وقال (عليه السلام): إذَا كَانَ في رَجُل خَلَّةٌ رَائِعَةٌ فَانْتَظِرْ أَخَوَاتِهَا.                
وقال (عليه السلام): مَا لاِبْنِ آدَمَ وَالْفَخْرِ: أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ، وَآخِرُهُ جِيفَةٌ، و َلاَ يَرْزُقُ نَفْسَهُ، وَلاَ يَدفَعُ حَتْفَهُ.                
وقال (عليه السلام): أَشَدُّ الذُّنُوبِ مَا اسْتَخَفَّ بِهِ صَاحِبُهُ.                
وقال (عليه السلام): مَا أَخَذَ اللهُ عَلَى أَهْلِ الْجَهْلِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا حَتَّى أَخَذَ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُعَلِّمُوا.                
وقال (عليه السلام): الْقَنَاعَةُ مَالٌ لاَيَنْفَدُ.                
وقال (عليه السلام): الرِّزْقُ رِزْقَانِ: طَالِبٌ، وَمَطْلُوبٌ، فَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا طَلَبَهُ الْمَوْتُ حَتَّى يُخْرِجَهُ عَنْهَا،مَنْ طَلَبَ الاْخِرَةَ طَلَبَتْهُ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رِزْقَهُ مِنْهَا.                
وقال (عليه السلام): إِذَا وَصَلَتْ إِليْكُمْ أَطْرَافُ النِّعَمِ فَلاَ تُنْفِرُوا أَقْصَاهَا بِقِلَّةِ الشُّكْرِ .                

Search form

إرسال الی صدیق
القول في أسانيد نهج البلاغة

وهو الكتاب الذي ألفه الشريف الرضي أبو الحسن محمد بن أبي أحمد الحسين بن موسى بن محمد بن موسى ابن إبراهيم بن موسى بن جعفر الصادق (عليه السلام) والمولود سنة ٣٥٩ ه‍ والمتوفى سنة ٤٠٦ه‍[١].

وقد جمع فيه الكثير من كلام الأمير علي بن أبي طالب سلام الله عليه وفي موارد شتى كما صرح بذلك في مقدمة النهج.

[.. وسألوني عند ذلك أن أبدأ بتأليف كتاب يحتوي على مختار كلام مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) في جميع فنونه ومتشعبات غضونه من خطب وكتب ومواعظ وآداب..][٢].

وقد فرغ من تأليفه عام ٤٠٠ ه‍ كما نص على ذلك في خاتمة النهج..

والذي دعاني إلى البحث المذكور ورغم عدم كونه محل ابتلاء من الناحية الفقهية أحد أمرين:

١ - إرسال جمع من الشيعة نسبة الكتاب إلى الأمير (عليه السلام) معتقدين صحة كل ما ورد فيه بحسب الاعتبار الرجالي.

٢ - ما ورد من التشكيك المطلق في الكتاب من قبل جمع من العامة.

فقد قال الذهبي من طبقاته [وفيها - سنة ٤٣٦ - توفي شيخ الحنفية العلامة المحدث أبو عبد الله الحسين بن موسى الحسيني الرضي واضع كتاب نهج البلاغة][٣].

فإنك ترى أنه عد الشريف الرضي من الحنفية ومن مشايخهم وانه قد وضع نهج البلاغة إلى غير ذلك مما ليس ههنا موضع بحثه.

ولا ريب في أن دافعهم ما وجدوا فيه من اشتماله على ما لا تهوى أنفسهم كخطبة الشقشقية وغيرها مما يزعزع عرش مذاهبهم.. ولا نريد إطالة الكلام في هذا البحث بقدر ما نريد بيان بعض الأمور ويمكن تلخيص الوجوه التي تثبت صحة النهج بثلاثة:

الأول - ان الشريف الرضي قد ذكر ما ذكره منسوبا إلى الأمير (عليه السلام) والذي يظهر من المقدمة كون ذلك عنده من المسلمات.

الثاني - ان أسلوب النهج لا يتفق لاحد غير الأمير (عليه السلام) لما فيه من بلاغة تبهر العقول ويسلم بها كل ذي مسكة وعلم باللغة والأدب العربيين.

ولذا تجد أن جمعا من علماء النجف لما وجه إليهم السؤال عنه قالوا بأنه فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق وكما صرح بذلك ابن أبي الحديد نفسه.

الثالث - ان النهج كان على مرأى من علمائنا وأصحابنا المتقدمين ولم نجد منهم من طعن في صحته أو غمز فيه مما يدل على تسالمهم بان ما فيه هو من كلام أمير المؤمنين سلام الله عليه.

إلا أن الانصاف عدم تمامية كل من هذه الوجوه وذلك:

أما الأول - فلانه لو سلم دلالته فغايته الصحة بنظر الشريف (قدس سره) مع اننا لا نسلم الدلالة المتقدمة وذلك لذكر نفس الشريف في مقدمته ما يخل بذلك حيث قال مبررا اختلاف التعابير.

