جزء إبن ناقة
هذَا[١] الْجُزْءُ الْمُبَارَكُ فِيهِ الْخُطْبَةُ الْمُونِقَةُ عَنْ أَمِيرِالْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللّه ِ عَلَيْهِ وَسَلاَمُهُ، وَهِيَ الْخَالِيَةُ مِنَ الأَلِفِ وَأَخْبَارٌ غَيْرُهَا جَمْعُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى بْنِ أَحْمَدَ بْنِ نَاقَةَ وَفَّقَهُ اللّه ُ بِكَرَامَتِهِ
بسم الله الرّحمن الرّحيم
توكّلْتُ عَلَى اللّه
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْعَالِمُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ نَاقَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَيمُونٍ الْنَّرْسِيِّ[٢] الْمُعَدَّلُ رحمه الله قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّرِيفُ الزَّاهِدُ العَلاَّمَةُ أَبُو عَبْدِاللّه ِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمنِ الْعَلَوِيُّ الْحُسَيْنِيُّ رحمه الله قال: أَخْبَرَنَا أبُوالْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنَ عِمْرَانَ الْبَغْدَادِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الجُنْدِيِّ قال: حَدَّثَنَا أبوالقاسمِ الحُسَينُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بنِ يَحيَى بْنِ الحسَينِ بنِ أحمَدَ العَلَويُّ الحُسَينيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْعَمَّارِيُّ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ عِمْرَانَ الْجُنْدِيُّ: لَقِيتُ أَبَا عَلِيٍّ الْعَمَّارِيَّ فَحَدَّثَنِي بِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُوطَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَوْسَجَةَ سَبْلَحَةُ بْنُ عَرْفَجَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَرْفَجَةُ بْنُ عُرْفُطَةَ قَال: حَدَّثَنِي أَبُو الْهِرَاشِ جُرَيُّ بْنُ كُلَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللّه ُ عَلَيْهِ ـ فَتَذَاكَرُوا: أَيُّ الْحُرُوفِ أَدْخَلُ فِي كَلاَمِ الْعَرَبِ ؟
فَأَجْمَعُوا أَنَّ الأَلِفَ أَكْثَرُ دُخُولاً فِي الْكَلاَمِ مِنْ سَائِرِ الْحُرُوفِ، فَقَامَ أَمِيرُالْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام فَخَطَبَ هَذِهِ الْخُطْبَةَ عَلَى الْبَدِيهَةِ وَسَمَّاهَا الْمُونِقَةَ[٣]، وَهِيَ:
حَمِدْتُ مَنْ عَظُمَتْ مِنَّتُهُ، وَسَبَغَتْ نِعْمَتُهُ، وَسَبَقَتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَهُ[٤]، وَتَمَّتْ كَلِمَتُهُ، وَنَفَذَتْ مَشِيئَتُهُ، وَبَلَغَتْ قَضِيّتُهُ[٥].
حَمِدْتُه حَمْدَ مُقِرٍّ بِرُبُوبِيَّتِهِ، مُتَخَضِّعٍ بعُبُودِيَّتِهِ، مُتَنَصِّلٍ مِنْ خَطِيئَتِهِ، مُعْتَرِفٍ بِتَوْحِيدِهِ، مُؤَمِّلٍ مِنْ رَبِّهِ[٦] مَغْفِرَةً تُنْجِيهِ، يَوْمَ يُشْغَلُ عَنْ فَصِيلَتِهِ /۲۸۷/ وَبَنِيهِ، وَيَسْتَعِينُهُ وَيَسْتَرْشِدُهُ وَيَسْتَهْدِيهِ، وَيُؤْمِنُ بِهِ وَيَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ.
وَشَهِدْتُ لَهُ شُهُودَ مُخْلِصٍ مُوقِنٍ بِعِزَّتِهِ[٧]، مُؤْمِنٍ مُتَيَقِّنٍ، وَوَحَّدْتُهُ تَوْحِيدَ عَبْدٍ مُذْعِنٍ. لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ فِي مُلْكِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ فِي صُنْعِهِ، جَلَّ عَنْ مُشِيرٍ وَوَزِيرٍ، وَعَوْنٍ وَمُعِينٍ وَنَظِيرٍ.
