرت «السّاق» في موضع الشدة [٢١] .

ومنه قول الله عزّوجلّ: (ولا يُظْلَمُون فَتيلاً) [٢٢] (ولا يُظلَمون نَقَيرا) [٢٣] ، «والفتيل»: ما يكون في شق النواة ، و«الفتيل»: النقرة في ظهرها. ولم يرد أنهم لا يظلمون ذلك بعينه ، وانما أراد انهم اذا حوسبوا لم يظلموا في الحساب شيئاً  ولا مقدار هذين التافهين الحقيرين [٢٤] .

وهكذا كشف ابن قتيبة عن الاستعارات في عشرات الآيات القرآنية ، ولعل الشريف الرضي في كتابه (تلخيص البيان عن مجازات القرآن) وقد تأثر بابن قتيبة ، فسار على طريقته ، ولكن بشكل موسَع ومنهج مميَز، فلم يأت المجاز والاستعارة عنده لمعاً متفرقة في ثنايا كتابه، بل كان تلخيص «البيان» يعبّر عن هدف واحد، فقد ألف لغرض واحد ، وهو متابعة المجازات والاستعارات في كتاب الله سورة سورة وآية آية ، هذا ما سنبيّنه في الصفحات التالية لدى المقارنة بين أبي عبيدة والرضي من جهة، وبين ابن قتيبة والرضي من جهة ثانية ، فنأخذ أمثلة للمقارنة والموازنة.

فتتناول عددا من الآيات القرآنية ونتتبَع شرحها وتفسيرها والتعليق عليها ، لنتعرّف على الطريقة التي سلكها كل واحد من هؤلاء الثلاثة ، ثم نستخلص النتائج :

١- بين أبي عبيدة والشريف الرضي :

رأي أبي عبيدة في مجاز قوله تعالى: (وأُشْرِبوُا في قُلوبِهمُ العِجْلَ) [٢٥] ، (سقوه حتى غلب عليهم ، أشربوا في قلوبهم العجل: حبّ العجل).

أما رأي الرضي في الآية نفسها: (... وهذه استعارة ، والمراد بها صفة قلوبهم بالمبالغة في حب العجل ، فكأنها  تشربت حبّه ، فمازجها ممازجة المشروب ، وخالطها مخالطة الشيء الملذوذ. وحذف حب العجل لدلالة  الكلام عليه ، لأن القلوب لا يصحَ وصفها بتشرَب العجل على الحقيقة) [٢٦] .

يقول أبوعبيدة في تأويل قوله تعالى : (ولا تَجْعَلْ يَذَكَ مغْلولةً إلى عُنقِكَ) [٢٧]، (مجازة في موضع قولهم : لا تمسك عمّا ينبغي لك ان تبذل من الحق، وهو مثل وتشبيه).

في حين ان الرضي يقول في مجاز هذه الآية : (وهذه استعارة . وليس المراد بها اليد هي الجارحة على الحقيقة ، وانما الكلام الأول كناية عن التقتير ، والكلام الآخر عن التبذير. وكلاهما مذموم، حتى يقف كلّ منهما عند حدّه ، ولا يجري إلا الى أمده ، وقد فسَر هذا قوله سبحانه : (والْذينَ إذا اَنَفَقَوا لم يُسرِفوا ولم يَفْتَروا وكانَ بين ذَلك قَواما) [٢٨] .

وأبوعبيدة يقول في تأويل قوله تعالى : (حتى يتبينَ لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسورد من الفجر) [٢٩] : (الخيط الأبيض هو الصبح المصدق، والخيط الأسود هو الليل، والخيط هو اللون) [٣٠] .

في حين أن الرضي يقول في بيان مجازها: (وهذه استعارة عجيبة والمراد بها على أحد التأويلات : حتى يتبين بياض الصبح من سواد الليل ، والخيطان ههنا مجاز، وانما شبَهها بذلك لأن خيط الصبح يكون في أول طلوعه مستدقًاَ خافياً ، ويكون سواد الليل منقضياً موليّاْ، فهما جميعا ضعيفان. إلاّ أن هذا يزداد انتشاراً، وهذا يزداد استثاراً) [٣١] .

ومثال آخر حتى تجري الموازنة الى مداها ، وهو قول أبي عبيدة في تفسير قوله تعالى : (تُولِجُ الليلَ في النهارِ) [٣٢] : (تنقص من الليل فتزيد في النهار ، وكذلك النهار من الليل) [٣٣] .

أما رأي الرضي في مجاز هذه الآية الكريمة فهو : (وهذه استعارة. وهي عبارة عجيبة جدا عن إدخال هذه على هذا ، وهذا . والعمنى: أن ما ينقصه من النهار يزيده في الليل ، وما ينقصه من الليل يزيده في النهار . ولفظ الايلاج هنا أبلغ، لأنه يفيد ادخال كل واحد منهما في الآخر، بلطيف الممازجة ، وشديد الملابسة) [٣٤] .

٢- بين ابن قتيبة والشريف الرضي :

لننظر كيف يوضَح ابن قتيبة مجاز آية من القرآن ، وكيف يتناول الرضي هذه الآية بعينها ، ويكشف عن المجاز فيها.

رأي ابن قتيبة في مجاز قوله تعالى: (سَنَفْرُغُ لكُمْ ايٌّها الثقلانِ) [٣٥] .

