خَبَرُ الْأَعْمَشِ مَعَ الْمَنْصُورِ[١] في فضائل علي عليه السلام
قَالَ: بَعَثَ إلَيَّ أَبُوجَعْفَرٍ الدَّوَانِيقِيُّ[٢] فِي جَوْفِ اللَّيْلِ أَنْ أَجِبْ.
قَالَ: فَبَقِيتُ مُفَكِّراً فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِي وَقُلْتُ: مَا بَعَثَ إلَيَّ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إلاَّ لِيَسْأَلَنِي عَنْ فَضَائِلِ أَمِيرِالْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام، وَلَعَلِّي إِنْ أَخْبَرْتُهُ قَتَلَنِي.
قَالَ: فَكَتَبْتُ وَصِيَّتِي بِيَدِي، وَلَبِسْتُ كَفَنِي وَحَنُوطِي وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: اُدْنُ مِنِّي، فَدَنَوتُ وَعِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ عُبَيدٍ، فَلَمَّا رَأَيْتُه طابَتْ نَفْسي شَيْئا. ثُمَّ قَالَ: اُدْنُ، فَدَنَوْتُ حَتَّى كَادَتْ تَمَسُّ رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ.
قَالَ: فَوَجَدَ مِنِّي رَائِحَةَ الْحَنُوطِ فَقَالَ: وَاللّه ِ لَتَصْدُقَنِّي أَوْ لأَصْلُبَنَّكَ.
قُلْتُ: وَمَا حَاجَتُكَ يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ ؟
قَالَ: مَا شَأْنُكَ مُتَحَنِّطٌ ؟
قُلْتُ: أَتَانِي رَسُولُكَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ أَنْ أَجِبْ، فَقُلْتُ: عَسَى يَسْأَلُنِي عَنْ فَضَائِلِ أَمِيرِالْمُؤْمِنِينَ عليه السلام، فَإِنْ أَنَا أَجَبْتُهُ قَتَلَنِي، فَكَتَبْتُ وَصِيَّتِي وَلَبِسْتُ كَفَنِي.
قَالَ: فَكَانَ مُتَّكِئاً فَاسْتَوَى جَالِساً وَقَالَ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللّه ِ، سَأَلْتُكَ باللّه ِ يَا سُلَيْمَانُ، كَمْ حَدِيْثٍ تَرْوِي فِي فَضَائِلِ عَلِيٍّ عليه السلام ؟
قُلْتُ: يَسِيراً يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ.
قَالَ: كَمْ ؟
قُلْتُ: عَشَرَةَ آلافِ حَدِيثٍ وَمَا زَادَ.
فَقَالَ: يَا سُلَيْمَانُ، لَأُحَدِّثَنَّكَ بِحَدِيثٍ فِي فَضَائِلِ عَلِيٍّ يُنْسِي كُلَّ حَدِيثٍ سَمِعْتَهُ.
قُلْتُ: حَدِّثْنِي.
قَالَ: نَعَمْ، كُنْتُ هَارِباً مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، وَكُنْتُ أَتَرَدَّدُ فِي البِلاَدِ وَأَتَقَرَّبُ إلَى النَّاسِ بِفَضَائِلِ عَلِيٍّ عليه السلام، فَكَانُوا يُعَظِّمُونِي وَيُزَوِّدُونِي، حَتَّى وَرَدْتُ بِلاَدَ الشَّامِ وَإِنِّي لَفِي كِسَاءٍ خَلَقٍ مَا عَلَيَّ غَيْرُهُ، فَسَمِعْتُ الإِقَامَةَ وَأَنَا جَائِعٌ، فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ لاِصَلِّيَ وَفِي نَفْسِي أَنِّي أُكَلِّمُ النَّاسَ فِي عَشَاءٍ يُعَشُّونِي، فَلَمَّا سَلَّمَ الإِمَامُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ صَبِيَّانِ، فَالْتَفَتَ الإِمَامُ إِلَيْهِمَا وَقَالَ: مَرْحَباً بِكُمَا وَمَرْحَباً بِمَنْ أَسْمَاكُمَا عَلَى اسْمَيْهِمَا، وَكَانَ إِلى جَنْبِيَ شَابٌّ فَقُلْتُ: يَا شَابُّ، مَنِ الصَّبِيَّانِ مِنَ الشَّيْخِ ؟
فَقَالَ: هُوَ جَدُّهُمَا، وَلَيْسَ بِالْمَدِينَةِ أَحَدٌ يُحِبُّ عَلِيَّاً غَيْرُ هذَا الشَّيْخِ، وَلِذَلِكَ سَمَّى أَحَدَهُمَا الْحَسَنَ وَالآخَرَ الْحُسَيْنَ.