عَلَمَ فَسَتَرَ، وَبَطَنَ فَخَبَرَ، وَمَلَكَ فَقَهَرَ، وَعُصِيَ فَغَفَرَ، وَحَكَمَ فَعَدَلَ، لَمْ يَزَلْ وَلَنْ يَزُولَ «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ»[٨] وَهُوَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ وَبَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ، مُتَفَرِّدٌ بِعِزَّتِهِ، مُتَمَكِّنٌ بِقُوَّتِهِ، مُتَقَدِّسٌ بِعُلُوِّهِ، مُتَكَبِّرٌ بِسُمُوِّهِ، لَيْسَ يُدْرِكُهُ بَصَرٌ، وَلَمْ يُحِطْ بِهِ نَظَرٌ، قَوِيٌّ مَنِيعٌ سَمِيعٌ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ.
عَجَزَ عَنْ وَصْفِهِ مَنْ يَصِفُهُ، وَضَلَّ عَنْ نَعْتِهِ مَنْ يَعْرِفُهُ. قَرُبَ فَبَعُدَ، وَبَعُدَ فَقَرُبَ، يُجِيبُ دَعْوَةَ مَنْ يَدْعُوهُ، وَيَرْزُقُهُ وَيَحْبُوهُ[٩]، ذُولُطْفٍ خَفِيٍّ، وَبَطْشٍ قَوِيٍّ، وَرَحْمَةٍ مُوسَعَةٍ وَعُقُوبَةٍ مُوجِعَةٍ، رَحْمَتُهُ جَنَّةٌ عَرِيضَةٌ مُونِقَةٌ، وَعُقُوبَتُهُ [جَحِيمٌ][١٠] مُؤْلِمَةٌ مُوبِقَةٌ.
وَشَهِدْتُ بِبِعْثَةِ مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ، وَصَفِيِّهِ وَنَبِيِّهِ، وَحَبِيبِهِ وَخَلِيلِهِ، بَعَثَهُ فِي خَيْرِ عَصْرٍ وَحِينَ فَتْرَةٍ وَكُفْرٍ، رَحْمَةً لِعَبِيدِهِ، وَمِنَّةً لِمَزِيدِهِ، وَخَتَمَ بِهِ نُبُوَّتَهُ، وَوَضَّحَ بِهِ حُجَّتَهُ، فَوَعَظَ وَنَصَحَ، وَبَلَّغَ وَكَدَحَ، رَؤُوفٌ بِكُلِّ مُؤْمِنٍ، سَخِيٌّ رَضِيٌّ زَكِيٌّ، عَلَيْهِ رَحْمَةٌ وَتَسْلِيمٌ وَبَرَكَةٌ وَتَكْرِيمٌ.
ذَكَّرْتُكُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، فَعَلَيْكُمْ بِرَهْبَةٍ تَسْكُنُ قُلُوبَكُمْ، وَخَشْيَةٍ تُذْرِي دُمُوعَكُمْ، وَتَقِيَّةٍ تُنْجِيكُمْ قَبْلَ يَوْمٍ يُذْهِلُكُمْ وَيَبْتَلِيكُمْ، يَوْمَ يَفُوزُ فِيهِ مَنْ ثَقُلَ وَزْنُ حَسَنَتِهِ وَخَفَّ وَزْنُ سَيِّئَتِهِ. وَلْتَكُنْ مَسْأَلَتُكُمْ وَتَمَلُّقُكُمْ[١١] مَسْأَلَةَ ذُلٍّ وَخُضُوعٍ، وَشُكْرٍ وَخُشُوعٍ، وَتَوْبَةٍ وَنُزُوعٍ، وَنَدَمٍ وَرُجُوعٍ.