(والله تبارك وتعالى لا يشغله وتعالى لا يشغله شأن عن شأن . ومجازة: سنقصد لكم بعد طول الترّك والإمهال.

وقال «قتادة» : قد دنا من الله فراغ لخلقه. يريد أن الساعة قد أزِفت وجاء أشراطُها)  [٣٦].

ويقول الرضي في مجاز هذه الآية: (وهذه استعارة. وقد كان والدي الطاهر الأوحد  ذوالمناقب أبو احمد الحسين بن موسى الموسوي – رضي الله عنه وأرضاه – سألني عن هذه الآية في عرض كلام جرّ ذكرها ، فأجبته في الحال بأعرف الأجوبة المقولة فيها، وهو أن يكون المراد بذلك : سنعمد لعقابكم ، ونأخذ  في جزائكم على مساوىء اعمالكم ، وأنشدته بيت جرير كاشفاً عن حقيقة هذا المعنى وهو قوله:

الآن وقد فرغت الى نمير***** فهذا صرت لهذا عذابا

فقال : فرغت الى نمير ، كما يقول : عمدت اليها، فأعلمنا أنَ معنى ههنا معنى عمدت ، وقصدت . ولو كان يريد الفراغ من الشغل لقال: فرغت لها ، ولم يقل فرغت اليها. وقال بعضهم : انما قال سبحانه : سنفرغ لكم ، ولم يقل سنعمد . لأنه أراد : اي سنفعل فعل من يتفرغ للعمل من غير تمجيع فيه [٣٧] ، ولا اشتغال بغيره عنه، ولأنه لما كان الذي يعمد الى الشيء ربما قصَر فيه لشغله معه بغيره ، وكان الفارغ له – في الغالب – هو المتوفَر عليه دون غيره ، دَللنا بذلك على المبالغة في الوعيد من الجهة التي هي اعرف عندنا، ليقع الزَجر بأبلغ من الألفاظ ، وأدل الكلام على معنى الايعاد.

وقال بعضهم: أصل الاستعارة موضوع على مستعار منه ، ومستعار له ، فالمستعار منه أصل، وهو الأقوى ، والمستعار له فرع، وهو اضعف ، وهذا مَطرد في سائر الاستعارات. فاذا تقرّر ذلك كان قوله تعالى: (سنفرغ لكم أيَها الثقلان) من هذا القبيل. فالمستعار منه ههنا ما يجوز فيه الشغل وهو أفعال العباد ، والمستعار له ما لا يجوز فيه الشغل ، وهو أفعال الله تعالى ، والمعنى الجامع لهما الوعيد ، إلا أنْ الوعيد بقول القائل : سأتفرغ لعقوبتك أقوى من الوعيد بقوله : سأعاقبك من قبل كأنما قال : سأتجرَد لمعاقبتك ، كأنه يريد استفراغ قوته في العقوبة له ، ثم جاء القرآن على مطرح كلام العرب، لأن معناه أسبق الى النفس ، وأظهر للعقل. والمراد به تغليظ الوعيد ، والمبالغة في التحذير...) [٣٨]

رأي ابن قتيبة في بيان المجاز في قوله تعالى: (يوم نقول لجهنَم هل امتلأت ، وتقول هل من مزيد) [٣٩] .

قال ابن قتيبة : (وليس يومئذ قول منه لجهنَم ، ولا قول من جهنم. وانما هي عبارة عن سعتها) [٤٠] ، وقد ساق هذه الآية في باب المجاز . أما الرضي فانه قال في هذه الآية : (وهذه استعارة . لأن الخطاب للنار ، والجواب منها في الحقيقة لا يصحان . وانما المراد – والله أعلم – أنها فيما ظهر من امتلائها، وبان من اغتصاصها بمنزلة الناطقة بأنه لا مزيد فيها ، ولا سعة عندها ، وذلك كقول الشاعر:

امتلأ الحوض وقال قطني***** مهلا  رويدا ، قد ملأت بطني [٤١]

ولم يكن هناك قول من الحوض على الحقيقة ، ولكن المعنى : أن ما ظهر من امتلائها في تلك الحال جارٍ مجرى القول فيه ، فأقام تعالى الأمر المدرك بالعين ، مقام القول المسموع بالأذن .

وقيل المعنى: إنَا نقول لخزنة جهنم هذا القول ، يكون الجواب منهم على حدَ الخطاب . ويكون ذلك من قبيل : (واسأل القرية) [٤٢] ، في اسقاط المضاف واقامة المضاف اليه مقامه. وذلك كقولهم : «يا خيل الله اركبي». والمراد  يا رجال الله اركبي. وعلى القول الأول يكون مخرج هذا القول لجهنم ، على طريق التقرير لاستخراج الجواب بظاهر الحال ، لا على طريق الاستفهام والاستعلام، اذ كان الله سبحانه قد علم امتلاءها قبل ان يظهر ذلك فيها . وانما قال سبحانه هذا الكلام ليعلم الخلائق صحة وعده.

إذ يقول تعالى: (لأملأن جهنَم من الجنَة والناس أجمعين) [٤٣] . والوجه في قوله تعالى في الحكاية عن جهنم: (هل من مزيد) ، بمعنى : لا من مزيد مني. وليس ذلك على طريق طلب الزيادة ، وهذا معروف في الكلام ، ومثله قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «وهل ترك عقيل لنا من دار؟» [٤٤] : (أي ما ترك لنا دارا) [٤٥] .