فَقُمْتُ فَرِحاً مَسْرُوراً، فَقُلْتُ لِلشَّيْخِ: هَلْ لَكَ فِي حَدِيثٍ اُقِرُّ بِهِ عَيْنَكَ ؟
فَقَالَ: إِنْ أَقْرَرْتَ عَيْنِي أَقْرَرْتُ عَيْنَكَ.
قَالَ: قُلْتُ: حَدَّثَنِي وَالِدِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كُنَّا قُعُوداً عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله إِذْ جَاءَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام وَهِيَ تَبْكِي، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله: مَا يُبْكِيكِ يَا فَاطِمَةُ ؟ قَالَتْ: يَا أَبَه، خَرَجَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَمَا أَدْرِي أَيْنَ بَاتَا ؟ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله: يَا /۲۹۳/ فَاطِمَةُ، لا تَبْكِي ؛ فَاللّه ُ الّذِي خَلَقَهُمَا هُوَ أَلْطَفُ بِهِمَا مِنْكِ. وَرَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَا أَخَذَا بَرّاً أَوْ بَحْراً فَاحْفَظْهُمَا وَسَلِّمْهُمَا، فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام مِنَ السَّمَاءِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللّه َ يُقْرِئُكَ السَّلامَ وَيَقُولُ لَكَ: لاَ تَحْزَنْ وَلاَ تَغْتَمَّ لَهُمَا ؛ فَإِنَّهُمَا فَاضِلاَنِ فِي الدُّنْيَا فَاضِلاَنِ فِي الآخِرَةِ، وَأَبُوهُمَا أَفْضَلُ مِنْهُمَا، هُمَا نَائِمَانِ فِي حَظِيرَةِ بَنِي النَّجَّارِ، وَقَدْ وَكَّلَ اللّه ُ بِهِمَا مَلَكاً يَحْفَظُهُمَا.
فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله فَرِحاً وَمَعَهُ أَصْحابُهُ حَتَّى أَتَوْا حَدِيقَةَ بَنِي النَجَّارِ فَإِذَا هُمْ بِالْحَسَنِ مُعَانِقاً لِلْحُسَيْنِ عليهماالسلام، وَإذَا المَلَكُ المُوَكَّلُ بِهِمَا قَدْ فَرَشَ أَحَدَ جَنَاحَيْهِ تَحْتَهُمَا وَغَطَّاهُمَا بِالآخَرِ. قَالَ: فَانْكَبَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله يُقَبِّلُهُمَا حَتَّى انْتَبَهَا، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَا حَمَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله الْحَسَنَ، وَحَمَلَ جَبْرَئِيلُ الْحُسَيْنَ، وَخَرَجَا مِنَ الْحَظِيرَةِ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللّه ِ لَأُشَرِّفَنَّكُمَا الْيَوْمَ كَمَا شَرَّفَكُمَا اللّه ُ تَعَالى.
فَقَالَ لَهُ أَبُوبَكْرٍ: نَاوِلْنِي أَحَدَهُمَا اُخَفِّفْ عَنْكَ.
فَقَالَ: يَا أَبَابَكْرٍ، نِعْمَ الْحَامِلُ لَهُمَا وَنِعْمَ الرَّاكِبَانِ هُمَا وَأَبُوهُمَا خَيْرٌ مِنْهُمَا.
فَلَمَّا أَتَى بَابَ الْمَسْجِدِ قَالَ: يَا بِلالُ، هَلُمَّ عَلَيَّ بِالنَّاسِ، فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله فَاجْتَمَعَ النَّاسُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَامَ عَلَى قَدَمَيْهِ فَقَالَ:
يَا مَعَاشِرَ النَّاسِ، أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى خَيْرِ النَّاسِ جَدّاً وَجَدَّةً ؟
قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللّه ِ.