وَلْيَغْتَنِمْ كُلُّ مُغْتَنِمٍ مِنْكُمْ صِحَّتَهُ قَبْلَ سَقَمِهِ، وَشَبِيْبَتَهُ قَبْلَ هَرَمِهِ، وَسَعَتَهُ قَبْلَ فَقْرِهِ، وَفَرْغَتَهُ قَبْلَ شُغُلِهِ، وَحَضْرَتَهُ قَبْلَ سَفَرِهِ، قَبْلَ يَكْبُرُ وَيَهْرَمُ، وَيَمْرَضُ وَيَحْرُضُ وَيَسْقَمُ، وَيَمَلُّهُ طَبِيبُهُ، ويُعْرِضُ عَنْهُ حَبِيبُهُ وَيَنْقَطِعُ عُمْرُهُ وَيَتَغَيَّرُ عَقْلُهُ. مِنْ قَبْلِ[١٢] هُوَ مَوْعُوكٌ وَجِسْمُهُ مَنْهُوكٌ.
ثُمَّ جَدَّ فِي نَزْعٍ جَدِيدٍ، وَحَضَرَ كُلُّ قَرِيبٍ وَبَعِيدٍ، فَشَخَصَ بَصَرُهُ، وَطَمَحَ نَظَرُهُ، وَرَشَحَ جَبِينُهُ، وَحَطَفَ عِرْنِينُهُ، وَسَكَنَ حَنِينُهُ، وَجُذِبَتْ نَفْسُهُ، وَبَكَتْهُ عِرْسُهُ، وَحُفِرَ رَمْسُهُ، وَيُتِّمَ مِنْهُ وَلَدُهُ، وَتَفَرَّقَ عَنْهُ عَدَدُهُ، وَتُقُسِّمَ جَمْعُهُ، وَذَهَبَ بَصَرُهُ وَسَمْعُهُ، وَكُفِّنَ وَوُجِّهَ، وَمُدِّدَ وَجُرِّدَ، وَغُسِّلَ وَنُشِّفَ وَسُجِّيَ، وَبُسِطَ لَهُ وُهُيِّئَ، وَنُشِرَ عَلَيْهِ كَفَنُهُ، وَشُدَّ مِنْهُ ذَقَنُهُ، وَقُمِّصَ وَعُمِّمَ، وَوُدِّعَ وَعَلَيْهِ سُلِّمَ، وَحُمِلَ فَوْقَ سَرِيرٍ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِتَكْبِيرٍ.
وَنُقِلَ مِنْ دُورٍ مُزَخْرَفَةٍ /۲۸۸/ وَقُصُورٍ مُشَيَّدَةٍ، [وحُجَرٍ][١٣] مُنَجَّدَةٍ، فَجُعِلَ فِي ضَرِيحٍ مَلْحُودٍ، ضَيِّقٍ مَصْفُودٍ، بِشِقٍّ مَوْصُودٍ، بِلَبِنٍ مَنْضُودٍ، مُسَقَّفٍ بِجَلْمُودٍ، وَهِيلَ عَلَيْهِ عَفَرُهُ[١٤]، وَحُثِيَ عَلَيْهِ مَدَرُهُ، وَتَحَقَّقَ حَذَرُهُ، وَنُسِيَ خَبَرُهُ.
وَرَجَعَ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَصَفِيُّهُ، وَنَدِيمُهُ وَنَسِيبُهُ، وَتَبَدَّلَ بِهِ قَرِيبُهُ[١٥] وَحَبِيبُهُ.
فَهُوَ حَشْوُ قَبْرٍ، رَهِينُ قَفْرٍ.
[١٦]يَسْعَى فِي جِسْمِهِ دُودُ قَبْرِهِ، وَيَسِيلُ صَدِيدُهُ مِنْ مَنْخِرِهِ وَنَحْرِهِ، ويُسْحَقُ لَحْمُهُ، وَيُنْشَفُ دَمُهُ، وَيَدِقُّ عَظْمُهُ.
