الولاية التكوينيّة
• عن عمر بن أُذينة، عن أبيه، عن (أبي عبدالله الصادق) عليه السّلام قال:
دخل الأشتر على عليٍّ عليه السّلام فسلّم، فأجابه ثمّ قال: ما أدخَلَك علَيّ في هذه الساعة ؟ قال: حبُّك يا أمير المؤمنين، فقال: هل رأيتَ ببابي أحداً ؟ قال: نعم، أربعة نفر.
فخرج والأشتر معه.. وإذا بالباب: أكمَه ومكفوف وأبرص ومُقعَد، فقال عليه السّلام: ما تصنعون ها هنا ؟ قالوا: جئناك لِما بنا. فرجع ففتح حُقّاً له، فأخرج رَقّاً أبيض فيه كتابٌ أبيض، فقرأ عليهم.. فقاموا كلّهم مِن غير علّة. ( الثاقب في المناقب لابن حمزة ٢٠٤ / ح ١٨١. وأورده قطب الدين الراوندي في الخرائج والجرائح ١٩٦:١ / ح ٣٤ ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي ١٩٥:٤١ / ح ٧. ورواه: الخصيبي في الهداية الكبرى ١٦٠، والديلمي في إرشاد القلوب ٢٨٤ عن مالك الأشتر ).
• عن عبد الواحد بن زيد ( أبي عبيد البصري ) قال:
كنت حاجّاً إلى بيت الله الحرام، فبينا أنا في الطواف إذ رأيت جاريتينِ عند الركن اليماني، تقول إحداهما للأخرى: لا وحقِّ المُنتجَب للوصيّة، والحاكمِ بالسَّويّة، والعادلِ في القضيّة، بَعلِ فاطمة الزكيّةِ الرضيّةِ المرضيّة.. ما كان كذا.
فقلت: مَن هذا المنعوت ؟!
قالت: هذا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علَمُ الأعلام، وباب الأحكام، قسيم الجنّة والنار، ربّانيّ الأُمّة.
فقلت: مِن أين تعرفينه ؟ قالت: وكيف لا أعرفه وقد قُتِل أبي بين يديه بصِفّين ولقد دخل على أُمّي لمّا رجع فقال: يا أُمَّ الأيتام كيف أصبحتِ ؟ قالت: بخير. ثمّ أخرَجَتْني وأُختي هذه إليه عليه السّلام وكان قد ركبني من الجُدَريّ ما ذهب به بصري، فلمّا نظر عليٌّ عليه السّلام إليّ تأوّه وقال:
ما إنْ تأوَّهتُ مِن شيءٍ رُزِيتُ بهِ ***** كمـا تأوّهتُ للأطفالِ فـي الصِّغَرِ
قد ماتَ والـدُهم مَـن كان يَكفُلُهم ***** في النائباتِ وفي الأسفارِ والحَضَرِ
ثمّ مَدّ يدَه المباركة على وجهي، فانفَتَحت عيني لوقتي وساعتي، فوَاللهِ إنّي لأنظرُ إلى الجمل الشارد في الليلة الظلماء ببركته.
( الثاقب في المناقب لابن حمزة ٢٠٤ / ح ١١. الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي ٥٤٣:٢ / ح ٥ ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي ٤٧:٣٣ / ح ٣٩٢، وفي ج ٢٢٠:٤١ ـ ٢٢١ / ح ٣٢ عنه وعن: بشارة المصطفى لشيعة المرتضى لمحمّد بن أبي القاسم محمد الطبري، ومناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٣٣٤:٢. ورواه: منتجب الدين في الأربعين ٧٥ / ح ١ ـ بإسناده عن عبدالواحد بن زيد مفصّلاً ).
• عن عبدالكريم بن عمرو الخثعمي، عن حَبّابة الوالبيّة قالت:
رأيت أمير المؤمنين عليه السّلام في شَرَطة الخميس ومعه درّة لها سبّابتان يضرب بها بيّاعي الجرّي والمارماهي والزمّار والطافي ويقول لهم: يا بيّاعي مُسوخ بني إسرائيل، وجُند بني مروان! فقام إليه فرات بن أحنف فقال: يا أمير المؤمنين، وما جُند بني مروان؟ فقال له: أقوام حلقوا اللحى وفتلوا الشوارب، فمُسِخوا..
قالت حَبّابة: فلم أر ناطقاً أحسنَ نُطقاً منه، ثمّ اتّبعتُه لم أزل أقفو أثره.. حتّى قعد في رحبة المسجد، فقلت له: يا أمير المؤمنين، ما دلالة الإمامة، يرحمك الله ؟ فقال: ائتيني بتلك الحَصاة ـ وأشار بيده إلى حَصاة ـ فأتيتُه بها، فطبع لي فيها بخاتمه ثمّ قال لي: يا حبّابة، إذا ادّعى مُدّعٍ الإمامةَ فقدَرَ أن يطبع كما رأيتِ فاعلمي أنّه إمامٌ مفترض الطاعة، والإمام لا يَعزُب عنه شيء يريده.
قالت: ثمّ انصرفتُ حتّى قُبض أمير المؤمنين عليه السّلام، فجئتُ إلى الحسن عليه السّلام وهو في مجلس أمير المؤمنين عليه السّلام والناس يسألونه، فقال: يا حبّابة الوالبيّة، فقلت: نعم يا مولاي، فقال: هاتي ما معك. قالت: فأعطيتُه الحصاة، فطبع فيها كما طبع أمير المؤمنين عليه السّلام.
قالت: ثمّ أتيتُ الحسين عليه السّلام وهو في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله فقرّب ورحّب، ثمّ قال لي: إنّ في الدلالة دليلاً على ما تريدين، أفتُريدين دلالة الإمامة ؟ قلت: نعم يا سيّدي، فقال: هاتي ما معك. فناولتُه الحصاة فطبع لي فيها..
( الكافي للكليني ٣٤٦:١ / ح ٣. ورواه: الشيخ الصدوق في كمال الدين وتمام النعمة ٥٤٦:٢ / ح ١ ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي ١٧٥:٢٥ / ح ١ ).
