وقال (عليه السلام): الرِّزْقُ رِزْقَانِ: طَالِبٌ، وَمَطْلُوبٌ، فَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا طَلَبَهُ الْمَوْتُ حَتَّى يُخْرِجَهُ عَنْهَا،مَنْ طَلَبَ الاْخِرَةَ طَلَبَتْهُ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رِزْقَهُ مِنْهَا.                
وقال (عليه السلام): إِذَا وَصَلَتْ إِليْكُمْ أَطْرَافُ النِّعَمِ فَلاَ تُنْفِرُوا أَقْصَاهَا بِقِلَّةِ الشُّكْرِ .                
وقال (عليه السلام): إِذَا قَدَرْتَ عَلَى عَدُوِّكَ فَاجْعَلِ الْعَفْوَ عَنْهُ شُكْراً لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ .                
وقال (عليه السلام): يَهْلِكُ فِيَّ رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ مُفْرِطٌ، وَبَاهِتٌ مُفْتَر.                
وقال (عليه السلام): زُهْدُكَ فِي رَاغِب فِيكَ نُقْصَانُ حَظّ، وَرَغْبَتُكَ فِي زَاهِد فِيكَ ذُلُّ نَفْس.                
وقال (عليه السلام): النَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا.                
وقال (عليه السلام): الْحِلْمُ وَالاَْنَاةُ تَوْأَمَانِ يُنْتِجُهُمَا عُلُوُّ الْهِمَّةِ.                

Search form

إرسال الی صدیق
بحث حول كتاب نهج البلاغة – الثاني

محمد حسن آل ياسين

الشبهات
الأولى ـ التعريض بصحابة رسول الله (ص). وذلك ما لا يتناسب ومقام الإمام وعظمة خلقه وسمو نفسه.
الثانية ـ تكرّر لفظي «الوصي» و«الوصاية» في نهج البلاغة. وتلك لفظة لم يكن يعرفها المسلمون يومذاك، وإنما ابتدعها المبتدعون بعد ذلك التاريخ بمدة طويلة.
الثالثة ـ طول بعض الخطب الواردة في النهج كما في الخطبة المسماة بـ«القاصعة» والأخرى المسماة بـ«الأشباح»، وكذلك طول بعض الكتب كـ«العهد» المكتوب لمالك الأشتر عندما ولاه الإمام أمر مصر. وذلك ما يخالف الأسلوب المألوف لدى الصحابة وغيرهم من البلغاء أو آنذاك.
الرابعة ـ السجع والتنميق والصنعة اللفظية والزركشة في التعبير. وذلك ما لم يعرفه الأدب العربي إلا بعد عصر الإمام.
الخامسة ـ دقة الوصف كما في الخطب المعنية بوصف الخفاش والطاووس والنملة والجرادة. وذلك ما لم نجد له مثيلاً في المأثور من كلام العرب في صدر الإسلام: وإنما هو آثار تعريب التراثين اليوناني والفارسي وتأثّر العرب به، وهو متأخر عن عصر الإمام بكثير.
السادسة ـ استعمال الإحصاءات العددية كقوله: «الاستغفار على ستة معان» وكقوله: «الإيمان على أربع دعائم» وكقوله: «الصبر على أربع شعب». وهذا أيضاً من آثار التأثر بالتعريب، ولم يكن معروفاً أو مألوفاً في عصر الإمام.
السابعة ـ ورود عبارات في النهج قد يستشف منها القارئ ادعاء علي علم الغيب. وذلك ما يجب أن يكرم مقام الإمام عنه، لأنه من خصائص النبوة التي لا يصح ادعاؤها لأي شخص بعد النبي (ص).
الثامنة ـ الإكثار من كلمات الزهد وذكر الموت. وهذا من نتائج التأثر بالمنهج المسيحي من جهة وبالحركة الصوفية من جهة أخرى. وذلك كله متأخر جداً عن عصر علي.
التاسعة ـ رواية بعض الكتب والمراجع القديمة لبعض الجمل الواردة في النهج منسوبة إلى أشخاص آخرين.
العاشرة ـ خلو كثير من كتب اللغة والأدب من الاستشهاد بما ورد في نهج البلاغة. وإعراض أولئك الأعلام عن الاستشهاد بكلام الإمام دليل على رفضهم لصحة انتسابه لعلي عليه السلام.
هذه هي خلاصة وجيزة وأمينة لكل ما قيل من شكوك وشبهات في مسألة انتساب نهج البلاغة للإمام. ونورد في أدناه جواب هذه الشبهات بالتسلسل، عسى أن يكون فيه ما يرضي الباحث ويقنع الحائر، فنقول:

جواب الشبهة الأولى
إنّ الصحبة ـ في اللغة ـ لا تدل على أكثر من المعاشرة والمعاصرة، ولا علاقة لها بتوافق الرأي وانسجام العقيدة بين الصاحبين أبداً، ويقول تعالى في محكم كتابه: (قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك) ويقول تعالى مخاطباً كفرة مكة: (ما بصاحبكم من جنة) وإلى آخر ما هنالك من شواهد قرآنية وحديثية وشعرية.
ومن هنا يظهر انّ من عاصر رسول الله (ص) وعاشره وإن صحّ إطلاق لفظ (الصاحب) عليه لا يمكن أن يوصف بالإيمان والتقى والورع والوثاقة لمجرد تلك المعاصرة والمعاشرة، بل لابد من دراسة شاملة لأعمال ذلك الصحابي ليرى من سلوكه وتدينه والتزامه مدى استحقاقه لصفة الوثاقة وللتزكية الحقيقية له في ضوء ذلك كله.
وحسبنا دليلاً على ذلك ما رواه البخاري عن النبي (ص) من قوله: «ليرفعن إلي رجال منكم حتى إذا أهويت لأناولهم اختلجوا دوني، فأقول: أي رب أصحابي، يقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك» وفي نص آخر: «فأقول: أمتي، فيقول: لا تدري مشوا على القهقهرى»، وفي نص ثالث: «فيقال: إنك لا تدري ما بدلوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً لمن بدل بعدي»  [١] .
وفي لفظ ابن ماجة: «ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ويحكم أو ويلكم لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض» [٢].
وإذن، فليس كل صحابي منزهاً من الذم، وليس كل صحابي محرّم الثلب، ولذلك فلا مانع ـ أبداً ـ أن يذكر علي بالذم والثلب من يستحق ذلك منهم، خصوصاً وانّ بعضهم قد شهر السلاح بوجهه وأعلن الحرب عليه وكان يودّ قتله وسفك دمه مهما كانت الوسائل وبأي سبيل كان.
ومن هنا نرى انّ كلمات الذم هذه لم تكن بالشكل الذي «لا يليق صدورها عن رجل مثل علي في دينه وعلمه وتقواه» كما يزعم محمود محمد شاكر، ولم تكن مما يجب إنكاره «تنزيهاً لعلي عن الهبوط إلى هذا المستوى» كما يدعي الدكتور شفيع السيد.
وهل يعتبر ذم الناكثين والقاسطين والطعن في المارقين والمنحرفين عملاً منافياً للتقوى أو مخالفاً لأحكام الدين!!
ولذلك، فلم يكن من المستبعد أن يذمّ علي هؤلاء وأشباههم، وليس في ورود مثل هذا الذم في كلامه ما يحمل على الشك في انتساب ذلك الكلام إليه. خصوصاً وانه قد أثنى على الصحابة الملتزمين الأثبات ثناءً جميلاً بلغ حد التأوه والحنين على فراقهم، وعلل حنينه عليهم لأنهم «تلوا القرآن فأحكموه، وتدبروا الفرض فأقاموه، أحيوا السنة وأماتوا البدعة...» إلخ  [٣] .
وهذه هي الموضوعية المذهلة الرائعة التي سار عليها علي عليه السلام طيلة حياته: يقول الحق، وينطق بالصدق، يمدح من استحق المدح، ويذمّ من استأهل الذم، ولا تأخذه في كل ذلك لومة لائم.

جواب الشبهة الثانية
انّ كلمة «الوصية» ومشتقاتها قد تكررت في القرآن الكريم عدة مرات [٤] ، كما تكررت في كلام النبي (ص) مرات أيضاً، ومنها ما أعلنه في اجتماع الإنذار عندما قال النبي (ص): «فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصي وخليفتي فيكم؟ فأحجم القوم عنها جميعاً فقام علي فقال أنا يا نبي الله... إلخ»  [٥] .
كما انّ هناك أحاديث نبوية متعددة وصف فيها علي بـ«الوصي» و«أفضل الأوصياء» و«خاتم الوصيين» روتها كتب كثيرة ومراجع شهيرة معتمدة عند المسلمين [٦] .
ونظم الشعراء هذا المعنى في ذلك العصر، وكان منهم رجل اللغة والنحو أبو الأسود الدؤلي الذي يقول:
 

أحب محمداً حباً شديداً***وعباساً وحمزة والوصيا [٧]

وكان منهم حسان بن ثابت الذي يقول من جملة قصيدة يخاطب بها علياً:
 

ألست أخاه في الهدى ووصيه***وأعلم منهم بالكتاب والسنن [٨]
وكذلك النعمان بن العجلان الذي يقول في أثناء مقطعة له:
وصي النبي المصطفى وابن عمّه***وقاتل فرسان الضلالة والكفر [٩]