فَمَتَى حَقَّ يَوْمُ حَشْرِهِ، وَنَشْرِهِ مِنْ قَبْرِهِ، وَنُفِخَ فِي صُورٍ، وَدُعِيَ لِحَشْرٍ وَنُشُورٍ، ثُمَّ بُعْثِرَتْ قُبُورٌ، وَحُصِّلَتْ سَرِيرَةُ صُدُورٍ، وَجِيءَ بِكُلِّ نَبِيٍّ وَصِدِّيقٍ، وَشَهِيدٍ وَنَطِيقٍ، وَقَعَدَ لِلْفَصْلِ قَدِيرٌ بِعَبِيدِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ.
فَكَمْ ثَمَّ مِنْ زَفْرَةٍ تُفْنِيهِ، وَحَسْرَةٍ تُضْنِيه، فِي مَوْقِفٍ مَهِيلٍ، وَمَشْهَدٍ جَلِيلٍ، بَيْنَ يَدَيْ مَلَكٍ عَظِيمٍ، بِكُلِّ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ عَلِيمٌ، حِينَئِذٍ يُلْجِمُهُ عَرَقُهُ، وَيَحْفِزُهُ قَلَقُهُ، عَبْرَتُهُ غَيْرُ مَرْحُومَةٍ، وَصَرْخَتُهُ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ، وَحُجَّتُهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ.
وَتُنْشَرُ صَحِيفَتُهُ، وَتَتَبَيَّنُ جَرِيرَتُهُ، وَنَظَرَ فِي سُوءِ عَمَلِهِ، وَشَهِدَتْ عَيْنُهُ بِنَظَرَهِ، وَيَدُهُ بِبَطْشِهِ، وَرِجْلُهُ بِخَطوِهِ، وَفَرْجُهُ بِلَمْسِهِ، وَجِلْدُهُ بِمَسِّهِ، وَتَهَدَّدَهُ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ، فَكَشَفَ لَهُ عَنْ خَبْئِهِ بَصِيرٌ، فَسُلْسِلَ جِيدُهُ، وَغلْغَلَ مَلِكُهُ يَدَهُ، وَسِيقَ وَسُحِبَ وَحْدَهُ.
فَوَرَدَ جَهَنَّمَ بِكَرْبٍ وَشِدَّةٍ، فَظَلَّ يُعَذَّبُ فِي جَحِيمٍ، وَيُسْقَى شَرْبَةً مِنْ حَمِيمٍ، يَشْوِي وجْهَهُ وَيَسْلُخُ جِلْدَهُ، وَتَضْرِبُهُ زِبْنِيَةٌ[١٧] بِمَقْمَعِ حَدِيدٍ، وَيَعُودُ جِلْدُهُ بَعْدَ نُضْجِهِ كَجِلْدٍ جَدِيدٍ، يَسْتَغِيثُ فَتُعْرِضُ عَنْهُ خَزَنَةُ جَهَنَّمَ، وَيَسْتَصْرِخُ فَيَثْبُتُ حُقْبَةً لاَ يَرِيمُ[١٨]، فَيَنْدَمُ حِينَ لاَ يَنْفَعُهُ نَدَمٌ.
نَعُوذُ بِرَبٍّ قَدِيرٍ مِنْ شَرِّ كُلِّ مَصِيرٍ، وَنَسْأَلُهُ عَفْوَ مَنْ رَضِيَ عَنْهُ، وَمَغْفِرَةَ مَنْ قَبِلَ مِنْهُ، وَهُوَ وَلِيُّ مَسْأَلَتِي وَمُنْجِحُ طَلِبَتِي.
فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ تَعْذِيبِ رَبِّهِ، وَجُعِلَ فِي جَنَّتِهِ بِقُرْبِهِ، وَخُلِّدَ فِي قُصُورٍ مُشَيَّدَةٍ، وَمُلْكِ حُورٍ عِينٍ وَحَفَدَةٍ، وَطِيفَ عَلَيْهِ بِكُؤُوسٍ، وَسَكَنَ حَظِيرَةَ فِرْدَوْسٍ، وَتَقَلَّبَ فِي نَعِيمٍ، وَسُقِيَ مِنْ تَسْنِيمٍ، مِنْ عَيْنِ سَلْسَبِيلٍ، مَمْزُوجٍ بِزَنْجَبِيلٍ، مُخَتَّمٍ بِمِسْكٍ وَعَبِيرٍ، وَمُسْتَغْنِمٍ لِلْمُلْكِ، مُسْتَشْعِرٍ لِلسُّرُورِ، وَيَشْرَبُ مِنْ خُمُورٍ، مُغْدِقٌ فِي شُرْبِهِ وَلَيْسَ يُنْزَفُ.