قَالَ: الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ؛ جَدُّهُمْ رَسُولُ اللّه ِ، وَجَدَّتُهُمْ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ.
أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى خَيْرِ النَّاسِ أَباً وَأُمّاً ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللّه ِ.
قَالَ: الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ؛ أَبُوهُمْ أَمِيْرُالْمُؤْمِنِيْنَ، وَأُمُّهُمْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُوْلِ اللّه ِ.
ألاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى خَيْرِ النَّاسِ عَمّاً وَعَمَّةً ؟
قَالُوا: بَلَى.
قَالَ: الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ؛ عَمُّهُمَا جَعْفَرٌ الطَيَّارُ فِي الجَنَّةِ وَعَمَّتُهُمَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ.
[ قال: ] أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ خَالاً وَخَالَةً ؟
قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللّه ِ.
قَالَ: الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ؛ خَالُهُمَا الْقَاسِمُ بْنُ رَسُولِ اللّه ِ، وَخَالَتُهُمَا زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله.
ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ: هكَذَا يُحْشَرُوا[٣] وَاللّه ِ.
ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فِي الْجَنَّةِ، وَأَنَّ جَدَّهُما فِي الْجَنَّةِ، وأَنَّ جَدَّتَهُما فِي الْجَنَّةِ، وأَبُوهُما[٤] فِي الْجَنَّةِ، وَأُمُّهُما فِي الْجَنَّةِ، وَعَمُّهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَعَمَّتُهُما فِي الْجَنَّةِ، وَخَالُهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَخَالَتُهُمَا ؛ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّ مَنْ يُحِبُّهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَمَنْ يُبْغِضُهُمَا فِي النَّارِ.
قَالَ: فَلَمَّا قُلْتُ ذَلِكَ لِلشَّيْخِ قَالَ: يَا فَتَى، مَنْ أَنْتَ ؟
قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ.
قَالَ: أَعَرَبِيٌّ أَمْ مَوْلىً ؟
قُلْتُ: بَلْ عَرَبِيٌّ.
قَالَ: فَأَنْتَ تُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَنْتَ فِي هذَا الكِسَاءِ ؟ فَكَسَانِي خِلْعَتَهُ وَحَمَلَنِي عَلَى بَغْلَتِهِ ـ فَبِعْتُهَا بِمِئَةِ دِينَارٍ ـ وَقَال لِي: يَا شَابُّ، /۲۹٤/ أَقْرَرْتَ عَيْنِي، فَوَاللّه ِ لَأُقِرَّنَّ عَيْنَكَ، وَلَأُرْشِدَنَّكَ إِلى شَابٍّ يُقِرُّ عَيْنَكَ الْيَوْمَ !
قُلْتُ: أَرْشِدْنِي.
قَالَ: لِي أخَوَانِ ؛ أَحَدُهُمَا إمَامٌ وَالآخَرُ مُؤَذِّنٌ ؛ أَمَّا الإِمَامُ فَإِنَّهُ يُحِبُّ عَلِيّاً مُنْذُ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ، وَأَمَّا الْمُؤَذِّنُ فَإِنَّهُ يُبْغِضُ عَلِيّاً مُنْذُ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ.
فَقُلْتُ: أَرْشِدْنِي.
فَأَخَذَ بِيَدِي حَتَّى أَتَى بَابَ الإِمَامِ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ قَدْ خَرَجَ إِلَيَّ فَقَالَ: أَمَّا الْبَغْلَةُ وَالْكِسْوَةُ فَأَعْرِفُهُمَا، وَاللّه ِ مَا كَانَ فُلاَنٌ يَحْمِلُكَ وَيَكْسُوكَ إلاَّ وَأَنْتَ تُحِبُّ اللّه َ وَرَسولَهُ، فَحَدِّثْنِي بِفَضَائِلِ عَلِيٍّ عليه السلام.