ويلتقي الشريف الرضي مع ابن قتيبة في كثير من آرائه وتعليقاته ، ومن أمثلة ذلك : رأي الاثنين في مجاز قوله تعالى: (وثيابك فطهَر) [٤٦] ، فابن قتيبة يرى أنّ الله يأمر بتطهير النفس من الذنوب، فكنّى عن الجسم بالثياب ، لأنها تشتمل عليه ، والعرب تقول: قوم لطاف الأُزُر: أي خِماص البطون ، لأن الازر ثلاث عليها. ويقولون : فِدُى لك إزاري  يريدون  : بدني ، فتضع الازار موضع النفس [٤٧] .

أما الرضي فيقول :  ... وهذه استعارة على بعض التأويلات ، وهو أن تكون الثياب ههنا كناية عن النفس أو الأفعال والأعمال الراجعة الى النفس.. ويقولون : فلان طاهر الثياب ، اي طاهر النفس ، أو طاهر الأفعال. فكأنه سبحانه قال : ونفسك فطهّر، أو أفعالك فطهّر.

وقد يجوز أن يكون للثياب ههنا معنى آخر ، وهو أن الله سبحانه سمَى الأزواج لباساً فقال تعالى : (هنً لباس لكم  ، وأنتم لباس لهنّ) [٤٨] ، واللباس والثياب بمعنى واحد. فكأنه سبحانه أمره أن يستطهر النساء. أي يختارهنّ طاهرات من دنس الكفر ، ودرن العيب ، لأنهن مظان الاستيلاد ، ومضام الأولاد [٤٩] .

٣- استنتاج :

أ- أبوعبيدة :

مجازه مختصر ، لا يتعدى تفسير المعنى وشرح مفرداته . فهو قصير النفس ، يوجز كثيرا في تأويل اللفظة القرآنية ، فلا يزيد كلمة توضّح المعنى ، أو تؤيّده بشواهد من أشعار العرب ، أو توثقه برأي بعض المفسرين السابقين له. ويمضي في كتابه على هذا النمط من الايجاز كما مرّ بنا.

ب- ابن قتيبة :

يتوسَع قليلا بما يتناسب مع عصره  يفهم المجاز على أنه مقابل للحقيقة ، ولكن ابحاثه البلاغية في المجازات والاستعارات القرآنية ظلت في حدود الايجاز ، ولم يلجأ الى حشد الشواهد المختلفة لتوضيح مقصده ولاغناء معانيه ، ومع ذلك فقد كان لأبواب المجاز التي ذكرها في كتابه «تأويل مشكل القرآن» ، قيمة تاريخية كبيرة ، لأنها اضافت الى معارفنا عن تطور البلاغة شيئاً جديداً .

فالشائع الذائع بين الخاصة وغيرهم ، أنّ البلاغة العربية طفرت من نثار الجاحظ المبثوث في كتبه ، الى «يديع» ابن المعتز طفرة واحدة. ولم يعرف احج أن ابن قتيبة قد اسهم في تكوينها وتطورها بنصيب موفور. فظهور تلك الأبواب (المجاز والاستعارة...) في كتابه يظهرنا على تلك الحلقة المفقودة  في تاريخ البلاغة ، ويضيف الى أمجاد ابن قتيبة مجداً آخر عظيم الشأن ، سيذكره الذاكرون كلما تحدثوا عن تاريخ البلاغة ونشأتها . ولن يستطيع باحث ان يغفل صنع ابن قتيبة في استخراج ما في القرآن من أنواع المجاز وتبوييها قبل ان يؤلف «ابن المعتزّ» كتابه «البديع» في سنة ٢٧٤ هـ / ٨٨٧ م بسنوات عديدة.

ج- الشريف الرضي :

أما الرضي فقد أفاض وتوسع في بيانه ، وأطال الشرح في تعليقاته ليتَضح المراد ، فجاء مادته أغزر ، كبيان المجاز في قوله تعالى : (يوم نقول لجهنم هل امتلأت...) فأظهر أن اختصاص جهنم بأهلها كان بمنزلة النطق منها ، اذ لا زيادة فيها ولا سعة عندها ، كما أيد المجاز يقول الشاعر: امتلأ الحوض. فان الحوض لا يتكلم وكذلك جهنم ، ولكن ما يظهر من امتلاء الاثنين جرى مجرى النطق منهما. ثم أبان بعد ذلك أنه يجوز أن يكون المراد بالقول لجهنم هو القول لأهلها ، فكأن الله تعالى قال : يوم نقول لأهل جهنم. وهذا المجاز جائز لغة ، وهو الذي سماه البيانيّون اصطلاحا فيما بعد ، بالمجاز الذي علاقته المحليّة، لأن جهنم محل لأهلها، فكأنه ذكر المحل وأراد الحال.

على أن هذه الأنواع من المجاز والاستعارة لم يتعرض لها الرضي وهو يكشف عن مجازات القرآن كشفاً تطبيقياً بلاغياً، لأن تلك المسمَياتِ والمصطلحات لم تكن قد وضعت ، أو عرفت بعد في عصر الرضي.

من خلال ما تقدم نرى بوضوح ان الرضي يدعم وجهة نظره – في حديثه عن المجازات والاستعارات القرآنية – بشواهد متنوعة : من الآيات المشابهة للمعنى الذي يؤوّله ، الى الأحاديث النبوية ، والأشعار العربية الفصيحة لفحول الشعراء ، التي تناسب مع ما يرمي اليه ، فضلا عن توسعه وتشعبه في شرح المجازات القرآنية ، حتى لا يترك مجالا لسائل ، أو زيادة لمستزيد.

