الكتاب وأهميته :
تنبع أهمية كتاب نهج البلاغة من عدة جهات :
١- أنه كلام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) باب مدينة العلم لذلك لا عجب أن ينحدر عنه سيل المعارف الإلهية والبشرية .
٢- يكشف عن عظمة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) :
فتحار في كلامه وعلمه ، وسيرته وروحه وعقله العقول ، ولكن يتكشّف بريقٌ من وهج عظمته عند تدفق سحر كلامه ، فـ : ( المرء مخبوء تحت لسانه ) .
لكنه ( عليه السلام ) : لم يكشفْ عنه ذلك كلُّه ، وليسمع الدهرُ وأهلُه : ( إن هاهنا لعلمًا جمًّا ، لو أصبتُ له حمَلَةً ) ، ( كيلاً بغير ثمن ، لو وجدتُ له وعاءً ، ولتعلمُنَّ نبأه بعد حين ) .
٣- توثيقٌ تاريخيٌّ :
لفتراتٍ معقّدة ، حرجةٍ مظلمة : ( ماج غيهبها ، واشتد كلَبُها ) فكان ( عليه السلام ) فيها : ( مصباح ظلمات ، كشَّافُ عشوات ) ، فكان وحده المؤهّل لقطع دابرها وفقءِ عين فتنتها .
٤- معرفة أسس الهداية والوصول إلى الله سبحانه :
فـ : ( التقى رئيس الأخلاق ) ، لمن : ( أخلص لله فاستخلصه ) ، ( قد ألزم نفسه العدل ، فكان أولُ عدله نفي الهوى عن نفسه ) .
٥- معرفة أسس الانحراف ، وسبل علاجه والوقاية منه :
فمن أهم أسبابه : ( اتباع الهوى وطول الأمل ، فأما اتباع الهوى فيصدُّ عن الحق ، وأما طول الأمل فيُنسيْ الآخرة ) . لذلك نرى كيف انبرى ذلك الطبيب الحاذق لتقصير ذلك الأمل بالتذكير المتكرر بالموت : ( قاطع أمنياتكم ) ، أما كسر أغلال الهوى فبمطارق الوعظ بـ : ( نارٍ حرُّها شديد ، وقعرُها بعيد ، وحليتُها حديد ، وماؤها صديد ) ، يكون المرء فيها : ( ضجيع حجرٍ ، وقرينَ شيطان ) .
وبعد أن تعرف ذلك كلَّه – نظريًّا – ، ستتفتح عين تأمُّلِك على نماذج تاريخية ، نصحها الأمير ( عليه السلام ) – في هذا الكتاب العظيم – ودلَّها على صراط الله سبحانه ، فمنهم من ( أخذ بحُجزة هادٍ فنجى ) لأنه : ( راقب ربّه وخاف ذنبه ) ، ومنهم من ( بلغ الشيطان فيه أمله ) ، ( فباض وفرّخ في صدورهم فنظر بأعينهم ، ونطق بألسنتهم فركِب بهم الزلل ، وزيّن لهم الخطل ) .
جامع هذا الكتاب :
الشريف الرضي ( ٣٥٩ هـ - ٤٠٦ هـ / ٩٦٩- ١٠١٥م ) :
هو أبو الحسن محمّد بن الحسين الّذي يتّصل نسبه بالإمام الكاظم عليه السّلام . وهو حسينيّ من جهة الأب والأمّ معاً، ينحدر من البيت العلويّ، ولعلّه من هنا عُرف بذي الحَسَبين. وهو أخو الشّريف المرتضى، وكلاهما من أعلام الشّيعة البارزين .
وُلد ببغداد سنة (٣٥٩هـ)، وكانت وفاته ببغداد أيضاً يوم الأحد السّادس من المحرّم سنة
(٤٠٦ هـ). واشترك فخر الملك الوزير وجميع الأعاظم والقضاة في تشييع جثمانه. ثمّ دُفن ببيته في مسجد الأنباريّين الواقع في الكرخ (القسم الغربيّ من بغداد)، ونقل بعد ذلك إلى مدينة كربلاء ودفن إلى جانب قبر أبيه.
