وقال (عليه السلام): مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ.                
وقال (عليه السلام): إذَا كَانَ في رَجُل خَلَّةٌ رَائِعَةٌ فَانْتَظِرْ أَخَوَاتِهَا.                
وقال (عليه السلام): مَنْهُومَانِ لاَ يَشْبَعَانِ: طَالِبُ عِلْم، وَطَالِبُ دُنْيَا.                
وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                
وقال (عليه السلام): النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا.                
وقال (عليه السلام): مَا مَزَحَ امْرُؤٌ مَزْحَةً إِلاَّ مَجَّ مِنْ عَقْلِهِ مَجَّةً.                
وقال (عليه السلام) : مَنْ عَظَّمَ صِغَارَ الْمَصَائِبِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِكِبَارِهَا .                

Search form

إرسال الی صدیق
من قصص نهج البلاغة (الإبن الذي أضلّ أبيه)

الابن الّذي أضلّ أبيه

من خلال التدبّر في التاريخ نجد ان الكثير من الضلالات الّتي وقعت للآباء كانت نتيجة لطاعتهم لأبنائهم، ومن أمثلة التاريخ هي قصة الزبير مع ابنه عبدالله.
فالزبير بن العوام بن خويلد، هو ابن أخ خديجة بنت خويلد زوجة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وهو كذلك ابن عمّة الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) صفية بنت عبدالمطلب.
كان الإمام عليّ(عليه السلام) يقول: ما زال الزبير منا أهل البيت حتى نشأ ابنه عبدالله [١] .
كان عبدالله بن الزبير يبغض عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) خاصة وينال من عرضه، وجمع ـ يوماً ـ محمّد بن الحنفية وعبدالله بن عباس في سبعة رجلا من بني هاشم منهم: الحسن بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، وحصرهم في شعب بمكة يعرف بشعب عارم وأراد أن يحرقهم بالنار، فجعل في فم الشعب حطباً كثيراً فأرسل المختار أربعة آلاف، فجدوا السير حتى انتهوا إلى مكة فباغتوا ابن الزبير وأنقذوا بني هاشم.
كان عبدالله بن الزبير هو الّذي يصلي بالناس في أيام الجمل، لأنّ طلحة والزبير تدافعا الصلاة، فأمرت عائشة عبدالله أن يصلي قطعاً لمنازعتهما، فإن ظهروا كان الأمر إلى عائشة، تستخلف من شاءت.
وكان عبدالله بن الزبير يدعي أ نّه أحق بالخلافة من أبيه ومن طلحة، ويزعم أن عثمان يوم الدار أوصى بها إليه.
واختلفت الرواية في كيفية السلام على الزبير وطلحة، فروي أ نّه كان يسلم على الزبير وحده بالامرة، فيقال: السلام عليك أيها الأمير، لأن عائشة ولّته أمر الحرب.
وروي أ نّه كان يسلم على كلّ واحد منهما بذلك.
قال ابن أبي الحديد المعتزلي: لما نزل عليّ(عليه السلام) بالبصرة ووقف جيشه بإزاء جيش عائشة، قال الزبير: والله ما كان أمر قط إلاّ عرفت أين أضع قدمي فيه، إلاّ هذا الأمر، فإنّي لا أدري: أمقبل أنا فيه أم مدبر!
فقال له ابنه عبدالله: كلا ولكنك فرقت سيوف ابن أبي طالب، وعرفت أن الموت الناقع تحت راياته.
فقال الزبير: ما لك أخزاك الله من ولد ما أشأمك! [٢]
فقال الراوي: برز عليّ(عليه السلام) يوم الجمل، ونادى بالزبير: يا أبا عبدالله، مراراً، فخرج الزبير، فتقاربا حتى اختلفت أعناق خيلهما، فقال له عليّ(عليه السلام): إنّما دعوتك لاُذكرك حديثاً قاله لي ولك رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، أتذكر يوم رآك وأنت معتنقي، فقال لك: أتحبّه؟ قلت: وما لي لا أحبّه وهو أخي وابن خالي!
فقال: أمّا إنّك ستحاربه وأنت ظالم له.
فاسترجع الزبير، وقال: أذكرتني ما أنسانيه الدهر، ورجع إلى صفوفه.
فقال له عبدالله ابنه: لقد رجعت إلينا بغير الوجه الّذي فارقتنا به!
فقال: أذكرني عليّ حديثاً أنسانيه الدهر، فلا أُحاربه أبداً، وإنّي لراجع وتارككم منذ اليوم.
فقال له عبدالله: ما أراك إلاّ جبنت عن سيوف بني عبدالمطلب، إنّها لسيوف حداد، تحملها فتية أنجاد.
فقال الزبير: ويلك! أتهيجني على حربه، أمّا إني قد حلفت ألاّ أُحاربه.
قال: كفّر عن يمينك، لا تتحدث نساء قريش أ نّك جبنت، وما كنت جباناً.
فقال الزبير: غلامي مكحول حر كفارة عن يميني، ثمّ أنصل سنان رمحه وحمل على عسكر عليّ(عليه السلام) برمح لا سنان له، فقال عليّ(عليه السلام): أفرجوا له، فإنه مخرج، ثمّ عاد إلى أصحابه، ثمّ حمل ثانية، ثمّ ثالثة، ثمّ قال لابنه: أجبناً ويلك ترى!
فقال: لقد أعذرت.
فلما كرّ الزبير راجعاً إلى أصحابه نادماً واجماً، رجع عليّ(عليه السلام)إلى أصحابه جذلا مسروراً، فقال له أصحابه: يا أميرالمؤمنين تبرز إلى الزبير حاسراً، وهو شاك في السلاح، وأنت تعرف شجاعته!
قال: إنّه ليس بقاتلي، إنّما يقتلني رجل خامل الذكر، ضئيل النسب، غيلة في غير مأقط حرب، ولا معركة رجال، ويلمه أشقى البشر! ليودن أن أُمه هبلت به! أما إنّه وأحمر ثمود لمقرونان في قرن!  [٣].

-----------------------------------------------

[١] . نهج البلاغة قصار الكلمات.

[٢] . شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ٢/١٦٦.

[٣] . شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ١/٢٣٣.

****************************