وَهَذِهِ مَنْزِلَةُ مَنْ خَشِيَ رَبَّهُ وَجَذَرَ نَفْسَهُ، وَتِلْكَ عُقُوبَةُ مَنْ عَصَى مُنْشِئَهُ وَسَوَّلَتْ لَهُ نَفْسُهُ مَعْصِيَتَهُ.
لَهُ قَوْلٌ فَصْلٌ، وَحُكْمٌ عَدْلٌ، خَيْرَ قَصَصٍ قَصَّ وَمَوْعِظٍ نَصَّ، تَنْزِيلٌ مِنْ عَزِيزٍ حَمِيدٍ، نَزَلَ بِهِ رُوحُ قُدْسٍ مُبِينٌ، عَلَى قَلْبِ نَبِيٍّ مُهْتَدٍ رَشِيدٍ، صَلَّتْ عَلَيْهِ رُسُلٌ سَفَرَةٌ، مُكَرَّمُونَ بَرَرَةٌ. /۲۸۹/ وَعُذْتُ بِرَبٍّ رَحِيمٍ، مِنْ شَرِّ عَدُوٍّ لَعِينٍ رَجِيمٍ. لِيَتَضَرَّعْ مُتَضَرِّعُكُمْ، وَيَبْتَهِلُ مُبْتَهِلُكُم، وَيَسْتَغْفِرُ رَبَّ كُلِّ مَرْبُوبٍ لِي وَلَكُمْ.
تَمَّتْ وَالْحَمْدُ للّه ِ رَبِّ الْعَالَمِيْن
أَخْبَرَنَا[١٩] الشَّيْخُ الْعَالِمُ أَبُوالْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنِ يَحْيَى بْنِ نَاقَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمنِ الْعَلَوِيُّ الْحُسَيْنِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَطِيْطٍ[٢٠] الأَسَدِيُّ الْفَقِيهُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمنِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَزِيعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُقْبِلٍ التَّمِيمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ هِلالٍ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مَرْوَانَ الأَسَدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رحمه الله يَقُولُ: كَانَ[٢١] وَاللّه ِ أَمِيرُالْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام يُشْبِهُ الْقَمَرَ الْبَاهِرَ، وَالأَسَدَ الخَادِرَ، وَالْفُراتَ الزَّاخِرَ، وَالرَّبِيعَ الْبَاكِرَ. فَأَشْبَهَ مِنَ الْقَمَرِ ضَوْءَهُ [وَبَهاءَهُ[٢٢]]، وَأَشْبَهَ مِنَ الأَسَدِ شَجَاعَتَهُ وَمَضَاءَهُ، وَأَشْبَهَ مِنَ الْفُرَاتِ جُودَهُ وَسَخَاءَهُ، وَأَشْبَهَ مِنَ الرَّبِيعِ خِصْبَهُ وَجَناءَهُ.
قَالَ: وَمِنْ كَلاَمِهِ عليه السلام[٢٣]:
مَنْ خَسِرَ مُرُوءَتَهُ ضَعُفَ يَقِينُهُ، وَأزْرَى بِنَفْسِهِ مَنِ اسْتَشْعَرَ الطَّمَعَ، وَرَضِيَ بِالذُّلِّ مَنْ كَشَفَ ضُرَّهُ، وَهَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ مَنْ أَمَّرَ عَلَيْهَا لِسَانَهُ، وَالشَّرَهُ جَرَّارُ الْخَطَرِ، وَالْبُخْلُ عَارٌ، وَالْجُبْنُ مَنْقَصَةٌ، مَنْ أَهْوَى إلَى مُتَفَاوِتٍ خَذَلَتْهُ الرَّغبَةُ، وَالْفَقْرُ يُخْرِسُ الفَطِنَ عَنْ حُجَّتِهِ، وَالْمُقِلُّ غَرِيبٌ فِي وَطَنِهِ أَجْنَبِيٌّ فِي غَيْرِهِ، وَالْعَجْزُ آفَةٌ، وَالصَّبْرُ شَجَاعَةٌ.