• عن جعفر بن زيد بن موسى ( الكاظم عليه السّلام )، عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام قالوا:
جاءت أمّ أسلم يوماً إلى النبي صلّى الله عليه وآله وهو في منزل أُمّ سلمة، فسألَتها عن رسول الله صلّى الله عليه وآله فقالت: خرج في بعض الحوائج والساعةَ يجيء. فانتظرَتْه عند أمّ سلمة حتّى جاء صلّى الله عليه وآله، فقالت أمّ أسلم: بأبي أنت وأُمّي يا رسول الله، إنّي قد قرأتُ الكتب وعلمتُ كلَّ نبيٍّ ووصيّ، فموسى كان له وصيّ في حياته ووصيّ بعد موته، وكذلك عيسى، فمَن وصيُّك يا رسول الله ؟
فقال لها: يا أمَّ أسلم، وصيّي في حياتي وبعد مماتي واحد. ثمّ قال لها:
يا أمَّ أسلم، مَن فعل فعلي هذا فهو وصيّي. ثمّ ضرب بيده إلى حصاةٍ من الأرض ففركها بإصبعه فجعلها شبه الدقيق، ثمّ عجنها، ثمّ طبعها بخاتمه، ثمّ قال: مَن فعل فعلي هذا فهو وصيّي في حياتي وبعد مماتي.
قالت: فخرجتُ مِن عنده.. فأتيتُ أمير المؤمنين عليه السّلام فقلت: بأبي أنت وأُمّي، أنت وصيُّ رسول الله صلّى الله عليه وآله ؟ قال: نعم يا أمَّ أسلم. ثمّ ضرب بيده إلى حصاةٍ ففركها فجعلها كهيئة الدقيق، ثمّ عجنها وختمها بخاتمه، ثمّ قال: يا أمَّ أسلم، مَن فعل فعلي هذا فهو وصيّي.
فأتيتُ الحسنَ عليه السّلام وهو غلام، فقلت له: يا سيّدي، أنت وصيُّ أبيك ؟ فقال: نعم يا أمَّ أسلم. ثمّ ضرب بيده وأخذ حصاةً ففعلَ بها كفعلهم.
فخرجتُ مِن عنده، فأتيتُ الحسينَ عليه السّلام، وإنّي لمَستَصغِرةٌ لسِنّه، فقلت له: بأبي أنت وأُمّي، أنت وصيُّ أخيك ؟ فقال: نعم يا أمَّ أسلم، ائتيني بحصاة. ثمّ فعل كفعلهم.
فعُمِّرتْ أمّ أسلم حتّى لَحقتْ بعليّ بن الحسين عليهما السّلام بعد قتل الحسين عليه السّلام في مُنصَرَفه، فسألته: أنت وصيُّ أبيك ؟ فقال: نعم. ثمّ فعَلَ كفعلهم صلوات الله عليهم أجمعين.
( الكافي للكليني ٣٥٥:١ ـ ٣٥٦ / ح ١٥ ـ وعنه: إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات للحرّ العاملي ٤٠٣:٢ / ح ٨. وأشار إليه إجمالاً: ابنُ شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب ٢٨٩:٢ ـ ٢٩٠، وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي ٢٧٦:٤١ / ح ٣ ).
• رُوي عن عمر بن عليّ بن عمر بن يزيد عن الثمالي عن بعض من حدّثه عن الإمام علي عليه السّلام :
أنّه كان قاعداً في مسجد الكوفة وحوله أصحابه، فقال له أحدُ أصحابه:
إنّي لأعجَب من هذه الدنيا التي في أيدي هؤلاء القوم وليست عندكم! فقال: أترى أنّا نريد الدنيا فلا نُعطاها ؟!
ثمّ قبض قبضةً مِن حصى المسجد فضمّها في كفّه، ثمّ فتح كفَّه عنها.. فإذا هي جواهر تلمع وتزهر، فقال: ما هذه ؟! فنظرنا فقلنا: مِن أجود الجواهر، فقال: لو أردنا الدنيا لكانت لنا، ولكن لا نريدها. ثمّ رمى بالجواهر من كفّه، فعادت كما كانت حصى.
( الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي ٧٠٦:٢ / ح ١. بصائر الدرجات للصفّار القمّي ٣٧٥/ح ٣، الاختصاص للشيخ المفيد ٢٧١ ـ وعنهم: بحار الأنوار للشيخ المجلسي ٢٥٤:٤١ / ح ١٥. وأخرجه: الحرُّ العاملي في إثبات الهداة ٤٣٧:٢ / ح ١٠٦ ).
• عن أبي الحسين محمّد بن هارون التلّعكبري أخبرني أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى: حدّثنا أحمد بن محمّد: حدّثنا أبو عبدالله الرازي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن روح بن صالح، عن هارون بن خارجة يرفعه، عن فاطمة عليها السّلام قالت:
أصابَ الناسَ زلزلةٌ على عهد أبي بكر، وفزع الناس إلى أبي بكرٍ وعمر فوجدوهما قد خرجا فَزِعَين إلى عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، فتبعهما الناس حتّى انتهوا إلى باب عليّ عليه السّلام، فخرج إليهم عليٌّ عليه السّلام غيرَ مكترث لِما هُم فيه، فمضى واتّبعه الناس.. حتّى انتهى إلى تَلعَةٍ فقعد عليها، فقعدوا حوله وهم ينظرون إلى حيطان المدينة ترتجّ جائيةً وذاهبة.
فقال لهم عليّ: كأنّكم قد هالكم ما تَرَون ؟!
قالوا: وكيف لا يَهُولنا ولم نَرَ مثلَها قطّ ؟!
قالت عليها السّلام: فحَرَّك شفتَيه، ثمّ ضرب الأرضَ بيده، ثمّ قال: ما لَكِ ؟ اسكُني. فسكنت، فعجبوا من ذلك أكثر من تعجّبهم أوّلاً حين خرج إليهم، قال لهم: وإنّكم قد عجبتم من صنيعي ؟! قالوا: نعم. قال: أنا الرجل الذي قال الله عزّوجلّ: « إذا زُلزِلَتِ الأرضُ زِلْزالَها * وأخرَجَتِ الأرضُ أثقالَها * وقالَ الإنسانُ: ما لَها ؟! » فأنا الإنسان الذي يقول لها: ما لَكِ ؟! « يومئذٍ تُحدِّثُ أخبارَها » إيّايَ تحدّث.
( دلائل الإمامة للطبري الإمامي ١ ـ ٢. ورواه: الشيخ الصدوق في علل الشرائع ٥٥٦ / ح ٨ ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي ١٢٩:٦٠، و ٢٥٤:٤١ / ح ١٤، وتفسير نور الثقلين للحويزي ٦٤٨:٥ / ح ٧، وتأويل الآيات لشرف الدين النجفي الاسترآبادي ٨٣٦:٢ / ح ٤ ).
إخباره عليه السّلام بالمغيَّبات
• دعا أميرُ المؤمنين عليه السّلام يوماً مِيثمَ التمّار فقال له:
يا ميثم، كيف أنت إذا دعاك دَعيُّ بني أُميّة عبيدُالله بن زياد إلى البراءة منّي ؟ قال: إذاً ـ واللهِ ـ أصبر، وذلك في الله قليل. قال: ما ميثم، إذاً تكون معي في درجتي.