 

وإلى كثير من الشعراء الذين عقد ابن أبي الحديد فصلاً خاصاً لهم ولما ورد في شعرهم من «وصاية» علي، وهم عدد كبير من البدريين وآخرون من الصحابة والتابعين [١٠] .
أمّا الشعراء المتأخرون عن ذلك العهد ـ عهد الصحابة والتابعين ـ فقد تكررت في شعرهم كلمة «الوصي» نعتاً خاصاً بعلي، ولكننا لا نرى المجال متسعاً لسرد ذلك كله، ومثله القول في غير الشعراء من المؤرخين وكتاب التراجم وسائر المؤلفين.
وإذن، فكلمة «الوصي» نبوية أصيلة لا يسع المسلم ولا غير المسلم نكران أصالتها اللغوية والدينية والتاريخية، وقد استعملها الجيل الأول من أجيال الإسلام بمعناها الخاص الذي نعنيه.

جواب الشبهة الثالثة
انّ الطول والقصر في الخطبة والعهد والرسالة إنّما يرتبط بمناسبة الكلام، وقد عرف العلماء البلاغة: بأنّها مطابقة الكلام لمقتضى الحال، فإذا اقتضت الحال التطويل كان على البليغ أن يطيل، وإذا اقتضت التقصير قصر، وعندما رأى بليغ العرب سحبان وائل وهو في مجلس معاوية انّ المقام يستدعي الاطالة قام فخطب من حين انتهاء صلاة الظهر وإلى أن حل وقت العصر [١١] ، من دون أن يرى أحد الحاضرين انّ ذلك مخالف للبلاغة أو خارج عن أصول الكلام.
وقد أجاب على هذه الشبهة عدد من الكتّاب، منهم الدكتور زكي مبارك الذي يقول:
«إنّ مسألة الإيجاز والاطناب كانت تجري في الغالب على مقتضى الحال، فكان الكاتب يوجز تارة ويطنب أخرى، وفقاً للظروف التي يكتب فيها رسالته، وكان من الخطباء من يطيل وكان منهم من يوجز، ولا يرجعون في ذلك إلى قاعدة غير المناسبات التي توجب الكلام، فتقتضي مرة بالإطناب وتقضي حيناً بالإيجاز.
وسحبان وائل الذي عرف بالتطويل وبأنه كان يخطب أحياناً نصف يوم أثرت عنه الخطب القصيرة الموجزة».
«ورسائل علي بن أبي طالب وخطبه ووصاياه وعهوده إلى ولاته تجري على هذا النمط فهو يطيل حين يكتب عهداً يبين فيه ما يجب على الحاكم في سياسة القطر الذي يرعاه، ويوجز حين يكتب إلى بعض خواصه في شأن معين لا يقتضي التطويل»  [١٢] .

جواب الشبهة الرابعة
انّ السجع والازدواج اللفظي ليس شيئاً غير معروف في ذلك العصر كما يزعم الدكتور أحمد أمين [١٣]، وحسبنا فيه انه أسلوب القرآن الكريم، وما أحرى تلميذ القرآن بالسير على منهج القرآن حتى في الأسلوب والتعبير وفن صياغة الكلام.
وقد روى المحدثون والمؤرخون سجعاً وازدواجاً في كلام النبي (ص)   [١٤]، وكلمات بعض الصحابة، ولكن دليل القرآن هوالأصل، وقد سار الجميع على هدى هذا الكتاب وتأثروا بأسلوبه.
ويقول الدكتور زكي مبارك معلقاً على ذلك:
«وقد رأينا التوحيدي يخترع السقيفة ويرى من الفن أن ينطق الصحابة بكلام مسجوع لأنه كان يعرف لغتهم كذلك» [١٥] .
وإذن، فالكلام المسجوع كان معروفاً ومألوفاً يومذاك، ولا مجال للشك في صحة نسبة مثل هذا الكلام للنبي وصحابته ومعاصريه.