قُلْتُ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي قَالَ: كُنَّا قُعُوداً عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله إِذْ جَاءَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام تَبْكِي بُكَاءً شَدِيداً، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله: مَا يُبْكِيكِ يَا فَاطِمَةُ ؟ قَالَتْ: يَا أَبَهْ، عَيَّرَتْنِي نِسَاءُ قُرَيْشٍ فَقُلْنَ: إِنَّ أَبَاكِ زَوَّجَكِ مِنْ مُعْدِمٍ لاَ مَالَ لَهُ.
فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله: لاَ تَبْكِي، فَوَاللّه ِ مَا زَوَّجْتُكِ حَتَّى زَوَّجَكِ اللّه ُ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ، وَأَشْهَدَ بِذلِكَ جَبْرَئِيلَ وَمِيْكَائِيلَ. وَإِنَّ اللّه َ اطَّلَعَ إلَى الأَرْضِ اطِّلاَعَةً فَاخْتَارَنِي نَبِيّاً، ثُمَّ اطَّلَعَ ثَانِيَةً فَاخْتَارَ مِنَ الْخَلاَئِقِ عَلِيّاً، فَزَوَّجَكِ إِيَّاهُ وَاتَّخَذَهُ وَصِيّاً. فَعَلِيٌّ أَشْجَعُ النَّاسِ قَلْباً، وَأَعْظَمُ النَّاسِ حِلْماً، وَأَسْمَحُ النَّاسِ كَفّاً، وَأَقْدَمُ النَّاسِ سِلْماً، وَأَعْلَمُ النَّاسِ عِلْماً، وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ابْناهُ، وَهُمَا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَاسْمُهُمَا فِي التَّوْرَاةِ شَبَّرٌ وَشَبِيرٌ لِكَرَامَتِهِمَا عَلَى اللّه ِ.
يَا فَاطِمَةُ، لاَ تَبْكِي ؛ فَوَاللّه ِ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُكْسَى أَبُوكِ حُلَّتَيْنِ وَعَلِيٌّ حُلَّتَيْنِ، وَلِوَاءُ الْحَمْدِ بِيَدِي، فَأُنَاوِلُهُ عَلِيّاً لِكَرَامَتِهِ عَلَى اللّه ِ تَعَالَى.
يَا فَاطِمَةُ لا تَبْكِي ؛ فَإِنَّهُ إِذَا دُعِيتُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ يَجِيءُ عَلِيٌّ مَعِي، وَإِذَا شَفَّعَنِي إِلَيْهِ شَفَّعَ عَلِيّاً مَعِي.
يَا فَاطِمَةُ، إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ يُنَادِي مُنَادٍ فِي أَهْوَالِ ذلِكَ الْيَوْمِ: يَا مُحَمَّدُ، نِعْمَ الْجَدُّ جَدُّكَ إبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمنِ، وَنِعْمَ الأَخُ أَخُوْكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
يَا فَاطِمَةُ، عَلِيٌّ يُعِينُنِي عَلَى مَفَاتِيحِ الْجَنَّةِ، وَشِيعَتُهُ هُمُ الْفَائِزُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غَداً فِي الْجَنَّةِ.
فَلَمَّا قُلْتُ ذلِكَ قَالَ: يَا بُنَيَّ مَنْ أَنْتَ ؟
قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ.
قَالَ: عَرَبِيٌّ أَمْ مَوْلىً ؟
قُلْتُ: عَرَبِيٌّ.
فَكَسَانِي ثَلاثِينَ ثَوْباً، وَأَعْطَانِي عَشَرَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ: يَا شَابُّ، قَدْ أَقْرَرْتَ عَيْنِي، وَلِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ. قُلْتُ: قُضِيَتْ.
قَالَ: قَالَ: إِذَا كَانَ غَدٌ فَأْتِ إلَى بَابِ مَسْجِدِ آلِ فُلاَنٍ ؛ كَيْمَا تَرَى أَخِي الْمُبْغِضَ لِعَلِيٍّ عليه السلام.
