الشيخ رضا الاُستادي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة على محمد خاتم النبيين وآله المعصومين
روى شيخنا المفيد رحمه الله عن الحسين بن علي عليهما السلام أنه قال: « اللهم إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوة، وعلمتنا القرآن، وفقهتنا في الدين، وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة، فاجعلنا من الشاكرين »[١].
وروى شيخنا ثقة الاسلام الكليني عن الباقر عليه السلام أنه قال: « الكمال كل الكمال: التفقه في الدين، والصبر على النائبة، وتقدير المعيشة »[٢].
وروى شيخنا الطبرسي في « الاحتجاج » عن الامام العسكري عليه السلام أنه قال: « فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا على هواه، مطيعاً لامر مولاه، فللعوام أن يقلدوه »[٣].
والفقهاء ـ رضوان الله عليهم ـ حصون الشريعة، وحفظة الدين، ولهم علينا حقوق عظيمة، حيث تحملوا الجهود، وجاهدوا في الله لحفظ القرآن والحديث عن التحريف والتبديل، ومن طرق أداء حقهم وواجب شكرهم أن لاننساهم، بل نذكرهم بالخير والجميل، ونذكر آثارهم القيمة، وخدماتهم للدين، وإحياءهم أمرالائمة المعصومين عليهم السلام.
ومن هؤلاء الفقهاء السيد المرضي أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى، المشهور بالشريف الرضي رحمة الله عليه، أخو السيد الشريف المرتضى، من أولاد أمير المؤمنين عليه صلوات المصلين.
وحيث أنه رحمه الله اشتهر بالشعر والادب والتفسير والحديث، ولم يذكر فقهه وفقاهته إلا في بعض الكتب، عزمنا على كتابة رسالة موضحة لكونه فقيها جامعا، وذلك مع اعتراف منا بكونه شاعرا قويا، وأديبا بارعا، ومفسرا عظيما، وخبيرا بالحديث وكتب الروايات، والدليل الواضح على تضلعه في هذه الفنون اثاره الباقية الخالدة كديوانه في الشعر، و « تلخيص البيان » و « المجازات النبوية » في الادب، و « حقائق التأويل » في التفسير، و « نهج البلاغة » و « خصائص الائمة » في الحديث.
ونحن في هذا الصدد نتمسك بأدلة ستة:
١ ـ ما دل على أنه رحمه الله تعلم الفقه وتلمذ عندالفقهاء العظام.
٢ ـ تأليفه كتابا في الفقه المقارن.
٣ ـ مطارحاته واحتجاجاته الفقهية.
٤ ـ تصديه لمنصب القضاء، بل كونه قاضي القضاة، بل كونه إماما للشيعة في عصره.
٥ ـ المباحث الفقهية التي نجدها في تأليفاته الموجودة.
٦ ـ تصريحات بعض الاكابر بكونه فقيها.
١ ـ تعلمه الفقه وتلمذه عند الفقهاء العظام
قال ابن أبي الحديد: « حدثني فخار بن معد العلوي الموسوي رضي الله عنه، قال: رأى المفيد أبو عبدالله محمد بن نعمان ـ الفقيه الامامي ـ في منامه كأن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله دخلت إليه وهو في مسجده بالكرخ، ومعها ولداها الحسن والحسين عليهما السلام صغيرين، فسلمتهما إليه وقالت له: علمهما الفقه، فانتبه متعجبا من ذلك.
فلما تعالى النهار في صبيحة تلك الليلة التي رأى فيها الرؤيا، دخلت إليه المسجد فاطمة بنت الناصر وحولها جواريها، وبين يديها ابناها محمد الرضي والمرتضى صغيرين، فقام إليها وسلم، فقالت: أيها الشيخ هذان ولداي قد أحضرتهما إليك لتعلمهما الفقه، فبكى أبو عبدالله وقص عليها المنام، وتولى تعليمهما، وأنعم الله تعالى عليهما وفتح لهما من أبواب العلوم والفضائل ما اشتهر عنهما في آفاق الدنيا، وهو باق ما بقي الدهر »[٤].
قال الشريف الرضي: « وسمعت شيخنا أبا بكر محمد بن موسى الخوارزمي ـ عفا الله عنه ـ يقول في أثناء قراءتي عليه وقد اعترض ذكر الخلاف في وجوب النكاح:... »[٥].
وقال في موضع آخر: « وكنت سألت شيخنا أبا بكر محمد بن موسى الخوارزمي ـ رحمه الله ـ عند انتهائي في القراءة عليه إلى هذه المسألة من كتاب الطهارة... »[٦].
وقال أيضاً: « وقال الشيخ أبو بكر محمد بن موسى الخوارزمي أدام الله توفيقه عند بلوغي في القراءة عليه من (مختصر أبي جعفر الطحاوي) إلى هذه المسألة... »[٧].
وقال أيضاً: « وقد كنت علقت عن شيخنا أبي بكر محمد بن موسى الخوارزمي عند قراءتي عليه مختصر أبي جعفر الطحاوي، وبلوغي إلى هذه المسألة من كتاب النكاح... »[٨].