ويبدو لنا الرضي في «تلخيص البيان» أديباً وشاعراً مطبوعاً ، فنجد عنده ذوق الأديب ، ورقة الشاعر ، ونراه بليغاً يلتمس مواطن البلاغة والاعجاز في القرآن الكريم بحس البليغ الناقد ، أكثر من فقه اللغوي وعلم النحوي . والمقارنة بين الثلاثة تهدف الى اظهار مدى التطور في النظرة الى تأويل القرآن ، والكشف عن مجازه ، ووجوه اعجازه فالرضي يمد في حبل البيان ، ويمزج في ذلك بين التطور البلاغي الذي صار اليه في عصره ، وبين ذوقه الأدبي الخاص الذي اكتسبه بفضل ثقافته الأديبة والشعرية بشكل خاص فكانت البلاغة عنده تطبيقاً عملياً، لا ابحاثاً نظرية جافة،وقد شملت القرآن الكريم بأكمله .

وتعود قيمة كتاب «تلخيص البيان» الى انه أول كتاب كامل ألف في غرضه ، فلم يأت المجاز عنده عرضا في ثنايا الكتاب ، أو بابا من أبواب مصنّف ، كما مرّ بنا عند أبي عبيدة والجاحظ  وابن قتيبة . ولأن اعجاز القرآن في ألفاظه وأساليبه ومعانيه من الحقائق الثابتة عند المسلمين، وقد عجز بلغاء العرب وفصحاؤهم عن محاكاته ، فهو بحاجة الى ناقد بصير، وصير في خبير ليكشف النقاب عن أسراره البلاغية ، ويحيط اللثام عن مجازاته ، ويزيل الشبه الناجمة من سوء فهمها.

والاستعارات القرآنية بحاجة لاظهار حقيقتها ، لأن ظاهر اللفظ لم يقصد ، وانما قصد غيره لعلاقة.

من هنا نفهم ونقدّر قيمية الجهد الذي بذله  الشريف الرضي في ادراك كنه هذه الاسرار البلاغية. كان الرضي  ذا منهج في تأويلاته وتعليقاته ، وممّا يدل على نهجه في البلاغة قوله :

«إن الألفاظ خدم للمعاني ، لأنها تعمل في تحسين معارضها ، وتنميق مطالبها [٥٠] .

ثانياً : دور الرضي في الكشف عن المجازات النبوية

يعتبر كتاب الشريف الرضي «مجازات الاثار النبوية» من الكتب القيمة [٥١] ، ألَفه سنة  ٤٠١/١٠١٠م بعد كتاب «تلخيص البيان» الذي استحسنه الناس ، فطلبوا من الرضي ان يؤلف لهم كتاباً على غراره «يشمل مجازاة الاثار الواردة عن رسول الله ، اذ كان فيها كثير من الاستعارات البديعة ، ولع البيان الغريبة، واسرار اللغة اللطيفة ، يعظم النفع باستنباط معادنها ، واستخراج كوامنها» [٥٢] .

ومنهجه في كتابه هو الاختصار ، فقلمه يكفّ عن الافاضة في جوانب من الحديث لا تتصل بباب الاستعارات والمجازات ، وشيوخه الذين يروي عنهم في هذا الكتاب ، هم الذين يروي عنهم في (تلخيص البيان).

وقد اشتمل الكتاب على قيم متعددة : ففيه كلام في المجاز والاسناد العقلي ، وكلام في آراء المعتزلة والشيعة ، وإشارات تاريخية الى غزوات الرسول ومواقفه الخطابية ، ووصايا لأصحابه ، وجوامع كلم نبوية ذهبت مذهب الأمثال ، ومواعظ وحكم تعمق ايمان الانسان وتدفعه نحو عمل الخير ، وفيه شعر لفحول الشعراء القدماء مرَ به المؤلف.

وسنقدم نماذج من الأحاديث النبوية مع شروح الرضي وتعليقاته عليها لتوضيح الطريقة التي سلكها في كتابه . لقد دلَ الشريف الرضي في هذا الكتاب على ملكة قويًة في النقد ، سواء في نقده للأحاديث المروية عن الرسول ، أو في التفاتاته البلاغية وتعليقاته اللغوية ، مما يبعث على الظن أن المؤلف قد أخذ نفسه بالمران على هذا النوع من التأليف ، وقد أولع الرضي بهذا النوع من البيان والبلاغة خدمة للدين وتدليلا على عظيم مقام رسول الله في البلاغة.

تناول الرضي في كتابه ثلاثمائة وواحد وستين (٣٦١) حديثاً نبوياً، وهي مختارات اشتملت على مجاز طريف ، أو يكتف الشريف الرضي بسرد هذه الأحاديث ، بل شرحها ، وأبان عن بلاغتها ، وتتبعها متنقلاً من: تحقيق لغوي ، الى تطبيق على علم البلاغة ، الى سياق الشاهد من كلام العرب.