قَالَ: فَطَالَتْ عَلَيَّ تِلْكَ اللَّيْلَةُ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ الْمَسْجِدَ الَّذِي وَصَفَ لِي، فَقُمْتُ فِي الصَّفِّ فَإِذَا إلَى جَنْبِي شَابٌّ مُتَعَمِّمٌ، فَذَهَبَ لِيَرْكَعَ فَوَقَعَتْ عَمَامَتُهُ، فَنَظَرْتُ فِي وَجْهِهِ فَإِذَا /۲۹٥/ رَأْسُهُ رَأسُ خِنْزِيرٍ وَوَجْهُهُ وَجْهُ خِنْزِيرٍ، فَوَاللّه ِ مَا عَلِمْتُ مَا تَكَلَّمْتُ بِهِ فِي صَلاَتِي حَتَّى سَلَّمَ الإِمَامُ فَقُلْتُ: وَيْحَكَ، مَا الَّذِي أَرَى بِكَ ؟
فَبَكَى وَقَالَ: اُنْظُرْ إلى هذِهِ الدَّارِ، فَنَظَرْتُ فَقَالَ لِي: أُدْخُلْ، فَدَخَلْتُ وَهُوَ مَعِي، فَلَمَّا اسْتَقَرَّ بِنَا الْمَجْلِسُ قَالَ: اعْلَمْ أنِّي كُنْتُ مُؤَذِّناً لآلِ فُلاَنٍ، كُلَّمَا أَصْبَحْتُ لَعَنْتُ عَلِيّاً أَلْفَ مَرَّةٍ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ، وَكُلَّمَا كَانَ يَوْمُ جُمُعَةٍ لَعَنْتُهُ أَرْبَعَةَ آلافِ مَرَّةٍ، فَخَرَجْتُ يَوْماً مِنْ مَسْجِدِي فَأَتَيْتُ دَارِي فَاتَّكَأْتُ عَلَى هَذِهِ الدَّكَّةِ الَّتِي تَرَى، فَرَأَيْتُ فِي مَنَامِي كَأَنِّي بِالجَنَّةِ وَفِيهَا رَسُولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله وَعَلِيٌّ عليهماالسلامفَرِحَيْنَ، وَكَانَ عَلَى يَمِينِ رَسُولِ اللّه ِ الْحَسَنُ وَعَلَى يَسَارِهِ الْحُسَيْنُ وَمَعَهُ كَأْسٌ، فَقَالَ: يَا حَسَنُ اسْقِنِي فَسَقَاهُ، ثُمَّ [ قال: ] اسْقِ الْجَمَاعَةَ، فَشَرِبُوا ثُمَّ كَأَنَّهُ قَالَ: اسْقِ هذَا الْمُتَّكِئَ عَلَى هذَا الدُّكَّانِ، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: يَا جَدُّ، تَأْمُرُني أَنْ أسْقِيَ هذَا وَهُوَ يَلْعَنُ وَالِدِي كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ مَرَّةٍ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ وَقَدْ لَعَنَهُ فِي هذَا الْيَوْمِ أَرْبَعَةَ آلافِ مَرَّةٍ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ ؟ ! فَأَتَانِي النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله فَقَالَ لِي: ما لَكَ ـ عَلَيْكَ لَعْنَةُ اللّه ِ ـ تَلْعَنُ عَلِيّاً وَعَلِيٌّ مِنِّي! وَتَشْتُمُ عَلِيّاً وَعَلِيٌّ مِنِّي! وَرَأَيْتُهُ وَكَأَنَّهُ تَفَلَ فِي وَجْهِي وَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ، وَقَالَ لِي: قُمْ غَيَّرَ اللّه ُ مَا بِكَ مِنْ نِعْمَةٍ ! فَانْتَبَهْتُ مِنْ نَوْمِي ؛ وَإذا رَأْسِي رَأْسُ خِنْزِيرٍ، وَوَجْهِي وَجْهُ خِنْزِيرٍ.
وَقَالَ لِيَ الْمَنْصُورُ: هذَانِ الْحَدِيثَانِ فِي يَدِكَ ؟
قُلْتُ: لاَ.
فَقَالَ: يَا سُلَيْمَانُ، حُبُّ عَلِيٍّ إِيمَانٌ، وَبُغْضُهُ نِفَاقٌ ؛ وَاللّه ِ لاَ يُحِبُّهُ إلاَّ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يُبْغِضُهُ إلاَّ مُنَافِقٌ.
قَالَ: قُلْتُ: يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ، الأَمَانَ.