وقال أيضاً: « وقال لي شيخنا أبو بكر محمد بن موسى الخوارزمي: رواية الحسن ابن زياد في ذلك تخالف قول محمد بن الحسن، فإن محمدا يقول في هذه المسألة: إن الوصية لولد الابن دون ولد البنت »[٩].
وقال: « وذكر لي قاضي القضاة أبو الحسن عبدالجبار بن أحمد عند قراءتي عليه ما قرأته من كتابه الموسوم بالعمدة في اصول الفقه... »[١٠].
وقال: « وفيما علقته عن قاضي القضاة أبي الحسن عبدالجبار بن أحمد أدام الله توفيقه عند قراءتي عليه كتابه الموسوم بتقريب الاصول... »[١١].
وقال: « وفيما علقته عن قاضي القضاة أبي الحسن عبدالجبار بن أحمد فيما قرأته عليه من أوائل كتابه المعروف بشرح الاصول الخمسة... »[١٢].
وقال في موضع آخر: « ومما علقته عن قاضي القضاة أبي الحسن عبدالجبار بن أحمد عند بلوغي في القراءة عليه إلى الكلام في الرؤية، إلى من شرط في قبول خبر الواحد أن يكون روايه عدلا... »[١٣].
وقال: « وقد ذكره أبو الحسن الكرخي في كتاب الاشربة من مختصره... وقد قرأت بعض هذا الكتاب ـ أعني مختصر أبي الحسن [ الكرخي ] ـ على القاضي أبي محمد عبدالله بن محمد الاسدي الاكفاني وأجاز لي رواية باقيه، وكان سمعه من أبي الحسن الكرخي، وقرأت على هذا القاضي أيضاً قطعة من كتاب المزني في علم [ فقه ظ ] الشافعي وأجاز لي رواية باقيه، وطريقه في سماعه عال جدا، لانه يروي عن أبيه، عن جده، عن أبي إبراهيم المزني وهو عراقي المذهب، إلا أن جده وأباه كانا على مذهب الشافعي على ما حكي لي »[١٤].
فهؤلاء أربعة من فقهاء الشيعة والشافعية والحنفية، قد تلمذ السيد الرضي عندهم في الفقه والاصول ويحتمل أن يكون خامسهم أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبري، الفقيه المالكي، المتوفي سنة ٣٩٣، فراجع « المنتظم » لابن الجوزي و « الفوائد الرضوية » للمحدث القمي[١٥].
٢ ـ تأليفه كتابا في الفقه المقارن
قال الشيخ النجاشي في فهرسته: « محمد بن الحسن بن موسى... كان شاعرا مبرزا له كتب، منها: كتاب حقائق التأويل، كتاب مجاز القرآن، كتاب خصائص الائمة، كتاب نهج البلاغة، كتاب الزيادات في شعر أبي تمام، كتاب تعليق خلاف الفقهاء... »[١٦].
قال شيخنا العلامة الطهراني في الذريعة: « مسائل الخلاف للسيد الشريف المرتضى كذا في الفهرست [ للشيخ الطوسي ] وعبر عنه النجاشي بشرح مسائل الخلاف »[١٧].
وقال: « تعليق خلاف الفقهاء للسيد الشريف الرضي ذكره النجاشي ولعله تعليق على مسائل الخلاف في الفقه لاخيه الشريف المرتضى كما في الفهرست، أو شرح مسائل الخلاف له كما في النجاشي »[١٨].
وقال الشيخ الحر العاملي رحمه الله في بعض إجازاته: « أجزت له أن يروي عني كتاب نهج البلاغة... وخلاف الفقهاء، وغير ذلك من مؤلفات السيد الرضي » وليست في عبارته كلمة (تعليق) فتأمل[١٩].
٣ ـ مطارحاته واحتجاجاته الفقهية
قال الشريف الرضي: « وقد كان أبو عبدالله محمد بن يحيى بن مهدي الجرجاني، الفقيه العراقي، المقدم في الفقه، جاراني على وجه المذاكرة في المعنى الذي أشرت إليه من أمر الشافعي (أي في بعض زلاته)، وما يردده أصحابه من ذكر تقدمه في علم اللغة، مضافا إلى علم الشريعة، بذكر مواضع اخذت على الشافعي في كتبه... »[٢٠].
وقال في المجازات النبوية: « وقال لي أبو عبدالله محمد بن يحيى الجرجاني الفقيه: عند أصحابنا أن الصلاة أفضل من الصيام، لانها تتضمن ما في الصيام من الامساك، وفيها مع ذلك الخشوع وتلاوة القرآن... »[٢١].
قال الشهيد الاول في الذكرى:
« لو أتم المقصر عامدا بطلت صلاته لان القصر عزيمة، هذا مع العلم بأن فرضه القصر، ولو كان جاهلا بذلك فالمشهور أنه لا إعادة عليه في الوقت ولا بعد خروجه... لنا صحيحة محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام ؛ فيمن صلى في السفر أربعا، قال: (إن قرئت عليه آية التقصير وفسرت له فصلى أربعا أعاد، وإن لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه)، والنكرة في سياق النفي تعم، فيدخل فيه بقاء الوقت وخروجه.