وعلى الرغم من اتّفاق المؤرّخين على تاريخ ولادته، بَيْد أنّهم يختلفون في تاريخ وفاته؛ فمضافاً إلى التاريخ المذكور هناك تواريخ أخرى. منها سنة (٤٠٤هـ)، كما ذهب الأفنديّ إليها في كتاب (رياض العلماء). ومنها سنة (٤٠٣هـ)، كما ذكرها ابن خلّكان في «وفيات الأعيان» . واختار ابن أبي الحديد ما اختاره الأفنديّ. أمّا الشّيخ عبّاس القمّيّ فقد رجحّ سنة (٤٠٦هـ)، كما جاء في «سفينة البحار» و «الكنى والألقاب».
العالم الأديب:
كان الشّريف الرّضيّ شاعراً متألّقاً وأديباً فذّاً إلى جانب ما كان له من خطٍّ وافر في العلوم الإسلاميّة. وتدلّ كتبه الموجودة على منزلته العلميّة الرّفيعة. وقد أنشأ ببغداد مركزاً علميّاً عُرف بـ«دار العلم»، ووقف أمواله جميعها على الباحثين والمحقّقين فيه. وحسبه شهرة وبروزاً أنّه كان صاحب مدرسة علميّة وتلاميذ مشهورين في العصر الزّاهر للعلوم الإسلاميّة، أيّ: عصر الشّيخ المفيد، والشّريف المرتضى .
وكانت دار العلم هذه ثاني مركز علميّ كبير تبلور ببغداد بعد «بيت الحكمة» الّتي تأسّست في عصر هارون الرشيد.
ويرى المعنيّون أنّ الشّريف كان في الشعر من المبرّزين في عصره وما سبقه وما تلاه، وقلّما بلغ شاعر شأوه. من هنا عدّه بعض المؤرّخين أشعر قريش.
واتّسم شعره بالبلاغة، وعذوبة اللفظ، وقوّة المعنى واستقامته . وفي الوقت الّذي كان غزيراً جمّاً لم يُنقص ذلك شيئاً من عمقه واستقامة معانيه .
أساتذة الشّريف الرّضيّ :
تتلمذ الشّريف الرّضيّ على رجال كبار في الأدب، والفقه، والحديث، وعلم الكلام، وجلس في حلقات دروسهم مستفيداً فأفادوه، ومنهم:
الشّيخ المفيد المعروف بابن المعلّم، والقاضي عبدالجبّار المعتزليّ الّذي قرأ عليه الشّريف كتابيه : « شرح الأصول الخمسة»، و «العمدة»، والشّيخ أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطّبريّ، وهو أستاذه في القرآن. ومحمّد بن موسى الخوارزميّ في الفقه، وأبو جعفر عمر بن إبراهيم الكنانيّ، الّذي نقل الشّريف عنه الحديث. وأبو الحسن عليّ بن عيسى الرمّانيّ الّذي تعلّم عنده النّحو والعروض والقافية. وابن نُباتة، وعثمان بن جنّي، وأبو سعيد حسن بن عبدالله بن مَرزُبان السّيرافيّ، وهارون بن موسى التلْعكبريّ، وأبو عليّ الفارسيّ.
تلامذته :
تعلّم عنده أيضاً عدد من البارزين في العلم والأدب، منهم:
أبو بكر أحمد بن الحسين النيسابوريّ، وأحمد بن عليّ (ابن قُدامة)، ومحمّد بن أبي نصر العكبريّ، وأبو الحسن مِهْيار بن مَرزوَيْه الدَّيلميّ، وأبو عبدالله محمّد بن عليّ الحُلْوانيّ، وأبو الأعزّ محمّد بن همام.
نتاجاته العلميّة:
ألّف الشّريف الرّضيّ آثاراً علميّة وأدبيّة جمّةً، منها:
ـ أخبار قضاة بغداد.
ـ تلخيص البيان عن مَجازات القرآن.
ـ حقائق التّأويل في متشابه التنزيل.
ـ الرّسائل .
ـ الزّيادات في شعر ابن الحجّاج.
ـ الزّيادات في شعر أبي تمّام .
ـ كتاب ما دار بينه وبين أبي إسحاق الصّابي.
ـ مختار شعر أبي إسحاق الصّابي .
ـ منتخب شعر ابن الحجّاج.
ـ طيف الخيال. ونسبه البعض إلى الشّريف المرتضى .
ـ سيرة أبي طاهر. ويدور حول حياة أبيه.