جواب الشبهة الخامسة
إنّ دقة الوصف لشيء ما فرع التأمل الدقيق في ذلك الشيء وكلما كان التأمل أعمق وأدق وكان الوصف أشمل وأكمل كان معنى ذلك انّ المتأمل على جانب كبير من الذكاء والعبقرية. وهؤلاء العلماء الذين عرفهم العلم في كلّ عصوره كان نبوغهم مستنداً إلى التأمل في الأشياء وفي البحث عن كنهها وأعماقها المجهولة ثم وصف ما يجهله الناس من ذلك الكنه الغامض وتلك الأعماق التي لم يعرف بنو الإنسان عنها شيئاً.
ولا أظن انّ إنساناً ينكر على أي عالم من هؤلاء دقة وصفه وعمق غوره وكشفه الأسرار والأستار الخفية المجهولة.
فلماذا ينكر الدكتور أحمد أمين [١٦] وأشباهه على علي أن يصف الجرادة بدقة أو يتحدّث عن النملة بعمق؟!
انها مسألة فيها نظر!
وحتى «الطاووس» الذي كان وصف علي له دليلاً ـ لدى بعض المغفلين ـ على كذب نسبة تلك الخطبة للإمام لأن المدينة لم يكن فيها طواويس، فقد شاهده الإمام بالكوفة «وكانت يومئذ تجبى إليهما ثمرات كلّ شيء وتأتي إليها هدايا الملوك من الآفاق»  [١٧] ، وتأمل فيه بدقة، وعاينه معاينة العالم الذكي العبقري، وخرج من كل ذلك بما ذكره في خطبته الواردة في نهج البلاغة، وقد أشار في خلالها إلى معنى الملاحظة الفاحصة المبنية على المشاهدة العميقة والرؤية الدقيقة فقال عليه السلام: «احيلك من ذلك على معاينة»  [١٨] .
ولعلّ ذنب علي في ذلك كلّه انّه كان دقيق النظر بأكثر مما كان عليه أهل عصره!
وانّه لذنب كبير بلا شك!!

جواب الشبهة السادسة
انّ التقسيمات العددية الواردة في نهج البلاغة ليست بدعاً في بابها، والظاهر انّ الدكتور أحمد أمين لم يكلّف نفسه عناء المراجعة عندما كتب يقول عن هذه التقسيمات انها «إنما حدثت بعد أن نقلت الفلسفة اليونانية إلى العربية وبعد أن دوّنت العلوم»   [١٩].
وقد ورف في المأثور من كلام النبي (ص): «ثلاثة لا يكاد يسلم منهن أحد... إلخ»   [٢٠]. «أوصاني ربي بتسع وأنا أوصيكم بها...» [٢١]. «أربع من النشر: شرب العسل... إلخ»  [٢٢].
وورد في المروي عن الخليفة أبي بكر: «ثلاث فعلتهن وددت أني تركتهن، وثلاث تركتهن وددت أن فعلتهن، وثلاث وددت أني سألت رسول الله (ص) عنهن، فأمّا الثلاث...»  [٢٣] .
وورد في المروي عن الخليفة عمر: «النساء ثلاث... إلخ»  [٢٤] . «الإنسان لا يتعلم العلم لثلاث ولا يتركه لثلاث... إلخ»  [٢٥] .
«الرجال ثلاثة... إلخ»   [٢٦]. «ثلاث خصال من لم يكن فيه لم ينفعه الإيمان... إلخ»  [٢٧] .
إلى كثير من أمثال ذلك مما هو مروي عن الصحابة والتابعين وغيرهم، فهل كلّ ذلك مما لفّقه الشيعة على لسانهم؟ أم ان الشريف الرضي هو الذي وضعه ونحله هذا وذاك؟!
وأين كان الدكتور أحمد أمين وأضرابه عن هذه النصوص؟!

جواب الشبهة السابعة
كان علي عليه السلام يخطب بالبصرة ويخبر في خطبته ببعض الملاحم «فقال له بعض أصحابه: لقد أعطيت يا أميرالمؤمنين علم الغيب. فضحك عليه السلام وقال للرجل وكان كلبياً: يا أخا كلب، ليس هو بعلم غيب وإنما هو تعلم من ذي علم... علمه الله نبيه فعلمنيه، ودعا لي بأن يعيه صدري» [٢٨].
وهذا هو قولنا في علم الأئمة بالغيب.
تعلم من ذي علم، وهو رسول الله صلى الله عليه وآله.
ويؤكد هذا المعنى ما أخرجه الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان بسنده عن ابن المغيرة، قال: «كنت أنا ويحيى بن عبدالله بن الحسن عند أبي الحسن [الإمام موسى بن جعفر] عليه السلام، فقال له يحيى: جعلت فداك انهم يزعمون انك تعلم الغيب، فقال: سبحان الله... لا والله ما هي إلا وراثة عن رسول الله (ص) [٢٩] .
وهكذا يكشف لنا علي وولده موسى بن جعفر عليهما السلام حقيقة علم الغيب الوارد في كلام الأئمة، ولكن عباس محمود العقاد عندما خفي عليه هذا المعنى ولم يقف على كلام الإمام في نهج البلاغة سارع إلى القول: بأن «النبوءات التي جاءت في نهج البلاغة عن الحجاج وفتنة الزنج وغارات التتار وما إليها هي من مدخول الكلام عليه ومما أضافه النساخ إلى الكتاب بعد وقوع تلك الحوادث بزمن قصير أو طويل»   [٣٠].
وهذا من الإشكالات المضحكة!
وعندما يزعم انّ ذكر غارات التتار في نهج البلاغة «من مدخول الكلام» و«مما أضافه النساخ» فإنه لا يعلم بأن في مكتبات العالم اليوم نسخاً من نهج البلاغة قد كتبت قبل عصر التتار وقبل احتلال بغداد من قبلهم [٣١] ، وقد ورد فيها هذا النص كما هو مثبت في نهج البلاغة المطبوع، وكذلك النسخة التي اعتمد عليها ابن أبي الحديد وهي بخط الشريف الرضي  [٣٢] .
فمن أدخل هذا الكلام يا ترى؟ وأيّ ناسخ أضافه؟
وهل نسبة علم الغيب إلى الوضاعين والناسخين أقرب إلى القبول من نسبته لعليّ ؟!