قَالَ: لَكَ الأَمَانُ.
قُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي قَاتِلِ الْحُسَيْنِ ؟
قَالَ: إِلَى النَّارِ وَفِي النَّارِ.
قُلْتُ: وَكَذلِكَ مَنْ يَقْتُلُ وَلَدَ رَسُولِ اللّه ِ إِلَى النَّارِ وَفِي النَّارِ.
قَالَ: الْمُلْكُ عَقِيمٌ يَا سُلَيْمَانُ، اُخْرُجْ فَحَدِّثْ بِمَا سَمِعْتَ.
قول الناقوس المنقول من علي عليه السلام[٥]
قَالَ عَبْدُاللّه ِ بنُ الْكَوَّاءِ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ أَمِيرِالْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام وَمَعَهُ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَسَمِعْنَا صَوْتَ النَّاقُوسِ مِنْ عِنْدِ بَعْضِ النَّصَارَى فَقُلْتُ: لَعَنَ اللّه ُ النَّاقُوسَ.
فَقَالَ عليه السلام: لَعَنَ اللّه ُ النَّصَارَى، لاَ تَلْعَنْ صَوْتَ النَّاقُوسِ.
قُلْتُ: وَكَيْفَ ؟
قَالَ: لأَنَّكَ لاَ تَدْرِي مَعْنَى الصَّوْتِ.
قُلْتُ: هذَا صَوْتٌ لاَ يَعْرِفُهُ أَحَدٌ.
فَقَالَ: وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، مَا مِنْ ضَرْبَةٍ تَقَعُ عَلَى ضَرْبَةٍ إلاَّ وَلَهَا مَعْنىً وَفِيهَا عِظَةٌ.
فَقُلْتُ: بَيِّنْ لِي يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ.
قَالَ: /۲۹٦/ يَقُولُ: لاَ إلهَ إلاَّ اللّه ُ حَقّاً حَقّاً، إِنَّ الْمَوْلى صَمَدٌ يَبْقَى، يَحْلُمُ عَنَّا رِفْقاً رِفْقاً، لَوْلا حِلْمُهُ كُنّا نَشْقَى، مَا مِنْ يَوْمٍ يَظْعَنُ عَنَّا، إلاَّ أَوْهَى مِنَّا رُكْناً، يَا ابْنَ الدُّنْيَا مَهْلاً مَهْلاً، زِنْ مَا يَأْتِي وَزْناً وَزْناً، وَأَعْرِضْ عَمَّا يُورِثُ حُزْناً، وَاعْمَلْ خَيْراً تَزْدَدْ حُسْناً، إِنَّا بِعْنَا دَاراً تَبْقَى، وَاسْتَوْطَنَّا دَاراً تَفْنَى، مَا مِنْ حَيٍّ يَبْقَى مِنَّا، إلاَّ أَوْدَى مَوْتاً مَوْتاً، حَثّاً حَثّاً، سَبْقاً سَبْقاً، دَفْناً دَفْناً.
أدعية منقول من على عليه السلام
وَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ:
يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي خَائِفٌ عَلَى نَفْسِي، فَدُلَّنِي عَلَى كَلاَمٍ إِذَا قُلْتُهُ أَمِنْتُ عَلَى نَفْسِي.
فَقَالَ: مَنْ رَأَى السَّبُعَ فَلْيَقْرَأْ: « لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ * وَإِن تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللّه ُ لاَإِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ »[٦].
ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ آخَرُ
فَقَالَ: يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ لِي جَمَلاً وَقَدِ اسْتَعْصَى عَلَيَّ وَأَنَا مِنْهُ عَلَى وَجَلٍ، فَدُلَّنِي عَلَى كَلاَمٍ إِذَا أَنَا قُلْتُهُ ذَلَّ لِي.
فَقَالَ عليه السلام: اقْرَأْ فِي اُذُنِهِ اليُمْنَى: « وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ »[٧].
فَقَالَ الرَّجُلُ ذَلِكَ فَذَلَّ[٨] لَهُ وَأَطَاعَهُ.