ـ تعليقة على كتاب «الإيضاح» لأبي عليّ الفارسيّ.
ـ انشراح الصدر في مختارات من الشّعر.
ـ ديوان شعر.
ـ خصائص الأئمّة عليهم السلام.
ـ معاني القرآن.
ـ مجازات الآثار النّبويّة .
ـ تفسير القرآن.
وأخيراً « نهج البلاغة»، وهو أبرزها.
الشروح :
توالت الكتابات والدراسات والشروح القيِّمة على هذا الكتاب العظيم نظرًا لاحتوائه على مختلف أنواع الكنوز الدينية والعلمية والأدبية – التي سيتم التعرض لبعضها إن شاء الله في ثنايا البحث – والتي أدهشت المحبِّ والمبغضِ على السواء ، فقام كل طالب حكمة أو بلاغة وهِمّة ، أو غير ذلك من علوم وأسرار ، إلا أن يسبر تلك الأغوار ، ليستخرج قدر وعائه ، فيكتشف بعض كبريائه ، لكن ما عجز عنه أكثر ، وما غاب أوفر .
أهم الشروح القديمة :
شرح ابن أبي الحديد المعتزلي .
شرح ابن ميثم البحراني .
شروح أخرى :
شرح محمد عبده ( مختصر ) .
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة للميرزا حبيب الله الخوئي ( موسع ) .
الشروح المعاصرة :
المختصرة :
شرح وتبويب صبحي الصالح
شرح وتبويب وتحقيق فارس تبريزيان الحسون
شرح علي محمد علي دخيل
شرح السيد عباس الموسوي
الشروح الموسعة :
شرح العلامة الكبير الشيخ محمد جواد مغنية ( في ظلال نهج البلاغة )
شرح السيد عباس الموسوي
شرح علي محمد علي دخيل
شرح آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
بعض الدراسات والبحوث الموضوعية المعاصرة :
في رحاب نهج البلاغة ، للعلامة المفكر الإسلامي الكبيرآية الله الشيخ مرتضى المطهري
الحكمة في نهج البلاغة ،لآية الله الشيخ جوادي آملي
دراسات في نهج البلاغة ، للعلامة الشيخ محمد مهدي شمس الدين
كتب البحث الموضوعي :
تصنيف نهج البلاغة ، للأستاذ لبيب بيضون
المعجم المفهرس لألفاظ نهج البلاغة ، للشيخ محمد دشتي
الدليل على موضوعات نهج البلاغة ، للشيخ علي أنصاريان
التعرف على أقسام نهج البلاغة : الحكم والرسائل والخطب :
القسم الأول : الخطب والمواعظ :
عدد الخطب حوالي ٢٤٣ خطبةً يحويها الجزآن الأولان من هذا الكتاب العظيم ، وهي تتحدث عن أمور متنوّعة جدًّا ومنها :
الأمور العقائدية والأخلاقية والسلوكية حيث تتعرض إلى أسباب الانحراف والضلال وطرق علاجها المعتمدة على المعرفة الإلهية والمواعظ التربوية والأخلاقية ، كما تتناول فنون إدارة الحرب عسكريا ونفسيا وإعلاميا وتنظيميا كما يتلمس المتتبع البعد الإلهي والمدد الغيبي في تعاملاته وحنكته وإخباراته وإدارته عليه السلام للأمور .
نموذج (١) المعرفة الإلهية :
( أول الدين معرفته ، وكمال معرفته التصديق به ، وكمال التصديق به توحيده ، وكمال توحيده الإخلاص له ، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه ) : أي الصفات الزائدة على الذات .
( الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد ، ولا تحويه المشاهد ، ولا تراه النواظر ، ولا تحجبه السواتر ) .
( لم يطلع القلوب على تحديد صفته ، ولم يحجبها عن واجب معرفته ، فهو الذي تشهد له أعلام الوجود ، على إقرار قلب ذي الجحود ) .
نموذج (٢) حقيقة الدنيا :
( من أبصرَ بها بصّرتْه ، ومن أبصرَ إليها أعمتْه ) .
( مَثَلُ الحية ، ليّنٌ مسُّها ، والسم ناقع في جوفها ، يهوي إليها الجاهل ، ويحذرها ذو اللب العاقل ) .
( أهون عندي من عفطة عنز ) .
( كورقة في فم جرادة تقضمها ) .