جواب الشبهة الثامنة
ان الظروف الاجتماعية المتطورة التي فتحت على المسلمين آفاق الأرض لم تصحبها عدالة في توزيع الثروة وفي تنظيم الحياة العامة لهم بالانصاف والمساواة الإسلامية، فحصل ـ نتيجة لذلك ـ من سوء النظام وسوء التوزيع والاثراء الفظيع لبعض النفعيين على حساب الفقر المدقع للكثرة الكاثرة من الناس، ما حمل الإمام على استعمال هذا الأسلوب الزهدي المشار إليه وعلى تكرار ذلك والتأكيد عليه ليخفف من غلواء هذه الرأسمالية العجيبة والطبقية الخطيرة.
وكدليل على صحة هذا الاستنتاج نجد انّ أفراداً من أصحابه ممن أرادوا الزهد الحقيقي ولم يكونوا من أولئك الذين يخشى عليهم من أن يعميهم حب الدنيا وحب المال قد لامهم على زهدهم المتطرف كمثل قوله لعاصم بن زياد الحارثي عندما بلغه انه لبس العباءة وتخلى عن الدنيا: «يا عدي نفسه، لقد استهام بك الخبيث، أما رحمت أهلك وولدك. أترى الله أحلّ لك الطيبات وهو يكره أن تأخذها.. قال: يا أميرالمؤمنين، هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك. قال: ويحك انّي لست كأنت. إن الله فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا يتبيغ [أي يهيج الألم] بالفقير فقره»  [٣٣].
وإذن، فلم يكن علي بزهده يريد أن يرسم الناس منهج سلوكهم، وإنما كان يرى في زهده قياماً بواجب المركز وشؤون المسؤولية. وقد شرح هو ـ سلام الله عليه ـ ذلك بكل تفصيل في رسالته لعثمان بن حنيف واليه على البصرة، وكان مما قال له في أثناء هذه الرسالة:
«ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل ولباب هذا القمح ونسائج هذا القز، ولكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة، ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشبع، أو أبيت مبطاناً وحولي بطون غرثى وأكباد حرّى؟ أأقنع من نفسي بأن يقال أميرالمؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش»   [٣٤].
وعندما يصف علي المتقين لا يصفهم بالزهد والتصوف وحرمان النفس من طيبات الحياة الدنيا وإنما يوكد «ان المتقين ذهبوا بعاج الدنيا وآجر الآخرة، فشاركوا أهل الدنيا في دنياهم، ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم. سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، وأكلوها بأفضل ما أكلت، فحظوا من الدنيا بما حظي به المترفون.. ثم انقلبوا عنها بالزاد المبلغ والمتجر الرابح» [٣٥] .

جواب الشبهة التاسعة
انّ رواية بضعة فقرات من نهج البلاغة منسوبة لغير علي في بعض المراجع والكتب التراثية أمر لا يدلّ على نفي نسبة أو تلفيق سند، كيف وقد حدث مثلها في بعض ما نسب إلى النبي (ص) وإلى عدد من الصحابة من جمل وفقرات، كما حدث مثلها في عدد كبير من الشعر العربي القديم.
وليس معنى نسبة فقرة نبوية إلى غير النبي في كتاب ما، أو نسبة بيت من الشعر إلى شاعر ما وغيره انّ الحديث النبوي أصبح محل شك أو إشكال، أو ان ديوان الشاعر الفلاني قد أصبح مرفوض النسبة والسند.
هذا كله، بالإضافة إلى تلك الحملة الشعواء التي شنها الحكم الأموي وعدد من الحكام العباسيين على شخص علي بفضائله ومناقبه وأحاديثه وتاريخه، مما حدا بالكثير إلى كتمان ما يعلمه أولئك عن علي، وإلى الاستشهاد بكلامه من دون تصريح باسمه في معظم الأحيان.
وعندما يعلن الخليفة ـ وهو الحاكم المطلق ـ براءة الذمة ممن يذكر أبا تراب بخير، أيبقى مجال لتداول كلامه بين الناس علنا، وإذا كان الجواب بالنفي صحيحاً ـ وهو صحيح قطعاً ـ فلماذا يتعجب محمود محمد شاكر من كون حديث علي (ع) عند القاسم بن سلام بمقدار ربع حديث عمر بن الخطاب (رض)، وهل يكون ذلك دليلاً على الشك في نهج البلاغة!!

