|
من معشرٍ ضربوا للمجد أخيبةً |
|
فوق السماوات ممتداً لها طنبُ |
|
أما جدُ بلغاءٍ أصبحتُ بهم |
|
على جميع البرايا تفتخرُ العربُ |
|
إن خاطبوا أنطقوا الصخر الأصمّ بعد |
|
ياهم كما أورقوا الأعواد إن خطبوا |
|
هم شرعوا نهج البلاغة لا |
|
وأزهر الثمرُ الداني الجنا الرطبُ[٢] |
|
نهجُ البلاغة روضةٌ ممطورةٌ |
|
بالنور من سبحات وجه الباري |
|
أو حكمةٌ قدسيةٌ جليت بها |
|
مرآةُ ذات الله للنظار |
|
أو نور عرفانٍ تلألأ هاديا |
|
للعالمين مناهج الأبرار |
|
أو لجةٌ من رحمةٍ قد أشرقت |
|
بالعلم فهي تموجُ بالأنوار |
|
خطبٌ روت ألفاظُها عن لؤلؤ |
|
من مائه بحرُ المعارف جاري |
|
وتهللت كلماتُها عن جنةٍ |
|
حفت من التوحيد بالنوار |
|
وكأنها عينُ اليقين تفجرت |
|
من فوق عرش الله بالانهار |
|
حكمٌ كأمثال النجوم تبلجت |
|
من ضوء ما صمنت من الاسرار |
|
كشف الغطاءُ بيانها فكأنها |
|
للسامعين بصائرُ الأبصار |
|
وترى من الكلم القصار جوامعا |
|
يغنيك عن سفرٍ من الأسفار |
|
لفظٌ يمد من الفؤاد سواده |
|
القلب منه بياض وجه نهار |
|
وجلى عن المعنى السواد كأنه |
|
صبحٌ تبلج صادق الإسفار |
|
من كلّ عاقلة الكمال عقيلةٌ |
|
تشتافُ فوق مدارك الأفكار |
|
عن مثلها عجز البليغُ وأعجزت |
|
ببلاغةٍ هي حجةُ الإقرار |
|
وإذا تأملت الكلام رأيتهُ |
|
نطقت به كلماتُ علم الباري |
|
ورأيت بحراً بالحقائق طاميا |
|
من موجه سفنُ العلوم جواري |
|
ورأيت أن هناك براً شاملاً |
|
وسع الأنام كديمةٍ مدراراً |
|
ورأيت أن هناك عفو سماحةٍ |
|
في قدرة تعلو على الاقدار |
|
ورأيت أن هناك قدراً ماشياً |
|
عن كبرياء الواحد القهار |
|
قدر الذي بصفاته وسماته |
|
ممسوسُ ذات الله في الآثار |
|
مصباحُ نور الله مشكاةُ الهدى |
|
فتاحُ باب خزائن الأسرار |
|
صنو الرسول وكان أول مؤمنٍ |
|
عبد الإله كصنوه المختار |
|
وبه أقام اللهُ دين نبيّه |
|
وأتمّ نعمتهُ على الأخيار[٤] |
|
لقد باكرتني روضةٌ أدبيّةٌ |
|
تغنّى بها طيرُ الثّناء وغرّدا |
|
فبتُّ وقد هشّ الخيلُ بوصلها |
|
وأرشقني منها الأراك المُبرّدا |
|
أُقبّلُ منها مبسماً طاب مورداً |
|
كما قبّل المُشاقُ خدّاً مُورّدا |
|
أيأتي بها شيخُ الفضائل فاضلاً |
|
سديد القوافي زاخراً ومُقصّدا |
|
أرى عُمراً أولى الكرامة أحمداُ |
|
ومن غيرُهُ أولى باكرام أحمد |
|
سراجٌ هدى اللهُ الشّهاب بنوره |
|
ولولاهُ في نهج البلاغة ما اهتدى[٦] |
|
نهجُ البلاغة نهج أم لا حبه |
|
قن بمصباح نور الله قد نظرا |
|
إذ فيه من المشكلات العلم أعظمها |
|
فيما يحُ الغرب منه فائزٌ ظفرا |
|
إذا تأملت ألفاظاً بها نُظمت |
|
تخالها خالص الياقوت أو دررا |
|
وإن نظرت بعين الفكر قلت أرى |
|
هذا كشفٌ به الإسلام قد نصرا |
|
فالسيفُ سيفُ عليّ والمقالُ معا |
|
فمن تُرى حاز هذا الفضل مفتخرا |
|
أليس قد قال خيرُ الخلق قاطبةً |
|
الحقّ عند عليّ أين دار يُرى |
|
والله ما حاد عنه الحاسدون غنى |
|
لكنّ نورهم عن نوره قصرا |
|
كما ترى أعين الخشاف يقبضُها |
|
ضوءُ النهار ترى أبصارهم غفرا |
|
لم يقض مولاي من باراك منقبة |
|
مما خصصت به في سعيه وطرا |
|
فآه واعجبا من قول ذي عند هذا |
|
الصريم يضاهي الشمس والمرا[٨] |
|