( كعراق خنزير في يد مجذوم ) .
( لم يُصْفِها الله لأوليائه ، ولم يضُنَّ بها على أعدائه ) .
فإني أحذركم الدنيا
أوصيكم بالرفض لهذه الدنيا التاركة لكم وإن لم تحبو تركها ، المبلية لأجسادهم وإن كنتم تحبون تجديدها ) .
نموذج (٣) الفتنة والشبهة حقيقتها وأسبابها :
( إن الفتن إذا أقبلت شبّهت ، وإذا أدبرتْ نبّهت ، يُنكَرْن مقبلات ، ويُعرَفْن مدبرات ) .
( وإنما سميت الشبهةُ شبهةً لأنها تشبه الحقَّ ) .
( إنما بدءُ وقوع الفتن أهواءٌ تتَّبع وأحكامٌ تُبتَدع ... فلو أن الباطل خلص من مزاج الحق لم يخْفَ على المُرتادين ، ولو أن الحقَّ خلص من لَبسِ الباطل انقطعتْ عنه ألسنُ المعاندين ، ولكن يؤخذُ من هذا ضِغثٌ ومن هذا ضِغثٌ فيُمزجان) : لأجل الابتلاء .
( فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه ) : بسبب ارتكابهم للذنوب السابقة .
( وينجو الذين سبقتْ لهم من الله الحسنى ) : بسبب التقوى التي أعطتهم بصيرة لأمورهم وحياةً لقلوبهم ونور لظلمات حياتهم .
نموذج (٤) التعامل مع الفتن :
بعد نصب الخليفة الأول ومحاولة البعض إثارة الفتنة الداخلية ، نهى ( عليه السلام ) عن تلك الفتنة التي تضعف الأمة بقوله : ( شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة ) ، وأنبأ عن أسس حكيمة في التعامل مع تلك الظروف وبيّن حقيقتها ، فكل تحرّك لا بدّ أن يكون محكمًا وقويًّا : ( أفلح من نهض بجناح ، أو استسلم فأراح ) : لأن من تحرّك من دون تخطيط سيضرُّ بالناس وحياتهم وطاقاتهم .
ثم يبين حقيقة الصراع على السلطة بقوله : ( هذا ماء آجن ، ولقمة يغَصُّ بها آكلها ) .
والذي يستعجل الأمور قبل نضجها وتهيؤِ مقدماتها وأسباب نجاحها هو : ( مجتني الثمرة لغير وقت إيناعها ) ، فيكون : ( كالزارع بغير أرضه ) : حيث يشقى ويخسر ويتعب في تلك المواجهات والأنشطة ، ثم يأتي من يستثمر تحرّكاته تلك إعلاميًّا وسياسيًّا وعسكريًّا للانقضاض على الأمة والسيطرة عليها ، أو يستثمرها لأغراضٍ أخرى يعرفها كل من يتتبع الوقائع والصراعات التاريخية والإعلام المقترن بها .
نموذج (٥) إثارة مشاعر العزة والكرامة :
التأكيد على أن الموت بعزّ وكرامة خير من العيش تحت سياط القهر والذل حين قال لجيشه : ( فالحياة في موتكم قاهرين ، والموت في حياتكم مقهورين ) .
( إن امرأً يمكّن عدوّه من نفسه ، يعرُقُ لحمه ويهشِمُ عظمه ، لعظيمٌ عجزه ، ضعيفٌ ما ضُمّت عليه جوانح صدره ، أنت فكن ذاك إن شئت ، فأما أنا فدون أن أعطيَ ذلك ضربٌ بالمشرفيّة تطير منه فراش الهام ، وتطيح السواعدُ والأقدام ، ويفعلُ الله بعد ذلك ما يشاء ) .
نموذج (٦) الحسم في مواجهة المؤامرات قبل أن تشتد مع عدم السقوط في حفر المكائد والاستدراجات :
( والله لا أكون كالضبُع ، تنام على طول اللدم ، حتى يصلَ إليها طالبُها ، ويختِلَها راصدُها ) ، ( والله لا أُستغفل بالمكيدة ولا أُستغمزُ بالشديدة ) .