* فمن أحاديث الرسول قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد نظر الى أحُدِ منصرفه من غزاة خيبر: «هذا جبل يحبنا ونحبه»، هذا القول محمول على المجاز لأن الجبل على الحقيقة لا يصح أن يُحب ولا يُحَب ، إذ محبة الانسان لغيره إنما هي كناية عن إرادة النفع له ، أو التعظيم المختص به على ما بيًناه في عدة مواضع من كتابينا المشهورين في علوم اِلقرآن  [٥٣] ،وكلا الأمرين لا يصح على الجماد: لا التعظيم المختص به ، ولا النفع العائد عليه، فمستحيل أن يعظَّم أو يُعظم، أو ينفع ، أو يتنفع به ، فالمراد إذن أُحداً جبل يحبنا أهله ، ونحب أهله  وأهله هم أهل المدينة من الأنصار، أوسهم وخزرجهم، وغير خاف حبهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وحبه لهم وتعظيمهم له وإعظامه لقدرهم... [٥٤] .

* ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: «إن الإسلام بدأ غريباً» وهنا الكلام من محاسن الاستعارات وبدائع المجازات ، لأنه عليه السلام جعل الاسلام غريباً في أول أمره تشبيهاً بالرجل الغريب الذي قلَ أنصاره وبعدت دياره، لأن الاسلام كان على هذه الصفة في أول ظهوره ، ثم استقرت قواعده، واشتدت معاقده ، وكثر اعوانه ، وضرب جبرانه.

وقوله عليه الصلاة والسلام: «وسيعود غريباً»: أي يعود الى مثل الحال الأولى في قلة العاملين بشرائعه والقائمين بوظائفه ، لا أنه – والعياذ بالله – تمحَي سماته ، وتدرس آياته [٥٥] .

* ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: «اليد العليا خير من اليد السفلى»، وهذا القول مجاز لأنه عليه الصلاة والسلام، أراد  باليد العالية ، يد المعطي ، وباليد السافلة  يد المستعطي، ولم يرد على الحقيقة أن هناك عالياً وسافلاً، وصاعداً ونازلاً، وإنما أراد ان المعطي في الرتبة فوق الأخذ لأنه المنيل المفضل والمحسن والجميلِ. وليس هذا في معطي الحق ، وإنما هو في معطي الرَفد ومسترفده ، وليس المراد انه خير في الدين ، بل المراد  أنه خير في النفع للسائلين، وانما كنَى عليه الصلاة والسلام عن هاتين الحالتين باليدين، لان الاغلب ان يكون بهما الإعطاء والبذل ، وبهما القبض والأخذ [٥٦] .

* ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: «إنَ من البيان لسحرا»، وهذا القول مجاز، والمراد به أن البيان قد يخدع بتزويفه وزخارفه، وحُسن معارضه ومطالعه حتى يستزلَ الانسان من حال الغضب والمخاشنة الى حال الرضا والملاينة، وينزع حمات [٥٧] السخائم ، ويفسخ عقود العزائم ، ويكبح الجامح حتى يرجع ، ويسفَ بالمحلَق حتى يقع ، ويعود بالخصم الضالع [٥٨] موافقاً، وبالضد الأبعد مقارباً. والسحر في الأصل : هو التمويه والخديعة والتلبيس والتغطية . وقال بعضهم : السحر ما نقلك من حال الى حال. وكانت العرب تعتقد ان السحر يصرف الوجوه ويقلب القلوب، ويمرض الأجسام، ويسفه الأحلام ، ويفرق بين المتحايين ، ويجمع بين المتباغضين، وهذا في الحقيقة نقل من حال الى حال ، وهو عندنا باطل إلاَ أن يراد به ما قدمنا القول فيه من خديعة الانسان بلين القول وحسن اللفظ حتى يرضى بعد اشتطاطه، ونيثني بعد جماحه، وهذا الوجه هو الذي ذهب اليه النبي عليه الصلاة والسلام دون ما يقوله أهل الجهالة وطَغام الجاهلية» [٥٩] .

* ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: «الحجاز قطيفة الايمان»؛ وهذه استعارة ، والمراد بها أنه يحيط بالايمان ويجمع شمله ويضم أهله كما تضم القطيفة [٦٠] جملة بدن الانسان اذا اشتمل بها ودخل فيها، وانما قال عليه الصلاة والسلام ذلك لثبات عرب الحجاز من قريش وغيرها على الاسلام بعد دخولهم فيه فلم يرتد منهم أحد كغيرهم ممن خلى حبل الدين عن بدنه ورجع على عقبه . وقال أصحاب الأثار : ما من قبيلة من قبائل العرب بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام إلاَ وقد فشا فيها الارتداد عامة أو خاصة إلاَ قريشا وثقيفا فانه لم يرتد منهم أحد ، هذا على أن هاتين القبيلتين كانتا في أول الاسلام أشد نكاية ولرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحضر عداوة [٦١] .

ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : «حبك الشيء يعمي ويصم»، وهذا مجاز لأن الحب للشيء على الحقيقة لا يعمي ولا يصم ، وإنما المراد أن الانسان اذا احب الشيء اغضى عن مواضع عيوبه كأنه لا ينظرها ، وأعرض عن الملاوم والمعاتب من أجله كأنه لا يسمعها فصار من هذا الوجه كالأعمى لتغاضيه والأصم لتغابيه [٦٢] .

ومن خلال هذه الأمثلة نرى ان الشريف الرضي يتمتع بحس نقدي دقيق واستقلال في الفكر ، واعتداد بالرأي ، فهو يورد آراء الآخرين ويناقشها ، ثم يعطي رأيه مدعوماً بالحجج والبراهين ، ففي مجاز قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا إسلال ولا إغلال» يقول الشريف الرضي: (رجل مُسل مُغل: أي صاحب سلة: وهي السرقة ، ومغلة: وهي الخيانة. بينما قال بعضهم : المراد بالاسلال ههنا سل السيوف ، وبالاغلال لبس الدورع . وهذا القول غير معروف ، والقول الأول هو القول السديد ، والصحيح المعتمد) [٦٣]...