ثُمَّ قَامَ إلَيْهِ آخَرُ
فَقَالَ: يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ لِي ضَالَّةً قَدْ ضَلَّتْ، فَدُلَّنِي عَلَى كَلاَمٍ إذَا أَنَا قُلْتُهُ رَدَّ اللّه ُ عَلَيَّ ضَالَّتِي.
فَقَالَ عليه السلام: صَلِّ رَكْعَتَيْنِ تَقْرَأ فِيهِمَا يَاسِين، وَقُلْ: يَا هَادِياً، رُدَّ عَلَيَّ ضَالَّتِي.
فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ فَرَجَعَتْ إِلَيْهِ.
ثُمَّ قَامَ إلَيْهِ آخَرُ
فَقَالَ: يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي أُسَافِرُ فِي الْمِيَاهِ وَالْبِحَارِ فَدُلَّنِي عَلَى كَلاَمٍ إِذَا أَنَا قُلْتُهُ أَمِنْتُ مِنَ الْغَرَقِ.
فَقَالَ عليه السلام: اقْرَأْ: « إِنَّ وَلِيِّيَ اللّه ُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ[٩] * وَمَا قَدَرُوا اللّه َ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالْسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ[١٠] * بِسْمِ اللّه ِ مَجْريها وَمُرْسيهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ »[١١].
ثُمَّ قَامَ إلَيْهِ آخَرُ
فَقَالَ: يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي أُسَافِرُ فَيُلْحِقُنِي التَّعَبُ، فَدُلَّنِي عَلَى كَلاَمٍ إِذَا أَنَا قُلْتُهُ زَالَ عَنِّي الْعَيَاءُ /۲۹۷/.
فَقَالَ عليه السلام: مَنْ نَالَهُ الْعَيَاءُ فَلْيَكْتُبْ عَلَى سَاقِهِ: « وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُغُوبٍ »[١٢].
ثُمَّ قَامَ إلَيْهِ آخَرُ
فَقَالَ: يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ فِي جَوْفِي الْمَاءُ الأَصْفَرُ، فَدُلَّنِي عَلَى كَلاَمٍ إِذَا أَنَا قُلْتُهُ زَالَ عَنِّي.
فَقَالَ عليه السلام: اِقْرَأْ عَلَى بَطْنِكَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَأَوْدِعْهَا بَطْنَكَ، فَإِنَّكَ تَسْلَمُ مِنْ ذَلِكَ.
فَقَالَ: وَكَيْفَ اُودِعُهَا بَطْنِي ؟
فَقَالَ: اُكْتُبْهَا وَاغْسِلْهَا وَاشْرَبْهَا وَقُلْ: إِنِّي أَسْتَوْدِعُكِ بَطْنِي لِتَشْفِيَنِي مِنْ عِلَّتِي.
ثُمَّ قَامَ إلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ
فَقَالَ: يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ الشَّقِيقَةَ وَالصَّدَاعَ يَأْخُذَانِي، فَدُلَّنِي عَلَى كَلاَمٍ إِذَا أَنَا قُلْتُهُ زَالَ عَنِّي ذَلِكَ ؛ فَقَدْ قَطَعَانِي عَنْ مَعَاشِي.
فَقَالَ عليه السلام: اُكْتُبْ: « وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ »[١٣] اُخْرُجْ مِنْهَا فَمَا لَكَ أَنْ تَسْكُنَ فِيهَا « إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ »[١٤] «إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا »[١٥] كَمْ عِرْقٍ سَاكِنٍ وَغَيْرِ سَاكِنٍ مِنْ عَبْدٍ شَاكِرٍ وَغَيْرِ شَاكِرٍ، اُسْكُنْ بِالْحَيِّ القَيُّومِ.
فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذلِكَ فَعُوفِيَ.
فقَامَ إلَيْهِ آخَرُ
فَقَالَ: يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ بِي وَجَعَ الأَضْرَاسِ، فَهَل فِي كِتَابِ اللّه ِ شَيْءٌ إِذَا أَنَا قُلْتُهُ يَنْفَعُنِي ؟
فَقَالَ عليه السلام: اُكْتُبْ: « أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنتُم مِنْهُ تُوقِدُونَ * أَوَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ»[١٦] وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ»[١٧] «فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذلِكَ يُحْيِي اللّه ُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ »[١٨].