القسم الثاني : الكتب والرسائل :
توجد الكتب والرسائل في الجزء الثالث من كتاب نهج البلاغة وهي عبارة عن ٧٩ وثيقة تاريخية تتنوع ما بين رسالة ووصية وعهد ، وتتميّز – عن الحكم والخطب – بأنها مختصة بعصر توليه الخلافة السياسية . بعض تلك الكتب كانت لخصومه وأخرى لولاته وعمّاله على الصدقات والخراج وقادة جيشه . ومنها ما كان موجّها لأهالي بعض المناطق كالكوفة والبصرة وأهل مصر .
نموذج (١) علم التربية والأخلاق :
يَا بُنَيَّ، اجْعَلْ نَفْسَكَ مِيزَاناً فِيَما بَيْنَكَ وَبَيْنَ غَيْرِكَ، فَأَحْبِبْ لِغَيْرِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وَاكْرَهْ لَهُ مَا تَكْرَهُ لَهَا، وَلاَ تَظْلِمْ كَمَا لاَ تُحِبُّ أَنْ تُظْلَمَ، وَأَحْسِنْ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ، وَاسْتَقْبِحْ مِنْ نَفْسِكَ مَا تَسْتَقْبِحُ مِنْ غَيْرِكَ، وَارْضَ مِنَ النَّاسِ بِمَا تَرْضَاهُ لَهُمْ مِنْ نَفْسِكَ،
نموذج (٢) إدارة الدولة والرعية :
( وَأَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ، وَالْـمَحَبَّةَ لَهُمْ، وَاللُّطْفَ بِهِمْ .. فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ: إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ، وَإمّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ )
أهمية إرضاء عامة المواطنين لأنهم عماد الوطن :
يقول عليه السلام :
( وَلْيَكُنْ أَحَبَّ الأمُورِ إِلَيْكَ أَوْسَطُهَا فِي الْحَقِّ، وَأَعَمُّهَا فِي الْعَدْلِ، وَأَجْمَعُهَا لِرِضَى الرَّعِيَّةِ ..) .
السبب :
لأن الذين يدافعون عن الوطن هم العامة وهم سبب قوة الاقتصاد – خصوصًا في البلدان الزراعية - هم الذين يبنون الدولة فانهيارهم يعني انهيار الدولة وتأخرها وضعفها تجاه أي عدوان هم أكثر الناس صبرا وتحملا لتعودهم على الفقر والشدائد :
( فَإِنَّ سُخْطَ الْعَامَّةِ يُجْحِفُ بِرِضَى الْخَاصَّةِ ، وَإِنَّ سُخْطَ الْخَاصَّةِ يُغْتَفَرُ مَعَ رِضَى الْعَامَّةِ ) .
( وَإِنَّمَا عَمُودُ الدِّينِ، وَجِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ، وَالْعُدَّةُ لِلأعْدَاءِ، الْعَامَّةُ مِنَ الأمَّةِ، فَلْيَكُنْ صِغْوُكَ لَهُمْ، وَمَيْلُكَ مَعَهُمْ ) .
القسم الثالث : الحكم القصار :
توجد الحكم القصار في الجزء الرابع من كتاب نهج البلاغة وهي عبارة عن ٥٠٠ حكمة تقريبًا ، وتتحدّث هذه الحكم – بشكل أساسي عن علم النفس وعلم الأخلاق وعلم الاجتماع وغيرها من مبادئ تربي الإنسان على أسس الحكمة في الحياة .
نموذج (١) علم الأخلاق والعلاقات الاجتماعية :
( التقى رئيس الأخلاق ) وأساسه الخوف من الله سبحانه .
أساس الأخلاق والآداب الاجتماعية :
( كفاك أدبًا لنفسك ، اجتناب ما تكرهه من غيرك ).
من الأخلاق الاجتماعية :
( البشاشة حبالة المودّة ) .
( الحلم عشيرة ) .
( خالطوا الناس مخالطة إن متم معها بكوا عليكم ، وإن عشتم حنوا إليكم ) .
( فقد الأحبة غربة ) .
نموذج (٢) علم النفس :
( فقد الأحبة غربة ) .
( المرء مخبوء تحت لسانه ) .
( من كرُمَتْ عليه نفسُه ، هانت عليه شهواتُه ) .
( أزرى بنفسه من استشعر الطمع ) .
( الطمع رقٌّ مؤبد ) .
( الطامع في وثاق الذل ) .
نموذج (٣) الاقتصاد :
( ما عال من اقتصد ) .