جواب الشبهة العاشرة
كثيرة هي المصادر التراثية المعتمدة التي تروي كلام علي وخطبه، وقد سبق تأليفها على عهد الشريف الرضي جامع نهج البلاغة [٣٦].
وكان السيد عبدالزهراء الخطيب الحسيني قد أحصى (١٠٩) مصادر مؤلفة قبل سنة ٤٠٠هـ ـ وهي سنة جمع الشريف للنهج ـ قد استشهدت بكلام الإمام وخطبه ورسائله [٣٧] وحملت إلى الأجيال التالية تلك النصوص العلوية دون أن تبدي أيّ شكّ في ذلك أو ريب أو توقف.
ويكفينا أن نعلم أنّ من جملة أولئك الرواة القدماء: المفضل الضبي المتوفى سنة ١٦٨هـ ونصر بن مزاحم المتوفى سنة ٢٠٢هـ والقاسم بن سلام المتوفى سنة ٢٢٣هـ وابن سعد المتوفى سنة ٢٣٠هـ ومحمد بن حبيب المتوفى سنة ٢٤٥هـ والجاحظ المتوفى سنة ٢٥٥هـ والسجستاني المتوفى سنة ٢٥٥هـ والزبير بن بكار المتوفى سنة ٢٥٦هـ والمبرد المتوفى سنة ٢٥٨هـ وابن قتيبة المتوفى سنة ٢٧٦هـ والبلاذري المتوفى سنة ٢٧٩هـ والبرقي المتوفى سنة ٢٧٤هـ أو ٢٨٠هـ واليعقوبي المتوفى سنة ٢٨٤هـ وأبا حنيفة الدينوري المتوفى حوالي سنة ٢٩٠هـ وأبا جعفر الصفار المتوفى سنة ٢٩٠هـ وأبا العباس ثعلب المتوفى سنة ٢٩١هـ وابن المعتز المتوفى سنة ٢٩٦هـ والطبري المتوفى سنة ٣١٠هـ وابن دريد المتوفى سنة ٣٢١هـ وابن عبد ربه المتوفى سنة ٣٢٨هـ والزجاجي المتوفى سنة ٣٢٩هـ والجهشياري المتوفى سنة ٣٣١ والكندي المتوفى سنة ٣٥٠هـ وأبا الفرج الاصبهاني المتوفى سنة ٣٥٦هـ والقالي المتوفى سنة ٣٥٦هـ.
وعندما نقف على مؤلفات هؤلاء الأعلام وما فيها من كلام الإمام عليه السلام نجد كم كان محمود شاكر بعيداً عن الموضوعية والجدية عندما قال:
«انّ بين جمع هذه الأقوال وبين وفاة علي رضي الله عنه نحو أربعة قرون، وهذه الأقوال لم يروها الرضي أو أخوه المرتضى (كذا) بإسناد صحيح، مع هذه الدهور المتطاولة التي تفصل بين علي أميرالمؤمنين وبين جامع هذه الأقوال».
وكذلك يتضح مقدار المجانبة عن الصواب في كلام الدكتور شفيع السيد إذ يقول:
«وكان منهج الرضي في تسجيل النصوص من العوامل التي استندوا إليها [أي المشككون] في تأييد وجهة نظرهم، ذلك انه في الأعم الأغلب من الأحيان يورد النصوص منسوبة إلى الإمام علي دون توثيقها بذكر المصادر التي سبقته إلى روايتها، أو الشيوخ الذين روى عنهم».
كما يتضح أيضاً مدى الكسل في مراجعة المصادر عند الدكتور طه حسين أو التسرع في إصدار الأحكام عندما يقول فيما يروي عنه الدكتور الدسوقي والعهدة عليه:
«انّ في بعض كتب التاريخ مثل الطبري والبلاذري خطباً للإمام علي، وهذه يمكن قبولها وصحة نسبتها إليه».
وكان الطبري والبلاذري هما الوحيدان! وكان مالم يروياه من كلام الإمام لم يرد في مصدر آخر ولم يروه راوٍ غيرهما!

ختام البحث
وبعد:
فلعل من أجمل ما نختم به الحديث عن نهج البلاغة أن نقرأ فقرات مما كتبه المستشرق الفرنسي الشهير هنري كوربان عن هذا الكتاب العظيم إذ قال:
«وتأتي أهمية هذا الكتاب في الدرجة الأولى، بعد القرآن وأحاديث النبي، ليس بالنسبة للحياة الدينية في التشيع عموماً وحسب، بل بالنسبة لما في التشيع من فكر فلسفي. ويمكن اعتبار نهج البلاغة منهلاً من أهم المناهل التي استقى منه المفكرون الشيعة... وانّك لتشعر بتأثير هذا الكتاب بصورة جمة من الترابط المنطقي في الكلام؛ ومن استنتاج النتائج السليمة؛ وخلق بعض المصطلحات التقنية العربية التي أدخلت على اللغة الأدبية والفلسفية فأضفت عليها غنى وطلاوة، وذلك انها نشأت مستقلة عن تعريب النصوص اليونانية»  [٣٨] .
ومهما يكن من أمر.
فسيظل «نهج البلاغة» نبراساً مشعاً يهتدي بنوره السائرون، وينهل منه المنتهلون، ولن يستطيع الضباب مهما تكاثف حجمه واتسع امتداده أن يحجب الشمس عن العيون.
وصدق الله العلي العظيم إذ يقول:
«أمّا الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض» والحمد لله رب العالمين.

المصادر والمراجع
١- أمالي الشيخ المفيد، النجف ١٣٦٧هـ.
٢ ـ البلاغ، مجلة، الجمعية الاسلامية للخدمات الثقافية، بغداد ١٣٩٥هـ.
٣ ـ تاريخ آداب اللغة العربية لجورجي زيدان، القاهرة ١٩٣٠م.
٤ ـ تاريخ الأدب العربي لبروكلمان ـ الترجمة، القاهرة (د.ت) العربية.
٥ ـ تاريخ الأدب العربي، العصر الاسلامي للدكتور شوقي ضيف، القاهرة ١٩٧٤م.
٦ ـ تاريخ الأمم والملوك للطبري، القاهرة ١٩٦٣م.
٧ ـ تاريخ الفلسفة الإسلامية لهنري كوربان ـ الترجمة العربية، بيروت ١٩٦٦م.
٨ ـ تلخيص البيان للشريف الرضي، القاهرة ١٣٧٤هـ.
٩ ـ حقائق التأويل للشريف الرضي، النجف ١٣٥٥هـ.
١٠ ـ ديوان أبي الأسود الدؤلي، بغداد ١٣٨٤هـ.
١١ ـ سرح العيون لابن نباتة، القاهرة ١٣٧٧هـ.
١٢ ـ سنن ابن ماجة، القاهرة ١٣٧٢هـ.
١٣ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، القاهرة ١٣٧٨هـ.
١٤ ـ صحيح البخاري، القاهرة، محمد علي صبيح.
١٥ ـ عبقرية الإمام، للعقاد، القاهرة ١٩٥٢م.
١٦ ـ العربي، مجلة، وزارة الاعلام الكويتية، الكويت ١٩٧٦م.
١٧ ـ العقد الفريد لابن عبد ربه، القاهرة ١٣٧٥هـ.
١٨ ـ الغدير للأميني، النجف ١٣٦٥هـ.
١٩ ـ فجر الاسلام للدكتور أحمد أمين، القاهرة، ١٣٧٠هـ.
٢٠ ـ الكاتب، مجلة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة ١٩٧٥م.
٢١ ـ الكامل لابن الأثير، القاهرة ١٣٤٨هـ.
٢٢ ـ لسان الميزان لابن حجر، الهند ١٣٢٩هـ.
٢٣ ـ المجازات النبوية للشريف الرضي، القاهرة ١٣٥٦هـ.
٢٤ ـ مرآة الجنان لليافعي، الهند ١٣٣٧هـ.
٢٥ ـ مشكاة الأنوار ليحيى العلوي، القاهرة ١٩٧٣م.
٢٦ ـ مصادر نهج البلاغة للحسيني، النجف ١٣٨٦هـ.
٢٧ ـ المعقول واللامعقول في التراث العربي للدكتور زكي نجيب محمود، دار الشروق.
٢٨ ـ الموفقيات للزبير بن بكار، بغداد ١٩٧٢م.
٢٩ ـ النثر الفني في القرن الرابع الهجري للدكتور زكي مبارك، القاهرة ١٣٥٢هـ.
٣٠ ـ نهج البلاغة، تعليق الشيخ محمد عبده، القاهرة (البابي الحلبي).
٣١ ـ الهلال، مجلة، دار الهلال المصرية، القاهرة ١٩٧٥م.
٣٢ ـ الوافي بالوفيات للكتبي، القاهرة ١٩٥١م.
٣٣ ـ وفيات الأعيان لابن خلكان، القاهرة ١٩٤٨م.

