١٠ - أبو زيد الكيابكي
جاء في أمل الآمل في ترجمة ولده : « السيد الجليل المنتهى بن أبي زيد بن كيابكي الكجّي ، عالم فقيه » .
وقال علي بن طاووس في المهج : « وحدّث - أيضا - الشيخ السعيد السيد العالم التقي نجم الدين كمال الشرف ذو الحسبين أبو الفضل المنتهى بن أبي زيد ابن كيابكي الحسيني في داره بجرجان في ذي الحجّة من سنة ثلاث وخمسمائة » [١].
قال الجلالي : وعليه يكون والده من القرن الخامس الذي روى عن الشريف الرضي .
والاسناد إلى أبي زيد بن كيابكي الجرجاني كالآتي : - السيد المنتهى بن أبي زيد بن كيابكي الحسيني الجرجاني .
- محمد بن علي شهرآشوب السروي .
- السيد العالم كمال الدين حيدر بن محمد بن زيد بن محمد بن محمد بن عبد اللَّه الحسيني .
- الشيخ العالم مجد الدين أبي الفضل عبد اللَّه بن أبي الثناء محمود بن مودود بن محمود بن بلدجي .
- الشيخ العالم كمال الدين ميثم بن علي البحراني الاوالي .
- محمد بن الحسن بن محمد بن أبي الرضا العلوي .
- جمال الدين بن أحمد بن أبي المعالي الموسوي [٢].
قال الأفندي : « السيد أبو زيد عبد اللَّه بن علي الكيابكي بن عبد اللَّه بن عيسى بن زيد بن علي الكحي الحسيني الجرجاني . الفقيه الجليل الفاضل العالم المعروف بالسيد أبي زيد الكيابكي ، يروي عن السيد المرتضى والسيد الرضي ، ويروي عنه ولده السيد المنتهى بن أبي زيد ، ويروي ابن شهرآشوب عن ولده السيد المنتهى المذكور . وسيجئ بعض ما يتعلَّق بترجمته في ترجمة ولده المشار إليه . وقد مرّ السيد زين الدين عبد اللَّه بن علي في كلام الشيخ منتجب الدين ، ونحن أو مأنا إلى احتمال اتحاده مع هذا السيد ، فلاحظ » [٣].
كلّ من تأخّر عن الأفندي اعتمد على كلامه في تعيين شخصية أبي زيد ، منهم النوري في المستدرك [٤]، وشيخنا العلامة في النابس [٥]، وشيخنا المرعشي في الإجازة الكبيرة [٦]، وكذلك شيخنا الشهرستاني في الإجازة العلويّة [٧].
وفي ما ذكره الأفندي مواقع للنظر : الأول : ان ضبط ( الكحي ) بالحاء المهملة تصحيف ، بل الكلمة بالجيم المعجمة نسبة إلى ( كجّة ) ، وهي كما قال ياقوت : « كجّة بالفتح ثم التشديد مدينة يقال لها : كلار بطبرستان ، وقيل : ولاية رويان » [٨].
الثاني : ان كلمة ( الكيابكي ) تخفيف لعلمين مع ياء النسبة وأصلها ( كيابياي ) ، وقد صرح قدّس سرّه بأنّ ( كيابيا ) بالفارسية تعني ( من بيده الأمور ) .
قال الأفندي في ترجمة السيد حسن كيا بن القاسم بن محمد الحسيني ما لفظه : « وكيا - على المشهور - لغة فارسية بمعنى الكبير والرئيس ، وفي بعض تفاسير كتاب المثنوي للمولوي : أن كيا بمعنى بزرگوار بالفارسية ، وظني أنه من لغات أهل جيلان وطبرستان ومن في جوارهم من أهل البلاد ، وذلك كما يقال بينهم من الأسامي : كاركيا ، بزرگ اميد ، ويؤيد كونه من لغة الفرس : أنه يقال في عرف الفرس : ان فلانا كيابيا لفلان ، يعني أن بيده أموره . ولعل الكها - ويقال : الكيا ، بالياء المثناة التحتانية - أيضا كما هو المتداول بين أهل الروم الآن ، وقد عربّه أعراب هذا العصر بالكي ، هو أيضا بهذا المعنى ، بل هو هذا اللفظ بعينه ، ولكن قد بدل الياء بالهاء من غلط عوام الناس . فتأمل » [٩].