وكان ميثم يمرّ في السَّبخة فيضرب بيده عليها ويقول: يا نخلةُ ما غُذِيتِ إلاّ لي! وكان يقول لعمرو بن حُريث: إذا جاوَرتُك فأحسِنْ جِواري. فكان عمرو يرى ( أي يظنّ ) أنّ ميثم يشتري عنده داراً أو ضيعة له بجنب ضيعته... فأمر عبيدُالله بصلب ميثم على باب عمرو بن حُريث، قال ميثم للناس: سَلُوني سَلوني ـ وهو مصلوب ـ قبل أن أموت، فوَاللهِ لأُحدّثنّكم ببعض ما يكون من الفتن! فلمّا سأله الناس وحدّثهم أتاه رسول من ابن زياد فألجمه بلجام من شريط، فهو أوّل مَن أُلجم بلجامٍ وهو مصلوب..
( خصائص الأئمّة للشريف الرضي ٥٤ ـ ٥٥. الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي ٢٢٩:١ / ح ٧٣. ورواه: الشيخ المفيد في الإرشاد باختلاف، وعنه: إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي ٣٤١:١ ـ ٣٤٣، وبحار الأنوار للشيخ المجلسي ١٢٤:٤٢/ ح ٧، والهداية الكبرى للخصيبي ٢٢ ).
• عن أبي حسّان العِجليّ قال:
لَقِيتُ أمَةَ الله بنت رُشَيد الهَجَريّ فقلت لها: أخبِريني بما سمعتِ مِن أبيك. قالت: سمعته يقول:
قال لي حبيبي أمير المؤمنين عليه السّلام: يا رُشَيد، كيف صبرُك إذا أرسل إليك دَعيُّ بني أميّة فقطع يديك ورجليك ولسانك ؟! فقلت: يا أمير المؤمنين، أيكون آخِرُ ذلك إلى الجنّة ؟ قال: نعم يا رشيد، وأنت معي في الدنيا والآخرة.. ( أمالي الشيخ الطوسي ١٦٧:١ ـ وعنه: بشارة المصطفى لشيعة المرتضى لمحمّد بن أبي القاسم محمّد الطبري الإمامي ٩٣، وبحار الأنوار للمجلسي ١٢١:٤٢ / ح ١. وأورده: قطب الدين الراوندي في الخرائج والجرائح ٢٢٨:١ / ح ٧٢ ـ وعنه: بحار الأنوار ١٣٦:٤٢ / ح ١٧، وعن الاختصاص للشيخ المفيد ٧٧، ورجال الكشّي ٧٥ / الرقم ١٣١. وأورده: الحرّ العاملي في إثبات الهداة ٤٩١:٢ / ح ٨٧ ).
• عن عبدالله بن عبّاس قال:
جلس أمير المؤمنين عليه السّلام لأخذ البيعة بذي قار، وقال: يأتيكم مِن قِبل الكوفة ألف رجل، لا يزيدون ولا ينقصون. فجزعت لذلك، وخِفتُ أن ينقص القوم عن العدد أو يزيدوا عليه فيفسد الأمر علينا، حتّى ورد أوائلهم، فجعلتُ أُحصيهم واستوفيتُ عددهم تسعمائةِ رجلٍ وتسعاً وتسعين رجلاً، ثمّ انقطع مجيء القوم، فقلت: إنّا لله وإنّا إليه راجعون! ماذا حمله على ما قال؟!
فبينا أنا متفكّر في ذلك، إذ رأيتُ شخصاً قد أقبل حتّى دنا، وإذا هو رجل عليه قباء صوف، معه سيفه وقوسه وأدواته، فقَرُب من أمير المؤمنين صلوات الله عليه وقال: امدُدْ يدَك أُبايِعْك.
فقال له أمير المؤمنين: وعلى ما تُبايعني ؟
قال: على السمع والطاعة والقتال بين يديك حتّى أموتَ أو يفتح الله على يديك. قال: ما اسمك ؟ قال: أُوَيس القَرَنيّ. قال: أنت أُويس القَرَنيّ ؟! قال: نعم. قال: الله أكبر، أخبَرَني حبيبي رسولُ الله صلّى الله عليه وآله أنّي أُدرك رجلاً من أُمّته يُقال له: أُويس القرنيّ، يكون من حزب الله وحزب رسوله، يموت على الشهادة، ويدخل في شفاعته مِثلُ ربيعةَ ومُضَر. قال ابن عبّاس: فسَرّى ذلك عنّي.
( الثاقب في المناقب لابن حمزة ٢٦٦ / ح ٥. ورواه: الشيخ المفيد في الإرشاد ١٦٦ ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي ١٤٧:٤٢ / ح ٧، وعن الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي ٢٠٠:١ / ح ٣٩. وأورده: الكشّي في رجاله ٩٨ / الرقم ١٥٦، والديلمي في إرشاد القلوب ٢٢٤ ـ ٢٢٥. وأخرجه: الحرّ العامليّ في إثبات الهداة ٤٥٢:٢ / ح ١٦٧ ـ عن إعلام الورى للطبرسي ٣٣٧:١ ـ ٣٣٨ ).
• عن إبراهيم بن هاشم، عن عثمان بن عيسى، عن داود القطّان، عن إبراهيم يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال:
لو وجدت رجلاً ثقةً لَبعثتُ معه هذا المال إلى المدائن إلى شيعته، فقال رجلٌ من أصحابه في نفسه: لآتينّ أمير المؤمنين ولأقولَنّ له: أنا ذاهب به، فهو يثق بي، فإذا أخذته أخذتُ طريق الكرخة.
فقال: يا أمير المؤمنين، أنا أذهب بهذا المال إلى المدائن. فرفع رأسه إليه ثمّ قال: إليك عنّي! حتّى تأخذ طريق الكرخة.
( بصائر الدرجات للصفّار القمّي ٢٤٠ / ح ٢٠. ورواه: ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب ٢٥٨:٢ ـ وعنهما: بحار الأنوار للشيخ المجلسي ٢٨٧:٤١ / ح ١٠، وإثبات الهداة للحرّ العاملي ٤٣٤:٢ / ح ٩٩ ).
• عن يحيى بن المساور العابد، عن إسماعيل بن أبي زياد قال:
إنّ عليّاً عليه السّلام قال للبَراء بن عازب: يا براء، يُقتَل ابني الحسين وأنت حيٌّ لا تنصره. فلمّا قُتل الحسين عليه السّلام كان البراء يقول: صدق ـ واللهِ ـ أميرُ المؤمنين عليه السّلام. وجعل يتلهّف!
( مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٢٧٠:٢ ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي ٣١٥:٤١ / ح ٤٠. وإعلام الورى ٣٤٥:١، والإرشاد للشيخ المفيد ٣٣١:١، وكشف الغمّة للاربلّي ٢٧٩:١، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٥:١٠ ).
• عن سُوَيد بن غَفلة قال:
كنتُ عند أمير المؤمنين عليه السّلام إذ أتاه رجلٌ فقال: يا أمير المؤمنين، جئتك من وادي القُرى وقد مات خالد بن عرفطة. فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّه لم يَمُت. فأعاد عليه الرجل، فقال عليه السّلام له: لم يَمُت. وأعرض عنه بوجهه، فأعاد عليه الثالث، فقال: سبحان الله! أُخبرك أنّه قد مات فتقول: لم يمت!
فقال عليّ عليه السّلام: والذي نفسي بيده، لا يموت حتّى يقود جيشَ ضلالة، يحمل رايته حبيبُ بن جمّاز.
قال: فسمع ذلك حبيب بن جّماز فأتى أميرَ المؤمنين عليه السّلام فقال له: أنشدُك اللهَ فيّ، فإنّي لك شيعة، وقد ذكرتَني بأمرٍ لاَ والله ـ لا أعرفه من نفسي. فقال له عليّ عليه السّلام: ومَن أنت ؟ قال: أنا حبيب بن جمّاز. فقال له عليّ عليه السّلام: إن كنتَ حبيبَ بن جمّاز فلا يحملُها غيرُك، أو فَلْتَحمِلنّها. فولّى عنه حبيب، وأقبل أمير المؤمنين عليه السّلام يقول: إنْ كنتَ حبيباً لَتَحملنّها.
قال أبو حمزة: فوَاللهِ ما مات خالد بن عرفطة حتّى بعث عمر بن سعد إلى الحسين بن عليّ عليهما السّلام، وجعل خالدَ بن عرفطة على مقدّمته، وحبيبَ بن جمّاز صاحبَ رايته.
( الاختصاص للشيخ المفيد ٢٨٠ ـ وعنه: بحار الأنوار ٢٨٨:٤١ / ح ٢. ورواه: أبو الفرج الإصفهانيّ في مقاتل الطالبيّين ٤٩، والصفّار القمّي في بصائر الدرجات ٨٥ و ٢٩٨ / ح ١١. وقريب منه ما رواه: الشريف الرضي في خصائص الأئمّة ٥٢، والأردبيلي في جامع الرواة ٤٥٥:٢، والمامقاني في تنقيح المقال ٧٠:٣، والطوسي في رجاله ٦٦، وابن الأثير في أُسد الغابة ٨٧:٢، وابن حجر في الإصابة في تمييز الصحابة ٤٠٩:١، وابن عبدالبر في الاستيعاب ٤١٣:١. وابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب ٢٧٠:٢ ).
• روى البرسيّ :
أنّ الخوارج يوم النهروان جاءتهم جواسيسهم فأخبروهم أنّ عسكر أمير المؤمنين عليه السّلام أربعة آلاف فارس، فقالوا:
لا تُرامُوهم بسهم، ولا تَضربوهم بسيف، ولكن يروح كلُّ واحدٍ منكم إلى صاحبه يرمحه فيقتله. فعلم أمير المؤمنين عليه السّلام بذلك من الغيب، فقال لأصحابه: لا تُراموهم ولا تُطاعنوهم، واستلّوا السيوف، فإذا لاقى كلُّ واحدٍ منكم غريمه فليقطَعْ رمحه ويمشي إليه فيقتله؛ فإنّه لا يُقتَل منكم عشرة، ولا يُفلِت منهم عشرة. وكان كما قال.
( مشارق أنوار اليقين لرجب البرسي ٨٠ ).
• بإسنادٍ مرفوعٍ إلى جندب بن عبدالله البجلي قال:
دخلني يومَ النهروان شكّ، فاعتَزَلتُ.. وذلك أنّي رأيت القوم أصحاب البَرانِس وراياتهم الصحف، حتّى هَمَمتُ أن أتحوّل إليهم! فبينا أنا مقيم متحيّر إذ أقبل أمير المؤمنين عليه السّلام حتّى جلس إليّ، فبينا نحن كذلك إذ جاء فارس يركض، فقال: يا أمير المؤمنين، ما يُقعدك وقد عَبَر القوم ؟! قال: أنت رأيتَهم ؟ قال: نعم، قال: واللهِ ما عبروا، ولا يعبرون أبداً.
فقلت في نفسي: الله أكبر! كفى بالمرء شاهداً على نفسه، واللهِ لئن كانوا عبروا لأُقاتلنّه قتالاً لا ألوي فيه جهداً، ولئن لم يعبروا لأُقاتلنّ أهل النهروان قتالاً يعلم الله به أنّي غضبتُ له.
ثمّ لم ألبث أن جاء فارس آخر يركض ويلمح بسوطه، فلمّا انتهى إليه قال: يا أمير المؤمنين، ما جئت حتّى عبروا كلُّهم، وهذه نَواصي خيلهم قد أقبلت. فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: صدَقَ اللهُ ورسولُه وكذبتَ، ما عبروا ولن يعبروا. ثمّ نادى في الخيل فركب وركب أصحابه، وسار نحوهم، وسِرتُ ويدي على قائم سيفي وأنا أقول: أوّل ما أرى فارساً قد طلع منهم أعلو عليّاً بالسيف؛ لِلذي دخلني من الغيظ عليه!
فلمّا انتهى إلى النهر إذا القوم كلّهم من وراء النهر، لم يعبر منهم أحد، فالتفتَ إليّ ثمّ وضع يده على صدري ثمّ قال: يا جُندب، أشككتَ ؟! كيف رأيتَ ؟ قلت: يا أمير المؤمنين، أعوذ بالله من الشكّ، وأعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله وسخط أمير المؤمنين.
قال: يا جُندب، ما أعملُ إلاّ بعلم الله وعلم رسوله. فأصابت جُندباً يومئذ اثنتا عشرة ضربةً ممّا ضربته الخوارج.
( خصائص الأئمّة للشريف الرضي ٦٠ ـ ٦١. الإرشاد للشيخ المفيد ١٦٧ ـ ١٦٨، وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي ٢٨٤:٤١ / ح ٣. وأورده: ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب مختصراً ٢٦٨:٢ ـ ٢٦٩، والطبرسي في إعلام الورى ٣٣٩:١، والهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه الطبراني في المعجم الأوسط ).