ومن كلامه عليه السلام في جواب عمر:
أَخْبَرَنَا[٢٤] الشَّيْخُ الْعَالِمُ أَبُوالعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ نَاقَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِالْبَاقِي بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُجَالِدٍ البَجَلِيُّ المُعَدِّلُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّرِيفُ أَبُو عَبْدِاللّه ِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِالرَّحْمنِ الْعَلَوِيُّ الحُسَيْنِيُّ رحمه الله قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ النَّحَّاسُ التَّيْمُليُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُاللّه ِ بْنُ زَيْدَانَ بْنِ يَزِيدَ البَجَلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي نَصْرٌ ـ يَعْنِي ابْنَ مُزَاحِمٍ ـ عَنِ ابْنِ عَبْدِالرَّحْمنِ ـ يَعْنِي عَبدَاللّه ِ بْنَ عَبْدِالْمَلِكِ الْمَسْعُودِيِّ ـ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِاللّه ِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ لِعَلِيٍّ: أَنْشُدُكَ اللّه َ يَا أَبَاالْحَسَنِ، هَلْ وَلاَّكَ رَسُولُ اللّه ِ الأَمْرَ ؟
قَالَ: وَقُلْتُ ذَاكَ،[٢٥] مَا تَصْنَعُ أَنْتَ وَصَاحِبُكَ ؟
قَالَ عُمَرُ: أَمَّا صَاحِبِي فَقَدْ مَضَى لِحَالِهِ، وَأَمَّا أَنَا فَوَاللّه ِ إِذَن لَأَخْلَعَنَّهَا مِنْ عُنُقِي فِي عُنُقِكَ.
فَقَالَ عَلِيٌّ: جَدَعَ اللّه ُ /۲۹۰/ أَنْفَ مَنْ أَنْقَذَكَ مِنْهَا. لاَ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللّه ِ ـ صَلَّى اللّه ُ عَلَيْهِ ـ جَعَلَنِي عَلَماً[٢٦] فَمَنْ خَالَفَنِي فَقَدْ ضَلَّ.
قال رسول الله صلى الله عليه واله: صنفان من امتي....
وَأَخْبَرَنَا[٢٧] الشَّيْخُ الْعَالِمُ أَبُوالعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ نَاقَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ البَاقِي قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُاللّه ِ بْنُ زَيْدَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَلِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ نَزَارٍ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّه ِ صَلَّى اللّه ُ عَلَيْهِ: صِنْفَانِ مِنْ اُمَّتِي لَيْسَ لَهُمَا فِي الإِسْلاَمِ نَصِيبٌ: المُرْجِئَةُ وَالْقَدَرِيَّةُ.
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله لابن عباس: الا اُعلمك كلمات ينفعك اللّه بهنّ... أَخْبَرَنَا[٢٨] الشَّيْخُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ نَاقَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُاللّه ِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبَانَ البَجَلِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ رَجَاءِ بْنِ حَبْوَةَ، عَنْ عُمَرَ مَوْلى غَفْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خرَجْتُ ذَاتَ يَوْمٍ وَرَسُولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله بِالفِنَاءِ فَقَالَ: يَا غُلاَمُ، أَلاَ أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللّه ُ بِهِنَّ، أَوْ بِهَا ؟
قُلْتُ: بَلَى، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللّه ِ.
قَالَ: احْفَظِ اللّه َ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللّه َ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَى اللّه ِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، إذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللّه َ وَإذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللّه ِ ؛ فَقَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ، لَوْ جَهَدَ الْخَلْقُ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِمَا لَمْ يَكْتُبْهُ اللّه ُ لَكَ لَمْ يَسْتَطِيعُوا، وَلَوْ حَرَصُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِمَا لَمْ يُقَدِّرْهُ اللّه ُ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، فَاعْمَلْ للّه ِ فِي الرِّضَا فِي الْيَقِينِ[٢٩] مَا اسْتَطَعْتَ. وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ ؛ «فَاِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً»[٣٠].