الثالث : ان الأفندي ترجم ابن المترجم بما لفظه : « السيد المنتهى بن أبي زيد بن كيابكي الحسيني الكجي الجرجاني ، عالم فقيه ، يروي عن أبيه عن السيد المرتضى والرضي ، ويروي عن الشيخ الطوسي . أقول : يروي عن الطوسي سماعا وقراءة ومناولة وإجازة بأكثر كتبه ورواياته على ما يحتمله عبارة المناقب ، وصرّح أيضا فيه بأنه يروي عن أبيه أبي زيد عن المرتضى والرضي . وكان سلسلته من أعاظم العلماء ، فقد مضى ترجمة ولده السيد كمال الدين المرتضى بن المنتهى ، وسيجئ ترجمة سبطه السيد تاج الدين المنتهى بن السيد كمال الدين المرتضى ، وسبق ترجمة سبط سبطه ، وهو السيد ناصر الدين محمد بن الحسين بن السيد تاج الدين المنتهى بن السيد كمال الدين المرتضى الحسيني المرعشي . ويروي عنه ابن شهرآشوب على ما يظهر من المناقب » [١٠].
وما ذكره الأفندي إنّما هو تلخيص لكلام منتجب الدين . قال منتجب الدين ما لفظه : « [ ٣٧١ ] السيد الزاهد المنتهى بن الحسين بن علي الحسيني المرعشي : عالم ورع .
[ ٣٧٢ ] ابنه السيد كمال الدين المرتضى : عالم ، مناظر ، واعظ ، وله شرح كتاب الذريعة ، التعليق ، شاهدته ، ولي عنه رواية . [ ٣٧٣ ] سبطه السيد تاج الدين المرتضى : فاضل مبرّز ، مناظر ، وله مسائل أصولية جرت بينه وبين الشيخ الإمام سديد الدين محمود الحمصي رحمهما اللَّه . [ ٣٧٤ ] سبطه السيد ناصر الدين محمد بن الحسين بن المنتهى الحسيني : صالح ، عالم ، واعظ ، قاضي قم » [١١].
وهذه السلسلة من الأعاظم كلهم من السادة المرعشية كما صرح منتجب الدين ، نسبة إلى علي المرعشي بن عبد اللَّه بن محمد بن حسن بن الحسين الأصغر بن الإمام زين العابدين عليه السّلام ، وهذا النسب يختلف تماما عمّا ذكر في ترجمة أبي زيد المتقدمة ، فالأمر يدور بين قولين :
الأول : أنّها أسرتان تلتقيان في الإمام السجاد ، أحدهما من ولده الحسين الأصغر ، والأخرى من ولده زيد ، فزل قلمه الشريف .
الثاني : انهم جميعا من أسرة واحدة مرعشية ، فزل قلمه الشريف في سلسلة النسب . ويؤيد الثاني : وصف ابن زيد بالداعي ، وهي صفة مهّدت لحكم أعقابه في طبرستان ، أوّلهم : مير قوام الدين مير بزرك ( ٧٦٠ - ٧٨٧ ) بن عبد اللَّه بن محمد بن صادق بن عبد اللَّه بن حسين بن علي المرعشي بن عبد اللَّه بن محمد بن حسن بن الحسين الأصغر بن علي بن الحسين بن السجاد . ولم يحكم بنفسه بل جعل الحكم بين أولاده وانتخبوا أوسطهم كمال الدين ( ت / ٧٦٣ ) حاكما على آمل [١٢].
والحاصل : ان الأفندي ذكر في نسب أبي زيد سلسلتين ، هما :
أولا : عبد اللَّه - علي - عبد اللَّه - عيسى - زيد .
ثانيا : علي المرعشي - عبد اللَّه - محمد - حسن - الحسين الأصغر .
فقد أخطأ رحمه اللَّه في أحدهما ، ولعلَّه أخطأ فيهما معا ، فلعلّ أبو زيد هذا هو أبو زيد بن حسين بن أحمد بن عيسى بن علي بن الحسين الأصغر بن الإمام زين العابدين عليه السّلام ، وأبو زيد هذا جدا آل كيا الحسينيون ، الذين حكموا جرجان وماولاها من سنة ٧٦٩ إلى سنة ١٠٠٠ ه ، وكان أولهم : السيد علي كيابن الأمير كيا بن حسين بن حسن بن علي بن أحمد بن علي الغزنوي بن محمد بن أبي زيد المذكور ، وقد حكم من سنة ٧٦٩ ، إلى ٧٩١ .
وآخرهم : خان أحمد خان بن كيا الذي حكم من عام ٩٨٥ إلى ١٠٠٠ كما يظهر من التواريخ [١٣].