وسأل المرتضى ـ رضي الله عنه ـ عن ذلك الرضي ـ رحمه الله ـ فقال: الاجماع على أن من صلى صلاة لا يعلم أحكامها فهي غير مجزية، والجهل بأعداد الركعات جهل بأحكامها، فلا تكون مجزية.
فأجاب المرتضى بجواز تغير الحكم الشرعي بسبب الجهل، وإن كان الجاهل غير معذور »[٢٢].
قال الشهيد الثاني في روض الجنان:
« ولو أتم المقصر في حالة كونه جاهلا بوجوب التقصير لا يعيد مطلقا على المشهور، لصحيحة محمد بن مسلم، وخالفه أبو الصلاح وابن الجنيد فأوجبا عليه الاعادة في الوقت... وربما أطلق بعض الاصحاب إعادة المتمم مع وجوب القصر عليه مطلقا، لتحقق الزيادة المنافية.
ويؤيده في الجاهل ما أورده السيد الرضي ـ رحمه الله ـ على أخيه المرتضى ـ رحمه الله ـ من أن الاجماع واقع على أن من صلى صلاة لا يعلم أحكامها فهي غير مجزية، والجهل بأعداد الركعات جهل بأحكامها، فلا تكون مجزية، وأجاب المرتضى بجواز تغير الحكم الشرعي بسبب الجهل، وإن كان الجاهل غير معذور.
وحاصل الجواب يرجع إلى النص الدال على عذره، والقول به متعين »[٢٣].
٤ ـ تصديه لمنصب القضاء
قال العلامة المحقق الشيخ عبدالحسين الحلي:
« كانت الخلفاء والملوك تعد يوما أو أياما خاصة في السنة تأذن فيها لاهل الظلامات عامة برفع ظلاماتهم لهم، فيتولون البت فيها مباشرة، ثم تطور الشأن فجعل لها ديوان يخصها، وجعلت وظيفة دائمة يتولاها الاكفاء من ذوي الدرجات الرفيعة والوجدان الصحيح البعيد عن التهم، وهي أشبه برئاسة التمييز الاعلى المشترع في عصرنا في ملاك وزارة العدلية، لان تلك الظلامات على الاغلب ليست مولدات وقتها، بل هي منظورة من قبل للقضاة وللحكام الاداريين، الذين إليهم ترفع المظالم ابتداء، وهم المحكمون في أمر الخصومات، ولذلك يلزم والي هذا الديوان أن يكون متفوقا في وفور العلم والفضل، ممتازا بالاحاطة التامة بفقه فرق المسلمين كافة... وقد تولاها ـ الرضي رحمه الله ـ سنة ٣٨٨ هي والنقابة وإمارة الحج ـ على نقل ابن خلكان ـ والارجح أنه وليها قبل ذلك بأمد بعيد. ويظهر من ابن أبي الحديد أن الذي ولاه المظالم هو القادر العباسي، لكنه لم يذكر عام ولايته »[٢٤].
وقال في النجوم الزاهرة: « كان إماما للشيعة هو وأبوه وأخوه »[٢٥].
٥ ـ المباحث الفقهية والاصولية في كتب الرضي ـ رحمه الله ـ
١ ـ قوله في الاجتهاد والقياس
معلوم أنه لا يجوز عندنا الاجتهاد بالرأي ولا القياس، وقد ورد النهي المؤكد عنهما عن ائمتنا ـ عليهم السلام ـ.
قال الشريف الرضي: « أقول: إن الاجتهاد والقياس في الحوادث لا يسوغان للمجتهد ولا للقائس، وإن كل حادثة ترد فعليها نص من الصادقين عليهم السلام يحكم به فيها، ولا يتعدى منها إلى غيرها، بذلك جاءت الاخبار الصحيحة والاثار الواضحة عنهم ـ عليهم السلام ـ وهذا مذهب الامامية خاصة، يخالف فيه جمهور المتكلمين وفقهاء الامصار »
وهذا آخر ما تكلم به السيد الشريف الرضي، رضي الله عنه وأرضاه، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين »[٢٦].
٢ ـ في حجية خبر الواحد وبعض شروطها
قال: « ومن ذلك ما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال ـ والخبر مطعون في سنده ـ: (ترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر)، وهذا الخبر كما قلنا مطعون في سنده، ولو صح نقله وسلم أصله، لكان مجازا كغيره من المجازات التي تحتاج إلى أن تحمل على التأويلات الموافقة للعقل.
وبعد هذا، فهذا الخبر من أخبار الاحاد فيما من شأنه أن يكون معلوما فغير جائز قبوله... وإنما نعمل بأخبار الاحاد في فروع الدين وما يصح أن يتبع العمل به غالب الظن.
وأقول أنا: ومن شرط قبول خبر الواحد أيضاً ـ مع ما ذكره قاضي القضاة من اعتبار كون راويه عدلا ـ أن يعرى الخبر المروي من نكير السلف... »[٢٧].
٣ ـ مسألة اصولية
قال: « إن دعاء الانسان نفسه لا يصح، كما لا يصح أن يأمر نفسه، ولاجل ذلك قال الفقهاء: إن الامر لا يجوز أن يدخل تحت الامر... ويفرق الفقهاء بين ذلك وبين الخبر العام، لانهم يجوزون دخول المخبر تحته، وعلى هذا قالوا: إن الامام إذا قال: من قتل قتيلا فله سلبه، فإنه يدخل تحت ذلك، إلا أن يخرج نفسه منه بقوله: من قتل منكم قتيلا فله سلبه، فيخرج نفسه حينئذ من ذلك »[٢٨].