وفي مجاز قوله (ص): «الولد للفراش وللعاهر الحجر» يرى بعضهم أن المراد بالحجر هنا هو الرجم بالأحجار اذا كان العاهر محصنا، فاذا كان غير محصن فالمراد بالحجر حينئذ التعنيف به والغلظة عليه، بتوفية الحدَ الذي يستحقه من الجلد ، ولكن الشريف الرضي لا يقبل هذا القول ، بل يرفضه قائلا: (وفي هذا القول تعسف واستكراه ، وإن كان داخلا في باب المجاز ، لأن الغلظة على من يقام الحد عليه ، اذا كان الحد جلدا لا رجما لا يعبَر عنها بالحجر، لان ذلك بعد عن سنن الفصاحة، ودخول في باب الفهاهة) [٦٤] .

ولعل من هذه الأمثلة يتضح ما ذهبنا اليه من اعتداد الشريف الرضي برأيه واستقلال شخصيته في النقد استقلالا يبعده عن تقليد السابقين ، وترديد أقوال القائلين ، سواء أكانوا من رجال الفقه، أمَ التفسير، أم اللغة. على انه لا يخالف لمجرد المخالفة ، ولا يناقض لمحض المناقضة ، بل يؤيد وجهة نظره ببراهين وحجج منطقية لا مجال لدفعها ، أو لرفضها.

إن الأحاديث النبوية التي عالجها الرضي في كتابه ، كانت أمثلة عملية سعى الى تطبيق علم البلاغة والبيان عليها من : مجاز واستعارة ، وتشبيه ، وتمثيل وكناية.

فمن تطبيقاته البيانية قوله عند شرح حديث الرسول وتأويله: «فاني ارجو ألاَ تطلع الينا  نقابها» لَما تذاكر الناس عند أمر الطاعون وانتشاره في الأمصار والأرياف ، ويعني بالنقاب: نقاب المدينة ، والنقاب: جمع نَقْب، وهو الطريق في الجبل: وفي هذا الكلام استعارة حسنة، لأن النبي أقام هذا الداء المسمى بالطاعون في تغلغله الى البلاد المنيعة وذهابه بالأعلاق الكريمة مقام الجيش المغير الذي يهجم على الحصون والديار. ومن احسن التمثيل وأوقع التشبيه أن تشبَه اسباب الموت وطوارق الدهر بالجيش الهاجم.

ألاَ يطلع الينا نقابها . (وهو يريج نقاب المدينة ولم يجر لها ذكر)، وقول الرسول هذا من الفصاحة العجيبة لأنه أقام على المخاطبين بها مقام تصريحه بذكرها ، وكان أبوالفتح ابن جني المتوفى سنة ٣٩٢هـ/١٠٠١م  يسمي هذا الجنس شجاعة الفصاحة، لأن الفصيح لا يكاد يستعمله إلاَ وفصاحته جربة الجنان، غزيرة المواد [٦٥] .

من هنا تتجلى قيمة الكتاب الذي أصبح ضالة البلاغي ، ويبرز دور الشريف الرضي في الكشف العملي عن بلاغة الأحاديث النبوية التي تردد على كل لسان مواعظ وحكما في كلمات قصار معبرَة كقوله: «إن من البيان لسحرا» «إياكم وخضراء الدمن»، «مات حتف أنفه»، «والآن حمي الوطيس»... وهي من جملة الأمثال.

من كل ما تقدم يخرج المطالع لكتب الرضي البلاغية فوائد جمَة : من تحقيقات لغوية ، الى تطبيق على علم البلاغة، الى سياق الشواهد من الآيات القرآنية ، ومن أشعار العرب ، الى تمعَن في معاني الأحاديث النبوية التي تمثل دستوراً في الأخلاق وحسن التصرف في الدين والدنيا.