• عن أبي إسحاق السَّبيعي والحارث الأعور:
رأينا شيخاً باكياً وهو يقول: أشرفتُ على المئة وما رأيتُ العدلَ إلاّ ساعة. فسُئل عن ذلك فقال: أنا حُجْر الحِمْيرَيّ، كنتُ يهوديّاً أبتاع الطعام، فقدمتُ يوماً نحو الكوفة، فلمّا صِرتُ بالقبّة بالمسجد فقدّمت حَميري فدخلت الكوفة إلى الأشتر، فوجّهني إلى أمير المؤمنين عليه السّلام، فلمّا رآني قال:
يا أخا اليهود، إنّ عندنا علمَ البلايا والمنايا، ما كان وما يكون، أُخبرك أم تُخبرني بماذا جئتَ ؟ فقلت: بل تُخبرني. فقال: اختَلَسَتِ الجنُّ مالَك في القبّة، فما تشاء ؟ قلت: إن تفضّلت علَيّ آمنتُ بك.
فانطلق معي حتّى أتى القبّة وصلّى ركعتين، ودعا بدعاءٍ وقرأ: « يُرسَلُ عليكُما شُواظٌ مِن نار » ( سورة الرحمن:٣٥ )، ثمّ قال: يا عبدالله، ما هذا العَبَث، واللهِ ما على هذا بايعْتُموني وعاهَدتُموني يا معشرَ الجنّ. فرأيتُ مالي يخرج من القبّة، فقلت: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله، وأنّ عليّاً وليّ الله. ثمّ إنيّ لمّا قَدِمتُ الآن وجدته مقتولاً.
قال ابن عقدة: إنّ اليهوديّ كان من سورات المدينة.
( مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٣٠٦:٢ ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي ١٨٢:٣٩ / ح ٢٣. ورواه الطبري في نوادر المعجزات ٥٨ / ح ٢٤، والخصيبي في الهداية الكبرى ١٢٦، والمسعودي في إثبات الوصية ١٢٩، والديلمي في إرشاد القلوب ٢٧٤ ).
• سأل ابنُ الكَوّا أميرَ المؤمنين عليه السّلام:
أخبِرْني عن قول الله عزّوجلّ: « قُلْ هَلْ نُنبِّئُكُم بالأخسرَينَ أعمالاً »( سورة الكهف:١٠٣ )، قال عليه السّلام: كَفَرة أهلِ الكتاب، اليهود والنصارى، وقد كانوا على الحقّ فابتدعوا في أديانهم وهم يَحسَبون أنّهم يُحسنون صُنعاً.
ثمّ نزل عليه السّلام عن المنبر وضرب بيده على مَنكِب ابن الكوّا، ثمّ قال: يا ابنَ الكوّا، وما أهلُ النهروان منهم ببعيد! فقال: يا أمير المؤمنين،ما أُريد غيرك ولا أسأل سواك.
قال: فرأينا ابن الكوّا يوم النهروان، فقيل له: ثكلتك أُمُّك! كنتَ تسأل أمير المؤمنين عمّا سألته، وأنت اليوم تُقاتله! فرأينا رجلاً حمل عليه فطعنه فقتله.
( الاحتجاج لأبي منصور أحمد بن عليّ الطبرسي ٢٦٠ ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي ١٢٣:١٠ / ح ٢ ).
• روى الحافظ البرسيّ أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال لمروان بن الحكم يوم الجمل وقد بايعه:
خِفتَ يا ابنَ الحكم أن ترى رأسَك في هذه البقعة!
كلاّ لا يكون ذلك حتّى يكون مِن صُلِبك طواغيتُ يملكون هذه الأمّة.
( مشارق أنوار اليقين للحافظ رجب البُرسي ٧٦ ).
• روى الشيخ المفيد بسندٍ ينتهي إلى الأصبَغ بن نُباتة قال:
أمَرَنا أمير المؤمنين عليه السّلام بالمسير إلى المدائن من الكوفة، فسِرْنا يوم الأحد وتخلّف عمرو بن حُريث في سبعة نفر، فخرجوا إلى مكانٍ بالحِيرة يُسمّى « الخَوَرْنَق ».
فقالوا: نَتَنزّه، فإذا كان يومُ الأربعاء خرجنا ولَحِقْنا عليّاً عليه السّلام قبل أن يجمع ( أي يصلّي الجمعة )، فبينما هم يَتغدَّون إذ خرج عليهم ضَبّ فصادوه، فأخذه عمرو بن حريث فنصب كفَّه فقال: بايِعوا هذا أميرَ المؤمنين! فبايعه السبعة وعمرٌو ثامنهم، وارتحلوا ليلة الأربعاء فقَدِموا المدائن يوم الجمعة وأميرُ المؤمنين يَخطُب، ولم يفارق بعضُهم بعضاً، كانوا جميعاً حتّى نزلوا على باب المسجد، فلمّا دخلوا نظر إليهم أمير المؤمنين عليه السّلام فقال: يا أيُّها الناس، إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله أسَرّ إليّ ألفَ حديث، في كلّ حديث ألفُ باب، في كلّ باب ألف مفتاح، وإنّي سمعتُ الله يقول: يومَ نَدعُو كُلَّ أُناسٍ بإمامِهم ( سورة الإسراء:١٧ )، وإنّي أُقسم لكم بالله لَيُبعثنّ يوم القيامة ثمانيةُ نفرٍ بإمامهم وهو ضَبّ، ولو شئتُ أن أُسمّيَهم لَفعلتُ.
قال: فرأيتُ عمرو بن حُريث سَقَط سَقطةَ السَّعفة رُعباً.
( الاختصاص للشيخ المفيد ٢٨٣ ـ وعنه: بحار الأنوار للمجلسي ٤٠٤:٣٣ / ح ٦٢٥. ورواه: قطب الدين الراوندي في الخرائج والجرائح ٢٢٥:١ / ح٧٠ ـ وعنه: بحار الأنوار ٣٨٤:٣٣ / ح ٦١٤.. وفيه: ثمّ قال عليه السّلام: لئن كان مع رسول الله صلّى الله عليه وآله منافقون، فإنّ معي منافقين،أمَا واللهِ يا شَبَثُ ويا ابنَ حُرَيث، لَتُقاتلان ابنيَ الحسين.. هكذا أخبرني رسولُ الله صلّى الله عليه وآله. كما أورد هذه الرواية بشكلٍ مفصّل الخصيبي في الهداية الكبرى ص ٢٢ ـ من المخطوط، والديلمي في إرشاد القلوب ٢٧٥ ).