٤ ـ في عدم وجوب استيعاب الرأس في المسح للوضوء
قال: « وهذه الاية (وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) يستدلّ بها أهل العراق [٢٩] على أن استيعاب الرأس بالمسح ليس الواجب، خلافا لقول مالك[٣٠]. وقال الشيخ أبو بكر محمد بن موسى الخوارزمي ـ أدام الله توفيقه ـ عند بلوغي في القراءة عليه من (مختصر أبي جعفر الطحاوي)[٣١] إلى هذه المسألة:
سألت أبا علي الفارسي النحوي[٣٢]، وأبا الحسن علي بن عيسى الرماني[٣٣]؛ هل يقتضي ظاهر الاية إلصاق الفعل بجميع المحل أو بالبعض ؟ فقالا جميعا: إذا التصق الفعل ببعض المحل فناوله الاسم. قال: وهذا يدل على الاقتصار على مسح بعض الرأس كما يقول أصحابنا »[٣٤].
٥ ـ في حكم صلاة التطوع بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس:
قال: « قد اختلف الفقهاء في ذلك، فقال أبو حنيفة: لا يجوز أن يتطوع بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، ولا بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، وقال الشافعي: يجوز أن يصلّى في هذين الوقتين النفل الذي له سبب مثل تحية المسجد، ولا يصلى النفل المبتدأ الذي لا سبب له »[٣٥].
٦ ـ في استحباب السجود على الارض:
قال: « ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (تمسحوا بالارض فإنها بكم برة)...
ولقوله عليه الصلاة والسلام: (تمسحوا بالارض) وجهان:
أحدهما: أن يكون المراد التيمم منها في حال الطهارة وحال الجنابة.
والوجه الاخر: أن يكون المراد مباشرة ترابها بالجباه في حال السجود عليها، وتعفر الوجوه فيها، ويكون هذا القول أمر تأديب لا أمر وجوب، لان من سجد على جلدة الارض ومن سجد على حائل بينها وبين الوجه واحد في إجزاء الصلاة، إلا أن مباشرتها بالسجود أفضل، وقد روي أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يسجد على الحمرة ـ وهي الحصير الصغير يعمل من سعف النخل ـ فبان أن المراد بذلك فعل الافضل لا فعل الاوجب »[٣٦].
٧ ـ في عدم بطلان الصلاة بترك الفاتحة
قال: « ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (كل صلاة لا يقرأ فيها باُمّ الكتاب فهي خداج)... فكأنه عليه الصلاة والسلام قال: كل صلاة لا يقرأ فيها فهي نقصان، إلا أنها مع نقصانها مجزئة، وذلك كما تقول في قوله عليه الصلاة والسلام: (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد) إنما أراد به نفي الفضل لا نفي الاصل، فكأنه قال: لا صلاة كاملة أو فاضلة إلا في المسجد، وإن كانت مجزئة في غير المسجد، فنفى عليه الصلاة والسلام كمالها ولم ينف أصلها... »[٣٧].
٨ ـ في جواز انتظار الامام للمأموم، وعدم بطلان الصلاة بانتظاره لغير المأموم
قال: « ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام ـ فيما رواه شداد بن الهاد ـ قال: (سجد رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ سجدة أطال فيها. فقال الناس عند انقضاء الصلاة: يا رسول الله، إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها، حتى ظننا أنه قد حدث أمر. أو أنه أتاك وحي ؟ فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ: كل ذلك لم يكن، ولكن ابني هذا ارتحلني، فكرهت أن اعجله حتى يقضي حاجته)، وكان الحسن أو الحسين ـ عليهما السلام ـ قد جاء النبي ـ عليه الصلاة والسلام، في سجدته فامتطى ظهره.
وهذا الحديث مشهور، وهو حجة لمن يجوز انتظار الامام بركوعه إذا سمع خفق النعال حتى يدخل الواردون معه في الصلاة، وهو قول الشافعي، وقد كرهه أهل العراق.
ولا خلاف في أن الامام يجوز له أن ينتظر حضور الجماعة إذا لم يخش فوت الوقت قبل أن يدخل في الصلاة، فانتظاره ـ عليه الصلاة والسلام ـ ابنه حتى يقضي من حاجته يدل على أن من فعل هذا الفعل وأشباهه لا يخرج به من الصلاة... »[٣٨].
٩ ـ في الفجر الاول والثاني
قال: « ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (لا يمنعنكم من سحوركم الفجر حتى يستطير).
والفجر عندهم فجران: مستطيل، ومستطير، فأما المستطيل فهو الاول ولا يحرم على الصائم الطعام والشراب، وأما المستطير فهو الثاني، ويحرم الشراب والطعام... »[٣٩].