( من أيقن بالخلف ، جاد بالعطية ) .
( استنزلوا الرزق بالصدقة ) .
نموذج (٤) علم الإدارة :
( لا أُستغفل بالمكيدة ولا أُستغمز بالشديدة ) .
( من استبدّ برأيه هلك ، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها ) .
( إذا ازدحم الجواب ، خفي الصواب ) .
(آلة الرئاسة سعة الصدر ) .
( من أطال الأمل ، أساء العمل ) .
( من استقبل وجوه الآراء عرف مواضع الخطأ ) .
الباب الأول : الخطب والمواعظ :
الفصل الأول : التعريف العام بالخطب والمواعظ :
عدد الخطب حوالي ٢٤٣ خطبةً يحويها الجزآن الأولان من هذا الكتاب العظيم ، وهي تتحدث عن أمور متنوّعة جدًّا ومنها :
الأمور العقائدية والأخلاقية والسلوكية مثل :
١- أسباب الانحراف : كالجهل بالله سبحانه ، إنكاره ، التشبيه ، الشرك ، حب الدنيا والتعلق بها ، اتباع الهوى ، التعصب والتكبُّر والعلوّ والعناد والغضب ، عدم وجود الهادي .
٢- أسباب النجاة ، ومنها :
المعرفة الحقيقية بالله سبحانه والخوف منه ورجاء رحمته ، تذكر الموت والقبر والخوف من الآخرة ، الاتعاظ بما حلّ بالأمم السابقة ، اتباع الهادي والاستجابة له والتسليم لأوامره وإرشاداته ، صيانة التقوى والتصوّن بها ، مخالفة الهوى و تقصير الأمل .
٣- التعريف بالدنيا وحقيقتها وآثار التعامل الصحيح والخاطئ معها .
٤- آثار الإيمان بالآخرة .
٥- الإخبار ببعض المغيبات حول بعض الأشخاص والأماكن والأقوام والدول .
٦- كيفية إدارة الدولة .
٧- نماذج وتجارب تمت في عهد أمير المؤمنين عليه السلام ، توضح : شخصيته ( عليه السلام ) وشخصية من حاربوه أو غصبوه أو وقفوا معه .
٨- أسباب مسالمته ( عليه السلام ) تارة ، ومحاربته .
الباب الثاني : الكتب والرسائل :
توجد الكتب والرسائل في الجزء الثالث من كتاب نهج البلاغة وهي عبارة عن ٧٩ وثيقة تاريخية تتنوع ما بين رسالة ووصية وعهد ، وتتميّز – عن الحكم والخطب – بأنها مختصة بعصر توليه الخلافة السياسية . بعض تلك الكتب كانت لخصومه وأخرى لولاته وعمّاله على الصدقات والخراج وقادة جيشه . ومنها ما كان موجّها لأهالي بعض المناطق كالكوفة والبصرة وأهل مصر .
تتنقل – هذه الرسائل – بين التعليم والإرشاد والموعظة إلى الإخبار ، أو التحذير والتهديد ، وتتميّز بمتانة الحجة وقوة المنطق وحسن التدبير الإداري والسياسي والعسكري ، فتراها تستبطن الحكم والمواعظ والدروس والعلوم التربوية والأخلاقية المختلفة ، كما تكشف بدقة عن حقيقة ذلك الزمان وعن النفوس المرسل إليها تلك الرسائل .
الباب الثالث : الحكم القصار :
توجد الحكم القصار في الجزء الرابع من كتاب نهج البلاغة وهي عبارة عن ٥٠٠ حكمة تقريبًا ، وتتحدّث هذه الحكم – بشكل أساسي عن علم النفس وعلم الأخلاق وعلم ( العلاقات البشرية ) من اجتماع وسياسة واقتصاد ، أي أنها – باختصار – تعلّم الإنسان كيف يكون حكيمًا في فكره وروحه وسلوكه مع نفسه وربه وعباد الله من حوله ، وكيف يعيش حيًّا بين الأموات ، بصيرًا بين أمواج الفتن والظلمات .
كما يتناول هذا الكتاب العظيم أمورًا أخرى عديدة ، شقية وسعيدة ، تكشف لك عن حقائق الحياة وأسرارها ، لتمكنك من سبر أغوارها ، لتسلك سبلها مستنيرا ، تدعو إلى الله على بصيرة .