[.. والعذر في ذلك أن روايات كلامه تختلف اختلافا شديدا..] وكيف يقال بذلك مع حذفه للأسانيد وعدم ذكره إلا القليل منها مما ستعرف حاله.

وأما الثاني - فلانه غاية ما يثبت صحة وجود كلام للأمير (عليه السلام) في النهج في الجملة وهذا مما لا نناقش فيه. بل اننا نعتقد بأن شبه هذا الكلام لا يمكن صدوره من غيره فضلا عن أن تعدد مآخذ الشريف الرضي وان حذف الاسناد يثبت بالضرورة وقوع العديد من كلام الأمير (ع) في طيات الكتاب.

وأما ثبوت النهج بمجمعه فمما لا يقتضيه هذا الوجه كما هو بين واضح وأي صعوبة في الدس المقتبس من مجموع كلامه بحيث يؤذي إلى ضياع التشخيص ولو جزئيا.

وأما الوجه الثالث فإنه يتم لو كان الأصحاب والفقهاء بصدد العمل بمضمونه من الناحية الفقهية مع أنه ليس كذلك.

وكون ما في الكتاب مجملا صحيح النسبة كافيا لاتخاذه مسلكا ومنهاجا للكمال والسير والتقرب إلى حضرة الله عز وجل خصوصا مع تأيد ما فبه - ولأي كانت النسبة - بالعقول السلمية والقلوب النيرة المستقيمة.

ومنه يتحصل ان التشكيك في النهج على نحو يراد منه استيعاب الجمل والكلمات بأسرها ففيه إشكال وتأمل واضحين كما عرفت من ثبوته ولو في الجملة. وإن لم نستطع الجزم ببعض المفردات أو الجمل بالتحديد.

ويتأيد ما ذكرناه ورود المراسيل وما رواه الضعاف وما شاكل ذلك.

فمن الأول:

١ - ومن كتاب له (عليه السلام) كتبه لشريح بن الحرث قاضيه [روي[٤] ان شريح بن..] فان التعبير ب‍ (روي) إرسال واضح.

٢ - ومن خطبة له (عليه السلام) روي[٥] عن نوف البكالي قال خطبنا بهذه الخطبة وهو قائم على حجارة...

٣ - ومن خطبة له، (عليه السلام) روى[٦] ان صاحبا لأمير المؤمنين يقال له همام كان رجلا عابدا..

٤ - ومن كلام له (عليه السلام) روي[٧] عنه أنه قال عند دفن سيدة نساء العالمين...

٥ - ومن كتاب[٨] له (عليه السلام) إلى طلحة والزبير مع عمران بن الحصيني الخزاعي وذكر هذا الكتاب أبو جعفر الإسكافي في كتاب المقامات.

٦ - وروي[٩] انه كان جالسا في أصحابه إذ مرت بهم امرأة جميلة.

ومن الثاني:

١- [روى اليماني عن أحمد بن قتيبة عن عبد الله بن زيد عن مالك بن دحية وفي الحديث انهم كانوا خلقه في سبخ الأرض][١٠]. وهو ضعيف باليماني فإنه مجهول.

٢ - وروى[١١] ابن جرير الطبري في تاريخه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى..] وهو ضعيف بابن أبي ليلى.

٣ - ومن حلف كتبه (عليه السلام) بين اليمن وربيعة ونقل[١٢] من خط هشام بن الكلبي والأخير ضعيف.

٤ - ومن كتاب له (عليه السلام) أجاب به أبا موسى الأشعري قال وذكر هذا الكتاب سعيد بن يحيى الأموي في كتاب المغازي[١٣].. وسعيد المذكور ضعيف. إلى غير ذلك مما يلاحظه المتتبع.

نعم ان كتاب النهج ككتاب بلاغي أدبي تعليمي إرشادي أخلاقي نموذجي مما لا نظير له ولا أتت البشائر مثله يكاد يكون وحيا منزلا وذهبا منضدا.

------------------------------------------------
[١] . اكتفاء القنوع ص ٢٧١.
[٢] . نهج البلاغة ص ١١.
[٣] . تذكرة الحفاظ ج ٣ ص ٢٨٩.
[٤] . نهج البلاغة ج ٣ ص ٤.
[٥] . نهج البلاغة ج ٢ ص ١٠٣.
[٦] . نهج البلاغة ج ٢ ص ١٦٠.
[٧] . نهج البلاغة ج ٢ ص ١٨٢.
[٨] . نهج البلاغة ج ٣ ص ١١١.
[٩] . نهج البلاغة ج ٤ ص ٩٨.
[١٠] . نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٢٧.
[١١] . نهج البلاغة ج ٤ ص ٨٨.
[١٢] . نهج البلاغة ج ٣ ص ١٣٤.
[١٣] . نهج البلاغة ج ٣ ص ١٣٦.
****************************