متصفحُ نهج البلاغة واردٌ |
|
عللاً يزيدُ على الألذ البارد |
|
وارد شرب بلاغة لاقى به |
|
ريّاً غليل موافقٍ ومعاند |
|
متنزّه في روضة قد نوّرت |
|
جنباتها بشواهدٍ وشوارد |
|
ومسارح نشر الحيا بعراصها |
|
راياته فملأن عين الزابد |
|
حكمٌ عليها مسحة العلمُ الإلهيّ |
|
المصفّى من معاب الناقد |
|
دُررٌ بها عبقُ النبوة فاغمٌ |
|
إذ كان سُقياها بماءٍ واحد |
|
قرّبن مرق بلاغةٍ لمريدها |
|
وفتحن مغلق بابها للراشد |
|
ومواعظٌ وزواجرٌ ومراشدٌ |
|
وفوائدٌ وتوائمٌ فوارد[١٠] |
|
نهجُ البلاغة درج ضمنه درر |
|
نهجُ البلاغة روضٌ جادهُ دررُ |
|
نهجُ البلاغة وشي حاكهُ صنع |
|
من دون موشيه الديباج والحبرُ |
|
أو جونة مُلئت عطرا إذا فتحت |
|
خيشومنا فغمت ريح لها ذفرُ |
|
صدقتكم سادتي والصدقُ عادتُنا |
|
وهذه شيمةٌ ما عابها بشرُ |
|
صلى الإلهُ على بحر غواربه |
|
رمت به نحونا ما لألأ القمر[١٢] |
|
ألا إنّ هذا السفرُ نهجُ بلاغةٍ |
|
لمنتهج العرفان مسلكُه جلي |
|
على قممٍ من آل حربٍ ترفعت |
|
كجلمود صخرٍ حطّة السيلُ من عل[١٤] |
وله أيضاً:
|
نهجُ البلاغة نهجٌ عنك بلّغنا |
|
رشداً به اجتثّ عرق الغنيّ فانقمعا |
|
به دفعت لأهل البغي أدمغة |
|
لنخوة الجهل قد كانت أشرّ وعا |
|
كم مصقعٍ من خطابٍ قد صقعت |
|
به فوق المنابر صقع الغدر فانصقعا |
|
ما فرّق الله شيئاً خليقته |
|
من الفضائل إلاّ عندك اجتمعا[١٥] |
|
خطيبُ مدرهٌ جم الأيادي |
|
حذا قس الإيادي قبل حذوه |
|
أتى بدلائل الإعجاز نُظُماً |
|
وفي نهج البلاغة أمّ ذروه |
|
هو الحبرُ الإمام بكُلّ فن |
|
بحق صح للفضلاء قدوه[١٧] |
|
مولىّ أنافت على العضّين بهجتُهُ |
|
وغادرت قسّ مع سحبان في حصرِ |
|
بكلّ معنى خلوب اللفظ جال به |
|
ماءُ السلاسة في روضٍ من الفقرِ |
|
طلقُ الأعنة في نهج البلاغة لا |
|
ينفكُّ عن خاطرٍ في البحث مستعر |
|
قد بُرّزت في رهان الفضل فكرتُه |
|
وأحرزت قصبات السبق والظفر |
|
أربت على الروضة الغناء شيمتُه |
|
لطفاً إذا ما زجتها رقةُ السحر |
|
مولاي يا من سرت تعنو لساحته |
|
نوازعٌ للمنى لولاه لم تسر |
|
إليكها من بنات الفكر غانيةً |
|
عذراء تزهو بحسن الدلّ والحور |
|
تزدانُ منك بأوصافٍ نسقن على |
|
لبّاتها من حُلاها أنفسُ الدُرر[١٩] |
|
نهجُ البلاغة من كلام المرتضى |
|
جمع الرضيّ الموسويّ السيّد |
|
هو العقودُ بحسنه وبهائه |
|
كالدّر فصّل نظمُه بزبرجد |
|
ألفاظُهُ علوّيةٌ لكنّها |
|
علويّةٌ حلّت محلّ الفرقد |
|
فيه لأرباب البلاغة مقنع |
|
من يعن باستظهاره يستسعد |
|
نعم المعينُ على الخطابة للفتى |
|
فيه إلى طرق الكتابة تهتدي |
|
واجلّ يعقوب بن احمد ذكره |
|
بعلوّ همّته وطيب المحتد |
|
ودعا إليه مخلصاً أصحابه |
|
فعل الحنيفيّ الكريم المرشد |
|
ثم ابنه الحسن الموفّق بعده |
|
فيه لسنّته المرضيّة مقتدى |
|
كم نسخة مقروّة حصلت به |
|
مسموعة لأولي النّهى والسؤدد |
|
يا ربّ قرّبهُ وبيّض وجههُ |
|
واحشرهُ في رهط النبيّ محمّد[٢١] |
|
نهجُ البلاغة نهجُه لذوي البلاغة واضح |
|
وكلامُه لكلام أرباب الفصاحة فاضح |
|
العلمُ فيه زاخرٌ والفضلُ فيه راجحٌ |
|
وغوامصُ التّوحيد فيه جميعها لك لايح |
|
ووعيدُه مع وعده للنّاس طرا ناصحُ |