ثُمَّ قَامَ إلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ
/۲۹۸/ فَقَالَ: يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي تَأَذَّيْتُ بِالثُّؤْلُولِ، فَهَلْ فِي كِتَابِ اللّه ِ مِنْ شِفَاءٍ ؟
فَقَالَ عليه السلام: اِقْرأْ عَلَيْهِ فِي نُقْصَانِ الشَّهْرِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةً: « وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ»[١٩] «وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثّا »[٢٠].
فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ فَعُوفِيَ.
وَقَامَ إلَيْهِ آخَرُ
فَقَالَ: يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ لِي حَمْلاً، وَإِنَّ أَهْلِي إِذَا كَانَ وَقْتُ الطَّلْقِ يَشْتَدُّ عَلَيْهَا حَتَّى تُشْرِفَ عَلَى الْهَلاَكِ، فَهَلْ فِي كِتَابِ اللّه ِ ـ جَلَّ اسْمُهُ ـ شِفَاءٌ ؟
فَقَالَ عليه السلام: اُكْتُبْ: بِسْمِ اللّه ِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، إِلى مَنْ فِي الرَّحِمِ اخْرُجْ أَيُّهَا الْجَنِينُ مِنَ الرَّحِمِ الضَيِّقِ، اخْرُجْ إلَى الأَرْضِ الَّتِي «مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى»[٢١] فَـ « كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا »[٢٢].
«كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِن نَهَارٍ»[٢٣] «إِذَا السَّماءُ انشَقَّتْ *وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا »[٢٤] الْوَلَد، وَتُعَلِّقُهُ عَلَى فَخِذِها الأَيْمَنِ.
فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ فَرَأَى فِيهِ الشِّفَاءَ.
ثُمَّ قَامَ إلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ
فَقَالَ: يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي مُبْتَلىً بالرُّعَافِ، فَهَلْ فِي كِتَابِ اللّه ِ مِنْ شِفَاءٍ ؟
فَقَالَ عليه السلام: اكْتُبْ وَعَلِّقْهُ عَلَيْكَ: « إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ»[٢٥] «وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ»[٢٦] «وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ »[٢٧].
فَفَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ فَشُفِيَ.
ثُمَّ قَامَ إلَيْهِ رَجُلٌ آخَرُ
فَقَالَ: يَا أَمِيرَالْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ لِي وَلَداً غَائِباً مُنْذَ دَهْرٍ، فَهَلْ مِنْ فَرَجٍ ؟
فَقَال: اكْتُبْ: اللَّهُمَّ إِنَّ السَّمَاءَ سَمَاؤُكَ، وَالأَرْضَ أَرْضُكَ، وَالبَرَّ بَرُّكَ، وَالْبَحْرَ بَحْرُكَ، وَمَا بَيْنَهُمَا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ اجْعَلِ الأَرضَ بِمَا رَحُبَتْ عَلَى فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ أَضْيَقَ مِنْ مَسْكِ جَمَلٍ، وَخُذْ بِسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَقَلْبِهِ « أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِن فَوْقِهِ سَحَابٌ /۲۹۹/ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللّه ُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُورٍ »[٢٨].
وَاكْتُبْ حَوْلَهُ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَعَلِّقْهُ فِي الْهَوَاءِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ دَعْهُ حَيْثُ كَانَ يَأْوِي ؛ فَإنَّهُ يَرْجِعُ بِإِذْنِ اللّه ِ.
فَفَعَلَ الرَّجُلُ فَرَجَعَ وَلَدُهُ.
لِعُسْرِ الْوَلَدِ
يَا خَالِقَ النَّفْسِ مِنَ النَّفْسِ، وَيَا مُخْرِجَ النَّفْسِ مِنَ النَّفْسِ، أَفْرِجْ عَنْهَا.
وَأَيْضاً لِعُسْرِ الْوَلَدِ
« إِذَا السَّماءُ انشَقَّتْ * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ * وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ * وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا »[٢٩] الْوَلَدُ لِكُلِّ حَامِلِ هذَا الْكِتَابِ لا كلسيطيعيللا.