وقال (عليه السلام): رُبَّ مَفْتُون بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِ.                
وقال (عليه السلام): الدُّنْيَا خُلِقَتْ لِغَيْرِهَا، ولَمْ تُخْلَقْ لِنَفْسِهَا.                
وقال (عليه السلام): مَنِ اتَّجَرَ بِغَيْرِ فِقْه ارْتَطَمَ فِي الرِّبَا.                
وقال (عليه السلام): مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ.                
وقال (عليه السلام): مَنْهُومَانِ لاَ يَشْبَعَانِ: طَالِبُ عِلْم، وَطَالِبُ دُنْيَا.                
وقال (عليه السلام): الغِنَى والْفَقْرُ بَعْدَ الْعَرْضِ عَلَى اللهِ.                
وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                

Search form

إرسال الی صدیق
الأستاذ فتحي يكن في رحاب نهج البلاغة

فتحي يكن [١]

يصعب جدّاً الإحاطة بما تضمّنه كتاب نهج البلاغة للإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه ورضي الله عنه وأرضاه ، من موضوعات تتعلّق بمختلف شؤون الحياة ، سابرة أغوارها ، مستكشفة أبعادها ، مقدمة المواعظ والعبر والدروس والحكم النافعة الجليلة من خلالها .
سأتناول من (نهج البلاغة) سفراً من أسفاره ، وقبساً من قبساته ، والذي يلفت فيه ببلاغة العالم ، وعلم الرسالي ، وإحاطة الداعية ، وسرّ نجاح وفلاح الإمام حيث يقول : «من نصب نفسه للناس إماماً ، فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره ، وليكن تهذيبه بسيرته قبل تهذيبه بلسانه ، ومعلم نفسه ومهذّبها أحقّ بالإجلال من معلم الناس ومهذّبهم» .
إنّه سرّ نجاح الإمامة ، وخلفية تألّق الإمام . . . سواء كانت إمامة دعوة ، أو إمامة ولاية ، وسواء كانت إمامة صغرى أو كبرى . .
فسبب النجاح يبقى هو هو ، وسرّ الأثر لا يتبدّل ولا يتغيّر . . . إنّه تأكيد للسنّة الإلهية الثابتة الماضية : {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلا} تلكم هي (سنّة التغيير) التي تتجلّى في قوله تعالى : {إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْم حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} .
فمن يتصدّى للإمامة . . للقيادة . . للدعوة . . للرسالة . . للإمامة . . . لابدّ وأن يكون تمكّن من إمامة نفسه ، وقيادة ذاته برسالة الإسلام ، كما لابدّ وأن يكون قد أحكم قياد حياته وفق أمر الله وأمر رسوله(صلى الله عليه وآله) . وهذا مناط قوله(عليه السلام) : «فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره».
ومن يفعل ذلك يكن ماضياً وفق السنّة الإلهية . . ومن التزم السنن الإلهية لا يضلّ ولا يشقى ، وإنّما يبقى مسدّداً مهتدياً راشداً مسترشداً .
إذا لم يكن عون من الله للفتى فأوّل ما يقضي عليه اجتهاده
فالذي يُطلّ على الناس بحال الإسلام غير الذي يطل عليهم بمقال الإسلام . . والذي يترجم الإسلام بأعماله غير الذي يترجمه بلسانه . . وهذا مناط قوله(رضي الله عنه) : «وليكن تهذيبه بسيرته قبل تهذيبه بلسانه» .
إنّ حالة الانفصام بين الادّعاء والواقع ، وبين القول والعمل ، وبين الشعار والمضمون حالة مرضية ومذمومة ، وقبيحة ومقبوحة ، ورذيلة ومرذولة ، ويجب أن لا ترى النور ضمن الدائرة الإسلامية التي تفرض التجانس والوئام بين النظرية والتطبيق; ليتحقّق الفوز والفلاح في الحياة الدنيا «ومعلّم نفسه ومهذّبها أحقّ بالإجلال من معلّم الناس ومهذّبهم» . فضلا عن الفوز برضا الله تعالى ، وذلك هو الفوز العظيم .
من هنا كان الخطاب القرآني يتهدّد ويتوعّد أولئك المصابين بداء انفصام الشخصية فيقول : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ} .

---------------------------------------------

[١] . فتحي محمد عناية المعروف بفتحي يكن نسبة إلى جده لأبيه و" يكن " تعني ابن أخت السلطان  ، نائب سابق في البرلمان ، سياسي وعالم دين لبناني ورئيس جبهة العمل الإسلامي في لبنان والأمين العام السابق للجماعة الإسلامية في لبنان.

****************************