---------------------------------------------------------------
[١] . صحيح البخاري: ٩/ ٥٨ ـ ٥٩.
[٢] . سنن ابن ماجة: ٢/١٣٠٠.
[٣] . سورة البقرة: ١٨٢، والنساء: ١١ و١٢، والمائدة: ١٠٦، وإلى غير ذلك.
[٤] . تاريخ الطبري: ٢/ ٣١٩ ـ ٣٢١، والكامل لابن الأثير: ٢/٤١ ـ ٤٢، وشرح نهج البلاغة: ١٣/٢١١.
[٥] . يراجع في معرفة هذه المصادر والوقوف على نصوصها كتاب الغدير: ٢/٢٥٢ ـ ٢٦٠.
[٦] . ديوان أبي الأسود الدؤلي: ٧٣.
[٧] . الموفقيات: ٥٩٨ وشرح نهج البلاغة: ٦/٣٥.
[٨] . الموفقيات أيضاً: ٥٩٣.
[٩] . شرح نهج البلاغة: ١/١٤٣ ـ ١٥٠، وقال ابن أبي الحديد تعليقاً على هذه الأشعار انه نقلها عمّن «ليس من الشيعة ولا معدوداً من رجالها» وان «الاشعار التي تتضمن هذه اللفظة كثيرة جداً ولكنا ذكرنا منها ها هنا بعض ما قيل».
[١٠] . سرح العيون: ٨٠.
[١١] . النثر الفني: ١/ ٥٨ ـ ٥٩.
[١٢] . فجر الاسلام: ١٤٩.
[١٣] . شرح نهج البلاغة: ١/ ١٢٨ ـ ١٣٠.
[١٤] . شرح نهج البلاغة: ١/ ١٢٨ ـ ١٣٠.
[١٥] . فجر الإسلام: ١٤٩.
[١٦] . شرح نهج البلاغة: ٩/٢٧٠.
[١٧] . نهج البلاغة: ١/ ٣٠٦ ـ ٣٠٧.
[١٨] . فجر الاسلام: ١٤٩.
[١٩] . العقد الفريد: ٢/٢٠٢.
[٢٠] . العقد الفريد: ٢/٤١٧.
[٢١] . المصدر نفسه: ٦/٢٧٢.
[٢٢] . تاريخ الطبري: ٣/ ٤٣٠ ـ ٤٣١.
[٢٣] . شرح نهج البلاغة: ١٢/ ٧١.
[٢٤] . المصدر نفسه: ١٢/ ٧١.
[٢٥] . شرح النهج أيضاً: ١٢ / ٧٢.
[٢٦] . المصدر نفسه أيضاً: ١٢ / ١١٨.
[٢٧] . نهج البلاغة: ١/٢٤٥ ـ ٢٤٦.
[٢٨] . أمالي الشيخ المفيد: ١٣.
[٢٩] . عبقرية الإمام: ١٤٠ ـ ١٤١.
[٣٠] . كالنسخة الموجودة في مكتبة السيد محمد محيط الطباطبائي في طهران وتاريخه (٥١٢هـ) ونسخة مدرسة فاضل خان في مشهد وتاريخها (٥٤٤هـ) ونسخة مكتبة المتحف العراقي ببغداد وتاريخها (٥٦٥هـ) ونسخة مكتبة السيد اليزدي في النجف الاشرف وتاريخها (٦٣١هـ).
[٣١] . شرح نهج البلاغة: ١٢/٣.
[٣٢] . نهج البلاغة: ١/٤٢٢ ـ ٤٢٣.
[٣٣] . نهج البلاغة: ٢/ ٧١ ـ ٧٢.
[٣٤] . نهج البلاغة: ٢/ ٢٧ ـ ٢٨.
[٣٥] . وقد روى الشريف عن بعضها مصرحاً باسمه: كالبيان والتبيين للجاحظ والمغازي لسعيد بن يحيى والمقتضب للمبرد وتاريخ الطبري.
[٣٦] . مصادر نهج البلاغة وأسانيده: ١/٢٧ ـ ٣٧.
[٣٧] . تاريخ الفلسفة الإسلامية: ٨٠ ـ ٨١.
[٣٨] . تاريخ الفلسفة الإسلامية: ٨٠ ـ ٨١.

انتهى .

محمد حسن آل ياسين
العراق ـ بغداد ـ الكاظمية
١٠ / رجب / ١٣٩٦هـ
٨ / يوليو / ١٩٧٦م

****************************