وقال (عليه السلام): النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا.                
وقال (عليه السلام): الْغِيبَةُ جُهْدُ الْعَاجزِ.                
وقال (عليه السلام): ما أَنْقَضَ النَّوْمَ لِعَزَائِمِ الْيَوْمِ.                
وقال (عليه السلام) : مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ .                
وقال (عليه السلام): زُهْدُكَ فِي رَاغِب فِيكَ نُقْصَانُ حَظّ، وَرَغْبَتُكَ فِي زَاهِد فِيكَ ذُلُّ نَفْس.                
وقال (عليه السلام):مَنْ عَظَّمَ صِغَارَ الْمَصَائِبِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِكِبَارِهَا.                
وقال (عليه السلام): الدُّنْيَا خُلِقَتْ لِغَيْرِهَا، ولَمْ تُخْلَقْ لِنَفْسِهَا.                

Search form

إرسال الی صدیق
رأي إبن أبي الحديد في نهج البلاغة

لا يفوتنا أن نذكر رأي ابن أبي الحديد المعتزلي في ( نهج البلاغة ) فان له اليد الطولى في النقد والتمحيص ، وقدما راسخة في التحقيق والدراية ، قال : ان كثيرا من أرباب الهوى   [١] .

يقولون : انّ كثيرا من ( نهج البلاغة ) كلام صنعه قوم من فصحاء الشيعة ، وربما عزوا بعضه الى الرضي ابي الحسن وغيره ، وهؤلاء قوم أعمت العصبية أعينهم ، فضلوا عن النهج الواضح ، وركبوا بينات الطريق ضلالا وقلة معرفة باساليب الكلام .
وانا أوضح لك بكلام مختصر ما في هذا الخاطر من الغلط .
فأقول : إمّا أن يكون كل ( نهج البلاغة ) مصنوعا منحولا ، أو بعضه ، والاول باطل بالضرورة ، لأنا نعلم بالتواتر صحة اسناد بعضه الى امير المؤمنين عليه السّلام ، وقد نقل المحدثون كلهم أو جلهم والمؤرخون كثيرا منه ، وليسوا من الشيعة لينتسبوا الى غرض في ذلك ، والثاني يدل على ما قلناه ، لأن من أنس بالكلام والخطابة وشدا طرفا من علم البيان ، وصار له ذوق في هذا الباب لا بد أن يفرق بين الكلام الركيك والفصيح ، وبين الفصيح الأفصح ، وبين الأصيل والمولد ، واذا وقف على كراس واحد يتضمن كلاما لجماعة من الخطباء أو لاثنين منهم فقط فلا بد أن يفرق بين الكلامين ويميّز بين الطريقتين ، ألا ترى انا مع معرفتنا بالشعر ونقده لو تصفحنا ديوان أبي تمام فوجدناه قد كتب في أثنائه قصائد أو قصيدة واحدة لغيره لعرفنا بالذوق مباينتها لشعر أبي تمام ونفسه وطريقته ، ومذهبه في القريض ألا ترى أن العلماء بهذا الشأن حذفوا من شعره قصائد كثيرة منحولة اليه لمباينتها لمذهبه في الشعر وكذلك حذفوا من شعر أبي نؤاس شيئا كثيرا لما ظهر لهم أنه ليس من الفاظه ، ولا من شعره ، وكذلك غيرهما من الشعراء ولم يعتمدوا في ذلك الا على الذوق خاصة وانت اذا تأملت ( نهج البلاغة ) وجدته كله ماء واحدا ونفسا واحدا ، واسلوبا واحدا كالجسم البسيط الذي ليس بعض من ابعاضه مخالفا لباقي الأبعاض في الماهية وكالقرآن العزيز اوله كأوسطه ، واوسطه كآخره ، وكل سورة منه وكل آية مماثلة في المأخذ والمذهب والفنن والطريق والنظم لباقي الآيات والسور ، ولو كان بعض ( نهج البلاغة ) منحولا ، وبعضه صحيحا لم يكن ذلك كذلك ، فقد ظهر لك بهذا البرهان الواضح ضلال من زعم أن هذا الكتاب أو بعضه منحول إلى أمير المؤمنين عليه السّلام . . .

واعلم أن قائل هذا القول يطرق على نفسه ما لا قبل له به ، لأنا متى فتحنا هذا الباب ، وسلطنا الشكوك على أنفسنا في هذا النحو لم نثق بصحة كلام منقول عن رسول الله صلى الله عليه وآله أبدا ، وساغ لطاعن أن يطعن ويقول : هذا الخبر منحول ، وهذا الكلام مصنوع ، وكذلك ما نقل عن أبي بكر وعمر من الكلام والخطب والمواعظ والأدب وغير ذلك ، وكل أمر جعله هذا الطاعن مستندا له فيما يرويه عن النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ، والأئمة الراشدين ، والصحابة والتابعين ، والشعراء والمترسلين والخطباء ، فلناصري أمير المؤمنين عليه السّلام أن يستعدوا إلى مثله فيما يروونه عنه من ( نهج البلاغة ) وغيره وهذاواضح [٢]  .

------------------------------------------------------

[١] . اصحاب هذا الرأى أسبق من ابن خلكان ولكنهم مجهولون ولذا جعلناه رأس المشككين في ( النهج ) .

[٢] . شرح نهج البلاغة م ، ٢ ص ٥٤٦ .

****************************