کلام علي علیه السلام مع جندب الازدي
أَخْبَرَنَا[٣١] الشَّيْخُ الْعَالِمُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ نَاقَةَ ـ وَفَّقَهُ اللّه ُ ـ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِالرَّحْمنِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوالطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ النَّحّاسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوالْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيدِ البَجَلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ بْنِ صُبَيحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَرْطَاةُ ـ يَعْنِي ابْنَ حَبِيبٍ ـ قَالَ: حَدَّثَنَا صَبَّاحُ ـ يَعْنِي ابْنَ يَحْيَى ـ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَضيرَةَ، عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ، عَنْ جُنْدَبٍ الأزْدِيِّ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ عَلِيٍّ الْجَمَلَ وَصِفِّينَ جَادّاً لاَ أَشُكُّ فِي قِتَالِ مَنْ قَاتَلَهُ وَلاَ مَنْ خَالَفَهُ أَنَّهُ عَلَى ضَلاَلَةٍ، حَتَّى إِذَا نَزَلتُ نَهْرَوَانَ دَخَلَنِي شَكٌّ وَقُلْتُ: قُرّاؤُنَا وَأَخْيَارُنَا نُقَاتِلُهُمْ، إِنَّ هذَا لَأَمْرٌ عَظِيمٌ ! فَخَرَجْتُ غُدْوَةً أَمْشِي حَتَّى بَرَزْتُ مِنَ الصُّفُوفِ وَمَعِيَ مَطْهَرَةٌ مِنْ مَاءٍ، فَرَكَزْتُ رُمْحِي وَوَضَعْتُ تُرْسِي إلَيْهِ، فَاسْتَتَرْتُ بِهِ مِنَ الشَّمْسِ فَجَلَسْتُ فِي ظِلِّهِ.
قَالَ: فَإِنِّي لَجَالِسٌ إذْ أَقْبَلَ عَلِيٌّ فَنَاوَلْتُهُ الإِدَاوَةَ /۲۹۱/ فَانْطَلَقَ حَتَّى لَمْ أَرَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ وَقَدْ تَطَهَّرَ، فَدَفَعَ إلَيَّ الإدَاوَةَ وَجَلَسَ مَعِيَ فِي ظِلِّ التُرْسِ.
قَالَ: فَإذَا فَارِسٌ يَتَعَرَّضُ.
قَالَ: قُلْتُ: كَأَنَّ هَذا الْفَارِسَ يُرِيدُكَ.
قَالَ: أَشِرْ إِلَيْهِ فَلْيَأْتِكَ.
قَالَ: فَأَشَرْتُ إلَيْهِ فَجَاءَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ ! قَدْ عَبَرَ الْقَوْمُ وَقَطَعُوا النَّهْرَ.
قَالَ: مَا فَعَلُوا.
قَالَ: ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ ! وَاللّه ِ مَا جِئْتُكَ حَتَّى رَأَيْتُ الرَّايَاتِ مِنْ ذَاكَ الْجَانِبِ وَمَا عَبَرَتِ الأَثْقَالُ.
قَالَ: كَلاَّ وَاللّه ِ مَا فَعَلُوا، ثُمَّ نَهَضَ وَنَهَضْنَا مَعَهُ.