--------------------------------------------------------------------
* الجامعة اللبنانية : الفرع الرابع - زحلة .
[١] . أبوعليوي (حسن)، الشريف الرضي ، دراسة في عصره ، وأدبه ، ص ٦٥ ، مؤسسة الوفاء، بيروت ، ١٩٨٦.
[٢] . الحسن من شعر الحسين ، ويقال له : انتخاب الحسن ، انتخب فيه شعر ابن الحجاج ، كما يسمى هذا الكتاب في دائرة المعارف الاسلامية : «التنظيف من السخيف». راجع في مؤلفات الرضي : - الطَهراني (آغا بزرك)، الذريعة الى تصانيف الشيعة ، ٢/٣٥٨ و٧/١٦، طبعة النجف ، ط١، العراق ، ١٩٥٩.
- الخوانساري (محمد باقر)، روضات الجنات ، ٦/٥٥٠، تحقيق أسد الله اسماعيليان ، دار المعرفة – بيروت -١٩٣٣.
- دائرة المعارف الاسلامية، ١٣/٢٨٤ – الترجمة العربية ، مادة «شريف».
- الأميني (الشيخ عبد الحسين)، الغدير في الكتاب والسنة والأدب، ٤/١٩٩، دار الكتاب العربي ، بيروت ١٩٧٧ ...
[٣] . ابن أبي الحديد (عز الدين)، شرح نهج البلاغة ، ١/١٧، تحقيق محمد أبوالفضل ابراهيم ، دار الفكر، ط٣ ، بيروت ، ١٩٧٩، عشرون جزءا.
[٤] . مبارك (زكي)، عبقرية الشريف الرضي ، ١/٢٠٧ ، المكتبة العصرية ، ط٢ ، بيروت ١٩٤١، حيث يرى : «أن الشريف الرضي قد مهَد السبيل لعبد القاهر الجرجاني ، فعبد القاهر تلميذ الشريف في الميادين البيانية ، وليس كتاب (دلائل الاعجاز) الاَ خطوة ثانية بعد كتاب (المجازات النبوية) (للرضي) ، وان كان الجرجاني أقدر من الرضي على الافاضة والاستقصاء».
[٥] . الشريف الرضي ، مقدمة المجازات النبوية، ص ٣، تحقيق محمود مصطفى، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ١٩٣٧.
[٦] . أبوعبيدة هو معمر بن المثني المتوفى سنة ٢٠٩ هـ/ ٨٦٥م. ترك طائفة من الكتب زادت على المائة، كما عدها ابن النديم صاحب «الفهرست» في ص ٥١ وقد طبع كتابه «مجازات القرآن بتحقيق فؤاد سزكين الأديب التركي بجامعة اسطنبول بمعاونة المستشرق هـ ريتر، ونشره سامي الخانجي بالقاهرة سنة ١٩٥٤. وهو من كبار اللغويين والنحويين.
- الجاحظ هو ابوعثمان عمرو بن بحر بن محبوب ، الملقب بالجاحظ المتوفى سنة ٢٧٦هـ/٨٨٩م. من أسرة فارسية كانت تقطن في مدينة «مرو» ولد سنة ٢١٣ هـ في أواخر خلافة المأمون ، صنف كتباً كثيرة بلغت خمسة وستين كتاباً أشهرها : عيون الأخبار – كتاب الوزراء – غريب الحديث – وتأويل مشكل القرآن ، وأدب الكاتب.
[٧] . حسن ؛ محمد عبد الغني مقدمة تلخيص البيان في مجازات القران، ص٤٥ – ٤٦ تصنيف الشريف الرضي ، دار الأضواء ، ط٢، بيروت ، ١٩٨٦.
[٨] . أبوعبيدة ، مجازات القرآن، ص ٨.
[٩] . عبد القاهر الجرجاني المتوفى ٤٧١ هـ / ١٠٧٨م. من كبار البلاغيين، له مؤلفات كثيرة اشهرها : «أسرار البلاغة» في علم البيان ، و«دلائل الاعجاز» في علم المعاني.
- السّكاكي، ٦٢٦ هـ/ ١٢٢٨ م. وكتابه المشهور «مفتاح العلوم».
- ضياء الدين بن الأثير ٦٣ هـ / ١٢٣٩ م. صاحب: «المثل السائر» و«البرهان في علم البيان».
[١٠] . الجاحظ، الحيوان ، ٥/٢٥، تحقيق عبد السلام هارون ، طبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر.
[١١] . سورة النساء ٤/١٠.
[١٢] . سورة البقرة ٢/٢٤٩.
[١٣] . وقد أشار الى هذا التّتلمذ على الجاحظ  في كتابه «عيون الأخبار» في اكثر من موضع ، حيث يقول: «وفيما اجاز لنا عمرو بن بحر من كتبه» ٣/١٩٩ و٢١٤ و٢٤٩. وفي كتاب «تأويل مشكل القرآن»، ص٥.
[١٤] . ابن قتيبة، تأويل مشكل القرآن ، ص ٥ ، شرح ونشر احمد صفر، المكتبة العلمية، ص ٥ ، بيروت ، ١٩٨١.
[١٥] . فينكر من يرون من النصاري أبوَة الولادة في قول المسيح: «أدعو أبي، وأذهب الى أبي»، ويفسر هذا القول تفسيراً مجازياً.
[١٦] . لقد اتسع المجاز والاستعارة في هذا العصر بسبب تطور علم الكلام ، وتميّز عصر ابن قتيبة بظهور طائفة من المتكلمين من أمثال:
- أبي الهذيل العلاَف ، ٢٣٥ هـ / ٨٤٩م ، وأبي علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي المتوفى ٣٠٣هـ/ ٩١٥م. حسن (محمد عبد الغني) ، مقدمة تلخيص البيان الشريف الرضي، ص١٥.
[١٧] . سورة النساء ، ٤/١٦٦٤.
[١٨] . ابن قتيبة ، تأويل مشكل القرآن ، ص١١١ – وأورد أمثلة لتأكيد وجهة نظره منها: «نقول: اراد الحائط ان يسقط ، ولا نقول: أراد الحائط أن يسقط إرادة شديدة ، وقالت الشجرة فمالت ، ولا نقول: قالت فمالت قولا شديداً، ومن ذلك قوله تعالى : (وكلَم الله موسى تكليماً).
[١٩] . المصدر نفسه، ص ١٣٥ (باب الاستعارة).
[٢٠] . سورة القلم / ٤٢.
[٢١] . ابن قتيبة ، تأويل مشكل القرآن ، ص ١٣٨.
[٢٢] . سورة النساء / (٤٩) .
[٢٣] . سورة الاسراء، ٢٩.
[٢٤] . ابن قتيبة، تأويل مشكل القرآن ، ص ١٣٨.
[٢٥] . سورة البقرة  ٩٣.
[٢٦] . الشريف الرضي، تلخيص البيان ، ص ٤٦.
[٢٧] . سورة الاسراء، ٢٩.
[٢٨] . سورة الفرقان / ٦٧ - الشريف الرضي ، تلخيص البيان، ص ٤٧.
[٢٩] . سورة البقرة / ١٨٧.
[٣٠] . أبوعبيدة ، مجازات القرآن ، ص ٦٨.
[٣١] . الشريف الرضي ، تلخيص البيان ، ص٤٨.
[٣٢] . سورة آل عمران / ٢٧.
[٣٣] . أبوعبيدة ، مجازات القرآن ، ص ٩٠.
[٣٤] . فنقص هذا من ذاك هو المعنى المشترك المردّد بين أبي عبيدة  والرضي . أما الوجه البلاغي الدقيق فيكمن في التعبير بلفظ الايلاج بدلا من لفظ الادخال. وهنا تتجلى بلاغة الشريف الرضي في التفاته الى ايحائية اللفظ ومدلوله الدقيق.
[٣٥] . سورة الرحمن ٥٥/٣١.
[٣٦] . ابن قتيبة ، تأويل مشكل القرآن، ص ١٠٤.
[٣٧] . التمجيع في العمل: هوعدم أخذه مأخذ الجد.
[٣٨] . الشريف الرضي ، تلخيص البيان ، ص٥١-٥٢ .
[٣٩] . سورة ق ، ٥٠/٣٠.
[٤٠] . ابن قتيبة ، تأويل مشكل القرآن ، ص١٠٨.
[٤١] . قَطْني: أي حَسبي – الشريف الرضي ، تلخيص البيان، ص٥٣.
[٤٢] . سورة يوسف، ١٢/٨٢.
[٤٣] . سورة هود ، ١١/١١٩.
[٤٤] . حديث نبوي، قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): يوم فتح مكة ، حين مضى الزّبير بن العوَام برايته حتى ركزها عند قبة رسول الله ، وكان معه أم سلمة وميمونة. وقيل: يا رسول الله الا تنزل منزلك من الشعب ؟ فقال : وهل ترك عقيل لنا منزلا ؟ وكان عقيل بن ابي طالب قد باع منزل رسول الله ومنزل اخوته . حسن (محمد عبد الغني) مقدمة تلخيص البيان ، للشريف الرضي، ص ٤١ ، نقلا عن المقريزي في، امتاع الأسماع، ١/٣٨١.
[٤٥] . الشريف الرضي ، تلخيص البيان ، ص٥٤.
[٤٦] . سورة المدَثر / ٤.
[٤٧] . ابن قتيبة، تأويل مشكل القرآن، ص ١٤٢.
[٤٨] . سورة البقرة / ١٨٧.
[٤٩] . الشريف الرضي ، تلخيص البيان ، ص ٣٥٣ – ٣٥٤.
[٥٠] . المصدر نفسه ، ص١٠٤. وفي معرض تعليقه على المجاز في قوله تعالى: (والذين تبوؤا الدار والايمان من قبلهم) سورة الحشر ٥٩/٩.
يقول الرضي: «والمعنى أنهم استقروا في الايمان ، كاستقرارهم في الأوطان وهذا من صميم البلاغة ولباب الفصاحة ؛ وقد زاد اللفظ امستعار ههنا معنى الكلام رونقا . ألا نرى كم بين قولنا : استقروا في الايمان ، وبين قولنا نبووءا الايمان؟...». الشريف الرضي، تلخيص البيان، ١٠٤.
[٥١] . طبع في المرة الأولى ، في بغداد بمطبعة الآداب سنة ١٣٢٨هـ / ١٩١٠م، وفي المرة الثانية في مصر، بتحقيق محمود مصطفى بمطبعة الحلي سنة ١٣٥٦ هـ/١٩٣٧.
[٥٢] . مقدمة الشريف الرضي ، المجازات النبوية ، ص١٩.
[٥٣] . كتابا الرضي في علوم القرآن هما : تلخيص البيان في مجازات القرآن ، وحقائق التأويل في متشابه التنزيل . راجع بشأنهما كتاب : ابوعليوي (حسن)، الشريف الرضي، دراسة في عصره وأدبه.
[٥٤] . الشريف الرضي، مجازات الأثار النبوية ، ص٢٣.
[٥٥] . المصدر نفسه ، ص ٣٤-٣٥.
[٥٦] . المصدر نفسه ، ص ٣٧.
[٥٧] . الُحمات : جمع حُمة وهي شوكة العقرب في طرف ذنبها.
[٥٨] . الضالع: الجائر.
[٥٩] . الشريف الرضي، مجازات الاثار النبوية ، ص ٩٤-٩٥.
[٦٠] . القطيفة : هي الكساء الغليظ.
[٦١] . الشريف الرضي، مجازات الآثار النبوية ، ص ١٠٠-١٠١.
[٦٢] . المصدر نفسه، ص١٣٥.
[٦٣] . المصدر نفسه ، ص ١١٠.
[٦٤] . المصدر نفسه ، ص ١١٢.
[٦٥] . المصدر نفسه ، ص ٣٤.

مقتبس من مجلة الفكر العربي العدد / ٤٦ السنة ١٩٨٧

****************************