• عن ابن حمزة :
رُوي أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام كان في الرحبة، فقام إليه رجلٌ فقال: أنا من رعيّتك وأهل بلادك. قال عليه السّلام: لستَ مِن رعيّتي ولا مِن أهل بلادي، ولكنّ ابن الأصفر بعَثَ بمسائلَ إلى معاوية فأقلَقَتْه، وأرسلك إليّ لأجلها!
قال: صدقتَ يا أمير المؤمنين، إنّ معاوية أرسلني إليك في خفية، وأنت قد اطّلعتَ عليها، ولا يعلمها غيرُ الله تعالى.
( الثاقب في المناقب لابن حمزة ٣١٩ / ح ٢٦٥. الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي ٥٦٢:٢ ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي ٣٢٥:٤٣ / ح ٥، وإثبات الهداة ٤٦٠:٢ / ح ٢٠٤ ).
• عن هَرثَمة بن أبي مسلم قال :
غَزَونا مع عليّ بن أبي طالب عليه السّلام صِفّين، فلمّا انصرفنا نزل كربلاء فصلّى بها الغداة، ثمّ رفع إليه من تُربتها فشمّها ثمّ قال:
واهاً لكِ أيّتُها التربة، لَيُحشَرَنّ منكِ قومٌ يَدخلُون الجنّة بغير حساب!
فرجع هَرثَمة إلى زوجته ( جرداء بنت سَمين ) ـ وكانت شيعةً لعليٍّ عليه السّلام ـ فقال:ألا أُحدّثُكِ عن وليّكِ أبي الحسن.. نزل بكربلاء فصلّى الغداة ثمّ رفع إليه من تربتها، وقال: واهاً لكِ أيّتُها التربة، ليُحشرنّ منكِ أقوامٌ يدخلون الجنّة بغير حساب. قالت: أيّها الرجل، إنّ أمير المؤمنين لم يَقُل إلا حقّاً.
فلمّا قَدِم الحسينُ عليه السّلام.. قال هَرثَمة: كنتُ في البَعث الذين بعَثَهم عبيدُالله بن زياد، فلمّا رأيتُ المنزل والشجرة ذكرتُ الحديث فجلستُ على بعيري، ثمّ صِرتُ إلى الحسين عليه السّلام فسلّمتُ عليه وأخبرته بما سمعتُه من أبيه في ذلك المنزل الذي نزل به الحسين عليه السّلام.
فقال: معنا أم أنت علينا ؟
قلت: لا معك ولا عليك، خَلَّفتُ صِبيةً أخاف عليهم عبيدَالله بن زياد. قال: فامضِ حيث لا ترى لنا مقتلاً، ولا تسمع لنا صوتاً، فوَ الذي نَفْسُ الحسين بيده، لا يَسمَعُ اليومَ واعِيتَنا أحدٌ فلا يُعيننا إلاّ كَبَّه اللهُ لوجهه في نار جهنّم. ( أمالي الصدوق ١١٧ ـ ١١٨ / ح ٦ ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي ٢٥٥:٤٤ / ح ٤ ).
• روى الشيخ الصدوق بسندٍ طويل ينتهي إلى الأصبغ بن نُباتة حيث قال:
بينا أمير المؤمنين عليه السّلام يخطُب الناسَ وهو يقول: سَلُوني قبل أن تَفقِدوني، فوَ اللهِ لا تسألوني عن شيءٍ مضى، ولا عن شيءٍ يكون.. إلاّ نَبّأتكم به.
فقام إليه سعد بن أبي وقّاص فقال: يا أمير المؤمنين، أخبِرْني كم في رأسي ولحيتي من شَعرة ؟! فقال له: أمَا واللهِ لقد سألتَني عن مسألة، حدّثني خليلي رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّك ستسألني عنها، وما في رأسك ولحيتك من شعرة إلاّ وفي أصلها شيطان جالس، وأنّ في بيتك لسَخْلاً يقتل الحسين ابني.
وعمر بن سعد يومئذٍ يدرج بين يديه .
( أمالي الصدوق ١١٥ / ح ١ ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ االمجلسي ١٤٦:٤٢ / ح ٦، و ٢٥٦:٤٤ / ح ٥، وعن كامل الزيارات لابن قولويه ٧٤ / ح ١٢. وقريب منه رواه: الشريف الرضي في خصائص الأئمّة ٦٢، وأبو منصور أحمد بن عليّ الطبرسي في الاحتجاج ٢٦١ ـ وعنه: بحار الأنوار ١٢٥:١٠ / ح ٥. ورواه: الشيخ المفيد في الإرشاد ١٧٤، وابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب ٢٦٩:٢ ـ ٢٧٠، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ١٤:١٠ ـ ١٥. وأورده العلاّمة الحليّ في كتابَيه: نهج الحقّ وكشف الصدق ٢٤١ ـ ٢٤٢، وكشف اليقين ٢٥ ).
• رُويَ أنّه لمّا حَضَرتِ الحسنَ عليه السّلام الوفاةُ قال لأخيه الحسين عليه السّلام:
إنّ جَعدَة لعنها الله.. أنّ أباها قد خالف أمير المؤمنين عليه السّلام، وقعد عنه بالكوفة بعد الرجوع من صِفّين مُغالياً منحرفاً مخالفاً لطاعته بعد أن خلّفه بالكوفة من الإمامة، ولا يجتمع معه في جماعة ولا من شيعته، ولا يصلّي عليهم منذ سمع أميرَ المؤمنين عليه السّلام على منبره وهو يقول في خطبته: وَيْحَ الفَرْخ فرخ آل محمّد صلّى الله عليه وآله وريحانته وقرّة عينه ابني هذا الحسين من ابنك الذي مِن صُلبك وهو مع مَلِكٍ متمرّدٍ جبّارٍ يملك بعد أبيه.
فقام إليه أبو بحر الأحنف بن قيس التميميّ فقال له: يا أمير المؤمنين، ما اسمُه ؟ قال: نعم، يزيد بن معاوية، ويُؤمِّر على قتل الحسين عبيدَالله بن زياد على الجيش السائر إلى ابني من الكوفة، فتكون وقعتهم بنهر كربلاء في غربيّ الفرات، فكأنّي أنظر مُناخَ رِكابهم، وحطّ رِحالهم، وإحاطة جيوش أهل الكوفة بهم، وإعمالَ سيوفهم ورماحهم وقِسِيّهم في جسومهم ودمائهم ولحومهم، وسَبْي أولادي وذَراري رسول الله صلّى الله عليه وآله وحَملَهم على شُرس الأقتاب، وقتلَ الشيوخ والكهول والشباب والأطفال!
فقام الأشعث بن قيس على قدميه وقال: ما ادّعى رسولُ الله ما تَدّعيه من العلم، مِن أين لك هذا ؟! فقال له أمير المؤمنين: ويلك يا عنقَ النار! ابنُك محمّد ـ واللهِ ـ من قوّادهم، إي واللهِ وشمرُ بن ذي الجوشن، وشَبَث بن رِبْعيّ وعمرو بن الحجّاج الزَّبيديّ، وعمرو بن حُريث.
فأسرع الأشعثُ في قطع الكلام فقال: يا ابنَ أبي طالب، أفْهِمْني ما تقول حتّى أُجيبك. فقال: ويلك! هو ما سمعتَ يا أشعث!..
( الهداية الكبرى للخصيبي ٣٧ ـ ٣٨ من المخطوطة ).
• كتب أبو مخنف لوط بن يحيى في تاريخه:
قال عبدالله بن قيس: كنتُ مع مَن غزا مع أمير المؤمنين عليه السّلام في صفّين، وقد أخذ أبو أيّوب السَّلَميّ الماء وحرزه عن الناس، فشكا المؤمنون العطش، فأرسل فوارس على كشفه، فانحرفوا خائبين، فضاق صدره فقال له وَلَده الحسين عليه السّلام: أنا أمضي إليه يا أبتاه، فقال له: إمضِ يا ولدي.
فمضى مع فوارس، فهزم أبا أيّوب عن الماء، وبنى خيمته وحطّ فوارسه، وأتى إلى أبيه فأخبره، فبكى عليّ عليه السّلام، فقيل له: ما يُبكيك يا أمير المؤمنين وهذا أوّل فتحٍ بوجه الحسين ؟! قال: صحيح يا قوم، ولكن سيُقتل عطشاناً بطفّ كربلاء، حتّى ينفر فرسُه ويُحمحم ويقول: الظَّليمةَ مِن أُمّةٍ قتلت ابنَ بنتِ نبيّها!
( أورده: المجلسي في بحار الأنوار ٢٦٦:٤٤ / ح ٢٣.. عن بعض الكتب المعتبرة ).
• وبإسناده.. روى الشيخ الصدوق في أماليه قال:
قال أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب عليه السّلام: سيُقتَل رجلٌ مِن وُلْدي بأرض خُراسانَ بالسمّ ظُلماً، اسمه اسمي، واسم أبيه اسم موسى بن عمران عليه السّلام، ألا فمَن زاره في غُربته غفَرَ الله ذنوبَه ما تقدّم منها وما تأخّر ولو كانت مِثلَ عدد النجوم وقطر الأمطار، وورق الأشجار ( أمالي الصدوق ١٠٤ / ح ٥ ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي ٣٤:١٠٢ / ح ١١. وعن عيون أخبار الرضا عليه السّلام للشيخ الصدوق ٢٥٨:٢ / ح ١٧ ـ أخرج المجلسيّ في بحار الأنوار ٢٨٦:٤٩ / ح ١١ ).
• روى الشريف الرضي بإسنادٍ مرفوع إلى الحسن بن أبي الحسن البصري قال:
سَهِر علي عليه السّلام في الليلة التي ضُرِب في صبيحتها فقال: إنّي مقتولٌ لو قد أصبحت. فجاء مُؤذِنه بالصلاة، فمشى قليلاً.. فقالت ابنتُه زينب: يا أمير المؤمنين، مُرْ جعدةَ يصلّي بالناس، فقال: لا مَفرَّ من الأجل. ثمّ خرج.
وفي حديثٍ آخر قال: جعَلَ عليّ عليه السّلام يعاود مضجعه فلا ينام، ثمّ يعاود النظر إلى السماء فيقول: واللهِ ما كَذِبتُ ولا كُذِّبت، وإنّها الليلة التي وُعِدت. فلمّا طلع الفجر شدّ إزاره وهو يقول:
اشدُدْ حيازيمَك للموتِ فإنّ الموتَ لاقيكا ***** ولا تَجزَعْ من الموتِ إذا حَلَّ بِـوادِيكا
فخرج عليه السّلام، فلمّا ضربه ابن مُلجَم لعنه الله قال عليه السّلام:
فُزتُ وربِّ الكعبة. وكان من أمره ما كان صلوات الله عليه.
( خصائص أمير المؤمنين عليه السّلام للشريف الرضي ٦٣. وقريب منه: الإرشاد للشيخ المفيد ١٥ ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي ٢٢٦:٤٢ / ح ٣٨ ).
استجابة دعائه عليه السّلام
• رُوي عن الإمام الحسن العسكري قوله في ظلّ الآية المباركة:
« ولَن يَتَمنَّوه أبداً بما قَدَّمتْ أيديِهم »(سورة البقرة:٩٤ ): يعني اليهود،.. إلى أن قال عليه السّلام: قال الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السّلام:
لمّا كاعت اليهود ( أي جَبُنَت وهابَت ) عن هذا التمنّي، وقطع الله معاذيرهم، قالت طائفة منهم ـ وهم بحضرة رسول الله صلّى الله عليه وآله ـ وقد كاعوا وعجزوا: يا محمّد، فأنت والمؤمنون المخلصون لك مُجابٌ دعاؤكم، وعليّ أخوك ووصيُّك أفضلهم وسيّدهم؟! قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: بلى. قالوا: يا محمّد، فإنْ كان هذا كما زعمت فقل لعليٍّ يدعو اللهَ لابنِ رئيسنا هذا؛ فقد كان من الشباب جميلاً نبيلاً وسيماً قسيماً، قد لَحِقَه برصٌ وجُذام، وقد صار حمىً لا يُقرب، ومهجوراً لا يُعاشَر، يتناول الخبز على أسنّة الرماح.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ائتوني به. فأُتي به، فنظر رسول الله صلّى الله عليه وآله وأصحابه منه إلى منظرٍ فضيع سمجٍ قبيح كريه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا أبا الحسن، ادعُ اللهَ له بالعافية؛ فإن الله تعالى يُجيبك فيه. فدعا له.. فلمّا كان بعد فراغه من دعائه إذ الفتى قد زال عنه كلُّ مكروه، وعاد إلى أفضل ما كان عليه من النُّبل والجمال والوسامة والحُسن في المنظر!
فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله للفتى: يا فتى، آمِنْ بالذي أغاثك مِن بلائك. قال الفتى: آمنتُ. وحَسُن إيمانه..
( تفسير الإمام العسكري عليه السّلام ٤٤٤ / ح ٢٩٥ ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي ٣٢٣:٩ / ح ١٥. وروى قطعةً منه: ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب ٣٣٥:٢ ).