|
تحظى به هذى البريّة صالح أو طالحُ |
|
لا كالعريب ومالها فالمال غاد رايح |
|
هيهات لايعلو على مرقى ذراه مادحُ |
|
ان الرّضيّ الموسويّ لمائه هو مايحُ |
|
لاقت به وبجمعه عدد القطاء مدائح[٢٣] |
|
نهجُ البلاغة مشرعُ الفصحاء |
|
ومعشُ البلغاء والعلماء |
|
درج عقود رقاب أرباب التقى |
|
في درجه من غير ما استثناء |
|
في طيّه كلُّ العلوم كأنّهُ |
|
الجفرُ المشارُ إليه في الأبناء |
|
من كان يسلكُ نهجهُ متشمراً |
|
أمن العثار وفاز بالعلياء |
|
غررٌ من العلم الإلهي انجلت |
|
منظومةَ تجلو ضياء ذكاء |
|
ويفوحُ منها عبقةٌ نبويةٌ |
|
لا غرو قدا من أديم سناء |
|
روضٌ من الحكم الأنيقة جاده |
|
جود من الأنوار لا الأنواء |
|
أنوارٌ علم خليفة الله الذي |
|
هو عصمةُ الأموات والأحياء |
|
وجذيلُها وعذيقُها مترجبا |
|
ومحككا جدا بغير مراء |
|
مشكاةُ نور الله خازنُ علمه |
|
مختارهُ من سرة البطحاء |
|
وهو ابنُ بجدته عليه تهدلت |
|
أغصانُه من جملة الأمراء |
|
ووصيُّ خير الأنبياء اختارهُ |
|
رغما لتيم أرذل الأعداء |
|
صلى الإلهُ عليهما ما ينطوي |
|
بردُ الظلام بنشر كفّ ضياء |
|
وعلى سليلهما الرضي محمد |
|
قطب السباق جوى الفصحاء[٢٥] |
|
|
|
|
|
يا من تجاوز قمة الجوزاء |
|
بأبي، مبيد للعدى أباء |
|
زوجُ البتول أخو الرسول منابُّ |
|
الكفار دامغ صولة الأعداء |
|
متشبثٌ بعرى التقى معروفةٌ |
|
يمناه بالإعطاب والإعطاء |
|
ذي غرة قمريةٍ وعزيمةٍ |
|
رضويةٍ وسجيةٍ ميثاء |
|
قد طلّق الدنيا بلا كرهٍ |
|
ولم يغتر بالصفراء والبيضاء |
|
لولم يكن في صورةٍ بشريةٍ |
|
ما كان يُدعى من بني حواء |
|
نهجُ البلاغة من مقالته التي |
|
فيها تضلُ قرائحُ البلغاء |
|
كم فيه من خطبٍ تفوحُ عظاتُها |
|
كالروض غب الديمة الوطفاء[٢٧] |
|
حكمُ اليونان والفرس معاً |
|
ما تدانى منه لفظاً علويا |
|
إن رقى المنبر يوماً خاطباً |
|
عاد سحبان لديه باقليا |
|
والبلاغاتُ إليه تنتهي |
|
نهجُه فيها يري النهج سويا[٢٩] |
|
نهجُ البلاغة نهجُ كلّ مسدد |
|
نهجُ المرام لكلّ قرمٍ أمجد |
|
يا من يبيتُ وهمُّهُ دركُ العلى |
|
فاسلكه تحظ بما ترومُ وتزدد |
|
إنسانُ عين للعلوم بأسرها |
|
مضمونهُ وذوو البصائر شهد |
|
بهر النجوم الزهر بل شمس الضحى |
|
معنىً وألفاظاً برغم الحسد |
|
ينبوعُ مجموع العلوم رمى به |
|
نحو الأنام ليقتفيه المهتدي |
|
فيه لطلاب النهاية مقنعٌ |
|
فليلزمنّه ناظرُ المسترشد |
|
صلى الإلهُ على منظمه الذي |
|
فاق الورى بكماله والمحتد[٣١] |
|
وإذا رقى للوعظ صهوة منبرٍ |
|
يصغي لزاجر وعظه جبارُها |
|
وبراحتيه تفجّرت عينُ النّدى |
|
فالواردون جميعُهم يمتارُها |
|
(نهجُ البلاغة) من جواهر لفظه |
|
فيه العلومُ تبيّنت أسرارُها |
|
لولاه ما عُبد الإلهُ بأرضه |
|
يوماً ولا بخعت له كفارُها[٣٣] |
|
نهج البلاغة نهج مهيع جدد |
|
لمن يريدُ علوا ماله أمدُ |
|
يا عادلا عنه تبغي بالهوى رشدا |
|
إعدل إليه ففيه الخير والرشدُ |
|
والله والله التاركيه عموا |
|
عن شافيات عظات كلها سددُ |
|
كأنها العقدُ منظوما جواهرها |
|
صلى على ناظميها ربّنا الصمدُ |
|
ما حالهم دونها إن كنت تنصفني |
|
إلا العنود وإلا البغي والحسدُ[٣٥] |