١٠ ـ في اليمين، وبعض أقسامه
قال: « إن الفقهاء يسمون اليمين على المستقبل يمينا معقودة، وهي التي يتأتى فيها البر والحنث، وتجب فيها الكفارة، واليمين على الماضي عندهم ضربان: لغو، وغموس، فاللغو كقول القائل: والله ما فعلت كذا ـ في شيء يظن أنه لم يفعله، ـ ووالله لقد فعلت كذا ـ في شيء يظن أنه فعله ـ فهذه اليمين لا مؤاخذة فيها، وأما الغموس فهي اليمين على الماضي إذا وقعت كذبا، نحو قول القائل: والله ما فعلت ـ وهو يعلم أنه قد فعل ـ أو والله لقد فعلت ـ وهو يعلم أنه لم يفعل ـ فهذه اليمين كفارتها التوبة والاستغفار لا غير »[٤٠].
١١ ـ في اليمين أيضاً
قال: « قال الفقهاء: إن الحالف بكل ما كان من صفات الله تعالى التي استحقها لنفسه يكون حالفا بالله سبحانه، نحو قوله: وقدرة الله، وجلالة الله، وعظمة الله، وكذلك
سائر الصفات النفسية، لان قوله: وقدرة الله، بمنزلة قوله: والله القادر، وقوله: وعظمة الله، بمنزلة والله العظيم، أو ليس هناك قدرة بها كان قادرا، ولا عظمة كان بها عظيما، فكان ذلك حلفا بالله تعالى، لانه لا معنى يقع الحلف به هاهنا غير الله سبحانه... »[٤١].
١٢ ـ في الشفعة
قال: « ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة). وهذا الخبر مما يستشهد به من قال: إن الشفعة إنما تجب للشريك المخالط دون الجار المجاور، وقال أهل العراق[٤٢]: إنما تجب للشريك المخالط ثم للجار المجاور »[٤٣].
١٣ ـ في الوصية
قال: « وفي هذه الاية [ آية المباهلة ] أيضاً دليل على أن ابن البنت يسوغ تسميته ابنا في لسان العرب...
وروى الحسن بن زياد اللؤلؤي[٤٤] صاحب أبي حنيفة، عنه: (إن من أوصى لولد فلان وله ولد ابن ولد البنت، دخل ولد البت في الوصية)، فعلى هذا القول يسوغ أن يسمى ابن البنت ولدا. وقال لي شيخنا أبو بكر محمد بن موسى الخوارزمي: رواية الحسن بن زياد في ذلك تخالف قول محمد بن الحسن[٤٥]، فإن محمدا يقول في هذه المسألة: إن الوصية لولد الابن دون ولد البنت »[٤٦].
١٤ ـ في عدم وجوب النكاح
قال: « ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام لعثمان بن مظعون ـ رحمه الله ـ لما أراد الاختصاء والسياحة: (خصاء امتي الصيام)، وهذا القول مجاز، لانه عليه الصلاة والسلام أراد أن الصيام يميت الشهوات، ويشغل عن اللذات، كما أن الخصاء في الاكثر يكسر النزوة ويقطع الشهوة.
ومما يؤكد ذلك، الخبر الاخر المروي عنه عليه الصلاة والسلام قال: (من استطاع منكم الباه فليتزوج، ومن لم يستطعه فليصم، فإن الصوم وجاء) والوجاء: الخصاء.
وسمعت شيخنا أبا بكر محمد بن موسى الخوارزمي [٤٧]ـ عفا الله عنه ـ يقول ـ في أثناء قراءتي عليه ـ وقد اعترض ذكر الخلاف في وجوب النكاح: يمكن الاستدلال بهذا الخبر على أن النكاح غير واجب خلافا لداود[٤٨]، فإنه يقول: إنه واجب على الرجل مرة في عمره.
قال: وموضع الاستدلال منه، أنه عليه الصلاة والسلام نقل النكاح إلى الصوم، وجعل الصوم بدلا منه، والابدال حكمها حكم المبدلات، فلو كان الاصل واجبا كان بدله كذلك، كالتيمم والماء وأبدال الكفارات مثلها، فلما كان الصوم الذي هو بدل من النكاح غير واجب، دل على أن المبدل أيضاً ـ وهو النكاح ـ غير واجب »[٤٩].
١٥ ـ الشهادة في النكاح
قال: « لم يجز بعض الفقهاء شهادة النساء في عقود النكاح جملة، وقال: لا يصح النكاح إلا بشهادة الرجال دون النساء.
وهذه مسألة الخلاف بين أبي حنيفة والشافعي، فإن الشافعي يذهب إلى القول الذي ذكرناه، وأبو حنيفة يخالفه في ذلك، ويجيز انعقاد النكاح بشهادة رجل وامرأتين،
والظهور في هذه المسألة لابي حنيفة، وقد كنت علقت عن شيخنا أبي بكر محمد بن موسى الخوارزمي، عند قراءتي عليه مختصر أبي جعفر الطحاوي وبلوغي إلى هذه المسألة من كتاب النكاح ـ الحجاج على الشافعي ـ في جواز النكاح بشهادة رجل وامرأتين، وإبطال تعلقه بقوله عليه السلام: (لا نكاح إلا بشاهدين)، وذلك أن هذا القول يتناول الرجل والمرأتين، والدليل على ذلك قوله تعالى: (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان...)[٥٠] وتقدير الكلام: فإن لم يكن الشاهدان رجلين، فالشاهدان رجل وامرأتان... »[٥١].
١٦ ـ في الرضاع
قال: « ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (الولاء لحمة كلحمة النسب لايباع ولا يوهب)، وهذه استعارة، لانه عليه الصلاة والسلام جعل التحام الولي بوليه كالتحام النسيب بنسيبه، في استحقاق الميراث، وفي كثير من الاحكام... »[٥٢].
١٧ ـ في عدة الحربية إذا أسلمت
قال: « وأبو حنيفة يستشهد بهذه الاية: « ولا تمسكوا بعصم الكوافر » على أنه لا عدة للحربية إذا خرجت إلى دار الاسلام مسلمة، وبانت من زوجها بتخليفها له في دار الحرب كافرا، ويقول: إن في الاعتداد منه تمسكا بعصمة الكافر التي وقع النهي عن التمسك بها، ويذهب إلى أن الكوافر ـ هاهنا ـ جمع فرقة كافرة، كما أن الخوارج جمع فرقة خارجة.
ليصح حمل الكوافر على الذكور والاناث، ويكون قوله تعالى: « ولا تمسكوا » خطابا للنبي ـ صلى الله عليه وآله ـ والمؤمنين، والمعنى: ولا تأمروا النساء بالاعتداد من الكفار، فتكونوا كأنكم قد أمرتموهن بالتمسك بعصمهم.
وقال أبو يوسف[٥٣]، ومحمد[٥٤]، تجب عليها العدة »[٥٥].
١٨ ـ ليس للحكمين التطليق
قال: « وربما سأل سائل في هذه السورة عن قوله تعالى: (فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها)[٥٦] ، فقال: لم لم يقل حاكما بدل قوله حكما ؟
والجواب: إنه سبحانه إنما سمى المبعوثين من أهل الرجل والمرأة حكمين لنقصان تصرفهما، ولو ملكا التصرف من جميع الوجوه لسماهما حاكمين، ألا ترى أن من مذهب أهل العراق أنه ليس للحكمين التفريق إلا بوكالة، وهو أحد قولي الشافعي، وهذا يدل على نقصان تصرفهما فلذلك سميا حكمين... »[٥٧].
١٩ ـ في حرمة الاكل والشرب من آنية الذهب والفضة
قال: « ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام للشارب في آنية الذهب والفضة: (إنما يجرجر في بطنه نار جهنم)...
فأما آنية الذهب والفضة فلا يحل عندنا الاكل فيها ولا الشرب منها ولا يجوز أيضاً استعمالهما في شيء مما يؤدي إلى مصالح البدن، نحو الادهان، واتخاذ الميل للاكتحال، والمجمر للبخور.
وكنت سألت شيخنا أبا بكر محمد بن موسى الخوارزمي رحمه الله عند انتهائي في القراءة عليه إلى هذه المسألة من كتاب الطهارة، عند المدخنة إذ لا خلاف في المجمرة، فقال: القياس أنها غير مكروهة، لانها تستعمل على وجه التبع للمجمرة فهي غير مقصودة بالاستعمال، لان المجمرة لو جردت من غيرها في البخور لقامت بنفسها ولم تحتج إلى المدخنة مضافة إليها فأشبهت الشرب في الاناء المفضض إذا لم يضع فاه على موضع الفضة.
وفي هذه المسألة خلاف للشافعي لانه يكره الشرب في الاناء المفضض وذهب داود الاصفهاني إلى كراهة الشرب في أواني الذهب والفضة دون غيره من الاكل والاستعمال في مصالح الجسم مضيا على نهجه في التعلق بظاهر الخبر الوارد في كراهة الشرب خاصة.
وليس هذا موضع استقصاء الكلام في هذه المسألة، إلا أن المعتمد عليه في كراهة استعماله هذه الاواني، الخبر الذي قدمنا ذكره، لما فيه من تغليظ الوعيد، وقد روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (من شرب بها في الدنيا لم يشرب بها في الاخرة) فتثبت بهذين الخبرين وما يجري مجراهما كراهة الشرب فيها، ثم صار الاكل والادهان والاكتحال مقيسا على الشرب، بعلة أن الجميع يؤدي إلى منافع الجسم »[٥٨].
٢٠ ـ في حرمة المسكر
قال: فقد بان تحريم الخمر قليلها وكثيرها بذلك [ إلى آية: يسألونك عن الخمر... ] وتحريم السكر من كل شراب بقوله صلى الله عليه وآله: (حرمت الخمرة بعينها والسكر من كل شراب) ولا خلاف في ذلك، وإنما الخلاف في شرب غير الخمر من غير بلوغ حد السكر، فإذا كان السكر محرما بالاجماع من الخمر وغيرها، فكل ما يسمى سكرا داخل تحت ذلك... »[٥٩].
٢١ ـ في بعض مسائل الحد
قال: « فأما قول ابن قتيبة إن عقوبة الذنب يجب أن تكون مشاكلة للذنب... فقد غلط فيما ظنه، ووهم فيما توهمه، لان العقوبات لا يجب أن تكون مقصورة على الاعضاء المباشرة للذنوب، وإنما المعاقب بها جملة الانسان، ولو كان الامر على ما ظنه لكان الزاني إذا زنى غير محصن يضرب ذكره، والقاذف إذا قذف يجلد لسانه، لانهما واقعا المعصية وباشرا الخطيئة، فلما رأينا هذين المذنبين يعاقب منهما غير المواضع التي باشرت الذنب وواقعت الجرم، علمنا أن المقصود بالعقوبة جملة الانسان دون أعضاء الجسم.
فأما يد السارق فلم تكن علة قطعها أنه باشر بها السرقة، ألا ترى أنه لو دخل حرزا فأخرج منه بفمه دون يده ما يجب في مثله القطع قطعت يده، ولم يعتبر أخذه الشيء المسروق بفمه، وأيضاً فلو أخذ في أول مرة بيده اليسرى قطعت يده اليمنى، وإذا سرق ثانية بعد قطع يده اليمنى قطعت رجله اليسرى ولم تقطع يده اليسرى وإن باشر السرقة بها، وذلك على مذهب من يرى استيفاء الاعضاء الاربعة في تكرير السرقة، وهو مذهب الشافعي، فبان أنه لا يعتبر بقطع ما باشر أخذ السرقة من أعضاء الانسان، وسقط ما اعتمد عليه بن قتيبة... »[٦٠].
٢٢ ـ في اجتماع الحدود على شارب الخمر
قال: « ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في كلام طويل: (ولا يشرب أحدكم الحدود، وهو حين يشربها مؤمن) وهذا القول مجاز، والمراد بالحدود هاهنا الخمر، وإنما عبر عليه الصلاة والسلام بهذا الاسم عنها لان إقامة الحدود تستحق بشربها، وليس هاهنا معصية ربما اجتمعت في الاقدام عليها حدود كثيرة غيرها، لان السكران في الاكثر يقدم على استحلال الفروج، واستهلاك النفوس، وسب الاعراض، وقذف المحصنات، فيجتمع عليه حد السكر، وحد القتل، وحد الزنا، وحد القذف... »[٦١].
٢٣ ـ في حد الزاني المحصن
قال: « ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (الولد للفراش وللعاهر الحجر) وهذا مجاز على أحد التأويلين، وهو أن يكون المراد أن العاهر لا شيء له في الولد، فعبر عن ذلك بالحجر...
وأما التأويل الاخر.... فهو أن يكون المراد أنه ليس للعاهر إلا إقامة الحد عليه، وهو الرجم بالأحجار... وهذا إذا كان العاهر محصنا، فإن كان غير محصن فالمراد بالحجر هاهنا ـ على قول بعضهم ـ الاعناف به والغلظة عليه بتوفية الحد الذي يستحقه من الجلد له... »[٦٢].
٢٤ ـ حكم الجاني خارج الحرم
قال: « وقد اختلف الفقهاء فيمن جنى في غير الحرم ثم لجأ إليه، فقال أهل العراق ـ أبو حنيفة وأصحابه: أبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وزفر، والحسن بن زياد اللؤلؤي ـ: إذا قتل في غير الحرم، ثم دخل الحرم لم يقتص منه ما دام فيه، ولكنه لا يبايع، ولا يشارى، ولا يطعم، ولا يسقى، إلى أن يخرج من هناك فيقتص منه، وإن قتل في الحرم قتل فيه، وإن جنى فيما دون النفس في الحرم، أو في غيره، ثم دخله، اقتص منه فيه.
وقال أهل المدينة ـ مالك والشافعي ـ: يقتص منه في الحرم في ذلك كله.
وأهل العراق يعتمدون ـ فيما يذهبون إليه: من ترك قتل من جنى في غير الحرم ثم لجأ إليه ـ على ما روي عن ابن عباس، وابن عمر، وعبيد بن عمير، وسعيد بن جبير، وعطاء وطاووس، والشعبي، فيمن قتل ثم لجأ إلى الحرم: إنه لا يقتل.
قال ابن عباس: ولكنه لا يجالس، ولا يؤوى، ولا يبايع، ولا يشارى، حتى يخرج من الحرم فيقتل، فإن فعل ذلك في الحرم أقيم عليه الحد فيه.
ولم يختلف السلف ومن بعدهم من الفقهاء في أنه إذا جنى في الحرم كان مأخوذا بجنايته ويقام عليه الحد فيما يستحقه من قتل أو غيره.
وأما الجناية فيما دون النفس وأخذ الجاني بها ـ وإن لجأ إلى الحرم ـ فإنهم يقيسونها على الدين يكون عليه، فيقولون: ألا ترى أنه لو كان عليه دين فلجأ إلى الحرم حبس به، والحبس في الدين عقوبة لقوله عليه السلام: (لي الواجد يحل عرضه وعقوبته).
وفسر إحلال العرض هاهنا: باستحلال دمه، والعقوبة: بالحبس له، فجعل عليه السلام الحبس عقوبة، وهو فيما دون النفس، فكل حق وجب عليه فيما دون النفس أخد به وإن لجأ إلى الحرم، قياسا على الحبس في الدين. وفي ما ذكرناه من ذلك كاف بحمدالله تعالى »[٦٣].
٢٥ ـ في إجراء الحدود على من لجأ إلى الحرم
قال: « وفي إقامة الحدود على اللاجئ إلى الحرم خلاف بين العلماء ليس هذا موضع ذكره، ولابد أن يوفيه تعالى ما يستحقه من العقاب في دار الجزاء، إلا أن يكون منه توبة يسقط بها عقابه، أو طاعة عظيمة تصغر معها معصيته... »[٦٤].
إلى غير ذلك من الموارد التي توجد في « حقائق التأويل » وغيره، فراجع.
٦ ـ تصريحات بعض الاكابر بفقاهته
قال ابن أبي الحديد: « وحفظ الرضي ـ رضي الله عنه ـ القرآن بعد أن تجاوز الثلاثين سنة في مدة يسيرة، وعرف من الفقه والفرائض طرفا قويا، وكان ـ رضي الله عنه ـ عالما أديبا وشاعرا... ».
وقال مثله ابن الجوزي في المنتظم[٦٥].
وقال السيد علي خان المدني: « كان عارفا بالفقه والفرائض معرفة قوية، وأما اللغة والعربية فكان فيما إماما »[٦٦].
وقال الشهيد التستري في تاريخ مصر والقاهرة: « الشريف أبو الحسن الرضي الموسوي، كان عالما عارفا باللغة والفرائض والفقه والنحو، وكان شاعرا فصيحا عالما عالي الهمة متدينا إلا أنه كان على مذهب القوم إماما للشيعة، هو وأبوه وأخوه »[٦٧].
وقال السيد الامين العاملي: « كان الرضي أديبا بارعا متميزا، فقيها متبحرا، ومتكلما حاذقا، ومفسرا... »[٦٨].
وقال السيد حسن الصدر: « حدثني شيخ الاسلام الشيخ محمد حسن آل ياسين الكاظمي: أن العلماء ذكروا أن السيد الرضي كان عالما غلب شعره على علمه، والمرتضى كان شاعرا غلب علمه على شعره »[٦٩].
ونقول: السيد الشريف الرضي من فقهاء الشيعة الامامية ـ رحمة الله عليهم ـ واشتهر بالشعر والادب لا بالفقه لعلل ذكرت في محلها، فراجع.
المصادر والمراجع:
١ ـ مقدمة حقائق التأويل، للشيخ عبدالحسين الحلي.
٢ ـ مقدمة المجازات النبوية، للسيد حسن الصدر.
٣ ـ مقدمة خصائص الائمة، للسيد عبدالرزاق المقرم.
٤ ـ مقدمة تلخيص البيان، لمحمد عبد الغني حسن.
٥ ـ السيد الرضي مؤلف نهج البلاغة، للشيخ علي الدواني.
٦ ـ الاراء الفقهية والاصولية للشريف الرضي، للشيخ أحمد الباكتجي.
٧ ـ الغدير، للشيخ عبدالحسين الاميني ـ رحمه الله ـ.
٨ ـ مصادر ترجمة الشريف الرضي، للشيخ محمد هادي الاميني.
٩ ـ مقدمة خصائص الائمة، للشيخ محمد هادي الاميني.
١٠ ـ المجازات النبوية، للشريف الرضي، طبعة بغداد ومصر.
١١ ـ تلخيص البيان، للشريف الرضي، طبعة بغداد ومصر.
١٢ ـ حقائق التأويل، للشريف الرضي، طبعة النجف.
١٣ ـ ملحق أوائل المقالات، للشريف الرضي، طبعة تبريز ١٣٧١.
١٤ ـ روضات الجنات، للسيد محمد باقر الخونساري.
١٥ ـ مستدرك الوسائل، للمحدث النوري.
١٦ ـ أعيان الشيعة، للسيد محسن الامين.
١٧ ـ هدية الاحباب، للمحدث القمي.
١٨ ـ ريحانة الادب، للميرزا محمد علي الخياباني.
١٩ ـ رياض العلماء، للميرزا عبدالله الاصفهاني.
٢٠ ـ الدرجات الرفيعة، للسيد علي خان المدني.
٢١ ـ مجالس المؤمنين، للقاضي نور الله التستري.
٢٢ ـ الفوائد الرضوية، للمحدث القمي.
٢٣ ـ الذريعة، للشيخ آقا بزرك الطهراني.
٢٤ ـ معجم المؤلفين، لعمر رضا كحالة.
٢٥ ـ إجازات البحار، للعلامة المجلسي.
٢٦ ـ رجال النجاشي.
٢٧ ـ فهرست الشيخ الطوسي.
٢٨ ـ شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد.
٢٩ ـ تأسيس الشيعة، للسيد حسن الصدر.
٣٠ ـ الذكرى، للشهيد الاول.
٣١ ـ روض الجنان، للشهيد الثاني.
٣٢ ـ فرائد الاصول، للشيخ الانصاري.
٣٣ ـ حاشية الفرائد، للاشتياني.
٣٤ ـ الخلاف، للشيخ الطوسي.
٣٥ ـ الاحتجاج، للشيخ الطبرسي.
٣٦ ـ الارشاد، للشيخ المفيد.
٣٧ ـ الكافي، للشيخ الكليني.
٣٨ ـ المنتظم، لابن الجوزي.
٣٩ ـ النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، ليوسف بن تغري الاتابكي.
٤٠ ـ الخراجية، للمحقق الكركي.