١١ - النقيبة بنت المرتضى
قال الأفندي : « كانت فاضلة جليلة ، وتروي عن عمّها السيد الرضي كتاب نهج البلاغة ، ويروي عنها الشيخ عبد الرحيم البغدادي المعروف بابن الاخوة ، على ما أورده القطب الراوندي في آخر شرحه على نهج البلاغة على ما سبق في ترجمتي القطب الراوندي والشيخ زين الدين أبي جعفر محمد بن عبد الحميد بن محمد » [١٤].
وقال كحالة : « بنت الشريف المرتضى : عالمة فاضلة ، روت كتاب نهج البلاغة عن عمّها السيد الشريف الرضي . وعنها ابن الاخوة البغدادي المتوفى سنة ٥٤٨ ه » [١٥].
قال الجلالي : ولعلَّها هي التي هنّأ الشريف أباها بمولدها بقصيدة مطلعها :
لبست الوغى قبل ثوب الغبار ***** وقارعت بالنصل قبل الغرار
إذا ما رعت في ربى جوده ***** هزال الأماني غدت كالشبار
وكم نديت من نداء المنى ***** ندى سمره بالنجيع الممار
ومن كنّ يهوين خلف الرجاء ***** فأمسين من جوده في قرار
كما قرّ قلبك يا ابن الحسين ***** من شوقه وعيون الفخار
بمولد غرّاء أعطيتها ***** بدوّ الأهلَّة بعد السرار
أغارت على الحسن أسبابها ***** فأسبابه عندها في إسار
ولا عجب أن ترى مثلها ***** وزندك في كرم العرق واري
نثرن عليها سواد القلوب ***** وكان الهنا في خلال النثار
ولو أنصف الدهر لم نقتنع ***** بغير قلوب النجوم الدراري
هناك بها اللَّه ما غرّدت ***** صدور القنا في أعالي نزار
وأحيابها لك ميت العلى ***** وأردى بها كلّ عاب وعار
وذلَّت عمائم قوم بها ***** كما أنّها شرف للخمار
فحسبك فخر بهذا المديح ***** وإن غاض في المدح ماء افتخاري
يزورك بين قلوب العداة ***** فيقطعها في اتصال المزار
غدت كفّ مجدك من مدحتي ***** تجول معاصمها في سوار [١٦]
والإسناد إليها واحد ، فإنه يروي نهج البلاغة عنها : عبد الرحيم المعروف بابن الاخوة .
- وعنه القطب الراوندي ، كما في نسخة م المرعشي رقم ٥٦٩٠ .
قال البيهقي : « والرواية الصحيحة من هذا الكتاب رواية أبو الأغر محمد بن همام البغدادي تلميذ الرضي » [١٧].
[١] . أمل الآمل ٢ : ٣٢٦ - ١٠٠٦ ، مهج الدعوات : ٢١٧ .
[٢] . يراجع البحار ١٠٩ : ٤٥ ، المستدرك ٣ : ٤٩١ .
[٣] . رياض العلماء ٣ : ٢٢٩ ، طبعة سنة ١٤٠١ ه .
[٤] . مستدرك الوسائل ٢١ : ٩١ ، ط / سنة ١٤١٦ ه .
[٥] . النابس : ١٠٨ .
[٦] . الإجازة الكبيرة : ٣٩٦ .
[٧] . الإجازة العلويّة : ٩٤ .
[٨] . معجم البلدان ٤ : ٤٣٨ .
[٩] . رياض العلماء ١ : ٣٠١ .
[١٠] . رياض العلماء ٥ : ٢١٨ .
[١١] . فهرست منتجب الدين : ١٥٩ - ١٦٠ .
[١٢] . راجع : تاريخ طبرستان رويان ومازندران ، للسيد ظهير الدين المرعشي : ١٦٦ - ١٧٧ ، ومقدمة محمد جواد مشكور ط / سنة ١٣٤٤ .
[١٣] . ويراجع تاريخ گيلان وديلمستان ، لمير ظهير الدين المرعشي : ١٤ .
[١٤] . رياض العلماء ٥ : ٤٠٩ ، ط / قم ، سنة ١٤٠١ .
[١٥] . أعلام النساء ٢ : ٢٩٥ ، ط / دمشق سنة ١٣٧٧ ه ١٩٥٨ م .
[١٦] . ديوان الشريف الرضي ١ : ٤٦٥ - ٤٦٧ .
[١٧] . شرح نهج البلاغة للبيهقي ، نسخة مؤرخة ٥٥٢ في المكتبة الرضوية ، مع رواة نهج البلاغة .
انتهى .
منقول من كتاب دراسة حول نهج البلاغة للجلالي