قَالَ: قُلْتُ: الْحَمْدُ للّه ِ الّذِي بَصَّرَنِي فِي هذَا الرَّجُلِ، وَبَيَّنَ لِي أَمْرَهُ ؛ هُوَ أَحَدُ رَجُلَيْنِ: رَجُلٌ كَذَّابٌ، أَوْ رَجُلٌ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ أَمْرِهِ وَعَهْدٍ مِنْ نَبِيِّهِ صَلَّى اللّه ُ عَلَيْهِ. اللَّهُمَّ إِنِّي اُعَاهِدُكَ عَهْداً مَسْؤُولاً تَسْأَلُنِي عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَئِنْ أَنَا وَجَدْتُ الْقَوْمَ قَدْ عَبَرُوا أَنْ أَكُونَ فِي أَوَّلِ مَنْ يُقَاتِلُهُ وَأَوَّلِ مَنْ يَطْعُنُ فِي عَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ لَمْ يَعْبُرُوا أَنْ أَتِمَّ عَلَى الْمُنَاصَحَةِ وَالْمُجَاهَدَةِ لاِعْدَائِهِ حَتَّى أَفْنَى.
ثُمَّ دَفَعْنَا إلَى الصُّفُوفِ فَوَجَدْنَا الأَلْوِيَةَ وَالرَّايَاتِ كَمَا هِيَ.
قَالَ: فَأَخَذَ بِقَفَايَ فَدَفَعَنِي، فَقَالَ: يَا أَخَا الأَزْدِ، تَقَدَّمْ فَقَاتِلْ ؛ فَقَدْ تَبَيَّنَ لَكَ.
قَالَ: قُلْتُ: أَفْعَلُ وَاللّه ِ يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ.
قَالَ: فَتَقَدَّمْتُ فَقَاتَلْتُ، فَلَقِيتُ رَجُلاً فَقَتَلْتُهُ، ثُمَّ آخَرَ فَقَتَلْتُهُ، ثُمَّ آخَرَ فَقَتَلْتُهُ، ثُمَّ آخَرَ فَاخْتَلَفْتُ أَنَا وَهُوَ ضَرْبَتَيْنِ وَوَقَعْنَا جَمِيعاً، فَاحْتَمَلَنِي أَصْحَابِي إلَى الرَّحْلِ، فَأَفَقْتُ حِيْنَ أَفَقْتُ وَقَدْ فُرِغَ مِنَ الْقَوْمِ.
کسر صنم خزاعة بيده عليه السلام
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْعَالِمُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ [يَحْيَى بْنِ] نَاقَةَ ـ أَيَّدَهُ اللّه ُ ـ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوالْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحمَّدِ بْنِ النَّفُورِ البَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِاللّه ِ الْحُسَيْنُ بْنُ هَارُونَ الضَّبّيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُوالْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْحَافِظُ أَنَّ الْفَضْلَ بْنَ يُوسُفَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ عَوْنٍ ـ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِاللّه ِ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ ـ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ لِخُزَاعَةَ صَنَمٌ مِنْ نُحَاسٍ فَوْقَ الْكَعْبَةِ، فَذَهَبَ رَسُولُ اللّه ِ ـ صَلَّى اللّه ُ عَلَيْهِ ـ بِعَلِيٍّ عليه السلام سِرًّا مِنْ قُرَيْشٍ حَتَّى انْتَهَيَا إلَى الْكَعْبَةِ، فَحَمَلَ عَلِيّاً عليه السلام حَتَّى رَفَعَهُ إلَى الْكَعْبَةِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَطْرَحَ الصَّنَمَ، فَطَرَحَهُ عَلِيٌّ فَوَقَعَ الصَّنَمُ مُنْفَتّاً كَالزُّجَاجِ، وثَوَا[٣٢] عَلِيٌّ عليه السلام عَلَى الْكَعْبَةِ يَوْماً وَلَيْلَةً، ثُمَّ أَتَاهُ النَّبِيُّ عليه السلام فَقَالَ: اقْتَحِمْ عَلَى اسْمِ اللّه ِ. فَاقْتَحَمَ عَلِيٌّ فَوَقَعَ قَائِماً لَمْ يَضُرَّهُ اللّه ُ بِشَيْءٍ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللّه ُ عَلَيْهِ: كَيْفَ صَنَعْتَ بِالغَائِطِ وَالْبَوْلِ؟ قَالَ: دَعَوْتُ اللّه َ فَحَبَسَهُمَا عَنِّي.
تَمَّ الْخَبَرُ، وَالْحَمْدُ للّه ِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ، وَصَلَّى اللّه ُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ.