التعريف بكتاب نهج البلاغة لا يختلف اليوم عن الأمس ، لأنه بلغ في سماء البلاغة محل الشمس ، عشت عنها عيون ، وحييت بأشعّتها معارف وفنون عبر القرون ، فإنّه الكتاب الوحيد الذي جمع بأسلوب فريد روايات منتقاة من خطب ورسائل وحكم الإمام علي بن أبي طالب عليه السّلام .
وقد رافقت شهرة نهج البلاغة شهرة جامعة الشريف الرضي ، والمروي عنه الإمام علي عليه السّلام .
وجامع نهج البلاغة هو الشريف الرضي محمد بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام موسى الكاظم عليه السّلام ( ٣٥٩ - ٤٠٦ ه ) ، وينتهي نسبه إلى الإمام علي ب ١٢ واسطة .
جمعه خلال ( ١٧ ) عاما تقريبا ، من سنة ٣٨٢ ه إلى سنة ٤٠٠ للهجرة .
ويحتوي نهج البلاغة على ٢٤٢ خطبة وكلاما ، و ٧٨ كتابا ورسالة ، و ٤٩٨ حكمة مفردة .
وقد حظى نهج البلاغة عبر القرون من الاهتمام بالنسخ والشرح والتعليق والإجازة بعناية بالغة من قبل أعلام البلاغة والأدب ، وتداوله علماء أهل البيت جيلا بعد جيل .
ومنذ صدور الكتاب ظهرت محاولات التشكيك في النسبة والجامع بسبب الصراع المذهبي ، ولا يزال صداها ترنّ بين فترة وأخرى بالرغم من أن الشريف الرضي شرح أسلوبه في الجمع وأحال إليه في كتبه الأخرى ، ورواه عنه طائفة من علماء أهل البيت عليهم السّلام وغيرهم بأسانيدهم المتصلة ، ودراساتهم الممتعة ، كما ينبئ عن ذلك نظرة عابرة إلى الأعمال حول نهج البلاغة عبر القرون .
جدول الأعمال حول نهج البلاغة عبر القرون
الاهتمام القرون - ٥ - ٦ - ٧ - ٨ - ٩ - ١٠ - ١١ - ١٢ - ١٣ - ١٤
النسخ - ٤ - ١٧ - ٣٣ - ٢٥ - ١٦ - ٨ - ٤٦ - ١٩ - ٥ - ١
الشروح والتعليقات - ٢ - ٧ - ٨ - ٧ - ٣ - ٣ - ١٥ - ٢٠ - ١٢ - ٢٨
الترجمات - - - - - - ٥ - ٤ - - ٣ - ٥
الطبعات - - - - - - - - - ٤ - ١٢
الإجازات - ٥ - ١١ - ٦ - ٧ - ١ - ٢ - ٧ - ١ - ٢ - ٤
المجموع - ١١ - ٣٥ - ٤٧ - ٣٩ - ٢٠ - ١٨ - ٧٢ - ٤٠ - ٢٦ – ٥٠
المجموع الكلى = ٣٥٨
ويستكشف من هذا الجدول نقاط :
١ - الاهتمام بنهج البلاغة منذ عصر الشريف حسب متطلَّبات كل عصر حتى العصر الحاضر .
٢ - أول ترجمة لنهج البلاغة حصلت في القرن العاشر إلى الفارسية ثم التركية ثم الاوردوية ثم الإنجليزية ثم الألمانية .
٣ - الحاجة إلى الاستنساخ انعدمت في القرن الحاضر لكثرة المطابع ، وللتفصيل يراجع فصل الاهتمام بنهج البلاغة عبر القرون .
قال الأميني ( ت / ١٣٩٠ ه ) : « نهج البلاغة كان يهتم بحفظه حملة العلم والحديث في العصور المتقادمة حتى اليوم ، ويتبرّكون بذلك كحفظ القرآن الشريف - وعدّ من حفظته في قرب عهد المؤلف : - القاضي جمال الدين محمد بن الحسين بن محمد القاساني ، فإنّه كان يكتب نهج البلاغة من حفظه كما ذكره الشيخ منتجب الدين في فهرسته ، ومن حفاظه في القرون المتقادمة الخطيب أبو عبد اللَّه محمد الفارقي المتوفى سنة ٥٦٤ كما ذكره ابن كثير في تاريخه ج ١٢ ص ٢٦٠ ، وابن الجوزي في المنتظم ج ١٠ ص ٢٢٩ . ومن حفظته المتأخرين العلامة الورع السيد محمد اليماني المكي الحائري ، المتوفى في الحائر المقدس سنة ١٢٨٠ في ٢٨ ربيع الأوّل ، ومنهم العالم المؤرخ الشاعر الشيخ محمّد حسين مروّة الحافظ العاملي » [١]، ثم ذكر للنهج ٨١ شرحا ، في الصفحات ١٨٦ - ١٩٣ ، وعشرين إجازة في الصفحات ١٨٦ – ١٩٤ .
ومن هنا قيل في وصف نهج البلاغة : إنّه دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوقين [٢].
-----------------------------------------------------