جاء في كتاب شرح نهج البلاغة للسيّد كاظم القزويني:
( قرأت في بعض الكتب الحديثة أنّه قد كُتب حتى اليوم مائة ألف كتاب في ترجمة حياة نابليون الفرنسي بشتّى اللغات الدارجة، فإن صحّ هذا القول فقد ظلم المسلمون علياً صلوات الله عليه بتقاعدهم وتكاسلهم وعدم القيام بما يلزم تجاه هذا الإمام صلوات الله عليه, فإنّ ما كتب عن نابليون أكثر عدداً ممّا كتُب عن الإمام علي بن أبي طالب, مع العلم أنّ نابليون لم تكن فيه فضيلة إلاّ الثورة ضدّ حكومة الوقت، ولم ينقل إلينا عن نابليون شيء من العلوم والاكتشافات والروحانيّات والزهد والعدالة والمساواة والتواضع وغير ذلك من مكارم الأخلاق.
أفلا تستحقّ عظمة الإمام علي صلوات الله عليه أن يُكتب عنه مقدار ما كُتب عمّن هو دونه في الفضل والدرجة، مع الالتفات أنّ الفضيلة التي اشتهر بها نابليون وطار صيته بها إنما هي فضيلة واحدة من آلاف الفضائل التي اجتمعت في الإمام علي.
أو ما كان علي جندياً ثائراً على الكفر والشرك من عنفوان شبابه بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟
أوَ ما كان علي قائداً مجاهداً طيلة أيام حياته وخاصّة في عهد النبي؟ وعلى الأخصّ بعد مقتل عثمان حينما أفضت الخلافة إليه، فيوماً قاتل المتمرّدين ـ أصحاب الجمل ـ ويوماً جاهد الدكتاتوريّين ـ أهل صفّين ـ ويوماً كافح الفوضويّين ـ الخوارج ـ وهل حياة الإمام إلاّ ثورة وجهاد وانقلاب وكفاح؟
أضف إلى ذلك بقيّة مناقبه ومواهبه التي كلّ واحدة منها فضيلة تُذكر وتشكر وتليق بكلّ مدح وإطراء وإعجاب وثناء.
ولا أريد أن أقيس نابليون بالإمام علي صلوات الله عليه، فإنّ علياً لا يُقاس به أحد، بل المقصود أنّ هواة نابليون وأتباعه كتبوا عنه هذا العدد الهائل من المؤلّفات، والمسلمون لم يراعوا حقّ علي، بل قصّروا بما يجب عليهم حول علي، إلاّ القليل ممّن وفى لرعاية الحق، ولعلّ الله تعالى يبعث في علماء المسلمين وكتّابهم وحملة الأقلام ومفكّريهم روح النشاط في العمل وإدامة الجهاد المتواصل في سبيل الله وسبيل المبدأ والعقيدة والحق، إنّ الله على كلّ شيء قدير) .