• روى الشيخ المفيد بسندٍ ينتهي إلى الأصبَغ بن نُباتة،
أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام صعد المنبر فحمد اللهَ وأثنى عليه، ثمّ قال:
يا أيُّها الناس، إنّ شيعتنا من طينةٍ مخزونةٍ قبل أن يَخلُق اللهُ آدمَ بألفَي عام، لا يَشذُّ منها شاذّ، ولا يدخل فيها داخل، وإنّي لأعرفهم حين أنظر إليهم؛ لأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله لمّا تفل في عيني وكنتُ أرمَد، قال: اللّهمّ أذْهِبْ عنه الحرَّ والبرد، وأبصره صديقه مِن عدوّه. فلم يُصِبْني رَمَدٌ ولا حَرٌّ ولا بَرد، وإنّي لأعرفُ صديقي من عدوّي.
فقام رجلٌ من الملأ فسلّم ثمّ قال: واللهِ ـ يا أمير المؤمنين ـ إنّي لأدينُ الله بولايتك، وإنّي لأُحبّك في السرّ كما أُظهر لك في العلانية. فقال له عليّ عليه السّلام: كذبت؛ فوَاللهِ لا أعرف اسمك في الأسماء، ولا وجهك في الوجوه، وإنّ طينتك لَمِن غير تلك الطينة. فجلس الرجل قد فضحه الله وأظهر عليه.
ثمّ قام آخر فقال: يا أمير المؤمنين، إنّي لأدينُ اللهَ بولايتك، وإنّي لأُحبّك في السرّ كما أُحبّك في العلانية. فقال له: صدقت، طينتك من تلك الطينة، وعلى ولايتنا أُخِذ ميثاقك، وإنّ روحك من أرواح المؤمنين، فاتّخِذْ للفقر جِلباباً، فوَ الذي نفسي بيده لقد سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: إنّ الفقر أسرعُ إلى مُحبّينا من السيل من أعلى الوادي إلى أسفله.
( الاختصاص للشيخ المفيد ٣١٠. بصائر الدرجات للصفّار القمّي ٣٩٠ / ح ١ ـ وعنهما: بحار الأنوار للشيخ المجلسي ١٣٠:٢٦ / ح ٣٨، و ١٤:٢٥ / ح ٢٧ ).
• عن جميع بن عُمير قال:
اتّهم عليٌّ عليه السّلام رجلاً يُقال له « العيزار »، يرفع أخباره إلى معاوية، فأنكر ذلك وجحده، فقال عليه السّلام: أتحلف بالله يا هذا أنّك ما فعلت ؟ قال: نعم.
وبدر وحلف، فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام: إن كنتَ كاذباً فأعمى اللهُ بصرَك. فما دارت الجمعة حتّى أُخرج أعمى يُقاد!
( مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ٢٧٩:٢. وأورده: قطب الدين الراوندي في الخرائج والجرائح ٢٠٧:١ / ح ٤٨ ـ وعنه: بحار الأنوار للشيخ المجلسي ١٩٨:٤١ / ح ١١. وذكره الشيخ المفيد في الإرشاد ١٨٤ عن ابن عمير، والإربلّي في كشف الغمّة. كما أخرجه الشهيد التستري في إحقاق الحقّ ٧٣٩:٨ عن أرجح المطالب ٦٨١ ).
• روى ابن بابويه الصدوق بسندٍ ينتهي إلى جابر بن عبدالله الأنصاري قال:
خَطَبَنا عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فحَمِد اللهَ وأثنى عليه، ثمّ قال: أيُّها الناس، إنّ قدّام منبركم هذا أربعةَ رَهطٍ من أصحاب محمّدٍ صلّى الله عليه وآله، منهم: أنَسُ بن مالك، والبَراء بن عازب الأنصاريّ، والأشعث بن قيس الكِنديّ، وخالد بن يزيد البَجَليّ.
ثمّ أقبل بوجهه على أنس بن مالك فقال: يا أنس، إن كنتَ سمعتَ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله يقول: مَن كنتُ مولاه، فهذا عليٌّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه.. ثمّ لم تَشهَدْ ليَ اليوم بالولاية، فلا أماتك اللهُ حتّى يَبتليَك ببَرَصٍ لا تُغطّيه العِمامة. وأمّا أنت يا أشعث! فإنْ كنتَ سمعتَ رسول الله صلّى الله عليه وآله وهو يقول: مَن كنتُ مولاه، فهذا عليّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه وعادِ مَن عاداه.. ثمّ لم تشهد ليَ اليوم بالولاية، فلا أماتك اللهُ حتّى يَذهَب بكريمتَيك.
وأمّا أنت يا خالد بن يزيد! إن كنتَ سمعتَ رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: مَن كنتُ مولاه فهذا عليٌّ مولاه، اللّهمّ والِ مَن والاه وعادِ من عاداه.. ثمّ لم تشهد ليَ اليوم بالولاية، فلا أماتك اللهُ إلاّ مِيتةً جاهلية.
وأمّا أنت يا براء بن عازب، إن كنتَ سمعتَ رسول الله صلّى الله عليه وآله وهو يقول: مَن كنتُ مولاه فهذا عليّ مولاه، اللّهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه.. ثمّ لم تشهد ليَ اليوم بالولاية، فلا أماتك الله إلاّ حيث هاجرتَ منه.
قال جابر بن عبدالله الأنصاري: واللهِ، لقد رأيتُ أنس بن مالك وقد ابتُلي ببرصٍ يُغطّيه بالعمامة فما تَستُره، ورأيتُ الأشعث بن قيس قد ذَهَبت كريمتاه ( أي عيناه ) وهو يقول: الحمد لله الذي جعل دعاء أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب علَيّ بالعمى في الدنيا، ولم يَدْعُ علَيّ بالعذاب في الآخرة فأُعذَّب! وأمّا خالد بن يزيد فإنّه قد مات فأراد أهله أن يدفنوه وحُفِر له في منزله فدُفن، فسَمِعتْ بذلك كِنْدة فجاءت بالخيل والإبل فعقرتها على باب منزله، فماتِ ميتةً جاهليّة! وأمّا براء بن عازب فإنّه ولاّه معاوية اليمن فمات بها، فمنها كان هاجَر!
( أمالي الصدوق ١٠٦ / ح ١. المناقب للخوارزمي ٣٢. مقتل الإمام الحسين عليه السّلام للخوارزمي ٤٠:١. وأخرجه: المجلسيّ في بحار الأنوار ٤٠:٦٨ / ح ٨٤ ـ عن كشف الغمّة للاربلّي ١٠٤:١. ورواه: ابن شاذان في مئة منقبة لأمير المؤمنين عليه السّلام ١٦٤ ـ المنقبة ٨٩، والعلاّمة الحلّي في مصباح الأنوار ١٣٧ ـ من المخطوطة )
يتبع ......